تحديات متراكمة ومحاولات لإعادة توازن الثروة الحيوانية في سوريا
تحديات متراكمة ومحاولات لإعادة توازن الثروة الحيوانية في سوريا
● أخبار سورية ٢١ ديسمبر ٢٠٢٥

تحديات متراكمة ومحاولات لإعادة توازن الثروة الحيوانية في سوريا

رغم كون قطاع الثروة الحيوانية أحد أعمدة الأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي في سوريا، فإن سنوات من الأزمات والجفاف ونقص الموارد تركت آثارًا واضحة على هذا القطاع الحيوي، حيث أصبحت المواشي اليوم تواجه صعوبات كبيرة نتيجة ارتفاع تكاليف الأعلاف وتراجع المراعي الطبيعية ومحدودية الدعم المقدم للمربين.

وقال "عبد الحي اليوسف"، مدير الصحة والإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة، إن تراجع أعداد القطعان يعود لتفاعل عدة عوامل، منها الجفاف الذي أضعف المراعي، وارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة، ونقص الدعم والخدمات البيطرية، إلى جانب تدهور بعض المنشآت الإنتاجية في مختلف المحافظات.

وأكد أن تحديد حجم الثروة الحيوانية بدقة أمر صعب حاليًا بسبب تأثير السنوات الماضية على منظومة الإحصاء واختلاف المنهجيات بين المحافظات، إلا أن التقديرات الميدانية تشير إلى انخفاض ملموس في أعداد القطعان مقارنة بما كانت عليه قبل 2011.

جهود الوزارة لإعادة التوازن

وأشار "اليوسف" إلى أن وزارة الزراعة تنفذ مسوحات دورية لتحديث قواعد البيانات ورسم خريطة دقيقة للثروة الحيوانية، بهدف تخطيط الدعم والخدمات المستقبلية بشكل أفضل. كما تعمل الوزارة على مشاريع لتحسين السلالات المحلية ورفع الإنتاجية عبر إدخال حيوانات محسّنة وراثيًا، إضافة إلى توسيع برامج التحصين والمراقبة الوبائية.

وأوضح أن تحسين منظومة الأعلاف والمراعي الطبيعية يعد جزءًا من الاستراتيجية، من خلال إعادة استصلاح مساحات رعوية متدهورة وتشجيع زراعة محاصيل علفية محلية، لتقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف.

تخفيض الرسوم الجمركية ودعم الإنتاج المحلي

وأصدرّت اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير قرارًا بتخفيض الرسوم الجمركية على استيراد المواشي الحية، بما يشمل الأبقار والأغنام، لمواجهة الفجوة الحالية في السوق وتخفيف الضغط على المربين المحليين، مشددًا على أن هذا الإجراء مؤقت ويهدف لدعم الإنتاج المحلي، دون تحويل الاعتماد على الاستيراد إلى عامل إضعاف للقطاع الوطني.

وأضاف أن الوزارة تعمل على تحقيق توازن استراتيجي بين تأمين احتياجات السوق ودعم المنتج المحلي للوصول إلى الاكتفاء الذاتي التدريجي، مشيرًا إلى أن الوضع الصحي للقطعان جيد بشكل عام، والإنتاجية تلبّي جزءًا مهمًا من حاجة السوق.

وأوضح أن المؤسسات مثل المؤسسة العامة للدواجن والمباقر تعمل بالتنسيق مع الوزارة لتنفيذ مشاريع تطويرية، تهدف لإعادة تأهيل الوحدات الإنتاجية وتحسين ظروف التربية، بما يعزز الإنتاج النوعي من اللحوم والألبان، مع تحقيق مستويات جيدة من الكفاءة والإنتاجية.

وأشار الخبير الزراعي "إبراهيم حداد"، إلى أن استعادة أعداد القطعان تتطلب استراتيجية تدريجية تبدأ بضمان الأمن العلفي كركيزة أساسية، إلى جانب تحسين المراعي الطبيعية وتوسيع زراعة المحاصيل العلفية المحلية وخفض تكلفة التربية، إضافة إلى تقديم قروض ميسّرة للمربين لصيانة الحظائر وشراء الأعلاف والتلقيحات الضرورية.

هذا وحذر من الاعتماد الطويل على استيراد المواشي، معتبرًا أن ذلك قد يؤدي إلى تآكل قاعدة الإنتاج المحلي ورفع درجة التبعية للأسواق الخارجية، مؤكّدًا أن الحل المستدام يكمن في بناء توازن ذكي بين الاستيراد المؤقت ودعم الإنتاج المحلي، بما يمكّن من تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال السنوات المقبلة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