ما يزال ملف المعتقلين والمغيّبين قسراً في سوريا أحد أكثر القضايا ألماً وإلحاحاً، إذ لا تكاد تخلو عائلة سورية من مأساة اختفاء أحد أفرادها على يد أجهزة نظام بشار الأسد المجرم. هذه الجراح المفتوحة دفعت عوائل الضحايا إلى إطلاق فعاليات ومبادرات تسلط الضوء على هذا الملف الإنساني العاجل، في محاولة للمطالبة بالحقيقة والعدالة.
خيمة الحقيقة
وفي مدينة السلمية، أُطلقت مؤخراً فعالية "خيمة الحقيقة"، بمشاركة واسعة من أهالي المعتقلين والمغيّبين قسراً، الذين قاموا بتعليق صور أبنائهم وأحبّائهم الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً منذ سنوات. وهدفت الفعالية إلى توفير مساحة إنسانية حرة للتعبير عن الوجع، وإبقاء قضية المعتقلين حيّة في الذاكرة الجماعية السورية.
تقول نبيلة نمرة، إحدى منظمات المبادرة، في حديثها لـ تلفزيون سوريا:"نحن نريد أن نوصل صوتنا، وهدفنا هو ألا تُنسى قضية المختفين والمعتقلين، وأن نعرف مصيرهم، حتى نستطيع أن نغلق هذه الجراح. خيمة الحقيقة هي مساحة دائمة نعبّر فيها عن كل ما يتعلق بأهالي وأبناء المعتقلين والمغيّبين."
ومن جانبه، قال محمد رزوق، أحد القائمين على الفعالية، في تصريح لـ تلفزيون سوريا إن المبادرة انطلقت في الأصل من جرمانا بدمشق، مروراً بمخيم اليرموك، قبل أن تتوسع إلى السلمية، موضحاً أن الهدف من إقامة هذه الخيمة هو أن تكون منبراً لأهالي المعتقلين والمغيبين قسراً، ليرفعوا من خلالها مطالبهم المشروعة بكشف مصير أحبّائهم.
قصص مؤلمة
في "خيمة الحقيقة"، لم تكن الصور المعلّقة وحدها هي الشاهد على الألم، بل كانت شهادات الأهالي حاضرة بقوة، تروي تفاصيل الفقد والمعاناة المستمرة. هناك السيدة التي لم تيأس يوماً من البحث عن شقيقها المختفي، فتنقّلت بين أفرع المخابرات وسلكت كل الطرق الممكنة، دون أن تجد له أثراً أو تحصل على إجابة. وهناك من يريد فقط معرفة مكان دفن شقيقه المغيّب، ليضع على قبره وردة ويمنحه النهاية التي حُرم منها.
وهناك من أتعبته رحلة البحث الطويلة، التي لم تخلُ من الابتزاز والاستغلال، وتلقى وعوداً كاذبة، دون أن تصل إلى حقيقة مصير مفقوده. فيما قالت أخرى، إنها تتألّم كل يوم من رؤية الأشخاص الذين تسببوا باعتقال والدها وهم يعيشون حياتهم بحرية، وتتمنى أن يأتي اليوم الذي يُحاسب فيه هؤلاء أمام القانون.
عشرات آلاف المختفيين
لسنواتٍ طويلة، ظل أهالي المعتقلين في سوريا يعيشون على أمل اللقاء، ينتظرون عودة أحبّائهم الذين خُطفوا قسراً على يد أجهزة النظام. كانوا يؤمنون أن سقوط الديكتاتور بشار الأسد سيجلب معه لحظة الخلاص، وأن فتح أبواب السجون سيكشف عن وجوهٍ أنهكها الاعتقال لكنها لا تزال على قيد الحياة.
لكن ما إن انهارت قبضة النظام البائد في بعض المناطق، وفُتحت بعض المعتقلات بعد فرار قوات الأسد، حتى واجه الأهالي صدمة تفوق الوصف: لم يكن أبناؤهم هناك. لم تكن هناك إلا جدران صامتة ورطوبة الموت.
مع الوقت، بدأت تتكشف الحقيقة المرعبة عشرات الآلاف من المعتقلين كانوا قد أُعدموا أو قُتلوا تحت التعذيب في أقبية المخابرات، دون محاكمة، دون خبر، ودون أثر. تبيّن أن النظام المجرم لم يحتفظ بهم كأوراق تفاوض، بل تخلّص منهم بدم بارد، مطوياً بذلك فصولاً من الألم لا تنتهي في ذاكرة كل بيتٍ سوريّ.
أصدر مجلس فرع نقابة المحامين في محافظة حلب قرارًا بتجميد قيد 64 محاميًا ومحامية من المحامين المتدربين بشكل مؤقت، وإحالتهم إلى اللجنة القانونية المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة أمام المحكمة المسلكية.
وحمل البيان توقيع رئيس مجلس فرع نقابة المحامين في محافظة حلب المحامي "كامل فيصل أطلي" مشيرا إلى أن القرار جاء في إطار ما وصفته النقابة بالحرص على صون كرامة المهنة، وضمان التزام المحامين بواجباتهم المهنية والأخلاقية.
وجاء القرار، بعد دراسة ملف كل من الأسماء المذكورة ضمن جدول مُرفق في متن القرار، حيث تقرر التجميد المؤقت إلى حين انتهاء التحقيقات الجارية وصدور القرار المسلكي النهائي، مع التأكيد على عدم أحقية أي من المذكورين ممارسة أعمال المحاماة أو إصدار وكالات جديدة خلال فترة التجميد.
استند المجلس في قراره إلى أحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم /30/ لعام 2010، والنظام الداخلي لنقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية، إضافة إلى تقارير ومتابعات داخلية تُعنى بمتابعة التزام المحامين المتدربين بالأنظمة الناظمة لمزاولة المهنة، وسط تأكيد على أن القرار اتُخذ بعد "دراسة دقيقة لكل حالة على حدة".
وشددت النقابة على أن الإجراء "لا يُعد حكمًا نهائيًا أو طعنًا بشخص أيّ من الزملاء"، بل يأتي ضمن الصلاحيات الرقابية والضبطية للنقابة لحماية سمعة المهنة والحفاظ على مستواها المهني.
