الأخبار أخبار سورية أخبار عربية أخبار دولية
١٠ مايو ٢٠٢٥
الورود بدلاً من الرعب: مبادرات رمزية من الحكومة السورية لبناء الثقة مع المواطنين

تواصل الحكومة السورية الجديدة تنفيذ مبادرات تهدف إلى بناء الثقة مع الشعب، والحد من آثار الرعب الذي خلفه النظام السابق بقيادة بشار الأسد وأجهزته الأمنية. في خطوة رمزية، قام قسم الشرطة الجنائية في مدينة بانياس بريف طرطوس بتوزيع الورود على الأطفال، مما لاقى ترحيبًا واسعًا من قبل المواطنين، وأُثِيرت هذه المبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث ظهرت السعادة على وجوه الأطفال.

ردود فعل مرحبة: بداية لبناء علاقة إنسانية بين السلطات والمجتمع
أعرب العديد من المتابعين عن سعادتهم بهذه المبادرة، معتبرين إياها بداية لتغيير حقيقي وبناء علاقة إنسانية بين السلطات والمجتمع. ورأى البعض أن الخطوة تمثل محاولة لبناء الثقة مع الأجيال الجديدة، وأشادوا بطابعها السلمي والودي، مؤكّدين أن هذه التحركات المجتمعية تهدف إلى تعزيز العلاقات مع المواطنين، خاصة في المناسبات الوطنية والاجتماعية.

ذكرى الثورة الـ14: من البراميل إلى الزهور
وفي إطار آخر من المبادرات الرمزية، نظمت الحكومة السورية الجديدة في 15 آذار/مارس 2025 احتفالًا بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لانطلاق الثورة السورية. حيث قامت طائرات مروحية بإلقاء الورود والرسائل الاحتفالية على الجماهير المتجمعة في ساحة الأمويين بدمشق. 


هذه المشهدية، التي تمثل تحولًا رمزيًا، كانت بمثابة رسالة قوية للسوريين بعد أن اعتادوا على رؤية الطائرات تلقي البراميل المتفجرة على المدن والقرى في العهد السابق. اليوم، أصبحت الطائرات تُلقي الزهور، في إشارة إلى بداية عهد جديد يسوده السلام والأمل.

من الخوف إلى الأمل: إعادة تشكيل صورة الشرطة في الذاكرة السورية
في الماضي، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، كان الكثير من المواطنين يربطون أجهزة الشرطة والأمن في سوريا بالاعتقالات التعسفية والتعذيب والقمع الوحشي. وُجد شعور عام بالخوف من الاقتراب من أي مركز شرطة، حيث كانت الشرطة تمثل ذراع النظام القمعي، وليس مؤسسة لحماية المواطنين. كما اتُهمت الشرطة بالتمييز الطائفي والسياسي، وكان يُنظر إلى أن الولاء للنظام يمنح حصانة قانونية، في حين كان المعارضون يتعرضون لظلمٍ شديد.

هل تكفي الرموز لبناء الثقة؟
رغم أن المبادرات الحالية مثل توزيع الورود وإحياء ذكرى الثورة بأساليب سلمية تحمل رمزية مؤثرة وتُعد مؤشراً على تحول في الخطاب الرسمي، إلا أن بناء الثقة الحقيقية يتطلب خطوات أكثر جدية، تشمل إصلاح المؤسسات، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة، وتوفير ضمانات فعلية بعدم تكرار ما حدث في الماضي. فالزهور قد تُسعد الأطفال اليوم، لكن المستقبل الحقيقي لسوريا سيتشكل من خلال العدالة الشاملة والمحاسبة.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
وفد أهلي من السويداء يلتقي وزيري "الداخلية والتعليم" لإعادة طلاب الجامعات وضمان أمنهم

التقى وفد أهلي وسياسي من محافظة السويداء، يوم السبت في العاصمة السورية دمشق، مع وزيري الداخلية والتعليم العالي لبحث مسألة الطلاب الجامعيين من أبناء المحافظة الذين اضطروا لمغادرة جامعاتهم بسبب موجة الاعتداءات الطائفية والعنصرية التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية.

إعادة الطلاب إلى الجامعات وتأمين بيئة آمنة
ووفقًا لنشطاء شاركوا في الاجتماع الذي نقلته السويداء 24، ناقش الحضور كيفية إعادة الطلاب إلى جامعاتهم وتأمين بيئة تعليمية آمنة تضمن عدم تعرضهم لأي شكل من أشكال الاعتداء أو الخطاب الطائفي والتحريضي، الذي كان السبب الرئيسي وراء مغادرة آلاف الطلاب لمؤسساتهم التعليمية بسبب المخاوف على حياتهم.

تشكيل مجموعات طلابية رقابية
وأكدت المصادر أن الاجتماع أسفر عن الاتفاق على تشكيل مجموعات طلابية في الجامعات بهدف "معالجة التصرفات غير القانونية وتعويض الفاقد التعليمي للطلاب الذين اضطروا لمغادرة الجامعات". هذه المجموعات ستكون بمثابة لجان رقابية، مهمتها متابعة أي تعديات أو سلوك عنصري أو طائفي داخل الحرم الجامعي.

تجريم الخطاب الطائفي وفرض عقوبات صارمة
كما تم التأكيد خلال الاجتماع على "تجريم الخطاب الطائفي وفرض عقوبات صارمة بحق من يدعو للطائفية"، وهو ما يعكس الجدية في التصدي لهذه الظاهرة. بالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على السماح لطلاب الدراسات العليا بالتواصل وإجراء مفاضلات القبول عن بعد، لتيسير مشاركتهم في العملية التعليمية.

في السياق، أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قراراً بحظر نشر أو تداول أو ترويج، وبأي وسيلة كانت، أي محتوى يتضمن تحريضاً على الكراهية أو الطائفية أو العنصرية أو يسيء إلى الوحدة الوطنية أو السلم الأهلي.

وأكدت الوزارة أن كل مخالفة لهذا القرار من قبل أعضاء الهيئة التعليمية والطلاب والعاملين في الوزارة وكل الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد العليا والجهات التابعة للوزارة أو المرتبطة بالوزير، تعرّض مرتكبها للمساءلة الجزائية والمدنية والمسلكية والتحويل إلى المجالس المختصة (التأديب- الانضباط) لاتخاذ العقوبات الرادعة، والتي قد تصل إلى الفصل النهائي أو الإحالة إلى القضاء حسب أحكام القوانين والأنظمة النافذة.

وكلفت الوزارة رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة وعمداء المعاهد العليا والمديرين العامين للمدن الجامعية، وكل المديرين العامين في الجهات التابعة أو المرتبطة بالوزير بمتابعة تنفيذ هذا القرار.

وكانت أخذت قضية مغادرة طلاب الجامعات من حمص وحلب، وخاصةً من أبناء الطائفة الدرزية في السويداء، منحىً رسمياً بعد حملة دعائية واسعة روجت لتعرضهم لمضايقات مستمرة على أساس مذهبهم وانتمائهم، وهو ما تم نفيه بشكل قاطع من قبل الجهات الرسمية.

وسبق أن نفى مدير المدينة الجامعية في دمشق، عمار الأيوبي، صحة ما تم تداوله بشأن إجلاء قسري أو طرد أي طالب من السكن الجامعي. وأوضح في تصريح لموقع "الإخبارية" أن المقطع المصور الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي تم تسويقه على أنه طرد لطلاب من السويداء، تم تسجيله قبل عشرة أيام، أي قبل وقوع أي توتر في جرمانا وصحنايا، وتزامنًا مع حادثة التسجيلات المسيئة. 

وأكد الأيوبي أن مغادرة الطلاب كانت بناءً على طلبهم الشخصي ودون أي ضغوط، مشدداً على أن المدينة الجامعية لم تشهد أي أحداث عنف. كما دعا الأيوبي الطلاب للعودة إلى السكن الجامعي، مؤكداً أن المدينة الجامعية تضمن أمنهم وتستقبلهم بترحاب.

في السياق، كان أكد محافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور، أن حقوق طلاب محافظة ‏السويداء وغيرها من المحافظات، ‏والحفاظ على ‏كرامتهم داخل الجامعات، ‏مضمونة، ويمنع أي تعدٍّ عليهم تحت أي ظرف كان. ‏

وقال الدكتور البكور في تصريح له: “إنه انطلاقاً من مسؤوليتنا ‏الوطنية والأخلاقية، وحرصاً على أمن أبنائنا ‏وسلامتهم، أجريتُ تواصلاً ‏مباشراً مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، ‏وتم التأكيد بشكل ‏قاطع على هذا الموضوع، وأن الطلاب ‏موضع رعاية ‏واهتمام، ولن يُسمح بالإساءة إليهم، لا داخل الحرم الجامعي ‏ولا خارجه”.‏

واعتبر محافظ السويداء أن ما يُتداول من إشاعات وتجييش يهدف إلى زرع ‏الخوف أو الفتنة، داعياً الجميع وخصوصاً وسائل الإعلام وروّاد الفضاء ‏الرقمي، إلى تحرّي الدقة، وعدم الانجرار خلف الأخبار المضللة التي تهدف ‏للنيل من وحدة المجتمع السوري ، ومؤكداً أنه سيتم اتخاذ ما يلزم لحماية ‏الطلاب، والدفاع عن حقهم في التعلم بأمان وكرامة.‏

من جانبه، قال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى إنه يرفض تمامًا استخدام حرم الجامعات كمنصة للتجييش الطائفي أو تهديد السلم الأهلي بأي شكل من الأشكال، مشيراً إلى ضرورة محاسبة كل من يساهم في ذلك.

