ما لايقل عن 83 مرة استخدم فيها النظام السوري الذخائر العنقودية، فقط في عام 2014
أولا: ملخص تنفيذي
في يوم السبت 16/آب/2014 أصدر مرصد الذخائر العنقودية عام 2014 تقريراً حول استخدام الذخائر العنقودية في العالم، اعتمد التقرير فيما يخص سوريا بشكل رئيس، على التنسيق والتعاون بين مرصد الذخائر العنقودية وتقارير وإحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والفترة التي يغطيها التقرير حتى 4/نيسان/2014.
كما أشار تقرير الزملاء الأعزاء في مرصد الذخائر العنقودية إلى أن الضحايا الذين قتلهم النظام السوري أكثر بكثير من ضحايا الاستخدام المكثف لإسرائيل للذخائر العنقودية في عام 2006.</p>
تقوم الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتحديث دوري لاستخدام النظام السوري للذخائر العنقودية في مختلف المحافظات السورية، حيث يعتبر عام 2014 هو أكثر الأعوام استخداماً للذخائر العنقودية من قبل النظام السوري، فقد فاق جميع السنوات الثلاث الماضية بأضعاف كثيرة، وهو بالتالي الأسوء في العالم أجمع منذ عام 2009.
في عام 2014 وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لايقل عن 83 هجوماً بالذخائر العنقودية، وذلك منذ أول هجوم بتاريخ 25/ كانون الثاني/2014 وحتى 21/أيلول/2014، وقد تسببت تلك الهجمات بمقتل ما لايقل عن 49 شخصاً، بينهم مقاتل واحد فقط، و47 مدنياً بينهم 16 طفلاً و 4 نساء، وإصابة 250 آخرين بجروح، وذلك بشكل مباشر، أما مخلفات تلك الذخائر فقد تسببت بمقتل ما لايقل عن 15 شخصاً نصفهم أطفال أي 7 أطفال و3 نساء، أي أن مجموع الضحايا بلغ 64 شخصاً بينهم 30 طفلاً وامرأة أي أن 50% من الضحايا هم نساء وأطفال، و98% من الضحايا هم مدنيون
أغارت طائرة حربية تابعة لقوات التحالف على شرق قرية كفر دريان في ريف ادلب الشمالي قرابة الساعة الثالثة والنصف صباحاً. الغارة استهدفت أربع مداجن هي عبارة عن مقرات لتنظيم جبهة النصرة، اثنتان منها هي مقرات للسلاح والذخائر
بعد القصف استمرت الانفجارات في المقرات لدقائق بسبب انفجار الذخائر والقذائف المخزنة في المستودعات، أدى الضغط الهائل الذي سببه الانفجار إلى انهيار منزل سكني مؤلف من طابقين قرب من المستودعات، على بعد أقل من 100 متر منها، وتسبب ذلك بمقتل 12 شخصاً جميعهم من المدنيين بينهم 5 أطفال و5 نساء
تواصلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مع السيد حسن وهو من سكان البلدة و كان شاهداً على حادثة القصف وأفاد الشبكة بروايته :
" فجر الثلاثاء وقرابة الساعة الثالثة والنصف، استيقظنا على أصوات انفجارات مدوية لم نسمع لها مثيلاً من قبل، رافقها صوت طائرة حربية ضعيف نسبياً، خرجت من المنزل فشاهدت انفجارات تحصل في الطرف الشرقي من القرية، بعد توقف الانفجارات، توجهت إلى المكان كان هناك انهيار كامل لمبنى مؤلف من طابقين ، كما حصل حريق في المداجن التي بالقرب منه والتي كانت جبهة النصرة تتخذها كمقرات لها، بعد نحو ربع ساعة بدأت فرق الإسعاف والدفاع المدني والإطفاء بالوصول، وبدأت بإخراج القتلى والجرحى من تحت الأنقاض، كانت هناك خمس نساء وخمسة أطفال ورجُلان اثنان قد تم إخراجهم خلال ساعة، وقد قتلوا جميعاً بينما كان عدد الجرحى يتجاوز 15 شخصاً
كان الضحايا يسكنون هذا المبنى الذي انهار نتيجة ضغط الانفجار، ذلك أن الطيران لم يستهدفه بصاروخ، حيث أننا لم نجد أية بقايا متفجرات بين الركام،كل ما وجدناه هو بقايا الصواريخ بالقرب من المداجن التابعة لجبهة النصرة، مخلفات الصواريخ كان عليها آثار كتابة باللغة الانكليزية وعلى أحدها كتب اسم الولايات المتحدة الأمريكية "
