هي الذكرى الخامسة لتدشين الاحتلال الروسي لبلادنا بتوطئة مشروخة من نظام غير شرعي استقدّم مختلف الميليشيات الطائفية العابرة للحدود، ومن خلفها إيران كي يبقى موجوداً، ويحدّ من انهياره الوشيك، ثم المجيء بروسيا المحتلة ومنحها امتيازات متصاعدة ..
ـ تطلع الروس إلى " المياه الدافئة"، وسورية بوجه الخصوص، ليس جديداً، إنه بعض حلم الذهن الإمبراطوري الروسي من قرون الذي وإن تغيّرت راياته، وشعاراته عبر المناقلات السياسية التي حدثت في روسيا، إلا أنه ظلّ موجوداً يبحث عن ثغرة للولوج منها إلى البحر الأبيض المتوسط ويبني ما يمكن من قواعد عسكرية، ووجود يتوغل في مختلف المجالات، وكان لبوتين ـ الرئيس الروسي ـ ذلك في لحظة تواطؤ، أو توافق مع جهات دولية، ومع "إسرائيل" .
ـ استقدام نظام الأسد للمحتل الروسي بصورة استدعاء (شرعي) خدعة مضللة لأن الاتفاق على دخول روسيا إلى سورية، وتفويضها بالملف السوري، ووضع اليد على بلادنا كان نتيجة اتفاق أمريكي ـ روسي، ومشاركة إسرائيلية، وصمت عديد الدول الأوربية وغيرها، من جهة، ولأنه صادر عن نظام غير شرعي، من جهة أخرى .
ـ حين قرع أوباما طبول الحرب بقوة ضد النظام السوري لاختراقه " الخطوط الحمراء" في استخدام السلاح الكيميائي في الغوطتين، خاصة الغوطة الغربية، ومقتل أكثر من 1400 ضحية جلّهم من الأطفال، تصوّر كثيرون أن نهاية النظام قريبة، وأقلها إنزال ضربة مؤثرة له جرّاء جريمته الإبادية الموصوفة، وإذ بصوت الطبول تخمد بسبب اتفاق بين أمريكا وروسيا تحت عنوان " التخلّص" من السلاح الكيميائي للنظام، والانتهاء منه في منتصف عام 2014 .
ـ الاتفاق، وكما أظهرت الوقائع لاحقاً، لم يقتصر على السلاح الكيميائي، وإنما تناول قضايا سوريّة ودولية مختلفة، وظهرت النتائج في 30 أيلول/ سبتمبر 2015 حين دخلت روسيا بقواتها العسكرية وبدء حرب الجحيم ضد الشعب السوري والفصائل المسلحة التابعة للجيش الحر، وصولاً إلى وضع اليد الروسية على الملفّ السوري، وإن شاب ذلك بعض التنافس مع المحتل الإيراني الآخر الذي يقوم بفعل أشدّ خطورة مما تقوم به روسيا عبر اختراقه للمجتمع السوري من داخله، والعمل على التشييع، والتغيير الديمغرافي والثقافي وغيرهما.
ـ روسيا المحتلة رفعت شعارات كاذبة تبريراً لوجودها، وجرائمها بأنها " تحارب الإرهاب" والقوى الإرهابية وهي التي لم تدخل معركة ضد القوى الموصوفة بأنها إرهابية فعلاً، وقد رمت بتعميم ذلك الشعار إلى خلط الأوراق، وتشويه هوية المعارضة المسلحة والحاضنة الشعبية التي كانت تساندها، في حين أن الوقائع الثابتة تفيد بأن روسيا وعبر سياسة الأرض المحروقة، وبما يشبه ما فعلته بالشيشان، مارست اٌقصى أنواع الجرائم الحربية ضد المواطنين السوريين الذين استهدفتهم بشكل منهّج، ومقصود، وبغية إجبارهم على النزوح والهجرة، والانفكاك عن الفصائل العسكرية .
ـ لم يقتصر القصف الروسي على المدنيين وحسب بل ترافق مع ضرب البنى التحتية من مستشفيات ومدارس ومخابز ومراكز صحية ومنشآت تقوم برعاية المواطنين وتأمين الحد الأدنى من وسائل المعيشة لهم، واستخدمت لتحقيق ذلك ـ كما صرّحت مراراً ـ أحدث تقنياتها العسكرية، بما فيها الجديدة التي قامت بتجربتها على رؤوس المواطنين وضدّ وسائل حياتهم .
ـ وللفارق الكبير، أو الخلل المريع في ميزان القوى تمكّن الاحتلال الروسي من إلحاق الهزائم بالفصائل العسكرية التي لم تكن تملك سوى أسلحة خفيفة ومتوسطة، وكان معظمها محاصراً وقد انقطعت به السبل والطرق للتزود بإمكانات الصمود وتعويض الخسائر، وأجبرت عشرات آلاف السكان المدنيين على الهجرة القسرية طلباً للحياة وبحثاً عن مكان آمن، بينما باتت الأنقاض مأوى الآلاف، وعبر هذه الوقائع القاسية فرضت روسيا عملية التهجير القسري لمئات آلاف المواطنين، ومغادرة عديد الفصائل لمواقعها وتسليم سلاحها، في حين استطاعت فرض ما يعرف بالمصالحات في الجنوب والتي انتهت بكوارث كبيرة كان من نتيجتها تحويل بعض الفصائل المتخاذلة إلى فيالق تابعة لها، بل للنظام بشكل رئيس ثم استهداف العديد من قادة وإطارات الفصائل العسكرية والناشطين اعتقالاً واغتيالاً وتصفيات ما تزال متواصلة حتى اليوم، خاصة في الجنوب السوري .
ـ المحتلّ الروسي مارس الكذب الصراح فيما يعرف باتفاقات خفض التصعيد حيث نقضها تباعاً والتهمها وأعادها إلى سيطرة النظام لتصبح أجزاء واسعة من سورية تحت سيطرته الفعلية، بما في ذلك النظام المجرم، وإلزامه على عقد مجموعة من التنازلات والصفقات والعقود المخلّة بسيادة واستقلال سورية وبمصالح وثروات الشعب التي رهنها النظام لعقود طويلة للمحتلّ الروسي، بما يتجاوز اتفاقات وضع اليد على منطقة قاعدة حميميم وما يجاورها، ومرفأ طرطوس، ثم منحه أراض واسعة لإقامة ما يعرف بمشاف خاصة لمعالجة جنوده، وصولاً إلى عقد نحو 45 اتفاقية استثمار في مجالات مختلفة ..
ـ لذلك كان طبيعياً أن يكون المحتلّ الروسي أحد أهم داعمي النظام في التنصّل من الالتزام بالقرارات الدولية، والقبول بدخول العملية السياسية، رغم ما يحكى عن ممارسة ضغوط روسية لحثّه على الذهاب لجنيف في إطار ما يعرف بالمفاوضات حول اللجنة الدستورية التي لم تتقدّم خطوة واحدة وما تزال تراوح مكانها .
ـ الدعم الروسي للنظام أبلغ من ذلك وأخطر في الميدان السياسي فعدا عن التسابق بينه وبين إيران عن دور كلّ منهما في حماية النظام ومنع انهياره، وتأكيد روسيا أنها السبب الرئيس في ذلك، ومن قبلها إيران، فقد مارست حق النقض (الفيتو) 12 مرة لمنع اتخاذ قرارات ضد النظام وممارساته الإجرامية، او في ميادين الإغاثة ووصولها لمختلف المناطق السورية، خاصة اللاجئين والنازحين، وأسهمت روسيا في زحلقة بيان جنيف 1 وتجويف جوهره القاضي بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي صاحبة الصلاحيات التنفيذية الكاملة واستبدال، أو اختصار العملية السياسية كلها باللجنة الدستورية ثم إقامة انتخابات رئاسية وتشريعية دون تنفيذ مستحقات ما يعرف بـ"البيئة الآمنة" ووجوب إعادة النظر بالأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية كشرط لازم لقيام انتخابات تتوفر على حدود واضحة من النزاهة، وبإشراف مباشر من الأمم المتحدة .
