مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٨ مايو ٢٠١٥
رجال حول الأسد

في مطلع سنة 2011؛ ومع اشتعال الثورة السورية، أخذ السوريون يكتشفون، بدهشة مشوبة بالمرارة، أن بشار الأسد الذي ورث البلاد السورية عن أبيه الديكتاتور، حافظ الأسد، لم يكن مجرد فتىً مدلل ينأى بنفسه عن السياسة لأجل التخصص بطب العيون في المملكة الاستعمارية القديمة بريطانيا؛.. بل هو شيء آخر مختلف.

انطبعتْ في مخيلة هؤلاء السوريين المندهشين مشاهدُ من ذاكرة تشبه الأفلام السينمائية القصيرة التي يجري تصويرها بسرعة، أو بطريقة الـ (Quick Motion)، تبدأ بحشد قوامُه مزيجٌ من عناصر المخابرات وأعضاء مجلس الشعب، يقفون عند مدخل البرلمان، ويهتفون: بالروح بالدم نفديك يا بشار. وكأنهم؛ بهذا الهتاف الجديد، يفتتحون عهداً ديكتاتورياً بنكهة أسدية جديدة، تليها لقطات متتالية للنائب السيد عبد الحليم خدام، وهو يوقّع قرارات ومراسيم وفرمانات أدت إلى تحويل هذا الفتى المدلل الذي لا يجيد لفظ مخارج الحروف، ولا حتى المشي المتوازن، إلى رئيس للجمهورية العربية السورية، وأمين عام لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، وقائد للجبهة الوطنية التقدمية التي تضم أحزاباً يصل عمرُ أحدها إلى سبعين سنة. تليها لقطات لسيادة النائب خدام، وهو يختم ويوقّع، ليمنحه، خلال نصف دقيقة، ترفيعات عسكريةً تحتاج إلى عشرين سنة من الصبر والانتظار، ليعلنه، على مرأى أعين السوريين، قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة برتبة "فريق ركن". هذا مع أن بشار الأسد؛ كما يعرفه خدام وغيرُه، لم يكن عسكرياً بمعنى الكلمة، وإنما مسجلاً على قيود إحدى القطعات العسكرية من باب كسب الوقت، والتحسب لعاديات الزمان.

لو كان بشار، في ذلك الوقت، مجرد فتى صغير، مؤدب، متفرغ للعلم والمعلوماتية، ومداواة عيون الجماهير، كما زعم مناصروه، لما استنفر رجال الدولة الكبارُ الذين كانوا يحيطون بوالده، ليقوموا بواجبهم في قَصِّه وتركيبه وبَرْده وتلميعه، ليكون قادراً، كأبيه، متى يشاء، على إخراج مئات الألوف من السوريين إلى الشوارع، وهم يحملون لافتاتٍ كتبت عليها كلمة (منحبك)، ويهتفون، مرغمين: بالروح بالدم نفديك يا بشار.

لم يكن الديكتاتور حافظ الأسد ليسمح لأحد من رجاله ومعاونيه وموظفيه وسياسييه أن يكبر ويحوز على اسم وشهرة، إلا إذا كان يقبل بأن يكبر ويشتهر ضمن حدود تبعيته له، وإخلاصه لعرشه، وخنوعه أمامه. ولم يكتف بإيقاع الرعب في نفوسهم، وهو على قيد الحياة، بل تعدى ذلك إلى ما بعد وفاته، فقد رويت حكاية طريفة عن لحظة الاستعداد لدفن جثمانه في العاشر من يونيو/حزيران 2000، حينما بدأ أحد معاونيه يعطي أوامر لها علاقة بتوريث بشار، وفي سياق ذلك، طلب من أحد قادة الشعب الأمنية أن يفعل شيئاً ما، فتجاهل أمره، وقال له: نحن لا نأخذ أوامرنا منك. قال المعاون: إذن، ممن تأخذون أوامركم؟ فقال: من هذا. وأشار بإصبعه نحو تابوت حافظ الأسد.