وأكد القرار على وجوب تقديم الأسماء المُحالين إلى اللجنة القانونية المختصة، مشيرًا إلى أن من يثبت لاحقًا أن اسمه ورد عن طريق الخطأ أو دون وجود أدلة كافية، سيتم تصحيح وضعه فوراً، مع إلغاء القرار بشأنه. وقد كُلّفت أمانة السر بمتابعة تبليغ القرار إلى الجهات المعنية أصولًا.
وتتجه النقابة نحو ضبط المهنة وتعزيز سمعتها، ويُنظر إلى هذه الخطوة كإشارة واضحة على رغبة نقابة المحامين في ضبط التجاوزات التي قد تسيء للمهنة، وتحسين معايير التدريب والرقابة، وسط تحديات تواجه الجسم القانوني في البلاد، ولا سيما في ظلّ تزايد أعداد المتقدمين إلى مهنة المحاماة وازدياد الضغط على لجان التدريب والامتحانات.
ويعكس القرار مساعي النقابة لإعادة ترسيخ الانضباط ضمن صفوف المحامين الجدد، مع الالتزام بمسار قانوني سليم يحفظ الحقوق ويُحقق العدالة داخل البيت النقابي، في وقت تتزايد فيه التحديات المرتبطة بسير العدالة ومكانة المهن القانونية في المجتمع.
أعلنت مديريتا الصحة في كل من درعا واللاذقية عن بدء تطبيق نظام دوام مسائي في عدد من المراكز الصحية، في خطوة تعكس سعي الحكومة السورية لتحسين الواقع الصحي والخدمي في المحافظات.
وجاء ذلك بهدف إتاحة المجال أمام المواطنين لتلقي اللقاحات والخدمات الصحية خارج أوقات الدوام الرسمي، خاصة للعاملين والموظفين الذين لا تسمح لهم ظروفهم اليومية بمراجعة المراكز في الفترة الصباحية.
خدمة جديدة في درعا تشمل 9 مراكز
مديرية صحة درعا أوضحت أن الخدمة ستبدأ اعتباراً من شهر حزيران المقبل، وتشمل تسعة مراكز صحية موزعة على عدد من المدن والبلدات وهي: إنخل، الحارة، جباب، خربة غزالة، الكرك الشرقي، قرفا، الشجرة، مركز داعل الأول، والمجمّع الطبي في درعا البلد، حيث سيمتد الدوام المسائي من الثالثة ظهراً وحتى الثامنة مساء.
وأكدت المديرية أن الهدف من هذا التوسيع الزمني هو تمكين الأهالي من الوصول إلى خدمات مثل اللقاحات الدورية، والإسعافات الأولية، وخدمات الصحة الإنجابية والتغذية والعيادة العامة، بما في ذلك تقديم لقاح التهاب الكبد الوبائي خلال أول 24 ساعة من الولادة.
هذه الخطوة لاقت ترحيباً من الأهالي الذين رأوا فيها حلاً عملياً للتخفيف من الأعباء المادية واللجوء إلى المراكز الخاصة، داعين إلى تعميم هذه التجربة وتزويد المراكز أيضاً بالأمصال اللازمة للحالات الطارئة، كعضات الكلاب ولسعات الأفاعي والعقارب التي تكثر خلال فصل الصيف.
6 مراكز في اللاذقية تبدأ التجربة.. والتوسع مرهون بالنتائج
وفي السياق ذاته، أعلنت مديرية صحة اللاذقية عن انطلاق تجربة مماثلة في ستة مراكز صحية هي: السكنتوري، زغرين، مركز رعاية القرداحة، الحفة، القطيلبية، والمركز الصحي الأول في جبلة. وتبدأ فترة الدوام من الساعة الثالثة ظهراً وحتى الثامنة مساء، اعتباراً من بداية حزيران.
الدكتورة "منى ياسين"، مسؤولة اللقاح في المديرية، أوضحت أن التجربة تهدف إلى تعزيز التغطية باللقاحات والوصول لأكبر شريحة ممكنة من الأطفال، مشيرة إلى تقديم عيادات أطفال وعيادات عامة وصرف الأدوية المتوفرة خلال أيام الأسبوع، إضافة إلى جلسة لقاح روتيني يوم الثلاثاء من كل أسبوع، ولقاح التهاب الكبد يومياً نظراً لأهميته في اليوم الأول بعد الولادة.
وأشارت إلى أن هذه التجربة ستخضع للتقييم، وسيُنظر في تعميمها على باقي المراكز الصحية في المحافظة في حال أثبتت فعاليتها، وتأتي هذه الخطوات الصحية الجديدة في سياق أوسع من الجهود الحكومية لتحسين الخدمات في المحافظات، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية واللوجستية الراهنة.
وتسعى وزارة الصحة ومديرياتها إلى رفع مستوى الخدمات الأساسية وتخفيف العبء على المواطنين، بالتوازي مع العمل الأمني لضبط الاستقرار وضمان عودة الحياة الطبيعية، كما هو الحال في درعا واللاذقية اللتين شهدتا تحسناً نسبياً في مجالات متعددة، رغم محدودية الموارد.
أعلن المجلس الأوروبي، يوم الاثنين 26 أيار/مايو 2025، عن رفع رسمي للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة وُصفت بالتاريخية، بعد نحو 14 عامًا من القيود الشاملة التي فرضها التكتّل على دمشق منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. وجاء القرار خلال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين برئاسة مسؤولة السياسة الخارجية كايا كالاس، التي أكدت أن رفع العقوبات يأتي في أعقاب القرار الأميركي الأخير، ويهدف إلى تعافي الاقتصاد السوري والمساهمة في حل أزمة اللاجئين.
قرار الاتحاد الأوروبي جاء بعد عشرة أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا بشكل كامل وفوري، في خطاب ألقاه من الرياض يوم 13 أيار الجاري. وفور ذلك، أعلن المجلس الأوروبي، مطلع الأسبوع الماضي من بروكسل، أنه سيباشر في رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية بالكامل، وهو ما تم إقراره رسميًا اليوم، بحسب ما أكدته كالاس في بيانها الختامي.
