في بلد أنهكته سنوات الحرب، يواصل السوريون إطلاق مبادرات فردية وجماعية تعبّر عن حبهم العميق لوطنهم واستعدادهم لبذل الجهد والتضحية في سبيل إعادة الإعمار وتطوير ما يمكن إصلاحه بعد سقوط نظام الأسد، حتى ولو كان ذلك على حساب وقتهم وراحتهم وصحتهم، هذه المبادرات التي باتت تبرز على منصات التواصل الاجتماعي تحظى بإشادة واسعة من السوريين الذين عبّروا عن إعجابهم بها وتمنّوا تعميمها في مختلف أنحاء البلاد.
من عفرين إلى معرّة مصرين… صور متجددة للوعي الشعبي
على الطريق بين حلب وعفرين، لفت الأنظار طفل صغير يطلي مطباً خفياً بالكاد تميّزه العيون، لم يكن مجرد مشهد عابر، بل مبادرة نابعة من شعور عميق بالمسؤولية ووعي استثنائي في سن مبكرة، الطفل أدرك أن هذا المطب قد يتسبب بحوادث خطيرة، فتحرك وحده ليحمي المارة والسائقين من الخطر.
وفي طريق معرّة مصرين، انتشر مقطع فيديو يظهر شابين أنيقين يترجلان من سيارتهما ليس لإصلاح عطل، بل لردم حفرة تهدد سلامة العابرين. عملا بهدوء وغادرا من دون انتظار شكر أو تقدير، ليقدما درساً في النخوة والتكافل.
دير الزور… رسالة أمل من مدرسة مهجورة
في مقطع فيديو آخر من دير الزور، ظهر رجل برفقة زوجته وأطفاله وهو ينظّف إحدى المدارس المهجورة رغم أن أطفاله لم يكونوا مسجلين فيها. بكلمات بسيطة لكنه مؤثرة قال: «ما عندي شي أقدمه لدير الزور غير إني أنضف المدرسة»، مجسداً بعمله الصامت معنى الانتماء الحقيقي وروح البناء من تحت الركام.
رمزية المبادرات وأثرها المجتمعي
هذه المبادرات، رغم بساطتها، تحمل رمزية أكبر من حجمها الظاهري. فهي ليست مجرد أفعال فردية عابرة، بل تعبير صادق عن وجدان جماعي يرى في العمل – مهما كان صغيراً – فعل مقاومة وإثبات وجود. حين يقوم طفل بدهن مطب، أو شاب بردم حفرة، أو أب بتنظيف مدرسة، فإن الرسالة واضحة: حب الوطن لا يحتاج إلى ميزانية بل إلى ضمير حيّ.
تشكّل هذه المشاهد اليومية مؤشراً على بقاء جذوة الأمل في المجتمع السوري رغم سنوات الحرب. إنها دليل على أن الوعي الشعبي والنخوة الفردية يمكن أن يتحولا إلى قوة ناعمة تدعم جهود الدولة والمجتمع المدني في إعادة الإعمار وبناء ثقافة احترام المكان العام، وهذه المبادرات الصغيرة هي في الحقيقة لبنات أساسية لإعادة ترميم الثقة والروح الوطنية، ورسالة إلى الداخل والخارج بأن سوريا ما زالت تنبض بالحياة وتملك إرادة النهوض.
تحت رعاية محافظ السويداء الدكتور "مصطفى البكور" وبحضور وإشراف الشيخ "ليث وحيد البلعوس"، عاد فرن المزرعة بريف السويداء للعمل بعد أشهر من التوقف، في خطوة تهدف إلى دعم الأهالي وتعزيز صمودهم في مناطق الريف.
المخبز الآلي، الذي افتتح بمشاركة أهالي قرية المزرعة، يمثل جهداً مشتركاً بين المحافظة وممثلي مضافة الكرامة لتعزيز الخدمات الأساسية للأهالي، وتوفير مستلزمات الخبز بشكل مستمر، ما يسهم في تحسين حياة السكان المحليين ويدعم عودة الحياة الطبيعية إلى القرى التي عانت من التوقف السابق.
وفي حديثه خلال افتتاح الفرن، وجه محافظ السويداء رسالة طمأنة للأهالي، مؤكداً أن بيوتهم تنتظرهم، وأن العمل جارٍ على توفير كل السبل اللازمة لعودة المهجّرين إلى مناطقهم معززين مكرمين.
من جانبه، أشار "ليث البلعوس"، ممثل مضافة الكرامة في السويداء، في منشور على فيسبوك إلى أن افتتاح مخبز المزرعة الآلي خطوة جديدة في خدمة الأهالي وتعزيز صمودهم، مؤكداً أن المضافة تعمل بكل جهد لإعادة المهجّرين إلى منازلهم والمساهمة في إعمار المحافظة.
وأضاف أنه خلال الزيارة تمكن من الاطلاع على الواقع الميداني في منازل الأهالي المهجّرين وزيارة ضريح والده الشهيد شيخ الكرامة أبو فهد وحيد البلعوس، مستذكراً التضحيات التي قدمها والدُه، ومؤكداً أن مسيرة الكرامة ستستمر.
واختتم البلعوس رسالته بالتأكيد على أن السويداء ستبقى عامرة بأهلها وشامخة بكرامتها، وأن جميع الجهود موجهة لضمان عودة المهجّرين واستعادة الحياة الطبيعية في المحافظة.