ـ عملياً ورغم التصريحات الغامضة، والملتبسة عن مصير رأس النظام ومستقبل النظام، فالنهج الروسي واضح المنحى باتجاه الحفاظ على النظام ـ ربما مع بعض الرتوشات الطفيفة ـ والسماح لرأس النظام بخوض الانتخابات وكأنه لم يجرم بحق الشعب السوري، وكأنه لا يتحمل المسؤولية الأولى في نكبة الوطن وإبادة أكثر من مليون شهيد، وإجبار الملايين على اللجوء والنزوح والهجرة، واعتقال وتصفية مئات آلاف المعتقلات والمعتقلين ..
ـ لقد أفسحت أمريكا في المجال لروسيا أن تضع يدها على الملف السوري، وما زالت بعيدة عن اتخاذ قرارات بمستوى إجبار النظام على الخضوع للقرارات الدولية، دون أن يعني ذلك عدم وجود شيء من التنافس على رقعة مناطق النفوذ بما يحتويه من تناقض وتناغم، وهي حالة تشبه ـ إلى حدّ ما ـ العلاقة بين الروس وإيران بما تحتويه من تناقضات وتوافقات يدفع الوطن السوري ثمنها .
ـ ورغم الإقرار بالدور الروسي المفروض في العملية السياسية، والحاجة إلى خوض مفاوضات ولقاءات مع الجانب الروسي، إلا أن كل ذلك لا يلغي حقيقة طبيعة الوجود الروسي كقوة احتلال موصوفة، ولا يُنسي الشعب السوري ما قامت به من جرائم بحقه، ومن دعم نظام قاتل يقف ضد مصالح وإرادة الشعب السوري في إقامة النظام البديل .
كثيرون منّا كان يستغرب تصريحات الإدارة الأمريكية المتكررة بأن " استخدام السلاح الكيميائي" من قبل النظام السوري ضدّ الشعب يعتبر خطاً أحمر لا يمكن السكوت عليه ..
ـ وجه الاستغراب انطلق من الحيرة في تفسير الموقف من استخدام أسباب الموت الجماعي، وماذا تختلف إن كانت بالبراميل المتفجرة، او بالصواريخ الضخمة، او بالقنابل العنقودية، أم بغاز السارين والأعصاب ؟؟؟.. وقد اعتاد المواطن السوري مجازر يومية بالمئات من المواطنين، ولعلّ عداداتهم كانت تسجلها كأرقام دون وجود أي ردّ فعل يتناسب مع كونها جرائم جماعية يعاقب عليها القانون الدولي باعتبارها نوعاً من الإبادة الجماعية..
ـ يوم 21 آب 2013 فعلها نظام الأسد ىالمجرم باستخدام غاز السارين والأعصاب في منطقتي الغوطة الشرقية وخاصة الغربية منها، وذهب ضحيتها نحو 1400 جلّهم من الأطفال والنساء، كان منظر الأطفال بهيئتهم المريعة وقد فارقوا الحياة فجأة اختناقاً يقشعر الأبدان ويحرك الحجر والبشر، فتحمّست الإدارة الأمريكية وبدأت قرع طبول الحرب عقاباً لذلك المجرم الذي اخترق كافة الخطوط الحمراء، وهبّت دول أوربية وغيرها تعلن استعدادها للمشاركة بمعاقبة النظام على ما فعل ضمن حملة عسكرية بدت استعدادات تنفيذها قاب قوسين وأدنى، وتحرّك اساطيل، وتصريحات نارية، واجتماعات لحلف الأطلسي، وتسابق محموم للبدء في حملة تأديب النظام المجرم ...
ـ لعل السخرية السوداء كمنت في خلاف السوريين ـ المحسوبين على الثورة ـ حول مؤيد لضربة حاسمة لا بدّ منها، وفريق آخر ارتفعت حرارته الوطنية درجة الخلط بين النظام والوطن، واعتبار الضربة فعلاً عدوانياً يستهدف سورية الوطن، وحدثت انقسامات وشدّ شعر، وكنت ممن يدعون للتمهل والتبصّر قبل اتخاذ أي موقف حاد، بانتظار معرفة حقيقة نوايا الإدارة الأمريكية، وهل ستقوم بعمل شامل، مثلاً، يؤدي إلى إسقاط النظام؟، أم ستكتفي بضربة تأديبية أشبه بفرك أذن ولد أذنب، أو عاق ؟...
ـ الرئيس الفرنسي هولاند كان من المتحمسين لمعاقبة النظام السوري على ما فعل، ودعا مجلس الدفاع الأعلى لاتخاذ قرار المشاركة بالحرب، لكن، وقبل بضع ساعات من موعد الاجتماع كانت المفاجأة الأوباماوية المدّويّة، حين توقف الصراخ بالحرب، وتوقفت الطبول عن القرع لتبدأ ما عرف بالمفاوضات الأمريكية ـ الروسية حول السلاح الكيميائي لدى النظام بغية مصادرته وتدميره، والقيام بعمليات مراقبة دولية لمنع إنتاج الجديد منه.
كثيرون اعتبروا أن تدمير السلاح الكيماوي السوري مطلب إسرائيلي بامتياز، وسبق لوفود المعارضة أثناء لقاءاتها مع عديد الوزراء والمسؤولين الغربيين أن طرحوا بإلحاح سؤالهم عن الموقف من مستقبل ومصير السلاح الكيميائي الذي يمتلكه النظام وكأنه حالة راهن، وفورية مطروحة على المعارضة ويجب أن يعطوا الجواب الشافي الذي يريديونه، أي الموفقة على تدميره في حالة سقوط النظام المجرم.
لكن الاتفاق الأمريكي ـ الروسي لم يقتصر على هذا الجانب فقط، فكثير المؤشرات، ثم الوقائع اللاحقة أبانت أنه كان شاملاً، وقد يتجاوز سورية إلى المنطقة وبعد مناطق العالم المختلف على مواقع النفوذ فيها.
ـما يهم هنا، وما ظهر جلياً أن الإدارة الأمريكية التي لم تتخذ يوماً قراراً حاسماً بشأن الوضع السوري، وباتجاه دعم مطالب الشعب في الحرية والكرامة والعدالة وإقامة النظام الديمقراطي البديل لنظام الطغمة والفساد والفئوية، وكأنها أرادت التملّص من واجباتها الدولية بأن أطلقت العنان لروسيا لوضع اليد على " الملف السوري"، وتوجيه ضربات مؤذية للمعارضة بشقيها السياسي والعسكري، وبرز ذلك جلياً في بياني فيينا 1و 2 الذي قام بدحرجة خبيثة لبيان جنيف 1، وأساسه تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، والبدء بالعملية السياسية وفق فترات ممرحلة، وتواصلت الدحرجة السياسية في قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي نصّ على وجوب مشاركة منصّات في وفد المعارضة للمفاوضات حدد اثنتين منها بالاسم : منصتي القاهرة وموسكو وبما يؤدي إلى إضعاف تمثيل الائتلاف ضمن محاولة للانزياح عن الثوابت الذي ظلّ متمسكاً بها رغم مختلف الضغوط، ومنسوب التطورات السلبية .
ـ على الصعيد الميداني والعسكري ظهرت آثار الاتفاق الأمريكي ـ الروسي أكثر إيلاماً وآثاراً فاجعية حين دخلت روسيا قوة احتلالية مدججة بأحدث الأسلحة المتطورة، واستخدام سياسة الأرض المحروقة التي دمّرت البنى التحتية جميعها، واستهدفت الحواضن الشعبية التي سدّت جميع الأبواب أمامها لممارسة ضغط على الفصائل بحثاً عن الحياة المهددة بجحيم القصف الروسي، وعمليات النزوح والهجرة ..
