الأخبار أخبار سورية أخبار عربية أخبار دولية
١٩ يونيو ٢٠٢٥
خبير اقتصادي: نظام الاستثمار الجديد خطوة متقدمة نحو جذب الصناعة لكنه يواجه تحديات واقعية

قال الخبير الاقتصادي "ملهم الجزماتي"، إن نظام الاستثمار الجديد الذي أقرّته وزارة الاقتصاد والصناعة في المدن الصناعية السورية، يُعدّ خطوة متقدمة نحو تحسين مناخ الاستثمار الصناعي، وخلق بيئة أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب، لكنه في الوقت ذاته يواجه تحديات واقعية تتعلق بالتنفيذ والقدرة التنافسية في ظل الوضع الاقتصادي الراهن.

ويركّز النظام الجديد، بحسب الجزماتي، على دعم الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، لا سيما الصناعات التجميعية، والثقيلة، والتحويلية، والإلكترونية، في إطار سعي الحكومة لتحقيق التنمية المستدامة، وتأمين فرص عمل، ورفع كفاءة الموارد البشرية، وتعزيز تنافسية المنتجات الوطنية.

مبادئ حديثة واستراتيجية توسعية
وأوضح الجزماتي أن النظام يستند إلى مبادئ جديدة في بيئة الاستثمار أبرزها: تكافؤ الفرص، الشفافية، الحوكمة، الاستدامة البيئية، التخصص الصناعي، والمرونة الإدارية، مشيراً إلى أن هذه المبادئ تؤسس لبيئة قانونية وتنظيمية أكثر احترافية من سابقتها.

وتضمّن النظام تسهيلات ضريبية وجمركية ملحوظة، رغم عدم صدور قانون الاستثمار الذي يُفترض أن يشرّعها حتى الآن، معتبراً أن غياب هذا القانون قد يحد من فعالية الحوافز المعلنة، خاصة في ظل منافسة قوية من دول الجوار، مثل تركيا، التي تمنح امتيازات واسعة للمستثمرين الجدد.

ضبط احتكار المقاسم وتحفيز البناء
وأشار الجزماتي إلى أن النظام الجديد يُلزم المستثمرين بالبدء بأعمال البناء خلال مدة لا تتجاوز 90 يوماً، وهي خطوة هامة للحد من ظاهرة احتكار الأراضي والمتاجرة بها. كما يتيح القانون إمكانية دمج عدة مقاسم لأغراض التوسع أو إنشاء صناعات مكملة، وهو ما يمنح مرونة تشريعية تدعم نمو المشاريع مستقبلاً.

تسعير بالدولار... تحدٍّ للمستثمر المحلي
وبيّن الجزماتي أن اعتماد لجنة سنوية لتحديد أسعار بيع المقاسم الصناعية بالدولار الأميركي أو ما يعادله بالليرة السورية قد يشكّل عبئاً مالياً على المنتجين المحليين، ويمنح أفضلية نسبية للمستثمر الأجنبي، لا سيما في ظل التفاوت في الوصول إلى العملة الصعبة.

انتقال من التنظيم إلى التنمية
ولفت الجزماتي إلى أن مقارنة النظام الجديد بنظيره القديم الصادر عام 1986 تُظهر تحولاً جوهرياً في الفلسفة الاقتصادية، حيث انتقل التركيز من تنظيم المقاسم والحرفيين فقط، إلى تطوير شامل للبنية الاستثمارية والصناعية.

إلا أنه شدد في ختام تحليله على أن هذه الأهداف الطموحة لن تتحقق إلا من خلال إجراءات تنفيذية واضحة، وجدول زمني واقعي، إلى جانب إعلان محفزات نوعية غير تقليدية، وهو ما لم تكشف عنه الحكومة حتى الآن.

أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية يوم الأربعاء 18 حزيران/ يونيو، إقرار النظام الجديد للاستثمار في المدن الصناعية، وذلك خلال جلسة رسمية عقدتها الوزارة برئاسة وزير الاقتصاد.

وأكد وزير الاقتصاد الدكتور "محمد نضال الشعار"، أن النظام الجديد يشكل دفعة قوية لتعزيز البيئة الاستثمارية وتنشيط الدورة الاقتصادية في البلاد، وفق بيان رسمي نشرته وزارة الاقتصاد والصناعة السورية عبر معرفاتها الرسمية.

 

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
الرئيس "الشرع" يستعرض مع رئيس هيئة المفقودين خطة العمل وتشكيل الفريق الاستشاري

اجتمع رئيس الجمهورية، السيد أحمد الشرع، مع رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين، الدكتور محمد رضا جلخي، لبحث أعمال الهيئة وخططها التنفيذية في معالجة ملف المفقودين في سوريا، الذي يُعد من أبرز أولويات العدالة الانتقالية في المرحلة الراهنة.

واستعرض اللقاء الخطوات العملية التي تقوم بها الهيئة، وفي مقدمتها تشكيل فريق استشاري موسّع يضم خبراء في مجالات القانون وحقوق الإنسان، إلى جانب ممثلين عن عائلات المفقودين والمؤسسات ذات الصلة، بما يكرّس التشاركية ويعزز ثقة الضحايا بالعملية الوطنية لكشف مصير أبنائهم.

كما تناول الاجتماع مشروع إنشاء قاعدة بيانات وطنية شاملة للمفقودين، تعتمد أحدث أدوات التوثيق والتحقق، وتضمن توحيد الجهود بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني في جمع البيانات، وحفظها بطريقة مؤمنة ومهنية.

وأكد الجانبان على ضرورة تنظيم عمليات التوثيق وفق معايير شفافة وواضحة، مع تقديم الدعم القانوني والنفسي والمعنوي لعائلات المفقودين، وتمكينهم من الوصول إلى حقوقهم في المعرفة والإنصاف.

وشدّد الرئيس الشرع على أن الشفافية والتشاركية يجب أن تكونا الركيزتين الأساسيتين في عمل الهيئة، بما يضمن حماية حقوق المفقودين وكرامة ذويهم، ويعكس التزام الدولة السورية بمبادئ العدالة والمحاسبة، في سبيل بناء مجتمع قائم على الحقيقة والإنصاف وسيادة القانون.

وسبق أن أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا عن ترحيبها بقرار الرئاسة السورية تشكيل لجنة وطنية مختصة بملف المفقودين، معتبرة هذه الخطوة "إيجابية وبداية ضرورية" على طريق إيجاد حل حقيقي ومستدام لأحد أكثر الملفات الإنسانية تعقيداً في البلاد.

كما رحّبت اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP) بإصدار مرسوم رئاسي في 17 أيار/مايو 2025، يقضي بتأسيس اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية واللجنة الوطنية لشؤون المفقودين في سوريا، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل انطلاقة مهمة على طريق تحقيق العدالة والمساءلة.

وأكدت اللجنة أن تأسيس هاتين المؤسستين يوفر فرصة حقيقية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي ارتُكبت خلال العقود الماضية، والكشف عن مصير نحو 200 ألف شخص لا يزالون في عداد المفقودين، في واحدة من أكبر القضايا الحقوقية في المنطقة.

ورأت اللجنة الدولية أن هذا الإعلان الرسمي يُظهر التزام الدولة السورية بتحمل مسؤولياتها تجاه الجرائم والانتهاكات، وخاصة تلك المتعلقة بملف المفقودين، مشيرة إلى أن إنشاء مثل هذه اللجان يُعد من الممارسات الفضلى المعترف بها دوليًا في سبيل الكشف عن مصير آلاف الأشخاص المفقودين في ظروف مختلفة.

من جهته، كان أكد "فضل عبد الغني" مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في مقال نُشر على موقع تلفزيون سوريا، أن "الاختفاء القسري" يُعد من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في سجل الانتهاكات التي شهدتها سوريا منذ عام 2011، مشيرًا إلى أن نظام الأسد البائد استخدم هذا الأسلوب كأداة لإرهاب المجتمع وتفكيك نسيجه الاجتماعي عبر استهداف الأفراد وعائلاتهم ومحيطهم.