وأضاف المصطفى في منشور على حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي يوم الخميس، أنه تم التواصل مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي مروان الحلبي بشأن المشهد الأخير الذي انتشر على منصات التواصل الاجتماعي، والذي أظهر مغادرة بعض الطلاب من المدينة الجامعية. 

وأشار إلى أن وزير التعليم العالي أبدى استعداده للتعاون مع محافظ السويداء ووزارة الداخلية لإعادة الطلاب وحمايتهم، مع تأكيده على أن الجامعات السورية ستظل منارة للفكر وحامية للتنوع الذي تفخر به سوريا.

وكانت أفادت مصادر محلية في محافظة السويداء، عن استمرار توافد طلاب الجامعات من أبناء الطائفة الدرزية إلى قراهم وبلداتهم في المحافظة، قادمين من جامعات حلب وحمص ودمشق ومناطق أخرى،  بزعم الخشية من تعرضهم لاعتداءات طائفية، على خلفية الإشكالات والتصعيد الدامي الذي حصل قبل أسبوع في جرمانا وصحنايا والسويداء.

ووفق المصادر، فإن قرابة 300 طالب من طلاب محافظة السويداء في جامعات محافظة حلب، من بينهم طالب واحد مصاب، تم نقلهم ضمن عملية إجلاء جماعي يوم أمس الأربعاء، بعد عودة الاستقرار النسبي لطريق دمشق - السويداء، عقب انتشار القوى الأمنية.

موقع "السويداء 24" قال إن الطلاب الموجودين في محافظة حلب حاولوا العودة إلى السويداء منذ بداية أحداث التصعيد، لا سيما بعد تعرض طالب من أبناء المحافظة لعملية طعن واعتداء من طلاب آخرين، وأوضحت أن عملية عودتهم تعثرت عدة مرات بسبب الظروف الأمنية على  الطرقات، حتى تم إجلاؤهم يوم الأربعاء.

صفحات ومواقع إخبارية استثمرت الحدث، لمواصلة التجييش والتحريض على أساس طائفي، متذرعة أن الطلاب باتوا في حالة خطر، علمأ أن أحداث التوتر والتصعيد في مناطقهم انتهت نسبياً وعاد الأمن والاستقرار إليها بعد مساعي ومباحثات ومفاوضات حثيثة بين الحكومة ومشايخ العقل وقادة الفصائل والقوى الأمنية.

لكن هناك من يحاول استثمار الأحداث، والترويج لأن عودة الطلاب تأتي بسبب ماأسموه "العنف الطائفي"، وأنهم أجبروا على ترك مقاعد الدراسة، علما أن الإشكالات الي حصلت في الجامعات كانت محدودة ولم تسفر إلا عن إصابة طالبين في حمص وحلب، لكن بقيت الأجواء مشحونة بسبب استمرار التحريض الطائفي والمذهبي على مواقع التواصل.

وعقب إعادة الأمن لطريق دمشق - السويداء، أعلنت السلطات الحكومة تأمين الطلاب والموظفين والمدنيين العالقين في مناطق أخرى للعودة إلى قراهم وبلداتهم، عقب استعادة الأمن وملاحقة القوى التي ساهمت في التصعيد وإراقة الدماء، وتورط جهات من مشايخ العقل وقوى عسكرية في التصعيد وطلب الحماية الدولية من إسرائيل على وجه الخصوص.

وسبق ان أكد الشيخ "ليث البلعوس"، نجل مؤسس حركة "رجال الكرامة" في محافظة السويداء، في تصريح خاص للجزيرة، أن عصابات خارجة عن القانون قد اعتدت مؤخرًا على بعض أبناء محافظة السويداء، ما دفع الحركة إلى اتخاذ خطوات حاسمة لتفعيل الضابطة العدلية في المحافظة، والتي سيشرف عليها أبناء السويداء أنفسهم.

وأشار البلعوس إلى أن الحركة تطالب بضبط الوضع على الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، مؤكدًا ضرورة ردع العصابات المسلحة التي تهدد الأمن في المنطقة. كما شدد على أن حركة رجال الكرامة ترفض الطائفية تمامًا، وتعتبر نفسها جزءًا من الشعب السوري بشكل عام.

وفيما يتعلق بالانتهاكات ضد أبناء الطائفة الدرزية في ريف دمشق، دعا البلعوس إلى ضرورة وضع حد لتلك الانتهاكات، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على وحدة سوريا. وأعرب عن ترحيب الحركة بالانتشار الأمني على الطريق بين دمشق والسويداء، مؤكدًا أن هذا سيعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي ظل الظروف الأمنية التي شهدتها بعض المناطق مؤخرًا، دعت مشيخة العقل إلى تفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في محافظة السويداء، على أن تكون الكوادر من أبناء المحافظة، تعزيزًا للثقة وفرضًا لسيادة القانون، كما طالبت الدولة بتحمّل مسؤولياتها الكاملة في تأمين طريق السويداء – دمشق وضمان استمرارية حركة المدنيين بشكل آمن ودائم.

وشدد البيان على ضرورة بسط الأمن والاستقرار في كامل الأراضي السورية، باعتباره "واجبًا سياديًا لا يقبل التراخي أو التجزئة"، كما أكد الموقعون على البيان أن سوريا يجب أن تكون وطنًا لكل أبنائها، خاليًا من الفتن الطائفية والنعرات المذهبية والأحقاد الشخصية والثارات، واصفًا هذه المظاهر بأنها من "مخلفات الجاهلية التي وضعها عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم".

واختُتم البيان بدعوة إلى الوحدة الوطنية، والتشبّث بالعروة الوثقى، والعمل على صون الوطن وتضحيات أبنائه، الذين "رووا أرضه بدمائهم، وسقوه بعرقهم عبر التاريخ"، مؤكدين أن الإرث التاريخي للطائفة لا يسمح بالانجرار إلى مشاريع تفتيت الوطن أو شرذمته.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
خطورة الترويج غير المدروس: تأثير الهروب والزواج بين مختلفي الدين في المجتمع السوري

أثارت قصة الشابة ميرا والشاب أحمد تفاعلات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتقد البعض أن الفتاة قد تعرضت للاختطاف، مما أدى إلى ترويج هذه الرواية على نطاق واسع بهدف الإساءة إلى إدلب والحكومة السورية. 


دفعت هذه الأحداث بعض الإعلاميين إلى التوجه مباشرة إلى الزوجين، حيث تم نشر القصة الحقيقية بالصوت والصورة لدحض تلك الاتهامات. تبين أن القصة كانت تتعلق بشابين حبا بعضهما، لكن اختلاف الدين بينهما حال دون زواجهما وفق التقاليد السائدة في سوريا، مما دفع الشابة إلى الفرار من بيت أهلها للارتباط بالشاب بشكل رسمي.

الترويج غير المدروس: تهديد للسلام الاجتماعي والتوازن الطائفي
في الوقت الذي حذر فيه ناشطون وحقوقيون من ترويج مثل هذه القصص، فإن العواقب السلبية لهذه الممارسات قد تؤدي إلى توتر الطائفي والديني في مجتمع حساس كالمجتمع السوري. فالبلاد في هذه المرحلة الحرجة تعيش أجواء مشحونة بالخلافات، حيث يرفض العديد من أبناء الطائفة العلوية الحكومة الجديدة، في حين تطالب القوى التي شاركت في الثورة بمحاسبة المتورطين في الجرائم المرتكبة أثناء فترة حكم الأسد. مثل هذه القصص قد تؤجج الانقسامات بين المكونات المختلفة، وتزيد من التوتر.

رفض المجتمع للزواج بين مختلفي الدين: تهديد للقيم والهوية الدينية
ينظر البعض إلى القصص التي تتناول الزواج بين شباب وفتيات من ديانات مختلفة على أنها تهديد للقيم الدينية، مما يعمق الانقسام المجتمعي ويزيد من التوترات. وقد سُجّلت في الماضي حالات مشابهة، أدت إلى نزاعات حادة بين الأزواج وعائلاتهم، خاصة عندما يتعرض أحد الأطراف لضغوط اجتماعية شديدة من أسرهم بسبب اختلاف الدين. هذا الأمر قد يهدد استقرار الأسر ويعرضها للنبذ الاجتماعي في بعض الحالات.

الترويج لتلك القصص يعزز الشكوك والتفكك الأسري
حذر ناشطون من أن الترويج لمثل هذه القصص يمكن أن يساهم في تعزيز الشكوك والتفكك الأسري، خاصة في المجتمعات المحافظة. فرار الفتاة من منزل أهلها في مثل هذه الحالات يُعد خرقًا للأعراف، مما يؤدي إلى قلق مجتمعي وانعدام الثقة بين الأهل والأبناء. وفي بعض الحالات، قد يتعرض الفرد الذي يقوم بهذه التصرفات لانتقام قاسٍ من عائلته، خصوصًا في بيئات مجتمعية ضاغطة لا تتسامح مع هذه الأفعال.