وأكد محافظ السويداء الدكتور "مصطفى البكور"، في تصريح رسمي يوم الأربعاء 10 أيلول/ سبتمبر أن الحكومة السورية، وعلى رأسها وزارة الطوارئ، تتابع أوضاع الأهالي المهجّرين من قراهم، سواء أولئك المقيمين في مراكز الإيواء المؤقتة بمحافظة درعا أو داخل مدينة السويداء.
ولفت إلى أنه تم توجيه المنظمات الإنسانية والهلال الأحمر العربي السوري لتأمين إغاثة عاجلة تلبي الاحتياجات الأساسية في هذه المرحلة الصعبة وأوضح أن العمل يجري على إعداد خطة شاملة لإعادتهم إلى قراهم وممتلكاتهم بما يضمن استقرارهم واستعادة حياتهم الطبيعية، مع توفير جميع مقومات العودة الآمنة والكريمة.
وشدد المحافظ على أن معاناة التهجير خبرها أهالي السويداء وعاشوا قسوتها، الأمر الذي يضاعف مسؤولية الدولة في تسريع خطوات الإغاثة والإعمار، ويعزز الالتزام بتمكينهم من العودة إلى ديارهم بالشكل الأمثل.
من جهته، قال المتحدث باسم عشائر السويداء "مصطفى العميري"، إن المجموعات الخارجة عن القانون لا تزال تحتجز أكثر من ألف وخمسمئة أسير من مختلف المكونات، بينهم أطفال ونساء وعناصر من قوى الأمن الداخلي، داعياً الحكومة السورية إلى التحرّك العاجل لتحريرهم.
وأكد "العميري" في حديثه إلى وسائل إعلام محلية أن العشائر تطالب بعودة العائلات المهجّرة إلى منازلها في السويداء، وترفض أي محاولة للتقسيم، متمسكة بالوحدة الوطنية.
وكانت محافظة السويداء قد كثّفت خلال الأسابيع الماضية من نشاطها الميداني عبر جولات تفقدية للمحافظ برفقة قائد قوى الأمن الداخلي على مراكز الإيواء المؤقتة في ريف درعا للاطلاع على احتياجات المهجّرين والعمل على معالجتها.
فيما جرى توجيه قوافل مساعدات إنسانية بالتنسيق مع الهلال الأحمر العربي السوري والأمم المتحدة، حيث دخلت المحافظة عدة شحنات إغاثية تضمنت مواد غذائية وأدوية ولوازم متنوعة.
إلى جانب استمرار إدخال قوافل تجارية وصهاريج محروقات عبر طريق دمشق–السويداء بعد إعادة افتتاحه مؤخراً، لتلبية المتطلبات المعيشية والخدمية. وفي السياق ذاته، تتابع الورشات الفنية إصلاح الأفران وتأهيل آبار المياه في ريف المحافظة، مع تركيب منظومات طاقة شمسية لتأمين تغذية مستدامة بالمياه.
ويأتي ذلك في ظل جهود حكومية معلنة وفي وقت تحرص فيه المحافظة على ضمان استمرار صرف رواتب العاملين، ومتابعة مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالكهرباء والخدمات الأساسية، في إطار خطة أوسع لإعادة الحياة إلى المناطق التي هجرت عائلاتها.
أعلن رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية، الأستاذ "محمد عمر قديد"، عن إطلاق منصة إلكترونية متخصصة لتلقي الشكاوى والبلاغات من المواطنين، في خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية وتطوير قنوات التواصل مع الجمهور، بما يسهم في حماية المال العام ومكافحة الفساد.
وأشار الأستاذ إلى أن المنصة الإلكترونية تمثل أداة حديثة وآمنة تتيح للمواطنين تقديم بلاغاتهم وشكاويهم المتعلقة بالجهات العامة بشكل مباشر وسري، مع ضمان متابعة دقيقة للتحقق من صحة البلاغات ومعالجتها وفق الإجراءات القانونية المعمول بها.
وأكد أن هذه الخطوة تأتي ضمن التوجهات الوطنية لتعزيز الحوكمة الرشيدة والإدارة الفعالة، وتعكس التزام الجهاز بالتحول الرقمي واعتماد أفضل الممارسات في العمل الرقابي.
وأوضح أن المنصة ليست مجرد أداة تقنية، بل هي جسر حقيقي للتواصل بين المواطنين والجهاز الرقابي، مشدداً على أن التعامل مع الشكاوى سيكون بجدية وشفافية لضمان متابعة المخالفات وحماية المال العام.
وأكد أن صوت المواطن يمثل شريكاً أساسياً في الرقابة، وأن مساهمته عبر المنصة الإلكترونية تشكل خط الدفاع الأول عن المال العام، ودعا رئيس الجهاز جميع المواطنين إلى استخدام المنصة الإلكترونية بوعي ومسؤولية، بهدف بناء بيئة أكثر نزاهة وشفافية، بما يعود بالنفع على المجتمع بأسره.
وكانت أعلنت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في سوريا عن قرب إطلاق منصة إلكترونية جديدة مخصصة لاستقبال الشكاوى ضد الجهات العامة والخاصة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية وتسهيل وصول المواطنين إلى القنوات الرقابية.
وخلال اجتماع ضم معاونيه ومديري الرقابة الداخلية في الوزارات، أوضح رئيس الهيئة عامر العلي أن المنصة ستتيح للمواطنين تقديم شكاوى مباشرة عبر منظومة رقمية مؤتمتة، بما يسهم في تجاوز الروتين الإداري، وتسريع الاستجابة، والحد من الأخطاء.
