قالت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، إنها استضافت في مقرها في دمشق اليوم اجتماعاً مع الهيئة الوطنية للمفقودين، بحضور السيد فضل عبد الغني، مدير الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، ورئيس الهيئة الوطنية للمفقودين الدكتور محمد رضا جلخي، وأعضاء من المؤسستين.
تناول الاجتماع ملف المفقودين والمختفين قسرياً في سوريا باعتباره أحد أكثر الملفات إلحاحاً وتعقيداً في المشهد الحقوقي السوري. استعرض السيد عبد الغني خلال الاجتماع أفكاراً للتعاون بين المؤسستين، وقال إنَّ قاعدة البيانات الشاملة للشَّبكة السورية وثّقت قرابة 177 ألف حالة اختفاء قسري منذ آذار/مارس 2011، مؤكداً على أهمية الاستفادة منها في عمل الهيئة الوطنية. بما في ذلك عمليات كشف الحقيقة، والمحاسبة، وتخليد الذكرى.
من جانبه، قدّم رئيس الهيئة للمفقودين عرضاً حول الاستراتيجية الوطنية للبحث عن المفقودين، بما في ذلك تطوير آليات جمع المعلومات، وتشكيل فرق متخصصة للبحث والتحقيق، بالإضافة إلى برامج الدعم النفسي والاجتماعي لعائلات المفقودين.
أكد المجتمعون على ضرورة العمل وفق الإطار القانوني الدولي، خاصة الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن البحث عن الأشخاص المفقودين. كما شدّدوا على أهمية ضمان حق العائلات في معرفة الحقيقة، وهو حقّ غير قابل للتقادم وفقاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
تؤكد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان على أهمية دعم جهود الهيئة الوطنية لشؤون المفقودين بما يصب في مصلحة الضحايا وعائلاتهم، كما تجدد التأكيد على أنَّ ملف المفقودين يُمثل أولوية في مسار سوريا نحو الاستقرار والعدالة.
نشرت بي بي سي تحقيقًا يكشف عن قصص الأطفال المفقودين في سوريا خلال حكم النظام البائد، ودور بعض المؤسسات الدولية في إدارة دور الأيتام، بما فيها منظمة "قرى أطفال SOS إس أوه إس الدولية"، التي أدار فرعها السوري عددًا كبيرًا من هؤلاء الأطفال. يأتي التحقيق في إطار جهود بي بي سي لكشف ما جرى للأطفال الذين فُصلوا قسرًا عن عائلاتهم، ولتسليط الضوء على ثغرات حماية الأطفال في مناطق النزاع.
تتفقد ريم القاري وابنة عمها عشرات الصور لأطفال في مكتب أحد المراكز، لتلتقط نظرها صورة تشبه ابنها كريم، الذي اختفى مع والده عام 2013 أثناء الأزمة السورية وكان عمره وقتها سنتين ونصف. ويُقدّر أن كريم هو واحد من أكثر من 3,700 طفل لا يزالون في عداد المفقودين منذ سقوط حكم الأسد قبل أشهر.
كريم، الذي سيكون عمره اليوم 15 عامًا، قد يكون أحد الأطفال الذين أُودعوا في دار الأيتام، خصوصًا وأن والده تعرض للاعتقال عام 2016، وهو ما يجعل فرضية إرسال كريم إلى دار أيتام محتملة.
كشف التحقيق أن فرع "إس أوه إس" في سوريا استقبل الأطفال دون التحقق من وثائقهم أو هوياتهم، وأحيانًا غيّر أسماءهم رسميًا. كما امتثل للقيود الأمنية، بما في ذلك منع زيارة الأقارب ومنع الأطفال من معرفة أسرهم.
رغم إعلان المنظمة الدولية أنها توقفت عن استقبال أطفال المعتقلين السياسيين عام 2018، تشير وثائق حصلت عليها بي بي سي إلى استمرار نقل الأطفال إلى المنظمة حتى عام 2022.
أفاد أكثر من 50 موظفًا حاليًا وسابقًا بأن المناصب العليا في فرع المنظمة بسوريا كانت تعيين مباشر من قصر الأسد، وأن زوجة الرئيس المخلوع بشار، أسماء الأسد، كان لها دور مؤثر في عمل المنظمة.
كما أشار الموظفون إلى أن استقبال الأطفال كان مرتبطًا أحيانًا بتحقيق أهداف التمويل الدولي للمنظمة، وأن المقر الرئيسي في النمسا لم تتخذ خطوات كافية واستجابتها كانت بطيئة حيال التحذيرات التي كانت تتلقاها من مُبلّغين بشأن قبول أطفال المعتقلين في سوريا ضمن دور الرعاية التابعة لها.
أهالي الأطفال: الألم والبحث المستمر
بيّن التحقيق قصص عدة عائلات، من بينها أمامة غبيس، التي استعيدت ابنتاها بعد ثلاث سنوات من الفصل، لكنها وجدت أن الأطفال تم تغيير أسمائهم، وأن التواصل مع الأسرة كان ممنوعًا طوال تلك السنوات.
ريم القاري، بالمقابل، لا تزال تبحث عن كريم، مع استمرار غياب أي معلومات واضحة حول مكانه أو حالته. وأكد التحقيق أن العديد من الأهالي ما زالوا يواجهون صعوبة في الوصول إلى سجلات الأطفال المفقودين.