استغلال سياسي للقضايا الشخصية: تسييس القصص الفردية
كما أن بعض الأطراف قد تحاول توظيف هذه القصص سياسيًا أو دعائيًا، كما حدث في حادثة ميرا وأحمد، حيث حاول أنصار نظام الأسد تشويه صورة مدينة إدلب عبر نشر رواية مغلوطة بأن أحمد الإدلبي اختطف ميرا العلوية. وقد صدق بعض الناشطين المعارضين هذه الرواية المفبركة، ونشروا منشورات تنتقد الحكومة السورية الجديدة بناءً على المعلومات المغلوطة. ومع ظهور القصة الحقيقية، تراجع عدد من هؤلاء الناشطين واعتذروا عن نشرهم للمعلومات الكاذبة.

الخطورة الحقيقية: إشعال الفتن وتفكيك المجتمع
تكمن الخطورة الحقيقية في الترويج غير المدروس لمثل هذه القصص، خاصة في مجتمع هش مثل المجتمع السوري، الذي لم تلتئم جراحه بعد. ترويج مثل هذه القصص على أنها "قصص حب ناجحة" دون النظر في السياق الاجتماعي والديني قد يؤدي إلى إشعال الفتن داخل الأسر وتفكيك الروابط المجتمعية. إن تضخيم حالات فردية قد يفتح الباب أمام ردود فعل مؤذية بحق الأفراد ويزيد من التوتر الطائفي.

الاستنتاج: ضرورة المسؤولية الإعلامية والاجتماعية
من هنا تبرز الحاجة الماسة إلى تحمّل المسؤولية الأخلاقية والإعلامية في تناول هذه القضايا، مع مراعاة دقة المعلومات والأثر المجتمعي لأي قصة يتم نشرها أو ترويجها. يجب على الجميع تحري الحقيقة والابتعاد عن تشويه الصور أو تسييس القضايا الشخصية، خاصة في بيئة حساسة تزداد فيها الانقسامات.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
الشيباني: زيارة الرئيس الشرع إلى البحرين تعزز العلاقات الثنائية وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون

أكد وزير الخارجية السوري، السيد أسعد الشيباني، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية البحريني، الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، أن زيارة رئيس الجمهورية العربية السورية، السيد أحمد الشرع، إلى مملكة البحرين ولقائه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تمثل لحظة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين. 


وقال الشيباني إن هذه الزيارة تفتح صفحة جديدة مشرقة من التعاون المبني على الثقة المتبادلة والاحترام، وتُسهم في تعزيز العلاقات الثنائية في إطارٍ من التعاون والتكامل.

التعاون العربي: دعوة لتعزيز الشراكات الإقليمية
وفي حديثه، أشار الشيباني إلى أن مملكة البحرين كانت من أولى الدول التي قدمت الدعم لسوريا منذ الأيام الأولى لتحريرها، وأوضح أن هذا الدعم يعكس الأخوة الصادقة والعروبة الأصيلة بين الشعبين السوري والبحريني. واعتبر الشيباني أن التعاون العربي هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات وتحقيق طموحات الشعوب العربية، معبرًا عن تفاؤل سوريا بمستقبل التعاون مع البحرين في مختلف المجالات.

وأكد وزير الخارجية السوري على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، لاسيما في مرحلة إعادة الإعمار التي تمر بها سوريا. وأشاد بدور البحرين كشريك فاعل في هذه المرحلة، بما يسهم في دعم اقتصاد سوريا وإنعاشه.

التأكيد على وحدة سوريا ورفع العقوبات
وفي سياق متصل، أكد الشيباني التزام سوريا بوحدتها أرضًا وشعبًا، ورفضها القاطع لأي تدخل خارجي يسعى لتقسيمها أو تفكيكها. ودعا إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، التي ألحقت أضرارًا جسيمة بحياة المواطنين وأعاقت جهود الإعمار. وأوضح أن رفع هذه العقوبات ليس فقط مطلبًا إنسانيًا أو اقتصاديًا، بل ضرورة إقليمية تساهم في استقرار المنطقة ومنع المزيد من موجات الهجرة والفقر والتطرف.

الزياني: البحرين تدعم استقرار سوريا ووحدتها
من جهته، أكد وزير الخارجية البحريني الدكتور عبد اللطيف الزياني على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين. وأشار الزياني إلى أن المباحثات تناولت سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات متعددة مثل التجارة والطيران المدني والطاقة والصحة والتعليم، بما يعود بالنفع على البلدين.

وأكد الزياني أن البحرين تدعم استقرار سوريا وسيادتها ووحدتها، مشيرًا إلى أن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد أكد للرئيس الشرع دعم البحرين لجهود سوريا لتحقيق السلم والاستقرار، واستعادة دورها الإقليمي والدولي. وأشاد جلالة الملك بما تحقق من خطوات بناءة في سوريا تحت القيادة الجديدة، وخاصة في ما يتعلق بمؤتمر الحوار الوطني السوري الذي يمثل نهجًا مهمًا في مواجهة التحديات المعقدة التي تواجه البلاد.

خاتمة: مرحلة جديدة من التعاون الثنائي
اختتم الشيباني مؤتمره الصحفي بتوجيه الشكر لجلالة ملك البحرين وسمو ولي العهد ووزير الخارجية البحريني، معربًا عن تقديره لحسن الاستقبال والضيافة التي لقيها الوفد السوري. وأكد أن هذه الزيارة تفتح آفاقًا جديدة لعلاقات قوية ومتينة بين سوريا والبحرين، مبينًا أن هذه العلاقات ستظل راسخة ومتينة بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
مدير صحة اللاذقية: المستشفى الوطني يعمل بأقصى طاقته رغم التحديات

أوضح مدير صحة اللاذقية الدكتور "أحمد الفرا"، أن المستشفى الوطني في المدينة يعمل بكامل طاقته في جميع أقسامه، بالرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها.

وذكر أن الصعوبات تتمثل في نقص المواد والمستلزمات الطبية، إضافة إلى تعطل الأجهزة الطبية بسبب قدمها وتهالكها نتيجة عدم إجراء الصيانة الدورية اللازمة.

وفي تصريح لصحيفة "الحرية"، أكد أنه على الرغم من هذه الصعوبات، تمكنت كوادر المستشفى من رفع جودة الخدمات المقدمة بما يعادل 40 إلى 45٪ مقارنة بما كانت عليه قبل التحرير.

وأشار إلى أن المستشفى الوطني يضم حالياً 230 سريراً، وقد تم إجراء 1885 عملية جراحية منذ بداية العام. كما بلغ عدد مراجعي قسم الإسعاف 38,825 مريضاً.

في حين بلغ عدد مراجعي العيادات الخارجية 19,125 مريضاً، وأجري 24,526 تحليلاً مخبرياً، فيما بلغ عدد مراجعي قسم الأشعة 17,915 مراجعاً.

وأكد أن الكوادر الطبية والتمريضية تبذل جهوداً كبيرة لتقديم أفضل الخدمات رغم المعوقات التي تواجهها، مشيراً إلى نقص بعض الاختصاصات الطبية النوعية مثل التخدير وجراحة الصدر.

وأضاف أن الإدارة تعمل على تلافي هذا النقص من خلال تشجيع الأطباء المقيمين على دراسة هذه الاختصاصات.

وفي تصريح رسمي، قدّر وزير الصحة الدكتور "مصعب نزال العلي" أن المشافي الحكومية قدمت آلاف الخدمات الطبيبة مؤكداً انطلاق مرحلة جديدة لإعادة بناء القطاع الصحي.

هذا وتعتمد خطط وزارة الصحة السورية على تأهيل البنية التحتية وتطوير الكوادر الطبية وتوسيع الصناعات الدوائية والاستفادة من الكفاءات السورية في الخارج ووشدّد على أن الرعاية الصحية حق لكل سوري، وليست امتيازاً، مع التزام الوزارة بتطبيق استراتيجيات إدارية حديثة.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
تركيا تستجيب للطلب السوري: مروحيات تركية تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية

أعلنت وزارة الطوارئ والكوارث السورية، بالتنسيق مع وزارة الخارجية، أن السلطات التركية استجابت للطلب السوري وأرسلت مروحيات للمشاركة في عمليات إخماد الحرائق المستمرة في منطقة الربيعة بجبل التركمان شمالي اللاذقية. وهذه الحرائق التي اندلعت منذ أربعة أيام، ما تزال تهدد المناطق المحيطة بسبب الرياح الشديدة وارتفاع درجات الحرارة.

تصاعد المخاوف وتحديات التضاريس
أفادت الوزارة أن المخاوف تتزايد من امتداد النيران إلى القرى المأهولة نتيجة الرياح القوية وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى التحديات التي تفرضها التضاريس الجبلية الوعرة. كما يعوق وجود مخلفات الحرب في المنطقة وصول فرق الإطفاء إلى بعض بؤر النيران، مما يزيد من صعوبة التعامل مع الحريق.

السيطرة على أكثر من 60% من الحريق
أكدت غرفة العمليات المشتركة التي تضم وزارات الطوارئ والزراعة والداخلية والدفاع أن فرق الإطفاء تمكنت من السيطرة على أكثر من 60% من حريق الأحراج في منطقة الربيعة. ورغم التقدم المحرز، لا يزال هناك تحديات كبيرة تتعلق بتأثير الرياح على جهود الإطفاء في الساعات القادمة، ما يهدد بتوسيع نطاق الحريق.