الاجتماع ناقش أيضاً سبل تحديث آليات العمل الرقابي وتطوير الأداء بما يواكب متطلبات المرحلة، مع التشديد على حماية المال العام وترسيخ ثقافة النزاهة والمصداقية داخل المؤسسات الحكومية.
وكشف عن خطة شاملة لتحويل الهيئة إلى مؤسسة رقمية بالكامل، تتضمن إعادة هيكلة داخلية وإنشاء مديريات جديدة للتعاون الدولي، والتخطيط والإحصاء، والدراسات والأبحاث، وذلك في إطار دعم جودة الأداء وتوسيع نطاق الرقابة.
وفي إطار التنسيق المشترك بين المؤسسات الحكومية، بحث وزير التنمية الإدارية السيد "محمد حسان السكاف" مع رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش السيد "عامر العلي" آلية التعاون لتطوير الأداء المؤسسي في الهيئة، ورفع كفاءة العمل الرقابي والتفتيشي.
وتركز النقاش على مقترح الهيكل التنظيمي الجديد للهيئة، وضرورة تطويره ليكون أكثر مرونة وفاعلية، إضافة إلى التأكيد على أهمية تدريب الكوادر الحالية ورفد الهيئة بعناصر جديدة مؤهلة، ومناقشة سبل تعزيز الرقابة على الالتزام بضوابط وقوانين الموارد البشرية في الجهات العامة، مع الاستفادة من التجارب الإقليمية في مجالي التدريب والرقابة.
وكانت نظّمت محافظة دمشق، بالتعاون مع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، ملتقى نوعياً جمع مدراء المديريات المركزية في المحافظة، لبحث آليات تطوير العمل الإداري وتحسين التنسيق بين الجهات الرقابية والتنفيذية.
أكد عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والمواصلات بمحافظة دمشق، "وسيم المبيض"، أن المحافظة شكلت لجنة مشتركة تضم فرع المرور والمؤسسة العامة لنقل الركاب وهندسة المرور والتموين، لتتابع جميع الأمور المتعلقة بالنقل الداخلي، بما في ذلك تحديد التعرفة لجميع خطوط النقل، والتي يبلغ عددها نحو 52 خطاً في مختلف أرجاء المحافظة.
وأشار إلى أن تحديد التعرفة يتم عبر برنامج إلكتروني يأخذ بعين الاعتبار طول المسافة بين نقطتي الانطلاق والنهاية، وعورة الطريق، وحالات الصعود والنزول لمستخدمي الحافلات، بالإضافة إلى استهلاك المركبة للزيت والمحروقات ومعدل الاهتلاكات في الإطارات والبطاريات والمكونات الميكانيكية والكهربائية.
وأكد أن اللجنة بصدد تعديل التعرفة الحالية نحو الانخفاض بما يتناسب مع التغيرات الأخيرة في أسعار المحروقات وسعر الصرف، مشيراً إلى أن الاجتماع الأخير للجنة الأسبوع الماضي أقر اقتراحاً لتخفيض التعرفة على جميع الخطوط، لكن ارتفاع أسعار المحروقات وتبدل سعر الصرف استدعى التريث قبل تنفيذ المقترح، مع إعادة دراسة التعرفة المقترحة لضمان عدالة التسعير.
ومن المتوقع أن يتم توزيع لصاقات جديدة تحدد التعرفة لكل خط بعد الانتهاء من مراجعة الأسعار والموافقة النهائية، بهدف التخفيف من العبء المالي على المواطنين وضمان توافق التعرفة مع الواقع الاقتصادي الحالي، ما يمثل خطوة عملية نحو حماية دخل المواطنين وتحسين قدرة النقل الداخلي على الاستمرار في تقديم خدماته.
وتشكل التعرفة التي يتقاضاها سائقو المركبات العاملة على النقل الداخلي، سواء كانت سرافيس أو ميكروباصات، واحدة من أبرز القضايا اليومية التي تؤرق المواطنين، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود.
وفي ظل ارتفاع أسعار المازوت وفواتير الصيانة والاهتلاكات المتكررة في المركبات، يشعر عدد من الركاب بأن التعرفة الحالية لا تتناسب مع قدرتهم المالية، خاصة مع استخدام وسائل النقل الجماعي بشكل يومي.
أعلن المجلس السوري الأميركي عن نجاحه، بالتعاون مع عدد من حلفائه في مجلس الشيوخ الأميركي، في طرح مادة تشريعية تهدف إلى إلغاء قانوني العقوبات الأميركيّة المفروضة على سورية منذ عهد نظام بشار الأسد، وهما “قانون محاسبة سورية” الصادر عام 2003، و”قانون محاسبة النظام على انتهاكات حقوق الإنسان” الصادر عام 2012.
وأشار المجلس في بيان رسمي نشره عبر حسابه على منصة “إكس” إلى أن هذين القانونين، رغم تجميد مفاعيلهما مؤخرًا، ما يزالان ساريين من الناحية القانونية، مما يتطلب العمل على إلغائهما بشكل كامل ضمن الأطر التشريعية الأميركية.
وأكد البيان أن هذا التحرك يأتي استكمالًا لجهود رفع العقوبات عن الشعب السوري، وتعزيز مسيرة التعافي الاقتصادي في سورية الحرة بعد سقوط نظام الأسد.
