هل تورطت أمريكا بفرض عقوبات على "أبو عمشة وسيف بولاد" ..!؟
هل تورطت أمريكا بفرض عقوبات على "أبو عمشة وسيف بولاد" ..!؟
● مقالات رأي ٢٠ أغسطس ٢٠٢٣

هل تورطت أمريكا بفرض عقوبات على "أبو عمشة وسيف بولاد" ..!؟

لعل المتتبع لتصريحات وردود الفعل من فصائل الجيش الوطني السوري، "فرقة الحمزة والسلطان سليمان شاه"، حيال العقوبات الأمريكية التي طالتهم، يكشف حجم اللامبالاة وضعف الوعي السياسي لدى المكونين، وكأن واشنطن تورطت أو تسرعت في اتخاذ هذا الأجراء وعليها التراجع، غير مكترثين بعواقب هذا القرار ليس عليهم كمكونين عسكريين فحسب، بل على عموم "الجيش الوطني السوري".

سلسلة من التصريحات والمواقف التي خرج بها "أبو عمشة وسيف بولاد" اللذان طالتهما عقوبات واشنطن، بسبب الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها فصائلهم في عفرين وشمالي حلب، رغم أن تحذيرات عديدة وجهها نشطاء وجهات حقوقية لجميع مكونات "الجيش الوطني" سابقاً، للحد من الفظائع التي يتم ارتكابها بحق السكان، ليس المكون الكردي فقط، بل جميع المكونات في مناطق سيطرتهم، دون أذن صاغية.

ويظهر في ردود قائدي الفصليين، حجم الجهل السياسي في أبعاد العقوبات المفروضة عليهم، مستعينين بمواقف بعض الفعاليات الغير مؤثرة شعبياً على الأرض، والتي يتم شرائها وفق الولاء والمال، وسلسلة من الحسابات الوهمية التي تبدي نصرتهم والوقوف معهم على مواقع التواصل وتعجب بتصريحاتهم وتشاركها، رغم أن الحليف الأبرز لهم والممثل بالجانب التركي لم يصدر عنه أي تصريح في هذا الشأن.

فـ "أبو عمشة" قائد "فرقة السلطان سليمان شاه"، سارع للتغريد على حسابه على موقع "إكس"، أظهر في حديثه عدم المبالاة، في رد مستغرب من قيادة تشكيل عسكري، معتبراً أن "القوة المشتركة" المؤلفة من "فرقة السلطان سليمان شاه" التي يقودها و"فرقة الحمزة قوات الخاصة" بقيادة "سيف بولاد" الملقب بـ"أبو بكر"، "لا تعير أي اهتمام للعقوبات التي فرضتها الخزانة الأميركية".

وفي انفصام عن الواقع، اعتبر "أبو عمشة" أن تلك العقوبات لن تؤثر بزعم أنههم لايمكلون أي شركة خارج سوريا، معتبرا أن الهدف من هذه العقوبات "سياسي بحت"، في وقت هاجم "أبو عمشة" السياسة الأمريكية، وقال إنها تساوري بين الجلاد والضحية ولم ينس شكر المتعاطفين معهم وعلى رأسهم من وصفهم بـ "الأخوة الأتراك والقطريين"، رغم أن أي موقف لم يصدر عن الجانبين.

أما قائد "فرقة الحمزة قوات الخاصة"، التابعة للجيش الوطني السوري، "سيف بولاد" الملقب بـ"أبو بكر"، علق على القرار بأنه "مجحف وغير عادل، ومبني على معلومات غير دقيقة، ويتجاهل الخطوات الإصلاحية"، فيما قال "سيف عمشة"، المسؤول الأمني في فرقة "السلطان سليمان شاه"، وهو شقيق قائد الفرقة "أبو عمشة"، إن "العقوبات لا تؤثر علينا".

بدوره، عبر قائد أمنية فرقة "السلطان سليمان شاه"، "وليد الجاسم" الملقب بـ"سيف عمشة"، بوصفه أحد قادة الفرقة وهو شقيق محمد الجاسم الملقب بـ"أبو عمشة"، عن استغرابه من القرار الصادر عن الخزانة الأمريكية بحق قادة القوة المشتركة"، وأكد أن "القرار مثل مفاجأة غير مقبولة ولا تؤثر علينا أي عقوبات والتي لا تخدم إلا أعداء الثورة السورية"، وفق قوله.

في السياق، عمد الفصيلان، إلى حشد أنصارهم من بعض وجهاء القرى والبلدات من مخاتير ومجالس محلية ضمن المناطق التي يسيطرون عليها، لإصدار بيانات مناصرة لهم، وحشد تظاهرات، علاوة عن الحشد الإلكتروني على مواقع التواصل بحسابات وهمية مأجورة، تظهر الإعجاب والتأييد للقادة والوقف في صفهم وفق زعمهم.

في المقابل، بدا واضحاً حجم الارتياح والاستشفاء - أن صح التعبير - لدى نشطاء الحراك الثوري والفعاليات المدنية الثورية، لقاء العقوبات التي طالت قادة فصيلين لايحظيان بالقبول الشعبي في المنطقة، وخلقت الممارسات والانتهاكات التي تمارسها عناصرهم فجوة كبيرة بينهم وبين الحاضنة الشعبية الثورية التي عبرت مراراً عن رفضها لمواقفهم وسياساتهم وتسلطهم.