انفجار لمخلفات حرب يعقد العمليات
وخلال عمليات الإطفاء، سجلت فرق الدفاع المدني السوري انفجارًا لمخلفات حرب في منطقة الربيعة أثناء محاولاتها للسيطرة على الحرائق الضخمة المستمرة. هذا الانفجار يعكس المخاطر المتزايدة التي تواجه فرق الدفاع المدني السوري، في وقت تتضاف فيه صعوبات جديدة بسبب سرعة الرياح وارتفاع درجات الحرارة.

خطة استجابة شاملة لإخماد الحرائق
لليوم الرابع على التوالي، تواصل فرق الدفاع المدني السوري جهودها المكثفة لإخماد الحرائق التي تلتهم المناطق الحراجية في منطقة الربيعة بجبل التركمان. وقد وضعت الفرق خطة استجابة كاملة بالتنسيق مع وزارة الطوارئ والكوارث السورية، حيث تُرسل فرق إضافية من الكوادر البشرية والآليات الثقيلة للمشاركة في عمليات الإخماد.

في الوقت الذي يواصل فيه الدفاع المدني السوري تفعيل خطة استجابة متكاملة، يظل الوضع معقدًا، مع استمرار انتشار النيران في مناطق جديدة. ومع استجابة تركيا، يبقى الأمل معقودًا على التعاون المشترك بين البلدين في مواجهة هذه الكارثة البيئية.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
لمّ الشمل السوري: العودة التي جمعتنا بعد سنوات من الشتات

قالت فاطمة عمر، وهي تنقل لنا تفاصيل اللقاء العاطفي الذي جمعها بابنها محمد بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات: "لم أصدق عيناي عندما رأيت ابني، كنت أتواصل معه عبر الهاتف، وكان قلبي يتقطع كلما أعددت أكلة يحبها، إذ كنت أتحسر على غيابه. عندما طُرق الباب، لم أتخيل أن يكون هو. على الفور، أمسك يدي وقبلها، وعانقنا بعضنا البعض وصرنا نبكي". كان محمد قد عاش في مدينة أعزاز ولم يجرؤ على العودة إلى وطنه، بسبب انتمائه للفصائل العسكرية.

التشتت السوري: معركة على الأرض والذاكرة
عانت عائلات سورية من شتات طويل بسبب الحرب، لم تكن مجرد معركة على الأرض، بل كانت معركة على الروح والذاكرة والعائلة. سنوات من التشريد والدمار أسفرت عن واقع قاسٍ، حيث تفرقت العائلات السورية في كل مكان، حتى أصبح أفراد الأسرة الواحدة غرباء موزعين بين قارات العالم. لا يجمعهم سوى الحنين وذكريات منزل قديم في قرية دمرتها الحرب.

الشتات: هجرة وأمل في العودة
رحل العديد من السوريين إلى تركيا، وآخرون عبروا البحار والحدود ليستقروا في أوروبا. البعض فضل البقاء في مناطق سيطرة النظام، رغم الظروف الأمنية الصعبة. بينما لجأ آخرون إلى مخيمات النزوح شمال سوريا، حيث عانوا من ظروف حياتية صعبة. أما آخرون فقد حاولوا بناء حياة جديدة في مدن الشمال المحرر وسط الركام.

لكن في قلب هذا التشتت، ظلّ حلم لمّ الشمل حاضرًا. كانت كل مكالمة فيديو محاولة لجمع أطراف العائلة، وكل صورة قديمة تفتح أبوابًا للبكاء على الأحبة الذين فُقدوا أو طال غيابهم.

عودة بعض الأهالي: لمّ الشمل يتحقق جزئياً
مع بداية عودة بعض الأهالي إلى قراهم المدمرة، بدأت لحظات لمّ الشمل تتحقق، وإن كان ذلك جزئيًا. في كفرنبودة، اجتمع رجال القرية في حلقة دبكة، ولم تكن الدبكة مجرد تعبير عن الفرح بالعودة، بل كانت رمزًا للقاء الأحبة بعد سنوات من الفراق. كانت هذه اللحظة تجسد صمود الناس ورسالة للعالم بأن السوريين، مهما تباعدوا، لا يفقدون صلتهم بجذورهم.

مشاهد لمّ الشمل: لقاءات لا تُنسى
في العديد من القرى، تم توثيق لقاءات عائلية مؤثرة مليئة بالمعنى. أم تقابل ابنتها التي كانت في مناطق سيطرة النظام، أخ يلتقي بشقيقه بعد سنوات من الغربة في تركيا، وجار يزور جاره لأول مرة منذ عشر سنوات.

ساحات رمزية: لمّ الشمل في قلب الوطن
بعض اللقاءات العائلية جرت في أماكن ذات رمزية خاصة: في ساحة المسجد، أو عند دوار البلدة، أو حتى في المقبرة حيث يرقد من لم تُتح له فرصة العودة. كانت هذه اللقاءات تمثل مشاهد اختصرت الحكاية السورية بكل ما فيها من دمار وفراق وأمل وعودة.

تعليق عاطفي: بداية جديدة بعد الفراق
أحد العائدين شارك تعليقًا مؤثرًا على صورة جمعته بعائلته: "البيت لم يعد كما كان، والقرية تغيرت كثيرًا... لكن أن نكون معًا، هذا وحده يكفينا لنبدأ من جديد".

لمّ الشمل: فعل مقاومة ضد الشتات والنسيان
اليوم، أصبح لمّ الشمل فعل مقاومة ليس فقط ضد الشتات، بل أيضًا ضد النسيان. وهو تذكير دائم بأن الوطن ليس مجرد مكان نعود إليه، بل هو الأشخاص الذين نعود لأجلهم.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
وزير الخارجية التركي: قرارات سوريا يجب أن يتخذها السوريون بأنفسهم

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في مقابلة مع قناة "24 TV" التركية، إن المقاربة التركية تجاه سوريا تقوم على مبدأ أن "القرارات الأساسية المتعلقة بسوريا يجب أن يتخذها السوريون بأنفسهم". 


وأضاف فيدان أن الوضع في سوريا والعراق يظل "هشًا وخطيرًا"، مشيرًا إلى أن تركيا تتبع سياسة خارجية شاملة تهدف إلى تحسين هذا الوضع، وأعرب فيدان عن أمله في بناء "منطقة خالية من الكفاح المسلح" في سوريا، حيث يسود الاحترام المتبادل ويتمتع الجميع بالحرية والرفاهية

وأكد فيدان أن بلاده تشارك في مشاورات مع الحكومة السورية الجديدة، وتولي أهمية خاصة لوحدة الأراضي السورية. كما أشار إلى ضرورة الحوار مع الدول الأخرى لخفض التباين في المواقف، خاصة في ظل العقوبات المفروضة على سوريا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في فترة النظام السابق.

محادثات تركيا مع إسرائيل وآلية لخفض التوتر
كما تطرق فيدان إلى المحادثات بين تركيا وإسرائيل في باكو بشأن آلية منع الاشتباك، موضحًا أن هذه الآلية تهدف إلى تقليل التوترات بين البلدين، مشددًا على أهمية الحوار قبل اتخاذ أي إجراءات أخرى.

حل "بي كي كي" والإرهاب في المنطقة
من جهة أخرى، تحدث فيدان عن عملية حل تنظيم "بي كي كي" الإرهابي بعد النداء الذي أطلقه زعيمه عبد الله أوجلان، مؤكدًا أن تركيا تنتظر استجابة التنظيم لهذه الدعوة. وأضاف فيدان أنه في حال تم تفكيك التنظيم، فإن ذلك سيؤدي إلى استقرار أكبر في المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق.

.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
"الهجري": "إسرائيل ليست العدو" داعيًا إلى تدخل دولي لحل الأزمة في مناطق جنوب سوريا

أكد الشيخ حكمت الهجري، أحد مشايخ عقل طائفة المسلمين الموحدين (الدروز) في سوريا، في مقابلة أجراها من قريته قنوات في السويداء، ونشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، أن "إسرائيل ليست العدو"، داعيًا إلى تدخل دولي لحل الأزمة التي تمر بها مناطق جنوب سوريا.


وأضاف في تصريحات تزامنت مع تصاعد التوترات في المنطقة: "نحن في أزمة، وندعو إلى تدخل دولي"، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يعارض بشكل كبير الآراء السائدة بين كثير من السوريين، لا سيما تلك المرتبطة بمواقف النظام المخلوع الذي لطالما ربط نفسه بالقضية الفلسطينية وعداءه لإسرائيل.

دعوة للحماية الدولية بعد المجازر
في خطوة تصعيدية، سبق أن أصدر الشيخ حكمت الهجري بيانًا شديد اللهجة عبّر فيه عن استنكاره لما وصفه بـ"المجازر الدامية" ضد المدنيين، محذرًا من الانزلاق إلى الفتن المنظمة. وأكد في بيانه على فقدان الثقة الكاملة بالحكومة السورية الحالية، والتي وصفها بأنها "تغذي التطرف وتنشر الموت بأذرعها التكفيرية". 


وأوضح الهجري أن طلب الحماية الدولية هو "حق مشروع لكل شعب يُباد"، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لحماية المدنيين والحد من المذابح الموثقة.

رفض الإعلان الدستوري والمطالبة بنظام ديمقراطي
سبق للشيخ الهجري أن عبّر عن رفضه للإعلان الدستوري الذي وقع عليه الرئيس السوري أحمد الشرع مؤخرًا. وطالب الهجري بإعادة صياغة هذا الإعلان بما يتناسب مع خصوصية سوريا الثقافية والتاريخية، داعيًا إلى تأسيس نظام ديمقراطي تشاركي يعكس تعددية البلاد.