وكانت العقوبات الأوروبية المفروضة منذ منتصف عام 2011 تشمل حظر تصدير المعدات التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي، وتجميد الأصول، وقيودًا على السفر والخدمات المالية والبنى التحتية. وعرقلت تلك العقوبات بشكل كبير تدفق الاستثمارات والتحويلات، كما فرضت قيودًا مشددة على العمليات التجارية الدولية مع سوريا.
ورغم رفع القيود الاقتصادية، قرر الاتحاد الأوروبي الإبقاء على العقوبات المتعلقة بحماية أمن الشعب السوري واحترام حقوق الإنسان، وتشمل هذه الإجراءات حظر تصدير الأسلحة وأدوات القمع الداخلي، وإمكانية إعادة تفعيل العقوبات في أي وقت في حال حدوث انتهاكات. كما أكدت كايا كالاس أن الاتحاد الأوروبي سيواصل اتخاذ تدابير ضد الجهات التي تُتهم بتقويض الاستقرار أو الانخراط في انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن العقوبات الفردية ستستمر بحق شخصيات متورطة في أحداث الساحل الأخيرة.
المجلس الأوروبي عبّر عن أمله في أن يساهم رفع العقوبات في تحفيز عجلة الاقتصاد السوري، وتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين في الخارج، والنازحين في الداخل. كما أكدت مصادر أوروبية مطلعة أن القرار يمهّد الطريق أمام استئناف التعاون الاقتصادي والمالي بين سوريا ودول الاتحاد، خاصة في قطاعات الطاقة والخدمات المصرفية والنقل.
وكانت بريطانيا، من جهتها، قد أعلنت عن رفع العقوبات الاقتصادية البريطانية عن قطاعات حيوية في سوريا، تشمل الطاقة، والخدمات المالية، والنقل، مؤكدة دعمها لإعادة دمج سوريا اقتصاديًا في النظام الإقليمي والدولي، بالتوازي مع ضمانات تحترم المبادئ الحقوقية والأمنية.
أوضحت كايا كالاس في تقريرها أمام المجلس الأوروبي أن إطار العقوبات سيبقى ساريًا من الناحية القانونية، مما يسمح بإعادة تفعيل الإجراءات في حال دعت الحاجة، مشيرة إلى أن هذا القرار يتطابق مع التوجه الأميركي الذي رفع العقوبات الاقتصادية لكنه أبقى حظر تصدير الأسلحة.
الخطوة الأوروبية تعزز الانفتاح الدولي على الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وتؤكد أن المرحلة المقبلة تشهد تحوّلًا حقيقيًا في تعاطي الغرب مع سوريا ما بعد النظام السابق، وسط ترحيب متزايد من قطاع الأعمال الأوروبي، ودعوات متسارعة لاستئناف الرحلات الجوية والتبادل التجاري، وعودة الشركات الأوروبية الكبرى إلى السوق السورية.
كشفت قناة CNBC عربية، في تقرير استقصائي خاص، عن ملامح خطة استراتيجية شاملة لإعادة تأهيل وتطوير قطاع الطاقة السوري، بالتعاون مع شركات أميركية، وتحت إشراف مباشر من الجانبين السوري والأميركي. وتتضمن الخطة إطلاق كيان جديد تحت اسم SyriUS Energy ليكون الذراع التنفيذية للمشروع المشترك، ويمثّل أول تعاون اقتصادي علني بين واشنطن ودمشق منذ رفع العقوبات.
الشركة الجديدة ستُدرج في البورصة الأميركية، ويتولى صندوق سيادي سوري للطاقة ملكية ثلاثين بالمئة من أسهمها، فيما تُوكل إليها مهمة إدارة الحقول والمنشآت، من الاستخراج إلى التكرير والتصدير، بهدف تحقيق الاستقلال الطاقي وتوليد عائدات وطنية مستدامة تعزز خدمات الدولة وإعادة الإعمار.
وتنطلق الخطة من استعادة الأمن وتأمين الحقول ذات الأولوية مثل حقول العمر والتيم والتنك، مع إعادة تقييم البنية التحتية لخطوط الأنابيب وشبكات الكهرباء والمصافي، في مقدمتها حمص وبانياس. كما تشمل توسيع نطاق توزيع الغاز الطبيعي محليًا وتأهيل الشبكات الوطنية للطاقة استعدادًا للاندماج الإقليمي والدولي.
تقوم الخطة على تأسيس كيان استثماري مشترك يشجّع عقود تقاسم الإنتاج والخدمات مع شركات أميركية كبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل وتوتال إنيرجي، بالإضافة إلى شركات متخصصة بالنقل والتكرير من هيوستن ومدن صناعية أخرى، على أن تُؤسَّس الشركة الوطنية SyriUS Energy كشريك محلي أساسي تنسّق عمليات التطوير وتستقطب الكفاءات الفنية السورية.
وتتجه الخطة لاحقًا إلى تعزيز الحوكمة من خلال رقمنة بيانات وزارة النفط، وإنشاء نظم مراقبة للإنفاق وتوزيع العائدات ضمن إطار شفاف يخضع للمحاسبة العامة. ويترافق ذلك مع إعادة هيكلة القطاع وربط الإيرادات مباشرة بالبنية التحتية العامة والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والصحة.
وتشمل الخطة الاستعداد للتصدير، من خلال إعادة تأهيل مرافئ بانياس وطرطوس وربطها بشبكات أنابيب جديدة عبر العراق وربما إسرائيل لاحقًا، مع إطلاق مرحلة دبلوماسية طاقية تشمل الربط الكهربائي الإقليمي وتبادل الغاز والموارد مع دول الجوار.
ترافق الخطة حملة وطنية تحت شعار “سوريا أولًا” لإعادة بناء الثقة بالقطاع العام في ملف الطاقة، وتعبئة الكفاءات المحلية للمساهمة في الإعمار، مع إعطاء الأولوية للمنافع الوطنية قبل التصدير. وتسعى هذه المبادرة إلى إشراك المهندسين والعمّال السوريين في مراحل إعادة الإعمار، كجزء من بناء اقتصاد وطني جديد.
رئيس شركة أرغنت للغاز الطبيعي، جوناثان باس، الذي يقود المبادرة، أكد في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية أن نجاح المشروع يعتمد على مشاركة المصارف الدولية الكبرى، وأنه بدون تمويل مؤسسي واضح فإن البديل قد يكون دخول مستثمرين مغامرين يسعون للربح السريع دون التزام بالاستراتيجية الوطنية.