ـ لم يقف الحال عند هذا الحد فقد تلاحقت التطورات على كل صعيد، ومن أبرزها قرارات إيقاف الدعم العسكري واللوجستي عن الفصائل المسلحة، ثم إغلاق غرفتي الموك والموم بما يعني رفع اليد عن كل دعم، وترك تلك الفصائل لمصير محتوم بدا وكأنه متوقع، وهو سلسلة الهزائم المتتالية التي كانت معارك حلب تاجها، وعودة النظام إلى عديد المناطق التي كانت محررة، وتواصل المسلسل باتفاقات أستانة وما يعرف بمناطق خفض التصعيد التي حاول الحليف التركي منع مزيد التدهور عبر مشاركته فيها، ثم عقد صفقات منفردة في الغوطتين وحمص، وصولاً إلى مصالحات الجنوب، وقضم مختلف مناطق خفض التصعيد بإعادتها إلى النظام، وتهجير آلاف السوريين إلى إدلب والشمال الغربي المحرر .
لم يتوقف نظام الإجرام عن استخدام أنواع من السلاح الكيميائي، فمارسه في اللطامنة وخان شيخون وعديد المناطق السورية تحت سمع وبصر جميع دول العالم، وهو استخدام أثبتته منظمة مراقبة الأسلحة الكيميائية التي جرّمت النظام بكونه المسؤول عن استخدام ذلك السلاح في اللطامنة ضمن تقرير تفصيلي نحاول إضافته إلى ملف جرائم الحرب والإبادة وتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية باعتبارها جرائم لا تموت بالتقادم، ولا بدّ أن ينال العقاب من مارسها واتخذ القرار باستخدامها .
اليوم، في الذكرى السابعة لمجزرة الغوطة يؤكد الشعب السوري تصميمه على الصمود وانتزاع الحقوق، رغم التضحيات ىالباهظة، وأنه سيلاحق المجرمين القتلة لينالوا العقاب الملائم، وبالوقت نفسه فإنه يتجه لقوى الحرية وحقوق الإنسان كي تقف معه في كفاحه لانتزاع الحياة، وحقه في الحرية، وفي اختيار النظام الذي يختاره بديلاً لنظام الجريمة والفئوية.
ستبقى صور أطفال الغوطة محفورة في الذاكرة الشعبية. وحافزاً لمزيد العمل والتوثيق لتقديم المجرمين لمحكمة العدل الدولية.. وستبقى خطوط أوباما الحمراء بعض تشكيلات قوس قزح السياسية التي تستهين بحياة وحقوق الشعوب ..
عقاب يحيى نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري
السؤال المتجدد عند أي حديث عن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية في سورية، أين العدالة الدولية من هذه الجرائم ومن حماية حقوق الإنسان؟
المحكمة الجنائية الدولية هي المرفق الوحيد صاحب الاختصاص في تحقيق العدالة الدولية وملاحقة مجرمي الحرب عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهذه المحكمة مستقلة عن الامم المتحدة ومنظماتها، وتنحصر العلاقة بينهما فقط بحقّ مجلس الأمن إحالة أي حالة إلى المحكمة للنظر بها والتحقيق بها.
أهم المشاكل التي تعيق تحقيق العدالة أمامها هي ما تضمنه نظام روما من إجراء الإحالات إلى المحكمة الجنائية الدولية، فقد حصرت الإحالة بثلاث جهات هي " الدولة الطرف ومجلس الأمن مستنداً الى الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم والمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية ".
المدعي العام هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة الدعوى دون سواه، وهو من يفحص في مدى جدّيتها وتوافرها على أساس واقعي وقانوني، ليباشر التحقيقات ويحرك الدعوى الجنائية الدولية.
ومن القيود القانونية التي تقيّد المدعي العام " طلب الإذن من الدائرة التمهيدية حينما يباشر المدعي العام تحريك الدعوى من تلقاء نفسه، وقد تتوقف الدعوى بموجب قرار من مجلس الأمن ، ويوجد بعض النصوص في نظام المحكمة ترقى لان تكون في حدّ ذاتها رخصة للإفلات من العقاب، بالإضافة لضغوطات الدول الكبرى للتأثير على استقلالية المحكمة بما يتعارض وأهدافها, و إذا ما تجاوزت الدعوى الجنائية الدولية تلك القيود فإنها قد تواجه عقبات ميدانية مثل وضع العقبات امامها عند قيامها بجمع الأدلة، وخاصة ـثناء النزاعات المسلحة، أو في حال رفض الدولة المعنية التعاون مع المحكمة أو عدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن خاصة إذا وجدت من يدعمها وهذا للأسف ما يعانيه السوريين من ضحايا جرائم النظام السوري و الروسي والإيراني في سورية حيث تقوم روسيا والصين بتعطيل عمل مجلس الأمن ومنعه من اتخاذ قرار بإحالة ملف جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية الى المحكمة الجنائية الدولية , بالإضافة إلى أن سورية لم تنضم للدول الموقعة على نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية , كما أن مؤسسات المعارضة تفتقد الاعتراف القانوني الدولي الذي يعطيها شرعية عقد الاتفاقيات الدولية او الإقليمية ومنها التوقيع على نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية .
كل هذه العوائق و الضغوط الدولية مازالت عائقاُ أمام تحقيق العدالة و بوابةً للمجرمين للإفلات من العقاب وتماديهم في طغيانهم و وحشيتهم، شممنا السارين والكلور و الخرذل و قُتِل منا من قُتِلَ ولم نرَ أي أفق لتحقيق العدالة مما يكرِّس فعلاً مفهوم " انتقائية العدالة الدولية " .
يمر على السوريين العام الهجري الجديد كما مر عليهم منذ قرابة العقد، موت وتهجير وتشريد وظلم، وفي أعينهم فتح جديد يعم سوريا بطولها وعرضها بالحرية والكرامة.
يا حبيبي يا رسول الله، ظلموك أهل قريش وفضلت الهجرة على أن تقعد عند الظالمين، يا رسول الله ظلمك قومك كفرا وجهلا وعنتا، وما هاجرت إلا بعد أن أذاقوا المسلمين تعذيبا وقتلا وإذلالا، يا سيدي يا رسول الله.. ونحن كذلك.
يشعر الآلاف من السوريين الذين هجروا من ديارهم ومنازلهم، بالشعور ذاته الذي شعر به رسول الله عندما غادر مكة وقال "مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وأَحبَّكِ إلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ".
يحن السوريين إلى رائحة منازلهم، إلى شكل شوارع أحيائهم، وأصوات الآذان في مناطقهم، يعشقون الأرض التي ولدوا فيها، وما خرجوا منها إلا بعد أن أذاقهم المجرم الأسد الموت والإذلال، وفضلوا حياة التهجير والخيام على أن يكونوا تحت حكم اللئام.
يا سيدي يا رسول الله، قام طاغية الشام بتجويعنا وحصارنا وتعذيبنا وإذلالنا ومن ثم قتلنا وهجرنا، تماما كما فعل طغاة قريش بك في شعب أبي طالب، يا رسول نعلم أنك ما هاجرت خوفا ولا جزعا، ولكنه الظلم والبحث عن العدل ووعد وعدك الله إياه.
يا حبيبي يا رسول الله، بعد ظلمك وقهرك، منّ الله عليك بفتح عظيم، وأعادك الله إلى بيتك كي تقر عينك ولا تحزن، يا رسول الله نحن مشردون مهجرون مظلومون نشكو القريب والبعيد، فيارب أمنن علينا بفتح قريب.
يمكن التمييز بين الجريمة الإرهابية والجريمة السياسية من خلال الضحايا:
- الضحايا في حالة الجريمة الإرهابية غير محددين بذواتهم في أحيان كثيرة مما يساهم في خلق شعور عام بالخطر يؤدي إلى إثارة حالة من الرعب في المجتمع،
- أما في الجريمة السياسية لا يقع ضرر مادي على ناس من المجتمع، كما ينعدم فيها الإحساس بالخطر العام، وليس لها ضحايا لأنها تتعلق غالبا بإبداء رأي مخالف لما هو منصوص عليه في القوانين الداخلية للدول. وعلى هذا الأساس منح القانون الدولي من يرتكب " الجريمة السياسية " ويكون مطاردا من السلطات المحلية حق اللجوء السياسي، بينما حرم هذا الحق على المجرم الإرهابي.
