
الزراعة والمبيدات في سوريا: تحديات الاستخدام وآفاق السلامة
تلعب الزراعة دوراً أساسياً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في معظم المناطق الريفية في سوريا، حيث يعتمد السكان على النشاط الزراعي بشكل موسمي وسنوي لتلبية احتياجاتهم الغذائية والاقتصادية، وخلال موسم الزراعة، يستخدم المزارعون مبيدات حشرية وفطرية لحماية المحاصيل من الأمراض والآفات والحشرات الضارة، وضمان نموها بشكل صحي وسليم.
إلا أن الدراسات العلمية تؤكد أن الإفراط في استخدام هذه المواد الكيميائية يمكن أن يؤثر على البيئة وصحة الإنسان، فبعض النباتات نفسها تحتوي على مركبات طبيعية قد تكون ضارة عند استهلاكها بكميات كبيرة، مثل السيانيد في بعض الفواكه أو القلويدات في بعض الخضروات، ما يجعل من الضروري التعامل معها بحذر.
تأثير المبيدات على الصحة والبيئة
بحسب مهندسين زراعيين تحدثنا معهم، فإنه عند ملامسة المبيدات الحشرية والفطرية ومبيدات الأعشاب للجلد، أو استنشاقها أو تناولها عن طريق المحاصيل الملوثة، قد تؤدي إلى مشاكل صحية متنوعة، تشمل تهيج الجلد والعينين، صعوبات في التنفس، واضطرابات عصبية.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن يرتبط التعرض المستمر للمبيدات بزيادة مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، بما فيها بعض أنواع السرطان. إضافة إلى ذلك، فإن المبيدات تؤثر على البيئة بشكل مباشر من خلال تلوث التربة والمياه والهواء، وهو ما يهدد حياة الكائنات البرية.
الاضطرابات الهرمونية والتأثير التراكمي
تشير الأبحاث إلى أن بقايا المبيدات يمكن أن تتجمع في المحاصيل الغذائية، مما يرفع احتمالية تعرض الإنسان لمستويات ضارة من هذه المواد. بعض المركبات الكيميائية قد تتداخل مع عمل الغدد الصماء في الجسم، مسببة اضطرابات هرمونية تؤثر على الصحة العامة على المدى الطويل.
يضاف إلى ذلك أن التعرض المتكرر لمبيدات معينة قبل انتهاء فترة الأمان الخاصة بها يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات تراكمية، تشمل مشكلات صحية مزمنة، وفي حالات متقدمة، زيادة خطر الإصابة بالسرطان. وفترة الأمان هي المدة الزمنية التي يجب انتظارها بعد رش المبيد قبل حصاد المحصول.
إجراءات السلامة الموصى بها
لتقليل المخاطر المرتبطة باستخدام المبيدات، توصي الدراسات بالالتزام بالمعايير التالية: استخدام المبيدات فقط بالجرعات المقررة واتباع فترات الأمان قبل جني المحاصيل، وغسل الثمار والخضروات جيداً، أو تقشيرها، أو نقعها في محلول مطهر أو ملحي قبل الاستهلاك.
ومن أجل حماية المزارعين والعاملين باستخدام تلك المواد، أوصت الدراسات بارتداء معدات الوقاية الشخصية، مثل القفازات والكمامات، أثناء عمليات الرش، وشددت على ضرورة الحذر عند التعامل مع أجزاء النباتات التي يحتمل أن تحتوي على أعلى تركيز من بقايا المبيدات، مثل القشرة، والتي تتطلب أحياناً تحاليل مخبرية دقيقة للكشف عنها.
وعلى الرغم من أن المبيدات تعتبر أداة حيوية في الزراعة الحديثة، فإن الإفراط في استخدامها أو تجاهل المعايير الصحيحة قد يضر بالمحاصيل، البيئة، وصحة الإنسان، وبالتالي فإن الالتزام بالإجراءات العلمية والتدابير الوقائية يضمن استفادة المزارعين من هذه المواد دون تعريض أنفسهم أو المستهلكين للمخاطر.