وأوضح المجلس أن قانون عام 2003، الذي أقرّه الكونغرس الأميركي ووقّعه الرئيس الأسبق جورج بوش، جاء كرد على سياسات النظام السابق، وفرض حينها قيودًا مشددة شملت حظر الصادرات ذات الاستخدام المزدوج، وتقييد نشاط الشركات الأميركية في سورية، وتجميد الأصول السورية داخل الولايات المتحدة، إلى جانب فرض قيود على حركة الدبلوماسيين السوريين داخل الأراضي الأميركية، وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
أما القانون الثاني، الصادر في عام 2012، فجاء في سياق القمع العنيف الذي واجه به نظام الأسد الاحتجاجات السلمية، وتوثّقت خلاله انتهاكات جسيمة شملت الاعتقال والتعذيب والقتل بحق المتظاهرين، إلى جانب استخدام منظومات الرقابة والتجسّس لقمع النشاط المدني والإعلامي.
وبيّن البيان أن هذا القانون منح الإدارة الأميركية صلاحيات إضافية لمعاقبة شخصيات تابعة للنظام الضالعة في الانتهاكات، واستهداف المؤسسات الاقتصادية التابعة له، بما في ذلك المصرف المركزي وقطاع النفط. كما نصّ على دعم المجتمع المدني السوري، والمؤسسات المعارضة، ووسائل الإعلام المستقلة.
وأشار البيان إلى أن مفاعيل القانونين مجمّدة حاليًا بفضل صدور الرخصة العامة رقم 25 عن وزارة الخزانة الأميركية في شهر أيار/مايو الماضي، وقرار وزارة التجارة في الشهر الذي تلاه، إلا أن تجميد المفاعيل لا يعادل الإلغاء الكامل، وهو ما يدفع بالمجلس وحلفائه إلى متابعة المسار التشريعي لإتمام هذه الخطوة.
وختم المجلس السوري الأميركي بالتأكيد على أن هذا المسعى لا يعني رفع العقوبات عن بشار الأسد أو المقربين منه، بل يهدف إلى تخفيف القيود عن الاقتصاد السوري، ودعم مرحلة ما بعد النظام، وتمكين الشعب السوري من بناء مستقبله بعيدًا عن سياسات العقاب الجماعي التي كان يتحملها بسبب جرائم السلطة السابقة.
تتصدر المدينة الصناعية في حسياء المشهد الصناعي السوري مع تزايد الطلب على المقاسم الاستثمارية، مستفيدة من موقعها الجغرافي الذي يتوسط البلاد ويجعلها نقطة جذب طبيعية للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب، خصوصاً بعد مرحلة التحرير التي فتحت الباب واسعاً أمام إعادة تفعيل النشاط الصناعي.
وصرح المدير العام للمدينة الصناعية، "طلال زعيب"، أنّ الإقبال الكبير على حجز المقاسم يعود إلى سرعة تجاوب الإدارة مع متطلبات المستثمرين سواء من حيث دراسة الرغبات أو تسهيل الإجراءات الفنية والإدارية.
وأشار إلى أنّ عدد الاستثمارات منذ بداية التحرير وحتى اليوم تجاوز 120 مقسماً، في حين لم يسجل أي استثمار خلال العام الماضي، ما يعكس بداية عودة الحياة الصناعية إلى المدينة بعد سنوات الجمود.
ولفت إلى أن الطموح يتجاوز حدود إعادة النشاط فحسب، إذ تسعى المدينة لأن تكون أول مدينة صناعية ذكية في الشرق الأوسط، عبر خطوات عملية باتجاه التحول الرقمي وأتمتة العمل في مختلف المفاصل، بما يحوّل حسياء إلى حاضنة إستراتيجية للمشاريع الكبرى وبوابة استثمارية واعدة في سوريا والمنطقة.
وتتبلى المؤشرات على عودة النشاط الصناعي كذلك في أرقام مديرية صناعة المدينة، التي سجلت منذ مطلع تموز الماضي وحتى اليوم 42 ترخيصاً صناعياً جديداً توزعت على عشرة تراخيص للقطاع الغذائي، واثنين وعشرين للهندسي، وستة للكيميائي، وترخيص واحد للقطاع النسيجي.
إضافة إلى 41 قرار تمديد لتراخيص سابقة كما تمت المصادقة على 4414 شهادة منشأ للدراجات النارية، في دلالة واضحة على تعافي قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز بيئة الإنتاج.
ولا يقتصر الاهتمام على المستثمرين المحليين، إذ تؤكد إدارة المدينة أن مستثمرين عرباً وأجانب دخلوا بقوة إلى السوق، وأن بعضهم في طور الحجز والتشييد العملي لمعامل ومصانع جديدة، ما يفتح المجال أمام تنويع القاعدة الإنتاجية وجذب رؤوس الأموال الخارجية.
وتبدو حسياء الصناعية بهذا الحراك المتسارع في طريقها لتثبيت موقعها كأبرز واجهة صناعية في سوريا ما بعد التحرير وإسقاط النظام البائد، ومركز استقطاب استثماري يستند إلى بنية تنظيمية مرنة وطموحات للتحول الرقمي، ما يمنحها موقعاً تنافسياً قد يتجاوز حدود البلاد نحو الإقليم بأسره.
وتشهد المدن الصناعية السورية في عدرا وحلب وحسياء حراكاً استثمارياً متصاعداً، يعكس جهود الحكومة في استعادة النشاط الصناعي وتعزيز البيئة الاستثمارية رغم التحديات، وذلك من خلال مشاريع بنية تحتية وتسهيلات جديدة للمستثمرين، وسط إقبال لافت على المقاسم الصناعية وطلبات التخصيص.
وكان أكد مدير مدينة عدرا الصناعية، المهندس "سامر السماعيل"، أن حجم الاستثمارات المرخصة منذ بداية العام وحتى نهاية النصف الأول من 2025 بلغ نحو 1052 مليار ليرة سورية، في مؤشر واضح على ثقة المستثمرين بالبيئة الصناعية المتاحة.