المجلس العسكري في السويداء: فرض منطقة آمنة تحت إشراف دولي
من جهته، تبنّى "المجلس العسكري في السويداء" بيانه بالكامل، مطالبًا بفرض منطقة آمنة في السويداء والمناطق المحيطة بها تحت إشراف قوات دولية محايدة. ودعا المجلس إلى رفض دخول قوات الأمن العام في المنطقة، وذلك في أعقاب ما وصفه بـ"الانتهاكات" التي تعرض لها أبناء الطائفة الدرزية في منطقة صحنايا بريف دمشق.

كما طالب المجلس مجلس الأمن الدولي بتدخل عاجل لفرض المنطقة الآمنة في السويداء، داعيًا مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى إرسال فرق تحقيق لتوثيق الانتهاكات ومحاكمة المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية.

التمسك بوحدة الدولة السورية ورفض التقسيم
في بيان وطني شامل، شددت مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز على تمسكها بوحدة الدولة السورية، ورفضها القاطع لأي شكل من أشكال الانفصال أو مشاريع التقسيم. أكدت المشيخة أن الطائفة الدرزية ستظل جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية السورية الجامعة.

تصريحات حركة رجال الكرامة: مواجهة العصابات المسلحة في السويداء
في سياق متصل، كان أشار الشيخ ليث البلعوس، نجل مؤسس حركة "رجال الكرامة"، إلى الاعتداءات التي تعرض لها أبناء محافظة السويداء من عصابات خارجة عن القانون. وأعلن أن الحركة قد اتخذت خطوات حاسمة لتفعيل الضابطة العدلية في المحافظة، مؤكدًا ضرورة ضبط الوضع على الحدود الإدارية للسويداء من خلال فرض إجراءات لحماية الأمن والاستقرار في المنطقة.

دور الطائفة الدرزية في تعزيز السلم الأهلي
في نفس السياق، دعا الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، إلى تعزيز السلم الأهلي في سوريا، وذلك بعد اجتماع عقده مع عدد من الشخصيات الدرزية من مناطق الـ48. وأكد المجتمعون أن أبناء الطائفة الدرزية في سوريا "ليسوا بحاجة إلى أي حماية خارجية"، مشددين على أن وحدة سوريا أرضًا وشعبًا تبقى خيارًا لا رجعة عنه.

التناقضات السياسية في السويداء: الهوية الدرزية والتوجهات الوطنية
تشير الأحداث الأخيرة في السويداء إلى التناقضات السياسية التي تحكم الطائفة الدرزية في المنطقة، والتي تتجلى في مطالبها بحقها في إدارة المحافظة مع رفضها الخضوع لحكم الأغلبية السورية السنية. بينما يصرّ الدروز على خصوصيتهم السياسية والأمنية، يواجهون تحديات في التوفيق بين رغبتهم في استقلالية محلية وبين التمسك بوحدة الدولة السورية.

مستقبل الطائفة الدرزية في سياق التغيرات السورية
يبدو أن الطائفة الدرزية في سوريا تجد نفسها في مفترق طرق، حيث تسعى للتمسك بهويتها الثقافية والسياسية في وقت عصيب، بينما تواجه تهديدات متعددة سواء من الداخل أو الخارج. إن التحديات التي تواجهها هذه الطائفة تضعها في موقع حساس في ظل التغيرات التي تشهدها البلاد، ما يفرض ضرورة اتخاذ مواقف واضحة حيال مستقبل سوريا ككل.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
"وول ستريت جورنال" تناقش خيارات الولايات المتحدة في سوريا في ظل التحولات السياسية

سلّطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء في افتتاحيتها الأخيرة على الخيارات الاستراتيجية المتاحة أمام الولايات المتحدة في سوريا، بعد التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد مؤخراً، وبخاصة بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024. التقرير تناول أبرز المواقف الدولية تجاه الوضع السوري، مشيرًا إلى عدة عوامل تؤثر على التوجهات الأمريكية في المنطقة.

الزيارة الفرنسية وأولويات الشرع
في تطور دبلوماسي لافت، استقبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حاكم سوريا الجديد، أحمد الشرع، في باريس. ورغم أن الشرع كان يُعتبر من قادة المعارضة الذين تم تصنيفهم من قبل الولايات المتحدة كـ"إرهابيين"، إلا أنه أظهر نبرة بناءً خلال اللقاء، حيث ارتدى بدلة رسمية وزار برج إيفل، وهو ما يمثل تحولًا في خطابه وموقفه. الرئيس الفرنسي رحب به ودعا إلى إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا.

موقف الشرع من الجهاديين الأجانب
عندما سُئل الشرع عن الجهاديين الأجانب الذين لا يزالون يتواجدون في سوريا، لم يقدم خطة واضحة لطردهم، بل اكتفى بالقول: "الذين بقوا معنا سيلتزمون بالقانون السوري ولن يشكلوا أي تهديد". كما أشار إلى أن بعضهم أصبحوا قادة في الجيش السوري، مما يعكس تعقيد المسألة ويعزز من صعوبة اتخاذ خطوات ملموسة نحو تخفيف العقوبات.

الاستراتيجية الأوروبية والمصلحة في إعادة اللاجئين
تستفيد المصلحة الأوروبية من التغيرات في سوريا، حيث تسعى القارة إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. لكن العقوبات المفروضة على سوريا تشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق هذا الهدف، وهو ما يعكس توجهًا أوروبيًا نحو تخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية على دمشق.

الانسحاب الأمريكي وتوجهات ترامب
رغم الجدل الدائر حول السياسة الأمريكية في سوريا، يظل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ميالًا نحو الانسحاب من المنطقة. يرى البعض أنه من الممكن أن يعمل الشرع، بدعم مالي قطري ورعاية تركية، على توحيد سوريا وتوفير الاستقرار الكافي الذي يسمح بانسحاب القوات الأمريكية. وتدعم تركيا هذا التوجه، حيث ترى في الشرع شخصية محورية لتحقيق الاستقرار في سوريا.

إسرائيل تحذر من التهديدات الجهادية وأطماع تركيا
إسرائيل، من جهتها، تبدي توجسًا كبيرًا تجاه الأوضاع في سوريا. إذ تحذر من المخاطر التي قد تشكلها الجماعات الجهادية على أمنها، خاصة بعد تزايد الوجود الجهادي في بعض المناطق السورية. كما تنبه إلى نوايا تركيا في سحق الأكراد وتحويل سوريا إلى قاعدة عمليات متقدمة. وفي الوقت نفسه، تدعو إلى فرض حكم ذاتي في المناطق الجنوبية من دمشق للدروز، فيما يطالب الأكراد في الشمال الشرقي بالحكم الذاتي أيضًا.

سوريا لا مركزية: هل هي الحل؟
يعتبر التقرير أن نموذج سوريا اللامركزية ليس حلاً سحريًا، بل قد يفتح الطريق أمام فراغات في السلطة قد تستغلها التنظيمات الإرهابية مثل داعش، أو حتى إيران. مما قد يحوّل القلق من العنف الجهادي إلى نبوءة تتحقق إذا لم يتم اتخاذ تدابير فعّالة.

الآراء الأكاديمية: ما هو الحل؟
برنارد هيكل، أستاذ في جامعة برينستون، أشار إلى أنه قد لا يكون هناك حل مثالي للوضع في سوريا، مؤكدًا أن الأمريكيين يجدون صعوبة كبيرة في تقبل هذا الواقع الصعب.

الموقف السعودي: مراقبة وتقييم الوضع
فيما يتعلق بالموقف السعودي، يرى العديد من المراقبين أن المملكة قد تميل إلى منح الشرع فرصة لإثبات قدرته على حماية الأقليات وتجنب الصراعات الخارجية، مع مراقبة تطورات الوضع قبل اتخاذ أي خطوات إضافية.

خيارات الولايات المتحدة في تخفيف العقوبات
يُقترح على الولايات المتحدة أن تخفف العقوبات تدريجيًا وفقًا للالتزامات التي يمكن أن تتخذها سوريا في ملفات حيوية مثل مكافحة الجهاديين الأجانب والحد من استخدام الأسلحة الكيميائية. مع ذلك، لا يتعين على واشنطن أن تتخلى عن أوراق الضغط السياسية دفعة واحدة، خاصة إذا كانت سوريا لا تقدم ضمانات أمنية للأكراد.

التقارب الإسرائيلي والسوري: المحادثات السرية
أحد الأخبار الإيجابية التي ظهرت هو أن إسرائيل وسوريا قد أجروا محادثات سرية، كما فعلت إسرائيل مع تركيا، وهو ما يعكس تطورًا مهمًا في العلاقات بين الأطراف الفاعلة في المنطقة.

دور الولايات المتحدة: منع التصادم الإقليمي
أحد الأدوار الأكثر أهمية التي يمكن أن تلعبها الولايات المتحدة في سوريا، حسب التقرير، هو المساعدة في منع تصادم القوى الإقليمية مثل إسرائيل وتركيا. كلا البلدين لديهما خلافات مع إيران، ومن الممكن أن يسهم التدخل الأمريكي في تقليل حدة الصراع بين هذه القوى.

