
وفد "الإدارة الذاتية" يصل دمشق لبحث آليات الدمج في مؤسسات الدولة وحق الأكراد
وصل وفد من "الإدارة الذاتية" التي يشرف عليها حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، اليوم السبت، إلى العاصمة دمشق، في إطار تحركات وصفت بأنها أولى خطوات التنسيق الرسمي مع الحكومة السورية الجديدة، وفق ما أفادت به مصادر كردية مطلعة.
وبحسب المصادر، من المقرر أن يعقد الوفد اجتماعاً مع مسؤولين في الحكومة السورية مساء اليوم، لبحث آليات دمج مؤسسات "الإدارة الذاتية" في هيكلية الدولة، ضمن سياق التفاهمات التي تشهدها البلاد عقب سقوط النظام السابق.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة السورية تسعى لحصر التمثيل في هذه المرحلة بالكُرد فقط، دون إشراك باقي مكونات المنطقة مثل العرب والآشوريين والسريان، في خطوة أثارت تحفظات بعض أطياف المعارضة التي دعت إلى شمولية التمثيل.
أعضاء الوفد ولجنة التنسيق
يضم الوفد الزائر أعضاء اللجنة التي تشكّلت في 12 نيسان الماضي، وتضم كلاً من: فوزة يوسف، عبد حامد المهباش، أحمد يوسف، سنحريب برصوم، وسوزدار حاجي، ويتولى مريم إبراهيم وياسر سليمان مهمة التحدث باسم اللجنة.
تأتي هذه الزيارة عقب ثلاث جولات تنسيقية سابقة جرت في مناطق شمال وشرق سوريا، كان أولها في 19 آذار، تلاه لقاء ثانٍ في 12 نيسان، ثم لقاء ثالث عُقد الأسبوع الماضي، في إطار جهود تعزيز الحوار وتثبيت الاستقرار.
ووفقاً للمصادر، فإن الاجتماعات تسير على أساس تنفيذ تفاهمات سابقة وُضعت في اتفاقية "10 آذار"، والتي تهدف إلى رسم ملامح جديدة للعلاقة بين مؤسسات الإدارة الذاتية والدولة السورية، تمهيداً لتوحيد مؤسسات الحكم ودمجها ضمن مشروع وطني شامل.
عبدي يؤكد التفاهم مع دمشق ومستعد للقاء أردوغان.. عملية الدمج قد تمتد لسنوات
قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي إن لقاءه الأخير مع الرئيس السوري أحمد الشرع كان إيجابيًا، وأكد أن الاتفاق الموقع بين الطرفين في آذار الماضي لا يزال ساريًا ويحظى بالتزام الجانبين، لافتًا إلى أن لجانًا مشتركة بدأت بالتحضير لتنفيذ ما ورد في الاتفاق من دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية ضمن مؤسسات الدولة السورية، بما يشمل المعابر وحقول النفط والجهات الأمنية.
وقال عبدي إن هناك آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا يمثلون مشكلة لا بد من حلها، وأضاف في مقابلة مع قناة "شمس" الكردية أن قواته لا ترغب في العودة إلى القتال لكنها ستفعل ذلك إذا تطلب الأمر الدفاع عن النفس.
عبدي شدد على أن عملية الدمج ستأخذ وقتًا وقد تمتد لسنوات، لكنها لن تكون شكلية، بل ضمن إطار سياسي واضح يعترف باللامركزية الإدارية والحقوق الثقافية للكرد ومكونات شمال وشرق سوريا، مؤكدًا رفضه لأي ترتيبات تعيد الوضع إلى ما قبل الثورة، وتمسكه ببقاء قسد كقوة منظمة ضمن الجيش السوري الجديد وفق هيكل وطني جامع.
وفي معرض حديثه عن العلاقة مع تركيا، كشف عبدي أن قسد على تواصل مباشر مع أنقرة عبر قنوات مفتوحة ووسطاء، مؤكدًا انفتاحه على لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إذا توفرت الظروف السياسية لذلك، قائلاً: نحن لسنا في حالة حرب مع تركيا، ونأمل أن تتحول الهدنة المؤقتة إلى تهدئة دائمة تفتح الباب لتفاهمات أوسع.
وكانت قسد وتركيا قد توصلتا في كانون الأول الماضي إلى وقف إطلاق نار بوساطة أميركية، بعد اشتباكات شهدتها بعض المناطق الشمالية خلال الهجوم الذي قادته فصائل معارضة ضد النظام السابق وانتهى بسقوطه، وقد توقفت المواجهات منذ نحو شهرين ونصف، مع استمرار بعض الملفات العالقة على خطوط التماس.
عبدي أكد أن إحدى أبرز نقاط التفاوض الجارية هي ملف دمج قسد في الجيش السوري الجديد، بالإضافة إلى ترتيبات أمنية تتعلق بالمراكز الحدودية وخطوط الاشتباك، مشيرًا إلى أن الإدارة الذاتية لا تستخدم مصطلح الفيدرالية تجنبًا لحساسيات دمشق، لكنها تطالب بحكم محلي حقيقي يُمكّن أبناء المناطق من إدارة شؤونهم دون المساس بوحدة البلاد.
على المستوى الأمني، حذر قائد قسد من أن تنظيم داعش يعيد تنظيم صفوفه في بعض المدن الكبرى، مستفيدًا من الفراغ الأمني في بعض المناطق، لكنه أكد أن قواته تواصل التنسيق مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن لضمان بقاء الضغط على التنظيم، مشيرًا إلى أن التحالف يساهم أيضًا في دعم مسار الحوار مع دمشق.
عبدي اعتبر أن رفع العقوبات عن سوريا يمثل خطوة إيجابية، رغم أن مناطق الإدارة الذاتية لم تكن مشمولة رسميًا بتلك العقوبات، إلا أن آثارها كانت ملموسة على مستوى المعيشة والاستقرار، مؤكدًا أن قسد طالما طالبت برفع العقوبات عن الشعب السوري، لا سيما مع بدء مرحلة إعادة الإعمار.
وردًا على اتهامات بوجود علاقة مع إسرائيل، نفى عبدي أي اتصال مع تل أبيب، قائلاً إن قسد معنية بحسن الجوار فقط ولا تسعى لأي اصطفاف خارجي، في المقابل كشف أن التطبيع بين دمشق وتل أبيب تم بموجب شروط وضعتها واشنطن وقبلت بها القيادة السورية الجديدة.
في ختام تصريحاته، أكد مظلوم عبدي أن الشعب الكردي لن يقبل بعد اليوم بأي تهميش أو إقصاء، مشددًا على ضرورة أن تكون سوريا الجديدة قائمة على العدالة والاعتراف بجميع المكونات، وأن التجربة المؤلمة التي عاشها السوريون تحت حكم النظام السابق يجب أن تكون دافعًا لبناء دولة جديدة خالية من المركزية والهيمنة، وختم بالقول: نؤمن بسوريا موحدة حرة، ونحن جزء أساسي من مستقبلها.