باس شدد على أن الشركات الأميركية لا يمكن أن تستثمر دون وجود ضمانات مالية مستقرة وعقود طويلة الأمد، محذرًا من أن عدم إشراك البنوك سيحد من قدرة الحكومة على اجتذاب استثمارات حقيقية، ويجعل السوق عرضة لتجارب غير ناضجة قد تهدد استقرار القطاع من جديد.
وفي هذا السياق، تأتي خطة الطاقة الجديدة كترجمة مباشرة لقرار رفع العقوبات الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية يوم الجمعة الثالث والعشرين من أيار، وشمل أبرز المؤسسات السيادية في قطاع النفط السوري، منها المؤسسة العامة للنفط، والشركة السورية لنقل النفط، ومصفاتي حمص وبانياس، والمؤسسة العامة للتكرير، ومرافق مرافئ طرطوس واللاذقية، إضافة إلى وزارة النفط ذاتها.
تشهد محافظة دير الزور شرقي سوريا أزمة حادة في سوق الإيجارات، في وقت تحاول فيه الحكومة السورية إعادة ترتيب الواقع الخدمي والمعيشي في المحافظة بعد سنوات من الحرب والدمار الواسع.
وبينما تبذل الجهات الرسمية والخدمية جهوداً متزايدة لتحسين واقع الكهرباء والمياه والنقل في المدينة، تواجه تحدياً من نوع آخر يتفاقم إلا وهو أزمة السكن التي تتزايد في عموم سوريا.
بحسب ناشطين محليين تعود جذور أزمة الإيجارات إلى التدمير الكبير الذي طال البنية السكنية، ما أدى إلى خروج أحياء بأكملها من الخدمة، مثل الحميدية، الشيخ ياسين، الحويقة، والصناعة.
وقد دفعت هذه الظروف السكان إلى التزاحم في الأحياء الأقل تضرراً، مثل القصور والجورة والموظفين، ما ضاعف الطلب على الشقق القليلة المتوفرة ورفع الأسعار إلى مستويات تفوق قدرة المواطنين.
ويقول الناشط "مؤيد مروان" في حديثه لصحيفة "العربي الجديد"، إن عودة تدريجية للنازحين مؤخراً زادت من الضغط على سوق مأزوم أصلاً، في ظل غياب مشاريع إسكان جديدة أو تنظيم قانوني واضح يضبط العلاقة بين المالك والمستأجر.
ويشير "أحمد العلي"، وهو موظف حكومي يعيل عائلة من 5 أفراد، إلى أن راتبه الشهري لا يتجاوز 400 ألف ليرة سورية (40 دولاراً تقريباً)، بينما إيجار شقة متواضعة يصل إلى مليون ونصف (150 دولاراً).
من جهتها، تروي السيدة "فاطمة المحمد"، وهي أرملة عادت من النزوح مؤخراً، معاناتها مع الإيجارات المرتفعة، مشيرة إلى أن بعض الملاك يطلبون مبالغ تأمين توازي ما يُطلب في دول أوروبية.
وفي السياق نفسه، يؤكد "خالد الحسن"، وهو صاحب مكتب عقاري في المدينة، أن السبب الرئيسي للأزمة هو ندرة المعروض، مشيراً إلى أن "الأسعار تتحدد بناء على ظروف السوق، وكثير من الملاك يرون أن رفع الإيجار هو حق لتعويض خسائر السنوات الماضية".
تؤكد مصادر ميدانية أن غياب استراتيجية حكومية واضحة لإعادة إعمار الأحياء المتضررة أو تنظيم سوق العقارات، يُسهم في تعميق الأزمة، ما يؤدي إلى تهديد استقرار آلاف الأسر.
وتشير التقديرات إلى أن الفجوة بين دخل الفرد وتكاليف الإيجار تضع شريحة واسعة من السكان على حافة الفقر والتشرد.
ودعا نشطاء الجهات المعنية إلى التدخل العاجل عبر خطوات تشمل إطلاق مشاريع إسكان اجتماعي، مراقبة سوق الإيجارات، وتقديم إعانات مادية للفئات الأشد ضعفاً، بما فيهم العائدون من النزوح.
تُعد أزمة الإيجارات في دير الزور نموذجاً مصغراً عن التحديات التي تواجه المدن السورية في مرحلة ما بعد الحرب وزوال النظام البائد فهي لا ترتبط فقط بالعرض والطلب، بل تكشف عن الحاجة العاجلة لرؤية حكومية متكاملة تشمل البنية القانونية، والرقابة، والدعم الاجتماعي، لضمان ألا يتحول السكن من حق أساسي إلى عبء يهدد كرامة الإنسان.
نقلت وزارة الثقافة السورية، عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، أن وزير الثقافة محمد ياسين صالح استقبل وفدًا من منظمة اليونسكو برئاسة مارغو بيرجون-دارس، مديرة مكتب المديرة العامة للمنظمة، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى صون الهوية الثقافية السورية.
وتناول اللقاء سُبل التعاون بين الجانبين للحفاظ على التراث الثقافي السوري بمكونيه المادي وغير المادي، وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك في مجالات الترميم والتوثيق، خصوصًا في المواقع الأثرية والمعالم التاريخية المعرضة للخطر.
وأكد الوزير أن حماية التراث تمثل أولوية وطنية واستراتيجية، بوصفها حجر الأساس في مشروع النهوض السوري، مشيرًا إلى جهود الوزارة في تأهيل الكوادر الوطنية وتطوير آليات التوثيق بما يواكب المعايير الدولية.
من جانبها، أعربت بيرجون-دارس عن تقدير منظمة اليونسكو للغنى الثقافي السوري وتنوعه الفريد، مؤكدة التزام المنظمة بكل ما من شأنه حفظ وتعزيز الذاكرة الثقافية للشعب السوري.