شهد الريف الشمالي في الآونة الأخيرة حركة نزوح كبيرة بسبب ما يجري على أرضه من اقتتال بين فصائل الجيش الحر وتنظيم دولة البغدادي من جهة . وما تسببه قذائف الطرفين من دمار وإصابات . ناهيك عن ما يقوم به الطيران الحربي من تدمير للبنى التحتية مستخدماً كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً . لم يعد يبقى أمامَ المدنيين سوى الهرب من آلة القتل والتدمير التي حلّــت بهم وبأرضهم .منهم من تركَ بيته فاراً بروحه ومنهم من حمل بطانيته كي ينامَ بها عند أبواب معابر التهريب حتى يأتيَ دوره في الدخول لتركيا . معبر باب السلامة الحدودي الواقع في الشمال السوري يشهد حركة نزوح كبيرة لكن في الآونة الأخيرة لم يعد يمر تحت محراب المعبر إلا من يحمل جواز سفر وقد شددت إدارة المعبر التركي على ذلك . مما فتح المجالَ للمهربين كي يهربوا البضائع البشرية لتركيا عبرَ ما يسمى { التـيل } حيث تجد شباباً صغاراً يروجون لتجار البشر الكبار مقابل بضع ليرات عند المعبر النظامي ويقف العشرات منهم ينادون على التيل ع التيل . يأتي إليه من هرب من تحت الموت ظاناً أن طاقة الفرجِ قد فُتحـت له . أبو عبيدةَ رجلٌ في العقد الثالث من العمر يسأل أحد المهربين أين التيل ؟ فيجيب الشاب الصغير الذي امتهن تلك المهنة : قريبٌ من هنا ياعم تعال معي وخلال ساعة واحدة تكون داخل تركيا . ينظرُ أبو عبيدة في وجهه مستغرباً كم تريد : أريد ألفين ليرة عن كل
( رأس ) . يمشي أبو عبيدة بخطة متباعدة مع ذلك الطفل الذي يلمع بأسلوب عمله وفنون التهريب التي عمل بها ولم يكشفه أحد . خلال رحلة الذهاب . أبو عبيدة بدأت ترتسم على وجهه علامات التفاؤل مع أن عائلته عددها سبعة وأمه الثامنة المريضة المتعبة . وخلال رحلة الذهاب يجد أبو عبيدة جاره أبو محمد محتاراً في الدخول فيقول أبو عبيدة تفضل نطلع تهريب طريق آمن ومجرب . وفرح المهرب الصغير أن عمولته بدأت تزيد . وصل كل من أبو محمد وأبو عبيدة إلى حيث التهريب فوجد أمةً تنتظر الدخول والكل جالس بوضعية المقاعد المدرسية لا ينبت ببنت شفه . وهناك عدة أمراء يقولون لهم سندخلكم الآن لا تحملوا هم . حاسبونا : بدأت الحركة بعد أن مد كل منهم يده إلى جيبه كي يخرج منه المطلوب آملاً أن ينام تلك الليلة داخل تركيا وقد ينامها في المساجد أو الحدائق لكنه يريد الهروب وعدم النظر للوراء وأن لا يسمع هدير طائرة بعد اليوم . دفع الجميع وعادوا إلى صمتهم إلا من أحاديث تدور بين كل منهم كم دفعت . ويسأل عن حال التهريب . بدأ معبر التهريب بإدخال النازحين والمهجرين . يدخلهم المهرب مثنى وثلاث ورباع ويوصيهم بالركض السريع والنزول بحفرة عمقها أربع أمتار وأن لا يتوقفوا أبداً وأنه معهم مهما جرى معهم . يراقب أبو عبيدة بصمت ويقترب من المهرب الكبير شارحاً له وضع امه الصحي . فيجيب عليه كاس على كل الناس . فيقول أبو عبيدة بصوت منخفض لاحول ولاقوه إلا بالله . إلى أن جاء دوره مع تحرك ( الجندرمة التركية ) على الحدود وملاحقة من يدخل أراضيها واستهدافه بالنيران الحية وليست المطاطية . يتوجس أبو عبيدة خائفاً بعد أن رأى قصصاً أمام عينيه لكنه مصرٌ على الدخول حيث الأمان والبعد عن جحيم وسعير الحرب وأناته . يأتي دوره فيسحب أمه على مهلٍ وينزل في الحفرة التي تبدأ بعدها الراحة والطمأنينة . لكن أطلقت الجندرمة التركية النار فأصابت أمه وأردتها قتيلةً . ما كان من أبو عبيدة إلا أن حملها وعاد من حيث نزل ودفن أمه وبقي في وطنٍ لا يعرف النور طريقاً إليه .