في محافظة حلب، تسارعت جهود الحكومة لإعادة تشغيل منشآت المدينة الصناعية في الشيخ نجار، حيث عاد الإنتاج إلى 960 منشأة صناعية، ضمن خطة تهدف إلى تحفيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل.
وأعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة عن فتح باب الاكتتاب على المقاسم في المدينة، اعتباراً من 29 حزيران وحتى 17 تموز 2025، بالتوازي مع ورشة عمل عُقدت بحضور صناعيين وخبراء لمناقشة التحديات والمقترحات التنموية، في خطوة لتفعيل دور حلب الصناعي مجدداً.
هذا وتشير المعطيات الواردة من المدن الصناعية إلى عودة تدريجية للعجلة الإنتاجية في سوريا، وسط حاجة متزايدة لتوسيع التسهيلات أمام المستثمرين، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتحقيق توازن بين البنية التحتية واستقرار الإمدادات الخدمية.
ويُذكر أن وزارة الاقتصاد والصناعة أقرّت في 18 حزيران الجاري نظام الاستثمار الجديد الخاص بالمدن الصناعية، بهدف خلق بيئة أكثر جذباً للاستثمارات، وتعزيز مساهمة القطاع الصناعي الوطني، إلى جانب استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وتوطين التكنولوجيا والخبرات الصناعية الحديثة داخل سوريا.
أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تحاول استغلال الأزمة التي خلقتها إسرائيل في سوريا لتحقيق مكاسب خاصة بها، مشيراً إلى أن أنقرة تمتلك تقييماً واضحاً لما يجري على الساحة السورية.
وقال الوزير التركي في مؤتمر عقد الجمعة في معهد العلاقات الدولية بالعاصمة الإيطالية روما إن «التوصل إلى اتفاق بين قسد والحكومة في دمشق سيكون أمراً جيداً، فقد سبق أن وقعوا اتفاقاً في 10 آذار، ورغم أننا لم نكن راضين بالكامل عن بنوده إلا أن التزام الطرفين به سيعود بالفائدة».
وأضاف فيدان أن «قسد» تتباطأ في دفع الاتفاق مع دمشق إلى الأمام وتراهن على الأزمة التي خلقتها إسرائيل لتحقيق فرص جديدة، موضحاً أنهم يظنون أن نشوء موجة جديدة من عدم الاستقرار في سوريا سيخدم مستقبلهم.
وأشار إلى أن بلاده ترى عدداً كبيراً من عناصر حزب العمال الكردستاني (PKK) يأتون من العراق وإيران للعمل مع «قسد»، مؤكداً أنهم ليسوا هناك من أجل سوريا بل لمحاربة تركيا، وأن استمرار هذه التهديدات سيدفع أنقرة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأوضح الوزير التركي أن أنقرة تمنح كلاً من دمشق و«قسد» فرصة لمعالجة خلافاتهما والمساهمة في استقرار سوريا العام، وفي الوقت نفسه تبديد المخاوف الأمنية التركية، مؤكداً أن بلاده تستخدم كل الأدوات المتاحة للتوصل إلى هذا الهدف عبر الطرق السلمية، لكنها في النهاية تضع أمنها الوطني فوق كل اعتبار، وإذا ساءت الأمور فقد لا يتبقى أمامها بديل آخر.
وسبق أن شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها خلال الذكرى الـ954 لمعركة ملاذكرد على أن الحل في المنطقة لا يكون إلا عبر الحوار والدبلوماسية، مؤكداً أن تركيا هي الضامن لأمن وسلامة الأكراد كما لبقية المكونات السورية، وأن من يتجه نحو أنقرة ودمشق هو الرابح. وأضاف أن بلاده احتضنت ملايين العراقيين والسوريين وستبقى ملاذاً آمناً للمظلومين، وستواصل دعم الشعب السوري لتحقيق الاستقرار والأمن.
تكشف تصريحات فيدان عن رؤية تركية تعتبر أن «قسد» تحاول استغلال الظرف الإقليمي لصالحها، في وقت تواصل فيه أنقرة الضغط للحفاظ على أمنها القومي ومنع تشكل أي تهديد على حدودها الجنوبية.
ويعكس حديث أردوغان تمسك أنقرة بالمسار الدبلوماسي والحوار كحل نهائي للأزمة السورية، رغم استعدادها لاتخاذ خطوات عسكرية إذا اقتضى الأمر. هذه المواقف تؤشر إلى مرحلة جديدة قد تشهد إما توافقات أمنية وسياسية أو تصعيداً ميدانياً تبعاً لمسار التفاهمات بين دمشق و«قسد».
مع اقتراب العام الدراسي الجديد، يجد السوريون أنفسهم أمام تحدٍ اقتصادي جديد يثقل كاهلهم، إذ ارتفعت أسعار المستلزمات المدرسية بشكل غير مسبوق، ما جعل تجهيز الطالب الواحد يحتاج إلى ميزانية مستقلة قد تصل إلى 700 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ يتجاوز دخل معظم الأسر لعدة أشهر.
في مدينة حماة وريفها، اصطدمت العائلات بواقع الارتفاع الكبير في أسعار الحقائب التي تراوحت بين خمسة وأربعين ألفاً ومئتي ألف ليرة، فيما بلغ سعر البدلة المدرسية للمرحلة الابتدائية ما بين خمسة وسبعين ومئة وثلاثين ألف ليرة سورية.