وناقش الطرفان آليات توثيق التراث غير المادي وتسجيل عناصره في قوائم اليونسكو، بالإضافة إلى إعداد خارطة طريق مشتركة للحماية الطارئة وبناء القدرات الوطنية في مجالات إدارة التراث والتوثيق الرقمي.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على أهمية استمرار التعاون البنّاء بين وزارة الثقافة السورية ومنظمة اليونسكو، بما يحقق شراكة مستدامة تُسهم في صون ماضي سوريا وخدمة مستقبلها الثقافي.
أبدى وزير الثقافة محمد ياسين صالح اهتمامه بمبادرة لافتة تتعلق بالتراث الأثري، حيث استقبل في مكتبه الدكتور طلال ديركي، الذي بادر بإبلاغ الجهات المختصة فور عثوره على قطع أثرية في منزله، حرصًا على حماية الإرث الوطني.
وجاء في منشور رسمي للوزارة:
“استقبل وزير الثقافة الأستاذ محمد ياسين صالح في مكتبه الدكتور طلال ديركي، الذي بادر مشكورًا بإبلاغ الجهات المسؤولة فور عثوره على قطع أثرية في منزله، حرصًا منه على حماية التراث الوطني وصون تاريخ سوريا من الضياع أو العبث. وقد عبّر السيد الوزير عن بالغ تقديره لهذا الموقف النبيل، مؤكدًا أن الوعي الذي أبداه الدكتور ديركي هو صورة مشرّفة لما نطمح أن يكون عليه كل سوري مؤمن بقيمة بلده وتاريخه”.
وأضاف المنشور:
“قدّم الوزير اعتذاره الشخصي عن أي إساءة أو سوء تصرّف بدر من بعض العاملين في الوزارة أثناء التعامل مع هذا الملف، مشددًا على أن مهمته في هذا المنصب هي إحقاق الحق، وردّ الاعتبار، وضمان أن تبقى حقوق المواطنين محفوظة تمامًا كما يُصان التراث والهوية. وأشار إلى أن أراضي الجمهورية العربية السورية تحتضن مخزونًا أثريًا وثقافيًا هائلًا، مما يوجب التعامل مع مثل هذه الحالات بما يحمي هذا الإرث ويكفل في الوقت ذاته حصول المواطن على حقه القانوني”.
في سابقة هي الأولى من نوعها في سوريا الحديثة، أعلن وزير الثقافة محمد ياسين صالح عن تخصيص مكافأة مالية سخية لحارسين ساهما في حماية المتحف الوطني بدمشق ليلة سقوط نظام بشار الأسد وفراره إلى روسيا في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
وفي مؤتمر صحفي، قال الوزير:
“أنا مؤمن جدًا بفكرة التكريم المعنوي، وهما (الحارسان) يستحقان التصفيق. ولكن بصفتي وزيرًا للثقافة، أقول إن زمن البخل وزمن الرخص في النظام الساقط قد ولّى. لذلك أتمنى أن يقبل الشخصان هدية بسيطة من وزارة الثقافة: 50 مليون ليرة سورية لكل منهما”.
وأكد الوزير أن هذا التكريم يعكس روح سوريا الجديدة، التي “تكافئ المجتهد وتعطي كل ذي حق حقه”، في إشارة واضحة إلى نهج مغاير تمامًا لما كان سائدًا في عهد النظام السابق.
أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان في سوريا استعدادها لتقديم تسهيلات واسعة للشركات الأردنية العاملة في قطاع الإسكان والإعمار، وذلك بهدف تفعيل التعاون المباشر مع سبع شركات سورية رسمية تابعة للوزارة، موزعة على مختلف المحافظات.
جاء ذلك خلال لقاء رسمي عُقد في دمشق، يوم الاثنين 26 أيار/مايو 2025، بين وزير الأشغال السوري مصطفى عبد الرزاق ووفد من غرفة تجارة الأردن برئاسة خليل الحاج توفيق، يرافقه نقيب المقاولين الأردنيين فؤاد الدويري.
وأكد الوزير عبد الرزاق أن القطاع الإنشائي في سوريا يعاني من ترهل إداري وضعف في البنية التكنولوجية وعدم مواكبة التطورات الحديثة في قطاع الإسكان، وهو ما يجعل الشراكة مع شركات أردنية تمتلك الخبرة والديناميكية ضرورة ملحة في المرحلة القادمة، خاصة في ظل إطلاق برامج إعادة الإعمار بشكل فعلي في عدة مناطق سورية.
من جهته، أكد رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمّان خليل الحاج توفيق أن القطاع الخاص الأردني معني بشكل مباشر بدعم جهود سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، مضيفًا أن ملف الإعمار في سوريا لا يهم السوريين فقط بل ينعكس على الأردن والمنطقة بأكملها من حيث الاستقرار والنمو والتنمية الاقتصادية المشتركة.
وفي السياق ذاته، شدد نقيب المقاولين الأردنيين فؤاد الدويري على أن المقاول الأردني يمتلك رغبة قوية وإمكانيات حقيقية للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار داخل سوريا، خاصة في ظل توفر الكفاءات والخبرة الممتدة في مشاريع البنية التحتية والإسكان والطاقة والمياه. ولفت إلى أن العديد من المقاولين الأردنيين سبق لهم العمل في السوق السورية قبل الأزمة، وهم ليسوا غرباء عن طبيعة العمل في الداخل السوري.
الدويري أوضح أن قطاع الإنشاءات الأردني يمتلك برامج وخططًا تتعلق بالمباني الجاهزة التي توفر حلولًا سريعة وفعالة للأزمة السورية، خاصة في ظل الحاجة الملحة لبناء وحدات سكنية جديدة بالتوازي مع عودة أعداد متزايدة من اللاجئين إلى مدنهم وقراهم.
وأشار إلى أن “كودات بناء” حديثة ومعايير هندسية متطورة أصبحت معتمدة لدى نقابة المقاولين الأردنيين، ويمكن تطبيقها في سوريا للمساعدة في خفض التكاليف وتسريع الإنجاز، بما يراعي الواقع الميداني والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية.
كما عبّر عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى صيغة عملية لتعاون دائم بين المقاولين الأردنيين والسوريين، مقترحًا تشكيل لجنة فنية مشتركة تتولى إعداد خريطة طريق واضحة، وتيسير الإجراءات اللوجستية والربط المؤسسي بين الجانبين، بما يسهم في ضمان انسيابية العمل دون عقبات بيروقراطية.