أكدت المنظمة الدولية أن الأطفال فُصلوا قسرًا عن عائلاتهم، وأن المنظمة ملتزمة باستخلاص الدروس من التحقيقات لضمان عدم تكرار ذلك. كما نفت المنظمة أي صلة رسمية بعائلة الأسد، لكنها تعمل على التحقيق في أي علاقات غير رسمية محتملة.
التحقيق يشير إلى أن الأزمة لم تنته بعد بالنسبة للأطفال المفقودين وأهاليهم، وأن هناك فجوات واسعة في حماية الأطفال داخل سوريا، وفي متابعة الالتزام بالمعايير الدولية من قبل المنظمات الدولية.
ويُظهر التحقيق أن استمرار عمل "إس أوه إس" في سوريا بعد كشف الانتهاكات، واستمرار الفرع في تقديم خدماته للأطفال الحاليين، يجعل مسألة المحاسبة وضمان حقوق الأطفال قضية ملحة.
تكشف بي بي سي من خلال هذا التحقيق أن الفصل القسري للأطفال عن عائلاتهم كان له أبعاد سياسية واستغلالية، وأن المنظمات الدولية المعنية لم تتخذ دائمًا الإجراءات الكافية للحماية أو لمتابعة الالتزامات الدولية. ولا تزال قصص الأطفال المفقودين، مثل كريم، شاهدة على معاناة العائلات السورية وغياب الشفافية والمساءلة في إدارة دور الأيتام أثناء الأزمة.
أعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية عن تنفيذ عمليتين أمنيتين متزامنتين في محافظتي اللاذقية وريف دمشق، أسفرتا عن توقيف مطلوبين خطيرين وتفكيك خلية إرهابية، في إطار الجهود المتواصلة لحماية الاستقرار الداخلي والتصدي لمحاولات التخريب.
وفي التفاصيل، أعلن العميد أحمد الدالاتي، قائد الأمن الداخلي في ريف دمشق، أن الوحدات المختصة وبالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، ألقت القبض على خلية إرهابية في بلدتي سعسع وكناكر بالريف الغربي، مرتبطة بميليشيا "حزب الله".
وكشفت التحقيقات الأولية أن أفراد الخلية تلقوا تدريبات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، وكانوا يخططون لتنفيذ عمليات تهدد أمن المواطنين.
وخلال العملية، تمت مصادرة 19 صاروخًا من طراز غراد، وصواريخ مضادة للدروع، إضافة إلى قواعد إطلاق وأسلحة فردية وكميات كبيرة من الذخائر.
وأكدت وزارة الداخلية أن الأجهزة المختصة تواصل التحقيق مع الموقوفين لكشف كامل ارتباطاتهم ومخططاتهم، مشددة على أن ملاحقة الخلايا التخريبية مستمرة لمنع أي تهديد لأمن البلاد.
في محافظة اللاذقية، تمكنت قيادة الأمن الداخلي بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب من القبض على المدعو تهاني شفيق سوادي أحمد، المطلوب بجرائم خطيرة شملت الخطف والسطو المسلح بانتحال صفة أمنية، إضافة إلى الاتجار بالمخدرات، وأشارت التحقيقات إلى ارتباطه بخلايا إرهابية تابعة للنظام البائد، حيث جرى تحويله إلى القضاء المختص لمتابعة محاكمته أصولاً.
وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية بوقت سابق عن ضبط عصابات خطف تنتحل صفة عسكرية وأمنية وتقوم بارتكاب جرائم، وفي كانون الثاني الماضي ضبطت عصابة تنتحل صفة أمنية في حلب ضمن عملية نوعية، من تحرير مختطفين من قبل عصابة الخطف المعلن عنها، كانت قد طلبت فدية قدرها 100 ألف دولار من ذوي المختطفين.
ويذكر أن وزارة الدفاع السورية وإدارة الأمن الداخلي تتخذ خطوات صارمة في سياق ملاحقة العصابات التي تنتحل صفحة رسمية والقبض عليها، ويعرف أن هذه العصابات علاوة على مخاطرها على المجتمع تتسبب بمحاولة تشويه صورة الدولة السورية الجديدة وتفتح المجال أمام كثير من المتصيدين ممن يأخذون جرائم هذه العصابات وينسبونها للأمن السوري.
أصدرت محكمة في مدينة دوسلدورف الألمانية حكمًا بالسجن المؤبد على السوري عيسى الحسن بعد إدانته بتنفيذ هجوم طعن مستوحى من أفكار تنظيم “داعش” في مدينة زولينغن غربي ألمانيا عام 2024، أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة عشرة آخرين.
وقالت النيابة العامة إن الحسن، المولود في سوريا عام 1998، استهدف مهرجانًا بمناسبة مرور 650 عامًا على تأسيس مدينة زولينغن، معتقدًا أن “الكفار” سيتواجدون فيه.
وكشفت التحقيقات أنه كان على تواصل قبل الهجوم مع أحد عناصر التنظيم عبر تطبيق “تيليغرام”، حيث سجل مقطعًا مصورًا يعلن فيه مبايعته.
وذكر المحققون أن المتهم هاجم الحشود بشكل عشوائي مستخدمًا سكينًا، مستهدفًا أعناق وضُهور المارة. وأوضح مستشار عيّنته المحكمة أن الحسن كان قد فرّ من مناطق سيطرة التنظيم في سوريا عام 2013، ووصل إلى ألمانيا لاجئًا في 2022.
خلال محاكمته، التي بدأت في مايو/أيار الماضي، أبدى المتهم في البداية ندمًا وأكد أنه “يحمل عبئًا ثقيلاً من الذنب”، لكنه عاد لاحقًا ليبرر فعلته بالقول إنها جاءت احتجاجًا على صفقات السلاح الألمانية لإسرائيل خلال حرب غزة.