خاتمة: خيارات صعبة وأفق ضبابي
تستمر التحديات والفرص أمام الولايات المتحدة في سوريا في ظل المشهد المعقد، مع ضرورة اتخاذ قرارات دقيقة في وقت حساس. الخيارات الأمريكية في سوريا تبدو محكومة بالتوازن بين حماية مصالحها وحماية الاستقرار الإقليمي، في وقت تتعدد فيه الأصوات الدولية والإقليمية التي تدفع باتجاه حلول مختلفة.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
التحديات والفرص: تقرير يرصد مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بعد سقوط نظام الأسد

أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تقريرًا استراتيجيًا جديدًا بعنوان "مستقبل القضية الفلسطينية في سورية"، أعدّه الباحث السياسي د. طارق حمود، والذي يسلط الضوء على الآفاق المستقبلية للاجئين الفلسطينيين في سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.

واقع جديد للفلسطينيين في سورية: التحديات تتضاعف مع التحول السياسي
التقرير يشير إلى أن التحول السياسي الذي شهده البلد يمثل نقطة مفصلية في مسار القضية الفلسطينية في سورية، حيث يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام واقع أمني وإداري هش، نتيجة غياب سياسات واضحة من قبل الحكومة الجديدة فيما يخص أوضاعهم القانونية والسياسية.

أهم التحديات التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين في المرحلة المقبلة
التقرير يحدد ثلاثة تحديات رئيسية تواجه الفلسطينيين في سورية بعد التغيير: الأول هو إعادة إعمار المخيمات المدمرة، وخاصة مخيم اليرموك، والثاني هو الكشف عن مصير آلاف المعتقلين والمختفين قسريًا في سجون النظام السابق، والثالث هو ملف عودة النازحين، داخليًا وخارجًا. كما يركز على ضرورة توفير بيئة قانونية وإنسانية تضمن حقوق اللاجئين وتحفظ لهم كرامتهم وأمانهم.

الضغوط الدولية والخيارات السياسية أمام دمشق
تناول التقرير أيضًا الشروط الأمريكية المفروضة على سورية مقابل تخفيف العقوبات، خاصة ما يتعلق بإنهاء الوجود العسكري والسياسي للفصائل الفلسطينية. وقد أشار إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة للتعامل مع هذا الملف: الالتزام التام بالشرط، فرض قيود على العمل العسكري فقط، أو تجاهل الشرط والإبقاء على الوضع القائم.

التوصيات الأساسية لمستقبل فلسطينيي سورية في المرحلة الانتقالية
ختم التقرير بتوصيات هامة، مثل التأكيد على "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين، إعادة تنشيط التنسيق المؤسسي بين سوريا وفلسطين، وصياغة إطار قانوني انتقالي يضمن الحقوق المدنية والسياسية للفلسطينيين داخل الدولة السورية الجديدة.

الفلسطينيون في سورية: بين الأمل والتحديات في مرحلة ما بعد الأسد
يأتي هذا التقرير في وقت حاسم، حيث يعيد الفلسطينيون في سورية تقييم موقعهم داخل الخارطة السياسية والاجتماعية للبلاد بعد عقود من التهجير والاستقرار النسبي. التقرير يعيد طرح الأسئلة المتعلقة بمستقبلهم في وطن اللجوء، ويقترح سياسات من شأنها تحسين أوضاعهم في المرحلة القادمة.

اقرأ المزيد
١٠ مايو ٢٠٢٥
مدير "الشبكة السورية" يوضح أهمية العدالة الانتقالية لمنع الانتقام وضمان الاستقرار في سوريا

أكد "فضل عبد الغني" المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، في مقال نشره موقع "تلفزيون سوريا"، أهمية العدالة الانتقالية في سوريا لمنع الانتقام وضمان الاستقرار ما بعد النزاع.، لافتاً إلى طي صفحة مظلمة من تاريخ سوريا امتدت لأكثر من نصف قرن مع سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024.


وأكد "عبد الغني" أن هذا التحول التاريخي، الذي جاء بعد أربعة عشر عاماً من نزاع مسلح مدمّر، يضع المجتمع السوري أمام مفترق طرق مفصلي: إما المضي نحو بناء دولة قائمة على العدالة وسيادة القانون، أو الانزلاق نحو دوامة من الفوضى والانتقام وتصفية الحسابات.

تبرز اليوم معضلة جوهرية في المشهد السوري تتمثل في التوازن بين الرغبة المشروعة للضحايا في تحقيق العدالة، وخطر تحول هذه الرغبة إلى أعمال انتقام فردية خارج إطار القانون. بدأنا نشهد بالفعل حالات متزايدة من الانتقام الشخصي ضد عناصر محسوبة على النظام السابق، وإن استمرار هذه الظاهرة وتوسعها يهدد بتقويض أي فرصة لبناء سلام مستدام، ويضع العملية الانتقالية برمتها على محك خطير. من هنا تبرز الأهمية القصوى لوجود إطار مؤسسي للعدالة الانتقالية، يستجيب لتطلعات الضحايا في الإنصاف ويكفل حقوقهم، ويحمي المجتمع من الانزلاق نحو حلقة جديدة من العنف المدمر.

ثانياً: إرث الانتهاكات الجسيمة وتداعياتها المجتمعية
يواجه المجتمع السوري اليوم إرثاً ثقيلاً من الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت على مدار 14 عاماً من النزاع المسلح. وفقاً لقاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد وُثّق مقتل ما لا يقل عن 231 ألف مدني، من بينهم 202 ألف قُتلوا على يد قوات نظام الأسد. كما تم توثيق 157 ألف حالة إخفاء قسري، إضافة إلى استخدام أسلحة محرمة دولياً بشكل ممنهج، حيث ألقى الطيران الحربي ما لا يقل عن 81,916 برميلاً متفجراً، ونفّذ 217 هجوماً كيميائياً، و252 هجوماً بذخائر عنقودية. وقد أدت هذه الانتهاكات الممنهجة إلى تشريد قرابة 14 مليون سوري – أي ما يعادل نصف السكان – بين نازح داخلي ولاجئ في دول الجوار والعالم.

تتجاوز هذه الأرقام المجردة حدود الإحصاءات لتشكل جروحاً عميقة في الوجدان الجمعي السوري. فالأثر النفسي والاجتماعي لهذه الانتهاكات يمتد بشكل متشعب ومعقد في أنسجة المجتمع بأكمله. لقد شهدنا انهياراً حاداً في منظومة القيم الاجتماعية، وتفككاً بنيوياً في النسيج المجتمعي التقليدي، وتدميراً شاملاً لشبكات الأمان والتضامن المحلية. وقد أدت عمليات النزوح القسري الهائلة إلى تمزيق النسيج الديموغرافي للمدن والقرى السورية، وخلق واقع جديد من الاستقطاب الحاد والفرز السكاني على أسس طائفية وسياسية. كما تركت تجارب الاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري آثاراً نفسية عميقة وممتدة، لا تقتصر على الضحايا المباشرين فحسب، بل تمتد لتشمل دوائر أوسع من عائلاتهم ومجتمعاتهم المحلية.

في ظل هذا الواقع المأزوم والمعقد، بات خطر الانتقام الشخصي وتصفية الحسابات تهديداً وجودياً للاستقرار المجتمعي في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد. وتؤكد تجارب الدول الخارجة من نزاعات مشابهة أن غياب آليات العدالة المؤسسية والمنظمة يؤدي حتماً إلى تنامي ظاهرة "العدالة الشعبية" أو "محاكم الشارع". وتُستغل هذه العمليات غالباً لدوافع انتقامية شخصية ولمصالح اقتصادية أو طائفية. هذا الواقع المنفلت من الضوابط القانونية والأخلاقية يؤدي إلى تآكل ثقة المواطنين بالعدالة، ويُسهم في إنتاج موجات جديدة من العنف، الأمر الذي يزيد من تعقيد إمكانيات الوصول إلى السلم الأهلي، ويقوّض بشكل جذري أسس بناء الدولة ويعرقل أي مسار حقيقي للمصالحة الوطنية.

إن التجربة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين تمثل مثالاً صارخاً على مخاطر غياب استراتيجية متكاملة للعدالة الانتقالية، حيث أدى ذلك إلى تفاقم الانقسامات الطائفية وإطلاق موجات متعاقبة من العنف الانتقامي. وفي جوهر المسألة، فإن المواطنين لا يلجؤون إلى الانتقام الشخصي إلا عندما يفقدون الثقة تماماً في قدرة المؤسسات الرسمية على تحقيق العدالة الحقيقية والفعالة.

ثالثاً: رؤية شاملة للعدالة الانتقالية في سوريا
طورت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، استناداً إلى خبرتها الميدانية الممتدة على مدار 14 عاماً، رؤية متكاملة للعدالة الانتقالية في سوريا. تقوم هذه الرؤية على فهم عميق للسياق السوري وخصوصياته الفريدة، وتستلهم أفضل الممارسات الدولية في مجال العدالة الانتقالية، مع تكييفها بشكل دقيق بما يتناسب مع التعقيدات المحلية.