- بالإضافة الى ذلك بأن القانون الدولي لا يعتبر الجريمة الإرهابية، جريمة سياسية بأي حال من الأحوال.
- مفهوم الجريمة السياسية ينطبق فقط على الآراء والأفكار والمعتقدات التي تشكل منهجا فكريا معينا يتفق أو يتعارض مع فكر مجموعة سياسية تتواجد في السلطة، وينطبق أيضا على الأنشطة المحظورة أو الترويج لفكر سياسي محظور، عن طريق الخطابة أو المنشورات أو الملصقات أو أي وسيلة أخرى لا يستخدم فيها العنف أو التحريض عليه وهذه هي فقط التي ينطبق عليها لفظ جرائم سياسية.
وعليه:
- طالما ذهبت المحكمة الى ان الدافع وراء الجريمة هو دافع سياسي , و حزب الله والنظام السوري هما الوحيدين الذين لهما هذا الدافع للتخلص من الرئيس الحريري , وحيث أن التفجير يعتبر جريمة إرهابية لأنه تجاوز مفهوم " الجريمة السياسية " المذكور أعلاه فإن جريمة اغتيال الرئيس الحريري جريمة إرهابية دولية وخطورتها تكمن في تهديد السلم والامن الدوليين , كونها تجاوزت حالة الرعب والهلع في المجتمع اللبناني الى وقوع ضحايا وتدمير منشأت و التسبب بالخراب بواسطة " المواد المتفجرة " التي تعتبر من وسائل تهديد السلم والامن الدوليين .
- وبما أن الجرائم الإرهابية غالبا ما يتوفر فيها تعدد الفاعلين فقد يحصل أن يرتكب الجريمة شخص واحد ولكن بجانبه أشخاص آخرون يُسألون جنائياً عن نفس الجريمة التي لم يشتركوا فيها بالفعل، بل قد تكون وقعت بناءً على إغرائهم وتسهيلهم لإرتكابها ويوصف هؤلاء بالشركاء في الجريمة. فالشخص الداخل في مجموعة هو الذي تصدر عنه افعاله وهو في مجموعة منظمة تنظيماً جنائياً بطريقة أو بأخرى فقد يكون الإجرام تلقائياً، أو عن طريق اتفاق مسبق وهو ما يسمى بإجرام العصابات الاجرامية التي يجري العمل فيها على شكل الفريق المتعاون " منظمات الجريمة المنظّمة " .
- وبما الاغتيال جريمة يقع فيها الاعتـداء بالتخطيط سرا، أو على حين غرة، بحق فرد أو جماعة، لتحقيق أهداف سياسية. فعملية الاغتيال تصدر عن تصميم مسبق، بهدف التخلص من الطرف الآخر، ينفذه نظام مستبد أو مافيات أو رجال عصابات، متجاهلين أن حكم القانون فوق الجميع.
- وحيـث أن جرائم الاغتيال السياسي تعتبر مخالفة واضحة وفاضحة وانتهاك صريح لكافة قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني العرفي والتعاقدية، والقانون الدولي لحقوق الإنسان بكافة مبادئه.
- لذلك كله فإن عملية اغتيال الرئيس الحريري هي جريمة مركبة " إرهابية سياسية " او سياسية إرهابية " بالتالي لا يمكن للمحكمة اغفال دور الدافع السياسي من وراء هذا العمل الإرهابي بل يجب عليها التوسع في البحث فيه والوصول الى الفاعلين والشركاء والمتدخلين في هذه الجريمة إنطلاقاً من القرائن القضائية المتوفرة في ملف الدعوى وهي:
1- قرينة ارتباط المحكوم عليه سليم عياش بحزب الله ارتباطاً تنظيميا وعسكرياً.
2- قرينة ثبوت الدافع السياسي للتخلص من الرئيس رفيق الحريري لدى كل من حزب الله والنظام السوري على اعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية.
3- قرينة كمية المتفجرات الكبيرة ونوعها المستخدمة في عملية الاغتيال التي لا يمكن لشخص واحد تأمينها.
4- قرينة استحالة تنفيذ عملية الاغتيال دون وجود نظام مراقبة لتحركات موكب الرئيس الحريري الذي يتطلب وجود أكثر من شخص وإمكانيات لوجستية تفوق قدرة الشخص العادي وخصوصاً مراقبة منظومة الاتصالات وحركة المرور.
5- قرينة التهديدات السابقة لعملية الاغتيال الثابتة والصادرة عن النظام السوري وحزب الله للرئيس رفيق الحريري.
6- قرينة عمليات التحريض السياسي والإعلامي ضد الرئيس الحريري من قبل حزب الله وحلفائه والنظام السوري التي سبق عملية الاغتيال.
7- قرينة إخفاء وعدم تسليم المتهمين للمحكمة من قبل حزب الله والنظام السوري.
- وحيث أن القرائن لا يمكن أن تكذب مثلما يكذب الشهود , إذ أن كثيراً ما تكون القرائن في الواقع اصدق دليل من الشهود باعتبارها وقائع صامتة لا تعرف الكذب , لذا فإن اغفال المحكمة البحث في الدوافع السياسية لحزب الله والنظام السوري ومدى علاقتها في عملية الاغتيال ومدى مشاركتهما في تنفيذها يعتبر خطأ مهني جسيم منافي لروح القانون ومقتضيات العدالة لاسيما انها اكدت وجود هذه الدوافع لديهما الامر الذي يوجب عليها إعمال القرائن المذكورة في ادانتهما لاسيما انها تستند الى أصل ثابت في الدعوى وهو العلاقة التنظيمية والعسكرية للمحكوم عليه سليم عياش والتهديدات المسبقة ضد الرئيس الحريري من قبل بشار الأسد وقيادات حزب الله.
مبادرة جديدة طرحها عدد من الشخصيات السورية باسم " مبادرة سورية الحياة " تقوم على فكرة الدولة السورية الاتحادية المؤلفة من سبع أقاليم محلية تتمتع بالحكم الذاتي وترتبط بسورية الام برابطة الفيدرالية الاتحادية وفق نظام المجلسين " شيوخ و برلمان " وحكومات محلية، وكان لنا وجهة نظر بهذه المبادرة وهي:
أن مفهوم النظام الفيدرالي في الثقافة السورية مفهوم مستورد وحديث تقوم على ترويجه طائفة من السوريين على خلفية " عرقية وطائفية " تشكل أقليات في تركيبة المجتمع السوري، بناء على هواجس لا مبرر لها وهي " هاجس الحفاظ على الهوية القومية والعرقية وهاجس الخوف من الأكثرية العربية السنية " يؤدي لازدواج الهوية وتعددها مما يثير مخاوف التقسيم أكثر منه وسيلة لتنظيم شكل النظام السياسي وتحقيق التوازن بين الحكومة الفيدرالية والأقاليم.
ولم تلق فكرة تشكيل الأقاليم في سورية الاهتمام الكافي في مدركات الفعاليات السياسية في سورية سواء على مستوى المعارضة والثورة او على مستوى النظام والموالاة، ولم تفكر فيها هذه الفعاليات بشكل جاد كإحدى الحلول المقترحة لإنهاء المشكلات السياسية في سورية وذلك بسبب طبيعة الظروف غير المستقرة التي تسود البلد والمتمثلة بغياب الرؤية الموحدة أو المتفق عليها للنظام السياسي الاصلح لسورية في المستقبل.