وأوضح عبد الغني أن الشبكة السورية وثّقت ما لا يقل عن 177 ألف حالة اختفاء قسري على يد مختلف أطراف النزاع، ما يجعل هذا الملف من الركائز الأساسية لمسار العدالة الانتقالية بعد سقوط النظام في ديسمبر 2024، محذرًا من التعامل معه بشكل معزول أو إداري بعيد عن المسار المؤسسي الأشمل.

ولفت عبد الغني إلى أن المرسوم الرئاسي رقم 19 لعام 2025، الذي نصّ على إنشاء "الهيئة الوطنية للمفقودين"، يثير قلقًا حقيقيًا من ناحية البنية المؤسسية، إذ جاء بإنشاء كيان مستقل عن بقية هيئات العدالة الانتقالية، ما قد يؤدي إلى تضارب وظيفي وبيروقراطي يضعف فعالية الاستجابة الحقوقية المتكاملة.

وأوضح أن التعامل مع حالات الاختفاء القسري لا يقتصر على توثيق أسماء المفقودين أو تحديد مواقعهم، بل يتطلب ترابطًا مباشرًا مع آليات المحاسبة القضائية، ولجان التعويض، والإصلاح المؤسسي، وهي كلها أدوات لا يمكن فصلها عن مهام لجنة الحقيقة، وأكد أن هذا الفصل قد يُنتج فجوات معرفية ويُعيق تبادل البيانات والأدلة، ما يؤدي إلى ضعف التنسيق وتضارب التوصيات.

أوضح عبد الغني أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان كانت قد طرحت، في نيسان الماضي، رؤية تنص على دمج هيئة المفقودين ضمن لجنة الحقيقة، معتبرًا أن هذا الخيار يُمثل ضرورة منهجية وعملية، بالنظر إلى الطبيعة المركبة لجريمة الاختفاء القسري، وما تتطلبه من معالجة شاملة تأخذ في الحسبان الأبعاد السياسية والقانونية والاجتماعية.

وأشار إلى أن وجود وحدة مختصة بالمفقودين ضمن لجنة الحقيقة يُعزز من كفاءة العمل المؤسسي، ويسهم في الاستفادة من الموارد القانونية والتقنية وآليات الإحالة والتوثيق، كما يُجنّب ازدواجية التمثيل ويُرسّخ الثقة لدى الضحايا وذويهم، ويُمهّد لمسار أكثر تكاملًا وعدالة.

اختتم عبد الغني مقاله بالتأكيد على أن ملف المفقودين يمثل اختبارًا لجدّية الدولة السورية الجديدة في التزامها بمبادئ العدالة والمحاسبة، موضحًا أن الانتصار لهذا الملف لا يكون فقط بالكشف عن الأسماء أو المصير، بل من خلال تصميم بنية مؤسسية موحّدة تُبنى على التنسيق والتكامل بين الجهات، بما يضمن الإنصاف، وجبر الضرر، وعدم التكرار.

وأشار الحقوقي إلى أن نجاح العدالة الانتقالية في سوريا مرهون بقدرتها على توحيد المسارات والجهود، لا بتفكيكها إلى كيانات متوازية، مؤكّدًا أن تجاوز إرث الغياب والإنكار لا يتحقق إلا عبر مقاربة جماعية تضع "الضحايا في قلب السياسات الجديدة"، وتضمن حقهم في الحقيقة، والعدالة، والكرامة.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أصدر في 17 أيار/مايو 2025 مرسومين رئاسيين يقضيان بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" و"الهيئة الوطنية للمفقودين"، بهدف التصدي لإرث الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت خلال حكم النظام السابق، والكشف عن مصير أكثر من 100 ألف مفقود.

وتتمتع الهيئتان بالاستقلالين المالي والإداري، وتُكلفان بتوثيق الانتهاكات، ومساءلة المسؤولين عنها، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلات الضحايا، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات وطنية تُعنى بملف المفقودين.

وقد لاقت هذه الخطوة إشادة واسعة من أطراف دولية ومنظمات حقوقية، واعتبرتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤشراً واضحاً على التزام الحكومة السورية الجديدة بالمسار الحقوقي، وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، في إطار أوسع لبناء بيئة مستقرة وآمنة تُمهّد لإعادة بناء الدولة على أسس القانون والحقوق.

 

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
محافظة دمشق تشدد على حظر الدراجات النارية داخل المدينة وتلوّح بإجراءات صارمة بحق المخالفين

أصدرت محافظة دمشق تعميمًا جديدًا يوم الخميس 19 حزيران، يُعيد التأكيد على قرار حظر مرور الدراجات النارية داخل المدينة، وذلك في إطار الحرص على السلامة العامة، وتقليص الظواهر والممارسات غير النظامية التي تتسبب بإزعاج المواطنين وعرقلة حركة السير.

وجاء في التعميم الموقع من محافظ دمشق، أن "المحافظة تهيب بجميع المواطنين الالتزام التام بعدم قيادة أو تشغيل الدراجات النارية ضمن المدينة"، ملوّحة باتخاذ إجراءات مشددة بحق المخالفين، تبدأ بحجز الدراجة لمدة شهر كامل وفرض غرامة مالية في حال كانت المخالفة للمرة الأولى، وتصل إلى مصادرتها نهائيًا في حال تكرار المخالفة.

وبحسب التعميم، تم تكليف مديرية هندسة المرور والنقل بمتابعة تنفيذ القرار بالتنسيق مع قيادة شرطة دمشق والجهات المعنية، على أن يبدأ تطبيق هذه الإجراءات بشكل فوري منذ تاريخ صدور التعميم.

وأكدت محافظة دمشق أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود تعزيز الأمن المروري، والحفاظ على النظام العام والمصلحة العامة في المدينة.

وكانت أصدرت محافظة حلب، قرارًا بمنع سير الدراجات النارية غير المرخصة داخل المدينة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن والسلامة العامة، وضمان استقرار الحياة اليومية للسكان.

وأعلنت المحافظة، في بيان رسمي لها،  عبر معرفاتها الرسمية،، إصدار قرار يمنع بموجبه سير الدراجات النارية غير المرخصة داخل المدينة، وذلك اعتبارًا من مارس الماضي.

وتم التنسيق مع قيادة شرطة حلب وقوى الأمن الداخلي لتنفيذ حملة شاملة لمصادرة جميع الدراجات النارية المخالفة، بحسب المحافظة.

وأشارت المحافظة إلى أن الإجراءات القانونية ستُتخذ بحق كل من يخالف هذا القرار، بما يتوافق مع القوانين والأنظمة المعمول بها، مؤكدةً على أهمية التزام المواطنين بالتعليمات الجديدة، داعيةً الجميع إلى التعاون مع الجهات الأمنية لما فيه مصلحة المدينة وسلامة أهلها.

وبعد سقوط النظام البائد، تكررت الشكاوى من استخدام الدراجات النارية داخل الأحياء السكنية، لما تسببه من ضجيج، إضافة إلى استخدامها في عمليات السرقة والاستهدافات التي طالت عناصر من قوى الأمن العام وبعض المدنيين.

ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة من القرارات التي تتخذها الحكومة السورية بهدف ضبط المشاكل المرورية التي باتت تشكّل مشكلة حقيقية للسكان والحد من حالات السرقة وتعزيز الأمن والأمان في عموم المحافظات السورية.

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
جامعة "البعث" تُصبح "جامعة حمص".. خطوات لتفكيك إرث الأسد والبعث في سوريا الجديدة

تصاعدت وتيرة التغييرات الرمزية في سوريا الجديدة، مع إصدار رئيس الجمهورية، السيد أحمد الشرع، المرسوم رقم (99) لعام 2025، القاضي باعتماد تسمية "جامعة حمص" بدلاً من "جامعة البعث"، كجامعة حكومية في الجمهورية العربية السورية.

كما صدر مرسوم مماثل بتغيير اسم "جامعة تشرين" في اللاذقية لتُصبح "جامعة اللاذقية"، في خطوة تأتي ضمن مسار وطني شامل لفك الارتباط مع رموز نظام الأسد البائد، التي هيمنت فيها مسميات "البعث" و"الأسد" على المؤسسات العامة والفضاء العام السوري.