الخطوة الأولى تتمثل في إنشاء هيئة وطنية للعدالة الانتقالية، تكون بمثابة المظلة المؤسسية الجامعة لإدارة العملية برمتها وضمان تناسقها. تتمتع الهيئة المقترحة باستقلالية مالية وإدارية تامة عن السلطة التنفيذية، مع صلاحيات واسعة تتيح لها القيام بمهامها بفعالية ونزاهة. وتضم الهيئة خبراء متخصصين من اختصاصات متنوعة - كالقانون المحلي والدولي، والتوثيق وجمع الأدلة، والاقتصاد، والدعم النفسي والاجتماعي - وتراعي في تشكيلها بدقة التنوع الديني والعرقي والسياسي للمجتمع السوري، مما يضمن تمثيلاً شاملاً وعادلاً.

وتتمحور هذه الرؤية حول أربعة أركان أساسية تشكل معاً منظومة متكاملة ومترابطة لتحقيق العدالة، والمساءلة، والمصالحة، وضمان عدم تكرار انتهاكات الماضي المؤلمة.

الركن الأول هو المحاسبة الجنائية، التي تشكل حجر الزاوية في أي عملية عدالة انتقالية فعّالة. لذا يجب إنشاء محاكم خاصة مختلطة، تجمع بكفاءة بين القضاة والخبراء المحليين والدوليين، للنظر بشكل محايد ومهني في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت خلال سنوات النزاع المريرة.

الركن الثاني يتمثل في عمليات الحقيقة والمصالحة، ويتضمن توثيقاً منهجياً للانتهاكات وتحديداً دقيقاً لمرتكبيها، وإنشاء لجان متخصصة للحقيقة تضم خبراء قانونيين ونفسيين واجتماعيين وممثلين عن المجتمع المدني والضحايا، لضمان معالجة شاملة للماضي تمهد الطريق نحو المصالحة الحقيقية.

الركن الثالث يركز على جبر الضرر وإصلاح المؤسسات، ويشمل تعويض الضحايا مادياً ومعنوياً بصورة عادلة وشاملة. فعلى المستوى المادي، يجب تقديم منح نقدية وخدمات تفضيلية للضحايا وأسرهم، وإعادة حقوق الملكية المنهوبة، وتمويل مشاريع الإسكان وبرامج إعادة التأهيل الاقتصادي. أما على المستوى المعنوي، فيجب تطوير برامج متكاملة لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، وبناء نصب تذكارية تخلد ذكرى الضحايا، وتخصيص أيام وطنية لإحياء ذكراهم بكرامة، وإنشاء متاحف ومراكز توثيق تحفظ الذاكرة الجماعية.

الركن الأخير هو إصلاح المؤسسات التي تورطت في الانتهاكات، خاصة المؤسسات القضائية والأمنية والعسكرية، بما يضمن بناء حكم القانون ومنع تكرار انتهاكات الماضي.

رابعاً: ضرورة التنفيذ العاجل
تشير الدراسات والأدبيات المتخصصة في مجال العدالة الانتقالية إلى وجود "نافذة فرصة" حرجة تعقب مباشرة سقوط الأنظمة الاستبدادية وانتهاء النزاعات المسلحة. هذه النافذة الزمنية، التي نادراً ما تمتد لأكثر من عام واحد، تمثل فترة حاسمة وذهبية يمكن استثمارها بفعالية لوضع أسس متينة للعدالة الانتقالية. وفي السياق السوري الراهن، نجد أنفسنا الآن في خضم هذه الفترة الحرجة والفاصلة، وأي تأخير في التحرك السريع والمدروس قد يؤدي حتماً إلى ضياع فرصة تاريخية لا تعوض لإرساء أسس العدالة والمصالحة المستدامة. تقدم تجارب دول مثل تشيلي والأرجنتين وجنوب أفريقيا دروساً قيّمة وملهمة حول أهمية التحرك السريع والمنهجي في هذه المرحلة الحساسة، في حين تُظهر تجارب العراق وليبيا وكمبوديا بوضوح العواقب الوخيمة والتكاليف الباهظة للتأخير والارتجالية.

إن تأجيل تطبيق آليات العدالة الانتقالية يعرّض المجتمع السوري لمخاطر متعددة ومتشعبة، أبرزها ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب التي سادت لعقود طويلة، مما يقوّض بشكل خطير الثقة في شرعية المؤسسات الجديدة ويبعث برسالة مدمرة مفادها أن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لا يستتبع مساءلة حقيقية. كما أن التأخير يعمق شعور الإحباط والغبن لدى قطاعات واسعة من الضحايا، ويغذي بشكل مباشر نزعات الانتقام الفردي. وهناك حقيقة اجتماعية-نفسية جوهرية لا يمكن تجاهلها: فراغ العدالة الرسمية سرعان ما تملؤه أشكال من "العدالة الشعبية" التي غالباً ما تكون عشوائية وانتقامية وتفتقر للضمانات القانونية الأساسية.

تشكل الأشهر الأولى بعد سقوط نظام الأسد، والتي توشك على الانقضاء، فترة مفصلية ونوعية تتيح فرصة نادرة لإرساء قواعد جديدة وراسخة للتعامل مع إرث الماضي الثقيل. ففي هذه الفترة الحاسمة، يتوفر اهتمام وطني ودولي استثنائي بقضايا العدالة، وتكون الذاكرة الجماعية لما جرى حاضرة بقوة وحيوية. كما أن الفصائل والمجموعات المسلحة تكون أكثر استعداداً للتعاون في هذه المرحلة المبكرة، قبل أن تترسخ مصالح جديدة وتتبلور تحالفات قد تعرقل بشدة مسارات العدالة مستقبلاً. لذا، من الضروري والحتمي استثمار هذه النافذة الزمنية الضيقة لوضع الأطر القانونية والمؤسسية المتينة التي ستحكم عملية العدالة الانتقالية برمتها.

تواجه سوريا مجموعة من المخاطر المحددة والملموسة التي تجعل التنفيذ العاجل للعدالة الانتقالية أمراً لا يحتمل التأجيل أو التسويف:

1. اختفاء الأدلة: مع مرور الوقت، تتزايد بشكل كبير مخاطر فقدان أدلة حاسمة وجوهرية على الانتهاكات. لقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بالفعل محاولات من بعض الأطراف لتدمير وثائق وأدلة خاصة في الأيام الأولى والحاسمة لسقوط نظام الأسد.

2. فرار المسؤولين عن الانتهاكات: تجري حالياً محاولات من قبل متورطين رئيسيين في انتهاكات جسيمة للهروب خارج البلاد والإفلات من المساءلة. كل يوم يمر دون إنشاء آلية واضحة وفعالة للمساءلة الجنائية يزيد من فرص هروب المزيد من المتورطين، مما يهدد بشكل مباشر بضياع فرصة العدالة الحقيقية للضحايا.

3. تصاعد أعمال الانتقام الفردية: في غياب آليات مؤسسية فعالة للعدالة، يتزايد بشكل مقلق خطر انتشار أعمال الانتقام الفردية والجماعية. وكما يُظهر التاريخ بوضوح، فإن دورات الانتقام تميل إلى توليد دورات مضادة من العنف المضاد، مما يؤدي إلى استمرار دوامة العنف بأشكال جديدة ومتجددة.

4. ترسيخ الانقسامات المجتمعية: أدى النزاع السوري إلى استقطاب حاد وعميق في المجتمع على أسس سياسية وطائفية وإثنية متعددة. وبغياب آليات رسمية وشاملة للكشف عن الحقيقة والمساءلة والمصالحة، تترسخ هذه الانقسامات بشكل متزايد وتتحول إلى هويات متصلبة يصعب تجاوزها مستقبلاً. لقد أثبتت تجارب دول مثل رواندا ويوغوسلافيا السابقة وإيرلندا الشمالية أن التأخير في معالجة الانقسامات المجتمعية بعد النزاع يجعلها أكثر استعصاءً على الحل مع مرور الوقت.

5. تآكل الذاكرة الجمعية والتطبيع مع الإجرام: في ظل غياب مسار واضح وفعال للعدالة الانتقالية، تظهر بوادر خطيرة تهدد الذاكرة الجمعية، بما في ذلك احتمالات طمس الحقيقة وتشكيل روايات متضاربة حول سنوات النزاع تغذيها بدرجة كبيرة حالة من التطبيع مع الوجود العلني للجناة في الحياة العامة.

في سوريا اليوم، لا يزال عدد من الأفراد المتورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك مجرمو حرب بارزون (مثل فادي صقر ومحمد حمشو)، يعيشون داخل المجتمع السوري ويواصلون حياتهم اليومية دون الخضوع لأي مساءلة قانونية. التراخي في محاسبة هؤلاء لا يضعف فقط من ثقة الضحايا بعدالة المرحلة الانتقالية، بل يخلق أيضاً مناخاً مطبعاً مع الإجرام ويقلل من خطورته في الوعي العام، ويبقي على عناصر خطيرة داخل المجتمع قد تعيد إنتاج العنف في أي لحظة.

6. إعاقة المصالحة الوطنية: تُعد المصالحة الوطنية الحقيقية هدفاً رئيسياً وأساسياً للعدالة الانتقالية، لكنها لا تتحقق تلقائياً بمجرد انتهاء النزاع. إنها عملية معقدة ومتعددة الأبعاد تتطلب بناء الثقة، والاعتراف العلني بمعاناة الضحايا، وتقديم المسؤولين للمحاسبة العادلة، وإصلاح المؤسسات التي سمحت بالانتهاكات. كل يوم يمر دون خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، يزيد من تجذر الضغائن ويُصعِّب مسار المصالحة مستقبلاً. في سوريا اليوم، تتوفر فرصة نادرة وثمينة لبدء عملية حوار وطني شامل حول الماضي وكيفية التعامل معه بشكل بنّاء، لكن هذه الفرصة تتآكل بسرعة مع مرور الوقت. إن آليات العدالة الانتقالية توفر منصة مثالية لهذا الحوار وتضمن أن يكون بناءً ومنتجاً، وليس مجرد تبادل للاتهامات أو محاولة لطمس الحقيقة.

