عند الحديث بالشأن العام أو بقضية عامة لابد من التفنيد الموضوعي والرد، فالقضية مصير وطن ومستقبل أجيال، فقد خرج السوريون بثورة شعبية من أجل الحرية والكرامة وليس بحرب أهلية طائفية، ورغم كل ما حصل من تجاذبات وانقسامات على مدى عشر سنوات إلا أن الحل الوحيد لإنقاذ سورية وشعبها يكمن في تغيير النظام القمعي الاستبدادي الديكتاتوري نظام بشار الإرهابي، وليس باتحادية وفدرالية وكنتونات محلية لا ترقى لشكل الدولة بحال من الأحوال.
"مبادرة سوريا الحياة" تركز وتركز في صفحتها الثانية على تنوع الشعب السوري وتعدديته ومذهبيته وقومياته (وكأنها تريد القول شعوبا وليس شعبا واحدا) فالتنوع موجود قبل الثورة فما الجديد..
لما اختيار مصطلحات تشظي الشعب ولا تجمعه وتلملم جراحه (المجتمعات المحلية بدل مجتمع واحد) ثم تتحدث المبادرة عن وحدة سورية.. أي تناقض هذا، ثم العودة في ص3 الى التركيز على المذهبية والطائفية والتعددية والقوميات كل ذلك بعيدا عن الوطنية السورية الواحدة، لما الإصرار على ترسيخ الطائفية نعم لأن التمهيد واضح للفدرلة والحكم الذاتي والاتحادية بل التقسيم المنشود من البعض الواهم.
كلام يناقض بعضه بعضا إذ تتحدث المبادرة عن وحدة سورية أرضا وشعبا وفي ذات الموقع من الكلام تمهد للفدرلة والتشرذم تحت غطاء احترام الطائفية والمذهبية والقومية، وفي ص4 تتحدث المبادرة عن التشرذم الجغرافي والمجتمعي دون ذكر للحرب الشعواء التي شنها ويشنها نظام بشار الإرهابي على الشعب السوري ولم تنته حتى الآن،
وتمهد المبادرة بكل كلمة للتقسيم والفدرلة ثم تتحدث عن وحدة سورية لكن حال المبادرة غير ذلك عندما تتجاهل أنه بسقوط نظام بشار الإرهابي ستعود سورية للحياة والنبض من جديد رويدا رويدا فالسوريين لديهم من الأصالة والحب لأرضهم ما يكفي للملمت الجراح والعيش المشترك.
تركز المبادرة على الأطر التمثيلية المكانية في كل موضع في المبادرة خجلا من ذكر الحكم الذاتي .. صراحة، وتساوي المبادرة بين نظام بشار الإرهابي وقوى الثورة وتتجاهل أن التشرذم العسكري مؤقت سيزول بزوال نظام بشار وحلول النظام المدني الديمقراطي مكانه.
تتحدث المبادرة عن القضاء وتتجاهل أنها حالة مؤقتة لا يمكن قبولها من الشعب السوري وستزول بزوال نظام بشار الإرهابي وإعادة هيكلة وإصلاح السلطة القضائية وصولا لقضاء مستقل حيادي نزيه، كما تتحدث عن وجود إدارات مختلفة لكل منطقة وتتجاهل أيضا أنها حالة مؤقتة فرضها الواقع حتى تحقيق الانتقال السياسي للسلطة من نظام بشار الإرهابي إلى نظام مدني ديمقراطي.
ص5 كلام ومصطلحات منمقة عميقة ولغة وجمل إنشائية تظهر وتستشرف منها الهدف المنشود من المبادرة في الفدرلة والتقسيم المحلي، وفي ص6 يا سادة (كلمة تجمع وكلمة تفرق)، تتحدث المبادرة عن فصل الدين عن الدولة وتترك ما يجمع السوريين من خلال تجاهلها للأفضل حتى في الصياغة
فالدولة المدنية الديمقراطية و عدم تأسس هذه الدولة بمزج الدين بالسياسة، لا تعني محاربة الدين و وقوفها ضد الدين أو رفضه، فبالرغم من أنّ الدين يبقى عاملاً مهماً فيها في خلق الطاقة للتقدم والإنجاز والعمل، وتعتبره يساهم في بناء الطاقة، إلا أنّها ترفض استخدامه لتحقيق الأهداف السياسية، فإن استخدام أفضل التعابير والصياغات مهم جدا في لم شمل السوريين ومنع تشظيهم.
في ص7 تنادي المبادرة بتطبيق النظام الاتحادي اللامركزي الفدرالي وبذات المبادرة مناداة وشعارات للحفاظ على وحدة سورية أرضا وشعبا، وتقسم المبادرة سورية بحجة الواقعية كالعادة إلى أقاليم شرقية وغربية وجنوبية وساحلية وبادية ودمشق الكبرى بل إلى حارات ومداخل ومخارج
ص8 ص9 ثم تتجاهل المبادرة عمدا أن سورية جزء من الوطن العربي وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ثم تتحدث المبادرة عن الوحدة والتعايش السلمي وهي تطمس تاريخ السوريين لغايات فئوية ضيقة دون مراعاة لمكونات لها من الحضور والتكوين في الشعب السوري ما لها من حقوق .
هكذا يؤجج الحقد والكراهية والفرقة الطائفية أي خطاب هذا أي وطنية سورية هذه..إنها الطائفية المذهبية إنها خطاب الكراهية.
ثم تتحدث المبادرة عن رؤيتها لهيئة الحكم الانتقالية والمرحلة الانتقالية وأية هيئة رسمتها المبادرة وأية مرحلة انتقالية إنها النكثة الحقيقة لسورية إنها قتل حلم السوريين في وطن واحد إنها الشعوب والقبائل والطوائف تتحدث المبادرة عن شيء آخر تماما بعيدا عما ذكره بيان جنيف1 والنقاط الست بعيدا حتى عن القرار 2254 إنها تتحدث وتفصل وفق أحلامها بعيدا عن السوريين ورغباتهم إنها تجاوزت السوريين واستبقت صياغتهم لعقدهم الاجتماعي فاختارت وفرضت نظام حكم فدرالي وبرلمانا من غرفتين واحدة للأقاليم وأخرى للجميع حسب زعم المبادرة كل شيء مقسم كل شيء مشرذم في هذه المبادرة لا شيء يجمع لا شيء
يا سادة.. يا سادة الكل يدرك الكل يعلم أن نجاة السوريين وإنهاء معاناتهم كل شيء سينتهي بسقوط نظام الاستبداد والفساد والقمع الأمني نظام بشار الإرهابي والانتقال لنظام مدني ديمقراطي فلا تستعجلوا وتقسموا سورية الحبيبة سورية الوطن الغالي سورية الثورة ثورة الحرية والكرامة وليست ثورة الطائفية والمذهبية المقيتة.
