مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٢ مارس ٢٠١٨
حروب سورية بالواسطة وما بعد الغوطة

بإمكان فلاديمير بوتين أن يتخفف من وعده للرأي العام الروسي بأنه سيسحب الجزء الأكبر من قواته من سورية الذي قطعه لهم في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قبل الانتخابات الرئاسية بعد أن ضمن المنصب لست سنوات أخرى.

إلا أن وظيفة الخديعة هذه لم تكن فقط انتخابية بل ميدانية. سبق لبوتين أن بشر بسحب قواته في آذار ( مارس) 2016. ثم تمكنت المعارضة من تنفيذ هجمات مدعومة في عدد من المناطق شملت ريف اللاذقية وريف حماة. بعد الخديعة بأشهر بدأ الهجوم والحصار الطويل على شرق حلب لتسقط في يد النظام والروس والإيرانيين أواخر العام نفسه. ثم بدأ مسار آستانة مطلع 2017، والذي أرادته موسكو بديلاً من مسار التفاوض على الحل السياسي في جنيف، معتمدة على التباعد بين واشنطن وأنقرة نتيجة دعم الأولى للقوات الكردية. تخلى المجتمع الدولي عن حلب وبادلت تركيا سقوط المدينة بإطلاق يدها في مدينة الباب.

السيناريو نفسه تكرر في محطات عدة من الحروب السورية المتنقلة، وصولاً إلى الغوطة الشرقية، فمقابل تخلي أنقرة عن دورها الشريك في رعاية اتفاق خفض التصعيد في أيار (مايو) الماضي، في 4 مناطق بينها الغوطة، أُطلقت يدها في عفرين.

وفيما أخضعت مناطق خفض التصعيد خريطة تواجد فصائل المعارضة إلى توزيع جديد لمناطق النفوذ بين موسكو وواشنطن وتركيا وإيران ومعها الوجود الروسي، تحول الميدان السوري تدريجاً إلى حرب بالواسطة زادت من استعارها عوامل عدة: امتناع واشنطن عن تخفيف العقوبات على موسكو بسبب سلخها القرم عن أوكرانيا، التنازع على التحكم بالمناطق الغنية بالنفط والغاز في سورية والمنطقة، طموحات إيران بتوسيع نفوذها نحو الحدود السورية- الإسرائيلية، بالتزامن مع الملاحقة الإسرائيلية المدعومة أميركياً والمجازة روسياً، لهذا التوسع بالغارات والقصف، وأخيرا الانكفاء العربي عن سورية ما ترك فصائل مقاتلة فريسة لقوات النظام وحلفائه.

لكن التنازع على النفوذ بين الدولتين الكبريين خلق دينامية عسكرية جديدة جعلت مصلحة السوريين بالحل السياسي في آخر الاهتمامات، وحولت دماءهم إلى وقود الفصول الجديدة من الصراع. كلاهما استخدم غطاء محاربة «داعش» و «النصرة» (هيئة تحرير الشام)، من أجل التقدم، حتى بعد التنافس على إعلان الانتصار على الإرهاب الذي كان يفترض أن يسهل الولوج إلى الحل السياسي.

كادت المواجهة بالواسطة تخرج عن السيطرة مرات عدة لا تلبث الدولتان والقوى الإقليمية أن تلجمها: مقابل قصف لقاعدة حميميم مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي ردت عليه الطائرات الروسية بغارات وحشية على إدلب والغوطة. إسقاط طائرة سوخوي مطلع شباط (فبراير) بالتزامن مع دخول قوات سورية الديموقراطية دير الزور، قابله إسقاط طائرة «أف 16» إسرائيلية. مقتل زهاء 200 من المرتزقة الروس العاملين بإمرة الجيش الروسي في 7 شباط عند محاولتهم اقتحام شرق الفرات مع تشكيلات تابعة للنظام من أجل التقدم نحو أحد آبار النفط، قابله الهجوم المحضر على الغوطة ورفع حدة القصف الهستيري ضد المدنيين في قراها. وفي الفصل الأخير من حرب الغوطة لم تلبث التهديدات الغربية بتوجيه ضربة لقوات النظام بحجة استخدامها السلاح الكيماوي أن تلاشت للإبقاء على الحرب بالواسطة، إفساحاً في المجال أمام التحضير للقاء بوتين ودونالد ترامب.

يستفيد نظام الأسد من تنامي هذا الصراع الدولي الذي بات أداة فيه أكثر من أي وقت من أجل إطالة أمد بقائه، فهو يتنقل في خدمة أجندة الحليفين الروسي والإيراني، أو خدمة أحدهما حين يتعارض هدفه الظرفي مع هدف الآخر. هذا سلوكه حين تجيز موسكو لإسرائيل أن تقصف الانتشار الإيراني في سورية ومحيط دمشق فلا يرف له جفن. وهذا شأنه حين يتخطى الحرس الثوري الحدود على رغم تذمر قادة جيشه، إذا فتحت موسكو نافذة على الحل السياسي لعلها تتفاهم مع دول الغرب. لكنه في كل الأحوال يستخدم حروب الدول على أرضه من أجل مزيد من البطش، فالاتفاقات التي تعقدها موسكو مع مقاتلي الفصائل في الغوطة من أجل إخراجهم منها مع المدنيين يتحين تنفيذها من أجل تشريد هؤلاء مرة أخرى فتعتقل قواته المئات ليختفوا لاحقاً كغيرهم ممن دخلوا سجونه وقضوا، لينضموا إلى من سقطوا بالقصف الأعمى.

وحجة الإرهاب قابلة للاستحضار في أي وقت، آخرها تمكن «داعش» من الانتقال إلى حي القدم جنوب دمشق بتسهيلات من النظام، للتغطية على جرائمه في الغوطة.

لكن السؤال عما بعد الغوطة بات ملحاً في ضوء التحرش الدائم من الميليشيات الإيرانية بمنطقة درعا التي تشترك واشنطن برعاية وقف النار فيها.

اقرأ المزيد
٢٢ مارس ٢٠١٨
كيف تخلى العالم عن الغوطة

شكلت الغوطة الشرقية دوماً صداعاً دائماً للأسد، فهي لا تبعد سوى كيلومترات معدودة عن العاصمة دمشق، وبقيت على الدوام، ومنذ بدء الانتفاضة السورية، معقلاً رئيسياً للمعارضة، وذكرى دائمة للأسد أن حلمه في استعادة السيطرة على سورية، كما كانت قبل عام 2011 صعب المنال. ولذلك كانت عرضة لاستخدام الأسلحة الثقيلة والقصف العشوائي لطيران الأسد، واستهتار كامل بحياة المدنيين هناك، عقاباً لهم على قبولهم بخروج مناطقهم خارج سيطرة الأسد، ولا أدل على حقد الأسد في استهداف الغوطة الشرقية من تقرير تقصّي الحقائق الصادر عن الأمم المتحدة، بعد استخدام السلاح الكيميائي في أغسطس/ آب 2013، إذ يصف التقرير، وبدقة، طريقة استخدام هذه الأسلحة بإطلاق أربعة صواريخ في الساعة الثانية صباحاً، حيث الهدوء الكامل، من أجل تجنب تأثير الرياح، ومضاعفة عدد القتلى المدنيين إلى الحد الأقصى، كما أن كثافة غاز السارين المستخدمة تكشف أيضاً، وفقاً للتقرير عن القرار، النية المبيتة لأصحاب قرار إطلاق هذه الصواريخ بمضاعفة عدد القتلى المدنيين إلى الحد الأقصى، وكما أن المنطقة كلها كانت تحت الحصار، فليس هناك أي نوع من التدريب، أو المعدات الطبية التي تجنب أو تقي الإصابة بأعراض السلاح الكيميائي. ولذلك ولما كان سكان المنطقة نياماً في الصباح، أطلقت الصواريخ المحملة بالسلاح الكيميائي، وما ضاعف من عدد القتلى هو انعدام التدريب، لتجنب استخدام هذه الأسلحة، حيث بدلاً من الخروج أو الصعود إلى الأعلى هرب الأهالي إلى الملاجئ، ما ضاعف من عدد القتلى، بسبب كثافة الغاز المستخدم. ولذلك وجدنا عائلات بأكملها منها عائلة مؤلفة من 16 فرداً فقدت حياتها بأكملها، بسبب استنشاقها غاز السارين في قبو أحد المنازل في الغوطة.

وعلى الرغم من الضجة الدولية التي أعقبت استخدام السلاح الكيميائي، وتمنّع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، عن الوفاء بوعده، بسبب تجاوز الخط الأحمر، على الرغم من تهديده بقصف النظام السوري، بسبب استخدامه هذه الأسلحة، فإن الغوطة بقيت تحت الحصار القاتل، وفشلت الأمم المتحدة في إيصال المساعدات الغذائية، أو الدوائية، إلى تلك المناطق، ولم يتغير شيء من حياة المواطنين المدنيين هناك، سوى الألم اليومي والمعاناة المستمرة التي كانت دوماً تعني أحد الخيارين، الموت البطيء أو الموت السريع بسبب القصف أو القنابل الساقطة من السماء.

