تكريماً وتخليداً لمواقفهن .. نقابة الفنانين تتخذ خطوات لإعادة رفات "مي سكاف وفدوى سليمان" إلى الوطن
تكريماً وتخليداً لمواقفهن .. نقابة الفنانين تتخذ خطوات لإعادة رفات "مي سكاف وفدوى سليمان" إلى الوطن
● أخبار سورية ٣٠ مايو ٢٠٢٥

تكريماً وتخليداً لمواقفهن .. نقابة الفنانين تتخذ خطوات لإعادة رفات "مي سكاف وفدوى سليمان" إلى الوطن

أعلنت نقابة الفنانين السوريين خلال مؤتمر صحفي أقيم في مقر النقابة بدمشق، نيتها نقل رفاة كل من الفنانتين السوريتين الراحلتين مي سكاف وفدوى سليمان من مكان الدفن في بلاد المهجر إلى الموطن، وذلك بعد التنسيق مع عائلتيهما، كإجراء تكريمي لذكراهما ولمساهمتهما في المشهد الفني والثقافي. 


وشددت النقابة على التزامها بمتابعة ملفات الفنانين الذين فقدوا حياتهم خلال الثورة، عبر العمل الجاد على توثيق مصائرهم والتواصل مع ذويهم، بما يضمن تكريمهم بالشكل اللائق ودعم أسرهم، كما أعلنت نيتها منح عضوية الشرف للمخرج الراحل باسل شحادة، الذي استشهد خلال تغطيته للأحداث في سوريا، تقديراً لمسيرته الفنية ومواقفه، وذلك بعد ترميم مجلسها المركزي قبل أربعة أيام.

لم يتردد كلاً من (باسل شحادة ومي سكاف وفدوى سليمان) وآخرون من أنصار الحرية، في الوقوف إلى جانب ثورة الشعب السوري والمشاركة فيها، خلدوا أسماهم في قوائم الشرف، عبر مواقفهم الجريئة التي عبرت عن صوت الناس ومعاناتهم. لم يترددوا في دفع أثمان باهظة من أجل مبادئهم، فكانوا رموزاً للفن الحر والموقف الإنساني. وتكريمهم اليوم هو اعتراف مستحق بتضحياتهم وبقيمة ما قدموه لوطنهم.

 الحرة مي سكاف
يصادف اليوم الثالث والعشرين من شهر تموز لعام 2018، الذكرى السنوية لرحيل الثائرة الحرَّة "مي سكاف" التي توفيت بعد صراع مع المرض، وذلك في منفاها الإجباري وبعيداً عن شوارع دمشق التي انضمت فيها إلى صفوف المتظاهرين السلميين فيها.

وكانت مي سكاف من الفنانين القلائل الذين دعموا الثورة السورية منذ بدايتها لغاية وفاتها ولم تتراجع عن مواقفها المعارضة لنظام الأسد وإجرامه بحق السوريين، حيث كانت أخر كلماتها في صفحتها على حسابها في الفيس بوك قبل يومين فقط "لن أفقد الأمل ... لن أفقد الأمل .. إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد".

واعتقلت "مي سكاف" عدة مرات عندما كانت في دمشق وتم وضعها في السجن إلى أن تم الإفراج عنها بعد قرابة 10 أيام من اعتقالها وانتقلت بعدها إلى الاردن ومنها إلى فرنسا حيث استقرت هناك، وسكاف من الطائفة المسيحية الدمشقية ولدت في دمشق عام 1969 في ال13 من شهر نيسان.

وسبق وقام مسؤول بنظام الأسد، بتهديد الفنانة سكاف، بعدما وقّعت على "إعلان دمشق" قائلا لها: "سأقطع لسانكِ"، إلا أن هذا لم يرهبها، فكانت من أوائل الفنانين السوريين الذين شاركوا في الثورة لإسقاط الأسد، عام 2011، فاعتقلها مرتين، ثم اضطرت للهرب واللجوء مع ابنها، إلى فرنسا التي كانت المكان الذي لفظت فيه أنفاسها الأخيرة.