حشودات النظام على "جبل الزاوية" ليست جديدة وهي مستمرة منذ أشهر عديدة، منها استقر في المنطقة ومنها توجه للمنطقة الشرقية ثم عاد، ولكن التصريحات التصعيدية الروسية واختلاق الحجج والتبريرات لمواصلة القصف والتمهيد لشن عمل عسكري بات واضحاً عبر إعلامها، وقد يكون ذلك من باب الضغط لا أكثر، وقد يكون تمهيداً لعمل عسكري جديد في جبل الزاوية وسهل الغاب ....
بالمقابل، الفصائل العسكرية والقوات التركية، عملت منذ أشهر على تعزيز قواتها العسكرية ومواقعها وتحصيناتها في جبل الزاوية بشكل كبير، وكان هذا واضحاً، وهي تتأهب لمواجهة أي تقدم، وقد صدت الفصائل العديد من الهجمات المحدودة ...
المواجهة في "جبل الزاوية" لن تكون سهلة أبداً للطرفين، وربما تكون في صالح فصائل الثوار في حال بدأت، وبالتالي علينا الإعداد جيداً لهذه الحملة التي ستكون مصيرية بالتأكيد لمنطقة جبل الزاوية وسهل الغاب، والتجهيز "إعلامياً وصحياً وشعبياً" لخوض غمار مواجهة محتملة وليست أكيدة، لنكون على أهبة الاستعداد، بدل اللطم والنواح عبر مواقع التواصل التي بدأت أشعر أن بعض النشطاء بدئوا يتباكون وينشرون الوهن دون شعور حولهم وعبر حساباتهم ...
معركتنا مع النظام وحلفائه لم تنته ومستمرة منذ سنوات، وعلينا المقاومة والصمود نفسياً وإعلامياً وعسكرياً حتى آخر شبر في المحرر، فلربما يكتب الله لنا النصر بعد كل هذا العذاب وتنقلب الموازين، فكما نحسب حساباً لعدونا ونرهبه، هو أيضاَ يحسب الحسابات ويخاف المواجهة المباشرة، وما علينا إلا مواجهة الحرب بالحرب "نفسياً وإعلامياً" في هذه المرحلة، لتعزيز قوة العسكر وصمود المدنيين خلال المرة القادمة.
"جبل الزاوية" له رمزية كبيرة في تاريخ الحراك الشعبي السوري، وله موقع استراتيجي، لإشرافه على الطرق الدولية "أم 4 و أم 5"، علاوة عن إشرافه على سهل الغاب، ورصده مناطق شمال إدلب كاملة من قمتي "النبي أيوب والأربعين"، وبالتالي لم تفتأ روسيا في مساعيها لامتلاك هذه المنطقة، وهذا مايدفعنا أيضاَ للدفاع عنها.
طيلة سنوات الثورة الأولى، كان "جبل الزاوية" مصدر رعب وقلق للنظام وحلفائه، وكان لطبيعته الجبلية عامل أساس في ضرب النظام والتحرر من قواته مبكراً، ومركزاً لانطلاق العمليات العسكرية على المدن وتحريرها، والمحافظة على هذه البقعة الجغرافية يعني امتلاك العودة وبداية التحرير للمناطق الأخرى بإذن الله، فصبراً وليكن شعارنا الصمود والمواجهة، ولنتجنب الانهيار والانهزام قبل انطلاق المعركة، وهذا سر النصر.
يطل "عيد الأضحى المبارك" على السوريين لمرة جديدة، وسط تزايد مأساتهم ومضاعفتها في مناطق النزوح والهجرة بعيداً عن الديار والأرض التي عشقوها، والموت لايزال يلاحقهم بصواريخ حقد الأسد وحلفائه، والوضع المعيشي يقض مضاجعهم وسط أوضاع إنسانية أكبر من كارثية.
استقبل السوريون عيد الأضحى العاشر مثقلاً بالعقبات والصعوبات التي اعتادت أنَّ ترافق الشعب السوري طيلة السنوات الماضية، إلا أنها تعاظمت مؤخراً لما حمله من حرمان في مناطق النزوح يُضاف لما يعانيه بطبيعة الحال، نتيجةً للحملات العسكرية الوحشية والجرائم التي قادتها ميليشيات النظام وحلفائها.
ومع زيارة العيد تجددت ذكريات النازحين التي باتت حبيسة الخيال المفعم بالألم لمشاهد منازلهم المدمرة عبر الصور ومواقع التواصل إن وجدت عقب نزوحهم بفعل العمليات العسكرية لتكون المناسبة بدلاً من البهجة والسرور موعداً للقهر واستذكار الهموم والأحزان التي تحولت إلى جزء لا يتجزأ من حياة الشعب السوري.
ويغيب الفرح كما بهجة العيد عن الشعب السوري في عيد الأضحى المبارك حاله كحال كل الأعياد التي سبقته، مع وجود ملايين المهجرين عن مدنهم وقراهم ممن باتوا يكابدون المتاعب وضنك العيش في ظلِّ ظروف معيشية وإنسانية صعبة جعلت من المناسبة التي من المفترض أنها موعداً للفرح إلى المزيد من القهر والحسرة في ظلِّ فراق طويل عن الديار فضلاً عن تشتت الأهل والأقارب وضياع أبسط حقوقهم في جمعة العيد وتبادل التهاني والتبريكات بين الأحباب والأصدقاء.
مزقت حرب النظام المجرم الروابط الاجتماعية والأسرية نتيجةً للجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري حيث قتل وجرح وهجر واعتقل الملايين، وكل تلك الممارسات نتج عنها مما يباعد بين أفراد الأسرة الواحدة التي تعاني آلام وأوجاع فراق ذويها مما يضاعف من تبعات الحرب الشاملة التي شنها النظام مستدعياً عشرات الميليشيات لقتل وتهجير الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة.
وليست مرارة النزوح والفراق التي يتجرعها مئات الآلاف في أيام عيد الأضحى المبارك بل الأزمات الاقتصادية وأسعار السلع الأساسية والأضاحي زادت من المعاناة حيث حَرمت معظم سكان المناطق المحررة من تجهيزات العيد كما عجز الأهالي عن شراء ما يلزم لهم ولأطفالهم، الأمر الذي كان يعوضهم جزاءً من الفرح والسعادة الغائبة بشراء حلوى العيد وثياب جديدة بات حلماً بعيد المنال.
وفي ظلِّ ما يكابده الشعب السوري من ويلات ولوعات الحرب وتبعاتها لا يزول أمله بعودة كريمة للديار تنهي حقبة طويلة من الأوجاع مع زوال النظام المجرم والميليشيات المحتلة وذلك في يقينه التام لانتصار الثورة السوريّة وأنّ مصير المحتلين المحتم وهو اندحارهم من البلاد وتحقيق ما يتطلع إليه الشعب وإن طال الزمن فليس للمحتل مكاناً في وطن الأحرار والحرائر ولا موطئ له على ثرى روته دماء الشهداء والجرحى، وشهد على عذابات المشردين وصرخات المعتقلين.