إن طبيعة ومعالم النظام الفيدرالي المناسب للتطبيق في سورية غامضة وغير واضحة للأغلبية العظمى من السوريين، وذلك بسبب حساسية الوضع السياسي وتعقيدات العملية السياسية التي مازالت تعاني من أزمات متتالية بسبب التدخل الدولي و التجاذبات المصلحية للدول الأجنبية التي تدخلت في الشأن السوري، وأجواء عدم الثقة السائدة بين مكونات الشعب السوري بسبب تعدد الولاءات و الارتباطات الخارجية ووجود مراكز قوى عسكرية اجنبية يتم الاستقواء بها لفرض سلطات أمر واقع على الشعب السوري ، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة عن شكل النظام الفيدرالي الصالح للتطبيق في سورية وفيما إذا كان يستند إلى أساس قومي أو طائفي أو جغرافي أو إداري.
غياب العوامل اللازمة لنجاح النظام الفيدرالي في سورية فغياب الاستقرار الأمني والسياسي، ووجود نزاعات وصراعات طائفية وعرقية ومذهبية، وسيادة عقلية الانتقام والثأر بين الأطراف المتصارعة وغياب أسس ومرافق العدالة الانتقالية، وعدم وجود رؤية واضحة ومحكمة لكيفية إدارة الأقاليم المقترحة، وطريقة توزيع الصلاحيات فيما بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، كل ذلك يجعل مجرد التفكير في إقامة النظام الفيدرالي الذهاب الى المجهول.
إن الظروف الإقليمية والدولية التي تحيط بسورية جعلت منها ساحة لتصفية الحسابات ما بين الدول المتنازعة والمتصارعة فيما بينها بسبب اختلاف المصالح والإيديولوجيات، ولا يخفى على أحد حجم التدخلات في الشؤون الداخلية السورية التي تقوم بها كل من روسيا و إيران والسعودية وقطر ومصر والامارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية وتركيا , فضلا عن حجم التأثير الروسي والإيراني في مجريات القرار السياسي السوري ، والدور المركّز للولايات المتحدة وفرنسا و بريطانيا وألمانيا في دعم الفصائل الانفصالية في شمال شرق سورية ,الامر ينعكس على المصالح الدولية في سورية فيما بين هذه الدول بشكل خطير على مقومات الوحدة الوطنية السورية ، لأنه قد يقود إلى هيمنة كل دولة من هذه الدول على الإقليم الذي يتقارب معها في المصالح وبذلك تتهدد وحدة سورية .
النظام السياسي في المرحة الانتقالية سيكون نظاماً ناشئاً ضعيفاً لا يملك مؤسسات فعّالة تُمكِّنه من بسط سلطته على كل الأقاليم المحتملة التشكيل، في ظلّ النزعات الانفصالية لدى بعض الأطراف السورية خصوصا بعضاً من "الكرد والعلويين" , الامر الذي يخلق صعوبة في تطبيق الفيدرالية بصورة تضمن تحقيق التوازن في الصلاحيات والسلطات بين الحكومة المركزية والأقاليم , وما سيحدث هو تطبيق فيدرالية هشة وضعيفة لا تمتلك فيها الحكومة الاتحادية مقومات الدولة خاصة الدفاع والخارجية والمالية والأمن.
يحرِّك القومية إرادة غير فعَّالة تسعى إلى تبسيط الأشياء وبمجرد أن تغرس القضايا القومية جذورها، نادرًا ما يجري التخلي عنها، مما سيولّد حركات قومية تنحو الى العنف والتطرف في " حماية " الحقوق القومية على غرار " الطاشناق " الأرمني. ونمور التاميل. و الفينيان الايرلندية , وايتا الباسكية , ان تطبيق الفيدرالية على أساس الأقاليم سيثير نزاعات حول قضايا ترسيم حدود هذه الأقاليم , وتوزيع الثروات الوطنية و سيثير نزاعات قانونية في عدة ملفات حساسة منها " ملف مكتومي القيد و ملف الجنسية والمجنسين والمجرّدين منها وملف اكراد الشتات المُزمع توطينهم في منطقة شمال شرق سورية , وملف أراضي الغمر في منطقة الفرات و شرقه وملف أراضي الإصلاح الزراعي وملف المهجّرين قسرياً واللاجئين , وملف التغيير الديموغرافي الذي انتهجه النظام السوري و الميليشيات الإيرانية والفصائل الانفصالية في الشمال وملف مليكة الأراضي الحدودية و ترسيم الحدود مع الدول المجاورة , وملف العلاقات بين الأقاليم والدول المجاورة او المنظمات الدولية وغيرها من القضايا الشائكة التي لا يمكن التهرب من استحقاقها في حال التوجه نحو النظام الفيدرالي.
إن تشكيل الأقاليم يتطلب تأسيس مجالس تشريعية وحكومات محلية ووزارات وممثليات في الخارج ومؤسسات وأجهزة أمنية خاصة بكل إقليم وهذا يستوجب زيادة في حجم الإنفاق المالي بشكل كبير، مما يؤدي إلى إنهاك الميزانية العامة للدولة في ظل انهيار كامل في بنى الدولة السورية " الدستورية والقضائية والتشريعية والقضائية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية " مما يعيق عملية إعادة الاعمار وتنفيذ خطط التنمية الكفيلة بالخروج من اقتصاد الحرب وترميم ما يمكن ترميمه من الاثار التي خلّفتها الحرب.
إن افضل المقاربات للنهوض بسورية بعد اسقاط هذا النظام الاستبدادي المجرم هو تداعي الجميع لاقتلاع جذوره من مؤسسات الدولة و تطهير العقل والتفكير السوري من مخلفاته البغيضة التي كرّسها في عقول السوريين بالحديد والنار وهذا يقتضي بناء النظام السياسي الجديد على التجميع لان الجماعة هي الرافعة الوحيدة التي يمكنها نقل الشعب السوري من حالة الدمار والتفكك الى حالة الاعمار والوحدة , و إن أي مقاربة تقوم على التفكيك ستزيد من أعباء هذا الشعب الامر الذي يحول دون قدرته على الخروج من الوضع الكارثي الذي يعيشه و يؤدي لاستمرار حالة الضياع والتشتت والتشرذم التي سيدخل من خلالها الأجنبي لتمزيق البلاد و تشتيت الشعب السوري الى كيانات صغيرة متصارعة متناحرة مصيرها جميعا الفناء .
الأصل في العلاقة بين مكونات أي شعب هي الثقة المتبادلة والأمان المتبادل والمشاركة في الحياة العامة، وهي مقومات التدافع التنافسي الذي ينتج شعباً حراً كريماً موحداً متكافلاً متضامناً وهي عماد بناء الدول القوية المستقرة المستقلة. وإن البناء على " الخوف " وعدم الاطمئنان وغياب الثقة يؤدي الى الانزواء والتطرّف الذي يدفع الى تغليب المصلحة الشخصية او الطائفية او القومية او المذهبية على المصلحة الوطنية، ويولِّد عند الضعيف الدافع للبحث عن القوة التي يظن فيها انها تكفل أمنه وحماية مصلحته مما يفتح الباب على الاستعانة بالخارج او بناء تحالفات طائفية او قومية او مذهبية تؤدي الى الصراع الصفري صراع الوجود مما ينسف فكرة وجود الدولة من أصله , ولنا في لبنان والعراق والسودان عبرة.
عند الحديث بالشأن العام أو بقضية عامة لابد من التفنيد الموضوعي والرد، فالقضية مصير وطن ومستقبل أجيال، فقد خرج السوريون بثورة شعبية من أجل الحرية والكرامة وليس بحرب أهلية طائفية، ورغم كل ما حصل من تجاذبات وانقسامات على مدى عشر سنوات إلا أن الحل الوحيد لإنقاذ سورية وشعبها يكمن في تغيير النظام القمعي الاستبدادي الديكتاتوري نظام بشار الإرهابي، وليس باتحادية وفدرالية وكنتونات محلية لا ترقى لشكل الدولة بحال من الأحوال.