وتأتي هذه المبادرة في سياق الزيارة التاريخية التي يجريها وفد اقتصادي أردني إلى سوريا، والتي تشمل لقاءات مع الفريق الاقتصادي الحكومي وعدد من المؤسسات الرسمية وغرف التجارة والصناعة في دمشق وريفها، في إطار تعزيز التكامل الاقتصادي العربي، وفتح المجال أمام الأردن للعب دور فاعل في إعادة بناء سوريا الجديدة.
ويُتوقع أن تشهد الأيام القادمة توقيع مذكرات تفاهم إضافية تشمل قطاعات النقل والاتصالات والطاقة، في ظل الانفتاح السياسي والاقتصادي بين البلدين، والاهتمام المتزايد من قبل الأردن بأن يكون شريكًا أساسيًا في مرحلة ما بعد العقوبات.
أعلن رئيس وكالة التعاون الإنساني الدولي الروسية، يفغيني بريماكوف، عن تعليق عمل “البيت الروسي” في العاصمة السورية دمشق حتى إشعار آخر، بسبب ما وصفه بـ”الظروف المعروفة” المرتبطة بتغيّر النظام في سوريا، وذلك في تصريحات أدلى بها لوكالة تاس الروسية يوم الإثنين 26 أيار/مايو 2025.
وأوضح بريماكوف أن قرار تعليق العمل جاء بناءً على توصية من السفارة الروسية في دمشق، التي ما تزال تواصل عملها بشكل طبيعي، مضيفًا: “قمنا بسحب موظفينا من سوريا بسبب ما جرى هناك، إذ إننا نسترشد دائمًا برأي السفارة في أي بلد نعمل فيه، والآن لا يُمارس أي نشاط داخل مقر البيت الروسي، بانتظار تحسّن الوضع الأمني لعودتنا واستئناف العمل”.
وتحدّث بريماكوف عن توقف برامج تجنيد الطلاب السوريين للمنح الحكومية الروسية، مشيرًا إلى أن العملية أصبحت “شديدة الصعوبة في الظروف الحالية”، نظراً لعدم وجود ممثلين روس على الأرض لتقييم المستندات والتحقّق من المؤهلات والظروف القانونية والأكاديمية للطلاب.
وأضاف أن الوكالة تواصل حاليًا دعم الطلاب السوريين الذين يدرسون بالفعل في روسيا، حيث يُسمح لهم بالانتقال إلى مراحل دراسية أعلى ضمن نفس المنح، مثل الانتقال من البكالوريوس إلى الماجستير، أو إلى الدراسات العليا، مشيرًا إلى أن الأولوية في الوقت الراهن تُمنح للطلاب السوريين المقيمين خارج سوريا، كالموجودين في لبنان أو دول أوروبية.
وأكد بريماكوف أن بلاده “ستُواصل السعي لإيجاد حلول لملف المنح الدراسية للسوريين”، وأن استئناف برامج التبادل الأكاديمي يرتبط بتحسن الوضع الأمني في سوريا. واعتبر أن روسيا، رغم التحديات، لن تتخلى عن دعم التعليم العالي للسوريين، لكن الأمر مرهون بعودة الاستقرار وضمان سلامة الطواقم والبرامج.
ويأتي هذا التصريح في أعقاب تبدل واسع في المشهد السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، وتشكيل حكومة برئاسة الرئيس أحمد الشرع، وهو ما تسبب في ارتباك في بعض برامج التعاون الروسي، خاصة تلك التي كانت قائمة على التنسيق المباشر مع مؤسسات النظام السابق.
ويمثل “البيت الروسي” ذراعًا ثقافيًا وأكاديميًا مهماً لروسيا في الخارج، ويُستخدم لترويج اللغة الروسية والتبادل الثقافي وبرامج التعليم والمنح الدراسية. ويعكس تعليقه في دمشق تراجعًا مؤقتًا في مستوى الحضور الروسي المدني، دون أن يشمل ذلك التمثيل الدبلوماسي أو العسكري.
تعتزم وزارة الداخلية الألمانية، برئاسة الوزير ألكسندر دوبرينت، تقديم مشروع قانون خلال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، يهدف إلى تعليق لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية لمدة عامين، مع استثناءات محدودة للحالات الإنسانية، وفقًا لما أكدته الوزارة لوكالة الأنباء الألمانية DPA، وما نشرته صحيفة بيلد آم زونتاغ يوم الأحد 25 أيار/مايو 2025.
وقال دوبرينت في تصريح للصحيفة: “حتى الآن، كان يُسمح بقدوم 1000 شخص شهريًا إلى ألمانيا ضمن إطار لمّ الشمل، هذا الأمر سيتوقف الآن”، مضيفًا أن الحكومة تهدف إلى تقليص ما وصفه بـ”عوامل الجذب إلى ألمانيا”، في إشارة إلى سياسة لجوء أكثر تشددًا أعلن الوزير تبنّيها منذ توليه منصبه في حكومة فريدريش ميرتس.
الخطوة تمثل تحولًا جذريًا في سياسة الائتلاف الحاكم الجديد، والذي يضم الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو نفس التشكيل الذي سبق أن علّق لمّ الشمل لنفس الفئة بين آذار 2016 وتموز 2018، بذريعة عدم إرهاق قدرات الاستيعاب والإيواء. ومنذ آب 2018، أُعيد السماح باستقدام ما لا يزيد عن 1000 شخص شهريًا، وهو الحد الذي ستقوم الحكومة الحالية بإلغائه بالكامل.
وكان ائتلاف “إشارة المرور” السابق بقيادة المستشار أولاف شولتس قد تعهّد عام 2021 بالسماح بلمّ الشمل دون قيود حتى لذوي الحماية الثانوية، لكن لم يُنفذ ذلك الوعد، وتحوّل الآن إلى توجه معاكس تمامًا في ظل سياسات ميرتس.
في المقابل، أعربت أكثر من 30 منظمة غير حكومية ألمانية عن قلقها العميق من هذا التوجه، مطالبة الحكومة بالتراجع عن خططها لتقييد لمّ الشمل، والعمل بدلًا من ذلك على تسهيله وتوسيعه، محذّرة من الآثار الإنسانية والاجتماعية الكبيرة لمثل هذا القرار، خاصة على الأطفال والأمهات المنفصلين عن عائلاتهم لسنوات طويلة.