وشمل أحد المراسيم أيضاً تعيين الدكتور "طارق حسام الدين"، الأستاذ في كلية العمارة والتخطيط العمراني، رئيساً جديداً لجامعة حمص، في إطار إعادة هيكلة إدارات الجامعات بما يواكب التحولات الحاصلة في البلاد.

تفكيك الرموز القديمة.. الأسد ليس للأبد
منذ سقوط النظام السابق في 8 كانون الأول 2024، بدأت السلطات السورية الجديدة حملة ممنهجة لإزالة الأسماء والرموز التي ارتبطت بالحكم الشمولي لعائلة الأسد، وبحزب البعث الذي استخدم الدولة واجهةً لتعزيز سلطته المطلقة على مدار أكثر من خمسة عقود.

وشملت هذه الحملة إزالة أسماء الأسد والبعث من الجامعات، والمدارس، والمستشفيات، والملاعب، والشوارع، والساحات، فضلاً عن إزالة عشرات التماثيل التي كانت موزعة في كافة المدن والبلدات السورية، وقد وثّقت منصات التواصل الاجتماعي لحظات إسقاط تماثيل حافظ الأسد وابنه باسل، والتي وُضعت قسراً في الميادين العامة لعقود.

وترمز هذه الخطوات، بحسب مراقبين، إلى بداية تحوّل جذري في الهوية الرمزية والسياسية للدولة السورية، بعد أن ظلت أسيرة إرث البعث والأسد منذ انقلاب حافظ الأسد عام 1970، حيث أُخضعت البلاد لنظام شمولي، تُقدّس فيه "القائد الأبدي" وتُهيمن فيه العائلة الحاكمة على كل تفصيل في حياة السوريين.

هذا وباتت التغييرات الأخيرة، لا سيما في القطاعات التعليمية والصحية، جزءاً من رؤية أوسع تسعى لبناء دولة مدنية، تعيد الاعتبار للمؤسسات وتسعى للقطع مع الحقبة السابقة، وفتح الطريق أمام مستقبل تشاركي بعيد عن التأليه الفردي والاصطفافات الحزبية القسرية.

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
النائب العام يصدر قرارًا بمنع سفر نحو مئة قاضٍ معزول بينهم قضاة "محكمة الإرهاب"

أصدر النائب العام للجمهورية العربية السورية، قرارًا يقضي بمنع مغادرة البلاد لما يقارب مئة قاضٍ من القضاة المعزولين، بينهم قضاة سابقون في ما كانت تُعرف بـ"محكمة الإرهاب"، بمن فيهم أولئك الذين أُحيلوا إلى التقاعد.

وشمل القرار أيضًا القضاة الذين سبق أن تم ندبهم للعمل في قيادة حزب البعث المنحل، بالإضافة إلى عدد من أعضاء مجلس الشعب في عهد نظام الأسد البائد، حيث ورد في نص القرار أن جميع المشمولين بالمنع مدعى عليهم في قضايا قيد التحقيق.

ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة إجراءات قانونية لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت خلال فترة حكم النظام السابق، في إطار جهود المرحلة الانتقالية لتحقيق العدالة وسيادة القانون.

وكان أصدر وزير العدل السوري، الدكتور مظهر الويس، قرارين متتاليين يهدفان إلى تعزيز الشفافية والالتزام بالمعايير القانونية، وسط تصاعد المطالب الشعبية بإعادة تقييم أداء مؤسسات العدالة بعد سقوط النظام السابق، في خطوة لافتة نحو إصلاح المنظومة القضائية في البلاد.

القرار الأول تمثل في تشكيل لجنة قضائية متخصصة تتولى دراسة ومراجعة الأحكام والإجراءات الصادرة عن محكمة قضايا الإرهاب، إلى جانب باقي المحاكم الاستثنائية التي أُنشئت في عهد النظام المخلوع.

وبحسب ما نشرته وزارة العدل عبر قناتها على تلغرام، تهدف هذه الخطوة إلى تقييم مدى قانونية تلك الأحكام، ومواءمتها مع الضمانات الدستورية التي تكفل حقوق المواطنين، في إطار العدالة الانتقالية التي تشهدها البلاد.

اللجنة القضائية ستُكلّف بإعداد تقارير تحليلية دقيقة لكل حالة، مع رفع تقارير شهرية إلى مجلس القضاء الأعلى تتضمن مقترحات بإلغاء الأحكام التي يتضح أنها فُرضت تعسفاً أو انطوت على انتهاك للحريات العامة.

"محكمة الإرهاب في سوريا": هكذا استخدم نظام الأسد القضاء لتكريس الاستبداد
في أعقاب تصاعد الحراك الشعبي السوري في عام 2011، سارع نظام بشار الأسد إلى تعديل أدواته القمعية، مُبدّلاً الأسماء ومُحافظاً على الوظيفة. فجاء تأسيس "محكمة قضايا الإرهاب" عام 2012 كأداة جديدة بلبوس قانوني، استُخدمت بفعالية خلال أكثر من عقد لسحق المعارضة وملاحقة النشطاء وتصفية خصوم النظام، تحت مظلة "مكافحة الإرهاب".

التأسيس: من محكمة أمن الدولة إلى "محكمة الإرهاب"
صدر المرسوم التشريعي رقم 22 بتاريخ 26 تموز/يوليو 2012، معلناً إحداث محكمة تختص بالنظر في "قضايا الإرهاب"، لتحلّ محل محكمة أمن الدولة العليا التي أُلغيت ظاهرياً في سياق ما زعمه النظام من إصلاحات دستورية. لكن الواقع كشف سريعاً أن هذه المحكمة لم تكن إلا استمراراً لمحاكم الطوارئ الاستثنائية، تمّت هندستها لتكون أكثر مرونة في خدمة الأجهزة الأمنية.

ورغم تسميتها القانونية، لم تكن المحكمة معنية بالإرهاب كما يُفهم دولياً، بل صُمّمت لتجريم الحراك الشعبي، وشرعنة الاعتقال السياسي، وإضفاء غطاء قانوني على ممارسات الأجهزة الأمنية.

مهامها القانونية... والمخفية
تبدو مهام المحكمة، بحسب المرسوم التأسيسي، واضحة: النظر في الجرائم التي تُهدد أمن الدولة والمجتمع. لكنها، منذ إنشائها، تحولت إلى مسرح لمحاكمة كل من تجرأ على معارضة النظام، سواء بالمظاهرة أو الكلمة أو حتى تقديم المساعدة الإنسانية.

لم تكن المحاكمة عادلة بأي حال: غابت فيها الضمانات القانونية، واُستُخدمت الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأدلة إدانة، وسُلب المعتقلون من حق الدفاع. آلاف المعتقلين نُقلوا إلى هذه المحكمة بعد سنوات من الاحتجاز، دون محامين، ودون لوائح اتهام واضحة.

 أداة قمع بيد الأجهزة الأمنية
تحوّلت المحكمة إلى ما يشبه ملحقاً لدوائر الأمن، حيث تلعب النيابة فيها دور "السكرتارية" للأفرع الأمنية، التي تُحيل إليها الملفات بعد انتزاع الاعترافات بالقوة. عمل القضاة أشبه بالمصادقة على تقارير التعذيب، لا النظر في أدلة أو استجواب شهود.

ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن المحكمة كانت الأداة الرئيسة لملاحقة عشرات آلاف السوريين، بما فيهم طلاب جامعات، إعلاميون، أطباء، عاملون في منظمات إغاثية، وحتى قُصّر. كما استُخدمت المحكمة لإصدار أحكام بالإعدام والسجن المؤبد بناء على تقارير أمنية أو نشاط إعلامي، وسط تجاهل تام لقواعد المحاكمة العادلة.

محكمة تصادر الحقوق والممتلكات
لم تكتف المحكمة بحرمان المواطنين من حرياتهم، بل تجاوزت ذلك إلى مصادرة ممتلكاتهم. فبموجب المرسوم رقم 63 لعام 2012، أُعطيت المحكمة صلاحية الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لأي شخص تُوجه له تهمة الإرهاب، حتى وإن كانت غيابية.

