
شبكة حقوقية تدعو لإجراء تحقيقات ومساءلة المسؤولين عن حوادث ذات طابع انتقامي في قطنا
قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها، إن مدينة قطنا في محافظة ريف دمشق، شهدت خلال الفترة الممتدة بين 29 أيار/مايو و1 حزيران/يونيو 2025، تصاعداً في التوتر الأمني، وذلك في أعقاب مقتل أحد الضباط من أبناء المدينة، العاملين ضمن قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية، على يد مسلحين يُشتبه بارتباطهم بشبكات تهريب.
وبحسب توثيقات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، أعقبت هذه الحادثة سلسلة من أعمال العنف، نفّذتها مجموعات مسلحة مجهولة التبعية، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثلاثة مدنيين، أحدهم من الطواقم الطبية، بعد تعرّضهم للاختطاف. كما طالت الاعتداءات ممتلكات خاصة، في ظروف تشير إلى دوافع انتقامية وتمييزية.
في يوم الخميس 29 أيار/مايو 2025، قُتل جميل مؤمنة (المعروف بلقب "أبو الوليد")، أحد القياديين في جهاز الأمن الداخلي ومن أبناء مدينة قطنا، إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مجموعة مسلحة يُعتقد بانتمائها إلى شبكة لتهريب المخدرات، وذلك بالقرب من قرية عيسم في منطقة جبل الشيخ غرب المدينة. ووفقاً للمعلومات التي حصلنا عليها، وقعت الحادثة خلال كمين أمني استهدف هذه الشَّبكة، في سياق حملة أمنية تهدف إلى الحد من نشاطها المتزايد في المنطقة.
عقب الحادثة، وبناءً على توثيق ميداني، سُجلت في مدينة قطنا حوادث متعددة شملت عمليات اختطاف واعتداءات على ممتلكات، من بينها محال تجارية، تمثلت في أعمال حرق وتخريب، وسط أجواء مشحونة بالتوتر المجتمعي، برزت فيها مؤشرات على ارتكاب بعض الأفعال بدوافع انتقامية أو تمييزية.
توثيق مقتل ثلاثة مدنيين بعد اختطافهم عقب حادثة مقتل الضابط
• مقتل الشاب مجد كبول بعد اختطافه:
في يوم الجمعة 30 أيار/مايو 2025، اختُطف الشاب مجد حسان كبول، البالغ من العمر 28 عاماً، من أبناء قرية عرنة في محافظة ريف دمشق، وينتمي للطائفة الدرزية، على يد مجموعة مسلحة مجهولة الهوية اقتحمت مكان وجوده في مدينة قطنا. ويأتي اختطافه ضمن موجة أعمال الخطف التي تصاعدت عقب مقتل الضابط. وفي يوم السبت 31 أيار/مايو، عُثر على جثمان مجد، دون توفر معلومات عن مكان العثور عليه أو طبيعة وفاته.
• مقتل الطبيب رأفت أسبر بعد اختطافه:
في اليوم ذاته، 30 أيار/مايو، اختُطف الطبيب المخبري رأفت أسبر، من أبناء قرية وادي القلع في ريف محافظة اللاذقية، وينتمي للطائفة العلوية، من قبل مسلحين مجهولين من مكان وجوده في مدينة قطنا. وقد وقع اختطافه أيضاً ضمن سلسلة الحوادث التي تلت مقتل الضابط. وفي يوم السبت 31 أيار/مايو، عُثر على جثمان الطبيب أسبر، دون معلومات متوفرة حول مكان العثور عليه أو ظروف وفاته.
• مقتل نديم الزغبي بعد اختطافه:
في 30 أيار/مايو، اقتحمت مجموعة مسلحة مجهولة منزل نديم الزغبي، البالغ من العمر 56 عاماً، من أبناء قرية رخلة في ريف دمشق الغربي، وينتمي للطائفة الدرزية. ووفقاً للمعلومات التي تم الحصول عليها، اعتدى المسلحون عليه داخل منزله، وسرقوا سيارته، قبل أن يقتادوه إلى جهة مجهولة. وفي يوم الأحد 1 حزيران/يونيو، أُبلغت عائلته عبر اتصال هاتفي بوجود جثمانه في أحد المستشفيات.
وقالت الشبكة إن الأفعال الموثقة في هذا البيان، بما في ذلك القتل خارج إطار القانون، والاختطاف، والاعتداء على الممتلكات الخاصة، تشكل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة المبادئ التالية:
وتنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حماية الحق في الحياة، وتُلزم الدول باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع انتهاكه، سواء من قبل موظفيها الرسميين أو ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها.
يشكل اختطاف الأفراد واحتجازهم دون سند قانوني خرقاً جسيماً للحماية من الاختفاء القسري، كما تؤكد ذلك مبادئ الأمم المتحدة، والفقرة (9) من التعليق العام رقم 35 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.
وأكدت أن الحكومة الانتقالية تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة في حماية المدنيين، والتحقيق في الانتهاكات، وضمان عدم الإفلات من العقاب، بما يسهم في ترسيخ الثقة العامة بمؤسساتها، ويعكس التزامها بمسار العدالة الانتقالية.
وطالبت الشبكة بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع حوادث القتل، والاختطاف، والاعتداء على الممتلكات، بما يضمن مساءلة الجناة، وتعويض المتضررين، وكشف الملابسات للرأي العام، واتخاذ تدابير عاجلة لضمان احترام الحقوق الأساسية للمدنيين، وعلى رأسها الحق في الأمان الشخصي، وحرية التنقل، والحماية من أي أعمال انتقامية.
وشددت على ضرورة منع التحريض على العنف والكراهية، من خلال ضبط الخطاب الإعلامي والمجتمعي، ومحاسبة كل من يساهم في تأجيج التوترات، وتعزيز دور المؤسسات القضائية والأمنية في فرض سيادة القانون، بعيداً عن الانتقائية أو التراخي، والعمل على استعادة ثقة السكان المحليين، وتشجيع المبادرات المجتمعية الهادفة إلى التهدئة، وتعزيز ثقافة الحوار والاحترام المتبادل، بما يسهم في تجاوز التوترات وتعزيز التماسك الأهلي خلال المرحلة الانتقالية.