"مبادرة سوريا الحياة" تركز وتركز في صفحتها الثانية على تنوع الشعب السوري وتعدديته ومذهبيته وقومياته (وكأنها تريد القول شعوبا وليس شعبا واحدا) فالتنوع موجود قبل الثورة فما الجديد..
لما اختيار مصطلحات تشظي الشعب ولا تجمعه وتلملم جراحه (المجتمعات المحلية بدل مجتمع واحد) ثم تتحدث المبادرة عن وحدة سورية.. أي تناقض هذا، ثم العودة في ص3 الى التركيز على المذهبية والطائفية والتعددية والقوميات كل ذلك بعيدا عن الوطنية السورية الواحدة، لما الإصرار على ترسيخ الطائفية نعم لأن التمهيد واضح للفدرلة والحكم الذاتي والاتحادية بل التقسيم المنشود من البعض الواهم.
كلام يناقض بعضه بعضا إذ تتحدث المبادرة عن وحدة سورية أرضا وشعبا وفي ذات الموقع من الكلام تمهد للفدرلة والتشرذم تحت غطاء احترام الطائفية والمذهبية والقومية، وفي ص4 تتحدث المبادرة عن التشرذم الجغرافي والمجتمعي دون ذكر للحرب الشعواء التي شنها ويشنها نظام بشار الإرهابي على الشعب السوري ولم تنته حتى الآن،
وتمهد المبادرة بكل كلمة للتقسيم والفدرلة ثم تتحدث عن وحدة سورية لكن حال المبادرة غير ذلك عندما تتجاهل أنه بسقوط نظام بشار الإرهابي ستعود سورية للحياة والنبض من جديد رويدا رويدا فالسوريين لديهم من الأصالة والحب لأرضهم ما يكفي للملمت الجراح والعيش المشترك.
تركز المبادرة على الأطر التمثيلية المكانية في كل موضع في المبادرة خجلا من ذكر الحكم الذاتي .. صراحة، وتساوي المبادرة بين نظام بشار الإرهابي وقوى الثورة وتتجاهل أن التشرذم العسكري مؤقت سيزول بزوال نظام بشار وحلول النظام المدني الديمقراطي مكانه.
تتحدث المبادرة عن القضاء وتتجاهل أنها حالة مؤقتة لا يمكن قبولها من الشعب السوري وستزول بزوال نظام بشار الإرهابي وإعادة هيكلة وإصلاح السلطة القضائية وصولا لقضاء مستقل حيادي نزيه، كما تتحدث عن وجود إدارات مختلفة لكل منطقة وتتجاهل أيضا أنها حالة مؤقتة فرضها الواقع حتى تحقيق الانتقال السياسي للسلطة من نظام بشار الإرهابي إلى نظام مدني ديمقراطي.
ص5 كلام ومصطلحات منمقة عميقة ولغة وجمل إنشائية تظهر وتستشرف منها الهدف المنشود من المبادرة في الفدرلة والتقسيم المحلي، وفي ص6 يا سادة (كلمة تجمع وكلمة تفرق)، تتحدث المبادرة عن فصل الدين عن الدولة وتترك ما يجمع السوريين من خلال تجاهلها للأفضل حتى في الصياغة
فالدولة المدنية الديمقراطية و عدم تأسس هذه الدولة بمزج الدين بالسياسة، لا تعني محاربة الدين و وقوفها ضد الدين أو رفضه، فبالرغم من أنّ الدين يبقى عاملاً مهماً فيها في خلق الطاقة للتقدم والإنجاز والعمل، وتعتبره يساهم في بناء الطاقة، إلا أنّها ترفض استخدامه لتحقيق الأهداف السياسية، فإن استخدام أفضل التعابير والصياغات مهم جدا في لم شمل السوريين ومنع تشظيهم.
في ص7 تنادي المبادرة بتطبيق النظام الاتحادي اللامركزي الفدرالي وبذات المبادرة مناداة وشعارات للحفاظ على وحدة سورية أرضا وشعبا، وتقسم المبادرة سورية بحجة الواقعية كالعادة إلى أقاليم شرقية وغربية وجنوبية وساحلية وبادية ودمشق الكبرى بل إلى حارات ومداخل ومخارج
ص8 ص9 ثم تتجاهل المبادرة عمدا أن سورية جزء من الوطن العربي وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ثم تتحدث المبادرة عن الوحدة والتعايش السلمي وهي تطمس تاريخ السوريين لغايات فئوية ضيقة دون مراعاة لمكونات لها من الحضور والتكوين في الشعب السوري ما لها من حقوق .
هكذا يؤجج الحقد والكراهية والفرقة الطائفية أي خطاب هذا أي وطنية سورية هذه..إنها الطائفية المذهبية إنها خطاب الكراهية.
ثم تتحدث المبادرة عن رؤيتها لهيئة الحكم الانتقالية والمرحلة الانتقالية وأية هيئة رسمتها المبادرة وأية مرحلة انتقالية إنها النكثة الحقيقة لسورية إنها قتل حلم السوريين في وطن واحد إنها الشعوب والقبائل والطوائف تتحدث المبادرة عن شيء آخر تماما بعيدا عما ذكره بيان جنيف1 والنقاط الست بعيدا حتى عن القرار 2254 إنها تتحدث وتفصل وفق أحلامها بعيدا عن السوريين ورغباتهم إنها تجاوزت السوريين واستبقت صياغتهم لعقدهم الاجتماعي فاختارت وفرضت نظام حكم فدرالي وبرلمانا من غرفتين واحدة للأقاليم وأخرى للجميع حسب زعم المبادرة كل شيء مقسم كل شيء مشرذم في هذه المبادرة لا شيء يجمع لا شيء
يا سادة.. يا سادة الكل يدرك الكل يعلم أن نجاة السوريين وإنهاء معاناتهم كل شيء سينتهي بسقوط نظام الاستبداد والفساد والقمع الأمني نظام بشار الإرهابي والانتقال لنظام مدني ديمقراطي فلا تستعجلوا وتقسموا سورية الحبيبة سورية الوطن الغالي سورية الثورة ثورة الحرية والكرامة وليست ثورة الطائفية والمذهبية المقيتة.
حشودات النظام على "جبل الزاوية" ليست جديدة وهي مستمرة منذ أشهر عديدة، منها استقر في المنطقة ومنها توجه للمنطقة الشرقية ثم عاد، ولكن التصريحات التصعيدية الروسية واختلاق الحجج والتبريرات لمواصلة القصف والتمهيد لشن عمل عسكري بات واضحاً عبر إعلامها، وقد يكون ذلك من باب الضغط لا أكثر، وقد يكون تمهيداً لعمل عسكري جديد في جبل الزاوية وسهل الغاب ....
بالمقابل، الفصائل العسكرية والقوات التركية، عملت منذ أشهر على تعزيز قواتها العسكرية ومواقعها وتحصيناتها في جبل الزاوية بشكل كبير، وكان هذا واضحاً، وهي تتأهب لمواجهة أي تقدم، وقد صدت الفصائل العديد من الهجمات المحدودة ...
المواجهة في "جبل الزاوية" لن تكون سهلة أبداً للطرفين، وربما تكون في صالح فصائل الثوار في حال بدأت، وبالتالي علينا الإعداد جيداً لهذه الحملة التي ستكون مصيرية بالتأكيد لمنطقة جبل الزاوية وسهل الغاب، والتجهيز "إعلامياً وصحياً وشعبياً" لخوض غمار مواجهة محتملة وليست أكيدة، لنكون على أهبة الاستعداد، بدل اللطم والنواح عبر مواقع التواصل التي بدأت أشعر أن بعض النشطاء بدئوا يتباكون وينشرون الوهن دون شعور حولهم وعبر حساباتهم ...