أما الأحذية فقد تراوحت أسعارها بين خمسين ومئة ألف ليرة. حتى الدفاتر البسيطة لم تعد في متناول الجميع، إذ يبدأ سعر الدفتر الصغير من ثلاثة آلاف ليرة ويزداد بحسب الحجم والنوعية، ما جعل تجهيز الطالب الواحد يكلف ما بين خمسمئة إلى سبعمئة ألف ليرة.
وفي طرطوس حاولت مديرية التجارة الداخلية التدخل من خلال جولات رقابية على المكتبات ومحال القرطاسية، ونظمت ضبوطاً بحق المخالفين لعدم الإعلان عن الأسعار أو لعدم وجود فواتير نظامية، إلا أن هذه الإجراءات لم تمنع استمرار الارتفاع.
حيث تراوحت الحقائب المحلية بين أربعين وخمسة وسبعين ألف ليرة، بينما بلغت أسعار الحقائب المستوردة ما بين مئة ومئة وخمسين ألف ليرة، وهو ما أبقى تكاليف المستلزمات فوق طاقة معظم الأسر.
وأما في درعا، فقد لجأ الأهالي إلى البسطات الشعبية كخيار أقل كلفة مقارنة بالمكتبات، حيث يصل فارق السعر إلى نحو ثلاثين في المئة. فعلى سبيل المثال تباع الحقيبة على البسطة بخمسين ألف ليرة، بينما يتجاوز سعرها في المكتبات سبعين ألفاً، كما تنخفض أسعار الدفاتر الصغيرة على البسطات إلى ألفين وخمسمئة ليرة مقابل ثلاثة آلاف ليرة في المحلات.
وفي حلب، أعلنت المؤسسة السورية للتجارة عن تخصيص صالات لبيع القرطاسية بأسعار وُصفت بأنها "تنافسية"، غير أن الفارق لم يكن كبيراً، إذ عرضت الحقائب بأسعار تراوحت بين ستين ومئة ألف ليرة، وهو ما يبقى بعيداً عن قدرة الأسر محدودة الدخل التي كانت تأمل بتخفيضات ملموسة.
ويزيد من معاناة الأهالي غياب المعارض المدرسية التي اعتادوا على ارتيادها كل عام للحصول على عروض وتخفيضات، ما جعل تكلفة تجهيز أكثر من طالب في الأسرة الواحدة تصل إلى مليوني ليرة وربما أكثر، وهو رقم خارج عن المتناول في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
الانعكاسات لا تتوقف عند الجانب المالي فقط، بل تمتد إلى البعد النفسي والاجتماعي، حيث اضطر كثير من الأهالي إلى الاكتفاء بالضروريات أو تدوير المستلزمات القديمة، الأمر الذي حرم الأطفال من فرحة اقتناء حقائب أو أدوات جديدة، ما يترك أثراً سلبياً على معنوياتهم مع بداية العام الدراسي.
ويرى اقتصاديون أن الأزمة تعود في جوهرها إلى غياب الرقابة على تجار الجملة وربط الأسعار بتقلبات سعر الصرف، ما يجعل كل موسم دراسي أشبه بمعركة جديدة للعائلات السورية في سبيل تلبية أبسط احتياجات أبنائها.
أعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية يوم الجمعة 12 أيلول/ سبتمبر أن قسم شرطة البياضة في محافظة حمص تمكن، بعد تحريات ومتابعة دقيقة، من ضبط شبكة متخصصة بتزوير الوثائق لصالح شخصيات مرتبطة بالنظام البائد والفارين من العدالة، حيث جرى توقيف أفرادها وإحالتهم إلى القضاء المختص.
وأوضح رئيس قسم شرطة البياضة بحمص، "مصطفى دهمان"، أن العملية الأمنية أسفرت عن استدراج الشبكة وضبط كميات من الوثائق المزورة، إضافة إلى طابعات وحواسيب استخدمت في استخراج بطاقات شخصية وشهادات قيادة وإخراجات قيد فردية، مقابل مبالغ وصلت إلى نحو 100 دولار عن الوثيقة الواحدة.
وأشار "دهمان" إلى أن نشاط هذه الشبكات يندرج في إطار محاولات فلول النظام البائد التوارين عن الأنظار عبر وثائق مزورة، مؤكداً أن تلك المحاولات لم ولن تنجح، وأن العمل الأمني مستمر لملاحقة المطلوبين والقبض عليهم.
وافتتح محافظ حمص الدكتور "عبد الرحمن الأعمى" وقائد الأمن الداخلي في المحافظة العميد "مرهف النعسان" مؤخرا ثلاثة أقسام شرطة جديدة في أحياء الشماس والوعر بمدينة حمص، ومنطقة خربة التين في ريفها.
وجُهزت الأقسام بمرافق حديثة وصالات انتظار خاصة بالمراجعين، بعد أن شهدت أعمال تأهيل شاملة نتيجة ما تعرضت له هذه المراكز من سلب ونهب وحرق ليلة التحرير وأكدت الجهات المعنية أن إعادة الأقسام إلى الخدمة يهدف إلى تعزيز الأمن وتوفير خدمات شرطية أكثر فاعلية للمواطنين.
ويأتي افتتاح الأقسام الجديدة بالتزامن مع سلسلة من العمليات الأمنية التي نفذتها قوى الشرطة في المحافظة خلال الأسبوع الجاري، حيث تمكن قسم شرطة المحطة من إلقاء القبض على لص تورط بسرقة مصاغ ذهبي وجوازات سفر ومبلغ مالي، قبل أن تتم استعادة كامل المسروقات وتسليمها لصاحبها.