لمرة جديدة يثير القائد العام لفرقة سليمان شاه التابعة للجيش الوطني السوري "محمد الجاسم" المعروف باسم "أبو عمشة"، الجدل في الأوساط الثورية، بعد فيديو نشر مؤخراً لتخريج دورة تدريبة من عناصر الفرقة قبل يومين.
وتضمن الفيديو الذي لاقى انتشاراً واسعاً في غرف التواصل الاجتماعي وعلى حسابات النشطاء، تخريج دورية عسكرية لمقاتلين من الفرقة، إلا أن كمية التمجيد التي حملتها فعاليات التخريج للقائد العام للفرقة "أبو عمشة" كانت مثار جدل واسع، لما تتضمن من تعظيم وتمجيد لهذه الشخصية المثيرة للجدل.
و "محمد الجاسم" المعروف "أبو عمشة"، وهو قيادي بارز في الجيش الوطني، يتمتع بسلطة واسعة في مناطق عفرين، وكان أحد المشاركين مع لوائه في تحريرها، لمع اسمه بشكل واسع خلال العامين الماضيين، وكان موضع جدل كبير في تصرفاته وطريقة إدارته لفصيله، وتمجيده المستمر من قبل عناصره والقيادات التابعة له.
"الولاء لله والوطن والقائد محمد الجاسم أبو عمشة" عبارة كانت الفصل في خطاب مقدم فعالية تخريج الدورة التدريبية، والتي أثارت موجة ردود فعل كبيرة تراوحت بين السخرية والاستنكار، لما حملته من تعظيم وتمجيد لشخص قائد الفصيل، ضمن سلسلة كبيرة من الفعاليات التي تمجد بـ "أبو عمشة".
وسبق لذات الشخصية القيادية أن أثارت ردود فعل كبيرة، لمرات عديدة، مع نزعته الواضحة وحبه للتمجيد والمديح، تارة من شعراء بلهجاتهم البدوية، أو مطربين عبر أغان وأناشيد تتضمن اسم القائد "أبو عمشة" وتمجد فيه.
وسبق أن ظهر القيادي "أبو عمشة" بمقطع فيديو خلال معايدته عناصر الفرقة بإحدى المناسبات، وتظهر السيارات الفارهة التي يركبها وترافقه، وطبيعة العلاقة بينه وبين عناصره القائمة على الطاعة التامة، والخضوع للقائد، لتحوله لشخصية موضع جدل واستغراب.
بطولات "أبو عمشة" باتت عبر مواقع التواصل وفي تصريحاته المثيرة للجدل، وتصرفاته وحركاته واجتماعاته، في وقت يطالب نشطاء من القيادي بالنزول للجبهات في ريف إدلب، أو حتى بريف حلب وعفرين، وابراز عضلاته والقيام بعمل عسكري يحرر فيها الأرض بدلاً من التماهي في التمجيد والتهليل للقائد الذي لايشق له غبار، وتكريس كل الإمكانيات لمديح نفسه ....
كيف لنظام قمعي قاتل قصف المدنيين بالكيماوي والعنقودي والارتجاجي أن يؤتمن على إيصال الغذاء والدواء والخدمات لهم، وهل تحول الملف الإنساني الى ملف مفاوضات سياسية بعيدا عن الشرعية القانونية والأخلاقية وترفع الأيادي المخضبة بدماء السوريين لمنع الغذاء والدواء عن المدنيين من السوريين لتقتلهم تلك الأيادي ليس بالكيماوي والصواريخ والمدفعية هذه المرة جوعا وقهرا ومرضا.
بعيدا عن عدم قانونية تصويت روسيا في مجلس الأمن في أية قضية سورية وبعيدا عن أية حلول لتجاوز الفيتو المشؤوم اللاقانوني، فهل يجوز أساسا التصويت على مسألة إنسانية وانتهاك كافة القوانين والاتفاقيات الدولية التي تمنع حصار المدنيين وتجويعهم لتركيعهم، إذاً المسألة يا سادة أساسها خرق وانتهاك للقانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان وعرضها للتصويت بمزاد رخيص.
وهل بات المدنيون المهجرون قسرا والنازحون يشكلون تهديدا للسلم والأمن الدوليين ولابد من حصارهم. ياسادة حتى في هذه الحالة لا يجوز قانونا منع الغذاء والدواء عنهم أبداً.
وإذا جار الحصار على توفير الاحتياجات الحياتية الأساسية للسكان المدنيين عد جريمة في فقه القانون الدولي الإنساني الذي حظر تجويع وحرمان السكان من الحصول على الإمدادات الضرورية لحياتهم، والحق في تلقي المساعدات الإنسانية ومرور البضائع الطبية الخاصة بالمنشآت، والمواد الغذائية والملابس، والمقومات الضرورية الموجهة للأطفال والنساء الحوامل.
نصت المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (لا يجوز بأي حال حرمان أي شعب من أسباب عيشته الخاصة)... أليس الفيتو الروسي الصيني عقوبة جماعية لمنع مرور البضائع ويحظرها القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة 1949 الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب.
وتؤكد المادة 33 منها على منع اتخاذ تدابير اقتصادية ضد الأشخاص المدنيين وممتلكاتهم، أنما المادتان 55 و56 من اتفاقية جنيف الرابعة تؤكدان على ضمان تدفق الإمدادات الغذائية والدوائية والطبية والخدمية.
إن موضوع التصويت في مجلس الأمن على مسائل الغذاء والدواء والخدمات للمدنيين انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي وللقواعد الآمرة في القانون الدولي العام ويرقى لجريمة ضد الإنسانية.
إن الفيتو الروسي الصيني بل التصويت على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية للمدنيين ومنع وصولها وتدفقها لهم في مخيمات الموت والجوع والحرمان غير قانوني من منظور القانون الدولي، وانتهاك صارخ للوثائق الدولية ذات القيمة القانونية والعرفية الملزمة لجميع الدول، ومن أهمها ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، واتفاقيات جنيف 1949، وخاصة الرابعة منها، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف.
على دول العالم المتحضر عدم التماهي مع الفيتو الروسي الصيني القاتل الفاضح لسياسات بات معلوم للجميع غاياتها وأهدافها اللاإنسانية بل المعادية للسلام والعيش الكريم وعلى مؤسسات تلك الدول الإنسانية وكذلك مؤسسات هيئة الأمم المتحدة عدم الركون لمنع وصول وتدفق المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وخدمات واحتياجات أساسية للمدنيين واتخاذ إجراءات تكفل وصولها وتدفقها بشكل مستمر عبر المعابر الانسانية وخاصة معبري باب الهوى وباب السلام تنفيذاً للقانون الإنساني الدولي والمواثيق الدولية ذات الصلة ومنع حدوث كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من أربعة ملايين إنسان سوري وخاصة في الشمال السوري المحاصر.