لم يقصّر بشار الأسد بالكيد للرجال الذين ساهموا في عملية توريثه السلطة، وشد أزره، وإسناده، والتستر على ضعفه، وهشاشته، وضحالته، إذ سرعان ما ركن (عمو عبد الحليم) جانباً، وكأنه لم يكن من أهم صانعي نظام أبيه، وفي سبتمبر/أيلول 2005، أجبرَ غازي كنعان على الانتحار بمشطين من الرصاص. وقتلَ حامي حمى القصر الجمهوري اللواء محمد سليمان، وفي تفجير بارع لمبنى الأمن القومي تخلص من مجموعة لا يستهان بها من الذين ساهموا في صناعته، بينهم هشام بختيار وزوج أخته آصف شوكت. وبمجرد ما عاودت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري عملَها، جاء الدور على شخصيات كبيرة أخرى، أمثال رستم غزالي وعلي مملوك.

السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل سيضطر بشار، أخيراً، للتخلص من شقيقه ماهر؟ وهل ستترك له الثورة السورية الوقت الكافي ليفعل ذلك بهدوء، وبسلاسةٍ، مثلما تخلص والده من عمه رفعت؟     
   

اقرأ المزيد
١٨ مايو ٢٠١٥
التعذيب .. محاولة للفهم

تتصاعد الاحتجاجات ضد التعذيب في كل مكان، وتتحدث عنه المواثيق الدولية، وتندد به المنظمات الحقوقية والإنسانية، لكنه على الرغم من ذلك كله لم يتوقف، ولن يتوقف في المنطقة العربية، حيث يتخذ طابعا رسمياً، يعلم الجميع بوجوده، وترعاه سلطات رسمية، لكنه يظل حاضراً بالغياب في المشهد المعلن، ليلقي بوطأته الشديدة على كل من يفكر في الخروج على طاعة الحاكم، وإذا كانت حادثة موت خالد سعيد من أهم بواعث ثورة 25 يناير ضد النظام البوليسي الحاكم في مصر حينها، فإن الظاهرة، بحد ذاتها، ظلت تستعيد حضورها في ظل هيمنة الأنظمة السلطوية المطلقة التي تمارس حضورها القهري على الشعوب العربية، أو حتى في ظل حكم المليشيات المسلحة التي تنفذ أحكامها خارج كل رقابة أو محاسبة.

