مؤشرات على "هجوم مفتعل" .. النظام يستثمر "تفجـ ـير حمص": شحن للموالين ورسائل للسويداء
طرح التفجير العنيف الذي طال الكلية الحربية في مدينة حمص اليوم الخميس، تساؤلات واستفسارات كبيرة عن ماهية التفجير ومسبباته، والذي خلف عشرات القتلى والجرحى من عناصر وضباط قوات الأسد وذويهم، في مشهد مدبر، يشير لأياد خفية تقف وراء التفجير في منطقة حصينة، يدل على ذلك بشكل واضح طريقة استثمار إعلام النظام للحدث منذ اللحظة الأولى.
ونعت صفحات إخبارية موالية لنظام الأسد عدداً كبيراً من الضباط والعناصر ممن ترد معلوماتهم وصورهم تباعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نتيجة الاستهداف المبهم والغامض الذي طال الكلية الحربية شديدة التحصين في محافظة حمص وسط سوريا.
ورغم إصدار الرواية الرسمية على وجه السرعة من قبل نظام الأسد عبر بيانات عسكرية وتغطية إعلامية مكثفة ترّوج إلى أن الهجوم نفذته طائرات مسيرة، في ظل تصاعدت الشكوك والمؤشرات على أن هذا الهجوم مفتعل من قبل نظام الأسد.
وبعد دقائق قليلة من الهجوم قام نظام الأسد باستغلال ذلك للتصعيد على جبهات إدلب شمال غربي سوريا بقصف وحشي أوقع شهداء وجرحى، وكذلك جدد الشحن والتحريض الطائفي، كما لوحظ استثمار النظام للحدث في رسائل مباشرة للحراك في السويداء.
وقال الكاتب السوري، "نور الدين الإسماعيل"، في منشور على صفحته الشخصية على فيسبوك، إن استهداف الكلية الحربية في حمص اليوم بعد مغادرة وزير دفاع النظام، رسالة من النظام السوري وإيران "التي تجيد إنتاج المسيرات إلى الحاضنة التي بدأت تتململ" ليس لديه مانع في قتل كل السوريين ليبقى على كرسيه.
ودعا الموالين لنظام الأسد للتفكير في استهداف، وأضاف، "كيف يمكن لطائرة مسيرة من صنع فصائل محلية أن تقطع مسافة 155 كيلو متر من إدلب إلى حمص، وتنتظر خروج وزير الدفاع لتضرب بكل هذه القوة خريجين وأهالي، دون أن تستطيع الدفاعات الجوية للنظام إيقافها".
واعتبر الكاتب أن "هذا لا يحدث سوى في الأفلام الهندية، وأفلام الأكشن في هوليود، وروبن هود، وعند النظام السوري"، واختتم منشوره بعبارة "عدوك سيدك"، في إشارة إلى الموالين لنظام الأسد، كما طرح المحامي "عبد الناصر حوشان"، تساؤلات مماثلة حول الاستهداف المزعوم.
وقال في منشور له "بيننا وبين الكلية الحربية حوالي 120 كم على الأقل ينتشر فيها مطار حميميم وقاعدة جورين و دير شميل عداك عن أفواج الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى المنتشرة على امتداد الشريط الجبلي من جسر الشغور حتى القلمون ومطار النيرب ومطار حماة ومطار الشعيرات ومطار التي فور ومطار الضمير ومطار المزة".
واستطرد قائلا: "للعلم أن كل من هذه المطارات تحيط به على الأقل لواء دفاع جوي ولواء صواريخ ولواء إشارة وفوج مشاة، والروس والإيرانيين ومعسكراتهم المنتشرة ما بين الساحل والبادية، والكلية الحربية لا تبعد عنها الفرقة الجوية 22 وقيادة قوات حرس الحدود وعدد من المعسكرات الحربية أكثر من كيلو متر واحد".
وأضاف الحقوقي حوشان متسائلاً، "فكيف المسيرات أن تجتاز كل هذه المطارات و قوات الدفاع الجوي؟ نظام متوحش يأكل حميره عندما يخطر على باله ولا يبالي"، وجاء حديث المحامي ضمن تساؤلات منطقة متكررة فكيف يمكن لطائرة مسيرّة ان تصل الى الكلية الحربية في حمص و المنطقة المحيطة بالموقع عسكرية بالكامل، وتتضمن: الكلية الحربية، كلية الشؤون الفنية، كلية الإشارة، كلية المدرعات، المشفى العسكري، وغيرها.
بالمقابل عمد نظام الأسد إلى استغلال هذا الهجوم الذي وقع وسط سوريا، وركز على تمرير رسائل داخلية وخارجية أبرزها أن الحرب لم تنتهي، حيث قال رئيس تحرير صحيفة تابعة لإعلام نظام الأسد "وضاح عبد ربه"، عبر صفحته الشخصية "قلنا ونعيد ونكرر، الحرب لم تنته، وتشتد"، كما عملت عدة شخصيات داعمة لنظام الأسد إلى تكثيف التحريض والتجييش ضمن ما يبدو أنها من أهداف النظام من هذا التفجير.
وخرج الإعلامي الداعم للأسد "رفيق لطف"، في بث مباشر اتهم فيه ما قال إنها جهات تتأمر على سوريا بالوقوف خلف الاستهداف، وخاطب السويداء قائلا: "يجب أن نكون يدا بيد للوقوف بوجه هؤلاء الطغاة الذين يعملون على زعزعة الثقة بالجيش والقائد لتسهيل تقسيم سوريا"، وفق كلامه.
وذكر أن أغلب الظن الضربة كانت من شمال التنف، والطيران المسير تم توجيهه كرسالة من الولايات المتحدة الأمريكية، وقال إنه تابع بعض الغرف السوداء التي تقوم عليها جهات عميلة للأعداء تقول إن الاستهداف جاء من جهة الأصدقاء وليس الأعداء، في حديث فسر على أنه تعليقا على الاتهامات بأن الضربة من قبل مسيرات إيرانية.
وكتب منشورا قال فيه مخاطبا مشايخ العقل في السويداء، "بعد هذه المجزرة نأمل باستصدار بيانات الشجب والاستنكار من مشايخ عقل طائفة الموحدون في السويداء تأكيدا على وقوفهم لجانب وطنهم وجيشهم، في وقت الشدائد والمحن الصعبة تظهر معادن الرجال وتظهر الناس على أصلها وحقيقتها".
في حين اتهمت صفحات وحسابات مقربة من نظام الأسد إن "إسرائيل والولايات المتحدة هم المسؤولين بشكل مباشر عن الهجوم وحرق أدواتهم في إدلب جزء من الرد"، -حسب كلامها- واستبعدت أن يكون من وصفتهم بـ"الإرهابيين" يقفون خلف الاستهداف، وقالت إن العمل العمل نفذه محترفون والوحيد القادر على هكذا عمل هو الإسرائيلي والأمريكي.
واعتبرت أن "العمل مدروس، الكلية الحربية موجودة في غرب حمص وخط الجبهة في إدلب بعيد جداً عن المنطقة عدا عن ذلك مسيرات الإرهابيين بدائية ويتم إسقاطها على مسافات قريبة من الجبهة، على فرض بدأ الهجوم من خارج سوريا شمال لبنان هو أقرب منطقة حيث ينشط العدو الإسرائيلي جوياً بكثافة".
وأضافت أن "العمل إما انطلق من داخل سوريا قرب حمص عبر خلايا على الأرض أو من خارج سوريا في لبنان عبر خلايا على الأرض أو عبر سلاح الجو للعدو الإسرائيلي كونه الجهة المعادية الأكثر نشاطاً والوحيدة التي تقترب من شمال لبنان وفي كل الحالات الإسرائيلي والأمريكي شريكان في العمل الإرهابي".
وفي سياق التحريض والتجييش ودعوات الانتقام التي ضجت بها حسابات الموالين لنظام الأسد، نشر حزب البعث التابع لنظام الأسد بياناً قال فيه إن استهداف الكلية الحربية بحمص "جريمة إرهابية جبانة تؤكد من جديد حقد الإرهابيين وحماتهم وداعميهم على الجيش والشعب السوري"، وفق تعبيره.
واعتبر أن "ماحصل اليوم في الكلية العسكرية في حمص من جريمة إرهابية فظيعة دليلٌ آخر على أن الإرهاب وحماته من الدول المعتدية على سورية إنما بأسلوبهم الإرهابي المعهود يعبرون عن غيظهم وحنقهم من المراحل الهامة التي نتخطاها في مواجهتنا لهم على الصعيد الميداني والاقتصادي".
وأضاف أن "والأهم هو التطورات الأخيرة التي تؤكد نجاحاً ديبلوماسياً وسياسياً باهراً لسوريا على صعيد استعادة مكانتنا المرموقة عربياً، وفي صف الدول الكبرى التي تتحدى قوى الهيمنة وارهابها، وإن الاستهداف جريمة بشعة ضد الإنسانية بكل قيمها وقوانينها، واختتم بالتحديد على الوقوف ودعم الإرهابي "بشار الأسد".
هذا ونشر ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن مصدر أمني لم تسمه قوله إن أكثر من 60 قتيلاً جراء هجوم بطائرات مسيرة استهدف حفل تخريج ضباط في الكلية الحربية بمدينة حمص، فيما قالت مديرية صحة حمص إن الحصيلة الأولية وصلت إلى 67 قتيل و211 جريح، وتداولت صفحات وحسابات مشاهد تظهر تكدس عشرات الأشخاص من القتلى والجرحى في الساحة العامة للكلية.