المراحل التي مرّت بها المحكمة||
12012–2014: التأسيس والانفجار القمعي
شهدت المحكمة في سنواتها الأولى تدفقاً غير مسبوق من القضايا القادمة من أجهزة الأمن، وكانت محاكمات المتظاهرين السلميين عنوان هذه المرحلة. آلاف السوريين أدينوا بتهم فضفاضة مثل "إضعاف الشعور القومي" أو "التحريض على أعمال إرهابية".

2015  - 2018: استهداف المجتمع المدني
انتقلت المحكمة لتجريم العمل المدني، حيث شملت قائمة المتهمين نشطاء إعلاميين، عمال إغاثة، محامين، وأكاديميين. تصاعد عدد الأحكام الطويلة بالسجن، وبرزت تقارير عن ابتزاز مالي ممنهج مقابل تخفيف الأحكام أو تسريع الإجراءات.

 2019–2021: تغييرات شكلية وتجميل الواجهة
أُعلن نظام الأسد عن تغييرات في بنية المحكمة شملت تعيينات جديدة، لكن التقارير أكدت أن سلوكها القمعي لم يتغير. تغييرات صورية لم تطل البنية الأمنية العميقة التي تديرها، بل زادت من طابعها الأمني من خلال تعيين ضباط أمنيين كقضاة تحقيق.

في تقريرها الصادر بتاريخ 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، كشفت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" عن الممارسات القمعية التي اتخذت من "محكمة قضايا الإرهاب" غطاءً قانونياً لإسكات المعارضين والمطالبين بالتغيير السياسي في سوريا، معتبرة أن هذه المحكمة تحولت إلى فرع أمني بغطاء قضائي يخدم مصالح النظام البائد في مواجهة الحراك الشعبي.

محكمة سياسية بامتياز
وصف التقرير المحكمة بأنها "كيان أمني/سياسي"، هدفه الأساسي ليس مكافحة الإرهاب، بل القضاء على المطالبين بالعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان. ووفق بيانات الشبكة، لا يزال ما لا يقل عن 10,767 شخصاً يخضعون لإجراءات هذه المحكمة، التي نظرت منذ تأسيسها في نحو 91 ألف قضية، إضافة إلى إصدارها قرارات بحجز ممتلكات في 3,970 حالة على الأقل.

 أدوات التصفية: من الاعتقال إلى المصادرة
أوضح التقرير أن المحكمة اعتمدت على شبكة من الإجراءات القمعية شملت الاعتقال التعسفي، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، واعتماد الضبوط الأمنية كأدلة وحيدة، ليتم تحويل الملفات لاحقاً إلى المحكمة دون أي التزام بأصول المحاكمات أو قواعد الإثبات القانونية.

كما لفت التقرير إلى أن النص القانوني الذي تستند إليه المحكمة صيغ بطريقة فضفاضة، ما يتيح توجيه التهم لأي شخص، وتحويل النشاط السياسي أو الإعلامي أو حتى المساعدات الإنسانية إلى "جرائم إرهابية" يعاقب عليها بأشد الأحكام، والتي قد تصل إلى الإعدام.

قضاء خاضع للسلطة التنفيذية
أكدت الشبكة أن المحكمة لا تتمتع بأي قدر من الاستقلالية، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية السابق كان يعيّن قضاة المحكمة بمن فيهم قضاة التحقيق وقضاة النقض، في مخالفة صريحة لمبدأ فصل السلطات. ورأى التقرير أن هذه الممارسات تجعل من المحكمة امتداداً طبيعياً للأفرع الأمنية، وليست هيئة قضائية مستقلة.

كما بيّن أن رئيس النيابة العامة في المحكمة لعب دور الوسيط بين الأجهزة الأمنية والقضاة، وأن قاضي التحقيق غالباً ما كان يرفض التصديق على إفادات المعتقلين بتعرضهم للتعذيب، مكتفياً بتسجيل الضبط الأمني بوصفه "دليلاً" قانونياً.

تغوّل على الحق في الدفاع والمحاكمة العادلة
انتقد التقرير بشدة غياب الحق في الدفاع، متهماً المحكمة بانتهاك "الحق المقدس" في المحاكمة العادلة. وأوضح أن جلسات محكمة الجنايات غالباً ما كانت تستند إلى سطور معدودة من الضبوط الأمنية، وقد تنتهي بالحكم بالإعدام لمجرد المشاركة في مظاهرة أو إبداء رأي معارض.

وأشار إلى أن الطعون في الأحكام لا تُجدي نفعاً أمام منظومة تعتمد على التعذيب كوسيلة إثبات، وذكر حالات اختفاء معتقلين بعد مثولهم أمام المحكمة، إضافة إلى إعادة اعتقال مفرج عنهم، ما يؤكد تغوّل السلطة الأمنية على المسار القضائي.

غطاء قانوني لمصادرة ممتلكات المعارضين
توقّف التقرير مطوّلاً عند البعد الاقتصادي للمحكمة، كاشفاً عن استخدامها كأداة لتجريد المعارضين من ممتلكاتهم. ووفقاً للمرسوم رقم 63 لعام 2012، بات بإمكان المحكمة، ووزارة المالية، والأجهزة الأمنية، إصدار قرارات بمصادرة جماعية تستهدف آلاف المواطنين المحالين إلى المحكمة غيابياً أو حضورياً.

وأشار التقرير إلى أن أوامر الحجز لا تقتصر على المتهمين، بل تشمل أفراد أسرهم، بما في ذلك الآباء والأمهات والأبناء والزوجات. وسجلت الشبكة ما لا يقل عن 3,970 حالة حجز منذ عام 2014 وحتى تشرين الأول/ أكتوبر 2020، شملت 57 طفلاً على الأقل.

استثنائية في دولة لا تحترم القانون
رأت الشبكة أن محكمة قضايا الإرهاب تنتهك أحكام القانون الدولي العرفي والمادة الثالثة من اتفاقيات جنيف، إذ لا تتمتع بشرعية قانونية، ولا تخضع لمبدأ الحياد أو الاستقلال. وأكد التقرير أن حرمان المتهمين من الحق في محاكمة عادلة يُصنّف ضمن جرائم الحرب، وفق النظم الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف التقرير أن النظام السوري وظّف خطاب "مكافحة الإرهاب" لتشويه صورة المعارضة، حيث جرى وصف كل من طالب بتغيير النظام بـ"الإرهابي"، ما أتاح تبرير استخدام العنف والقتل والمصادرة ضدهم، وتمرير ذلك من خلال محكمة سُمّيت بـ"محكمة الإرهاب"، في حين أن النظام نفسه هو من صاغ قانونها، وعيّن قُضاتها، وحدد إجراءاتها.

2022–2024: استمرار القمع وتغييب الملفات
مع تصاعد الحراك المعارض مجدداً، عادت المحكمة لتنشط في إصدار أحكام جماعية، رغم محاولة النظام التعتيم على نشاطها. واستخدمت مجدداً لتصفية نشطاء وتصفية حسابات سياسية داخل بنية النظام نفسه.

بعد سقوط النظام: تفكيك المحكمة وفتح ملفاتها
في شباط/فبراير 2025، وبعد انهيار نظام الأسد، أصدرت وزارة العدل السورية قراراً بإحالة 87 قاضياً من محكمة الإرهاب إلى التحقيق، لفتح ملفات التجاوزات التي ارتكبوها بحق المعتقلين. وقد بدأت بالفعل عمليات جمع شهادات ناجين وتدقيق الملفات القانونية، تمهيداً لمحاكمات قضاة ثبت تورطهم بأحكام تعسفية وبالفساد القضائي.

أرقام وحقائق صادمة
- أكثر من 91 ألف قضية نظرت بها المحكمة خلال عقد، وفق تقديرات حقوقية.
- نحو 10,767 شخصاً لا يزالون قيد المحاكمة أو الاحتجاز ضمن ملفات المحكمة.
- 177,021 شخصاً موثقين كمختفين قسرياً منذ عام 2011، معظمهم أُحيلت ملفاتهم إلى محكمة الإرهاب دون محاكمة.
- ما لا يقل عن 45,332 شخصاً قُتلوا تحت التعذيب في مراكز احتجاز، كثير منهم مرّ بمحكمة الإرهاب ولم تُسلّم جثامينهم لذويهم.

