أعلن وزير التجارة التركي، عمر بولات، يوم الاثنين 27 كانون الثاني، عن توصل الحكومة التركية إلى اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة لتخفيض الرسوم الجمركية على 269 سلعة، وذلك بعد توقف عبور الصادرات التركية إلى سوريا.
وقال بولات في كلمة له خلال الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للجمارك، إن الحكومة التركية توصلت مع سوريا إلى اتفاق لإعادة إحياء التجارة الحرة، مشيراً إلى أنه بعد زيارته لدمشق تقررت إعادة تقييم الرسوم الجمركية على بعض المنتجات.
وأوضح بولات أن تطبيق النظام الجمركي الموحد الذي بدأته الحكومة السورية في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري قد فُهم بصورة خاطئة، ولفت إلى أن نائب وزير التجارة التركي مصطفى طوزجو أجرى اتصالاً مرئياً مع رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السوري قتيبة البدوي، وزار دمشق الأسبوع الماضي. وقال: "توصلنا إلى توافق بشأن إعادة النظر في الرسوم الجمركية السورية على بعض السلع".
وأكد بولات أن الحكومة السورية قررت، اعتباراً من هذا الأسبوع، تخفيض الرسوم الجمركية على 269 سلعة من بينها بيض الدجاج، والطحين، والذرة، والحليب، والقشدة، وبعض منتجات الحديد والصلب ومنتجات التنظيف.
وجاء هذا الإعلان بعد شكاوى من المصدرين الأتراك الذين تأثروا بشكل كبير من قرار الإدارة السورية رفع الرسوم الجمركية على البضائع الداخلة إلى سوريا بنسبة تتراوح بين 300 و500%. وكان الجانب السوري قد اعتبر هذا الإجراء بمثابة توحيد الرسوم على جميع الأمانات الجمركية.
وأشار رئيس غرفة تجارة وصناعة كلس، حاجي مصطفى جيلكانلي، في وقت سابق إلى أن التجارة مع سوريا توقفت بشكل كامل بسبب الارتفاع المفاجئ للرسوم. وكانت وزارة التجارة التركية قد أعلنت في بيان يوم الجمعة الفائت أن أنقرة ودمشق اتفقتا على البدء بمفاوضات لإحياء اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وسوريا، التي تم تعليقها عام 2011 بسبب الأزمة السورية.
مفاوضات جديدة لتعزيز العلاقات التجارية
وفقًا للبيان الصادر عن وزارة التجارة التركية، فقد تم تناول العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين في اجتماع عقد في العاصمة دمشق، حيث ناقش المسؤولون من الجانبين بدء المفاوضات لإعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة التي تم تعليقها في عام 2011. كما شهدت العلاقات الثنائية تقدماً ملحوظًا عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
أشار البيان إلى وصول وفد فني من وزارة التجارة التركية برئاسة نائب الوزير مصطفى طوزجو إلى دمشق يوم الخميس، حيث التقى الوفد مع وزير التجارة الداخلية السوري ماهر خليل الحسن، ورئيس هيئة المنافذ البرية والبحرية قتيبة البدوي، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين من وزارة الخارجية السورية.
وتم الاتفاق خلال الاجتماعات، على إعادة تقييم الرسوم الجمركية المطبقة من قبل الجانب السوري على السلع المصدرة عبر المنافذ الحدودية، بدءًا من 11 يناير/كانون الثاني الجاري.
كما تم الاتفاق على تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التجارة الصناعية والزراعية، والنقل الترانزيت، والمقاولات، بهدف تعزيز الاقتصاد السوري. وأشار الجانب السوري إلى أن الشركات التركية ستكون لها دور رئيسي في إعادة إعمار البلاد، في حين سيسعى الطرفان إلى تعزيز التنسيق لضمان استمرارية الأعمال التركية في مناطق مختلفة من سوريا، بما في ذلك الفرص الاستثمارية في المرحلة الجديدة.
وشدد البيان على ضرورة تحسين كفاءة إدارة حركة المرور عبر المعابر التجارية بين البلدين، مع التأكيد على أن المنتجات التركية أصبحت قادرة على الوصول إلى كافة الأراضي السورية، وليس فقط المناطق الشمالية.
أفادت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا أن الممارسات غير القانونية مثل الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والاختفاء القسري قد استخدمت "بشكل ممنهج لقمع المعارضة" أثناء حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.
جاء ذلك في تقرير نشرته اللجنة التابعة للأمم المتحدة بعنوان "شبكة الألم: الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة في الجمهورية العربية السورية"، وذلك بعد إجراء مقابلات مع آلاف الشهود حول التجاوزات التي حدثت في عهد نظام الأسد المخلوع.
ولفت التقرير إلى أن الحكومة السورية السابقة استخدمت الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والاختفاء القسري بشكل ممنهج لقمع المعارضة، مؤكداً أن هذه الأفعال تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وتعد من أسوأ الانتهاكات المنهجية للقانون الدولي المرتكبة أثناء النزاعات.
وأكد التقرير أنه تم إطلاق سراح المعتقلين من غرف التعذيب بعد الإطاحة بالنظام السابق، مما يشير إلى "تغير بالنسبة للسوريين كان من غير الممكن تصوره قبل شهرين".
الألم مستمر
لفت التقرير إلى أن الانتهاكات المتعلقة بالاعتقالات في عهد الأسد "صادمة للشعب السوري"، مشيراً إلى أن "الألم مستمر لدى عشرات الآلاف من العائلات التي لم تتمكن من العثور على ذويها المفقودين بين المعتقلين المفرج عنهم". وأضاف التقرير أن اكتشاف المقابر الجماعية قد قاد العديد من العائلات إلى "أسوأ نتيجة".
وأوضح التقرير أهمية اتخاذ إجراء حاسم للحفاظ على الأدلة والأرشيفات ومسارح الجريمة، بما في ذلك المقابر الجماعية، حيث شدد الخبراء على ضرورة فحصها وإجراء حفريات الطب الشرعي عندما تقتضي الحاجة.
وأشار التقرير إلى أن المفرج عنهم كانوا يعانون من التعذيب، وسوء التغذية، وأمراض مختلفة، موضحًا أن هؤلاء الأشخاص "تركوا ليموتوا في آلام لا تطاق".
الحفاظ على الأدلة
نقل التقرير عن رئيس اللجنة، باولو بينيرو، قوله: "نمر بمرحلة انتقالية حرجة، ويمكن للحكومة الانتقالية والمسؤولين السوريين المستقبليين ضمان عدم تكرار هذه الجرائم مرة أخرى". وأضاف أنهم حصلوا على نتائج من تحقيقات استمرت نحو 14 عامًا، معربًا عن أمله في أن تساعد هذه النتائج في إنهاء الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات.
من جانبها، أوضحت العضو في اللجنة، لين ويلشمان، أن هذه الأدلة قد تشكل أملًا للسوريين الذين لم يعثروا على أحبائهم بين من تم الإفراج عنهم. وأضافت: "نشيد بالسلطات الجديدة إزاء عزمها الحفاظ على المقابر الجماعية والأدلة، ونشجعها على بذل المزيد من الجهود بدعم من المجتمع المدني السوري المعني والجهات الفاعلة الدولية".
وسبق أن أعلن رئيس لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا، باولو بينيرو، استعداد اللجنة للتعاون مع الإدارة السورية الجديدة لملاحقة مرتكبي الجرائم في عهد نظام "بشار الأسد" ومحاكمتهم أمام القضاء الدولي.