ويواصل وزير الداخلية الجديد اتخاذ خطوات متسارعة لتشديد سياسة الهجرة، إذ أمر خلال الأسبوع الأول من توليه المنصب بتشديد الرقابة على الحدود الألمانية، وطرد طالبي اللجوء من نقاط العبور، وأعلن لاحقًا في البرلمان عن خطط لترحيل اللاجئين المرفوضين إلى دول مثل سوريا وأفغانستان.
وقال دوبرينت في البوندستاغ: “ينتظر المواطنون منا تغييرًا حقيقيًا في السياسة. وقد بدأ هذا التغيير الآن”. ووفق متابعين، فإن التوجه الجديد يعكس تصعيدًا سياسيًا تجاه ملف اللاجئين والهجرة، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الشعبوية واليمينية على الحكومة الجديدة لتشديد سياساتها الداخلية.
في ظل هذا التصعيد، يبقى مصير عشرات آلاف اللاجئين من ذوي الحماية الثانوية، وأسرهم المقيمة في مناطق النزاع، معلّقًا على قرارات سياسية تهدد بتقويض الاستقرار الأسري والاندماج الاجتماعي، وتفتح الباب أمام موجة انتقادات داخلية ودولية متصاعدة لحكومة ميرتس.
وحتى نهاية عام 2023، بلغ عدد السوريين المقيمين في ألمانيا نحو 972,000 شخص، ما يجعلهم أكبر جالية سورية خارج منطقة الشرق الأوسط. 
من بين كامل عدد اللاجئين السوريين، حصل حوالي 321,444 شخصًا على وضع اللاجئ وفقًا لاتفاقية جنيف، بينما مُنح 329,242 شخصًا حماية ثانوية، وهي شكل من أشكال الحماية الدولية يُمنح للأفراد الذين لا يستوفون معايير اللجوء الكامل ولكنهم يواجهون خطرًا جسيمًا في حال عودتهم إلى بلدهم الأصلي.
أكّد الباشا أبو عمر عاطف هنيدي، زعيم آل هنيدي في محافظة السويداء، على أهمية التفرقة بين مفاهيم الوطن والدولة والسلطة، مشيراً إلى وجود خلط شائع في الأوساط السورية، لا سيما في السويداء، يؤدي إلى خلط الموقف من الحكومة بموقف الفرد من الوطن ذاته.
وأوضح هنيدي أن "الموقف من السلطة السياسية، سواء كان تأييداً أو معارضة، هو حق مشروع ويمثل جزءاً من التعبير الديمقراطي الحر"، مؤكداً أن الاعتراض على أداء السلطة لا ينتقص من وطنية المواطن، بل يُعد سلوكاً وطنياً صحياً عندما ينبع من شعور بأن الحكومة لا تلبي تطلعاته، شريطة أن يتم التغيير بالوسائل السلمية والديمقراطية عبر صناديق الاقتراع.
وشدد على أن رفض السلطة لا يعني الانسحاب من الدولة أو التنكر لمؤسساتها، موضحاً أن الدولة – بأجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية – هي التعبير المؤسسي عن الوطن، الذي يعيش في وجدان كل سوري، ولا يمكن التفريط به أو التنكر له.
وقال هنيدي: "ليس لأحد أن يكفر بوطنه، بل له كامل الحق في نقد من يدير الدولة إن قصر في أداء واجباته"، داعياً إلى التمييز بين الوطن الذي نعيش فيه ونفتديه بالأرواح، وبين السلطة التي قد تتغير في إطار الحياة السياسية الطبيعية.
وفي رسالته إلى السوريين، حثّ الجميع على تبني خطاب وطني جامع، بعيداً عن الانقسامات الطائفية والمناطقية، وعن مشاريع التقسيم التي تخدم خصوم سوريا. وأضاف: "من أراد التغيير فليتجه إلى العمل السياسي، لا إلى السلاح والعنف، فقد ذقنا مرارة الحرب لعقد ونصف، وأفقدتنا خيرة أبنائنا، ودمّرت اقتصادنا، وأعاقت نهضتنا في كل المجالات".
وختم بالقول: "فلنفتخر جميعاً بانتمائنا لسوريا، ولنعمل معاً من أجل وطن يتّسع للجميع، حيث نكون مواطنين أصيلين جديرين به، لا طارئين على تاريخه ولا عاقين لأرضه".
الزعامات لاتحل مكان الدولة.. سليمان عبد الباقي يؤكد وحدة المصير الوطني ويدعو للتكاتف
وجّه الشيخ سليمان عبد الباقي، قائد فصيل "تجمع أحرار جبل العرب" في محافظة السويداء، رسالة مفتوحة إلى أبناء المحافظة والشعب السوري عامة، أكد فيها على وحدة المصير الوطني، داعيًا إلى التكاتف ونبذ الفتن الطائفية، ومشدداً على أن مستقبل السويداء لا يمكن فصله عن مستقبل سوريا الواحدة الموحدة.
بعد سقوط النظام… أين نحن من الدولة؟
وقال الشيخ عبد الباقي في مستهل رسالته إن مرور نحو سبعة أشهر على سقوط النظام البائد كان كافياً لتقييم المرحلة الانتقالية والجهود المبذولة لبناء مؤسسات الدولة، معتبراً أن محافظة السويداء لا تزال محرومة من أبسط مقومات الحياة والخدمات، وقال متسائلاً: "ما الذي نملكه اليوم في السويداء لنقول إننا جزء فعلي من مشروع دولة؟".
لقاءات مع الرئيس الشرع… وتأكيد على التشاركية
وكشف عبد الباقي عن لقاءات جمعته بالرئيس أحمد الشرع، بلغت أربع مرات، حملت في مضمونها تأكيدات من الرئيس على دعم السويداء كجزء أساسي من الوطن السوري، واحترام خصوصيتها، مشيراً إلى أن مطالب الأهالي كانت واضحة: توفير مستلزمات حفر الآبار، دعم الزراعة، إنشاء معامل صناعية، وتأسيس مدينة صناعية كمنطقة حرة لتوفير فرص عمل لأكثر من 100 ألف عائلة.