كما ألقت مديرية الأمن الداخلي ـ قسم باب السباع القبض على عصابة كانت تنشط في حي كرم الزيتون، بعد انتحالها صفة عناصر أمن داخلي وارتكابها عدة جرائم سلب، وضُبط بحوزتها أسلحة وذخائر ومواد مخدرة متنوعة.
وفي حادثة أخرى، أحبطت شرطة حمص عملية اختطاف على طريق لبنان، بعد أن حاولت مجموعة من المهربين خطف شابين ومطالبة ذويهما بفدية مالية قدرها عشرون ألف دولار أمريكي، حيث نجحت القوى الأمنية في تحرير المخطوفين بسلام والقبض على المتورطين.
وتؤكد هذه الخطوات المتتابعة أن الجهود الشرطية في حمص تتجه نحو تعزيز الأمن الداخلي، والتصدي الحازم لكل أشكال الجريمة، إلى جانب تطوير البنية الخدمية للمراكز الشرطية بما يضمن حماية المواطنين وتقديم خدمات أكثر سرعة وكفاءة.
أعلن وزير المالية في الحكومة السورية "محمد يسر برنية"، أنه شارك، مساء الجمعة، في افتتاح معرض "خان الحرير موتكس" النصف سنوي، المخصص لصناعة النسيج وتشجيع تصدير المنتجات السورية، والذي يضم نحو 220 شركة محلية عاملة في هذا القطاع.
وأوضح الوزير، عبر صفحته في "فيسبوك"، أنه يحرص دائماً على تلبية دعوات المشاركة في المعارض لما تمثله من أهمية في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.
مشيراً إلى أن ما ميّز هذا المعرض هو تنظيمه المشترك بين غرفة صناعة دمشق وريفها وغرفة صناعة حلب، معتبراً أن هذه الشراكة نموذج ينبغي تعزيزه.
كما لفت الوزير إلى مشاركة رجال أعمال من خارج سورية، تمت دعوتهم للاطلاع على المنتجات النسيجية السورية، مبدياً إعجابه بمستوى الجودة والتنافسية التي أظهرها العارضون.
وأكد أن صناعة النسيج في سورية تمتلك تاريخاً عريقاً وإرثاً اقتصادياً ستعمل الحكومة على استعادة ألقه، موضحاً أنه استمع لمطالب الصناعيين والتحديات التي يواجهونها، وأن الحكومة حريصة على تذليل العقبات أمام إعادة ازدهار هذا القطاع.
وأشار إلى أن النظام الضريبي الجديد سيحمل حوافز خاصة لدعم التصدير، موجهاً الشكر لوزارة الاقتصاد ووزارة الصناعة، إضافة إلى المؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية، على الجهود المبذولة في التحضير لهذا المعرض.
وسبق أن أعلن وزير المالية بتاريخ 30 حزيران/ يونيو الماضي، عن مجموعة من الخطوات والإصلاحات المرتقبة في سوق دمشق للأوراق المالية، تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في عمل السوق وتحفيز النشاط الاستثماري.
وفي ظل ترسيخ مرحلة جديدة بعد زوال النظام البائد، تؤكد وزارة المالية في الحكومة السورية أن الوضع المالي الحالي هو "إرث ثقيل"، نتيجة خراب المؤسسات وغياب السجلات المالية، إضافة إلى ديون خارجية تتراوح بين 20 و23 مليار دولار، فضلاً عن المديونية الداخلية.
ومع أن الوزارة لا تملك "عصا سحرية" كما عبّرت، إلا أن العمل جارٍ على معالجة الواقع الاقتصادي برؤية متدرجة، تستهدف أولاً استقرار سعر الصرف، وضبط التضخم، ثم دعم الإنتاج الوطني وتحسين الدخل.
ويذكر أن رغم أن تقلبات سعر الصرف لا تزال تؤرق المواطن السوري، فإن الدور الذي يلعبه مصرف سورية المركزي من خلال نشرات الأسعار الرسمية، وتنظيم العلاقة بين المصارف والمستوردين، هو حجر الأساس في استعادة الثقة بالعملة الوطنية وفي ظل الجهود الحكومية المعلنة لإصلاح مؤسسات الدولة، تبقى القدرة على ضبط السوق السوداء وتحقيق العدالة النقدية مرهونة بتكاتف الجهود الرسمية والقطاع الخاص، واستمرار الشفافية في التعامل مع الواقع المالي.
عاد اسم النقيب في صفوف ميليشيات نظام الأسد البائد "طلال عامر" إلى الواجهة في محافظة السويداء جنوبي سوريا، لكن هذه المرة بصفة الناطق الرسمي باسم قوات "الحرس الوطني" التي أعلن عنها الشيخ "حكمت الهجري" مؤخراً.
ولا يعتبر النقيب شخصية عابرة، بل ضابط سابق في الفرقة الرابعة، التشكيل الذي ارتبط اسمه بجرائم واسعة ضد السوريين، من قتل وحصار وتهجير، فضلاً عن تورطه في شبكات تصنيع وترويج المخدرات التي اجتاحت سوريا خلال السنوات الماضية.
وفي أول مقابلة إعلامية له بصفته الجديدة، حرص عامر على رسم صورة مثالية للحرس الوطني، واصفاً عناصره بأنهم "نذروا أرواحهم ودماءهم" وأن الاسم "لا يثير أي جدل"، في خطاب أقرب إلى الدعاية العسكرية المعتادة.