أيضاً بدا واضحاً أن الحقوقيين الفاعلين، رحبوا بالعقوبات الأمريكية، وجاء البيان عن "تجمع المحامين السوريين"، الذي طالب بتعزيز تلك العقوبات وتوسيع نطاقها لتشمل كافة الميليشيات التي تنتهك حقوق الناس، ولا تقيم وزنا لها، و لتشمل أيضا كل كيان أو شخص يتعامل معهم أو يقدم أي نوع من الدعم لهؤلاء القادة".

وطالب بيان "تجمع المحامين السوريين"، الحكومة التركية بتجميد حساباتهم المصرفية في مختلف المصارف التركية، واتخاذ كافة الإجراءات التحفظية وإغلاق أية ممتلكات عائدة لهم مهما كان نوعها أو طبيعة نشاطها.

وفي طرف آخر، كان القرار الأمريكي، معززاً لموقف ميليشيا "قسد" وأتباعها، والتي تسعى جاهدة للضرب والطعن في قوى الثورة والمعارضة، فكانت ممارسات الفصائل تلك هدية مجانية تقدم لـ"قسد" لتلاحقهم بها عبر أذرعها التي تتبع بشكل يومي الانتهاكات والممارسات للفصائل وتصدرها للرأي العام بالشكل الذي يناسبها ويخدم توجهاتها.

وفي مقال له، أوضح المحامي "عبد الناصر حوشان"، نشره موقع "نيناز برس"، أن هذه العقوبات تحمل في طيّاتها رسالة للحكومة التركيّة وتحميلها المسئولية عن تصرفات الفصيلين بحق سكان المنطقة، ودعوة لها لرفع يدها عنهم تحت طائلة فرض العقوبات على كل المؤسسات التركيّة التي تتعامل معهم، وعلى الحكومة السوريّة المؤقّتة ووزارة الدفاع فيما إذا تعاملت معهما بعد نفاذ قرار العقوبات.

وأكد حوشان أن هذه العقوبات ستكون ورقة للضغط على الحكومة التركيّة في ملف كيان قسد الانفصالي شرق الفرات والذي تعتبره تركيا أكبر تهديد لأمنها القومي وتعمل على القضاء عليه والتي تقوم الولايات المتحدة بمنعها من ذلك من خلال فرض حمايتها على هذا الكيان.

ويبقى الخاسر الوحيد - وفق حوشان - الضباط الأحرار الذين يعملون في الفصيلين حيث سيتم تصنيفهم على أنهم مجرمين ضد الإنسانية ومجرمي حرب ما سيؤثر على مستقبلهم حيث سيتم استبعادهم من أي عملية هيكلة محتملة للجيش السوري في المرحلة الانتقالية.

ومع كثرة البيانات التي لاتحل المشكلة، أصدرت "القوة المشتركة"، التي تضم "فرقة السلطان سليمان شاه" و"فرقة الحمزة قوات الخاصة"، في بيان مشترك بعد سلسلة بيانات فردية، أدانت فيه "القرار الغير عادل الذي صدر عن وزارة الخزانة الأميركية بحق القوة.

وأكدت الفرقة الالتزام بالقوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتعامل مع المدنيين في ظروف الحرب والسعي لتوسيع نطاق تطبيقها العملي عبر اخضاع كافة العناصر المنتسبين للفرقتين لدورات تدريبية دائمة بالتعاون مع بعض المنظمات المختصة، وأعلنت جاهزيتها للتعاون مع المنظمات الدولية ذات الصلة بتطوير الخبرات القانونية.

 كما وأعلنت جاهزيتها للتعاون مع الجهات الأمريكية والمنظمات الدولية ذات الصلة لمراجعة كافة الملفات التي بني عليها قرار وزارة الخزانة وفتح تحقيقات شفافة تحقق العدالة، بالمقابل كان أعلن "تجمع المحامين السوريين"، دعمه لقرار وزارة الخزانة الأميركية، بفرض عقوبات على فصائل من "الجيش الوطني السوري"، مطالبة بتعزيزها.

وطيلة سنوات مضت، ومنذ سيطرة فصائل الجيش الوطني على مناطق عفرين وشمالي حلب، منذ عام 2016 و 2018، ضمن عمليتي "درع الفرات وغصن الزيتون"، عملت بعض مكونات الجيش الوطني على بناء مستعمرات لها، كلاً يسيطر على قطاع، ويسهب في فرض الأتاوات والتضييق على المدنيين، لصالح الفصيل، لتسجل الجهات الحقوقية سلسلة واسعة من الانتهاكات، وتطلق عشرات التحذيرات لتلك القوى من مغبة الاستهاب والتماهي في مواصلة تلك الانتهاكات دون الحد منها، منعاً للتصنيف والدخول في متاهات العقوبات التي يبدو أنها باتت أمراً واقعاً.

الكاتب: ولاء زيدان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