وأدى هجوم زولينغن إلى تأثير مباشر على الانتخابات الألمانية لعام 2025، إذ صبّ في مصلحة حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، وساهم في قرار المستشار الحالي فريدريش ميرتس بتشديد قيود الهجرة وجعلها محورًا رئيسيًا في حملته الانتخابية.
أعلن وزير العدل اللبناني عادل نصار أنّ المفاوضات القضائية بين لبنان وسوريا ما زالت في بداياتها وأن مسارها طويل ومعقد، مؤكداً أنّ بلاده لن تتخلى عن ثوابتها القانونية، وأن أي اتفاق مرتقب يجب أن يقوم على أطر ومعاهدات واضحة تضمن شروط التسليم القضائي.
وأوضح نصار في تصريح لصحيفة «الأنباء» الكويتية أنّ اجتماعاً ثانياً سيُعقد قريباً في بيروت بين الجانبين اللبناني والسوري، لاستكمال النقاشات والبناء على ما تم التوصل إليه في الجولة الأولى.
وكانت وكالة «أسوشيتد برس» قد كشفت في وقت سابق أنّ لبنان وسورية اتفقا على تشكيل لجنتين مشتركتين، الأولى لبحث مصير نحو ألفي سوري محتجزين في السجون اللبنانية، والثانية لمتابعة ملف اللبنانيين المفقودين في سورية منذ سنوات، إضافة إلى معالجة مسألة الحدود المشتركة غير المعلّمة التي تشكّل نقطة خلافية بين البلدين.
وأوضحت الوكالة أنّ الخطوة جاءت بالتزامن مع زيارة وفد سوري رسمي إلى بيروت ضم شخصيات سياسية وحقوقية.
ووفق المصادر التي تحدثت للوكالة، فإن الإدارة السورية الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع تسعى إلى فتح صفحة جديدة مع لبنان، والتحضير لزيارة مرتقبة لوزيري الخارجية والعدل السوريين إلى بيروت، في ما قد يشكّل اختراقاً مهماً في العلاقات الثنائية بعد عقود من التوتر.
كما لفتت المصادر إلى أنّ النقاشات شملت ملفات حساسة أبرزها أوضاع الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، وملف المفقودين اللبنانيين في سورية، وأزمة اللاجئين السوريين في لبنان.
كما قال موقع «المدن» اللبناني إنّ ملف الموقوفين السوريين دخل مرحلة جديدة من النقاش القضائي – الأمني، بعد زيارة وفد لبناني رسمي إلى دمشق للمرة الأولى، ضم قضاة ومسؤولين أمنيين وممثلين عن الحكومة.
وبحسب المعلومات، لمس الوفد اللبناني اندفاعاً سورياً لحل الملف بسرعة سواء عبر تفعيل معاهدات قديمة أو توقيع اتفاقيات جديدة، فيما تمسّك الجانب اللبناني بضرورة الالتزام بالقوانين المعمول بها، والإفراج عن كل من أنهى محكوميته فقط.
وأشار «المدن» إلى أنّ الوفد السوري طالب بتسليم جميع الموقوفين السوريين والاطلاع على ملفاتهم القضائية، مع التركيز على حالات وُصفت بأنها إنسانية، بينما نفى الجانب اللبناني وجود أي موقوف انتهت محكوميته وما زال قيد الاحتجاز، مؤكداً أن معظم المعتقلين مدانون بالانتماء إلى «جبهة النصرة» والمشاركة في معارك عرسال بين عامي 2014 و2017.
في المقابل، أوضح الوفد السوري أنّ مطالبه تتركز على الموقوفين السياسيين والمعارضين لبشار الأسد، وليس على من ثبت تورطه في قتال الجيش اللبناني.
وقد طرحت دمشق أربعة مسارات لمعالجة هذا الملف: تفعيل الاتفاقيات القضائية السابقة، توقيع معاهدات جديدة، إصدار قانون عفو لبناني، أو إبرام تفاهم مباشر بين وزيري العدل في البلدين.
واتفق الجانبان على عقد اجتماع جديد خلال شهر لمتابعة المفاوضات، في إشارة إلى انتقال العلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة من التعاون المؤسساتي بين الدولتين.
مرّت تسعة أشهر على فرار بشار الأسد إلى روسيا، منهياً عقوداً من حكم عائلته. ومنذ أن تولى الرئيس أحمد الشرع السلطة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عقب هجوم مباغت، تواجه حكومته الجديدة تحديات كبرى تتراوح بين إعادة الإعمار وإدارة التوترات الداخلية وبين رسم موقع سوريا في المشهد الإقليمي والدولي.
في هذا السياق، نشر خبراء من المجلس الأطلسي تحليلات حول ما تحقق حتى الآن في دمشق، عقب زيارات ميدانية ولقاءات مع مسؤولين في الحكومة الجديدة.
يقول إبراهيم الأصيل، مدير مشروع سوريا في المجلس الأطلسي، إن الوزارات التي أنهكتها الحرب والعقوبات تُعاد بناؤها من الصفر، ويعمل فيها تكنوقراط ورجال أعمال سابقون “تطوعوا لخدمة الدولة” وسط موارد محدودة. ومع ذلك، يرى أن التحديات لا تقتصر على البيروقراطية بل تمتد إلى شرعية هشة، أحداث عنف داخلية، وديناميكيات إقليمية معقدة.