محكمة الإرهاب... بين القانون الدولي وجرائم الحرب
بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن المحكمة تُمثل انتهاكاً صريحاً لأبسط معايير المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون الدولي. إذ إن قضاة المحكمة عُيّنوا من قبل رأس النظام مباشرة، وأحكامهم لا تستند إلى أدلة قانونية، بل إلى تقارير فروع الأمن.
كما أن المحكمة حاكمت مدنيين وعسكريين وأحداثاً ضمن بنية قضائية واحدة، خلافاً للقواعد الدولية التي تفصل بين هذه الفئات من المتهمين، وقد أدرجت الشبكة السورية هذه المحكمة كأداة رئيسية ارتكب النظام من خلالها جرائم ضد الإنسانية، ما يجعل القضاة العاملين فيها عرضة للمساءلة في المحاكم الدولية.

ضرورة تفكيك المحكمة وبناء قضاء نزيه
أثبتت محكمة قضايا الإرهاب أنها لم تكن يوماً مؤسسة عدلية، بل سيفاً بيد النظام لتصفية خصومه. واليوم، بعد سقوط هذا النظام، تُطرح الأسئلة الملحة حول مصير هذه المحكمة، وضرورة تفكيكها، ومحاسبة كل من أسهم في أعمالها، سواء كانوا قضاة أو محققين أو موظفين قضائيين.

في المقابل، يؤكد حقوقيون أن بناء قضاء سوري جديد لا يمكن أن يتم دون الكشف الكامل عن الجرائم التي ارتُكبت تحت عباءة "العدالة"، ووضع إطار قانوني يضمن استقلال القضاء ويحمي حقوق الإنسان، ويعيد الاعتبار لمفهوم الدولة القانونية بعد سنوات من التلاعب به باسم مكافحة الإرهاب.

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
حوادث قتل غامضة والمستفيد واحد .. من يستهدف الطائفة المرشدية في حمص..؟

تصاعدت في الآونة الأخيرة حوادث القتل الغامضة التي استهدفت أبناء الطائفة المرشدية في محافظة حمص بشكل خاص، ما أثار موجة من القلق الشعبي والتساؤلات الواسعة حول خلفيات هذه الحوادث، وتوقيتها، والأطراف المستفيدة منها.

وبينما لم تُعرف بعد الجهة التي تقف وراء هذه الجرائم، تبرز ترجيحات بأن هناك أطرافًا تعمل على تغذية الخطاب الطائفي في المجتمع السوري، عبر استهداف مجموعات دينية أو مذهبية بعينها، بما يخدم روايات قديمة لطالما روّج لها نظام الأسد حول استهداف ما يسميه "الأقليات"، في محاولة مكشوفة لإعادة تعويم هذه الكذبة في سياق سوريا الجديدة.

خلفية مشبوهة
تشير بعض المصادر إلى أن هذه الحوادث ليست بمعزل عن السياق السياسي المعقد الذي تمر به البلاد، وأنها قد تكون رسالة خفية لإبقاء المجتمع السوري أسير الانقسام والخوف ففي ظل المساعي المتصاعدة نحو إعادة بناء الدولة السورية على أسس المواطنة، وتحقيق العدالة الانتقالية، تتصاعد بشكل متوازٍ محاولات تعطيل هذا المسار من خلال ضرب نسيج المجتمع.

وتكررت حوادث القتل التي استهدفت أبناء الطائفة المرشدية في محافظة حمص، كان آخرها مقتل المهندس الزراعي محمود غصّة (59 عاماً) بعد اختطافه من وسط المدينة على يد مجموعة مسلحة مجهولة وقد عُثر على جثته في قرية الربيعة وعليها آثار تعذيب وتنكيل.

هذا المشهد أعاد إلى الأذهان جرائم سابقة طالت أبناء الطائفة، منها مقتل شابين في حي العدوية بطريقة مشابهة، ما أثار موجة غضب عارمة داخل الأوساط الشعبية للمرشديين في سوريا وخارجها.

ووسط هذه الأجواء المشحونة، تُرجّح مصادر محلية أن جهات خفية تسعى لتأجيج التوترات الطائفية عبر استهداف مكونات بعينها، بهدف تغذية السردية القديمة حول "خطر على الأقليات" في سوريا ما بعد الأسد البائد، وتوجه أصابع الاتهام بشكل متزايد إلى فلول النظام البائد وبعض الخلايا الساعية لزعزعة الاستقرار ومنع بسط الأمن في البلاد.

ويتداول نشطاء ومحللون فرضيات عدة حول الجهات التي قد تقف خلف هذه العمليات، من بينها فلول نظام الأسد البائد، الذين ما زالوا يحاولون إرباك الواقع الأمني في مناطق معينة، من خلال تنفيذ عمليات نوعية تستهدف رمزية الطوائف، أو تنشر الفوضى في بيئات معينة، لتقديم أنفسهم مجددًا كـ"حماة للاستقرار"، بعد أن كانوا أبرز أدوات القمع والتفتيت الاجتماعي طوال عقود.

رسائل عبر الدم
ويرى مراقبون أن استهداف طائفة صغيرة ومنغلقة مثل المرشدية، التي غالبًا ما تنأى بنفسها عن الاصطفافات السياسية، يحمل دلالة تتجاوز القتل المجرد، وتذهب إلى محاولة إشعال شرارة طائفية خافتة، من خلال المسّ بالمقدّس والهويات الدقيقة، بهدف خلق حالة من القلق العام بين مختلف مكونات المجتمع السوري، لا سيما في المدن المختلطة مثل حمص.

وفي المقابل، تحذّر أصوات حقوقية ومدنية من الانجرار وراء أي دعوات للرد أو التصعيد، مشددة على أن الحل يكمن في إطلاق تحقيق شفاف ومستقل، يوضح الحقائق، ويكشف المسؤولين، ويمنع توظيف هذه الجرائم في سياق تخويفي أو طائفي مرفوض.

وفي خضم هذه التطورات، تبرز دعوات مخلصة من داخل حمص وخارجها، بضرورة تعزيز حضور الدولة السورية الجديدة، ومؤسساتها الأمنية والقضائية، بشكل عادل وغير تمييزي، وبما يطمئن كل المواطنين بأنهم سواسية أمام القانون، وأن العدالة لا تستثني أحدًا.

كما يُناشد العديد من أبناء الطائفة المرشدية الجهات المعنية بالكشف عن ملابسات الجرائم الأخيرة، مؤكدين أن الدم السوري واحد، ولا يجب أن يتحول إلى مادة للابتزاز السياسي أو الطائفي.

وكان خرج مئات المدنيين من أبناء الطائفة المرشدية في اعتصام صامت، نُظم بالتزامن في حي كرم الزيتون بمدينة حمص، وقرية الغسانية في ريف المحافظة الجنوبي، وذلك احتجاجاً على مقتل شابين من أبناء الطائفة، بعد اختطافهما من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية.

الشابان، هادي محمد قاسم ومحمد وليد درويش، كانا يعملان في مكتب الأمبيرات بحي العدوية وسط حمص، حين اقتحم مسلحون مجهولون الموقع، واعتدوا على محتوياته، وسرقوا دراجة نارية، وجهاز حاسوب محمول، ومبلغاً من المال، قبل أن يقتادوا الشابين إلى جهة مجهولة.

وفي وقت لاحق عُثر على جثتي الضحيتين خلف مستوصف الخالدية وسط المدينة، حيث تم نقلهما إلى مستشفى الزهراء، وأظهر الكشف الطبي أن محمد أصيب بطلق ناري في الرأس وآخر في الصدر، بينما تعرض هادي لطلق ناري في الرأس وآخر عند أعلى الترقوة، إلى جانب وجود آثار تعذيب وتنكيل على الجثتين، وقدّر الطبيب الشرعي وقت الوفاة بنحو الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر يوم الجمعة.

وطالب المعتصمون الجهات الرسمية في الحكومة الانتقالية بسرعة تعقب مرتكبي الجريمة، وتقديمهم إلى العدالة دون تأخير، كما دعوا إلى توفير الحماية اللازمة لأبناء الطائفة المرشدية، مؤكدين رفضهم للانتهاكات التي تهدد السلم الأهلي في المحافظة، وسط دعوات متزايدة لتعزيز الاستقرار الأمني، وملاحقة الشبكات المسلحة التي تهدد أمن المدنيين.

