"حلب ست الكل" تحقّق رقماً قياسياً بـ426 مليون دولار وترسّخ دور المدينة كمحور اقتصادي 
"حلب ست الكل" تحقّق رقماً قياسياً بـ426 مليون دولار وترسّخ دور المدينة كمحور اقتصادي 
● أخبار سورية ٢١ ديسمبر ٢٠٢٥

"حلب ست الكل" تحقّق رقماً قياسياً بـ426 مليون دولار وترسّخ دور المدينة كمحور اقتصادي 

حقّقت حملة “حلب ست الكل” إنجازاً غير مسبوق بعد أن جمعت 426 مليون دولار كتبرعات في غضون ثلاثة أيام فقط، لتصبح الأعلى بين جميع الحملات التي أُطلقت مؤخراً في المحافظات السورية. وجاء هذا الرقم القياسي في دعم إعادة إعمار حلب في ختام فعاليات الحملة مساء أمس، وسط تفاعل جماهيري ورسمي واسع.

وأعلن محافظ حلب عزام الغريب اختتام الحملة، معبراً عن تقديره لـ”التفاعل الاستثنائي والدعم المجتمعي الواسع” الذي أنتج هذا الإنجاز المالي الكبير، واصفاً حلب بأنها “قدّمت نموذجاً من التميّز والتألق”.

وشهدت الحملة أجواء حماسية متصاعدة خلال أيامها الثلاثة، حيث بلغت التبرعات في اليوم الثاني وحده 271 مليون دولار، ما مهّد الطريق لتحقيق الحصيلة القياسية النهائية.

ولعبت الرمزية الوطنية لحلب دوراً بارزاً في تحفيز المانحين، إذ شارك الرئيس السوري أحمد الشرع في فعاليات الحملة عبر مكالمة فيديو، مؤكدًا المكانة التاريخية والاقتصادية للمدينة، واصفًا إياها بـ”القلب النابض للدولة” و”المحور الأساسي في مسار التعافي وإعادة البناء”.

ويأتي هذا الإنجاز في سياق سلسلة من الحملات الخيرية التي أُطلقت في عدد من المحافظات السورية، حيث جمعت حملة “الوفاء لإدلب” أكثر من 208 ملايين دولار، وبلغت تبرعات حملة “فداء لحماة” 210 ملايين دولار. وفي ريف دمشق حققت حملة “ريفنا بيستاهل” أكثر من 76 مليون دولار، وسجّلت حملة “دير العز” في دير الزور نحو 30 مليون دولار في يومها الأول. كما جمعت حملة “أبشري حوران” في درعا أكثر من 36 مليون دولار، بينما انطلقت حملة “أربعاء حمص” بجمع 13 مليون دولار في لحظة انطلاقها.

لكن ما يميّز حملة “حلب ست الكل” هو المكانة الخاصة لحلب نفسها، المدينة التي تُعدّ من أقدم المراكز الحضارية في العالم، وقد ظلّت عبر التاريخ ملتقى طرق ودعامات حضارات متعددة، من آشورية وعباسية إلى عثمانية، فضلاً عن احتوائها على مواقع تاريخية مدرجة ضمن التراث العالمي لليونيسكو.

كما مثلت حلب تاريخياً بوابة التجارة بين آسيا وأوروبا عبر طرق الحرير القديمة، وركناً أساسياً في صناعات عدة مثل النسيج والزجاج والفخار والزيوت، وكان لـ”السوق الكبير” في قلبها دور مركزي في التجارة والحرف، مما جعلها نواةً لاقتصاد متكامل يربط الإنتاج المحلي بالأسواق الإقليمية.

وعلى الصعيد الاقتصادي الحديث، كانت حلب قلب الصناعة السورية قبل الحرب، بقطاع صناعي قوي يغطي النسيج، الغذاء، البناء، المعادن، إلى جانب قطاع زراعي حيوي، فهي تقع وسط إحدى أغنى السهول الزراعية في البلاد، ما جعلها مركزاً لتجارة الحبوب والزيت والخدمات التجارية واللوجستية، إضافة إلى السياحة الثقافية التي كانت تدعم قطاع الخدمات.

وتسعى حملة “حلب ست الكل” لجمع موارد كافية لإعادة بناء المدارس والمشافي والأسواق والطرق، وتوفير بيئة داعمة لعودة الصناعات والحرف، وتمكين القطاع الخاص من استعادة نشاطه، وهو ما يُتوقع أن ينعكس إيجاباً على فرص العمل وتحسين المعيشية في المحافظة وما حولها.

ويُنظر إلى الحملة كبيان إرادة وطنية قوية لإعادة الحياة إلى عصب الاقتصاد السوري، وإقرار بأن حلب تشكّل محوراً لا يمكن الاستغناء عنه في أي استراتيجية وطنية للنهوض. وإذا نجحت في توظيف الموارد بكفاءة، وترافقت مع سياسات إصلاحية فعّالة، فإن حلب لا تعود فقط إلى ما كانت عليه، بل قد ترتقي إلى نقطة انطلاق لتجربة تنموية جديدة في سوريا تعكس أن التاريخ والقدرات الاقتصادية يمكن أن يشكّلا معاً مستقبلاً أكثر إشراقاً لسوريا بأكملها.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