معركتنا مع النظام وحلفائه لم تنته ومستمرة منذ سنوات، وعلينا المقاومة والصمود نفسياً وإعلامياً وعسكرياً حتى آخر شبر في المحرر، فلربما يكتب الله لنا النصر بعد كل هذا العذاب وتنقلب الموازين، فكما نحسب حساباً لعدونا ونرهبه، هو أيضاَ يحسب الحسابات ويخاف المواجهة المباشرة، وما علينا إلا مواجهة الحرب بالحرب "نفسياً وإعلامياً" في هذه المرحلة، لتعزيز قوة العسكر وصمود المدنيين خلال المرة القادمة.
"جبل الزاوية" له رمزية كبيرة في تاريخ الحراك الشعبي السوري، وله موقع استراتيجي، لإشرافه على الطرق الدولية "أم 4 و أم 5"، علاوة عن إشرافه على سهل الغاب، ورصده مناطق شمال إدلب كاملة من قمتي "النبي أيوب والأربعين"، وبالتالي لم تفتأ روسيا في مساعيها لامتلاك هذه المنطقة، وهذا مايدفعنا أيضاَ للدفاع عنها.
طيلة سنوات الثورة الأولى، كان "جبل الزاوية" مصدر رعب وقلق للنظام وحلفائه، وكان لطبيعته الجبلية عامل أساس في ضرب النظام والتحرر من قواته مبكراً، ومركزاً لانطلاق العمليات العسكرية على المدن وتحريرها، والمحافظة على هذه البقعة الجغرافية يعني امتلاك العودة وبداية التحرير للمناطق الأخرى بإذن الله، فصبراً وليكن شعارنا الصمود والمواجهة، ولنتجنب الانهيار والانهزام قبل انطلاق المعركة، وهذا سر النصر.
يطل "عيد الأضحى المبارك" على السوريين لمرة جديدة، وسط تزايد مأساتهم ومضاعفتها في مناطق النزوح والهجرة بعيداً عن الديار والأرض التي عشقوها، والموت لايزال يلاحقهم بصواريخ حقد الأسد وحلفائه، والوضع المعيشي يقض مضاجعهم وسط أوضاع إنسانية أكبر من كارثية.
استقبل السوريون عيد الأضحى العاشر مثقلاً بالعقبات والصعوبات التي اعتادت أنَّ ترافق الشعب السوري طيلة السنوات الماضية، إلا أنها تعاظمت مؤخراً لما حمله من حرمان في مناطق النزوح يُضاف لما يعانيه بطبيعة الحال، نتيجةً للحملات العسكرية الوحشية والجرائم التي قادتها ميليشيات النظام وحلفائها.
ومع زيارة العيد تجددت ذكريات النازحين التي باتت حبيسة الخيال المفعم بالألم لمشاهد منازلهم المدمرة عبر الصور ومواقع التواصل إن وجدت عقب نزوحهم بفعل العمليات العسكرية لتكون المناسبة بدلاً من البهجة والسرور موعداً للقهر واستذكار الهموم والأحزان التي تحولت إلى جزء لا يتجزأ من حياة الشعب السوري.
ويغيب الفرح كما بهجة العيد عن الشعب السوري في عيد الأضحى المبارك حاله كحال كل الأعياد التي سبقته، مع وجود ملايين المهجرين عن مدنهم وقراهم ممن باتوا يكابدون المتاعب وضنك العيش في ظلِّ ظروف معيشية وإنسانية صعبة جعلت من المناسبة التي من المفترض أنها موعداً للفرح إلى المزيد من القهر والحسرة في ظلِّ فراق طويل عن الديار فضلاً عن تشتت الأهل والأقارب وضياع أبسط حقوقهم في جمعة العيد وتبادل التهاني والتبريكات بين الأحباب والأصدقاء.
مزقت حرب النظام المجرم الروابط الاجتماعية والأسرية نتيجةً للجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري حيث قتل وجرح وهجر واعتقل الملايين، وكل تلك الممارسات نتج عنها مما يباعد بين أفراد الأسرة الواحدة التي تعاني آلام وأوجاع فراق ذويها مما يضاعف من تبعات الحرب الشاملة التي شنها النظام مستدعياً عشرات الميليشيات لقتل وتهجير الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة.
وليست مرارة النزوح والفراق التي يتجرعها مئات الآلاف في أيام عيد الأضحى المبارك بل الأزمات الاقتصادية وأسعار السلع الأساسية والأضاحي زادت من المعاناة حيث حَرمت معظم سكان المناطق المحررة من تجهيزات العيد كما عجز الأهالي عن شراء ما يلزم لهم ولأطفالهم، الأمر الذي كان يعوضهم جزاءً من الفرح والسعادة الغائبة بشراء حلوى العيد وثياب جديدة بات حلماً بعيد المنال.
وفي ظلِّ ما يكابده الشعب السوري من ويلات ولوعات الحرب وتبعاتها لا يزول أمله بعودة كريمة للديار تنهي حقبة طويلة من الأوجاع مع زوال النظام المجرم والميليشيات المحتلة وذلك في يقينه التام لانتصار الثورة السوريّة وأنّ مصير المحتلين المحتم وهو اندحارهم من البلاد وتحقيق ما يتطلع إليه الشعب وإن طال الزمن فليس للمحتل مكاناً في وطن الأحرار والحرائر ولا موطئ له على ثرى روته دماء الشهداء والجرحى، وشهد على عذابات المشردين وصرخات المعتقلين.
لمرة جديدة يثير القائد العام لفرقة سليمان شاه التابعة للجيش الوطني السوري "محمد الجاسم" المعروف باسم "أبو عمشة"، الجدل في الأوساط الثورية، بعد فيديو نشر مؤخراً لتخريج دورة تدريبة من عناصر الفرقة قبل يومين.
وتضمن الفيديو الذي لاقى انتشاراً واسعاً في غرف التواصل الاجتماعي وعلى حسابات النشطاء، تخريج دورية عسكرية لمقاتلين من الفرقة، إلا أن كمية التمجيد التي حملتها فعاليات التخريج للقائد العام للفرقة "أبو عمشة" كانت مثار جدل واسع، لما تتضمن من تعظيم وتمجيد لهذه الشخصية المثيرة للجدل.
و "محمد الجاسم" المعروف "أبو عمشة"، وهو قيادي بارز في الجيش الوطني، يتمتع بسلطة واسعة في مناطق عفرين، وكان أحد المشاركين مع لوائه في تحريرها، لمع اسمه بشكل واسع خلال العامين الماضيين، وكان موضع جدل كبير في تصرفاته وطريقة إدارته لفصيله، وتمجيده المستمر من قبل عناصره والقيادات التابعة له.
"الولاء لله والوطن والقائد محمد الجاسم أبو عمشة" عبارة كانت الفصل في خطاب مقدم فعالية تخريج الدورة التدريبية، والتي أثارت موجة ردود فعل كبيرة تراوحت بين السخرية والاستنكار، لما حملته من تعظيم وتمجيد لشخص قائد الفصيل، ضمن سلسلة كبيرة من الفعاليات التي تمجد بـ "أبو عمشة".
وسبق لذات الشخصية القيادية أن أثارت ردود فعل كبيرة، لمرات عديدة، مع نزعته الواضحة وحبه للتمجيد والمديح، تارة من شعراء بلهجاتهم البدوية، أو مطربين عبر أغان وأناشيد تتضمن اسم القائد "أبو عمشة" وتمجد فيه.
وسبق أن ظهر القيادي "أبو عمشة" بمقطع فيديو خلال معايدته عناصر الفرقة بإحدى المناسبات، وتظهر السيارات الفارهة التي يركبها وترافقه، وطبيعة العلاقة بينه وبين عناصره القائمة على الطاعة التامة، والخضوع للقائد، لتحوله لشخصية موضع جدل واستغراب.
بطولات "أبو عمشة" باتت عبر مواقع التواصل وفي تصريحاته المثيرة للجدل، وتصرفاته وحركاته واجتماعاته، في وقت يطالب نشطاء من القيادي بالنزول للجبهات في ريف إدلب، أو حتى بريف حلب وعفرين، وابراز عضلاته والقيام بعمل عسكري يحرر فيها الأرض بدلاً من التماهي في التمجيد والتهليل للقائد الذي لايشق له غبار، وتكريس كل الإمكانيات لمديح نفسه ....