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مجزرة وقعت في حي القابون راح ضحيتها العديد من المدنيين بين شهيد و قتيل حيث أعتمدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في إعداد هذا التقرير بشكل رئيسي على زيارة ميدانية لموقع الحادثة قام بها عضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مدينة دمشق الدكتور “مجد المصري“ حيث اجتمع وعالج عدد من المصابين وهم ضحايا للقصف، وشاهد وعاين جثث القتلى.
في يوم الجمعة الموافق 16/حزيران/2014م, أقدمت قوات النظام السوري على استهداف يبدو متعمدا لحفل زفاف جماعي لاثنين من شباب الحي،حيث سقطت قذيفتا هاون من العيار الثقيل على مكان تجمع المحتفلين, مما تسبب بمقتل ثمانية منهم ,كما أصيب أكثر من 40 آخرين، تزامن ذلك مع قصف الحي بعدة حشوات B10 على الطريق العام لتخويف الأهالي، كما قام
القناص المتمركز فوق مبنى قيادة الوحدات الخاصة بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي على مباني الحي.
أظهرت التحريات بأن قوات النظام السوري كانت على علم بشكل دقيق بمكان وزمان الحفل، فتعمدت استهداف المنطقة من أجل قتل وجرح أكبر عدد من أهالي الحي، ونشير إلى أن قوات النظام السوري قامت باستهداف حفل زفاف آخر في يوم الخميس 15 حزيران، حيث سقط بعض الجرحى، ولم نسجل سقوط قتلى. ويبدوأنمثلهذهالحوادثلإرهابوتخويفأهاليالحيلإجبارهمعلىالقبولبالهدنةوالمصالحةوفقالآليةالتييريدهاالنظامالسوري.
عضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان الدكتور “مجد المصري” كان متواجدا في حي القابون في ذلك اليوم, وزار موقع الحادثة:
“توجهت بعد عصر يوم الجمعة إلى حي القابون برفقة أحد الأصدقاء، وفي طريق الذهاب رأيت سيارة تحمل فرقة “عراضة شامية “, وتبين لنا أنها كانت متجهة إلى حفل زفاف اثنين من شباب الحي بالقرب من الجامع الكبير. وعند خروجي من الحي عند غروب الشمس, رأيت العديد من السيارت تتجه نحو منطقة الجامع الكبير، ورأيت العشرات من الأشخاص تتجمع وهم في حالة فزع كبير, سألت عن الأمر فعلمت أن منطقة الحفل قد قُصفت بقذائف هاون، وقد تبين لنا فيما بعد أن مصدرها فرع الوحدات الخاصة الواقع على حدود حي القابون , وبعد قليل سمعنا دوي انفجار آخر تبين أنه ناتج عن سقوط قذيفة أخرى في ذلك المكان, اتجهت نحو المشفى الميداني وكان عشرات الناس متجمعين خارج المشفى, ثم دخلت المشفى فكان المنظررهيباً,الدماءمنتشرةعلىالأرضوعلىالجدرانوعلىالاسّرة,عددمنًالقتلىعلىالأرضمضرجينبدمائهم، والجرحىيعانونمنألم الإصابات,أحصيتبنفسيأكثرمنخمسةعشرجريحاموزعينعلىالأسّرةوعلىالأرض. سارعت لأتفقد حال المرضى فكانت إصاباتهم مختلفة, فاتجهنا لمعالجة الجرحى الأكثر خطورة: -كان هناك شاب ملقى على الأرض وهو فاقد الوعي قام أحد الزملاء بتنبيبه و قمت بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي ولكن و بعد عدة محاولات فاشلة لاحظنا توسع الحدقة وتوقف القلب, فاستشهد ذلك الشاب وأصحابه حولي يحاولون الكلام معه و ينادونه باسمه علاء ولكن دون جدوى ...