لكن هذا الخطاب، الذي يتحدث عن "واجب مقدس" و"تجسيد حي للتضحية والفداء"، بدا بعيداً عن الواقع الذي يعيشه أبناء السويداء، الباحثون عن حلول مدنية وأمنية متوازنة لا عن عسكرة جديدة.
وزعم أن الحرس الوطني يعمل على "إعادة بناء قوة منظمة وجيش منظم تحت سقف القانون" وأثارت هذه العبارات تساؤلات حول ما إذا كانت السويداء مقبلة على نسخة جديدة من التجارب العسكرية التي خبرها السوريون لعقود، خصوصاً أن الحديث عن "جيش منظم" في بيئة محلية هشّة قد يفتح الباب لصدامات مستقبلية.
ومن أبرز النقاط التي تثير الجدل في تصريحاته، حديثه عن الالتزام بالهدنة "بإشراف الضامنين الدوليين". فبدلاً من تقديم صورة عن استقلالية القرار المحلي، بدا عامر وكأنه يمنح شرعية لوجود وصاية خارجية على المحافظة.
وكشفت مصادر محلية أن التشكيل العسكري الذي أعلن عنه الهجري يضم العديد من الشخصيات الإجرامية وقادة ميليشيات من فلول النظام البائد، أبرزهم العميد "جهاد نجم الغوطاني"، الذي شغل سابقًا منصب قائد المدفعية في الفرقة الرابعة وشارك في حملات عسكرية ضد المدنيين في ريف دمشق وإدلب، قبل أن يتجه إلى السويداء بعد سقوط النظام.
وتشير المعلومات إلى أن التشكيل الجديد يضم نحو ثلاثين ميليشيا محلية، من بينها عصابات تورطت في الخطف، السطو، النهب، ابتزاز النساء، والمخدرات، مثل "قوات سيف الحق" و"قوات الفهد"، التي قادها رامي ومهند مزهر، واللذين ظهرا مرتبطين بتجارة المخدرات والجرائم العنيفة، مع صلات وثيقة ببقايا أجهزة النظام السابق مثل علي مملوك وكفاح الملحم وراجي فلحوط.
كما برز في المشهد اسم عودات فواز أبو سرحان، المطلوب دوليًا من قبل الإنتربول بتهم تهريب السلاح والمخدرات، والذي له سجل جنائي ممتد يشمل الخطف والسطو المسلح، إضافة إلى تورطه في اقتحام قرى درعا مع مليشيات مدعومة من الأمن العسكري وبيع المسروقات في "سوق السنة".
وحاولت قيادة التشكيل تصويره كمحاولة لتوحيد القوى المحلية ضد "العصابات السلفية"، وتحت حماية الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، لكن المعارضين المحليين، مثل الشيخ ليث البلعوس و"مضافة الكرامة"، اعتبروا هذه الخطوة عسكرة جديدة تحمل مخاطر الانفصال وتمدد النفوذ العسكري على حساب المدنيين، وأنها نسخة محلية من "الحرس الثوري" الإيراني.
هذا وتؤكد المصادر المحلية أن تشكيل الحرس الوطني بهذا الشكل يعكس غياب الصوت العقلاني والمواقف الوطنية الضرورية في ظل ظروف السويداء العصيبة، من دمار وخراب ونقص في الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء وانقطاع الاتصالات.
وتجدر الإشارة إلى أن تشكيل "الحرس الوطني" في السويداء ليس مجرد خطوة عسكرية، بل يعكس كيانًا سياسيًا–أمنيًّا يختلط فيه النفوذ الشخصي لفلول النظام البائد، والوجوه المتورطة في تجارة المخدرات والانتهاكات، تحت غطاء ديني محلي، بينما يبقى المجتمع المدني هو الضامن الوحيد لاستقرار المحافظة وحماية المدنيين.
نفى “حزب الله” اللبناني الاتهامات التي وجهتها إليه وزارة الداخلية السورية بشأن اعتقال خلية تابعة له في ريف دمشق الغربي، مؤكداً في بيان صادر عن لجنة العلاقات الإعلامية أنه “ليس لدى الحزب أي تواجد أو نشاط داخل الأراضي السورية”، وأنه “يحرص على استقرار سوريا وأمن شعبها”.
وقال البيان إن “حزب الله ينفي جملة وتفصيلاً ما أوردته وزارة الداخلية السورية من اتهامات بشأن انتماء عناصر جرى اعتقالهم في ريف دمشق الغربي إلى الحزب”.
وكانت وزارة الداخلية السورية قد أعلنت، يوم الخميس الماضي 11 ايلول\سبتمبر، عن تفكيك خلية إرهابية تابعة لميليشيا “حزب الله” في بلدتي سعسع وكناكر بريف دمشق الغربي، وذلك بعد متابعة أمنية دقيقة نفذتها الوحدات المختصة بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة.
وقال العميد أحمد الدالاتي، قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، إن التحقيقات الأولية أظهرت أن عناصر الخلية تلقوا تدريبات في معسكرات داخل الأراضي اللبنانية، وكانوا يخططون لتنفيذ عمليات تهدد أمن واستقرار المواطنين داخل سوريا.
وأضاف أن العملية الأمنية أسفرت عن مصادرة قواعد لإطلاق الصواريخ، و19 صاروخًا من طراز “غراد”، وصواريخ مضادة للدروع، إلى جانب أسلحة فردية وكميات كبيرة من الذخائر، مشيراً إلى أن التحقيقات لا تزال جارية لكشف كافة الارتباطات والأهداف، وقد تم إحالة الموقوفين إلى الجهات القضائية المختصة.