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
جامعة حلب تدخل تصنيف Times العالمي للمرة الأولى وتحقق مراتب متقدمة في أهداف التنمية المستدامة

دخلت جامعة حلب للمرة الأولى في تاريخها تصنيف Times للتأثير لعام 2025، وهو أحد أبرز التصنيفات العالمية المعنية بقياس مدى مساهمة الجامعات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، حيث جاءت في المرتبة 1501 عالمياً من أصل 2318 جامعة مشاركة من مختلف دول العالم.

وأكد رئيس الجامعة، الدكتور أسامة رعدون، في تصريح لوكالة سانا، أن جامعة حلب استطاعت تلبية متطلبات هذا التصنيف المرموق، وبرزت في عدة مجالات رئيسية، منها "الصناعة والابتكار والبنية التحتية" حيث نالت المرتبة 800 عالمياً، و"المساواة بين الجنسين" ضمن أفضل 1001 جامعة، و"الشراكات لتحقيق الأهداف" بين أفضل 1500 جامعة على مستوى العالم.

وأشار الدكتور رعدون إلى أن هذا الإنجاز يأتي في سياق الجهود التي تبذلها الجامعة منذ تحرير سوريا من نظام الأسد البائد، لإعادة بناء موقعها العلمي والأكاديمي على الساحة الدولية، من خلال تعزيز التكامل بين الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية وإدارة الجامعة، بما يعكس صورة إيجابية عن التعليم العالي في سوريا.

كما لفت إلى أن الجامعة تسعى إلى الحفاظ على هذا التقدم وتطويره، عبر توسيع شبكة التعاون الأكاديمي والبحثي، حيث تعمل حالياً على رفع عدد الاتفاقيات الدولية إلى 80 اتفاقية مع جامعات مرموقة في أكثر من 40 دولة، تغطي مجالات التبادل الطلابي والمشاريع البحثية والمبادرات الأكاديمية المشتركة.

يعكس دخول جامعة حلب للمرة الأولى في تصنيف Times للتأثير العالمي لعام 2025 تحولاً نوعياً في توجه الجامعة نحو الانخراط في الجهود الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة. 

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
هيئة التميز تطلق منصة رقمية للمناظرات المدرسية استعداداً للبطولة الوطنية في كانون الأول

أعلنت هيئة التميّز والإبداع عن إطلاق منصة إلكترونية مخصصة لتنظيم فعاليات المناظرات المدرسية، بهدف تسهيل عمليات التسجيل، وجدولة تحدّيات السلّم، وتقديم الاعتراضات، ومتابعة النتائج بشكل رقمي متكامل وشفّاف.

وأوضحت الهيئة في بيان تلقته وكالة "سانا" أن التسجيل عبر المنصة يبدأ اعتباراً من اليوم، مشيرة إلى أن أولى تحدّيات السلّم ستنطلق يوم الثلاثاء 1 تموز 2025، وستُجرى جميعها افتراضياً. وأكدت الهيئة أن المشاركة في هذه التحدّيات إلزامية للفرق التي ترغب بالتأهل إلى البطولة الوطنية للمناظرات المدرسية، المقررة في كانون الأول المقبل.

ودعت الهيئة جميع الفرق المدرسية إلى مراجعة الوثائق والتعليمات الخاصة بالتحديات بدقة قبل المشاركة، وذلك لضمان الالتزام بالقواعد والإجراءات وتوحيد الفهم بين جميع المشاركين.

وتندرج هذه الخطوة ضمن استراتيجية الهيئة في تطوير آليات العمل وتعزيز ثقافة التميز والحوار البنّاء بين الطلبة، بما يتيح لهم فضاءً تنافسياً محفزاً على التفكير النقدي والتعبير المنطقي.

وتُعد هيئة التميّز والإبداع مؤسسة وطنية مستقلة، تُعنى باكتشاف ورعاية المواهب الواعدة في مختلف المجالات العلمية والفكرية، وتعمل على تأهيلها للمشاركة في مسابقات محلية ودولية، في إطار مشروع وطني يهدف إلى إعداد جيل قادر على المساهمة الفاعلة في بناء مستقبل سوريا من خلال العلم والتميز.

وتقوم الهيئة برسم الخطط الوطنية لنشر مفاهيم الإبداع والموهبة، وتوفير بيئة تعليمية تراعي احتياجات الطلبة الموهوبين، وتقديم الدعم والرعاية لهم في مراحل التعليم المختلفة، فضلاً عن السعي لتحويل أفكارهم إلى مشاريع قابلة للاستثمار.

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
محافظة دمشق توضح حقيقة وطبيعة الأعمال الجارية في جبل قاسيون

أصدرت محافظة دمشق، يوم الخميس 19 حزيران/ يونيو، بياناً توضيحياً بشأن ما أُثير على وسائل التواصل الاجتماعي حول الأعمال الجارية على سفح جبل قاسيون، مؤكدة أن المشروع لا يتضمن أي تغييرات إنشائية غير مصرح بها.

وأكدت المحافظة أن الأعمال الجارية عبارة عن عملية إعادة تأهيل متكاملة تهدف إلى تعزيز السلامة العامة وتحسين الخدمات، مع الحفاظ الكامل على الطابع الجغرافي والبيئي للجبل.

ووفقًا للبيان الصادر عن إدارة الإعلام الرسمي في المحافظة فإن الطريق العمومي الذي يتم العمل عليه في أعلى سفح الجبل، ويبلغ طوله 960 متراً، يخضع لتأهيل هندسي دقيق يراعي خصوصية المنطقة من حيث طبيعتها الجبلية ورمزيتها لدى أهالي دمشق وزوارها.

وأكد أن المشروع انطلق من مبدأ أولوية الأمان والراحة للزوار، إلى جانب سلامة السكان المقيمين في المنطقة، و أوضحت المحافظة أن ما يتم في الموقع يندرج ضمن خطة ترميم شاملة للبنية القديمة، حيث كانت بعض الأبنية في المنطقة تستند إلى قواعد غير آمنة وأرضيات مهددة بالانهيار.

كما يشمل المشروع تأهيل مبنى قديم يُعرف باسم "لا مونتانا"، دون أي إضافة طابقية أو تغيير في الاستخدام، مع استخدام الشدات الخشبية فقط لأغراض التدعيم، وأضاف البيان أن الأعمال تشمل أيضاً إنشاء جدران استنادية وأسقف بيتونية مدروسة هندسياً.

إلى جانب تدعيم الجانب الصخري الغربي من الجبل لحماية الزوار من مخاطر الانهيارات. كما يتضمن المشروع تنفيذ جلسات طبيعية مفتوحة للعائلات باستخدام مواد تتناغم مع طبيعة الجبل، وتحسين البنية المرورية من خلال إنشاء مرآب طابقي.

وتنفيذ شبكة تصريف مياه حديثة تربط السيول بشبكة المدينة، إلى جانب تأهيل شبكات الكهرباء والمياه بشكل آمن وفعّال، وتطرقت المحافظة إلى الجانب البيئي، مشيرة إلى اعتماد نظام ري بالتنقيط لتقليل الهدر وحماية التربة من الهبوط، بالإضافة إلى تنفيذ خط صرف صحي جديد وآمن باستخدام أنابيب حديثة تُصرف مباشرة إلى شارع ناظم باشا، ما يخفف الضغط عن الشبكة القديمة.

تأكيد على الشفافية والمعلومات الرسمية
وأكدت محافظة دمشق في ختام بيانها أن الهيئات الرسمية فقط هي المصدر الموثوق لأي معلومات تتعلق بالمشروع، مشددة على أن ما يتم تنفيذه يتوافق مع تطلعات السكان، ويستند إلى دراسات هندسية وبيئية دقيقة، وأن المواقع المعدّة للاستثمار سيتم الإعلان عنها قريباً وفق مزايدات علنية تضمن الشفافية وتحقق أعلى معايير الجودة.

وكانت أعلنت محافظة دمشق عن إطلاق مشروع متكامل لتأهيل منطقة جبل قاسيون، أحد أبرز المعالم الطبيعية والسياحية المطلة على المدينة، وذلك في خطوة تهدف إلى تحويل الموقع إلى وجهة عصرية ومفتوحة أمام سكان العاصمة وزوّارها، بعد سنوات من الإغلاق والتهميش.