كيف لنظام قمعي قاتل قصف المدنيين بالكيماوي والعنقودي والارتجاجي أن يؤتمن على إيصال الغذاء والدواء والخدمات لهم، وهل تحول الملف الإنساني الى ملف مفاوضات سياسية بعيدا عن الشرعية القانونية والأخلاقية وترفع الأيادي المخضبة بدماء السوريين لمنع الغذاء والدواء عن المدنيين من السوريين لتقتلهم تلك الأيادي ليس بالكيماوي والصواريخ والمدفعية هذه المرة جوعا وقهرا ومرضا.
بعيدا عن عدم قانونية تصويت روسيا في مجلس الأمن في أية قضية سورية وبعيدا عن أية حلول لتجاوز الفيتو المشؤوم اللاقانوني، فهل يجوز أساسا التصويت على مسألة إنسانية وانتهاك كافة القوانين والاتفاقيات الدولية التي تمنع حصار المدنيين وتجويعهم لتركيعهم، إذاً المسألة يا سادة أساسها خرق وانتهاك للقانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان وعرضها للتصويت بمزاد رخيص.
وهل بات المدنيون المهجرون قسرا والنازحون يشكلون تهديدا للسلم والأمن الدوليين ولابد من حصارهم. ياسادة حتى في هذه الحالة لا يجوز قانونا منع الغذاء والدواء عنهم أبداً.
وإذا جار الحصار على توفير الاحتياجات الحياتية الأساسية للسكان المدنيين عد جريمة في فقه القانون الدولي الإنساني الذي حظر تجويع وحرمان السكان من الحصول على الإمدادات الضرورية لحياتهم، والحق في تلقي المساعدات الإنسانية ومرور البضائع الطبية الخاصة بالمنشآت، والمواد الغذائية والملابس، والمقومات الضرورية الموجهة للأطفال والنساء الحوامل.
نصت المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (لا يجوز بأي حال حرمان أي شعب من أسباب عيشته الخاصة)... أليس الفيتو الروسي الصيني عقوبة جماعية لمنع مرور البضائع ويحظرها القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة 1949 الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب.
وتؤكد المادة 33 منها على منع اتخاذ تدابير اقتصادية ضد الأشخاص المدنيين وممتلكاتهم، أنما المادتان 55 و56 من اتفاقية جنيف الرابعة تؤكدان على ضمان تدفق الإمدادات الغذائية والدوائية والطبية والخدمية.
إن موضوع التصويت في مجلس الأمن على مسائل الغذاء والدواء والخدمات للمدنيين انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي وللقواعد الآمرة في القانون الدولي العام ويرقى لجريمة ضد الإنسانية.
إن الفيتو الروسي الصيني بل التصويت على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية للمدنيين ومنع وصولها وتدفقها لهم في مخيمات الموت والجوع والحرمان غير قانوني من منظور القانون الدولي، وانتهاك صارخ للوثائق الدولية ذات القيمة القانونية والعرفية الملزمة لجميع الدول، ومن أهمها ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، واتفاقيات جنيف 1949، وخاصة الرابعة منها، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف.
على دول العالم المتحضر عدم التماهي مع الفيتو الروسي الصيني القاتل الفاضح لسياسات بات معلوم للجميع غاياتها وأهدافها اللاإنسانية بل المعادية للسلام والعيش الكريم وعلى مؤسسات تلك الدول الإنسانية وكذلك مؤسسات هيئة الأمم المتحدة عدم الركون لمنع وصول وتدفق المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وخدمات واحتياجات أساسية للمدنيين واتخاذ إجراءات تكفل وصولها وتدفقها بشكل مستمر عبر المعابر الانسانية وخاصة معبري باب الهوى وباب السلام تنفيذاً للقانون الإنساني الدولي والمواثيق الدولية ذات الصلة ومنع حدوث كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من أربعة ملايين إنسان سوري وخاصة في الشمال السوري المحاصر.
بدأ "الجولاني" صاحب الشخصية "البراغماتية المتحولة" منذ أكثر من عام بالانقلاب على أبرز أصحابه ورفقاء دربه في "البغي والتمكين"، على حساب أبناء الثورة السورية ومناطقهم وفصائل الثورة جميع، وهو يتخلى عنهم واحداً تلو الآخر بعد أن استثمرهم في تحقيق أجندته، ويقدمهم قرباناً لتمكين اعتداله دولياً.
يقوم الجولاني بتصفية المتشددين والمهاجرين والرافضين للسياسات الدولية المتغيرة لاسيما شمالي سوريا، لينال الرضا والقبول، ويكمل تنفيذ المهمة الموكلة إليه غربياً بإنهاء ما لم تستطع كل جيوشهم وقواتهم وطائراتهم وتقنياتهم إنهائه واحداً تلو الآخر، إلا أنه بالتأكيد لن يصل لمبتغاه وسيكون كبش فداء تلك الدول الأخير، وهي غير عاجزة عنه وتترصد تحركاته ولكن تنتظر منه إتمام المهمة فحسب.
ليس ابتداءاً بـ "أبو اليقظان والمحيسني وأبو شعيب المصري وأبو العبد أشداء والأوزبكي ولا انتهاء بأبو مالك التلي" وعشرات الشخصيات القيادية التي برزت في بغيه على فصائل الثورة وتسلطها على المناطق المحررة وتصدرها باسم الحراك الشعبي، باتت في عداوة مع الجولاني بعد أن بدأ يلاحقهم ويبعدهم وكثير من قام بتصفيتهم واعتقالهم.
طيلة السنوات الماضية، أثبت "الجولاني" أن المصلحة والمنفعة الخاصة للمشروع هو هدفه وديدنه، ولم يغلب مرة مصلحة الثورة والثوار والمدنيين السوريين لمرة واحدة على مصلحته، فتخلى عن عشرات المناطق وفاوض النظام وعقد الاتفاقيات المشبوهة بصفقات سرية وعلنية، وكلها لم تكن في صالح المحرر، وصولاً لإنهاء رفقاء دربه وكل من خالف توجهه الأخير.
ولعل حالة التفكك التي تعانيها "هيئة تحرير الشام" خلال الفترة الأخيرة، والفصل بين الجناح الأمني والاقتصادي من جهة، والجناح العسكري الذي بات ضعيفاً من جهة أخرى، يشير بشكل واضح لأن الجولاني خان كل شعاراته واستخدمها لتمكين سيطرته على المناطق المحررة، بل وتسليم مساحات كبيرة من تلك المناطق دون قتل.
ساهم "الجولاني" خلال مسيرته التي وزعها بأسماء مختلفة من التشكيلات رفعت رايات مختلفة كلها باسم "الشام"، في إضعاف فصائل الثورة السورية، وإنهاء عشرات الفصائل من الجيش السوري الحر، بحجج ودعاوى زائفة منها العلمانية والتعامل مع الغرب والعمالة لتركيا، ورفع شعارات تحرير "روما والقدس والشام" تكشف لاحقاً زيف هذه الادعاءات وكيف استغلها لتضليل الشباب السوري الثائر.
