من حناجر الثورة إلى أفواه الموالين: شعارات 2011 تعود في سياقٍ مختلف
من حناجر الثورة إلى أفواه الموالين: شعارات 2011 تعود في سياقٍ مختلف
● أخبار سورية ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٥

من حناجر الثورة إلى أفواه الموالين: شعارات 2011 تعود في سياقٍ مختلف

استعادة مظاهرات اللاذقية لمشاهد طالما عاشها السوريون في بدايات الثورة ضد نظام بشار الأسد أعادت إلى الواجهة ذكريات الاحتجاجات الأولى التي خرجت مطالبَة بالحرية والعدالة والكرامة. وكان الشارع السوري في تلك المرحلة يشهد تضحيات جساماً، حيث كان المتظاهرون يخفون وجوههم لتفادي الملاحقات الأمنية التي كانت تطال آلاف المشاركين، بينما سقط آخرون شهداء برصاص قوى الأمن خلال فضّ التظاهرات وملاحقة المحتجين.

لكن ما يلفت الانتباه في مشهد اليوم هو استخدام شعارات وأدوات كانت مرتبطة بثوار الثورة نفسها في سياق مختلف تماماً، إذ خرجت مجموعات محسوبة على النظام السابق في مظاهرات تطالب بالتقسيم والفيدرالية أو بمطالب طائفية أخرى، ما أثار تساؤلات حول التناقض بين تاريخ هذه الفئات ومطالبها الراهنة.

فقد كان هؤلاء، طوال سنوات الثورة، من أبرز الداعمين للنظام وصمّوا آذانهم عن الانتهاكات التي ارتكبت بحق الثائرين، بما في ذلك الاعتقال والقصف والتدمير المنهجي. إلا أنهم اليوم، في ظل واقع جديد يتمتع فيه المواطنون بحرية التعبير والتظاهر، خرجوا إلى الشوارع يعبرون عن مطالبهم بوضوح، مصوّرين وجوههم دون خوف، ومرددين شعارات كانت رمزاً لنضالات ضد القمع في السابق.

ويلاحظ مراقبون أن معظم المشاركين في هذه المظاهرات ينتمون إلى الفئة التي كانت موالية للنظام، وقد تبنّت شعارات ومطالب لا تتماهى مع روح التغيير التي رفعت في بدايات الثورة. كما لم يصدر منهم اعتذار تجاه الشعب السوري عن مواقفهم السابقة أو عن التبريرات التي قدموها لجرائم النظام، بل بدؤوا يرفعون اليوم شعارات سياسية وطائفية، ومنها دعوات إلى الإفراج عن أشخاص يُتهمون بأن أيديهم «ملطخة بدماء الأبرياء».

وعليه، يرى بعض المتابعين أن هذه التحركات ليست نموذجاً لممارسة حرية التعبير بقدر ما هي محاولة للاستفادة من المكاسب الحالية التي حققتها البلاد بعد سنوات من النضال، دون أن يدفعوا ثمناً لما ارتكب في الماضي. وتضمنت المظاهرات رفع شعارات كانت متداولة بين ثوار الثورة في مراحلها الأولى، ما يعكس قدرة هذه الشعارات على استبقاء مضمونها في الذاكرة الجمعية، رغم اختلاف السياقات.

وفي المقابل، يشير هؤلاء إلى أن المتظاهرين الحاليين لم يواجهوا المخاطر الأمنية ذاتها التي واجهها الثوار الأوائل، إذ كانوا يتعرضون للتهديد والاعتقال والسجن لمجرد مشاركتهم في احتجاج سلمي. بينما اليوم، تُوفَّر لهم الحماية من قبل قوات الأمن العام أثناء تنظيم فعالياتهم، ويتمتعون بحرية التحرك والدعوة إلى مطالبهم دون خوف من الملاحقة أو الاعتقال.

في خلاصة المشهد، يبدو أن الحرية والاستقرار اللذين تحققا بعد سنوات من النضال منحا فئات مختلفة فرصاً للتعبير عن مواقفها، وفي الوقت نفسه أثارا نقاشاً حول التناقض بين تاريخ الحضور السياسي والفجوة بين الماضي والحاضر، ومدى قدرة المجتمع على استيعاب هذه التحولات دون توتر إضافي في النسيج الاجتماعي.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