لقد فقدنا أول جريح. اتجهت إلى سرير آخر, وكان عليه جريح تنزف منه الدماء بشدة, فسألت الطبيب عن حالته, فأخبرني أنه قد فارق الحياة هو الآخر. ثم اتجهت الى جريح آخر عنده بعض الجروح في وجهه, قمت بإجراء الخياطة، وكان يشكو كذلك من عدة شظايا في جسمه, وبعد أن انتهيت, قمت بإجراء الخياطة لجريح آخر عنده بعض الجروح في وجهه وكانت رجله مكسورة و تنزف بشدة, حيث تم وضع رباط ضاغط على منطقة النزف. الجرحى كانوا يتوافدون كل خمس دقائق, ولم يبق مكان لاستقبال أي جريح, فقام المسعفون بوضعهم على الأرض. بعض الحالات كانت حرجة جداً، وقد وصل, بعد حوالي ساعة, فريق من الهلال الأحمر السوري, ونقل عدة حالات خطرة إلى مشافي أخرى . وساهم الأهالي والنشطاء بنشر الخبر و طلب المساعدة و النجدة، فقدم فريق طبي من حي برزة المجاور ليساعد فريق القابون الطبي، وتم تحويل عدة حالات الى طبية حي برزة، وكان مرافقو المرضى يحاولون مساعدة الأطباء بأي شي يستطيعون القيام به، فيمسكون معهم الشاش والسيروم ويحاولون تنظيف الجروح لأصدقائهم في الوقت الذي كان الناس يتوافدون للمشفى ليتبرعوا بالدم.
حاولت جمع معلومات حول تفاصيل الحادث من شهود عيان فسالت بعض الجرحى عما حدث ،فأخبرني الجريح “عبد الله”: “ كنت أسير في الشارع فسقطت قذيفة هاون تسببت في إصابة عدد كبير من الجرحى داخل الحفل، ركضت لمساعدتهم ،وأنا هناك سقطت قذيفة أخرى فوقنا، وأصبت بجروح، وأصبحت بحاجة إلى من يسعفني، ثم نقلوني الى المشفى.”
الاختفاء القسري جريمة متعددة الأبعاد كون أثرها لايتوقف عند الضحية نفسه بل يمتد ليشمل أقرباءه بل وحتى أصدقاءه، ولسوريا تحديداً تجربة اجتماعية غاية في الألم والمرارة، عقب ارتكاب نظام حافظ الأسد مجزرة حماة المروعة في شباط/1982، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف منً المواطنين السوريين،وخلفت مالا يقل عن 22 الف من ألمفقودين والمختفين قسريا بحسب تقديرات حقوقيين في تلك المرحلة، ولا يعلم حتى اللحظة هل هم أحياء أو أموات، حيث لم تقم الحكومة السورية بالكشف عن مصيرهم، أو القيام بأي تحقيق في ذلك، بل تركت تبعات وآثار كل ذلك تتفشى ظواهر اجتماعية ونفسية غاية في الألم والقسوة على أبناء المحافظة، فلا يعلم أهل المختفي أي شيء عن مصيره، وقد ينتظرون سنوات عدة على أمل أن يعود يوماً ما، وخصوصاً أن نظام حافظ الأسد -وزيادة في المعاناة- كان يخرج كل بضعة سنوات شخصاً أوعدة أشخاص كانوا في عداد القتلى بالنسبة لذويهم فإذا هم أحياء، فيبعث روح الأمل الممزوج بالمعاناة لعشرات آلاف الأُسر الأخرى، وتبدو المعاناة على أشدها عندما يكون المختفي متزوجاً قد ترك وراءه زوجة لا تدري أتنتظر زوجها الذي سيخرج من سجنه عما قريب أم أنه في عداد الموتى، وعديدة هي الحالات التي تزوجت فيها نساء المختفين من غيرهم فإذا بالمختفي يعود من معتقله بعد بضع سنوات من الاختفاء، إضافة إلى أن
الشخص المختفي قد يكون معيلاً لأسرة كاملة. سار نظام الابن بشار الأسد على خطى سياسة والده بل على نحو أشد اتساعاً لتشمل سياسته تلك جميع المحافظات السورية، حيث يستخدم جريمة الاختفاء القسري كسلاح حرب لإرهاب الحراك الشعبي والمعارضة على حد سواء. وحتى بعد خروج الشخص المختفي من المعتقل فإن آثار ذلك النفسية والاجتماعية تمتد لسنوات وتهدد كامل مسيرة حياته.