وعلى الرغم من محاولات نظام الأسد اقتحام الغوطة براً، والسيطرة عليها عسكرياً، إلا أنه فشل بشكل دائم، ولم تستطع المليشيات التابعة له في اقتحام الغوطة، على الرغم من المحاولات المتكرّرة، وهو ما زاد من حقد الأسد عليها الذي حاول الاستعاضة عن هذا الخيار بخيار شمشون، في تدمير المناطق أو مدن الغوطة بأكملها على ساكنيها، وتحويلها إلى أنقاض وجثث لا تجد من يرفعها، كما فعل الأسد سابقاً في داريا وحلب وحمص، وغيرها من المناطق التي خرجت من تحت سيطرته.

لا يمكن تفسير التصعيد العسكري الروسي في إدلب والغوطة، إلا رداً على فشل مؤتمر سوتشي ورفض المعارضة، بشكل مطلق، المشاركة فيه أو القبول بمخرجاته. ولذلك، جاء الرد الروسي سريعاً من دون احترام لما تسمى مناطق خفض التصعيد التي يفترض أن تكون روسيا طرفاً ضامناً فيها، لكنها، بكل واستخفاف، تجاهلت الدعوات الدولية والأممية إلى وقف التصعيد في الغوطة الشرقية، وبدأت بدعم قوات نظام الأسد في أسوأ حملةٍ عسكريةٍ، تهدف إلى إخضاع الغوطة، وتدمير ما تبقى فيها على من تبقى فيها، وهو ما دفع الأطراف الدولية إلى تصعيد حدة الانتقادات الدولية لروسيا ولنظام الأسد، بل وتحول مجلس الأمن الدولي إلى جلسة ردح جماعي لمناقشة قرار سلبي "يطالب الأطراف في النزاع السوري المستمر منذ سبعة أعوام بوقف الأعمال القتالية من دون تأخير مدة 30 يوماً على الاقل"، مع ضمان "وقف إنساني دائم، يسمح بتسليم المساعدات الإنسانية أسبوعياً وعمليات الإجلاء الطبي والمرضى الحرجة حالاتهم والجرحى".

وعلى الرغم من صدور القرار 2401 بالإجماع، والمطالبة بالرفع الفوري عن الحصار عن المناطق المأهولة بالسكان، بما في ذلك الغوطة الشرقية، وأن تتوقف الأطراف عن حرمان المدنيين من الأغذية والأدوية الأساسية، وتمكين منظمات الإغاثة من "الإجلاء السريع والآمن ومن دون عوائق لجميع المدنيين الذين يرغبون في المغادرة"، ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء سورية. إلا أن النظام السوري رد، في اليوم التالي لصدور القرار، باستخدام غاز الكلور في الغوطة، مخلفاً أكثر من 23 قتيلاً في مدن الغوطة المختلفة، كما أن روسيا، وعلى لسان وزير الخارجية، سيرغي لافروف، أعلن أن وقف إطلاق النار لا يشمل الجماعات الإرهابية الموجودة في الغوطة، في مبرّر صريح لاستكمال روسيا عملياتها العسكرية في الغوطة، وأن الهدنة ستشمل ساعات محدودة من كل يوم فقط، وطالب المدنيين بالخروج من الغوطة لتكرار سيناريو حلب ذاته.

لقد استطاعت روسيا، بعد أيام من المفاوضات في مجلس الأمن، من تأخير صدور القرار، وتعديل لغته لمنع إدانة نظام الأسد، فبدلاً من الصيغة المقدمة من السويد والكويت، والتي تحدثت عن Immediate تم تعديل مشروع القرار كي يتحدث عن without delay، وفق الرغبة الروسية، بغرض كسب الوقت، كما رفضت روسيا تضمين القرار أي عبارات تدين نظام الأسد بشكل مباشر، وتحمله مسؤولية قتل المدنيين في الغوطة.

لكن وحتى مع خفة حدة القرار، لا شيء يضمن أبداً تنفيذ القرار، ولا يبدو أن النظام السوري الذي يجد حماية دائمة له في مجلس الأمن من روسيا سيلتزم بتنفيذ بنود القرار، كما لم يفعل مع عدة قراراتٍ سابقة، وبمجرد هدوء الضغط الدولي، سيعود نظام الأسد مدعوماً من القوات الروسية في تحقيق حلمه في السيطرة عسكرياً على الغوطة، وكل المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام.

والسبب الوحيد الذي يدفع روسيا إلى استكمال حملتها في الغوطة هو سلبية الموقف الأميركي الذي تحول إلى مجرد مراقب في مجلس الأمن، مع حذف كل الخيارات الأخرى، وخصوصاً الخيار العسكري في منع استخدام الطيران السوري من استهداف المدنيين في الغوطة. وبالتالي، فإن النظام الذي لم يرتدع عن استخدام كل الأسلحة المحرمة الدولية ضد شعبه لن يجد نفسه في أي موقف حرج، يمنعه من تجاوز كل قوانين الحرب، لضمان بقائه وسيطرته. وبالتالي، فإن قراراً جديداً من مجلس الأمن لن يعني له شيئاً، ولن يضع حداً لشهوة السلطة لدى كل من بوتين والأسد.

اقرأ المزيد
٢٢ مارس ٢٠١٨
«ما بدي أكون بنت بشار»

عمرها من عمر الثورة السورية تقريبا أو أقل.. قالتها بكل قوة وأنفة وعناد.. «ما بدي أكون بنت بشار الأسد»… قالتها في وجه أبيها الذي طلب منها أن تردد أنها بنت الرئيس السوري… حدث ذلك في بث مباشر لقناة «الإخبارية» السورية الخميس الماضي عندما كانت الكاميرا تستقبل جموع الناس المنهكين وهي تغادر الغوطة الشرقية عبر ممر حمورية.

بين سؤال المذيع أحدَ المواطنين عما يقال من أنهم كانوا «معهم» أي «الإرهابـــيين»، ورد الرجل الأشعث الأغبر بأنهم إنما كانوا «مغلوبا على أمرهم»، بدا في الخلفية رجل يحث طفلته بصوت مرتفع: «قولي لهم يا بابا.. أنا حبيبة.. ابنة بشار الأسد!»، فتنتفض الفتاة لترد بكل إصرار وتحد «لا، لا أريد أن أكون بنت بشار الأسد»، فيعيد الأب التأكيد عليها «مبلى (بالتأكيد) يا بابا.. بنت بشار الأسد».

هنا يقترب منهما أحد عناصر الجيش النظامي قبل أن يسحب الأب ابنته من أمام كاميرا التصوير و يتوارى عن الأنظار.

لقطة معبرة إلى أبعد الحدود عن هذا الجيل الجديد في سوريا الذي ولد زمن القصف والقتل والتشريد والبراميل المتفجرة، جيل لم يعرف سوى هذه الأجواء ولم يسمع من والديه ومحيطه سوى دعوات اللعنة تلاحق من أوصل البلد إلى كل هذا الخراب وأوصلهم إلى كل هذا الذل والتشرد في وطنهم وخارجه.

كيف لطفلة لم تشاهد سوى ما شاهدته ولم تسمع سوى ما سمعته أن تقول فجأة وبدون مقدمات أنها «بنت بشار الأسد»؟؟!! لو كان لنا أن نصطحب الأب وأطفاله إلى ملجئهم الجديد لسمعنا الأب وقد قرّع ابنته على ما فعلته به أمام الكاميرا لسمعناها تجيبه فورا أنها ما سمعت منه ومن أمها ومن جيرانها وأترابها سوى اللعنات والشتائم تصحب كل ذكر لبشار طوال سنوات حصار الغوطة الشرقية منذ أربع سنوات… فكيف يريدها أن تتحول فجأة إلى بنت له؟!!

الأطفال لا يكذبون… وهذه البنت صُدمت بالتأكيد من والدها إذ هو يطلب منها ما لم يكن يخطر على بالها وما يناقض تماما ما كانت تراه وتسمعه قبل الفطام وبعده.

أما الأب المسكين فهو ينتمي إلى جيل آخر، عاش ذل الاستبداد وسطوة المخابرات وفسادها ولما حلم بالتغيير وبيوم تنعم فيه بلاده بنسائم الحرية أصابه وأهله ما أصابه فلم يعد لديه من مانع أن يعود مرة أخرى إلى ما كان يعيشه لسنوات من طأطأة الرأس وإظهار الولاء الكاذب والهتاف بحياة الرئيس ووالده وأنجاله إن لزم الأمر ضمانا للسلامة وإنقاذا لعائلته من التهلكة.

لا أخال هذا الوالد المنكسر إلا رجلا استمتع لسنوات قليلة بكسر قيود الاستكانة والخوف، رغم شلال الدم، ليجد نفسه فجأة يعود إليه من جديد. لم يكن يتخيل ذلك لكنه جاهز للتأقلم معه من جديد بفعل الظروف القاهرة. و بين البنت الصادقة التي ولدت ونشأت متمردة، ورضعت ذلك من ثدي أمها، إن ظلت موجودة أصل، وبين والدها المجبر على إعادة ارتداء ثوب النفاق من جديد… يوجد قطاع آخر لا بأس به لم يستطع أن يكون لا هذا و لا ذاك، قطاع ظل عاشقا للنظام صادقا أو منافقا، صامتا أو متحمسا، مسايرا أو مزايدا.

قبل أربع سنوات ونصف تحدثت مي سكاف، الفنانة اليسارية السورية التي اعتقلت في مظاهرة الفنانين السوريين في دمشق واعتبرت في وقتها إحدى أيقونات الثورة السورية الصامدة في العاصمة، في مقابلة ممتعة نشرت في «القدس العربي» فقالت «سألني مدون التحقيق: شوبدك إنت، بدك حرية؟ كان الضابط يسأل والمدون يسجل أقوالي في دفتره، وكان الضابط جادا في سؤاله فهو يريد حقا أن يعرف جوابا حقيقيا مني».