كما حارب "الجولاني" أبناء الحراك الشعبي ونشطائه، واعتقل من نجا منهم من قبضة النظام وحلفائه، وقتل العشرات منهم ولايزال الكثير منهم في السجون، كما حارب الفعاليات المدنية والمنظمات الإنسانية، عبر تمكين سطوة ما سمي بالمؤسسات المدنية، وامعانها في التضييق على عملها لتحقيق المكسب المالي من لقمة عيش المدنيين.
ويواصل الجولاني عبر "هيئة تحرير الشام" التحكم في الشمال السوري المحرر، آخر رقعة باقية للمدنيين لم يتم تسليمها بعد، محتفظاً بتاريخ حافل من عمليات البغي والصفقات المشبوهة، في وقت بات واضحاً تململ الحاضنة الشعبية ورفضها لتصرفاته، إلا أن استخدام القبضة الأمنية ضدهم وتسليطها بعمليات الترهيب والاعتقال تحول دون حراكهم، ليصل الأمر لقتل من سانده ورافقه بغيه، في طريق يبدو أنه بات في آخر مراحله قبل السقوط.
استطاع الشاب العشريني البسيط "عبد الباسط الساروت" أن يدخل قلوب الملايين من السوريين وأن يكون أيقونة الثورة السورية بحق، ليس بتصدره للإعلام أو تبني حراك الشعب السوري، وإنما بما جسده من صورة حقيقية لثورة السوريين بكل أوجهها وتقلباتها ومراحلها.
قدم الشهيد "الساروت" الصورة المثالية للثورة السورية، منذ بداياتها بحراكها الشعبي، فكان صوت الجماهير والسباق لتنظيم المظاهرات الشعبية وقيادتها بأناشيده وأهازيجه التي خلدها، ومواقفه، عاش الحصار بكل ظروفه وتعرض لعشرات الإصابات في كل أنحاء جسده، لم تثنه عن إكمال الطريق.
ولم يكن "الساروت" شخصاً عابراً بين رفاقه، ورغم كل الخذلان الذي تعرض له في حمص إبان الحصار من كثير من الشخصيات القيادية العسكرية والسياسية والإعلامية، التي تصدرت المشهد الثوري السوري، ورغم تضييق الخناق عليه من كثير من الفصائل، إلا أنه لم يقف مكتوف الأيدي وتابع طريقه حاملاً للسلاح ومتقدماً الأبطال على خطوط الجبهات.
ترك "الساروت" خلفه مسيرة عطرة، وخلد أسمه بين الأبطال ورموز الثورة السورية المعطاءة، بصبره وثباته وقيادته وتحمله، ومعاناته وجروحه ودمائه وبذله وعائلته، رغم خذلانه لمرات ومرات، سواء في حمص إبان الحصار، أو بعد خروجه منها لريف حماة، وفي المرحلة ماقبل الأخيرة في الشمال السوري.
تعرض "الساروت" لحملات تشويه واتهامات وتخوين، وتحمل وصبر وصابر، وبقي مع قلة قليلة من الأبطال، يحاول لملمة الجراح وتوحيد الصفوف وحلمه العودة لحمص محرراً، ولكن شدة الخذلان وصلت لملاحقته كمجرم مطلوب، وسافر إلى تركيا، التقى به الكثير، ولكن مني بخذلان كبير، وعمل في أعمال مجهدة ليأمن معيشته، بعد أن تنكر له الكثير ممن يدعون اليوم حزنهم عليه ويخلدون ذكرى استشهاده.
عاد "الساروت" لوطنه سوريا، بعد وساطات كبيرة، طلبها، ليعود لجبهات القتال وساحات التظاهر، ووضع نفسه أمام القضاء ليبرأ من تهمة لفقت له، وجلس وحيداً في السجن، قلة قليلة من تابعت قضيته لحين براءته والإفراج عنه، وكثير من المتباكين اليوم كان الساروت لهم ليس إلا شخصاً عابراً في صعودهم لتصدر الحراك.
ورغم كل الظلم الذي واجهه شهيدنا، وكل حملات الاتهام والتضليل التي واجهها، إلا أنه لم يتواني ليوم واحد في مشاركة الأحرار تظاهراتهم، وبقي صوته يصدح عالياً، وتعرض لكثير من التهديد والوعيد من أطراف معروفة لثنيه عن التظاهر فقط، ولم يقف الأمر هنا بل منع من تشكيل أي فصيل أو الانضمام لفصائل أخرى، لحين التحاقه بفصيل "جيش العزة" بريف حماة.
قدم الشهيد "الساروت" ضروباً سيخلدها التاريخ في البطولة والعطاء والبذل، على الجبهات، وأصيب لمرات جديدة، ثم عاد لساحات القتال، يتطلع لتحرير كل شبر من تراب سوريا الجريحة، حتى روى بدمائه تلك الأرض وانتقل شهيداً تاركاً خلفه مسيرة عطرة وصوتاً سيتردد في الساحات لسنوات وسنوات خالداً بين عظماء الثورة.
المزعج اليوم، وبعد عام من استشهاد "الساروت" حجم النفاق في بكائه، ممن تنكر له بالأمس، بل وضيق عليه وحاربه وشوه في صورته، ومن رفض مقابلته وسماع صوته ورسالته، ومن لاحقه وشوه صورته وحتى اعتقله، ليخرج علينا كل هؤلاء متباكين بدموع "التماسيح" يرفعون صوره ويبكون عليه نفاقاً وكذباً وبهتاناً، ولو كان حياً مواصلاً نضاله لما ذكروه بل أتموا إنكاره وتهميشه.
رحم الله شهيدنا "عبد الباسط الساروت" وكل شهداء الثورة السورية، والخزي والعار لكل منافق، متسلق، متملق، متصيد للمناسبات للظهور والادعاء زوراً بأنه يمثل حراك الجماهير السورية، فتلك الجماهير تعرف وتعي جيداً من يمثلها ممن تخلده في ذاكرتها لكل شهيد قدم وبذل وأعطى روحه ودمائه لتتواصل المسيرة ويستمر العطاء لبلوغ النصر ورفع لواء وراية الثورة السورية التي أنكرها الكثير كما أنكر الساروت، ثم جاء ليرفعها رياءً وتقية ونفاقاً.
يقول شكسبير (البلايا لا تأتي فرادى كالجواسيس، بل سرايا كالجيش)، وقال المتنبي قبله: (مَصائِبُ شَتّى جُمّعَتْ في مُصيبَةٍ... ولم يَكفِها حتى قَفَتْها مَصائِبُ)... ولو كان كلاهما على قيد الحياة لما شاهدا تطابقاً لما قالاه على أرض الواقع أكثر من حال نظام بشار الأسد الآن... فقد توالت عليه المصائب بأشكالها، وآخرها الانهيار الاقتصادي المتسارع لنظامه المتهالك أصلاً.
فلقد اقترب الدولار من حاجز 3350 ليرة (وقت كتابة هذه السطور) ورافق هذا التدهور في سعر الصرف غلاء غير مسبوق في أسعار السلع في سورية مع بقاء الرواتب على حالها منذ آخر زيادة في شهر نوفمبر الماضي عندما زادت رواتب بعض الموظفين بواقع عشرين ألف ليرة (٨ دولارات تقريباً) ليصبح معدل رواتب الموظفين المدنيين حوالي ٥٠ ألف ليرة (حوالي ٢٠ دولار) أما راتب العميد الركن في الجيش السوري فيبلغ ١٠٨ آلاف ليرة (حوالي ٤٣ دولار) مع العلم أن رواتب العسكريين لحقها زيادتان بينما رواتب المدنيين لحقها زيادة واحدة في أواخر عام ٢٠١٩، وهو، بطبيعة الحال، راتب لا يوفر أدنى مستويات العيش الأساسية لأيام وليس لشهر، فحسب مؤشر قاسيون الموالي للنظام (حسب نشرته الصادرة في ٧ أبريل/ نيسان ٢٠٢٠) تحتاج أسرة مؤلفة من خمس أشخاص إلى ٤٣٠ ألف ليرة كحد أدنى لتوفير متطلبات العيش الضرورية كالغذاء والدواء والسكن.
وجاء اقتراب موعد تطبيق قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية بمثابة المسمار الأخير في نعش النظام أو الشعرة التي قد تقصم ظهره في ظل انتشار الفقر والجوع في مناطق سيطرته ونفاد صبر الناس، الموالين منهم قبل المعارضين لنظام حكمه، فالموالون يكتفون، حتى اللحظة، بانتقاد الوزراء فقط ويستجدون رئيسهم لتغيير الوزراء والتدخل لإنقاذ الموقف قبل الانفجار، على الرغم من أن الوزراء ومعاونيهم يتم تعيينهم من قبل رأس النظام مباشرةً فلقد نسوا (أو تناسوا) أصل المشكلة وتوجهوا إلى النتيجة مباشرة، أما المعارضون فلقد أدركوا تماماً منذ قرابة تسع سنوات أن النظام هو سبب ما آلت إليه الأمور في سورية.
وعلى الرغم من تأكيد مشرعو قانون قيصر على أنه يستهدف النظام وداعميه وأنه يوفر هامشاً كبيراً للمساعدات الطبية والإنسانية، إلا أن النظام ما زال يجترّ نظرية المؤامرة الكونية التي تستهدف سورية الوطن وليس نظام حكم بعينه... كما أن بقاء الباب مفتوحاً أمام من يريد القفز من سفينة الأسد الآخذة بالغرق هو عامل آخر من عوامل الإمعان في تفكك وتشظي نظام حكمه...
وعلى نهج ولي العهد السعودي الذي احتجز أقاربه الأمراء وأجبرهم على دفع مبالغ طائلة لسد العجز المترتب على مغامرته في اليمن، قام بشار بالضغط على ابن خاله ووكيل أعماله رامي مخلوف لدفع المليارات لخزينة الدولة الفارغة، لكن مخلوف رفض الانصياع ثم ما لبث الأمر أن انفجر وظهر الخلاف على العلن، واتخذت أذرع النظام الأمنية عدة إجراءات للسيطرة على شركات مخلوف وعلى رأسها سيرياتل، مما دفع الأخير إلى الظهور في عدة تسجيلات مصورة ليرسل رسائل التهديد والوعيد ويثبت مجدداً أن نظام بشار الأسد يعيش أسوأ أيامه.
والمتابع لسياسة نظام الأسد في العقد الأخير يلاحظ ملياً أن النظام يميل للهروب إلى الأمام كلما ضاقت به الأحوال، وهي سياسة موجعة بالنسبة له لكنها أثمرت في السابق في شغل الرأي العام وحاضنته الموالية بانتصارات وهمية لإيهام الموالين أن الحرب مازالت مستمرة ويتوجب عليهم الانتظار حتى نهاية الحرب ليقطفوا ثمار النصر المزعوم، أو لكي يستثمر في نظرية المؤامرة ويلعب دور الضحية الذي لطالما أتقنه، والأمثلة كثيرة على ذلك، فعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما زاد الزخم الإعلامي في عام ٢٠١١ رداً على سقوط ضحايا بالعشرات في المظاهرات السلمية وخصوصاً أيام الجمعة، وتزايدت التهديدات والتحذيرات الدولية من اقتحام مدينة حماة المحاصرة، خالف النظام كل التوقعات واقتحم المدينة مرتكباً مجزرة ومعلناً نصراً مؤزراً على مدنيين أحسنوا الظن بالمجتمع الدولي، ومع مرور الأيام توالت عمليات الهروب إلى الأمام كما حصل في قصف المدنيين في حمص، وتجويع المدنيين في شرق حلب ومضايا، وآخرها تجرؤ النظام على القوات التركية ومهاجمتها في نهاية شباط الماضي على الرغم من معرفته مسبقاً أنه لا قبل له بدخول مواجهة مباشرة مع جيش قوي ومدرب كالجيش التركي لكنه فضل اللعب على وتر "مهاجمة الغزاة وتحرير كل شبر من أرض الوطن" لاستدرار عطف من تبقى من طائفته التي خسرت جل شبابها بين قتيل ومقعد ومتسول يتكفف لقمة العيش.
وبناءً عليه، هل سيقوم النظام بعملية عسكرية واسعة في إدلب كهروب أخير إلى الأمام وتشبث مستميت بكرسي السلطة في سورية؟ هذا ما ستفصح عنه الأسابيع أو الشهور القليلة القادمة.
مما لاشك فيه أن تجديد مطالب الثورة وإحياء الأمل عند شعبنا بالنصر و تحرير المناطق المحتلة بكل مناسبة وطريقة وأسلوب هو فريضة ومطلب يجب أن يستمر من كل الثوار دون توقف، ولمن يرى في الأتراك نموذجاً يحتذى به يعلم أن سقف تطلعاتهم كشعب يتجاوز طاقاتهم ومقوماتهم بمراحل عديدة ولديهم الخطط والأحلام و يربون عليها الأجيال الناشئة، حتى عاد الحديث بينهم عن التفاحة الحمراء - تمدد الدولة العثمانية في أوج نفوذها -
كذلك الأمر في الجانب الآخر يستغل أنصار البككة عبر جميع منصاتهم بطرح مشروع دولتهم التي فشلوا في تحقيقها وتلقوا كثير من الطعنات والإخفاقات ولكنهم مستمرون بدون هوادة.
وبعيدا عن تسجيل المواقف وضجيج التعليقات، وبنظرة ناقدة نابعة عن عدم الرضا بالواقع وسعياً لتحسين الأداء ومعرفة مكمن الضعف يؤسفني القول أن حالة "الإعلام الثوري" في عام 2020م تمر بأسوأ أوقاتها حيث أن الضغط و الحمل متركز على ثلة قليلة من العاملين في المجال الإعلامي الذين يقومون بأسمى مهمة وهي تدعيم استمرارية دعاية الثورة وصناعة الأفكار الإعلامية بالمصطلحات والرؤية والطريقة الثورية المناسبة.
بحثت وغيري على اليوتيوب فافتقدنا حتى الأغنية الثورية، تصفحت حسابات عدد من الناشطين فكانت الصدمة أن آخر منشور ضد الأسد والاحتلال الروسي منذ الحملة العسكرية الأخيرة، مع أن التوقيت الحالي أخطر من وقت المعركة وتأثيره شبيه بالإعداد العسكري والتحصين على الجبهات قبل المعركة وهو جزء رئيسي لتغيير نتيجتها.
وهناك أسباب موضوعية للحالة الموجودة وهي قلة الشبكات الثورية التي انبثقت من الداخل وصعوبة استمرارية عملها بسبب عدم وجود الدعم المالي الكافي والمشاريع الموجودة في الغالب تطوعية فردية، بالإضافة أن المتحكم بصناعة الإعلام بالمحرر قنوات ووكالات لها أجندات و رؤية متغيرة ولا يمكن الاعتماد عليها إلا ببعض الجوانب.
ويجب أن نشيد بالجهود الإعلامية التي بذلت خلال الحملة والتضحيات العظيمة التي استطاعت التصدي والصمود للدعاية الروسية وساهمت بجزء كبير في منع خطتهم من اجتياح المحرر بعد أن تنهار إرادة القتال بالحرب النفسية، والمرحلة الحالية تتطلب خطط جديدة وورشات عمل وتطبيق عملي لأفكار تعيد للناس ثقتهم بالثوار وتسلط الضوء على النماذج المبدعة والناجحة في المحرر وتوثق التضحيات بأفلام وبرامج وحوارات بعيدا عن النوع الاعتيادي لتغطية الأحداث والمجريات الإخبارية.
بالإضافة فإن القيام بالدور التوجيهي والتأهيلي للعاملين الجدد في المجال الإعلامي واستيعابهم وتفريغ طاقاتهم في النافع المفيد والتعريف بالأخلاقيات والسلوكيات العامة هو يصب في رصيد الإعلام الثوري وتجدده، وهناك طاقات إعلامية كبيرة في الخارج يمكن تفعيلها وأن تقدم خدمات جليلة للقضية وتتطلب بعض الجهود من التواصل والتنسيق.
ولا يخفى على أحد التقصير تجاه أبطالنا ورموزنا الشهداء ويجب علينا التذكير المتكرر بمواقفهم الصلبة تجاه الأحداث السابقة وذكر محاسنهم من أجل ان يترسخ لدى الجيل الجديد القدوات الحقيقية.
وقضيتنا السورية هي عادلة بأصلها وعدونا ظالم مجرم لا يشكك بأحقيتنا بالثورة أي إنسان عاقل، ولكن عقدة النقص والفشل واليأس منعتنا من نشر الأمل ورفع سقف المطالب، والغرق بالأحداث الآنية والتفاصيل الثانوية عطل عن البناء، والانشغال بالمشاكل الشخصية عن العمل الحقيقي.
فكل الأصوات يجب أن تحشد للمعركة والحرب المرتقبة، والمقومات والعقول في الخارج والداخل متوفرة، ولكن تحتاج من يأخذ زمام المبادرة وتفعيل روح العمل الجماعي، فالجهود الفريدة لن تخدم التطور السريع بكل التخصصات والأقسام من أجل أن نستكمل معركة الصمود والتحرير.
أن تكون ناشطاً في الثورة السورية تنقل أوجاع المدنيين وصورة الواقع في وجه الظلم لهو فخر ووسام على صدرك، ليس لك فيه فضل أو منية على أحد فهناك دماء تسيل وأعراض تنتهك وعذابات مستمرة، ولكن أن تتسلق هذا المضمار لتحقق الشهرة والنجومية وتلغي عمل من سبق ظهورك لهو "تنمر على الثورة السورية كلها".
منذ الصرخة الأولى المطالبة بالحرية في سوريا، لم تكن لتصل لولا وجود الناشط الإعلامي، الذي تحدى في سنين الثورة الأولى كل الظروف الأمنية والملاحقة والمخاطر والصعوبات، لينقل صوت الثائرين، تعرض للاعتقال والملاحقة مع ذويه، وعمل بأدوات ووسائل بسيطة لينقل صوت أعظم ثورة على مر التاريخ.
لعب "الناشط الإعلامي" منذ بدايات الحراك، دوراً بارزاً في نقل صوت الحراك الشعبي، وقضى على هذا الدرب المئات من الشهداء "لايسع المقال لذكرهم خوفاً من ظلم من لم يشتهر اسمه وقضى بصمت"، كما أن المئات منهم لايزالون في سجون النظام وأخرون مغيبون في سجون داعش وباقي الفصائل، ومع ذلك استمرت المسيرة.
مسيرة العطاء للثورة، أي تحمل العبء بأن تكون ممثلاً لثورة الأحرار، وصوتاً لها أمام العالم، تنقل الصورة بكل صدق، وتواصل حرب النظام وكل من ينتهك حدود الثورة بسلاح الكلمة والصورة، هكذا سار الأوائل من رواد العمل الإعلامي، منهم من وصل اسمه للعالمية ولكن بعمله وكده وتعبه وموقعه الذي برز فيه، مسطراً أروع البطولات والتضحيات، هي من قدمته بطلاً ورمزاً ولم يسعى لها والأسماء كثيرة.
مصاعب جمة وكبيرة واجهها الناشط الإعلامي خلال سنوات الثورة الأولى، لنقل الصورة، وتحدي الصعاب وهي كثيرة ولايمكن ذكرها جميعاً، من ملاحقة وتهديد وقصف وتشريد، ومعاناة في إيصال واقع منطقته، مع ضعف الإمكانيات وقلة وسائل التواصل والأنترنت التي قد تتطلب منه المغامرة بحياته لنقل مقطع فيديو واحد، وفعلها وتحدى كل تلك العراقيل ونجح في محاربة النظام وكسر شوكته الإعلامية وتعريته أمام العالم.
لم يكن الناشط صحفياً متعمقاً في هذا المجال، بل مواطناً عادياً منهم العمال وطلاب الجامعات والمعلمين "شباباً وشابات"، عملوا بصمت، وخرجوا على أثير القنوات لما تطلب ذلك بالصوت والصورة، متحدين كل ألة القتل والفتك التابعة للنظام وميليشياته، ولم تكسرهم كل التهديدات وتثنيهم عن مواصلة الطريق في نقل صوت الشعب الثائر، كثير منهم لايزال يواصل المسيرة لخدمة القضية.