وقال "بينيرو" في مقابلة مع وكالة الأناضول، إن هناك آلافًا من مرتكبي الجرائم في عهد الأسد يجب محاسبتهم، لافتاً إلى أن عملية الانتقال في سوريا تسير بشكل عام، ويجب ألا يكون هناك صراع ضد هذه العملية، موضحًا أن هذا ليس انتقالًا لحكومة بل نهاية 61 عامًا من الدكتاتورية الاستبدادية، معتبرًا أن العملية التي حدثت حتى الآن "رائعة".
حيّا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، شباب سوريا الثوريين الذين ناضلوا ضد النظام القمعي، وخص أيضاً بالتحية شباب فلسطين الشجعان، وخص بالذكر الصامدين في غزة في مواجهة إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل.
جاءت تصريحات أردوغان خلال كلمة له في مؤتمر الجناح الشبابي لحزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة. وقال أردوغان: "باسم شبيبة حزب العدالة والتنمية، أحيي شباب فلسطين وغزة الشجعان الذين لم يستسلموا لإرهاب الدولة الإسرائيلي، وشباب سوريا الثوريين الذين أنهوا ظلم البعث بانتصار ملحمي".
وسبق أن قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "مؤامرة المئة عام" في المنطقة تتفكك، مع بداية عصر جديد يسوده الرخاء والازدهار، جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال مشاركته في المؤتمر الاعتيادي الثامن لحزب العدالة والتنمية في ولاية مرسين جنوبي تركيا.
التأثير الإيجابي لسقوط نظام البعث في سوريا
وأشار أردوغان إلى أن التأثيرات الإيجابية لسقوط نظام البعث في سوريا وتشكيل حكومة جديدة تحتضن جميع الأطياف في البلاد ستسهم في تحسين الأوضاع في تركيا، وخاصة في مدينة مرسين. ولفت إلى أن مرسين تلعب "دور الأنصار" من خلال استضافتها لحوالي 183 ألف مهاجر سوري يحملون صفة الحماية المؤقتة.
عودة المهاجرين السوريين إلى وطنهم
وأكد الرئيس التركي أن جزءًا من الأشقاء السوريين سيعودون إلى وطنهم في المستقبل القريب للمساهمة في إعادة بناء وطنهم بعد إزالة آثار الظلم والدمار. وأضاف أنه كما هو الحال دائمًا، ستظل أبواب تركيا وقلوبها مفتوحة لأولئك الذين يقررون البقاء.
التضامن التركي السوري
وأوضح أردوغان أن تركيا لن تهاجر أحدًا قسرًا مثل الطغاة، ولن تسمح بحصول أي تعصب عنصري ضد التضامن التركي السوري. كما أكد أن بلاده ستدعم كل الجهود الرامية إلى ضمان الوحدة السياسية لسوريا وسلامة أراضيها وسلامها الاجتماعي.
التغيير في السياسة الإقليمية
أردوغان أكد أن "عصر الفرق والتقسيم قد انتهى" وأن "مؤامرة المئة عام في المنطقة تتفكك". وأضاف أن المنطقة ستحدد مستقبلها من قبل شعوبها، وأشار إلى أن الموارد الطبيعية، مثل حقول النفط التي ينهبها تنظيم "واي بي جي"، ستكون في أيدٍ أمينة من الآن فصاعدًا.
التحولات في سوريا وتشكيل الحكومة الجديدة
وفي وقت لاحق، تطرق أردوغان إلى الوضع في سوريا حيث بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق في 8 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام حزب البعث، مما أدى إلى تكليف أحمد الشرع بتشكيل حكومة جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية، كما أعلن تكليف محمد البشير بتولي تشكيل الحكومة في اليوم التالي.
تركيا ستقف بكل قوة إلى جانب الشعب السوري لبناء دولته
وسبق أن قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، إن تركيا ستقف بكل قوة إلى جانب الشعب السوري لبناء دولته، داعياً العالم الإسلامي إلى دعم سوريا المنهكة بعد سنوات الحرب لأنه لا يمكنها النهوض بمفردها، وأضاف في كلمة له أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية: "سنفتتح قريبا قنصلية تركية في حلب، وأشكر أحمد الشرع على قيادته الجيدة لهذه المرحلة".
ولفت إلى أن شمس الحرية أشرقت في سوريا بعد 61 عاما من ظلم البعث، وقال: "أبارك للشعب السوري النصر العظيم وخلاصهم من الطغيان"، وأوضح الرئيس التركي أن الشعب السوري انتصر في كفاحه على نظام ظالم استمر عقودا طويلة، وأن "الشعب أنقذ بلاده من براثن عصابة من القتلة ويبني دولته الجديدة بكل مكوناته".
وذكر أن نظام الأسد قمع المظاهرات السلمية في في سوريا بكل عنف رغم جميع نصائحنا، وبيّن في كلمته أن أكثر من 12 مليون سوري اضطروا إلى ترك منازلهم بينهم 3.5 مليون وصلوا إلى تركيا، وأكد أن تركيا ستساعد من يريد العودة من السوريين إلى وطنهم ولكنها لن ترغم أحدا على المغادرة .
وقال "لن ننسى الجرائم الوحشية التي ارتكبها نظام الأسد في حق شعبه، ولن ننسى السجون التي حولها نظام الأسد إلى مسالخ بشرية مثل معتقل صيدنايا، والانتهاكات بحق النساء والأطفال ومجازر الكيميائي في الغوطة، بالإضافة لعدم اكتراث من يدَّعون أنهم العالم المتحضر حيال مقتل المدنيين والأبرياء".
وكانت قالت صحيفة "ديلي صباح التركية"، في تقرير لها، إن أنقرة تبرز كلاعب رئيسي في جهود إعادة إعمار الاقتصاد السوري، عقب سقوط نظام الأسد، لافتة إلى أن العلاقات الاقتصادية التاريخية بين البلدين والخبرة التركية في القطاعات الحيوية، تجعل تركيا مؤهلة للمساهمة بشكل كبير في إعادة بناء سوريا التي تعاني من انهيار اقتصادي شامل.
رحبت "وزارة الخارجية السورية" بتعليق الاتحاد الأوروبي للعقوبات المفروضة على القطاعات الرئيسة في سوريا، معتبرة هذه الخطوة إيجابية، ومؤكدة أنّها تمهد الطريق للتعافي الاقتصادي، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتعزيز الاستقرار طويل الأمد في المنطقة.
وأكدت الخارجية السورية أن الشعب السوري يستحق فرصة حقيقية لتحديد مستقبله بنفسه، مشيرة إلى أنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف بشكل كامل إلا برفع جميع العقوبات المتبقية التي وُضعت في الأصل كإجراء حماية للشعب السوري من وحشية نظام الأسد.
وأضافت أن هذه العقوبات أصبحت مع مرور الوقت تأتي بنتائج عكسية تضر بالشعب السوري، مؤكدة التزامها بمواصلة العمل مع شركائها لضمان رفع كافة العقوبات، مما يمكن الشعب السوري من الازدهار واستعادة مكانته المستحقة في منطقة يسودها السلام والرخاء.
وكان أكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو الإثنين أن الاتحاد الأوروبي قرر تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة سياسة موحدة بشأن تخفيف العقوبات على سوريا. أوضح بارو أن فرنسا ستقترح أيضاً فرض عقوبات على المسؤولين الإيرانيين المتورطين في احتجاز مواطنين فرنسيين في إيران.