تواصل كساب كلامها: قلت: ما بدي ابني يكون رئيسه حافظ بشار الأسد. توقف المدون عن التدوين ونظر في وجه المحقق خائفا من تلك الجملة. وفي نظرته سؤال حائر معناه: هل أكتب هذا؟ إذ ذاك أعدت عليه الجملة باللغة الفصحى ورجوته أن يكتبها في التحقيق باللغة الفصحى حرفيا: لا أريد لابني أن يرأسه ابن بشار الأسد. نظر مرة أخرى نحو معلمه فقال له الضابط: اكتبها…تخيل لم يجرؤ على كتابة ما قلت، صار يرتجف ونظر في وفي المحقق وكأن نظرته كانت تقول: أكتب أم أضرب؟».

صحيح أن بشار الأسد لم يرحل بعد وقد تكون مي أو غيرها ولدن أبناء لم يردن لهم أن يولدوا ويترعرعوا و الرجل لم يفارق سدة الحكم بعد، لكن الأكيد اليوم أنه في هذه السنوات السبع المريرة التي حول فيها بشار الأسد ثورة سلمية إلى بركة من الدماء وحولت فيها تنظيمات إسلامية متطرفة ثورة مدنية تطالب بالحرية والكرامة إلى كابوس تقاتل بين فرقاء لا علاقة لهم بما كان يطمح إليه السوريون من انعتاق، في هذه السنوات نشأ جيل جديد لا يمكن لبشار الأسد أن يحكمه أبدا كما حكم آباءَهم أو كما حكم أبوه أجدادَهم. هذا كل شيء.

اقرأ المزيد
٢٢ مارس ٢٠١٨
حان الوقت لمبادرة أممية لإنهاء المحنة السورية

شكرا للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي دعا يوم 17 /3/ 2018 مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء المأساة السورية على وجه السرعة. وكذلك للمتحدث باسمه، فرحان حق، الذي أكد أن "الواقع على الأرض في سورية بات يتطلب إجراءاتٍ سريعةً لحماية المدنيين، وتخفيف المعاناة، ومنع مزيد من عدم الاستقرار، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع، وإيجاد حل سياسي دائم يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254".

ونحن إذ نحيي هذه الصحوة الميمونة، نطلب من الأمم المتحدة، تماما كما ذكر فرحان حق، "أن تجمع بين طرفي الأزمة للدخول في مفاوضات رسمية، وإجراء انتخاباتٍ حرة ونزيهة، تحت إشراف أممي، بهدف إجراء تحول سياسي في البلاد".

لكن من هما طرفا الأزمة بالفعل؟ هل هما الرئيس السفاح ونصر الحريري رئيس ائتلاف المعارضة؟

الطرفان الرئيسيان المسؤولان عن استمرار الحرب اليوم ودمار سورية هما واشنطن وموسكو وحلفاؤهما. وما دامت الأمم المتحدة وأمينها العام ومبعوثها للمفاوضات السورية يتجاهلون ذلك، ويرمون الكرة في ملعب السوريين، موالين ومعارضين، سوف تبقى الأمور على حالها، وتستمر الحرب إلى أجل غير مسمى. فكما أن الروس والإيرانيين يستغلون تشبث الأسد بالسلطة، إن لم يدفعوه إلى المبالغة به، من أجل فرض وجودهم وحضورهم العسكري والسياسي والاقتصادي الأول أمرا واقعا، في مواجهة القوى الدولية والإقليمية الأخرى، فإن الأسد يستفيد من تمسكهم بتحقيق أغراضهم ومشاريعهم الاستعمارية، من أجل تحقيق مشروعه الذي لم يعد يخفى على أحد، وهو التهجير القسري للسكان، وإبادة الحاضنة الاجتماعية لقوى الشعب المعارض، وإفراغ المناطق والمدن الاستراتيجية من سكانها، حتى يمكنه البقاء أطول ما يمكن، وقطع الطريق على أي انتقالٍ للسلطة، أو تغيير في بنيتها السياسية والاجتماعية والطائفية.

لا تستطيع الأمم المتحدة أن تخفي إلى الأبد سكوتها على ما يجري من انتهاكاتٍ غير مسبوقة، لحقوق الإنسان، واستقالتها السياسية والأخلاقية وراء مفاوضات عقيمة.

من واجب الأمم المتحدة ومسؤولية أمينها العام أن تعترف، حتى لا تكون متواطئةً مع جرائم الحرب المرتكبة في سورية منذ سنوات، بأن المفاوضات التي أطلقت تحت رعاية الأمم المتحدة، في يونيو/ حزيران 2012، على إثر المبادرة العربية التي تحولت مبادرة عربية دولية، قد أخفقت تماما، وأنها دخلت في رمال متحركة، ولن يخرج منها شيء. بالعكس، تحولت إلى خدعة، وظيفتها الوحيدة التغطية على استمرار الحرب. وعليها أن تعيد الكرة إلى الدول الرئيسية التي رعتها، وتدعوها إلى أن تتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري في سورية من أعمال الإبادة، وما يجري في سجونها من التعذيب حتى الموت، في ما وصفه مسؤولون دوليون ومنظمات إنسانية كبرى بالجحيم السوري وبالمسالخ البشرية.

وينبغي كذلك التوجه إلى حكومات المجتمع الدولي الذي دعم المفاوضات، وراهن عليها، لوقف سفك الدماء ووضع حد للكارثة الإنسانية الأعظم في هذا القرن، أن تعترف أيضا أن تنازلها عن دورها في قيادة هذه المفاوضات، وإعطاءها ما يشبه الوكالة الحصرية لموسكو في إدارتها، بدل أن يسهل عملية التوصل إلى حل، قد أدخلا المفاوضات، ومعها الأزمة السورية، في نفقٍ مظلم، مليء بالفخاخ والمفاجآت غير السارة. فعوض أن تستخدم موسكو نفوذها لدى النظام، لتشجيعه على وضع حد للحرب، كما كان منتظرا منه، أساءت استعمال الثقة التي محضتها إياها المجموعة الدولية، واستخدمت المفاوضات السورية ومصيرها ورقة ابتزازٍ لتحسين موقفها في الصراع مع الغرب، ومن أجل دفعه إلى فتح مفاوضات جدية معها، لا يزال يتجاهل الدعوة إليها، ويرفض الخوض فيها. وكانت النتيجة أن موسكو، بدل أن تمارس الضغط على النظام للتخفيف من تعنته، قدمت له طيرانها ذراعا ضاربة، وأصبحت شريكته الرئيسية وحليفه المعلن في متابعة استراتيجية الأرض المحروقة وتدمير ما تبقى من المدن والمجتمعات المحلية السورية.

وبالمثل، على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الذين جعلوا من الحرب ضد الإرهاب أولوية مطلقة، وتحالفوا من أجل الفوز فيها مع جميع الأطراف الضالعة ضد الشعب السوري، أن تعترف أيضا بأن سياستها الأحادية الجانب، والتي أدت إلى قطع المعونة عن قوى المعارضة السورية، حتى لو نجحت في قصقصة أجنحة المنظمات الإرهابية والقضاء على دويلتها المسخ، التي كانت، على أي حال، صناعة مخابراتية، قد ساهمت هي نفسها في دفع الأمور في اتجاه النفق المظلم نفسه، بمقدار ما استخدمتها أطراف عديدة، بما فيهم حلفاء واشنطن التابعون لقوات الحماية الشعبية، لكن بشكل أكبر من طهران الخامنئية، وموسكو بوتين، قناعا وذريعة لتبرير الحرب ضد فصائل المعارضة السورية، كما عزّزت لديهم، ولدى المليشيات التابعة للأسد، الاقتناع بأن الفرصة أصبحت سانحة لحسم الصراع عسكريا، وعدم الاكتراث بقرارات الأمم المتحدة وسماع دعواتها للتوصل إلى حلول سلمية. لقد صبت سياسة الفصل الخاطئ بين مكافحة الإرهاب والحرب، أو الحروب السورية، الماء كله في طاحونة التحالف الروسي الإيراني، وتبنت مخططاته كما لم يكن يحلم به في أي وقت، وتحولت بسرعة، ومن دون جهد، إلى عامل إضافي، في تقويض عملية مفاوضات التسوية السياسية وقضت عليها.

لا أعتقد أن من الممكن بعد الآن المراهنة على إحياء مفاوضات جنيف للحل السياسي في سورية، ولن يكون مصير جلساتها المقبلة لو عقدت أفضل من مثيلاتها السابقات. والإصرار على الضرب في جثة متفسخة لن يحييها. ودعوات أمين عام الأمم المتحدة المتكرّرة أطراف النزاع إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة، ومنها قرار 2254، لن تزيد إلا في تعميق اليأس في قلوب السوريين الذين فقدوا الثقة بالجميع، ويريدون أفعالا تخرجهم من تحت القنابل الفوسفورية والعنقودية والأسلحة الكيماوية، وترفع عنهم أنقاض المدن والقرى المدمرة. والاستمرار في إطلاق النداءات التي تعكس يأس الأمين العام نفسه، ولا تلقى صدى يضاعف من حالة الإحباط وانعدام الثقة عند السوريين، ويقضي على ما تبقى من رصيد عند المنظمة الدولية ومسؤوليها.