خدمات نوعية وحدائق مجانية
بيّنت المحافظة أن المشروع يشمل إنشاء حدائق عامة مجانية، ومواقع ترفيهية عائلية بمواصفات عالية الجودة، إضافة إلى مرآب للسيارات، بما يضمن سهولة الوصول إلى المنطقة وتنظيم حركة الزوّار، مع الحفاظ على الهوية الجغرافية والمجتمعية للموقع.

بنية تحتية متطورة ومتناسقة مع الطابع الطبيعي
يتضمن المشروع تحديث الشبكات الخدمية كافة، بما في ذلك تطوير شبكة الصرف المطري والمجاري الصحية، وتجديد الأرصفة والحواف وطبقات الإسفلت، فضلاً عن تمديد شبكة ري حديثة، وتأهيل المساحات الخضراء، وتنفيذ جدران استنادية ومصاطب منظمة، مع توفير إنارة متناسقة مع طبيعة الموقع وتضاريسه.

قاسيون... من موقع عسكري إلى فضاء حر
جبل قاسيون الذي لطالما اعتبر رمزاً للعاصمة دمشق، يستعيد دوره التاريخي كمكان عام مفتوح للناس، بعد أن حوّله النظام المخلوع في السنوات الماضية إلى منطقة عسكرية مغلقة ضمّت مرابض مدفعية ومراكز لإنتاج البراميل المتفجرة. اليوم، يعود الجبل ليكون مقصداً شعبياً للاحتفالات واللقاءات الاجتماعية، ومتنفّساً للهواء الطلق.

تاريخ عريق يُعاد إحياؤه
يحمل الجبل الذي يعود اسمه إلى اللغة الآرامية، بمعنى "القوي" أو "المتين"، تاريخاً موغلاً في القدم، حيث شكّل موقعاً استراتيجياً في حماية المدينة، ومكاناً شاهداً على الكثير من المحطات التاريخية. كما خلدته الأشعار والأغاني السورية، ليكون جزءاً من الذاكرة الوطنية والثقافية.

رمز للثورة.. ووجهة للأمل
منذ الإطاحة بالنظام البائد، تحول صعود جبل قاسيون إلى فعل رمزي بالنسبة للسوريين، واحتفال باستعادة الحرية. فالكثير من الأهالي باتوا يقصدون قمته للاحتفال بالمناسبات الخاصة أو الترفيه، مرددين أناشيد الثورة وأهازيج الحرية، في مشهد يعكس حجم التحول الذي شهدته البلاد.

 

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
كانت معدّة للتهريب خارج سوريا.. تسليم مجموعة أثرية نادرة إلى مديرية آثار حلب

أعلنت مديرية آثار ومتاحف حلب، عن تسلمها مجموعة كبيرة من القطع الأثرية النادرة، بعد أن تم ضبطها من قبل وزارة الداخلية بالتعاون مع الجهات المختصة، خلال محاولة تهريبها خارج البلاد.

وبحسب ما أعلنت المديرية فإن القطع المصادَرة تنتمي لفترات تاريخية متباينة، وتشكل جزءاً مهماً من الإرث الثقافي السوري، لما تحمله من دلالات تاريخية وحضارية تعكس غنى وتنوع الحضارات التي تعاقبت على سوريا.

تعاون مؤسساتي لحماية الإرث الوطني
وأشادت المديرية بجهود وزارة الداخلية في إحباط عمليات تهريب الآثار، مؤكدة أن حماية التراث الوطني ليست مسؤولية جهة واحدة، بل واجب جماعي تشترك فيه مؤسسات الدولة والمجتمع على حد سواء، بهدف الحفاظ على هوية البلاد الثقافية ونقلها للأجيال القادمة.

ودعت مديرية الآثار في حلب إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية حماية الموروث الثقافي، وتكثيف التعاون مع الجهات الأمنية في مواجهة شبكات التهريب التي تستهدف الآثار، لا سيما في ظل تكرار محاولات تهريب كنوز أثرية ثمينة نحو الخارج.

وفي مبادرة وُصفت بأنها الأولى من نوعها في سوريا الحديثة، أعلن وزير الثقافة السوري "محمد ياسين صالح" عن تخصيص مكافأة مالية سخية لحارسين ساهما في حماية المتحف الوطني بدمشق، ليلة سقوط نظام بشار الأسد وفراره إلى روسيا في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.

وفي مؤتمر صحفي، قال الوزير: "أنا مؤمن جداً بفكرة التكريم المعنوي، وهما (الحارسان) يستحقّان التصفيق. ولكن بصفتي وزيراً للثقافة، أقول إن زمن البخل وزمن الرخص في النظام الساقط قد ولّى. لذلك أتمنى أن يقبل الشخصان هديةً بسيطةً من وزارة الثقافة: 50 مليون ليرة سورية لكل منهما".

وأكد الوزير أن هذا التكريم يعكس روح سوريا الجديدة، التي "تكافئ المجتهد وتعطي كل ذي حق حقه"، في إشارة واضحة إلى نهج مغاير تماماً لما كان سائداً في عهد النظام السابق.

قطيعة واضحة مع ممارسات النظام الساقط
اللافت في هذا الإعلان أنه يشكّل قطيعة واضحة مع ما كان يُمارَس في عهد بشار الأسد، الذي لم يُبدِ أي تقدير حقيقي للثقافة أو لحُماتها، ولا حتى لجنوده الذين قتلوا دفاعاً عنه. ففي أفضل الأحوال، كانت عائلات القتلى تحصل على "ساعة حائط" أو "سحارة برتقال"، فيما كان يُنفق المال على دعايات إعلامية تُظهر الأسد وهو يزور أطفالاً أو أسر قتلى لتلميع صورته.

إعادة افتتاح المتحف الوطني بعد التحرير
تزامناً مع بداية مرحلة جديدة، أعادت المديرية العامة للآثار والمتاحف فتح أبواب المتحف الوطني بدمشق في 8 كانون الثاني/يناير 2025، بعد شهر من سقوط الأسد، وذلك بعد إغلاق احترازي مؤقت خوفًا من أعمال النهب أو الفوضى.

وتأسس المتحف الوطني بدمشق عام 1919 تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، ويُعدّ من أبرز معالم سوريا الثقافية. يضم المتحف مجموعة فريدة من الآثار التي تمثل مختلف الحقب التاريخية، بدءاً من العصر الحجري القديم، مروراً بالآثار الشرقية والكلاسيكية والإسلامية، وصولاً إلى الفنون الحديثة.

واليوم، لا يقتصر رمزية المتحف على كونه حارساً للتراث، بل أصبح أيضاً رمزاً للعبور من عهد الديكتاتورية إلى دولة جديدة تُكرّم مواطنيها وتحترم إرثها.

وفي كلمته خلال مراسم الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة في 29 آذار 2025، أشار وزير الثقافة إلى أن الوزارة ملتزمة بإعادة سوريا إلى مكانتها الثقافية، مع التركيز على بناء ثقافة عمل الخير والتآخي. وأكد على أهمية الانفتاح على العالم العربي وتعزيز التواصل الثقافي مع جميع الأطياف.

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
غراندي: عودة أكثر من مليوني لاجئ ونازح سوري منذ كانون الأول تمثل بارقة أمل وسط تحديات إنسانية كبيرة

أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، أن أكثر من مليوني لاجئ ونازح سوري عادوا إلى ديارهم منذ كانون الأول الماضي، مشيراً إلى أن هذه العودة الواسعة تشكل بارقة أمل في ظل التصعيد الإقليمي المستمر.

وقال غراندي في تدوينة نشرها اليوم على منصة "إكس": "عودة أكثر من مليوني لاجئ ونازح سوري منذ كانون الأول الماضي تمثل تطوراً إيجابياً وسط تصاعد التوترات في المنطقة"، مضيفاً أن هذا يؤكد الحاجة إلى حلول سياسية حقيقية، لا إلى موجة جديدة من عدم الاستقرار والنزوح.