وقال بارو إن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تخفيف العقوبات على قطاعات الطاقة والنقل والبنوك في سوريا، وذلك في خطوة لدعم إعادة إعمار البلاد وبناء علاقات جديدة مع القيادة السورية الجديدة بعد سقوط نظام عائلة الأسد الذي استمر لخمسين عاماً.
وأشارت كاجا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إلى أن هذا التخفيف يأتي ضمن "نهج خطوة بخطوة"، بناءً على التزامات السلطات السورية الجديدة نحو تشكيل مرحلة انتقالية شاملة. وقالت كالاس: "إذا اتخذوا الخطوات الصحيحة، سنكون مستعدين لاتخاذ خطوات من جانبنا أيضاً".
وعلى الرغم من هذا التوجه، يبدي بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي تحفظهم بشأن الإسراع في التعامل مع القيادة السورية الجديدة التي تقودها هيئة تحرير الشام ذات التوجه الإسلامي. كما أشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الاتحاد الأوروبي سيعلق العقوبات مؤقتاً بدلاً من رفعها نهائياً، للحفاظ على وسيلة ضغط على السلطات الجديدة في دمشق.
وأكدت المصادر أن العقوبات المفروضة على أحمد الشرع، القائد الجديد للإدارة السورية، وعلى هيئة تحرير الشام ما زالت سارية، إضافة إلى العقوبات المتعلقة بالنظام السوري السابق. كما ذكرت المصادر أنه لا توجد نقاشات حالياً حول رفع تلك العقوبات، حيث يرغب الاتحاد الأوروبي في ضمان التزام القيادة السورية بتعهداتها قبل أي تخفيف إضافي.
وفي سياق متصل، أعلنت فرنسا عن استضافتها لمؤتمر دولي حول سوريا في باريس يوم 13 فبراير المقبل، لبحث دعم إعادة إعمار البلاد وتعزيز الاستقرار فيها. وأكدت مصادر دبلوماسية أن دول الاتحاد الأوروبي يدرسون إمكانية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا والمتعلقة بقطاعي الطاقة والنقل.
ويرى المسؤولون الأوروبيون أن تسهيل النقل والطاقة يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تحسين الأوضاع المعيشية في سوريا، مما يعزز الاستقرار ويشجع اللاجئين على العودة. ويُعتبر تشغيل المطارات السورية بشكل كامل وتحسين البنية التحتية للطاقة والكهرباء من بين الأولويات، وفقاً لوثيقة الاتحاد الأوروبي التي اطلعت وكالة رويترز عليها.
وأوصى الدبلوماسيون باتخاذ خطوات سريعة لتعليق العقوبات في قطاعات ضرورية لاستقرار الاقتصاد وإطلاق عملية إعادة الإعمار، مع تقييم مستمر لمدى استيفاء سوريا للظروف المناسبة لتخفيف العقوبات، وتشمل هذه الظروف احترام الحريات الأساسية وضمان الانتقال السياسي الشامل. أكد الدبلوماسيون أن رفع القيود سيتم بشكل تدريجي وقابل للتراجع، حيث سيخضع لمراجعات دورية لضمان تحقيق الأهداف المطلوبة، مع بقاء العقوبات المرتبطة بالنظام السابق، وتجارة المخدرات والأسلحة سارية.
تعكس الوثيقة حالة من التوازن بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث تدعو بعض الحكومات إلى التعليق السريع للعقوبات لدعم عملية الانتقال في سوريا، بينما تفضل حكومات أخرى اتخاذ نهج حذر لضمان استمرار النفوذ الأوروبي في العلاقة مع الإدارة الجديدة في دمشق.
وفي ذات السياق، أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، أن العقوبات الغربية المفروضة على سوريا تمثل "عائقاً رئيسياً" أمام عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. جاءت تصريحات غراندي خلال مؤتمر صحفي في دمشق، يوم السبت، عقب لقائه قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع. وقال غراندي: "العقوبات تجعل أي استثمار مستحيلاً"، مضيفاً أن هذه العقوبات "فرضت في سياق مختلف" ويجب إعادة النظر فيها بهدف رفعها لدعم استقرار سوريا.
وأكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان خلال زيارته لدمشق يوم الجمعة أن الرياض تعمل على ضمان رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وأضاف أن هناك "رسائل إيجابية" من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول هذا الشأن.
فيما خففت الولايات المتحدة بعض عقوباتها بعد سقوط النظام السابق، ينتظر أن يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مسألة تخفيف العقوبات خلال اجتماعهم المقبل في بروكسل، المقرر في 27 يناير الجاري. ويأتي هذا في إطار الجهود الدولية لدعم الإدارة السورية الجديدة، وتحفيز عودة اللاجئين، وتعزيز عملية إعادة الإعمار في البلاد.
أصدر مصرف سوريا المركزي، يوم الأحد 26 كانون الثاني/ يناير تعميماً إلى كافة المؤسسات المالية المصرفية العاملة في سوريا، بهدف إعطاء المزيد من المرونة الموضوع تحريك الحسابات المصرفية.
ووفقًا للتعميم الذي حمل توقيع حاكم المصرف المركزي المكلف بتسيير الأعمال "ميساء صابرين"، فإنه جاء استنادا لأحكام قانون مصرف سوريا المركزي ونظام النقد الأساسي رقم 23 للعام 2002 وتعديلاته.
ويستثني البنك المركزي من قرار بتحرير كافة الحسابات المصرفية لناحية الإبداع أو السحب أو التحويل باستثناء والجهات التي سبق وتم طلب التريث بتحريك حساباتها، والمؤسسات والشركات والجهات التي لم تحصل على الموافقة اللازمة.
وكان كشف مصرف سوريا المركزي في تقريره عن التضخم لشهر تشرين الثاني 2024 أن معدل التضخم العام بلغ 67.4%، ما يعكس تحديات اقتصادية كبيرة تواجه البلاد.
وفي وقت سابق قالت "ميساء صابرين" المكلفة بتسيير أعمال البنك المركزي السوري، إنها تريد تعزيز استقلال المؤسسة فيما يتعلق بقرارات السياسة النقدية وهو ما سيكون بمثابة تحول كبير عن السيطرة الثقيلة التي كانت تمارس في ظل نظام الأسد البائد.
وذكرت في أول مقابلة إعلامية لها منذ توليها منصبها أن "البنك يعمل على إعداد مسودة تعديلات على قانون البنك لتعزيز استقلاليته بما في ذلك منحه مزيدا من الحرية في اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية".
هذا وأصدر "مصرف سورية المركزي" قرارات وإجراءات جديدة حيث قرر إنهاء العمل بتمويل المستوردات عن طريق برنامج منصة "سوا" من قبل شركات الصرافة العاملة، ويذكر أن المنصة كانت ترهق الفعاليات التجارية.
نقلت مصادر إعلامية مشاهد لوصول أول باخرة نقل تجاري تحمل سيارات إلى مرفأ اللاذقية، وأعلنت الحكومة السورية مؤخرًا عن قرار يسمح باستيراد السيارات بشرط ألا يتجاوز عمرها التصنيعي الـ 15 عامًا.
جاء هذا القرار من وزارة النقل السورية في خطوة تهدف إلى تعزيز سوق السيارات وتلبية احتياجات المواطنين من المركبات الحديثة، وعلق مدير المديرية العامة لاستيراد السيارات في وزارة النقل، المهندس "عبد اللطيف شرتح" على القرار.
وذكر أن الوزارة بدأت بالفعل بتوجيه المستوردين لاستيراد السيارات الحديثة التي تتراوح أعمارها الفنية من 2011 وحتى العام الحالي، وأضاف أن المستوردين بدأوا في استيراد السيارات عبر معبر نصيب الحدودي مع الأردن منذ حوالي 20 يومًا.
وأشار إلى أن الوزارة تتابع إجراءات الفحص الفني للسيارات المستوردة للتأكد من مطابقتها للمعايير المحددة، ويتم منح المركبات لوحات تجربة مؤقتة صادرة عن الوزارة لمدة 3 أشهر، قابلة للتجديد حتى عام. وبعد انتهاء الفترة المؤقتة، يتم تسجيل المركبات في مديريات النقل بالمحافظات.
وكشف عن نية الوزارة إنشاء دوائر نقل مختصة بلوحات "التجربة" في المعابر البرية والبحرية، بدءًا من معبر يابوس الحدودي مع لبنان واعتبر الخبير الاقتصادي جورج خزام أشار إلى أن التوسع باستيراد السيارات في هذا الوقت يعد خطأ كبيراً.
وعزا ذلك لأنه يؤدي إلى خروج الدولار وارتفاع سعره، وبالتالي نظرياً التاجر والمستهلك الأخير هو من يدفع ثمن السيارة، لكن عملياً كل الشعب السوري يدفع جزءاً من ثمن تلك السيارات، وذلك عندما يخرج الدولار ويزداد الطلب عليه ويرتفع سعره، الأمر الذي يؤدي لارتفاع جماعي بأسعار جميع البضائع في الأسواق.
وأوضح أن هناك أولويات وسلم أفضليات لاستيراد المصانع ووسائل الإنتاج قبل استيراد السيارات، وبالتالي فإن تشغيل أموال التجارة باستيراد وسائل الإنتاج والمواد الأولية أفضل بكثير من استيراد السيارات والتي هي كمالية وعديمة الإنتاجية.
ونوه بأن إغراق الأسواق بالسيارات المتقادمة من مقابر السيارات في العالم يعني زيادة الطلب على المحروقات وقطع الغيار في المستقبل، ومعه المزيد من استنزاف الدولار وارتفاع سعره، مطالباً الجهات المعنية بالتوقف عن استيراد السيارات بشكل نهائي، أو مضاعفة الرسوم الجمركية عليها لوقف نزيف الدولار.
كما أن الجاهزية العامة والفنية واستيعاب هذا العدد من السيارات لم ينظر إليها، حيث إن أغلبية الطرقات العامة غير مجهزة لهذا العدد الكبير من السيارات، وأوضح أنه مع تخفيض الرسوم الجمركية على استيراد السيارات، بدأت أسعار السيارات في انهيار وتراجع مخيف، حيث وصلت نسب التراجع إلى حدود 80% من قيمة سعر السيارة.
ولفت صاحب متجر سيارات في دمشق، إلى أن حركة مبيع وشراء السيارات ازدادت خلال الأيام الماضية نتيجة فتح الاستيراد وتخفيض الرسوم الجمركية على السيارات، لكن يبقى التخوف قائماً، ولاسيما في ظل بقاء عمليات البيع والشراء لا تزال على الورق بين التاجر والمستهلك.
وأوضح ضرورة اتخاذ قرار الاستبدال، يعني استبدال السيارات القديمة بالسيارات الحديثة، معتبراً ذلك هو القرار الأنجح في هذا الوقت، ونوه بضرورة تدعيم البنى التحتية اللازمة والقادرة على استيعاب هذا العدد الكبير من السيارات، ولا سيما لجهة الطرقات والمسارات وتأمين القطع التبديلية لهذه السيارات الحديثة.
من الجدير بالذكر أن السوق السورية شهدت في الآونة الأخيرة حالة من الإغراق المفرط نتيجة العروض المتعددة للسيارات الحديثة وأسعارها المنخفضة، وهو ما تم تبريره بالسماح باستيراد السيارات مع تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة تتراوح بين 70% و80%.
هذا وأوضح خبراء أنّه سيتم السماح أولا باستيراد السيارات المستعملة بعمر لا يتجاوز الـ 15 عاماً، أما تعديل قرار استيراد السيارات المستعملة سيحصل خلال 6 أشهر لتكون أقل من 10 أعوام"، وأكد أنه "لاحقاً لن يتم السماح سوى باستيراد السيارات الحديثة".
التقى الدكتور "مصطفى بكور" موفَد الإدارة الجديدة المكلّف بتسيير أعمال محافظة السويداء، خلال زيارة ميدانية، أعضاء اللجنة الأهلية ونشطاء الحراك الشعبي في بلدة القريا، لبحث سبل توحيد الجهود والعمل المشترك لتحسين الأوضاع الخدمية في المنطقة.
وتم خلال اللقاء تقديم ورقة مطالب شاملة تضمنت تحسين واقع المياه والآبار، وتطوير القطاع الصحي، بالإضافة إلى معالجة عدد من القضايا الخدمية الأخرى، وخلال جولته، زار بكور مضافة الزعيم الوطني الراحل سلطان باشا الأطرش في بلدة القريا، حيث قدّم صورة رمزية للشهيد تعبيراً عن التقدير، كما توجه لزيارة ضريح سلطان باشا الأطرش في البلدة، حيث قرأ الفاتحة على روحه.
وسبق أن عقد اجتماع لرواد ساحة الكرامة في محافظة السويداء، حيث تم مناقشة مجموعة من النقاط الهامة التي تعكس المواقف الوطنية والتوجهات المستقبلية للمحافظة، ووفق موقع "السويداء 24"، تم التأكيد خلال الاجتماع على أن ساحة الكرامة تستمد قوتها من مبادئها الوطنية الديمقراطية، والتي تعكس أصوات الأحرار ودماء الشهداء وجراح الجرحى، وشدد المجتمعون على أنهم لن يقبلوا بتجاوز دور الساحة أو التقليل من أهميتها.
وأكد الحضور على موقفهم الثابت في رفض أي مشاريع انفصالية، مشددين على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً. كما تمت الإشارة إلى أن أبناء السويداء سيشاركون في الجيش الوطني السوري كما هو الحال في باقي المناطق، وأنه لا مكان للسلاح خارج سلاح الدولة في أي جزء من الأراضي السورية.
وأشاد المشاركون في الاجتماع بما عبّر عنه بيان فصيلي "لواء الجبل" و"حركة رجال الكرامة"، معتبرين أن ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح، وداعين الفصائل الأخرى للانضمام إلى هذه الخطوات. كما تم التأكيد على أن أي فصيل لا يلتزم بالمبادئ الوطنية ويخرج عن مظلة الدولة يعتبر خارجاً عن القانون.
فيما يخص دور رجال الدين في المحافظة، تم التأكيد على احترام دورهم الهام، إلا أن المجتمعين شددوا على أن التواصل وعقد الاتفاقات يجب ألا يقتصر على رجال الدين فقط، مشيرين إلى أن المحافظة تضم العديد من الأكاديميين وأصحاب الاختصاص الذين كانوا جزءاً من النضال من أجل وطن حر.
وفي ختام الاجتماع، تم الإعلان عن تنظيم اجتماع موسع في القريب العاجل لمناقشة باقي التفاصيل المتعلقة بمستقبل السويداء، ودعوة جميع الأطراف من فصائل ومرجعيات دينية وفعاليات مدنية للعمل تحت مظلة واحدة تمثل وحدة سوريا وتكاملها.
وسبق أن أثار البيان الذي أصدره الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية ورئيس الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، حالة استنكار واسعة، خصوصًا بعدما انتقد فيه قرارات الحكومة السورية الجديدة المتعلقة بمنح إجازة للموظفين في دوائر النظام، واعترض على توصيف قتلى النظام واعتبرهم "شهداء الوطن",
واعتبر الهجري أن هذه الإجراءات أسهمت في زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، داعيًا إلى تجنب أي تحركات قد تؤدي إلى تدمير المؤسسات الحكومية، وشدد على ضرورة الالتزام بالقانون والأعراف الاجتماعية والابتعاد عن الممارسات التي قد تؤدي إلى الضغط على المواطنين والتسبب في البطالة.
وقال في بيانه: "لن نقبل بتدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية للسوريين، خاصة في هذه الظروف الصعبة. هذه السياسات لا تساهم في بناء دولة موحدة، بل تؤدي إلى تهديد الاستقرار وزيادة التوترات بين فئات المجتمع." كما أشار إلى أن فصل الموظفين بسبب انتماءاتهم السياسية أو بسبب معايير غير قانونية يشكل انتهاكًا لحقوق الناس، محذرًا من تداعيات هذا النهج على المجتمع السوري ككل.
وفيما يخص التعامل مع قتلى النظام، رفض وصفهم بـ"قتلى"، وشدد الهجري على أن هؤلاء يجب أن يُعتبروا "شهداء الوطن" الذين ضحوا في مواجهة الإرهاب والعدوان، معارضًا أي محاولة لتقليص مكانتهم الوطنية، وأكد أن هذه الأفعال تُعد تشويهاً لتاريخهم ولتضحياتهم.
وسبق أكد الشيخ "حكمت الهجري"، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، في لقاء مع برنامج "بلا قيود" على قناة BBC عربي، أن رجال الدين في سوريا متعاونون بشكل كامل مع الإدارة السورية الجديدة في المرحلة الانتقالية، لافتاً إلى أن بعض التحفظات في مختلف المناطق ناتجة عن قلة التنسيق أحيانًا، لكنه شدد على أهمية الفرصة التي أتاحها الوضع الحالي للحوار بين السوريين.
وقال الهجري: "تقبلنا هذه المرحلة بهدوء، ونجح الشعب السوري في تجاوز هذا المنعطف بسلام بفضل الوعي الذي يتمتع به"، معتبراً أن التوافق على قضايا عديدة لإدارة المرحلة الحالية كان إيجابيًا، وأن ما حدث بشأن إعادة الرتل كان مجرد سوء تنسيق، مشيرًا إلى أهمية التشاركية في حفظ استقرار المناطق السورية حتى يتم تشكيل الدولة وصياغة الدستور وبناء جيش سوري موحد.
وفيما يتعلق بالسلاح في السويداء، أكد "الهجري" أن الفصائل تتحضر للانصهار في الجيش الوطني في المستقبل، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة ستكون جزءًا من عملية التحول الوطني، ولفت إلى أن الدعوة للمؤتمر الوطني ستكون مفتوحة لجميع السوريين، داعيًا إلى مشاركة كافة القوى السياسية دون إقصاء.
وأكد الهجري، أن السوريين بحاجة إلى بناء سوريا الحديثة بمشاركة جميع الأطياف، وشدد على أن مصلحة الجميع تكمن في عدم المماطلة في هذه المرحلة الانتقالية، مؤكدًا أن الشعب السوري لديه الخبرات والكفاءات اللازمة لتجاوز هذه المرحلة.
ولفت "الهجري" أن رجال الدين سيستمرون في نقل الرأي العام والمساهمة في بناء سوريا المستقبل، مشيرًا إلى أن دور المختصين في بناء الدولة سيكون أساسيًا، وتابع أن "البوصلة هي البناء الصحيح للدولة".
وفي معرض حديثه عن الأغلبية في سوريا، أكد "الهجري" احترامه للأغلبية السنية، لكنه أضاف: "نحن جميعًا أغلبية كسوريين"، مشيرًا إلى أن سوريا تاريخيًا كانت بلدًا متجانسًا، حيث عاش الجميع في توافق على الهوية السورية، وحول النظام السابق، قال الهجري: "كان النظام السوري يحتمي بورقة الأقليات، بينما لم يحصل الشعب السوري، بمختلف أطيافه، على حقوقه في عهد النظام البائد."
وسبق أن دعا الشيخ "حكمت الهجري"، الشعب السوري بكل أطيافه وتلاوينه لعقد مؤتمر وطني شامل يجمع ممثلين عن كل الأهالي بكل المحافظات لتقرير وانتخاب لجان عمل تقوم باقرار دستور جديد للدولة السورية بوجهة نظام لامركزي إداري مع فصل السلطات حفاظا على مؤسسات الحكم و منع تقسيم البلاد وعدم تسيير الأمور باتجاهات خاصة باي جهة او أي فئة.
ألقت "إدارة العمليات العسكرية"، القبض على أحمد طعمة، المعروف بلقب "أبو وسيم الروز"، والذي يعد من الشخصيات البارزة في اللجان الشعبية التابعة للقيادة العامة في مخيم جرمانا.
وأكدت مصادر حقوقية، أن "أبو وسيم الروز" يحمل سجلاً حافلاً بالاتهامات، حيث تشير الأدلة إلى تورطه في سلسلة من الانتهاكات والاعتقالات التعسفية التي طالت فلسطينيين وسوريين خلال فترة الثورة السورية.
ولفتت "مجموعة العمل" الحقوقية إلى أنه ارتكب أعمالاً إجرامية استهدفت المدنيين في مخيمات جرمانا والحسينية واليرموك، مما أثار حالة من القلق والخوف بين السكان، تتزامن هذه التطورات مع تصاعد الجهود الرامية لتعزيز سيادة القانون وملاحقة المتورطين في الجرائم التي أضرت بالنسيج الاجتماعي في المناطق المتأثرة.
أضافت مصادر مطلعة أن عملية الاعتقال تأتي ضمن حملة أوسع أطلقتها إدارة العمليات العسكرية لملاحقة المتورطين في انتهاكات ضد اللاجئين الفلسطينيين، في محاولة لتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة وضمان حقوق المتضررين.
بينما تباينت ردود الأفعال محلياً، فقد عبر عدد من سكان المخيمات عن ارتياحهم لهذه الخطوة التي اعتبروها جزءاً من جهود تحقيق العدالة وإعادة الأمن والاستقرار. نوه آخرون بتوسيع التحقيقات للكشف عن جميع المسؤولين عن الانتهاكات السابقة ومحاسبتهم.
اعتقال قيادي في "حركة فلسطين حرة"
تمكنت "إدارة العمليات العسكرية" من القبض على الفلسطيني السوري "نضال نمر يوسف" في منطقة جديدة عرطوز البلد، وهو أحد القياديين البارزين في "حركة فلسطين حرة" المتورطة بدعم النظام السوري البائد، ومشاركته في قتل الشعب السوري بما في ذلك المشاركة في حصار مخيم اليرموك واعتقال العديد من أبناء المخيم الفلسطيني.
وحركة "فلسطين حرة" هي إحدى المجموعات العسكرية الفلسطينية الموالية للنظام السوري السابق، والتي شاركت في في العمليات العسكرية إلى جانب قوات النظام ضد قوى المعارضة في عدة مناطق ومحافظات سورية، عرفت بعض مجموعاتها باسم "قوات سرايا بدر" وشاركت إلى جانب قوات مجموعة "لواء القدس" بمعارك بريف إدلب ودير الزور ومناطق أخرى.
شغل يوسف عدة أدوار قيادية في مجموعات مسلحة، أبرزها في حركة فلسطين الحرة و"الحرس القومي"، وكان آخرها انضمامه للفرقة الرابعة، بحسب المصادر، كما كان يوسف مسؤولًا عن تجنيد الشبيحة من مختلف الجنسيات، حيث كان يدير مجموعات تضم ما لا يقل عن 75 مقاتلًا، معظمهم من الشباب الذين تم استغلالهم في معارك ضد المعارضين للنظام.
ووفق المصادر، شارك يوسف في معارك عدة في محاور رئيسية، مثل مخيم اليرموك، مخيم فلسطين، وزبدين، ما يجعله شخصية مطلوبة للقضاء السوري بتهم جرائم الحرب والانتهاكات ضد حقوق الإنسان التي ارتكبت خلال فترة حكم النظام البائد.
هذا الاعتقال جزء من الجهود المستمرة لـ"إدارة العمليات العسكرية" في ملاحقة فلول النظام البائد والميليشيات الموالية له، حيث تم القبض أيضًا على مئات الأشخاص في حمص، وشخصين في مخيم النيرب، في إطار مساعٍ لتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت أثناء الحرب.
وعقب انتصار الثورة السورية بسقوط نظام الأسد، أعلنت حركة "فلسطين حرة"، في بيان رسمي، استئناف أعمالها الإنسانية الموجهة لدعم الشعب الفلسطيني ولكل الأحرار في العالم، وذلك عبر مكتبها في الجمهورية العربية السورية.
وأكدت الحركة أن قرار استئناف العمل جاء بعد انتصار الشعب السوري واستعادة البلاد للاستقرار. وأوضحت أن نشاطاتها الإنسانية ستستهدف الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، مع التشديد على الالتزام بمبادئها الإنسانية والإغاثية.
في السياق، أعلنت الحركة عن تبرئها من شخصيات ذكرت أسماؤها في البيان، وهما (سائد عبد العال وعبد القادر حيفاوي)، مؤكدة أنهما لم يكونا ممثلين رسميين للحركة، ولفتت إلى أن تعيينهما تم سابقًا بالتعاون مع جهات مرتبطة بالنظام السوري السابق، وهو ما أدى إلى تعطيل أعمال الحركة في سوريا خلال السنوات الست الماضية.
واتهمت الحركة هذه الشخصيات بالتورط في أعمال قمع وتصفية استهدفت أبناء الشعب الفلسطيني داخل المخيمات السورية، بما في ذلك تقديم تقارير كيدية أدت إلى اعتقالات واسعة، وأكدت أنها ستقوم بإبلاغ الجهات المعنية في الإدارة الجديدة بسوريا لمحاسبة المتورطين على ما ارتكبوه من جرائم.
وختمت الحركة بيانها بالتأكيد على التزامها بمواصلة جهودها الإنسانية والإغاثية لخدمة الشعب الفلسطيني ولكل الأحرار في العالم، معتبرة أن هذه المرحلة تمثل انطلاقة جديدة لتحقيق أهدافها النبيلة.
وعملت بعض الفصائل الفلسطينية على تجنيد الشباب الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية وتجمعاتهم، مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة وانعدام الموارد المالية وانتشار البطالة، لتزج بهم في معارك القتال لدعم نظام الأسد، بعيداً عن قضيتهم الأساسية في فلسطين، منها (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة - حركة فتح - الانتفاضة - الصاعقة - حركة فلسطين حرة - النضال الشعبي - كتائب العودة).
أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، الإثنين، أن الاتحاد الأوروبي قرر تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة سياسة موحدة بشأن تخفيف العقوبات على سوريا.
وأوضح بارو أن فرنسا ستقترح أيضاً فرض عقوبات على المسؤولين الإيرانيين المتورطين في احتجاز مواطنين فرنسيين في إيران.
وقال بارو إن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تخفيف العقوبات على قطاعات الطاقة والنقل والبنوك في سوريا، في خطوة لدعم إعادة إعمار البلاد وبناء علاقات جديدة مع القيادة السورية الجديدة، بعد سقوط نظام عائلة الأسد الذي استمر لخمسين عاماً.
وأكدت كاجا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن هذا التخفيف يأتي ضمن “نهج خطوة بخطوة” بناءً على التزامات السلطات السورية الجديدة نحو تشكيل مرحلة انتقالية شاملة.
وقالت كالاس: “إذا اتخذوا الخطوات الصحيحة، سنكون مستعدين لاتخاذ خطوات من جانبنا أيضاً”.
وعلى الرغم من هذا التوجه، يبدي بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي تحفظهم بشأن الإسراع في التعامل مع القيادة السورية الجديدة التي تقودها هيئة تحرير الشام ذات التوجه الإسلامي.
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الاتحاد الأوروبي سيعلق العقوبات مؤقتاً، بدلاً من رفعها نهائياً، للحفاظ على وسيلة ضغط على السلطات الجديدة في دمشق.
وأشارت ذات المصادر أن العقوبات المفروضة على أحمد الشرع، القائد الجديد للإدارة السورية، وعلى هيئة تحرير الشام سارية المفعول، إضافة إلى العقوبات المتعلقة بالنظام السوري السابق.
وذكرت مصادر دبلوماسية أنه لا توجد نقاشات حالياً حول رفع تلك العقوبات، حيث يرغب الاتحاد الأوروبي في ضمان التزام القيادة السورية بتعهداتها قبل أي تخفيف إضافي.
وفي سياق متصل، أعلنت فرنسا عن استضافتها لمؤتمر دولي حول سوريا في باريس يوم 13 فبراير المقبل، لبحث دعم إعادة إعمار البلاد وتعزيز الاستقرار فيها.
وحسب وثيقة اطلعت عليها وكالة رويترز. وتصريحات دبلوماسيين، أن دول الاتحاد الأوروبي يدرسون إمكانية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا والمتعلقة بقطاعي الطاقة والنقل
ويرى المسؤولون الأوروبيون أن تسهيل النقل والطاقة يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تحسين الأوضاع المعيشية في سوريا، مما يعزز الاستقرار ويشجع اللاجئين على العودة.
ويُعتبر تشغيل المطارات السورية بشكل كامل، وتحسين البنية التحتية للطاقة والكهرباء، من بين الأولويات، بحسب وثيقة الاتحاد الأوروبي، التي اطلعت وكالة رويترز أوصى الدبلوماسيون باتخاذ خطوات سريعة لتعليق العقوبات في قطاعات ضرورية لاستقرار الاقتصاد وإطلاق عملية إعادة الإعمار، مع تقييم مستمر لمدى استيفاء سوريا للظروف المناسبة لتخفيف العقوبات، وتشمل هذه الظروف احترام الحريات الأساسية وضمان الانتقال السياسي الشامل.
وأكد الدبلوماسيون أن رفع القيود سيتم بشكل تدريجي وقابل للتراجع، حيث سيخضع لمراجعات دورية لضمان تحقيق الأهداف المطلوبة. ومع ذلك، ستبقى العقوبات المرتبطة بالنظام السابق، وتجارة المخدرات والأسلحة، سارية.
تعكس الوثيقة حالة من التوازن بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث تدعو بعض الحكومات إلى التعليق السريع للعقوبات لدعم عملية الانتقال في سوريا، بينما تفضل حكومات أخرى اتخاذ نهج حذر لضمان استمرار النفوذ الأوروبي في العلاقة مع الإدارة الجديدة في دمشق.
وفي ذات السياق، أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، أن العقوبات الغربية المفروضة على سوريا تمثل “عائقاً رئيسياً” أمام عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. جاءت تصريحات غراندي خلال مؤتمر صحفي في دمشق، يوم السبت، عقب لقائه قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.
وقال غراندي: “العقوبات تجعل أي استثمار مستحيلاً”، مضيفاً أن هذه العقوبات “فرضت في سياق مختلف” ويجب إعادة النظر فيها بهدف رفعها لدعم استقرار سوريا.
وأكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، خلال زيارته لدمشق يوم الجمعة، أن الرياض تعمل على ضمان رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وأضاف أن هناك “رسائل إيجابية” من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول هذا الشأن.
فيما خففت الولايات المتحدة بعض عقوباتها بعد سقوط النظام السابق، ينتظر أن يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مسألة تخفيف العقوبات خلال اجتماعهم المقبل في بروكسل، المقرر في 27 يناير الجاري. ويأتي هذا في إطار الجهود الدولية لدعم الإدارة السورية الجديدة، وتحفيز عودة اللاجئين، وتعزيز عملية إعادة الإعمار في البلاد.
في عملية نوعية نفذها مقاتلون محليون بعد منتصف ليل الأحد/الإثنين، أُلقي القبض على أمير القاطع الشرقي لتنظيم داعش، “صهيب محمد عبد الجليل الحريري”، المعروف باسم “عطا الحريري”، في منطقة الصنمين شمالي محافظة درعا، بعد نصب كمين محكم على الطريق الواصل بين الصنمين وكفر شمس.
ووفقاً لمصادر محلية، تم القبض على “عطا الحريري” أثناء محاولته نقل كميات كبيرة من الأسلحة خارج مدينة الصنمين، بالتنسيق مع “محسن الهيمد”، القيادي المحلي في الصنمين.
وأظهرت التحقيقات الأولية أن السيارة التي كان يستخدمها الحريري مسجلة باسم والدة أحد عناصر الهيمد، وهو “إياد الهيمد، الملقب بأبو عمر”. وخلال العملية، فرّت سيارة مرافقة له باتجاه مدينة الصنمين، ما أدى إلى اشتباك بين المقاتلين المحليين وأفراد مسلحين داعمين له.
“عطا الحريري”، الذي ينحدر من بلدة بصر الحرير شرقي درعا، كان أحد أبرز قيادات تنظيم داعش في المنطقة الشرقية لمحافظة درعا، ومسؤولاً عن ملف الاغتيالات التي استهدفت العديد من الشخصيات المحلية على مدار السنوات الماضية.
يُشار إلى أن الحريري كان يقود مجموعة متخصصة في تنفيذ عمليات اغتيال بتوجيهات مباشرة من التنظيم.
سبق للحريري أن عمل مع أفراد من بينهم “محمد عدنان العوض” الملقب بـ”بتّار”، والذي كان شريكاً في تنفيذ العديد من الاغتيالات قبل مقتله في اشتباك مع مجموعة تابعة لأبي علي اللحام في يناير 2024. وكانت عمليات اللحام مرتبطة بتصفية حسابات داخلية في التنظيم.
بعد اعتقاله، تم تسليم “عطا الحريري” إلى إدارة الأمن العام، حيث ستُجرى تحقيقات مكثفة معه لكشف المزيد من التفاصيل حول عمليات التنظيم وشبكاته في المنطقة.
وتأتي هذه العملية في سياق جهود أمنية مكثفة لاستهداف قيادات التنظيم، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية مؤخراً من اعتقال “حسام القباطي”، أحد متزعمي المجموعات المحلية المرتبطة بتنفيذ عمليات اغتيال وخطف في شرق درعا.
وأكدت المصادر أن العملية تمثل خطوة هامة نحو تعزيز الأمن والاستقرار في المحافظة، التي شهدت توترات كبيرة خلال الأعوام الماضية بسبب نشاط التنظيم.
ادّعت الكاتبة المعروفة بموالاتها للنظام المخلوع، "لمى توفيق عباس"، أن هناك من يهددها ويدعو إلى قتلها، عقب دعوتها حرق أطفال إدلب والتحريض على استهداف حواجز الإدارة السورية الجديدة، وطلبت الوثائق والدلائل التي تدينها بهذا الشأن.
وناشدت الإدارة السورية الجديدة، ولبست ثوب المظلومية، دون توضيح مصدر التهديدات المزعومة، وتماثل هذه الحالة رواية المفتشة "أثلة الخطيب" التي بثت مشاهد مصورة يحيطها الشكوك حول محاولة مداهمة منزلها، وسط عدة أسباب تدفع هذه الشخصيات إلى ادعاء تعرضها للمضايقات.
وحتى الأمس القريب تنشط "لمى عباس" في كتابة الروايات التشبيحية للنظام المخلوع، وخلال الفترة الماضية دعت إلى الإفراج عن ضباط وعناصر النظام البائد وقالت الجيش جيشنا وليس جيش المخلوع، وروجت عدة معلومات تحريضية كاذبة خبر العثور على جثة الدكتورة "رشا العلي" بحمص.
وفي يوم الاثنين 23 يوليو/ تمّوز 2018، كتبت منشوراً عبر صفحتها على فيسبوك، مع إعلان وفاة الفنانة السورية "مي سكاف" في باريس، حيث قالت إنها من قامت بضرب الفنانة عام 2011 قرب جامع الحسن بالميدان بدمشق.
وذكرت أن الجميع يعلم أن "مي سكاف" تعرضت للضرب المبرح في ذلك الحين، واعترفت أنها من نفذت الاعتداء على الممثلة وأشادت بدور العميد "راغب البطاح"، ومجموعة من الشبيحة الذين وفروا لها الحماية.
وتباهت بضرب الممثلة الثورية حيث كانت "لمى عباس" تنشط ضمن مجموعة شبيحة تقمع المتظاهرين مع بداية الثورة السورية، حتى قالت إن الثوار أطلقوا عليها لقب "زمكة النظام" نظرا إلى دورها الداعم للنظام الساقط.
ومنذ اليوم الأول لسقوط النظام البائد، بدأت بعض الأطراف المتورطة في الدم السوري بتحريك "ورقة الأقليات"، من باب خلق مظلوميات لتحويل مسار عقابها إلى قضية رأي عام تبعد عنها استحقاق المساءلة والعقاب، بزعم الخشية من مصير الطوائف.
فكان الرد واضحاً من "إدارة العمليات العسكرية" التي طمئنت جميع القوى والأطياف في سوريا، لكن هذا لم يعجب فلول النظام من ضباط وقادة الميليشيات الفارة في مناطق ريف حمص والساحل السوري تحيداً، إذ واصلت خلق المبررات والحجج للدفع باتجاه الفوضى، بدأت تظهر نتائج هذه التحركات بشكل جلي.
وتعمل تلك الأطراف على توجيه شخصيات إعلامية من أزلام النظام السابق منهم "لمى عباس، كنان وقاف، أمجد بدران، وحيد يزبك، ورئيف سلامة"، لتحريك الشارع المحسوب على النظام سابقاً باسم الخوف على الأقليات، مستثمرة بعض الحوادث العارضة للتجييش وبناء رأي عام معارض، بالتوازي مع تحريك الشارع للخروج بتظاهرات ترفع الصيلب تارة والرايات الخضراء تارة أخرى.
وكانت كشفت شبكة "شام" الإخبارية، عن هوية عدة شخصيات ظهرت من بين المحرضين والمروجين للفوضى والمظاهرات التي أخذت منحى طائفي، والتي دعا لها بعض فلول نظام الأسد البائد، وتبين أن من بينهم مجرمين كبار وقادة ميليشيات مشهورين بالتبعية لميليشيات إيران.
رحبت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، بقرار القضاء الفرنسي، إصدار مذكرة توقيف ضد بشار الأسد بسبب مقتل المواطن الفرنسي - السوري "صلاح أبو نبوت"، مؤكدة أنها تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في سوريا.
وأعلنت الشَّبكة السورية، انها تدعم عائلة أبو نبوت في مسارها القضائي الذي يعد جزءاً من مسار العدالة الانتقالية في سوريا، عقب إصدار قضاة التحقيق في دائرة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية في باريس مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس المخلوع بشار الأسد في 21 كانون الثاني/يناير 2025.
وجاء هذا القرار بناءً على طلب النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب، التي اتهمت الأسد بالتواطؤ في جريمة حرب، وذلك على خلفية مقتل المواطن الفرنسي-السوري صلاح أبو نبوت (63 عاماً) في 7 حزيران/يونيو 2017، إثر قصف منزله الذي كان يُستخدم كمدرسة تديرها منظمة إنسانية في حي طريق السد في مدينة درعا، وتم الهجوم عبر استخدام البراميل المتفجرة التي أسقطتها مروحيات تابعة لقوات الأسد.
تأتي هذه المذكرة بعد تحقيق قضائي بدأ إثر شكوى تقدم بها السيد عمر أبو نبوت، نجل الضحية صلاح أبو نبوت، والذي يقول: “إنَّ هذه القضية تتويج لطريق طويل نحو العدالة التي آمنت وعائلتي بها منذ البداية. نحن سعيدون بشكل خاص بأنَّ المدعي العام وقاضي التحقيق استجابا لمطالبنا ومطالب السوريين الضحايا، ونأمل أن تكون هناك محاكمة وأن يتم القبض على المسؤولين في نهاية المطاف ومحاكمتهم أينما كانوا. قضيتنا هي جزء من مسار العدالة الانتقالية في سوريا وجزء في منع مجرمي الحرب من الإفلات من العقاب. محاسبة بشار الأسد أمام القضاء ستبعث آمالاً كبيرة لدى جميع الضحايا السوريين”.
خلفية القضية:
بدأت القضية في عام 2017 عندما تقدم عمر أبو نبوت، نجل الضحية، بشكوى إلى القضاء الفرنسي نيابةً عن والده. عمل عمر على إعداد ملف القضية ومتابعته حتى فتح قضاة التحقيق في فرنسا تحقيقاً موسعاً بشأنها.
وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصدر قضاة التحقيق في وحدة جرائم الحرب بالمحكمة الجنائية الفرنسية أربع مذكرات توقيف دولية بحقِّ ضباط رفيعي المستوى في قوات الأسد. تركزت الاتهامات حول التواطؤ وارتكاب جرائم حرب، تضمنت تعمد استهداف السكان المدنيين ومواقع مدنية لا تشكل أهدافاً عسكرية باستخدام البراميل المتفجرة.
الضباط المشمولون بمذكرات التوقيف الدولية هم:
• العماد الركن فهد جاسم الفريج: وزير الدفاع ونائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، بالإضافة إلى كونه نائب رئيس مجلس الوزراء وقت تنفيذ الهجوم.
• العماد الركن علي عبد الله أيوب: رئيس هيئة الأركان العامة وقت الهجوم والمسؤول عن غرفة العمليات العسكرية التي تصدر وتنسق الأوامر. في مطلع عام 2018، تم تعيينه وزيراً للدفاع، حيث استمر في منصبه حتى نيسان/أبريل 2022.
• اللواء الركن أحمد بلول: قائد القوى الجوية والدفاع الجوي في الجيش السوري وقت الهجوم.
• العميد الركن علي كامل صفتلي: قائد اللواء 64 للمروحيات في قاعدة بلي الجوية أثناء تنفيذ العملية.
مسؤولية بشار الأسد عن الجريمة:
بصفته الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة السورية وقت ارتكاب الجريمة في 7 حزيران/يونيو 2017، يتحمل بشار الأسد المسؤولية المباشرة عن سلسلة الجرائم التي ارتكبتها قواته. وفقاً للقانون الدولي الإنساني، يُعتبر القائد مسؤولاً عن الجرائم التي تُرتكب تحت قيادته إذا كان على علم بها ولم يتخذ أي خطوات لمنعها أو لمحاسبة مرتكبيها.
الهجوم الذي أودى بحياة صلاح أبو نبوت عبر استخدام البراميل المتفجرة كان جزءاً من سياسة منهجية اتبعها نظام الأسد لاستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية. هذا الاستهداف المتعمد يندرج تحت تصنيف الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، فقد الأخير الحصانة الرئاسية أو الشخصية التي كانت تمنحه حماية من الملاحقة القضائية. ووفقاً للتحقيقات التي أجرتها دائرة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية بباريس، ثبت تورط الأسد المباشر في الجريمة، مما مهّد الطريق لإصدار مذكرة توقيف دولية بحقه.
وأوضحت الشبكة أن مبدأ الولاية القضائية العالمية يتيح للمحاكم الوطنية محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم خطيرة مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية المتهم.
وكذلك سقوط حصانة الأسد بعد هروبه من منصبه يفتح المجال أمام ملاحقته قضائياً في المحاكم الأجنبية، مع مراعاة القانون الدولي الذي يحترم السيادة، ولكنَّه لا يمنح الحصانة لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة.
دور الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في دعم التحقيق في قضية أبو نبوت:
لعبت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان دوراً محورياً في دعم التحقيق القضائي الفرنسي في قضية مقتل صلاح أبو نبوت. فمنذ وقوع الحادثة، كانت الشَّبكة على تنسيق مع عمر أبو نبوت، نجل الضحية، وساهمت في تقديم معلومات وتفاصيل حيوية دعمت القضية من خلال:
توثيق الحادثة وتقديم الأدلة والشهود:
• وثقت الشَّبكة حادثة القصف بالبراميل المتفجرة بتاريخ 7 حزيران/يونيو 2017 فور وقوعها، ونشرت تقريراً مفصلاً عنها في 9 تموز/يوليو 2017، وقدمت الشَّبكة معلومات دقيقة حول الحادثة، بالإضافة إلى شهادات شهود عيان وناجين.
كذلك سياق استخدام البراميل المتفجرة من قبل نظام الأسد، حيث عملت على مدى سنوات على توثيق حوادث استخدام البراميل المتفجرة وأصدرت عشرات التقارير الشهرية الدورية عنها ممّا شكَّل قاعدة بيانات واسعة تتضمن مئات حوادث استخدام البراميل المتفجرة والتي بلغ عددها قرابة 82 ألف برميل ألقاها نظام الأسد على سوريا.
الإدلاء بالشهادات:
بناءً على طلب قاضية التحقيق، أدلى فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، بشهادته كخبير في ملف البراميل المتفجرة. استغرقت شهادته أكثر من ساعتين في كانون الثاني/يناير 2020، حيث شرح بالتفصيل آثار هذه الأسلحة المدمرة على المدنيين.
خاتمة:
قالت الشبكة إن سقوط نظام الأسد وما تلاه من فقدانه للحصانة يفتح المجال لملاحقته قانونياً في الدول التي تطبق مبدأ الولاية القضائية العالمية، وأشارت إلى أن إصدار مذكرة توقيف دولية بحقه يعني أنَّ بشار الأسد بات مطلوباً لدى القضاء الفرنسي، ما يضع ضغوطاً على الدول الموقّعة على الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك الإنتربول، لتنفيذ المذكرة. هذا القرار من شأنه تقييد حركة الأسد الدولية وعزله سياسياً، مما يقلل من فرص إفلاته من العدالة.