في ضوء هذه المخاطر المتعددة والملموسة، أعتقد جازماً أن تأجيل تطبيق العدالة الانتقالية لا يجب أن يكون خياراً مطروحاً لسوريا، بل إن التحرك السريع والمنهجي والشامل هو ضرورة وطنية ملحة وحتمية لبناء مستقبل آمن ومستقر لجميع السوريين.

خامساً: العدالة الانتقالية وبناء الدولة: موازنة الأولويات في سياق الدول الهشة
تثير المسارات المعقدة للعدالة الانتقالية في الدول الخارجة من النزاعات العديد من التساؤلات العميقة حول الأولويات والتوقيت والمقاربات المثلى. إن الموازنة الدقيقة بين مقتضيات إعادة بناء الدولة وتحقيق العدالة للضحايا تمثل تحدياً استراتيجياً محورياً يستلزم فهماً عميقاً ومتبصراً للسياقات المحلية والمخاطر المحتملة. في السياق السوري الراهن، تبرز هذه المعضلة بشكل جلي وملموس، حيث تتنافس احتياجات التعافي الاقتصادي العاجلة، وتحقيق الأمن المستدام، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، مع مطالب العدالة والمساءلة المشروعة، في ظل موارد محدودة للغاية وقدرات مؤسسية هشة وضعيفة.

يرتكز خطاب "الاستقرار أولاً، العدالة لاحقاً" على فرضية أساسية مفادها أن إعادة بناء الدولة ومؤسساتها تشكل أولوية قصوى وملحة، وأن المساءلة القانونية قد تهدد هذا المسعى الحيوي من خلال إثارة الانقسامات المجتمعية وتقويض التسويات السياسية الهشة. غير أن دراسات الحالة المقارنة المعمقة من تجارب السلفادور وغواتيمالا وسيراليون وتيمور الشرقية تشير بوضوح إلى أن تأجيل مسارات العدالة يمكن أن يؤدي إلى ترسيخ نماذج خطيرة للإفلات من العقاب وإعادة إنتاج دورات العنف على المدى المتوسط والطويل. لذا أعتقد أن المقاربة الأكثر توازناً واستدامة هي النظر إلى العدالة الانتقالية وبناء الدولة ليس كمسارين متعارضين بالضرورة، بل كعمليتين متكاملتين ومترابطتين يعزز كل منهما الآخر بشكل عضوي، شريطة تصميمهما بحساسية عالية ودقة متناهية للخصوصيات السياقية المحلية.

تؤكد الأدبيات المتخصصة أن مفهوم العدالة الانتقالية يمثل في جوهره "مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية المتكاملة التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". بيد أن خصوصية كل سياق وطني تتطلب تكييفاً دقيقاً لهذه الآليات والتفكير الاستراتيجي في توقيتها وتسلسلها المنطقي. وتكشف بعض التجارب الدولية المقارنة أن فرض آليات العدالة الانتقالية بشكل شامل ومتسرع في سياقات هشة ومأزومة قد يؤدي إلى نتائج عكسية غير مقصودة. فقد أشارت دراسات متعمقة تناولت عدة حالات دولية إلى أن "حجم الفظائع المرتكبة وتعقيدات المشهد السياسي تمثل تحديات هائلة تستدعي مقاربات مدروسة ومتأنية".

في ضوء كل ما سبق، هناك ضرورة للتفكير بمقاربة متدرجة ومتوازنة تراعي بدقة خصوصية الحالة السورية الفريدة، حيث المؤسسات الرسمية في حالة انهيار شبه تام، والانقسامات المجتمعية عميقة ومتشعبة، واحتياجات إعادة الإعمار هائلة وملحة. لذا أعتقد أن هناك ضرورة حتمية لتبني مسار متدرج ومتسلسل للعدالة الانتقالية، يبدأ بالخطوات الأكثر إلحاحاً وقابلية للتنفيذ، مع وضع خارطة طريق واضحة المعالم وزمنية للمدى المتوسط والبعيد. وفي المقابل، تكمن مخاطر النهج المتسرع والشامل في احتمالية تحميل المؤسسات الناشئة والهشة أعباءً تفوق قدراتها الفعلية، وخلق توقعات غير واقعية لدى قطاعات واسعة من الضحايا، مما قد يؤدي إلى خيبات أمل مؤلمة وتأجيج للتوترات المجتمعية الكامنة.

سادساً: خاتمة
تقف سوريا اليوم على مفترق طرق تاريخي ومصيري، بعد أربعة عشر عاماً من نزاع مدمر، وعقود طويلة من الحكم الأسدي الاستبدادي القاسي. إن الخيارات الاستراتيجية التي ستتخذها الدولة والمجتمع خلال هذه المرحلة الانتقالية الحرجة ستحدد بشكل حاسم مسار البلاد لعقود قادمة، وستؤثر بصورة مباشرة وعميقة على فرص تحقيق الاستقرار المستدام والسلام الاجتماعي الحقيقي. في هذا السياق المفصلي، تبرز العدالة الانتقالية بوضوح كطريق وسط استراتيجي ومتوازن بين نقيضين خطيرين: سياسة الإفلات من العقاب التي تديم الظلم التاريخي وتزرع بذور الصراعات المستقبلية المحتومة، ودوامة الانتقام والثأر العشوائي التي تهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي الهش وإشعال حلقة جديدة من العنف المدمر.


إن العدالة الانتقالية، بمفهومها الشامل والمتكامل الذي يتجاوز حدود المحاكمات القضائية ليشمل آليات الحقيقة والمصالحة وجبر الضرر وإصلاح المؤسسات، توفر إطاراً متكاملاً ومرناً يتيح للسوريين المضي قدماً نحو المستقبل دون التنكر للماضي المؤلم أو الانغماس الكامل فيه. إنها تقدم مقاربة متوازنة وعملية تعترف بحق الضحايا الأصيل في العدالة والإنصاف، وتضع حداً لثقافة الإفلات من العقاب المتجذرة، وتمهد الطريق للمصالحة الوطنية الحقيقية القائمة على الاعتراف الصريح بالحقيقة، وليس على طمسها أو تجاهلها.

نوجه دعوة صريحة وعاجلة وملحة إلى السلطات السورية الانتقالية للتحرك الفوري والجاد في هذا المسار الحيوي. إن نافذة الفرصة التاريخية المتاحة لإرساء أسس متينة للعدالة الانتقالية ضيقة للغاية، ولا تحتمل التأجيل أو التسويف. ندعوكم بكل إخلاص للاستجابة العاجلة لتطلعات ملايين السوريين الذين عانوا ويلات الظلم والانتهاكات الجسيمة، وللتعامل بمسؤولية تاريخية مع الإرث الثقيل للنزاع. إن استثمار الموارد والجهود في مسار العدالة الانتقالية لا يمثل أبداً رفاهية يمكن تأجيلها، بل هو شرط أساسي وجوهري لبناء دولة مستقرة وديمقراطية تقوم على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.

إن سوريا تقف اليوم أمام فرصة تاريخية نادرة لكسر دورة العنف والظلم التي استمرت لعقود طويلة. إن اختيار مسار العدالة الانتقالية المدروس والمتوازن والشامل يمثل فرصة فريدة لا تعوض لبناء سوريا جديدة ومختلفة، ليس فقط من خلال إعادة بناء ما دمرته الحرب من حجر وبنيان مادي، بل الأهم والأعمق، من خلال معالجة الجروح النفسية العميقة التي تركها النزاع المرير في النفوس والمجتمع. إن هذه اللحظة التاريخية الفارقة تتطلب شجاعة استثنائية وحكمة بالغة وبصيرة نافذة، لتحويل المحنة الوطنية القاسية إلى فرصة حقيقية للتعافي الشامل والمصالحة الوطنية وبناء مستقبل أفضل وأكثر عدلاً لجميع السوريين دون استثناء.

لنجعل من العدالة الانتقالية جسراً متيناً نعبر به من ظلمات الماضي المؤلم إلى نور المستقبل الواعد، ومن مرارة الصراع الدامي إلى السلام المستدام، ومن تشظي الهوية الوطنية إلى وحدة الوطن وتماسكه. هذه هي الرسالة الأساسية التي نوجهها بكل إخلاص إلى صناع القرار في سوريا الجديدة: لقد آن الأوان لسوريا العريقة أن تتعافى وتنهض بقوة من رمادها، ولن يتحقق هذا التعافي الحقيقي والشامل إلا إذا كان متكاملاً في أبعاده كافة - جسداً وروحاً، أرضاً وإنساناً، حاضراً ومستقبلاً.

 المصدر: تلفزيون سوريا

اقرأ المزيد
9 10 11 12 13

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٤ مايو ٢٠٢٥
لاعزاء لأيتام الأسد ... العقوبات تسقط عقب سقوط "الأسد" وسوريا أمام حقبة تاريخية جديدة
أحمد نور (الرسلان)
● مقالات رأي
١٣ مايو ٢٠٢٥
"الترقيع السياسي": من خياطة الثياب إلى تطريز المواقف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب