متضامن مع الزميل "عمر حاج قدور"
سنوات عدة مضت على سيطرة "هيئة تحرير الشام" وأذرعها المدنية على مدينة إدلب، وتسلم زمام القرار العسكري والمدني كاملاً دون أن يكون لباقي المكونات العسكرية أي تدخل أو قرار تشاركي، والجميع يراهن على مشروع إصلاح الهيئة داخلياً، وتغيير سياستها التي انتهجتها ضد مكونات الثورة بفصائلها وتياراتها المدنية والشعبوية والإعلامية.
ورغم كل المحاولات التي تقوم بها الهيئة لتجميل صورتها داخلياً وخارجياً، إلا أنها تعود في كل مرة لتقع في ذات "الحفرة" التي وقعت بها مرات عدة، ومن أبرز تلك الوقعات، طريقة تعاملها وتعاطيها مع النشطاء الإعلاميين "الصوت الذي تحاول إضعافه وترهيبه"، لأنها تخشاه كما كل الأنظمة الديكتاتورية.
سلطت الهيئة خلال العام الماضي والجاري، ماسمي بمكتب العلاقات الإعلامية سواء كان مكتب الهيئة والذي تقوده شخصيات غير سورية، أو مكتب حكومة الإنقاذ ذراعها المدني، والتي بدأت تتخذ وسائل وأدوات وطرق للتضييق على النشطاء، ليس آخرها البطاقة الإعلامية، والتي تعدها مكرمة وتحدد شروط لمنحها وشروط للعاملين فيها، ومؤخراً تتخذها ورقة عقابية للناشط.
ومع استدعاء الناشط الإعلامي "عمر حاج قدور" اليوم لمكتب حكومة الإنقاذ، لمنشور نشره على حسابه على فيسبوك بمناسبة "اليوم العالمي لحرية الصحافة"، وما اتخذته بحقه من عقاب تمثل في "ثقب بطاقته الصادرة عنهم بأربع ثقوب" والبيان الذي صدر عن المكتب ذاته بحق الناشط وطريقة صياغته، بات واضحاً أن نهج الأسد وداعش لم يتغير وأن تلك الحكومة تسيير على ذات الطريق في ترهيب النشطاء والتضييق عليهم.
والمفارقة في تصرفات الحكومة، أنها جاءت بعد يوم من إصدار أول بيان عن هيئة تحرير الشام بمناسبة "اليوم العالمي لحرية الصحافة" لم يسبق أن احتفت بهذا اليوم، حاولت من خلاله توجيه رسائل مغايرة تماماً لمنهجها وتصرفاتها، مع عملية تسويق كبيرة من قبل مرقعي الهيئة للبيان والتغني به.
فالبيان الذي حمل تناقضات كبيرة، زاعمة توفير بيئة مناسبة للإعلاميين في مناطق سيطرتها، ومعتبرة أن "حرية العمل الصحفي بالمناطق المحررة في إدلب لا تقارن بغيرها من المناطق في سوريا، وزعمت أن ذلك يفسره غالبية الكوادر الإعلامية لتوفير البيئة المناسبة للعمل".
وجاءت تلك المزاعم بعد سلسلة ترويج واسعة أدارتها شخصيات من مكاتب الهيئة الإعلامية وراء الأضواء، واستغلت فيها نشطاء من أبناء الحراك الشعبي، طرحوا لمرات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقارنات عن الوضع الأمني في إدلب وبين مناطق شمال حلب، معتبرين أن مناطق الهيئة أفضل حال، وهو كان بمثابة تمهيد لهذا البيان المليء بالمغالطات.
للهيئة تاريخ طويل من الانتهاكات المسجلة بحق نشطاء الحراك الثوري، عدا عن ملف الصحفيين الأجانب، واستمرار ممارسات الهيئة بنفس العقلية الأمنية بحق النشطاء ستكون له تبعيات سلبية كبيرة على ماتحاول تجميله ببياناتها وشعاراتها، وباعتقادي فإن النشطاء اليوم شمال غرب سوريا أكثر تماسكاً في مواجهة أي مشروع تقييد لحريتهم وعملهم.
كان حري بالهيئة ومكاتبها الإعلامية، أن تتقرب للنشطاء أكثر وتكسب صفهم، وتواصل العمل وفق ادعائها على "تسهيل عملهم"، إلا أنها تواصل ملاحقة النشطاء عبر مواقع التواصل وفي مناطق تغطيتهم، وسجل خلال الأسابيع الماضية اعتقال عدد منهم واستدعاء آخرين، لم يكن الزميل "عمر حاج قدور" آخرهم، فضيعت على نفسها احتفالها بحرية الصحافة في العالم، لتثبت من جديد أنها على ذات النهج وذات السياسة، وأنها لن تكون يوماً في صف أبناء الحرك الشعبي، فكل التضامن للزميل "عمر حاج قدور" في وجه محاربي الكلمة والصورة.