كيف لنظام قمعي قاتل قصف المدنيين بالكيماوي والعنقودي والارتجاجي أن يؤتمن على إيصال الغذاء والدواء والخدمات لهم، وهل تحول الملف الإنساني الى ملف مفاوضات سياسية بعيدا عن الشرعية القانونية والأخلاقية وترفع الأيادي المخضبة بدماء السوريين لمنع الغذاء والدواء عن المدنيين من السوريين لتقتلهم تلك الأيادي ليس بالكيماوي والصواريخ والمدفعية هذه المرة جوعا وقهرا ومرضا.
بعيدا عن عدم قانونية تصويت روسيا في مجلس الأمن في أية قضية سورية وبعيدا عن أية حلول لتجاوز الفيتو المشؤوم اللاقانوني، فهل يجوز أساسا التصويت على مسألة إنسانية وانتهاك كافة القوانين والاتفاقيات الدولية التي تمنع حصار المدنيين وتجويعهم لتركيعهم، إذاً المسألة يا سادة أساسها خرق وانتهاك للقانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان وعرضها للتصويت بمزاد رخيص.
وهل بات المدنيون المهجرون قسرا والنازحون يشكلون تهديدا للسلم والأمن الدوليين ولابد من حصارهم. ياسادة حتى في هذه الحالة لا يجوز قانونا منع الغذاء والدواء عنهم أبداً.
وإذا جار الحصار على توفير الاحتياجات الحياتية الأساسية للسكان المدنيين عد جريمة في فقه القانون الدولي الإنساني الذي حظر تجويع وحرمان السكان من الحصول على الإمدادات الضرورية لحياتهم، والحق في تلقي المساعدات الإنسانية ومرور البضائع الطبية الخاصة بالمنشآت، والمواد الغذائية والملابس، والمقومات الضرورية الموجهة للأطفال والنساء الحوامل.
نصت المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (لا يجوز بأي حال حرمان أي شعب من أسباب عيشته الخاصة)... أليس الفيتو الروسي الصيني عقوبة جماعية لمنع مرور البضائع ويحظرها القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة 1949 الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب.
وتؤكد المادة 33 منها على منع اتخاذ تدابير اقتصادية ضد الأشخاص المدنيين وممتلكاتهم، أنما المادتان 55 و56 من اتفاقية جنيف الرابعة تؤكدان على ضمان تدفق الإمدادات الغذائية والدوائية والطبية والخدمية.
إن موضوع التصويت في مجلس الأمن على مسائل الغذاء والدواء والخدمات للمدنيين انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي وللقواعد الآمرة في القانون الدولي العام ويرقى لجريمة ضد الإنسانية.
إن الفيتو الروسي الصيني بل التصويت على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية للمدنيين ومنع وصولها وتدفقها لهم في مخيمات الموت والجوع والحرمان غير قانوني من منظور القانون الدولي، وانتهاك صارخ للوثائق الدولية ذات القيمة القانونية والعرفية الملزمة لجميع الدول، ومن أهمها ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، واتفاقيات جنيف 1949، وخاصة الرابعة منها، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف.
على دول العالم المتحضر عدم التماهي مع الفيتو الروسي الصيني القاتل الفاضح لسياسات بات معلوم للجميع غاياتها وأهدافها اللاإنسانية بل المعادية للسلام والعيش الكريم وعلى مؤسسات تلك الدول الإنسانية وكذلك مؤسسات هيئة الأمم المتحدة عدم الركون لمنع وصول وتدفق المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وخدمات واحتياجات أساسية للمدنيين واتخاذ إجراءات تكفل وصولها وتدفقها بشكل مستمر عبر المعابر الانسانية وخاصة معبري باب الهوى وباب السلام تنفيذاً للقانون الإنساني الدولي والمواثيق الدولية ذات الصلة ومنع حدوث كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من أربعة ملايين إنسان سوري وخاصة في الشمال السوري المحاصر.
كيف لنظام قمعي قاتل قصف المدنيين بالكيماوي والعنقودي والارتجاجي أن يؤتمن على إيصال الغذاء والدواء والخدمات لهم، وهل تحول الملف الإنساني الى ملف مفاوضات سياسية بعيدا عن الشرعية القانونية والأخلاقية وترفع الأيادي المخضبة بدماء السوريين لمنع الغذاء والدواء عن المدنيين من السوريين لتقتلهم تلك الأيادي ليس بالكيماوي والصواريخ والمدفعية هذه المرة جوعا وقهرا ومرضا.
بعيدا عن عدم قانونية تصويت روسيا في مجلس الأمن في أية قضية سورية وبعيدا عن أية حلول لتجاوز الفيتو المشؤوم اللاقانوني، فهل يجوز أساسا التصويت على مسألة إنسانية وانتهاك كافة القوانين والاتفاقيات الدولية التي تمنع حصار المدنيين وتجويعهم لتركيعهم، إذاً المسألة يا سادة أساسها خرق وانتهاك للقانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان وعرضها للتصويت بمزاد رخيص.
وهل بات المدنيون المهجرون قسرا والنازحون يشكلون تهديدا للسلم والأمن الدوليين ولابد من حصارهم. ياسادة حتى في هذه الحالة لا يجوز قانونا منع الغذاء والدواء عنهم أبداً.
وإذا جار الحصار على توفير الاحتياجات الحياتية الأساسية للسكان المدنيين عد جريمة في فقه القانون الدولي الإنساني الذي حظر تجويع وحرمان السكان من الحصول على الإمدادات الضرورية لحياتهم، والحق في تلقي المساعدات الإنسانية ومرور البضائع الطبية الخاصة بالمنشآت، والمواد الغذائية والملابس، والمقومات الضرورية الموجهة للأطفال والنساء الحوامل.
نصت المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (لا يجوز بأي حال حرمان أي شعب من أسباب عيشته الخاصة)... أليس الفيتو الروسي الصيني عقوبة جماعية لمنع مرور البضائع ويحظرها القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة 1949 الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب.
وتؤكد المادة 33 منها على منع اتخاذ تدابير اقتصادية ضد الأشخاص المدنيين وممتلكاتهم، أنما المادتان 55 و56 من اتفاقية جنيف الرابعة تؤكدان على ضمان تدفق الإمدادات الغذائية والدوائية والطبية والخدمية.
إن موضوع التصويت في مجلس الأمن على مسائل الغذاء والدواء والخدمات للمدنيين انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي وللقواعد الآمرة في القانون الدولي العام ويرقى لجريمة ضد الإنسانية.
إن الفيتو الروسي الصيني بل التصويت على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية للمدنيين ومنع وصولها وتدفقها لهم في مخيمات الموت والجوع والحرمان غير قانوني من منظور القانون الدولي، وانتهاك صارخ للوثائق الدولية ذات القيمة القانونية والعرفية الملزمة لجميع الدول، ومن أهمها ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، واتفاقيات جنيف 1949، وخاصة الرابعة منها، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف.
على دول العالم المتحضر عدم التماهي مع الفيتو الروسي الصيني القاتل الفاضح لسياسات بات معلوم للجميع غاياتها وأهدافها اللاإنسانية بل المعادية للسلام والعيش الكريم وعلى مؤسسات تلك الدول الإنسانية وكذلك مؤسسات هيئة الأمم المتحدة عدم الركون لمنع وصول وتدفق المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وخدمات واحتياجات أساسية للمدنيين واتخاذ إجراءات تكفل وصولها وتدفقها بشكل مستمر عبر المعابر الانسانية وخاصة معبري باب الهوى وباب السلام تنفيذاً للقانون الإنساني الدولي والمواثيق الدولية ذات الصلة ومنع حدوث كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من أربعة ملايين إنسان سوري وخاصة في الشمال السوري المحاصر.