المسؤولون السوريون شددوا، بحسب الأصيل، على أن الاستقرار شرط أساسي لاحتواء داعش ومنع تفكك البلاد، لكن هذا الاستقرار ما زال مهدداً بفعل دعم قوى خارجية لفصائل مختلفة. كما تبقى المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية متوترة بسبب غياب الثقة المتبادلة، في حين تزيد الضربات الإسرائيلية من شعور السوريين بالهشاشة.
يرى جوناثان بانيكوف، مدير مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط، أن أكبر تحدٍ يواجه الشرع هو دمج الأقليات الدينية والعرقية في إطار وطني موحّد. ويشير إلى أن الدروز في الجنوب، والعلويين في الغرب، والأكراد في الشمال الشرقي، والمسيحيين في مناطق مختلفة، ما زالوا إما متشككين أو معادين للحكومة الجديدة، ويخشون من تهميش حقوقهم.
ويضيف أن أمام دمشق خيارين: إما إقناع هذه الفئات بالانخراط في دولة مركزية، أو القبول بنموذج أكثر اتحادية، محذراً من أن إطالة أمد الخلافات قد تؤدي إلى استمرار العنف الطائفي، ما يهدد هدف الشرع بطي صفحة الحرب وإعادة دمج سوريا في محيطها العربي والدولي.
أما أليكس بليتساس، رئيس مشروع مكافحة الإرهاب في المجلس، فيدعو دمشق إلى الانضمام إلى التحالف الدولي ضد داعش الذي يضم نحو 90 دولة، معتبراً أن ذلك سيعزز التزام الحكومة بالتعددية والتسامح، ويوفر فرصاً للحصول على تدريب ومعلومات استخباراتية، ما يسرّع القضاء على بقايا التنظيم.
ويؤكد أن الاستقرار الأمني شرط لجذب الاستثمارات الأجنبية وإعادة الإعمار، وأن التعاون مع التحالف قد يفتح الباب لشراكات اقتصادية أوسع ويعزز الثقة الإقليمية، بما في ذلك مع إسرائيل والولايات المتحدة.
غيرشوم ساكس، نائب مدير مبادرة N7، يرى أن لدى سوريا في عهد الشرع فرصة لتصبح “قوة إيجابية” في الشرق الأوسط إذا نجحت في استثمار اللحظة الراهنة. ويشير إلى أن الحكومة الجديدة تسعى إلى منع إيران من استخدام سوريا منصة للفوضى، وتفكيك شبكات إمداد حزب الله، والتوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل قد يفتح الباب لعلاقات طبيعية لاحقاً.
ويشدد ساكس على أن الشرع يحتاج إلى دعم غربي لمواجهة تهديدات داعش والتنسيق الإيراني–اللبناني، ويرى أن الاستثمار الغربي في قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا سيكون أساسياً لإعادة الإعمار. كما يعتبر أن رفع العقوبات الأميركية في يونيو/ حزيران الماضي خطوة أولى، لكن على الغرب أن يرسّخ مصالحه في دمشق عبر شراكات طويلة المدى.
تشير شهادات أخرى نقلها خبراء المجلس إلى أن وزارة الاقتصاد السورية تعمل على إعداد “خريطة استثمارية”، وتشجع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتسعى لمشاريع صغيرة وكبيرة على حد سواء. لكن غياب الشفافية يبقى أبرز العقبات أمام جذب المستثمرين.
وبحسب تحليلات المجلس الأطلسي، فإن الانتقال السوري لا يزال في بدايته: فالأجواء في دمشق تجمع بين التفاؤل والحذر، والفرص قائمة لإعادة بناء المؤسسات والانفتاح الدولي، لكن المخاطر تظل كبيرة ما لم تتمكن الحكومة من تحقيق شراكة حقيقية مع الأقليات، وتعزيز استقرار أمني واقتصادي يمكّن البلاد من الانخراط مجدداً في النظامين العربي والدولي.
تواصل حملة "الوفاء لكفرومة" التي أطلقها ناشطون وأهالي البلدة في ريف إدلب الجنوبي، جذب الأنظار والقلوب معاً، ليس فقط بما جمعته من تبرعات مالية لدعم مشاريع إعادة الإعمار وتحسين الخدمات، بل أيضاً بما شهدته من مواقف رمزية إنسانية أضاءت مسارها وروحها.
من بين هذه المواقف، قصة طفل من أبناء البلدة لم يمتلك إلا دراجته الصغيرة، فاختار أن يتبرع بها للحملة، مقدماً مثالاً نادراً في الانتماء والعطاء رغم صغر سنه. تصرّفه العفوي والبسيط لامس مشاعر السوريين وأصبح رمزاً لرغبة الأجيال الجديدة في المشاركة في خدمة مجتمعهم حتى بأغلى ما يملكون.
وقد تحولت الدراجة إلى رمز للعطاء بعدما بيعت في مزاد علني بمبلغ 25 ألف دولار باسم محافظ إدلب، على أن تعاد للطفل لاحقاً، في لفتة تؤكد أن قيمة العطاء لا تُقاس بحجم الممتلكات وإنما بالنية الصادقة وروح التضامن.
وفي مشهد آخر موازٍ، اختار مقاتل التبرع بجعبته التي رافقته في ساحات القتال، ليضعها هي الأخرى في خدمة الحملة. هذه الخطوة جمعت بين القيمة المادية والمعنوية، إذ حملت رسالة بأن التضحية لا تتوقف عند ميادين الحرب، بل تمتد إلى إعادة البناء وخدمة الناس.