ليس أمام الروس والإيرانيين الذين تورّطوا حتى رأسهم في الحرب مخرج آخر سوى الهرب إلى الأمام، ودفع بشار الأسد إلى المرابطة في موقف الرفض والعنت والمقامرة حتى الانتحار. ولن يتحرك الأميركيون وحدهم، على الرغم من تهديداتهم، للضغط على أحد. فهم واثقون من إخفاق موسكو السياسي، وطامعون في استنزاف طهران حتى الرمق الأخير، لتوفير الحرب القاسية ضدها، وسوف ينتظرون حتى تسقط الثمرة الناضجة في سلتهم، ويحققوا أهدافهم الخاصة في استعادة المبادرة الاستراتيجية الإقليمية التي لا علاقة لها بمصير السوريين، ولا بتوسيع دائرة اختيارات الضحايا وفرص خلاصهم.

لم يبق للسوريين، إلى جانب تصميمهم واستعدادهم غير المحدود للتضحية في سبيل حريتهم وكرامتهم، جدار آخر يمكنهم أن يسندوا ظهرهم إليه سوى الأمم المتحدة. وعلى الرغم مما أصابها على وقع الأزمة السورية من الفشل، وانحسار الصدقية، نتيجة العجز عن تنفيذ قراراتها، لا تزال المصدر الأول للشرعية الدولية، وهي تستطيع دائما، بما تملكه من قوة دبلوماسية ومعنوية، أن تمارس تأثيرا كبيرا على الأحداث، إذا قرّرت أن ترفع صوتها ضد استهتار الحكومات بالمطالب المحقة للشعوب، واستخدمت رصيدها المعنوي الكبير، لفرض احترام القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية التي كانت وراء تأسيسها.

لن يستطيع السوريون وحدهم أن يخرجوا من النفق الذي أدخلوا فيه، ولا أن يتوصلوا بأنفسهم إلى تسوية، وهم، أو معظم قواهم المتنازعة، أصبحت رهينة الإرادات الأجنبية. ولن تستطيع الدول المتنازعة أيضا، مهما كانت قوتها، لا منفردة ولا مجتمعة، فرض الحل على السوريين. وليس لديها مصلحة في العمل على التوصل إلى تسوية تنهي النزاع من دون السوريين ومشاركتهم وضغطهم.

أدعو الأمم المتحدة وأمينها العام، باسم الشعب المنكوب في سورية، إلى وضع حد لمهزلة المفاوضات السورية الراهنة، واستبدالها بمفاوضاتٍ تجمع على مائدة واحدة، وحتى التوصل إلى حل، الأطراف الدولية والإقليمية المتنازعة على الأرض السورية، إلى جانب ممثلين لجميع الأطراف السورية، والأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن، في إطار مؤتمر دولي، وظيفته الوحيدة التفاوض، بين جميع الأطراف، على نقل السلطة في سورية إلى حكومةٍ تمثيلية، لا طائفية، تضع، تحت إشراف دولي، حداً لأعمال القتل والتهجير والتغيير الديمغرافي، وتضمن حقوق السوريين المهجّرين، وعودتهم الطبيعية إلى وطنهم، وتوقف علمية التقويض الممنهج للدولة السورية، وتفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد، تعيد إلى سورية وشعبها المستباح الأمل بالحياة، وتنهي الحقبة السوداء التي شهدت دمارها ومحنة أبنائها.

اقرأ المزيد
٢١ مارس ٢٠١٨
سوريا ساحة للدمار

يحار البعض في سر الالتقاء بين روسيا وإيران ونظام الأسد. وأساس الحيرة وجود تباينات آيديولوجية وسياسية، إن لم تشكل عوامل صراع وتناقض بين الأطراف الثلاثة فهي على الأقل تمنع قيام مثل هذا الالتقاء فيما بينها بخلاف ما هو قائم واقعياً في سوريا، التي أصبحت ميداناً يجسد هذا الالتقاء في صراع على سوريا، ويجسد في مستوى آخر تحدياً ظاهراً للمجتمع الدولي بمؤسساته وقيمه المشتركة.

بالنسبة لإيران فقد شهدت ثورة شعبية واسعة على نظام الشاه محمد رضا بهلوي في عام 1979، ما لبث الملالي أن استفردوا بالسلطة فيها بعد تصفية حلفائهم في تلك الثورة، قبل أن ينتقلوا إلى صراعاتهم الداخلية، فيقوم التيار الأكثر تطرفاً بتصفية شركائه من رجال البازار بالقتل أو الإبعاد أو التهميش، أو بفرض الإقامات الجبرية، والشواهد في ذلك أكثر من أن تعد أو تحصى، وقد جرت فصول التصفيات في ظل أمرين اثنين؛ العمل على تصدير الثورة الإيرانية بهدف تشييع المحيط من جهة، وحروب وتدخلات خارجية في مستوى الإقليم، تم خلالها بناء أدوات عسكرية/ أمنية وميليشيات، ترتبط مباشرة بمركز السلطة في الدولة ممثلاً بالمرشد الذي يتمتع بسلطة مطلقة، تتجاوز الهياكل المؤسسية للدولة الإيرانية بما فيها الدستور والسلطة التنفيذية القائمة حسب المعلن على أساس الانتخابات.

وبالتوازي مع خط الانتقال نحو تضييق طيف السلطة الحاكمة في طهران، تواصلت تنمية أدوات السيطرة العسكرية/ الأمنية، وجرى توسيع طيف الميليشيات التابعة في الخارج، للسهر على مهمتين أساسيتين؛ أولهما القمع الوحشي لأي حراك سياسي أو اجتماعي/ ثقافي في إيران، يمكن أن يؤدي إلى تغيير النظام أو إحداث إصلاحات فيه على نحو ما حصل في ثورة عام 2009 أو في انتفاضة المدن الإيرانية 2008 اللتين تم سحقهما بمنتهى التشدد والوحشية، وهو السلوك ذاته الذي مارسته الميليشيات التابعة لإيران في البلدان الموجودة فيها من العراق وميليشياته كما في مثال «الحشد الشعبي»، إلى لبنان ومثاله «حزب الله» اللبناني، وصولاً إلى اليمن وميليشيات الحوثي، وقد تكرس حضورها ودورها الإجرامي مع ميليشيات أخرى في سوريا بالقتال، إلى جانب نظام الأسد طوال سنوات ماضية.

ولم تكن روسيا الاتحادية بعيدة عن نسق التطور الإيراني؛ لقد استغلت أقلية السلطة الصاعدة على الجثة السوفياتية ارتكابات الأخيرة وحاجة الروس إلى نظام وحياة جديدة، لتفرض هيمنتها وفق شعارات آيديولوجية/ دعاوية، ثم سلمت البلاد إلى أقلية أكثر قدرة وتنظيماً، تستمد تجربتها من جهاز الأمن وعلاقاته، وكان بوتين على رأس الأقلية الجديدة، وعزز بوتين سلطته بتقوية دور الجيش والأمن والشركات الأمنية في الحياة الروسية، وفرض سيطرته المطلقة على الإعلام، وكثف الجهود في تطوير الصناعات العسكرية، أما بالنسبة لنظام الأسد الذي يمكن اعتباره النموذج الأبرز في التوحش، لما كرسه طوال نحو أربعين عاماً من حكم أقلي استبدادي، قام على الوحشية في تفكيره وسياساته وأساليبه وأدواته، وقد استخدمها جميعاً على نطاق واسع في المستويين الداخلي والخارجي، ضارباً عرض الحائط بكل ما بنى السوريون من ملامح الدولة ومؤسساتها، واستبدل بها بنية عصابة النهب المنظم، التي تحكم مجتمعاً مهمشاً بالقوة العسكرية/ الأمنية، ومسيطراً عليه بآيديولوجيا/ دعاوية لا مصداقية لها.

لقد كرس نظام الأسد من الأب إلى الابن الوحشية في علاقته مع السوريين وفي حياتهم من تهميش وإقصاء وملاحقة وسجن وقتل لمعارضيه، إضافة إلى مذابح تكررت على مدى عقود حكم طويلة، آخرها ما يحصل متواصلاً ومتصاعداً منذ سبع سنوات، استدعى خلالها من يشاركه فيها من دول وميليشيات مسار توحش ليس له ما يماثله في التاريخ، ولم يقتصر المسار في تطبيقاته على السوريين، بل امتد إلى حيث استطاعت يد النظام الوصول إليه من بلدان وساحات أخرى.

وهكذا أصبحت سوريا ساحة وبخاصة للنظام الإيراني الذي يسعى للهيمنة على الدول العربية، وقد مهد له النظام السوري هذا الأمر، فها هو ذا يفتك بسوريا ويتخذها معقلا له.

اقرأ المزيد
٢١ مارس ٢٠١٨
بريطانيا بعد الضربة الكيماوية

في العالم الذي تملؤه القوانين الدولية، يُستخدم الكيماوي من جديد، ليس في الغوطة هذه المرة، ولا في خان العسل، ولا فوق أي من الأراضي السورية، إنما في الجنة الأوروبية، وفي جزيرتها العظمى بريطانيا، يُستخدم السلاح الكيماوي هناك، وهناك أيضاً، كما هو الحال في سورية، تبدو الأيدي مشلولةً وغير قادرة على فعل شيء.

يكاد فعل استخدام الكيماوي أن يكون يقينياً، وتقول التقارير إن غاز الأعصاب هو ما استخدم لمحاولة قتل رجلٍ وابنته كانا يتجولان في شوارع المملكة العظمى، تحتار رئيسة الحكومة، تيريزا ماي، ماذا تفعل، وهي المكلفة سياسياً وأخلاقياً بالرد على هذا الهجوم، فلا تجد إلا عقوبة هزيلة، تشبه رفع الأيدي بالاستسلام، وكل ما استطاعت أن تفعله هو إبعاد ثلاثة وعشرين جاسوساً "مرخّصين" بصفتهم دبلوماسيين يعملون في لندن، من دون أن يكون هذا الإبعاد قادراً على التأثير في عمل الجاسوسية العميقة، والتي تجند روسيا لأجلها الآلاف، وتدسّهم خلسة في المجتمع البريطاني.. ولكن العقوبة شُددت إلى حد امتناع العائلة المالكة، ووزراء الحكومة البريطانية، عن حضور مباريات كأس العالم المقرّرة إقامتها في روسيا هذا العام.

يبدو البيان الرباعي الذي صدر بشكل مشترك عن المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وأميركا تضامنياً بالدرجة الأولى، ويعكس تكتلاً بطريقةٍ ما في وجه الدولة التي تستخدم سلاحاً محرّماً، ولكن مفعوله موضعي، ذو نصف قطر ضئيل، وقد يجد طريقه بسرعة إلى الأرشيف.

الإجراء الدبلوماسي البريطاني المحدود، والذي قابلته روسيا برد فعل مشابه، ضعيفُ التأثير، ولا يعكس فداحة استخدام السلاح الذي حرّمته المواثيق الدولية، والإنكار الذي تبناه الروس في امتلاك سلاح مماثل، وهو السلوك نفسه الذي يتبناه حليفهم في دمشق، يدل على أن الإنكار يفيد أحياناً في محو ارتدادات الجريمة.

في الوقت الذي يتحضر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للفوز مرة أخرى بكرسي الرئاسة، يحدث الرد البريطاني الذي لن يؤثر بالطبع على الحملة الهادئة الواثقة التي يقودها بوتين للبقاء في الكرملين. على العكس فقد يستثمر بوتين مثل هذه الحوادث على طريقة زعماء دول العالم الثالث الذين يفاخرون بالعداء لأميركا وبريطانيا، ويتخذون من مثل هذه المواقف دلائل على أنهم يقفون في الجانب الصحيح، فقد قال المتحدثون باسم روسيا وبوتين في بياناتهم للشعب الروسي إن هذه الاتهامات تعتبر هجوماً خطيراً على روسيا، ومن المؤكد أن الرد المبين على مثل هذه الهجومات هو التصويت بكثافة لمن يقف في وجه هذا الهجوم، وهو السيد بوتين بالطبع!

يتقوى الموقف الروسي في مواجهة موقف أوروبي متردّد، فعلى الرغم من التضامن الرباعي، إلا أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يجعل الجسد الأوروبي المنفصل عن بريطانيا بطيء التفاعل، ما يقوض أي أمل في جعل هذا الهجوم مَدخلاً لتشكيل جبهة أوروبية موحدة وقوية ضد روسيا.

يمكن أن تنضم هذه الحادثة للسجل السيئ لتيريزا ماي من حزب المحافظين، فمنذ وصولها إلى السلطة، وحزبها في تراجع، وأداؤها السياسي يزداد اضطراباً، ومؤشرات الاقتصاد تستمر في الهبوط. قد يصطف مجلس العموم وراءها في هذه اللحظة السياسية، كي تبدو البلاد موحدة في وجه هجوم كيماوي شن عليها، لكن الاختلاف سيأتي فيما بعد، حين يوضع الرد موضع التنفيذ، وبعد استيعاب الرد المعاكس الروسي، عندها قد ينفرط هذا التجمع بالسرعة التي بدأ بها، خصوصا بعد أن تعجز رئيسة الوزراء عن حشد تجمع معقول لمواجهة الروس، وتظهر وحيدة من دون أن يبقى في يدها سوى بيان التعاطف الرباعي، أما الخاسر الأكبر وقتئذ فهو العائلة المالكة البريطانية التي سيكتفي أعضاؤها بمشاهدة مباريات فريقهم الوطني عبر خدمة "بي إن" التي تمتلك حصرياً حق نقل مباريات كأس العالم.

اقرأ المزيد
٢١ مارس ٢٠١٨
أين ذهب الإرهابيون بعد فرارهم من عفرين؟

شهدت عملية عفرين تكتيكًا غريبًا. عندما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "يمكن أن نهاجم ليلًا على حين غرة"، صدرت تعليقات تقول "هل تُنفذ عملية عسكرية مع التلميح إليها؟". هذا ما حصل، جرت العملية على وقع ضجة سبقتها.

بينما كان الجيشان التركي والسوري الحر يقاتلان في الميدان، شن أردوغان حربًّا نفسية، وسقطت عفرين خلال 8 ساعات.

لو أن أردوغان أعلن، مثل زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال قلجدار أورغلو، أن قوات "غصن الزيتون" لن تدخل عفرين، هل كان حزب العمال الكردستاني سيفر منها؟ لو بقي الحزب في مركز المدينة هل كان من السهل الاحتفاظ بريفها البالغة مساحته 30 كم مربع؟ ألم يكن باستطاعته إلحاق خسائر بقواتنا من خلال عمليات كر وفر؟

خسر الحزب الحرب النفسية أولًا، وبعد ذلك هزم في ميدان المعركة، وفر مسلحوه بلا قتال. تبين أن عناصر الحزب بدأوا بمغادرة المدينة جماعات قبل 3 أيام من تاريخ 18 مارس.

ظنوا أن الولايات المتحدة ستحميهم، وأن روسيا ستغلق المجال الجوي في مرحلة معينة، وأن النظام سيرفع أعلامه في عفرين، لكن المحصلة كانت خيبة الأمل، وغادروا المدينة رغم تعليمات قياداتهم في قنديل بالبقاء والصمود.

أين ذهبوا؟ تبين أن 90 في المئة منهم توجه إلى منبج الخاضعة للسيطرة الأمريكية عبر تل رفعت، في حين غادر الآخرون إلى شمال حلب، ومن هناك يُنتظر أن يتجمعوا في منبج. ولهذا فإن العملية ضد منبج تتمتع بأهمية كبيرة.

أما تل رفعت، فلن تُنفذ عملية ضدها لوجود قاعدة عسكرية روسية وقوات للنظام، لكن ستُقام نقاط مراقبة للحيلولة دون عبور الإرهابين منها.

تفخيخ موجودات المقرات في عفرين

يجري العمل بعد تحرير عفرين على مسارين من أجل الحل السياسي والعسكري.

1- تشكيل مجلس للمدينة، حيث انعقد الاجتماع الأول في مدينة غازي عنتاب يوم سقوط عفرين، وجرى خلاله انتخاب 30 عضوًا للمجلس. وسيتم تشكيل مجالس محلية.

2- على الصعيد العسكري، سيتم تشكيل وحدات شرطية وعسكرية من عناصر الجيش الحر. هناك أنباء عن وجود خلايا نائمة لحزب العمال في عفرين. سيتم إنشاء مخافر لضبط الخلايا المذكورة والقضاء عليها.

3- عندما غادر الإرهابيون المقرات السياسية ومباني الإدارة ونقاط المراقبة العسكرية فخخوا الوثائق الرسمية والحواسيب والموجودات فيها. يقوم عناصر الجيش الحر بتفكيك المتفجرات بدعم من القوات التركية. من المنتظر أن يتم تطهير عفرين من الإرهاب في ظرف  10 أيام.

4- العمل جارٍ على تأمين عودة 60 ألف شخص غادروا عفرين في الفترة الأولى من حصار المدينة، إلى ديارهم. والهدف في المرحلة التالية عودة 500 ألف عفريني إلى مدينتهم.

وضع أردوغان استراتيجية جديدة بعد عفرين، مكونة من مرحلتين: الأولى سنجار، والثانية منبج وشرق الفرات.

عفرين انتهت، الدور على من الآن؟

اقرأ المزيد
٢١ مارس ٢٠١٨
هل إيران على أبواب انقلاب؟

لم يتأخر الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في الرد على قرار القضاء الإيراني اعتقال اثنين من كبار مساعديه: نائبه أسفنديار رحيم مشائي، ومساعده للشؤون التنفيذية حميد بقائي، فقد اتهم نجاد المرشد السيد علي خامنئي بالاستحواذ على نحو 190 مليار دولار بطريقة غير مشروعة لا تخضع لأي رقابة مالية. فجرأة أحمدي نجاد في التصويب على مالية المرشد لا تستند إلى قوة استثنائية يتمتع بها نجاد، بقدر ما هي انعكاس لحالة التشرذم التي تعصف بين أركان النظام الذي بات عاجزاً عن إخفاء عيوبه، التي تحولت إلى أورام خبيثة يصعب علاجها، فهي تعود لأربعة عقود تراكمت خلالها الأمراض التي يمكن توصيفها الآن بالمستعصية. طبياً يلجأ الأطباء بعد استسلامهم أمام صعوبة الحالة إلى خيار العلاج بالصدمة التي تعتمد على جرعة كبيرة من الكورتيزون، أو الأدوية الكيماوية، كفرصة أخيرة أمام المريض بهدف الحفاظ على حياته، ولكن الصدمة قد تتسبب في أعراض جانبية كبيرة للمريض. وكما في الطب كذلك في السياسة، وفي لحظة استعصاء إنقاذ النظام يصبح العلاج بالكورتيزون السياسي الخيار الوحيد أمام أصحاب السلطة، فيصبح الانقلاب احتمالاً قوياً أو خياراً حتمياً، فهل يلجأ أركان النظام الإيراني ومُلاكه إلى القيام بانقلاب سياسي من أجل الحفاظ على نظام ولاية الفقيه، كخيار أخير، قبل أن تستحكم الأمراض المستعصية بجسده، وتخرجه من الحياة السياسية؟

في السياسة، فشل النظام الإيراني في معالجة ظواهر التمرد على سلطته، وباعتراف أجهزته الأمنية فإن حركة الاحتجاجات اندلعت في أكثر من مائة مدينة وناحية من إيران، وبلغ عدد الموقوفين منذ بداية السنة 8 آلاف؛ حيث أكدت التقارير الأمنية أن 85 في المائة من الموقوفين هم ما دون الـ35 عاماً، وأغلبهم ليست لديه أي سوابق سياسية أو أمنية. وقد علّق معاون وزارة الداخلية للشؤون الأمنية حسين ذو الفقاري على التحقيقات التي أجرتها وزارته مع الموقوفين بالقول: «إن مطالب المتظاهرين اجتازت جميع الخطوط المرسومة والسائدة لكل التيارات السياسية في البلاد»، وهو اعتراف ضمني منه بأن المحتجين على الأوضاع المعيشية تجاوزت مطالبهم كل الخطوط الحمر التي اعتادت التيارات السياسية أن تلتزم بها سابقاً؛ خصوصاً أنهم طالبوا علانية بإسقاط النظام، وبرحيل خامنئي، الذي حذره الرئيس حسن روحاني من ملاقاة مصير الشاه إذا لم يصغِ لمطالب الشعب.

ومع تردي الأوضاع المعيشية وعجز الدولة عن تلبية مطالب المواطنين، ولجوئها إلى ممارسة العنف المفرط في قمع حركة الاحتجاجات، حذّر حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني، السيد حسن الخميني، من سقوط النظام إذا لم يُصغ إلى مطالب الشعب، مبدياً تخوفه من سيطرة حكومة استبدادية قمعية تستخدم العنف المفرط؛ لكنها لن تستطيع الصمود طويلاً.

كلام حسن الخميني هو أول تلميح مباشر عن مخاوف النخب الإيرانية من لجوء أركان النظام إلى القيام بانقلاب سياسي، يمنحهم وقتاً إضافياً من أجل إعادة ترتيب صفوفهم، والقضاء على المعارضة، وإقصاء الأصوات المطالبة بالإصلاح.

خيار الانقلاب غير مستبعد في حال احتدم الصراع بين مراكز القوة المتنافسة على وراثة المرشد، أو على امتلاك نسبة عالية من الأسهم في اختيار خلفه، إضافة إلى تخوف الحرس الثوري من ضيق هامش المناورة مع واشنطن في كثير من الملفات الإقليمية الحساسة، وفي مرحلة «الكباش» المتصاعد بين روحاني والحرس، يستعد الأخير لاتهام روحاني بالفشل في حماية الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، في حال قرر الرئيس ترمب الانسحاب من الاتفاق في منتصف مايو (أيار) المقبل، وهي الخطوة التي سيستغلها الحرس الثوري في الرد على ما سيعتبره فشل خيارات روحاني التفاوضية مع الغرب، وسيتعامل معها كفرصة استثنائية تساعده على طرح إقصائه عن السلطة، وذلك بسبب القلق الكبير الذي بات يشكله نفوذه داخل مؤسسات الدولة وفي الشارع، وضرورة قطع الطريق عليه، قبل أن يتحول إلى الرجل الأقوى في تركيبة الدولة والثورة في حالة الغياب المفاجئ للمرشد، حيث لن يتمكن أي مرشد جديد من منافسته.

في 19 أغسطس (آب) 1991، اعتقد نائب رئيس الاتحاد السوفياتي غينادي يانييف، مع أعضاء من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي الحاكم آنذاك، أن بإمكانهم إيقاف عجلة التحولات، فأعلنوا عن سيطرتهم على السلطة في موسكو، وإقصاء الرئيس ميخائيل غورباتشوف، ولكن الانقلاب الذي صمد بوجه حركة الاحتجاجات الشعبية 3 أيام فقط، عُجِّل فشله بانهيار الاتحاد السوفياتي، وإقصاء غورباتشوف عن السلطة، وسقوط المعسكر الاشتراكي، لذلك ليس من المستعبد أن تداعيات أي انقلاب سياسي في إيران قد تسرع في سقوط النظام وتغير وجه إيران.

اقرأ المزيد
٢١ مارس ٢٠١٨
اسرائيل تهدد ايران.. وتحجم روسيا من بوابة "الكبر"

تواردت أنباء خلال الأيام الماضية، حول ضربة عسكرية أمريكية ضد نظام الأسد، وبالرغم من عدم تبلور هذه الفكرة وعدم تنفيذها واتخاذها طابعاً اعلانياً واعلامياً فقط، جاء خبر اليوم حول استهداف الطيران الاسرائيلي لمفاعل نووي "الكبر" تابع لنظام الأسد منذ حوالي 11 سنة، كإتمام لرسالة امريكية-اسرائيلية لايران لضبط توسعها في سوريا.

يبدو أن اسرائيل والولايات المتحدة لم يعد لديهما متسع من الوقت للمماطلة فيما يخص الوجود الايراني في سوريا، ولم يعد هناك وقت للتحذيرات والتصريحات التهديدية من قبل مسؤولين أمريكين واسرائيليين لطهران، وبات التدخل الطويل المدى للولايات المتحدة داخل سوريا قاب قوسين أو أدنى، لوقف التمدد الايراني في المنطقة والذي يهدد بتوسع ايراني شيعي ملحوظ لاسيما في السنوات الأربعة الأخيرة مع احتدام الحرب في سوريا.

ومع زيادة رقعة سيطرة نظام الأسد على سوريا بدعم ايراني، أدركت اسرائيل والولايات المتحدة تماماً، أنها لا تستطيع أن تؤثر بشكل حاسم على حصيلة الحرب والتوسع الايراني، لذا لجأت بعد أسلوب الردع واستهداف قواعد ايرانية ومراكز أسلحة تابعة لحزب الله، للاعلان عن قدرتها على استهداف أي قاعدة عسكرية ايرانية تهدد أمن حدودها في أقل من 24 ساعة، بعد كشفها اليوم عن هدم المفاعل النووي لنظام الأسد في دير الزور.

ويأتي تخوف اسرائيل من التمدد الايراني الذي لم تتمكن أن توقفه، بعد أن فهمت أن نظام الاسد غير قادر على الوقوف في وجه هذا التمدد لأن انتصاراته جاءت بدعم ايران وميليشياتها، ولم ولن يستطيع الوقوف في وجهها فهي المعلم وهو الطالب النجيب.

وبالمقابل، فإن المساعدة الإيرانية لنظام الأسد لن تكون دون مقابل، إذ أن مساعي ايران لمد خط امداد بري بين العراق وسوريا ولبنان لم يعد بالأمر البعيد، ما أثار زيادة مخاوف اسرائيل على حدودها من جهة، ومخاوف امريكا على بناء امبراطورية ايرانية في الشرق الأوسط من جهة أخرى، سواء من خلال خط امداد السلاح في تلك المنطقة أو من خلال المفاعل النووي الايراني اللذان سيجعلان من ايران تشكل خطر على عظمة الولايات المتحدة.

أما عن السبب الثاني الذي دفع باسرائيل لرسالتها، اليوم حول تدميرها المفاعل النووي، فقد تكون تلك الرسالة جاءت لتحجيم الدور الروسي في سوريا، خاصة بعد تدشين الرئيس الروسي، "فلاديمير بوتين"، محطة للطاقة النووية في منطقة روستوف على نهر الدون الشهر الماضي، ومزاعمه حول تطوير بلاده لأسلحة نووية جديدة في الآونة الأاخيرة.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل تستطيع اسرائيل بالفعل أن توقف التمدد الايراني في سوريا بعد هذه الرسالة؟ وهل يستطيع نظام الأسد أن يضع خطوطاً حمراء للميليشيات الشيعية في سوريا؟ وهل هذه الرسالة الاسرائيلية ستخلق عدوان بين تل أبيب وموسكو، مايدفع بموسكو أن تتعاون مع العفريت الأزرق حتى لو كانت طهران؟

اقرأ المزيد
٢٠ مارس ٢٠١٨
انتخابات 2018: حزب الله يرهب جمهوره بحرب إسرائيلية افتراضية

في الحملة الانتخابية النيابية التي يروّج لها حزب الله في لبنان اليوم، يشكّل خطر قيام حرب إسرائيلية قريبة منه، أحد أبرز عناوين حملته الانتخابية.

حزب الله الذي كان له الدور الأبرز في إنجاز قانون انتخاب يتيح له اختراق التمثيل النيابي في الطوائف اللبنانية الأخرى، ويوفر له السيطرة على التمثيل الشيعي، بدأ قبل أكثر من شهر ونصف الشهر من موعد الانتخابات في السادس من مايو المقبل، أمام معضلة مع جمهوره.