وفي سياق متصل، توقعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، قبل يومين، أن يشهد العام الجاري 2025 عودة نحو 1.5 مليون لاجئ سوري من دول الجوار، بينهم قرابة 200 ألف لاجئ من الأردن، داعية إلى استثمارات عاجلة داخل سوريا، إضافة إلى دعم المجتمعات المضيفة، لضمان أن تكون هذه العودة آمنة ومستدامة.

وشدد غراندي، في تصريحات سابقة، على أن السكان العائدين يحتاجون إلى المساعدة الفورية لإعادة بناء حياتهم من جديد، مشيراً إلى أهمية توفير الدعم في مجالات السكن والخدمات الأساسية والتعليم.

من جهتها، أكدت جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن قبل يومين، أن "انخفاض حدة النزاع والانخراط الدولي المتزايد يوفران فرصاً جديدة للاستثمار في مستقبل سوريا"، لكنها حذرت في الوقت ذاته من أن ثلاثة أرباع السكان ما زالوا بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.

وبيّنت مسويا أن أكثر من سبعة ملايين شخص لا يزالون نازحين داخل البلاد، مشيرة إلى أن 1.1 مليون نازح داخلي وأكثر من نصف مليون لاجئ عادوا خلال الأشهر الستة الماضية، لكن العديد منهم لا يزالون يعتمدون على المساعدات لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠٢٥
شبكة حقوقية تدعو لإجراء تحقيقات ومساءلة المسؤولين عن حوادث ذات طابع انتقامي في قطنا 

قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها، إن مدينة قطنا في محافظة ريف دمشق، شهدت خلال الفترة الممتدة بين 29 أيار/مايو و1 حزيران/يونيو 2025، تصاعداً في التوتر الأمني، وذلك في أعقاب مقتل أحد الضباط من أبناء المدينة، العاملين ضمن قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية، على يد مسلحين يُشتبه بارتباطهم بشبكات تهريب.

وبحسب توثيقات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، أعقبت هذه الحادثة سلسلة من أعمال العنف، نفّذتها مجموعات مسلحة مجهولة التبعية، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثلاثة مدنيين، أحدهم من الطواقم الطبية، بعد تعرّضهم للاختطاف. كما طالت الاعتداءات ممتلكات خاصة، في ظروف تشير إلى دوافع انتقامية وتمييزية.
في يوم الخميس 29 أيار/مايو 2025، قُتل جميل مؤمنة (المعروف بلقب "أبو الوليد")، أحد القياديين في جهاز الأمن الداخلي ومن أبناء مدينة قطنا، إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مجموعة مسلحة يُعتقد بانتمائها إلى شبكة لتهريب المخدرات، وذلك بالقرب من قرية عيسم في منطقة جبل الشيخ غرب المدينة. ووفقاً للمعلومات التي حصلنا عليها، وقعت الحادثة خلال كمين أمني استهدف هذه الشَّبكة، في سياق حملة أمنية تهدف إلى الحد من نشاطها المتزايد في المنطقة.

عقب الحادثة، وبناءً على توثيق ميداني، سُجلت في مدينة قطنا حوادث متعددة شملت عمليات اختطاف واعتداءات على ممتلكات، من بينها محال تجارية، تمثلت في أعمال حرق وتخريب، وسط أجواء مشحونة بالتوتر المجتمعي، برزت فيها مؤشرات على ارتكاب بعض الأفعال بدوافع انتقامية أو تمييزية.

توثيق مقتل ثلاثة مدنيين بعد اختطافهم عقب حادثة مقتل الضابط
• مقتل الشاب مجد كبول بعد اختطافه:
في يوم الجمعة 30 أيار/مايو 2025، اختُطف الشاب مجد حسان كبول، البالغ من العمر 28 عاماً، من أبناء قرية عرنة في محافظة ريف دمشق، وينتمي للطائفة الدرزية، على يد مجموعة مسلحة مجهولة الهوية اقتحمت مكان وجوده في مدينة قطنا. ويأتي اختطافه ضمن موجة أعمال الخطف التي تصاعدت عقب مقتل الضابط. وفي يوم السبت 31 أيار/مايو، عُثر على جثمان مجد، دون توفر معلومات عن مكان العثور عليه أو طبيعة وفاته.

• مقتل الطبيب رأفت أسبر بعد اختطافه:
في اليوم ذاته، 30 أيار/مايو، اختُطف الطبيب المخبري رأفت أسبر، من أبناء قرية وادي القلع في ريف محافظة اللاذقية، وينتمي للطائفة العلوية، من قبل مسلحين مجهولين من مكان وجوده في مدينة قطنا. وقد وقع اختطافه أيضاً ضمن سلسلة الحوادث التي تلت مقتل الضابط. وفي يوم السبت 31 أيار/مايو، عُثر على جثمان الطبيب أسبر، دون معلومات متوفرة حول مكان العثور عليه أو ظروف وفاته.

• مقتل نديم الزغبي بعد اختطافه:
في 30 أيار/مايو، اقتحمت مجموعة مسلحة مجهولة منزل نديم الزغبي، البالغ من العمر 56 عاماً، من أبناء قرية رخلة في ريف دمشق الغربي، وينتمي للطائفة الدرزية. ووفقاً للمعلومات التي تم الحصول عليها، اعتدى المسلحون عليه داخل منزله، وسرقوا سيارته، قبل أن يقتادوه إلى جهة مجهولة. وفي يوم الأحد 1 حزيران/يونيو، أُبلغت عائلته عبر اتصال هاتفي بوجود جثمانه في أحد المستشفيات.

وقالت الشبكة إن الأفعال الموثقة في هذا البيان، بما في ذلك القتل خارج إطار القانون، والاختطاف، والاعتداء على الممتلكات الخاصة، تشكل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة المبادئ التالية:

وتنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حماية الحق في الحياة، وتُلزم الدول باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع انتهاكه، سواء من قبل موظفيها الرسميين أو ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها.

يشكل اختطاف الأفراد واحتجازهم دون سند قانوني خرقاً جسيماً للحماية من الاختفاء القسري، كما تؤكد ذلك مبادئ الأمم المتحدة، والفقرة (9) من التعليق العام رقم 35 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

وأكدت أن الحكومة الانتقالية تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة في حماية المدنيين، والتحقيق في الانتهاكات، وضمان عدم الإفلات من العقاب، بما يسهم في ترسيخ الثقة العامة بمؤسساتها، ويعكس التزامها بمسار العدالة الانتقالية.
 
وطالبت الشبكة بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع حوادث القتل، والاختطاف، والاعتداء على الممتلكات، بما يضمن مساءلة الجناة، وتعويض المتضررين، وكشف الملابسات للرأي العام، واتخاذ تدابير عاجلة لضمان احترام الحقوق الأساسية للمدنيين، وعلى رأسها الحق في الأمان الشخصي، وحرية التنقل، والحماية من أي أعمال انتقامية.

وشددت على ضرورة منع التحريض على العنف والكراهية، من خلال ضبط الخطاب الإعلامي والمجتمعي، ومحاسبة كل من يساهم في تأجيج التوترات، وتعزيز دور المؤسسات القضائية والأمنية في فرض سيادة القانون، بعيداً عن الانتقائية أو التراخي، والعمل على استعادة ثقة السكان المحليين، وتشجيع المبادرات المجتمعية الهادفة إلى التهدئة، وتعزيز ثقافة الحوار والاحترام المتبادل، بما يسهم في تجاوز التوترات وتعزيز التماسك الأهلي خلال المرحلة الانتقالية.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
استهداف دور العبادة في الحرب السورية: الأثر العميق في الذاكرة والوجدان
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
١٧ يونيو ٢٠٢٥
فادي صقر وإفلات المجرمين من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
١٣ يونيو ٢٠٢٥
موقع سوريا في مواجهة إقليمية محتملة بين إسرائيل وإيران: حسابات دمشق الجديدة
فريق العمل
● مقالات رأي
١٢ يونيو ٢٠٢٥
النقد البنّاء لا يعني انهياراً.. بل نضجاً لم يدركه أيتام الأسد
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٦ يونيو ٢٠٢٥
النائب العام بين المساءلة السياسية والاستقلال المهني
فضل عبد الغني مدير ومؤسس الشبكة السورية لحقوق الإنسان