يعكس هذان الموقفان، من الطفل والمقاتل، قوة التأثير الذي يمكن أن يحدثه كل فرد مهما كان صغيراً أو محدود الإمكانات، ويجسدان معنى المبادرة والمسؤولية الاجتماعية، ويعيدان التذكير بأن المجتمع يُبنى بأيدٍ متكاتفة ونوايا صافية.
حتى الآن نجحت الحملة في جمع أكثر من 150 ألف دولار، خُصصت لمشاريع حيوية في كفروما، تشمل دعم نحو 3500 عائلة عائدة من المخيمات، وتوفير احتياجات نحو 4000 طالب موزعين على 11 مدرسة غير مجهزة، إضافة إلى ترميم المستوصف الصحي الوحيد في البلدة، وصيانة شبكة الصرف الصحي، وترحيل الأنقاض، وتحسين الطرق والإنارة العامة.
ويؤكد القائمون على المبادرة أن هذه التبرعات تمثل بداية مشجعة لمسار طويل من إعادة البناء، وتعكس إصرار الأهالي والناشطين على إعادة الحياة إلى البلدة وتعزيز عوامل الاستقرار فيها.
قال الدكتور عامر البو سلامة، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، إن المقترح الذي قدّمه أحمد موفق زيدان، المستشار الإعلامي للرئيس السوري أحمد الشرع، بشأن حلّ الجماعة "اجتهاد شخصي لا يعبّر عن موقف رسمي للسلطة السورية".
وأضاف البو سلامة، في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر الأربعاء، أن الجماعة درست مختلف الطروحات المتصلة بمستقبلها، وخلصت إلى أن "حلّ الجماعة لا يخدم المصلحة الوطنية ولا مصلحة سوريا"، مؤكداً أن الإخوان "كانوا وما زالوا جزءاً من المشهد السوري وقوة داعمة للمرحلة الانتقالية".
وأوضح أن الجماعة لم تتلق أي تواصل رسمي أو ضغوط من السلطات السورية الجديدة لحلّ نفسها، قائلاً: "لم يتواصل معنا أي مسؤول سوري، وما يُطرح لا يتجاوز كونه مقالات أو اجتهادات إعلامية وشخصية". وأضاف: "لو رأينا في حلّنا مصلحة لسوريا لاتخذنا القرار فوراً، لكن وجودنا ضروري ويمثل إضافة للحالة السورية الجديدة".
وردّاً على الانتقادات التي تصف الإخوان بأنهم عبء على سوريا الجديدة، قال البو سلامة: "نحن مواطنون سوريون ولسنا قادمين من الخارج، الجماعة موجودة في المعارضة منذ عام 1962 وضحّت في مواجهة نظام الأسد الأب والابن وقدمت تضحيات كبيرة في السجون والمنفى". وأكد أن الجماعة "تملك من المرونة والديناميكية ما يمكنها من التطور والاستمرار"، لافتاً إلى أن الحديث عن شيخوخة قياداتها "مضلل".
كما رفض المراقب العام مقارنات حلّ الجماعة بتجارب تونس أو السودان، موضحاً أن ما جرى في تلك الحالات "لم يكن حلاً حقيقياً بل إعادة تموضع وتغيير أسماء وهياكل مع بقاء الفكرة والامتداد". وأشار إلى أن الجماعة منفتحة على التطوير والبحث في الهياكل والأسماء إذا اقتضت الظروف، "لكن حلّها كجسم تاريخي ووطني غير وارد".
وحول العلاقة مع السلطة السورية الجديدة، شدد البو سلامة على أن الجماعة "مؤيدة وساندة للرئيس أحمد الشرع والإدارة الانتقالية"، مؤكداً أن الإخوان "ليسوا في موقع المعارضة أو التعطيل" بل يضعون خبراتهم في خدمة الدولة. وقال: "نحن اليوم في خندق واحد مع القيادة الجديدة، نؤيدهم وننصحهم في الوقت ذاته، وإذا وجدنا خللاً سنشير إليه بلغة النصح والود وليس بهدف المعارضة أو الإضعاف".
كما شدد على أن الجماعة "ترفض حمل السلاح خارج إطار الدولة"، داعياً الكتائب العسكرية السابقة إلى الاندماج ضمن مؤسسات الجيش ووزارة الدفاع، معتبراً أن وجود الإخوان لا يتعارض مع الاندماج في الحالة السورية الجديدة.
واختتم البو سلامة بالقول إن الإخوان في سوريا يمتلكون مجالات عمل واسعة لا تقتصر على السياسة بل تشمل التربية والدعوة والخدمات الاجتماعية والتعليم، مضيفاً: "نحن باقون جزءاً من النسيج السوري، نعمل من أجل بناء الفرد والأسرة والمجتمع بالتوازي مع دعم الدولة الجديدة للوصول إلى بر الأمان".
وكان أثار أحمد موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري أحمد الشرع للشؤون الإعلامية، جدلًا واسعًا بعد نشره مقالة دعا فيها صراحة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا إلى حل نفسها، معتبراً أن تمسكها بشكلها التنظيمي الحالي يضر بالبلاد ويعزلها عن السياق السوري الجديد بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وجاءت المقالة بعد أسابيع قليلة فقط من تعيين زيدان في منصبه في أغسطس/آب الجاري، وهي الخطوة التي أثارت بدورها موجة من الانتقادات والتساؤلات، خصوصاً من جهات معارضة علمانية أو قومية، رأت في تعيين زيدان مؤشراً على تقارب غير معلن بين السلطة الجديدة وجماعة الإخوان، أو على الأقل أحد رموزها السابقين.
لاقى المقال ترحيبًا من بعض الكتاب والنشطاء الداعمين للسلطة الجديدة، واعتبروه “خطوة جريئة” ومؤشرًا على “تحرر زيدان من إرثه التنظيمي”، فيما رآه آخرون مراجعة فكرية ضرورية في سياق بناء الدولة بعد الثورة.
في المقابل، انتقد معارضون إسلاميون المقال بشدة، واعتبروه “انقلابًا على التاريخ والنضال”، واتهموه بـ”مغازلة السلطة الجديدة” لضمان موقعه داخلها. وأشار بعضهم إلى أن زيدان “يتنكر لرفاق الأمس”، وأن دعوته تأتي متأخرة أو “وظيفية الطابع”.
في الأساطير اليونانية القديمة، عاش قاطع طريق يُدعى بروكريست، كان يملك سريراً حديدياً ثابت المقاس، كل من يمر به، يُجبر على الاستلقاء عليه. فإن كان الجسد أطول من السرير، قطعه بروكريست أجزاءاً منه حتى "يتناسب"، وإن كان أقصر، مدّه بالقوة حتى "يبلغ القياس".
كان الهدف من ذلك تطويع الجسد، ولم يكن السرير أداة نوم وراحة، بل وسيلة سيطرة وتعذيب. مع مرور الزمن، خرج "سرير بروكريست" من حدود الأسطورة، ليصبح رمزاً لكل محاولة لفرض القوالب الجاهزة على الأشخاص، على الحقيقة، على الفكر، وعلى الواقع.
وكل من يرفض الاختلاف، أو يخاف منه، أو يعجز عن استيعابه، ينصب سريره الخاص ويبدأ بتشويه ما حوله حتى يُشبهه. ورغم أننا اليوم لا نرى الأسرة الحديدية، إلا أن بروكريست لا يزال حاضراً، في الإعلام، في العقول، وفي المواقف اليومية، كثيرون يتبعون طريقته، ولكن بأساليب أكثر نُعومة، وأحياناً أكثر وحشية.
في الواقع السوري، لم يكن سرير بروكريست مجرد استعارة أدبية، بل تحوّل إلى سياسة يومية، ممنهجة ومدمرة. خاصة خلال سنوات الثورة السورية، حيث أخضع النظام البائد الأهالي بالقوة، وسعى إلى قولبة الوعي الجماعي، وإجبار الجميع على نمط واحد من التفكير والانتماء.
وكل من خرج عن هذا النمط، أو حاول الابتعاد عنه، لحق به الأذى بأقسى الطرق، منهم من رُمي في المعتقلات، والبعض تم نفيه خارج البلاد، ومنهم من قتل، إلى جانب قصف المنازل وتدمير قرى ومدن بأكملها. لقد واجه السوريون عقاباً جماعياً على أي انحراف عن “المقياس الرسمي”، حتى لو كان هذا الانحراف إنسانياً، أخلاقياً، وصاحب حق.
حتى أعوان النظام تبنّوا نفس أسلوب بروكريست، فخوّنوا كل من تحدّى سلطة النظام المخلوع، وكذّبوا القصص والمعاناة التي رواها الأهالي عن ظلمه، ووالوا الأسد ولاءً أعمى، مهاجمين بطريقة بروكريستية كل من حاول الوقوف ضد هذا القهر.
حتى بعد انتصار الثورة وسقوط النظام، ما يزال هناك من يحاول اتباع نفس أسلوب بروكريست في التكذيب، التخوين، ومحاربة أي رأي لا يتوافق مع آرائهم ومبادئهم، حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين، أو على حساب مصلحة البلاد.
هؤلاء الأشخاص الذين يتبعون نفس أسلوب بروكريست يخونون، يهاجمون، يستغلون الثغرات ويضخمونها، يوجّهون التهم، ويحاولون زعزعة الأمن والاستقرار. يقفون خلف الشاشات، خلف الصفحات والأسماء المستعارة، محاولين مهاجمة البلاد، مستخدمين نفس الطريقة القسرية في فرض رؤيتهم على الآخرين، حتى لو كانت على حساب الحقيقة والمصلحة العامة.
كما في الأسطورة، لم ينجُ بروكريست من سيف ما صنعه بغيره؛ فممارسته للقسوة والإجبار انقلبت عليه في النهاية. وفي الواقع السوري، سقط النظام البائد وسقط أعوانه، لكن الأفكار والأساليب البروكريستية لم تختفِ تماماً. هناك من يواصل التخوين، والتشويه، واتهام الآخرين بتهم لا أساس لها، محاولين فرض قياساتهم على الناس بالقوة أو بالإعلام أو بالضغط الاجتماعي.
إنما الحقيقة واحدة: أي قوة تسعى لتطويع الآخرين بالقسر والإكراه، وأي عقلية لا تحتمل الاختلاف، ستجد نهايتها عاجلاً أم آجلاً. وكما انتهى بروكريست، ستنهار كل محاولة لفرض القوالب الجاهزة على البشر، فالحياة والحرية لا يُقيدان بسيرٍ حديدي، ولا يقصّها أحد وفق مقاييسه الخاصة.
قالت السيناتورة الأمريكية جين شاهين (ديمقراطية – نيوهامبشر) إن العقوبات المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر” باتت تُعرقل فرص الاستقرار في المنطقة، مشيرة إلى أن التطورات الأخيرة في سوريا تُشكّل “فرصة مزدوجة” للولايات المتحدة للتخلص من النفوذ الإيراني والروسي في آنٍ معاً، إذا تم دعم جهود إعادة الإعمار.
وأوضحت شاهين، التي زارت العاصمة دمشق الشهر الماضي والتقت الرئيس السوري أحمد الشرع، أن النفوذ الإيراني في سوريا قد تراجع بشكل كبير، قائلة:
“لقد تم طرد إيران عملياً من سوريا، وكانت تلك طريقهم إلى لبنان لتسليح حزب الله… وتأثير روسيا تقلّص بشكل كبير”.
وأضافت: “إنها صفقة مزدوجة بالنسبة لنا: نتخلص من إيران وروسيا إذا ساعدنا سوريا على أن تمضي قدماً في الطريق الصحيح”.
وفي حديثها عن لقائها مع الشرع، قالت شاهين إنها اجتمعت معه لمدة ساعتين، حيث قدّم التزامات واضحة بشأن مكافحة تهريب السلاح ووقف دعم الميليشيات، موضحة:
”الشرع يقول كل الكلمات الصحيحة، وقد اتخذ عدداً من الخطوات الإيجابية. لكن التحدي كبير”.
وأكدت السيناتورة أن هناك فرصة نادرة لدعم الاستقرار في سوريا بعد سنوات من الحرب، مضيفة:
“هذه فرصة لتحقيق استقرار لم نشهده منذ عقود”.
تأتي تصريحات شاهين في ظل تحركات داخل مجلس الشيوخ لإلغاء “قانون قيصر”، ضمن مشروع قانون الدفاع الوطني، وهو ما يدعمه أيضاً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي التقى بالشرع في وقت سابق هذا العام.
وفي ذات السياق، أعلن المجلس السوري الأميركي أنّ لجنة القواعد والأحكام في مجلس النواب الأميركي قررت رفض جميع التعديلات المقترحة على مشروع موازنة وزارة الدفاع المتعلقة بالسياسة الخارجية، أي تلك التي تندرج ضمن اختصاص لجنة العلاقات الخارجية، بما في ذلك التعديل الذي تقدّم به النائب البارز جو ويلسون لإلغاء “قانون قيصر”، والذي كان قد حصل على دعم عدد كبير من النواب من الحزبين.
وأكد المجلس السوري الأميركي أنّ هذا القرار لم يكن لأسباب مرتبطة بمضمون المواد المطروحة، ولا علاقة له بسورية، بل جاء نتيجة اتفاق عقده رئيس مجلس النواب مايك جونسون لتفادي جعل مشروع الموازنة محل خلاف بين الحزبين، وضمان الحصول على أصوات الديمقراطيين اللازمة لتمرير المشروع.
وأوضح البيان أنّ الخلاف الأساسي داخل المجلس كان حول مواد ثقافية واجتماعية يعارضها الجمهوريون ويؤيدها الديمقراطيون، ولذلك اختار جونسون رفض جميع التعديلات ذات الصلة بالشؤون الخارجية، بحيث لا تُطرح للتصويت ولا تتسبب بخلافات قد تُعرّض الموازنة للخطر.
وبيّن جونسون، وفق ما نقل المجلس، أنّه مضطر لهذا المسار بسبب الأغلبية البسيطة التي يملكها الجمهوريون في المجلس بفارق بضعة مقاعد فقط، ما يعني أنّ امتناع بعض النواب الجمهوريين أو تصويتهم ضد المشروع، مثل مارجوري تايلور غرين وتوم ماسي، قد يؤدي إلى إفشاله بالكامل، وهو ما يفرض عليه تأمين بعض أصوات الديمقراطيين لإقراره.
وشدّد المجلس السوري الأميركي على أنّ ما جرى لا يعني انتهاء حظوظ إلغاء “قانون قيصر” من خلال مشروع الموازنة، إذ سبق أن نجح في إدراج مادة لإلغائه في نسخة مجلس الشيوخ من المشروع. لكنه أكد في الوقت نفسه أنّ الأمر يفرض مضاعفة الجهود المبذولة أصلاً من أجل إنجاح هذا المسعى.
ولفت المجلس إلى أنّ “قانون قيصر” حين أُقر عام 2019، وكذلك حين جُدّد عام 2024، لم يكن موجوداً في نسختي مجلس النواب أو مجلس الشيوخ من مشروع الموازنة، وإنما أُضيف في اللحظات الأخيرة بطرق خاصة، وهو ما يسعى المجلس لتكراره هذا العام.
وختم المجلس بالتأكيد على أنّ ما حدث اليوم يمثل تذكيراً بصعوبة العمل ودقته، موجهاً نداءً إلى الجالية السورية الأميركية لمضاعفة الجهود حتى نهاية العام، “عسى أن يكون النجاح حليفنا في هذا المسعى الوطني المشرف”.
و“قانون قيصر” هو تشريع أميركي أُقرّ في الكونغرس نهاية عام 2019 ودخل حيّز التنفيذ في حزيران/يونيو 2020، كجزء من موازنة وزارة الدفاع الأميركية للعام ذاته. استند القانون إلى آلاف الصور التي سرّبها مصوّر عسكري منشق عن النظام السوري يُعرف بالاسم الحركي “قيصر”، أظهرت ضحايا تعذيب وقتل داخل سجون النظام.
وقدّمه أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين بدعم واسع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ويفرض القانون عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على النظام السوري ورموزه، وعلى أي أطراف أو جهات دولية تتعامل معه أو تدعمه، بما في ذلك قطاعات الطاقة والبنى التحتية والمصارف.
ويطال القانون أي شركة أو دولة أو أفراد حول العالم يتعاملون مع دمشق اقتصادياً أو عسكرياً، وبرّر المشرّعون الأميركيون القانون بأنه أداة للضغط على النظام السوري من أجل دفعه إلى الدخول في عملية سياسية وفق القرار الأممي 2254، ولتحميله المسؤولية عن جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من سقوط نظام الأسد، ما يزال “قانون قيصر” سارياً بحق أي حكومة في دمشق، إذ لا يميز بين نظام الأسد السابق والدولة السورية الحالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بل يتعامل معهما على قدم المساواة، باعتبار أن أي سلطة تسيطر على دمشق تُعامل بموجب أحكام القانون ذاته.
أعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية يوم الأربعاء 10 أيلول/ سبتمبر، أنها تتابع مجريات قضية مقتل المواطن عطالله صالح الفياض منذ اللحظة الأولى لحصول حادثة الوفاة، حيث تم توقيف جميع عناصر الدورية الأمنية التي قامت باعتقاله.
وذكرت الوزارة أنه عقب إجراء التحقيقات الأولية من قبل الجهات المختصة، تبين أن عنصرين من الدورية هما من قاما بضربه، وسيتم إحالتهما إلى القضاء مباشرة بعد اكتمال التحقيقات بشكل كامل وصدور التقرير الطبي من قبل الطبابة الشرعية.
وأكدت التزامها التام بالعدالة والشفافية، وأنها لن تتهاون في محاسبة أي شخص يتجاوز صلاحياته، كما ستعاقب كل من يخالف التوجيهات المعمول بها.
وتشير مصادر متطابقة إلى أن "الفياض" جرى اعتقاله من قبل دورية أمنية إثر مشاجرة في مساكن برزة بدمشق، وبعد حوالي ساعتين من توقيفه، أبلغ الأمن الداخلي ذويه بوفاته إثر سكتة قلبية مفاجأة، قبل أن يتم فتح تحقيق في الحادثة.
وفي وقت سابق أصدر قائد قوى الأمن الداخلي في دمشق، العميد أسامة عاتكة، بيانا قال فيه إن المواطن "يوسف اللباد" دخل المسجد الأموي وهو في "حالة نفسية غير مستقرة"، وتلفظ بـ"عبارات غير مفهومة" وثقتها كاميرات المراقبة داخل المسجد.
وأضاف أن "عناصر حماية المسجد تدخلوا لتهدئته، ومنعه من إيذاء نفسه أو المصلين، وتم نقله إلى غرفة الحراسة ضمن الحرم الأمني للجامع، وهناك أقدم على إيذاء نفسه من خلال ضرب رأسه بأجسام صلبة، ما أدى إلى إصابته بجروح بالغة".
وأضاف العميد أنه "تم الاتصال بالإسعاف فورا، لكن الشاب فارق الحياة رغم محاولات إنقاذه"، مشيرا إلى أن الجهات المختصة باشرت تحقيقا شاملا وشفافا لتحديد كافة ملابسات الحادثة، مؤكدا أن الوزارة ستعلن عن النتائج فور توفرها.
وكان طالب مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، بفتح تحقيق شفاف في وفاة يوسف اللباد، محذراً من أن "التعذيب محظور قانوناً، وأي انتهاك يجب أن يخضع للمحاسبة".
ودعا عبد الغني وزارة الداخلية أو الجهات المعنية إلى عقد مؤتمر صحافي لتقديم نتائج التحقيقات للرأي العام، ومساءلة أي جهة متورطة. وأضاف أن القضية تتطلب "اعتذاراً رسمياً وتعويضاً عائلياً، وتدريباً أكبر للعناصر الأمنية على التعامل مع المدنيين، إن ثبت تورطهم".
أعلنت لجنة مخيم اليرموك أنها استقبلت، أمس، في مقرها وفدين من الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين ومؤسسة الصداقة الشامية الإندونيسية، في لقاء خُصص لبحث أوضاع المخيم واحتياجاته الخدمية الأساسية.
وأوضحت اللجنة في بيان أن النقاش تركز على الدور التاريخي لمخيم اليرموك في القضية الفلسطينية والأحداث السورية، وما قدّمه أبناؤه من تضحيات، إلى جانب أهمية الإسراع في عملية إعادة الإعمار بعد الدمار الواسع الذي لحق بالمخيم خلال السنوات الماضية.
وبيّنت اللجنة أن الوفدين قاما بجولة ميدانية شملت شارع الـ15 وعدداً من الجادات السكنية للاطلاع على حجم الأضرار التي أصابت الأبنية والبنية التحتية، كما زارا مشفى فلسطين الذي أدّى دوراً مهماً خلال سنوات الحصار بفضل كادره الطبي المتطوع، ثم تفقّدا تربة الشهداء القديمة ومسجد عبد القادر الحسيني الذي تعرّض للقصف خلال الأحداث.
وبحسب اللجنة، أبدى ممثلو مؤسسة الصداقة الشامية الإندونيسية استعدادهم لتقديم الدعم في مجالات المياه والصرف الصحي والكهرباء والنظافة وغيرها من القطاعات الخدمية، مؤكدين حرصهم على استمرار التنسيق والتواصل في المرحلة المقبلة.