وتتصل هذه المعضلة في البعدين الاقتصادي والإنمائي، وفي تنامي الانتقادات لأداء نوابه في السنوات التسع الماضية على هذا الصعيد، حيث تشهد منطقة بعلبك الهرمل، المنطقة التي حضنت تأسيس حزب الله في العام 1982، أسوأ ظروف الحياة الاقتصادية في لبنان، وعلى الرغم من تمثيل حزب الله لها في مجلس النواب منذ أكثر من ربع قرن، فإنها تشكّل المنطقة الأكثر إهمالا، وتعاني من أوضاع اجتماعية واقتصادية سيئة، وتشهد أكثر نسبة من الانفلات الأمني وانتشار العصابات الإجرامية ولمظاهر الخروج على القانون.

لم يجد حزب الله وسيلة لمواجهة حال التململ والاعتراض في بيئته، إلا لغة التخويف عبر استحضار عنوان الحرب الإسرائيلية، كخطر داهم، من دون أن ينسى في السياق نفسه ما يسميه خطر تنظيم داعش، متناسيا إعلان أمينه العام، حسن نصرالله، النصر على هذا التنظيم قبل أشهر.

فأمام عجزه عن تقديم إجابات موضوعية لجمهوره عن سبب تقصير ممثليه في البرلمان في تحسين أحوال منطقة البقاع وأهلها، وإزاء إصراره على ترشيح نفس النواب المتهمين بالتقصير والفساد مجددا إلى الندوة البرلمانية، في خطوة هي أقرب إلى تحدي جمهوره، كانت حالة الاعتراض والتململ تمتد وتعبر عن نفسها بوسائل مختلفة، وهذا ما دفع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، إلى إطلاق تحذير من خطر وصول نواب إلى البرلمان ممن يدعمهم تنظيم داعش أو مموليه، ولم يكتفِ بذلك بل قال “إذا اقتضى الأمر أن أزور هذه المنطقة قرية قرية من أجل دعم لائحة الحزب فسأقوم بذلك”، وهي إشارة واضحة إلى شعوره بأنّ أهالي البقاع لم يعودوا كما كانوا سابقا ملتزمين بتوجيهات حزب الله وأمينه العام، أي أن حالة التململ تهدد فعليا وصول كامل مرشحي حزب الله إلى الندوة البرلمانية في كل الدورات الانتخابية منذ العام 1992 حتى آخر انتخابات نيابية جرت في العام 2009.

سلاح التخويف والتهديد الوجودي رفعه حزب الله في مواجهة بيئته الشيعية، بالقول إن الحرب ستحصل قريبا، فانتبهوا من عودة ممكنة لتنظيم داعش، وما إلى ذلك من ضخ تقارير صحيحة وأخرى مفبركة عبر العشرات من المنابر الإعلامية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تشكّل القناة السرية التي يوجه حزب الله من خلالها جمهوره بشكل غير رسمي.

والملفت في الأيام الماضية بث هذه المنابر حجما هائلا من الأخبار والتقارير التي تتحدث عن حرب إسرائيلية وشيكة على حزب الله، لكن أي متابع ومدقق للمواقف الإسرائيلية، سيجد أن لا تغييرا حدث في المواقف الإسرائيلية يبرر هذا الحجم المتداول من التقارير والأخبار عن حرب وشيكة على لبنان تحرص وسائل حزب الله الإعلامية المباشرة وغير المباشرة على بثها.

إذاً ليس لدى حزب الله ما يعطيه لجمهوره سوى بضاعة الخوف والتخويف، لمواجهة أسئلة الحياة اليومية في العيش وفي العمل وفي الحقوق التي لا ينالها المواطن.

وعلى الرغم من أن سمة الاستعلاء والاستقواء هي الأبرز في خطاب حزب الله تجاه مطالب اللبنانيين في تثبيت دور الدولة ومرجعيتها أمام تغوّل مشروع الدويلة، فإنّ نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أعلن صراحة أنّ حزب الله المطمئن إلى فوز لوائحه لا سيما في المناطق الشيعية، يعمل على إيصال حلفائه إلى الندوة البرلمانية، أي أنّ حزب الله يريد أن يضمن لنفسه كتلة نيابية تستند إلى قاعدة شيعية صلبة، وتستكمل بنواب متنوعين من الطوائف المختلفة، بغاية أن تتحول هذه الكتلة إلى قوة نيابية يستخدمها الحزب في مواجهة أي مخاطر دستورية أو قانونية تتصل بدوره الاستراتيجي والعسكري.

على أن ذلك لا يعني أن حزب الله يولي اعتبارا أساسيا للعملية الدستورية، فهو الذي هُزم وحلفاؤه في الانتخابات النيابية عام 2009 نجح بسطوة سلاحه في إلغاء هذا الفوز، وحول الأكثرية النيابية إلى جانبه، بل نجح في إبعاد زعيم الأكثرية النيابية بعد الانتخابات، في ذلك التاريخ، سعد الحريري من رئاسة الحكومة، والإتيان بالرئيس نجيب ميقاتي بديلا منه، أي أنّ السلاح كفيل بأن يقلب المعادلات الدستورية لصالحه مهما كانت موازين مجلس النواب.

لكن ذلك لا يلغي اهتمام حزب الله بالانتخابات النيابية منذ إعداد قانونها وإقراره، وصولا إلى التحالفات ثم إجراء الانتخابات، بغاية إظهار أن وجوده لا يزال يحظى بشرعية شعبية، فالانتخابات اللبنانية رغم ما فيها من شوائب تخلّ بمصداقيتها، لا سيما في ظل استخدام سطوة السلاح والقدرة على تزوير النتائج في بعض الدوائر الخاضعة لسلطة حزب الله كما هو الحال في البقاع والجنوب، إلا أنّها تظهر إلى حد ما مؤشرات واتجاهات الرأي والتمثيل السياسي لدى الشعب اللبناني، ودلالات التغييرات الجزئية المتوقعة في هذه الانتخابات، ومنها ما هو داخل بيئة حزب الله.

من هنا فإن حزب الله يستخدم كل ما لديه من سطوة لترتيب النتائج الانتخابية في مناطق نفوذه ليس عبر تشكيل لائحته فحسب، بل هو متفرغ هذه الأيام لتشكيل لوائح خصومه، ويستخدم كل ما لديه من تأثير سياسي ومالي وأمني في تفتيت وتشتيت لوائح الخصم، والعمل على اختراقها سياسيا.

إذ أن حزب الله بحسب بعض المصادر المتابعة للانتخابات في بعلبك، نجح نسبيا في تعميق الشرخ بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل في هذه المنطقة، بما أربك حلفاءهم المفترضين في البيئة الشيعية، وساهم هذا الشرخ في إنعاش آمال حزب الله بمنع حصول خروقات كبيرة في لائحته.

وقد ذهب أحد الناشطين في تشكيل لائحة معارضة لحزب الله تضم كل القوى المتضررة والمعارضة، إلى القول إنّ “حزب الله ليس موجودا في لائحته الانتخابية فقط، بل إنه يدير لائحة معارضته”، ملمحا إلى “صفقة غير مستبعدة بين جهات رسمية وحزب الله من أجل منع خرق تمثيله النيابي في البقاع الشمالي، مقابل ثمن سياسي يقدّمه الحزب لهذه الجهة لاحقاً”.

وأكد الناشط المعارض لحزب الله أن الحزب مستعد لأن يدفع الكثير لمنع إحراجه في الانتخابات النيابية القادمة، وهناك من هو قابل من الذين يشاركونه في الحكم لبيع الفوز بثمن بخس، أي بمحاولة تصديع مختلف القوى المعارضة لحزب الله أو تشتيتها في لوائح انتخابية متعددة خاصة في منطقة البقاع الشمالي، وهي الهدية التي يشتهيها حزب الله اليوم في الانتخابات.

اقرأ المزيد
٢٠ مارس ٢٠١٨
غرفة تعذيب اسمها سوريا… وحياد أممي فاضح

استعاد نظام بشار الأسد، ذكرى انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية السلميّة ضدّه في آذار/مارس من عام 2011 بمنهجيته المعتادة: تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بوقف فوري لإطلاق النار عبر اجتياح الغوطة الشرقية لدمشق، وكانت آخر أفعاله قصف سوق شعبي في الغوطة الشرقية المحاصرة والمجوّعة والمتعرضة للاجتياح حالياً، مما خلّف عددا كبيراً من جثامين الأبرياء المحترقة، وإعدامات ميدانية لمئة شخص في بلدة حموريّة التي احتلها قبل أيام، ثم استخدم أهاليها دروعاً بشريّة لصدّ هجوم معاكس للمعارضة، فيما تعرض وسائل إعلامه صور آلاف المدنيين الجوعى يخرجون من أراضيهم وبيوتهم مهزومين، في متابعة حثيثة لمقتلته الكبرى التي بدأها في درعا وانتقلت إلى بانياس وحماه وحمص، ثم تمدّدت إلى كافّة أنحاء سوريا.

الأمم المتحدة، التي تراقب، عبر مبعوثيها ومنظماتها والناطقين باسمها، تفاصيل الكارثة السورية، تابعت بدورها تقاريرها المخيفة عن أحوال تلك البلاد: قوات «الحكومة» السورية والميليشيات المتحالفة معها تستخدم الاغتصاب والاعتداء الجنسي على النساء والفتيات والرجال لمعاقبة المناطق المعارضة، والأطفال خصوصاً هم ضحايا «جرائم حرب»، وأن البلاد صارت كلها «غرفة تعذيب ومكانا للرعب الوحشي والظلم المطلق»، وأن النظام السوري يخطط لما يشبه «نهاية العالم»، وتنهي كل ذلك بتبشير السوريين بأن المحنة السورية في عامها الثامن ستشهد «معارك طاحنة».

