في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.. رحلة نساء سوريا
أثبتت معظم الدراسات البحثية التي أجريت خلال عقود أن تعرض النساء للعنف بكافة أشكاله الجسدية واللفظية في مختلف المجتمعات والدول بما فيها الدول الأوروبية، ليس محدداً بعرق أو جغرافيا أو ثقافة معينة، حيث تعاني 70% من نساء العالم من العنف وانتهاك حقوقهم بكافة الاشكال، وقد يحدث ذلك في المنزل أو العمل أو الشارع أو المدرسة، ومازال مستغرباً في معظم المجتمعات الطرق القانونية للإفلات من العقاب بطرح حجج واهية أو ذرائع قانونية تبرر الجريمة وتحول الضحية إلى متهمة بطريقة مهينة ومستغربة، وهذا مالحظناه إعلامياً مؤخراً ، بالحديث عن بعض جرائم القتل التي تعرضت لها بعض النساء في مصر والاردن و فلسطين، و تحويل الضحية إلى متهمة تحت سقف القانون والعادات والتقاليد البالية.
في سوريا تبدأ رحلة نسائها العلنية مع العنف من العشر سنوات الأخيرة، فالصورة الذهنية التي رسمها المجتمع السوري أمام الدول العربية والعالم أنه لطالما كانت المرأة السورية في المجتمع مقدسة وموضع إهتمام وإحترام من قبل جميع فئات المجتمع ولا يسمح بتخطي الحدود أو إهانة إمرأة بصورة علنية في الشارع أو العمل وحتى في المنزل وقد يتحول اي اعتداء من هذا النوع إلى أزمة كبيرة وعراك، أما حالات العنف التي تحصل والتستر عليها تحت سقف المجتمع والدين والعادات والتقاليد كان يتم إخفائها في السابق والتكتم عليها بشدة، وقد تعودت النساء المعنفات على رفض الحديث بهذا الشان واعتباره منافياً للأخلاق وتحملها الألم لسنوات خوفاً من المعنف أو العائلة أو المجتمع أو عدم قدرتها على الدفاع عن نفسها.
ولكن مع انتشار الفضاء الإلكتروني والتواصل الإجتماعي بات الحديث عن حالات الإعتداء بشكل واضح أكثر خصوصاً مع ما مر به المجتمع السوري من أزمات بالاضافة إلى انتشار الفيروس المستجد كورونا وارتفاع حالات العنف المنزلي في معظم دول العالم حسب إحصاءات لمنظمات دولية تعنى بحقوق المرأة.
الآن وبعد كل ما سبق، لابد من العمل الفعال المنظم، الهيئات النسوية السورية عليها أن تكون أكثر فاعلية وتقوم بتنفيذ نشاطات نسوية مدروسة مصحوبة بخطوات عملية للعمل على تمكين النساء المعنفات في المجتمع بصورة صحيحة وذلك بهدف حماية النساء ودعمهن ودعم الناجيات والمعنفات بالإضافة إلى التوعية الشاملة للمجتمع وضرورة إحترام حقوق المرأة كمبدأ تعليمي من الصغر للأطفال في المدارس، فالعنف ضد المرأة يتجذر عميقاً ليس في سوريا فقط ، بل بأي مجتمع أو بلد آخر و إن اختلفت اشماله وانماطه، فرغم التقدم القانوني الذي أحرزته بعض الدول في هذا المجال يبقى الموضوع بالإجمال مسكوت عنه أو مبرر بشكل لا أخلاقي، وتتحمل الضحية في معظم الحالات عبئه وحدها ، و للأسف في مجتمعاتنا وبعض الدول العربية سنت قوانين وتشريعات جائرة تتعارض مع اعراف اجتماعية ودينية تجعل من المرأة معرضة لعنف اكبر يقع عليها في حال تجرأت على الحرية وأعلنت عما تعرضت له من عنف بهدف محاسبة المجرم، ولذلك تتردد المرأة المعنفة دوماً في التعبير عن مشاكلها وهمومها ومحاولة تحسين حياتها للأفضل، في مجتمعاتنا من الضروري احترام المرأة وحقوقها بشكل لائق بها، وهذا يقع على عاتق الرجل بالدرجة الأولى فهو شريك المرأة الاساسي في تحصيل حقوقها المدنية والقانونية ومساندتها وإعطاء المرأة مساحتها الصحيحة في جميع نواحي الحياة، وأن المرأة لا تتصارع معه ومع كيانه ووجوده، بل تحارب لأخذ مكانها الصحيح وحريتها وحقوقها الطبيعية الى جانبه، بدون قيود و انتهاكات والتي تلائم احتياجاتها وراحتها لتحقيق التوازن المنطقي بين الجنسين لتحقيق مجتمع سليم ومعافى.