دفنت الفنانة والمعارضة السورية "أيقونة الثورة" كما يسميها نشطاء الحراك الشعبي "مي سكاف"، في مثواها الأخير في ضاحية دوردان في العاصمة الفرنسية باريس في 3 تموز من عام 2018، بحضور كبير لأبناء الجالية السورية وشخصيات سياسية وثورية عديدة وذوي الراحلة.

 الثائرة "فدوى سليمان"
في يوم السابع عشر من شهر آب من عام 2017، الذكرى السنوية لوفاة الفنانة السورية الثائرة "فدوى سليمان"، التي توفيت في فرنسا بعد صراع مع المرض، مخلدة مسيرة ثورية في دعم الحراك الشعبي السوري ضد الأسد ونظامه، حولها لأيقونة الثورة السورية وأحد رموزها.

الفنانة الراحلة شاركت أيقونة الثورة، الشهيد "عبدالباسط الساروت"، في مظاهراته بحمص، متحدية وحشية النظام السوري وتهديداته المتكررة بـ "سحقها"، كما ذكرت في وثائقي "دولة الرعب، سورية السجن الكبير" الذي بثته قناة فرنسية.

و"سليمان" من مواليد عام 1970، بطلة من أبطال الثورة، فقد أقدمت على أمور يصعب على رجال عملها، بحسب ماوصفها الراحل "الساروت"، والذي اعتبر أن قدوم سليمان الى حمص في بداية الثورة كان في الوقت المناسب، حتى تغير نظرة العالم إلى السنة الذين اتهمهم نظام الأسد ب"الإرهابيين".

تخرجت سليمان، من المعهد العالي للفنون المسرحية، وظهرت في أعمال درامية كثيرة، منها مسلسل "أمل" و"الشقيقات" و"هوى بحري" و"نساء صغيرات" و"الطويبي" و"طيبون جداً"، كما كان لها ظهور في فيلم "نسيم الروح" وشاركت في مسرحيات كثيرة وأعمال إذاعية، وانتقلت الفنانة الراحلة إلى فرنسا، عام 2012، وشاركت في تظاهرات حاشدة مناهضة لنظام الأسد، لتصارع المرض وتوافيها المنية هناك.

ووظفت فدوى سليمان شهرتها كممثلة مسرحية وتلفزيونية في دعم الحراك الشعبي السوري، وعاشت متوارية عن أنظار السلطات بين دمشق وحمص، ثم عبرت الحدود سيرا على الأقدام إلى الأردن قبل أن تستقر في فرنسا، وهناك أجرت مقابلات صحفية عبرت فيها عن مراراتها من الوضع بسوريا.

وكانت نعت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية الفرنسية، الممثلة السورية المعارضة، "فدوى سليمان"، ووصفت الصحيفة سليمان بـ "أيقونة الثورة السورية"، وركزت على مشاركتها في الانتفاضة الشعبية منذ يومها الأول "متحدية رجال وأسلحة طاغية دمشق" و"مجاهدة في سبيل تجنب التعبئة الطائفية في مظاهرات حمص التي حاول البعض صبغها بلون سنّي معادٍ لنظام علوي".

ونشرت "ليبراسيون" مقطعاً للممثلة السورية الراحلة خاطبت فيه المتظاهرين قائلة إنها "ليست علوية، بل سنية مثلهم، لأنها سورية بالدرجة الأولى، شأنها شأن الملايين الذين يعانون من بطش النظام".

واعتبرت الصحيفة أن فدوى سليمان تملك "جمالاً داكناً يشبه جمال آنا ماغناني (ممثلة إيطالية) ورونيت القباص (ممثلة إسرائيلية مغربية الأصل)"، وأضافت الصحيفة "في محاضرتها في جامعة أفينيون فور وصولها إلى باريس عام 2012، حمّلت أوباما (الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما) ورؤساء الدول الكبرى المسؤولية الكاملة عن استمرار المقتلة بحق السوريين.