وأشار إلى أن الرئيس الشرع أبدى "احتراماً كاملاً وتفهماً واضحاً" لهذه المطالب، وأعطى تعليماته بالمضي في تنفيذها، مضيفاً: "طلبنا معبراً مع الأردن، لكن تمت الإشارة إلى أن المدينة الصناعية تخدم آلاف العائلات، بعكس المعبر الذي يخدم فئة محدودة من التجار".
مواجهة حملات الفتنة… وتأكيد على وحدة الصف
وفي القسم الأبرز من رسالته، حذر عبد الباقي من تصاعد ما وصفه بـ"حملات الفتنة والتجييش الطائفي"، التي ظهرت من خلال منشورات صوتية ومكتوبة على منصات التواصل الاجتماعي، معتبراً أنها تهدف لتقسيم الصف الوطني، ومنع إعادة إعمار سوريا، وتغذية الانقسام بين مكونات الشعب السوري.
وقال إن هذه الحملات لا تقف خلفها دول، بل جهات مشبوهة وأفراد وجماعات مأجورة، "تعمل لحساب مصالح ضيقة وتضرب وحدة المجتمع السوري، دون أي اعتبار لدماء الشهداء أو مستقبل الأجيال القادمة".
دعوة للحذر من تجار الدم
وحمّل عبد الباقي مسؤولية تأجيج الصراع لجهات تحاول تضليل الرأي العام تحت شعارات مثل "الكرامة" و"الحماية"، مؤكداً أنها شعارات مفرغة من مضمونها، يقودها من أسماهم بـ"تجار الدم والفتنة"، وأضاف: "لا نطلب شهادة من أحد، قوتنا من الله، ووفاؤنا لمبادئنا التي خرجنا من أجلها، لحماية كرامة أهلنا... قتلونا، فأحيانا الله من جديد".
لا دولة بلا مؤسسات... ولا كرامة بلا قانون
وأكد قائد "أحرار جبل العرب" أن اللقاءات التقليدية والزعامات الفصائلية، رغم احترامه للبعض منها، لا يمكن أن تحل مكان الدولة، ولا أن تحفظ كرامة الناس دون مؤسسات تحكمها القوانين، داعياً أبناء السويداء إلى عدم الانجرار خلف شخصيات وصفها بأنها "ملوّثة تاريخياً بالخطف والفساد والعمالة"، قائلاً: "لا تخلطوا بين الحق والباطل، فالحق لا يكون إلا في جهة واحدة".
الجيش منّا... والخدمة لحماية أهلنا
وأشار إلى أن عناصر الجيش المنتشرين في السويداء هم من أبناء المحافظة، وأن الخدمة العسكرية محصورة في داخل حدودها، وتشمل مراقبة الحدود الجنوبية لمنع تهريب المخدرات ومحاربة فلول "داعش"، واصفاً هذه الخطوات بأنها تمثل مرحلة لبناء الثقة.
تحذير من الخطابات الطائفية وتحميل المغتربين ما لا يحتمل
وحذر عبد الباقي من الخطابات الطائفية التي تنشر الكراهية، وتُستخدم ذريعة لاستنزاف المغتربين تحت شعارات الدفاع عن الأرض والعرض، مؤكداً أن من يشعل الفتنة ويتاجر بدماء الناس يجب محاسبته لا الدفاع عنه.
ملف المعتقلين... والبيت مفتوح للجميع
وأوضح أن بيته مفتوح لاستقبال كل من تعرض للاعتقال خارج المحافظة، مؤكداً أنه أدى واجبه في تأمين احتياجاتهم والمطالبة بالإفراج عنهم، ومعالجة ملفات المعتقلين في مناطق جرمانا، الأشرفية، وصحنايا، وقال: "صدقوني تعبنا... وتوزيع الحِمل يخفف علينا".
رسالة للشباب: لا تسمحوا بسرقة عقولكم
وختم عبد الباقي رسالته بنداء خاص للشباب السوري، مؤكداً أنهم "عماد المستقبل"، مطالباً إياهم بالمشاركة في بناء الدولة، والحذر من الانجرار وراء أجندات خفية أو شعارات مزيفة، وقال: "الدم لا يجر إلا الدم، والخراب لا يولد إلا الخراب، والفتنة نائمة... لعن الله من أيقظها"، وأشار إلى أنه "لا بديل عن الدولة التي أسسناها نحن أحرار السويداء، ومن لا يرى الحقيقة فهو أعمى... اللهم ألّف بين قلوبنا، واحمِ هذا البلد وأهله، وردّ كيد من أراد به سوءًا في نحره".
استقبلت وزارة الأشغال العامة والإسكان وفداً من منظمة العفو الدولية، ضمّ السيدة كريستين بكرلي، نائبة المديرة الإقليمية، والسيدة ديانا سمعان، الباحثة المختصة بالشأن السوري، وذلك في إطار التنسيق الحقوقي الداعم لجهود إعادة الإعمار وترسيخ الحق في السكن.
وخلال اللقاء، أكد وزير الأشغال العامة والإسكان أن الوزارة تواصل العمل على تحويل الحق الإنساني في السكن إلى واقع عملي من خلال معالجة تعثر مشاريع الجمعيات السكنية، وتقديم حلول تنفيذية تتماشى مع احتياجات المواطنين في هذه المرحلة الانتقالية.
من جانبها، أعربت السيدة كريستين بكرلي عن تقدير المنظمة للانفتاح الذي تبديه الحكومة السورية الجديدة تجاه التعاون في الملفات الحقوقية، مؤكدة على ضرورة تكريس مبدأ العدالة وعدم التمييز في مشاريع إعادة الإعمار.
كما شددت الباحثة ديانا سمعان على أهمية حماية حقوق السكان الأصليين، وضمان عودتهم الطوعية والآمنة إلى مناطقهم، مؤكدة أن الخطط العمرانية يجب أن تراعي البعد الحقوقي والإنساني.
ويأتي هذا اللقاء في سياق توجه الحكومة لتعزيز شراكاتها مع المنظمات الدولية، ودمج البُعد الحقوقي ضمن سياسات التنمية العمرانية، لضمان بناء بيئة مستدامة تُعلي من شأن الإنسان في عملية الإعمار.