"زيادة وهمية وإلغاء الدعم".. انتقادات متصاعدة لمشروع موازنة العام 2024
تصاعدت انتقادات مشروع موازنة العام 2024، التي أقرها ما يسمى بـ"المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي" في حكومة نظام الأسد، وقال خبراء في الشأن الاقتصادي إن الزيادة على الموازنة جاء بشكل وهمي وسط الإشارة إلى إلغاء الدعم بشكل فعلي وفق الأرقام الجديدة.
وذكر الخبير الاقتصادي "شفيق عربش"، أن النسبة الكبيرة للزيادة في الموازنة العامة للدولة لعام 2024 تعد اعترافاً غير مباشر من الحكومة بنسبة التضخم الحاصلة خلال هذا العام، فمن غير المعقول في أي دولة بالعالم أن تزداد اعتمادات الموازنة بهذه النسبة.
وأضاف، أن موازنة العام القادم ناتجة عن تضخم وخاصة بعد المرسوم الرئاسي الذي أقر زيادة الرواتب والأجور، لافتا أنه إذا ما تم تصحيح أرقام الموازنة التي تم إقرارها بمعدلات التضخم الحاصلة في عام 2023، فستكون النتيجة أنها أقل من أرقام الموازنة في العام الحالي.
وبالتالي لن يكون هناك أي تحسن بالواقع الخدمي في سوريا، متابعاً: "ويجب ألا ننسى الترفيعات الدورية للعاملين في الدولة التي ستكون في بداية عام 2024 والتي تشكل 9 بالمئة، أي إنها ستشكل نحو 900 مليار ليرة من مجمل الموازنة العامة كحد أدنى".
واعتبر أن حقيقة أرقام الموازنة تظهر عند عملية قطع الحسابات التي يتم من خلالها التحقق فيما إذا تم اعتماد الأرقام النهائية لكل الإنفاق لتتبين الأرقام الحقيقية التي أنفقت في عام ما، لافتاً إلى أنه في معظم الحالات تختلف الأرقام الأولية للموازنات بشكل جوهري عن أرقام قطع الحسابات.
وتابع: "أي إن الاعتمادات أكبر بكثير مما ينفق بشكل فعلي، موضحاً أن "هذه الفروقات تصرف في سياقات عدة، فمثلاً عندما صدر مرسوم زيادة الرواتب في العام الحالي، تم صرف النفقة الناجمة عن هذا المرسوم من وفورات الموازنة العامة للدولة".
ورأى أنه فيما يخص الإنفاق الاستثماري في الموازنة المحدد بـ9000 مليار ليرة، لو تم أخذها بأرقام سعر الصرف الرسمي الصادر عن مصرف النظام المركزي فستقارب الـ800 مليون دولار، وهي لا تعادل 25 بالمئة من الموازنة الاستثمارية للدولة في عام 2008.
معتبراً أن هذا الرقم لن ينهض بالاقتصاد السوري بشكل نهائي، ولا يكاد يكفي بعض نفقات الإصلاحات لبعض المرافق العامة فيما لو تعطلت، وحول اعتمادات الدعم الاجتماعي التي تم الحديث عنها والمقررة بـ6210 مليارات ليرة سورية.
واستغرب الأرقام الكبيرة المرصودة لصندوق المعونة الاجتماعية ودعم الزراعة والري الحديث، فمثلاً تم رصد 103 مليارات ليرة لدعم الخميرة لأسباب غير معروفة، ولكن لم يتم التطرق إلى اعتمادات دعم الخبز، لذا فإن موازنة عام 2024 مشوّهة كالعادة.
وأكد أنها لا تعكس أي انفراج قادم، بل إنها تعكس تخبّطاً وغياباً للسياسة المالية والنقدية في سوريا، وعن أرقام الدعم المرصودة للمشتقات النفطية والمحددة بـ2000 مليار ليرة، وأن سعر البنزين لم يعد مدعوماً كما كان في السابق.
وما تبقى هو بعض المواطنين الذين ما زالوا يعتقدون أنهم مشمولون بالدعم بـ50 ليتراً من مازوت التدفئة، وقد يصل إليهم دور التوزيع وقد لا يصل، معتبراً أن الحكومة تخفي تحت مسمى الدعم الكثير من الممارسات منها الهدر والسرقات في المستودعات التي تزوّد المحطات بالوقود ومحطات التكرير والمصافي.
والفاقد الكمي في الإنتاج بسبب تقادم مصافي تكرير النفط في سوريا، مشيراً إلى أن الفارق بين ما يدفع من تكاليف وما يتم تحصيله من عمليات البيع تسميه الحكومة دعماً، أي إن الدعم المقدم أقل بكثير مما تعلنه الحكومة التي يبدو أن موّال الدعم قد طاب لها فهي توهم المواطنين بأنها تدعمهم لكنها تقوم بالكثير من الممارسات الخفيّة تتمثل بالدعم.