وأشارت إلى أن فدوى سليمان "رفضت اختزال الشعب السوري بسنة وعلويين، وسخّرت أعوامها الستة الأخيرة لإقناع العالم أنّ هنالك شعباً انتفض ضد الظلم وطالب بكرامته وحريته. انطفأت في المنفى، وهذا حزن مزدوج، قبل أن ترى سقوط بشار الأسد".

واستعادت الصحيفة الفرنسية، مقاله لصحيفة "لوموند" نشرها الصحافي كريستوف عياد في ربيع عام 2012، رفضت فيها فدوى وصفها بـ"الناشطة العلوية"، معتبرة أن "الطائفية كانت لعبة النظام الأساسية في حمص لسحق الانتفاضة".

باسل شحادة القدوة
باسل شحادة كان نموذجاً نادراً للشجاعة والإيمان العميق بالعدالة والحرية، اختار أن يترك دراسته في واحدة من أهم الجامعات الأمريكية ليعود إلى بلده في لحظة فارقة، ويقف إلى جانب شعبه لا كمراقب، بل كواحد منهم. لم يحمل سلاحاً، بل حمل كاميرته، مؤمناً أن الصورة قادرة على فضح الجريمة وكسر الصمت الدولي، فراح يوثق المظاهرات السلمية والقصف والحصار، ويكشف للعالم وجوه الضحايا وأحلامهم المنهوبة.

لم يكن عمله محصوراً بالتوثيق فقط، بل كان أيضاً معلّماً وملهماً، درّب شباناً وشابات على استخدام الكاميرا كأداة مقاومة، وساهم في خلق جيل واعٍ بقوة الصورة ورسالة الفن. باسل لم يكن مجرد مخرج أو ناشط، بل كان ضميراً حياً، يعيش قضيته بكل تفاصيلها، واستشهد وهو يحاول إسعاف الجرحى تحت القصف في حمص، مؤمناً حتى اللحظة الأخيرة أن الإنسان لا يُقاس بما يملك، بل بما يقدّم.

استشهاد باسل شحادة لم يكن نهاية حكايته، بل بداية لتحوّله إلى رمز. أعماله ما زالت شاهدة على بشاعة الحرب وجمال الصمود، وعلى قدرة الإنسان على تحويل الفن إلى فعل مقاومة. باسل هو صوت كل من رفض أن يصمت، وكل من آمن أن الحقيقة تستحق أن تُروى، حتى لو كان الثمن حياته.

ففي النقيض لمن ارتهنوا كالعبيد لسيدهم "بشار"، هناك قامات سورية من مطربين وفنانين، رفضت الخنوع والتهديدات، والتحقت منذ البداية بركب أبناء الشعب الثائر، فكانوا في صفوفهم يصدحون بالحرية، واجهوا التضييق والملاحقة لما لهم من تأثير في الشارع السوري، كشخصيات فنية معروفة، ولعب هؤلاء "أنصار الحرية" دوراً فاعلاً وبارزاً في نصرة الحراك الشعبي، وكانوا سفراء للسلام والحرية في البلدان التي هاجروا إليها مجبرين.

وكان شن نظام الأسد حملات اعتقال واسعة طالت العديد من الفنانين السوريين، ممثلين ومخرجين وتشكيليين ومصورين، كما ارتكب جرائم التصفية الجسدية بحق العديد منهم، منذ اندلاع الثورة السورية في ربيع 2011، ليقينه التام من قدرتهم على التأثير الفعال في الشارع السوري.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الضفة المقابلة تشبث عدد من الممثلين والشخصيات الإعلامية الداعمة لنظام الأسد الساقط حتى اللحظات الأخيرة بدعم هذا النظام ولم يكتفي هؤلاء المطبلين بذلك بل راحوا يهددون ويتوعودن المعارضين لنظام الأسد البائد، وتصل التهديدات والتشبيح إلى حرمانهم من زيارة سوريا وغيرها.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