ولم تكن الملاحقة الأمنية وعراقيل التغطية ماواجهه الناشط الإعلامي فحسب، فبعد الطفرة الإعلامية بعد عام 2015 مع توسع المناطق المحررة، بات العمل الإعلامي وللأسف الشديد "مهنة رائجة" بهدف الكسب المالي أو تحقيق الشهرة لتدق أول أسفين في صدر هذا المجال، على حساب من سبقهم وحساب دماء وتضحيات الشعب السوري، والأمثلة على هؤلاء كثر.
تلك الطفرة في عمل الناشط الإعلامي، دفعت الكثير من النشطاء الأوائل لوقف نشاطهم بسبب ظروفهم التي وصلوا إليها بعد سنين من التضحية، محتفظين بما قدموه كوسام شرف لهم وآخرون مستمرون، في وقت تسلق الكثير من رواد هذا المجال، وباتوا يتبنون العمل الإعلامي، ويحتكرونه، بل وصل الأمر بهم لنفي كل من سبقهم وعدم الإقرار بمن مهد الطريق وواجه كل الصعوبات ليأتي متأخراً متفاخراً، ويدعي تمثيل الحراك.
الطموح شيئ كبير، وأن تصل للعالمية تمثل صوت المجتمع السوري الثوري شيئ عظيم، ومحض فخر، ولكن شريطة أن تحسن التمثيل، وتستغل هذا الوصول لخدمة القضية، لا المصلحة الشخصية، فالتاريخ يسجل ولن يرحم، وكل من تسلق على حساب الدماء والتضحيات وتعب من سبقه لن يستطيع التخفي وراء جوائز تسلمها بدون تعب أو عناء.
قبل الثورة كان هناك نشاطات لتحريك الاهتمام بالشأن العام، ولو لم تكن ضمن النشاط السياسي المباشر، من بينها كانت حملة مقاطعة شركتي سيرياتيل و إم تي إن على الفيسبوك وحققت مشاركة لافتة يومها في بلد مثل سوريا، تمثل فيه هذه الأفعال مدلولاً سياسياً محرّماً، ويمكن اعتبارها حقاً أحد مظاهر الإرهاصات أو القابلية للثورة القادمة في سوريا.
وفي اليوم الأول من مظاهرات درعا 18-3-2011 برزت الهتافات ضد رامي مخلوف (رامي الحرامي)، ثم كان الهجوم الرمزي على فرع سيرياتيل في درعا المحطة وحرق محتوياته 20-3، كرمز للسلطة الفاسدة ومركب الثراء والفساد والطائفية والقمع الذي تمثله، وخلال الأيام اللاحقة مع اقتحام الجامع العمري 23-3 ثم اقتحام درعا 25-4 ساهم رامي مخلوف بقطع الاتصالات عن درعا ومحاولة مراقبة الهواتف ومنع الوصول إلى الانترنت والسوشال ميديا.
كان الظهور الأول لرامي مخلوف بعد ذلك في مقابلة قال فيها إن أمن نظام الأسد هو من أمن إسرائيل، كأول رسالة صريحة من النظام في تطمين إسرائيل وتخويفها من بديل ديمقراطي في سوريا، لاحقاً رعى رامي مخلوف عبر جمعية البستان الميليشيات الأولى للشبيحة، وكان الغطاء المالي لتمويل الميليشيات وإمدادها لوجستياً وتامين معونات لعوائل المقاتلين والقتلى، ومثلت الجمعية الغطاء "المدني" الأكبر للنشاط الميليشياوي الرديف للنظام، على مستوى اللجان الشعبية ثم قوات الدفاع الوطني وبناء شبكات المناصرين والمنتفعين.
في عهد الأسد الأب كان هناك صعود لطبقة رجال أعمال جدد مع تصدي الأسد لانتفاضة الثمانين، وبناء تحالف مع طبقة من التجار والمشايخ السنة في دمشق وحلب، اغتنت لاحقاً على حساب طبقة أقدم من التجار ورجال الأعمال من البورجوازية التقليدية.
كان رامي مخلوف ضمن طبقة رجال الأعمال الشباب التي صعدت مع توريث الأسد الابن، والتي مثلت مزيج التسلطية الليبرالية (حسب مصطلح جمال باروت) وتحالف عوائل الحكم وتوريث الطائفية، والتي اغتنت عبر صفقات " التحول نحو اقتصاد السوق الاجتماعي" الذي ظهر عملياً كتقاسم مزرعة بشكل فج كان مستتراً ومراعياً أكثر للاقتصاد التقليدي في عهد الأسد الأب.
وبعد ال 2011 ظهرت طبقة أخرى من رجال الأعمال المغتنين عبر اقتصاد الحرب والميليشيات، مثل آل القاطرجي وسامر فوز وغيرهم، صفقات نقل المقاتلين والميليشيات المحلية والأجنبية، وعقود النفط وحواجز المناطق المحاصرة ونهب المناطق المهجرة ... الخ، وهي الطبقة التي أشار إليها رامي مخلوف منزعجاً من صعودها على حسابه هو كممثل لطبقة رجال أعمال ما بعد ال 2000 ومصالح الجناح الطائفي لعائلة مخلوف ومن استثمر معهم، وهو نفسه كان قد حلّ سابقاً محلّ طبقة رجال أعمال سبقته.
ما بعد 2020 وقانون قيصر يبدو أن طبقة رجال أعمال ما بعد 2011 أيضاً سيتم استبدالها وحلول استثمارات ومجموعات جديدة من طفيليات السلطة أو الأموال الأجنبية التي ستصبح إمداداً عزيزاً وأداة ابتزاز قوية مع انهيارات الاقتصاد المتسارعة.
الحجز اليوم على شركة سيرياتيل وأموال مخلوف، وظهوره المتكرر كمتمرد على قرارات النظام، لا شك أنه مظهر لصراع داخل عوائل وأجنحة النظام التقليدية، وإن كان حجم تأثيره على النظام ما زال محلّ شك واختلاف، ويمثل انطواء مرحلة وطبقة.
ولكن الأهمّ والأكثر رمزيةً في الموضوع، هو أنه بعد تسع سنوات من الثورة، لم يجد رامي مخلوف -بكل ما يمثله من واجهة لتسلط النظام وفساده وطائفيته وميليشياته- إلا وسائل الثورة نفسها في الاعتراض، مستخدماً خطابها وكلماتها وشعاراتها نفسها، ظهر كناشط على السوشال ميديا يخاطب الناس مباشرة على الفضاء الافتراضي يشكو أجهزة الامن وفساد الحكومة وتعديها على الحريات والأموال وكرامة المواطن واستعمالها الظلم والتهديد والفساد.
الثورات العظيمة تحكم عقول أعدائها وتصبح الموجه لهم والنموذج القيمي الذي يحتكم إليه الجميع، هذا علامة انتصارها العظيم.