لكن باستثناء هذه التصريحات المرعبة للمنظمات التي تمثل الشرعية الدولية فإن العالم، وأدواته الفاعلة، كمجلس الأمن الدولي، والمنظومة الدولية عموما، مستنكف تماماً عن أي محاولة للتدخّل لوقف المجازر، فيما يطلق أقطابه كل فترة تحذيرات للنظام من استخدام النظام للأسلحة الكيميائية (التي لم يكفّ طبعا عن استخدامها) في خذلان عجيب لملايين السوريين الذين تُركوا ليواجهوا نظاماً وحشيّاً، مدعوماً بآلة القتل الروسية التي جعلت سوريا ميدانا لتجريب أسلحتها والتفاخر بفاعليتها وتسويقها تجارياً، وبميليشيات إيران المتعددة الجنسيات، التي تعتبر ما يحصل تكريساً لنفوذها الكبير في المنطقة العربية.

استدعت هذه المحنة المستمرة أسئلة ممضّة للسوريين، وخصوصاً بعد انتشارهم الكبير في المنافي وتنامي التيارات العنصرية الكارهة للمهاجرين والمسلمين منهم خصوصا، عن سبب تكاثر السكاكين عليهم، وإذا غضضنا طرفاً عن الموالين الذين نزعوا عن المدنيين إنسانيتهم ورحّبوا بأعمال الإبادة، لوجدنا حلفاً عجيباً يجمع بين أيديولوجيات متخاصمة نظريا، فيجتمع في تأييد نظام الأسد وإبادة شعبه بعض مدّعي المقاومة والممانعة العرب، مع ميليشيات تابعة لإيران، مع تيارات العنصريّة الفاشية الغربية الكارهة للإسلام، مع اليسار الستاليني.

بعض أنصار الثورة أعادوا، في هذه المناسبة، تأكيد وفائهم لفكرة الثورة رغم الكارثة المديدة على الجغرافيا السورية، والهزائم الكبيرة التي تعرّضت لها، وتحوّل بلادهم إلى مركز صراع إقليمي ودولي بالوكالة، وتراجع التيارات الديمقراطية والمدنية أمام مدّ السلفيّة والجهادية المسلّحة، التي ضيّقت بدورها على سكان المناطق المحررة من النظام، وكثيرون منهم انهمكوا في لوم العالم، والعرب، وبعضهم البعض، فانهمر اللوم على التيارات الإسلامية، وعلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة وعلى المثقفين، بل إن البعض انشغلوا بلوم الشعب نفسه، وذمّ هويتهم العربية والإسلامية وثقافتهم ودينهم، في حالة تدمير ذاتي ناتج عن الإحباط أو الألم والمرارة.

البعض الآخر طالب بمراجعة لمفاهيم متجذّرة، كالوطنيّة السورية نفسها، التي انقسمت شر انقسام على أسس طائفية وإثنية، بعد أن امتهنها النظام شرّ امتهان، بتحوّله إلى مطيّة للقوى الأجنبية ضد شعبه، وهو ما حوّله، بالنسبة للسكان أنفسهم، وللعالم، إلى جيش احتلال أجنبيّ وحشيّ يدافع عن طغمة كاسرة دمّرت البلاد وباعت مستقبل الشعب وأراضيه للحفاظ على السلطة.

لقد فتحت المحنة أبواب الجحيم على السوريين، لكنّها فتحت أيضاً نافذة الوعي الحادّ بإشكاليات العالم كله، والوعي هو جزء من حلّ المشكلة.

اقرأ المزيد
٢٠ مارس ٢٠١٨
عن الثورة.. في عيدنا السابع

ربما لم تكن مصادفة أن تشتعل أغصان سورية بأزهار الثورة السورية في آذار، فأي زمنٍ آخر لم يكن ليكون أنسب منه للبدايات.. كل البدايات، تلك التي لا تكاد تنطفئ وتتعرّى لنظنّها قد جفت، حتى تطلق النسغ كل آذار من جديد.

في عيد ميلادها السابع، تئن الثورة السورية تحت أنقاض بيوت الغوطة الشرقية، ليخرجها رجالها جريحة مدماة، لكنها حيّة.

في عيد ميلاها السابع، تصيح الثورة السورية من داخل معتقلات نظام الأسد، تكزّ على أسنانها الغضة بعد كل اغتصاب، لكنها تمزّق ليل المعتقل بصراخها، لتقول لنا إنها لم تزل حيّة.

في عيد ميلادها السابع، تمسكنا من أنفاسنا، وتشد شعر أحلامنا وتهزّنا بكل قوّتها لنُسقط عن ذاكرتنا الغبار، ونُعيد النظر مرات ومرات قبل أن يتجرأ أحدنا، ويعلّق على روحه، أو حتى على جداره الافتراضي، ورقة نعوتها.

ما يحييه السوريون في آذار منذ 2011 ليس عيداً للثورة بمفهومها الواقعي، حراكا شعبيا جامحا فقط، بل هو عيد لاستعادة تفاصيل أعمق لامستها الثورة، فأعادت صياغتها وخلقها. حيث لم يكن لآذار في "سوريا الأسد" ما قبل الثورة نكهة الحياة، ولا طعم تجددها، بعد أن غيّب النظام الدكتاتوري كل أعياده، وشوّهها عن قصد.

لم يكن يوم الثامن من آذار عيدا للمرأة السورية المسلوبة الحقوق والمهمّشة، كما الرجل السوري، بل كان يوم احتفال بفرض سيطرة الأسد الأب علينا في "ثورة الثامن من آذار"، يتكفّل خلاله "الاتحاد النسائي" بتمزيق مفهوم المرأة الحرة والمستقلة، وترسيخ النموذج الممسوخ والمستلب والمنافق منها.

لم يكن يوم الحادي والعشرين من آذار ليتجرأ على إعلان نفسه عيدا للخصب، أو نيروزا كامل الاشتعال، حيث ينشغل إعلام النظام وأبواقه بحصر الحدث في عيد الأم العربي، ليس رفعا لقيمة الأم، أو اهتماما بها، بل لحصر الاحتفال بحدث واحد، لا يُسمح لأحد بالاحتفال بغيره.

لم يكن يوم السادس والعشرين من آذار قادرا على الاستمرار بإحياء ذكرى وفاة سلطان باشا الأطرش، قائد الثوة السورية الكبرى عام 1925 والرمز الممثل للوحدة الوطنية والإرادة الشعبية المقاومة للاحتلال، حيث قام نظام الأسد، ضمن سياسته الممنهجة في طمس وتغييب كل الأسماء الوطنية، بل ومحوها من الذاكرة الشعبية، بمنع الاحتفال بهذه المناسبة تحت قوة الرصاص.

لم يصبح لآذار نبض حياة قبل 2011، ولم نعرف، نحن السوريين، معنى الولادة والانبثاق والحقوق والحرية قبل هذا التاريخ.

بعد انطلاق ثورة الحرية في آذار 2011، احتفلنا بها في 15 أو 18 من هذا الشهر، صار لعيد المرأة وقع آخر، أدركته النساء السوريات، عندما أدركن أن لهن أصواتا لم يسمعنها من قبل، وعندما عرفن أنهن قادرات، على الرغم من حجم الموت الهائل الذي يحيط بهن اليوم، على منح الحياة لكل من حولهن في أصعب الظروف، وأشدها تعقيدا.

بعد الثورة، وعلى الرغم من كل اليأس الذي أحدثه، وما يزال، إنكار العالم إبادة الحياة التي يتعرّض لها السوري اليوم، صار الربيع يتفجّر في الواحد والعشرين من آذار، ويتدفق من قلوب السوريين وأغنياتهم علانية، ومن دون أي قيود، وعاد نيروز ليشتعل على قمم أرواحنا التي طاولت السماء، فيطلق للعالم شارة البدء من جديد. وعاد الكردي ليصدح على أنغام بزقه، وبقصائد ترتدي كلماته وتزهو بها.

بعد آذار الثورة، استعاد السوريون تاريخهم، ونفضوا عن أسماء رجالاتهم رماد سنين الأسد، ليستعيدوا وجوههم القديمة الجميلة، ويلقوا عنهم تلك الأقنعة التي يصرّ العالم أن يُلبسهم إياها اليوم، ليراهم شعبا كاملا من الإرهابيين والقتلة، فيبرر لنفسه السماح للأسد بقتلهم جميعا.
لم تكن الثورة وحدها من وُلد في آذار، فقد وُلدنا جميعا من جديد، حين سمعنا أول مرة صراخنا، ونحن نستنشق أنفاس الحرية الأولى.

اليوم، وعناداً بالموت والدمار والمجازر.. وعلى الرغم من سقوط كل شعارات العالم الإنسانية الجوفاء، نحتفل مع الثورة بعيدنا السابع، نحتفل بأنفسنا، بسوريتنا، بانتصارنا على هذا العالم، فقط بأننا لم نمت بعد كما يشتهي. نحتفل بتجدد النسغ فينا، وإطلاقنا عصيانا مفتوحا ضد الظلم والاستبداد.
هذا الـ "آذار" وكل آذار.. سنحتفل بأننا وثورتنا.. أحياء.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان
● مقالات رأي
٣٠ يوليو ٢٠٢٤
التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري 
المحامي عبد الناصر حوشان