وقدر الخبير الاقتصادي، "حسن حزوري"، أن اعتمادات مشروع الموازنة العامة في سوريا لعام 2024، البالغة 35.5 ألف مليار ليرة سورية، تمثل "زيادة نظرية" تعادل 115% مقارنة بموازنة 2023 (16.55 ألف مليار ليرة)، لكن هذه الزيادة "غير حقيقية" إذا ما قورنت بالمستوى العام للأسعار أو بالتضخم وسعر صرف الليرة.
وقال موقع اقتصادي معلقا على مشروع الموازنة، إن "كذبة الدعم انتهت بلسان الحكومة، وأكد أن خطتها التي غالبا لا تنفذ تقديم 6 آلاف مليار ليرة أن اعتبرنا عدد الأسر السورية كما في بطاقات تكامل حوالي 5 مليون أسرة فإن دعم الأسرة حوالي 125 ألف ليرة بالشهر.
وذكر أن اعتبرنا أن وسطي الأسرة السورية 5 افراد فهذا يعني أن المواطن السوري يحصل على دعم من الحكومة بسعر 25 ليرة سورية بالشهر فقط، واقترح إلغاء كذبة الدعم لأنها بوابة فساد، وإلغاء معزوفة المنية على المواطن و تعرية الحقائق.
وقدر الخبير الاقتصادي "حيان سلمان" أن موازنة عام 2024 هي أكبر موازنة في تاريخ سورية وبالمقارنة مع موازنة العام الحالي هناك زيادة بنسبة 215%، لافتاً إلى أن الحكومة خصصت للإنفاق الجاري لموازنة العام القادم 26500 مليار أي بزيادة عن العام الحالي بنسبة 196%، بينما الإنفاق الاستثماري وصل إلى 25% من إجمالي الموازنة الحكومية أي بزيادة 5% عن العام الحالي.
مشيرا إلى أنه لا يمكن للحكومة الأخذ بسعر صرف الدولار في السوق السوداء لأن الموازنة هي للعام القادم وسعر الدولار غير ثابت وقد ينخفض أو يرتفع بالإضافة إلى أن هناك أسس للحكومة تتغير من لحظة إلى لحظة، منوهاً بأن القوة الشرائية وسعر صرف الليرة السورية مع الدولار مفهومان غير متناقضان ولكن غير متطابقان وفي الفقه الاقتصادي نتج عن ذلك الكثير من المشاكل.
وأشار إلى أنه تم التركيز على توزيع الدعم الزراعي والصناعي وتأمين المشتقات النفطية، معتبراً ذلك بالخطوة الإيجابية مما يتطلب التوجه نحو تحقيق المزيد من الإيرادات وخاصة فوائض القطاع العام الصناعي ومشدداً على أهمية مواجهة ومكافحة التهرب الضريبي حتى لا نقع بالعجز الضريبي.
وكان المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي التابع للنظام، أعلن أمس الأول عن مشروع موازنة العام القادم بمبلغ 35500 مليار ليرة سورية، وهي أكثر من ضعف موازنة العام الجاري البالغة 16550 مليار ليرة.
وكانت نشرت عدة مواقع وصحف موالية لنظام الأسد تصريحات جاءت تعليقا على الأرقام الواردة في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2023، ومن بين تلك التصريحات قال معاون وزير المالية لشؤون الإنفاق العام "منهل هناوي" إن العجز بالموازنة ليس من الأمور المعيبة فكل دول العالم تعاني من العجز، وفق تعبيره.
وحددت حكومة نظام الأسد سعر صرف الدولار الأمريكي بـ 3000 ليرة سورية، وسعر صرف اليورو بـ 3041 ليرة سورية في الموازنة العامة للدولة للعام 2023، وكان أعلن مجلس الوزراء التابع للنظام عن الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2023 بمبلغ 16550 مليار ليرة سورية بزيادة قدرها 24.2 بالمئة مقارنة بموازنة العام 2022.
هذا وتبلغ قيمة الموازنة نحو 5 مليار و516 مليون دولار على سعر صرف الدولار في مصرف النظام المركزي البالغ 3000 ليرة سورية، بينما تعادل أقل من 3 مليار و170 مليون دولار على سعر صرف السوق السوداء، ويبرر النظام زيادة العجز في عدد من القطاعات، لأسباب تتعلق بصرف الدولار والحصار والعقوبات الاقتصادية، وفق زعمه.