يرى ميشيل فوكو في كتابه "المراقبة والمعاقبة" أن الغاية من التعذيب تطويع الأجساد وإيجاد مجتمع انضباطي، يخضع لإرادة الحاكم، وقتل أي نزوع نحو التمرد والثورة، فالتعذيب، بوصفه ممارسة سلطوية، يقتضي نوعاً من العلنية غير الظاهرة، فهو ما يتداوله الناس همسا عن شدة السلطة وعنفوانها في قمع مناوئيها وإجبارهم على الطاعة، وفرض قانون الصمت عليهم. لذا، لم يكن غريباً أن تتوارد أخبار تعذيب المعتقلين داخل السجون العربية، وما تحمله من انتهاكات لبشرية الإنسان، فالصور المرعبة لمساجين نظام الأسد في سورية، أو ما يتعرض له مساجين الرأي في سجون الانقلاب في مصر (وجديد الضحايا فريد إسماعيل الذي توفي نتيجة الإهمال)، تكشف عن إرادة مقصودة من السلطة السياسية الحاكمة لإرسال رسالةٍ، فحواها أن الجميع يمكن أن يدفعوا ثمنا باهظا لكل محاولة للتطاول على السلطة، والمطالبة بحد أدنى من الحقوق والحرية، فالتعذيب، بصورته هذه، يمثل مؤسسة عقابية فعلية قائمة الذات خارج النظام القضائي "إنه طقس منظم من أجل وسم الضحايا وإظهار السلطة التي تعاقب"، كما يقول فوكو.
وإذا كان أحد جلادي النظام السابق في تونس قد فاجأ الرأي العام، قبل شهور، بالظهور على إحدى الشاشات، متبجحا بعمله، مبررا إياه بمنطق خدمة الدولة، فإن الحدث، في ذاته، لم يكن سوى صورة مشهدية، تستعيد جزءاً من ماضٍ قد يطل برأسه في أي لحظة، إذا فشل الشعب في حماية حرياته، وحفظ حقوقه التي نالها بعد تضحيات دامية. فإذا كان التعذيب جوهر الدولة الاستبدادية، فإن الجلاد هو رمز هذه الدولة، بل والعنصر الفعال فيها، بوصفه من يظهر قوة السلطة، ويعرضها على الأجساد، فالتعذيب، بهذا المعنى، يلعب وظيفة سياسية، ويتم ضمن احتفالية انتصارية على أعداء النظام الذين ينبغي اجتثاثهم، إن لم يكن فعلياً من خلال القتل، فعلى الأقل نفسياً ومعنوياً، حيث يخرج الضحية إلى العالم مجرد حطام جسدي، غير قادر على الفعل أو المقاومة.
"يظل التعذيب ممارسة قهرية وجريمة ضد الإنسانية، لا يمكن تبريرها بأي شكل، وتحت أي شعار، مهما كان نبيلاً أو عظيماً"
فمن خلال منطقها الاستبدادي اللامحدود، تمارس الأنظمة المستبدة التعذيب، باعتباره وصفة علاجية لما تعتبره مرضا يهدد وحدة الدولة، ويمس بهيبة النظام. إنه مبدأ الشمولية من إرادة المستبد الفريدة "جعل الموت قانونا للجميع، وكل جسم من هذه الأجسام المحطمة هو حجر في بنيان الدولة، فماذا يهم إن أصاب الموت الأبرياء؟" (فوكو). فالاستبداد يمارس نفوذه على الأجساد، ويحرص على أن يترك وسماً عليها، هو بالأحرى رسالة للشعب الذي يشاهد الصورة، أن أي محاولة للثورة والتمرد ستفضي بأصحابها الى التهلكة. وهذا التعذيب والأذى الجسدي نفسه تمارسه الجماعات المنفلتة التي تأخذ على عاتقها تنفيذ القانون كما تراه، فمهمة تطويع الناس وإخضاعهم هي الهاجس المركزي لكل منظومة سلطوية، مهما كان حجمها أو امتداد نفوذها.
الصرخات المتصاعدة من السجون العربية هي علامة على مدى الوحشية التي بلغتها الأنظمة المستبدة، وتحولها إلى مؤسسات قمعية بامتياز، تتقن فن تدجين المواطن، وتحويله إلى كائن انضباطي طيع، غير قادر على الرفض، أو المطالبة بحقوقه المجردة، غير أنه، وبقدر تضخم الآلة القمعية، فإن عنف الثورات عليها سيكون دموياً وحاداً، بالدرجة والقيمة نفسها، فما جرى في ظل النظام السوري، طيلة عقود القمع والاستبداد، أفضى، وبصورة آلية، إلى حالة التمرد الدموي الواسعة التي تشهدها البلاد، بل وأوجد جيلاً من الناس، لا يستنكف من مشاهد الموت والتعذيب والتصفيات الجماعية، وإن ما تقوم به أجهزة النظام الانقلابي في مصر، اليوم، إنما يهيئ التربة خصبة لردود فعل دموية عنيفة من جنس ما تقترفه أجهزته الأمنية على الناس.
ويظل التعذيب ممارسة قهرية وجريمة ضد الإنسانية، لا يمكن تبريرها بأي شكل، وتحت أي شعار، مهما كان نبيلاً أو عظيماً، وإن الحديث عن التعذيب وفضح مقترفيه وإدانة الأنظمة التي تتبناه يمثل جهدا أساسياً من أجل تحرير الإنسان، وتقنين وضعه الحقوقي الذي يضمن له الحد الأدنى من الحقوق والحريات.

اقرأ المزيد
١٧ مايو ٢٠١٥
للملاحظة : السوريين في لبنان ليسوا بـ "إرهابيين" ...

بدأت الأمور تتجه إلى منحى خطير اتجاه اللاجئين السوريين في لبنان ، و بدأ الجيش  اللبناني و و مخابرات الجيش الخاضعة لسيطرة حزب الله الإرهابي حملة شعواء ضد تجمعات السوريين في لبنان ، من خلال حملات دهم و اعتقال و اهانة و إساءة ، و التهمة جاهزة دوماً الإشتباه بـ"الإنتماء لمجموعات إرهابية".

مصطلح الإرهاب المطاط جداً لدرجة ممكن أن يشمل كل سوري قال لا للأسد ، و كل سوري هرب من قصف الأسد ، و كل سوري تظاهر على الأسد ، و كل سوري لا يؤيد الأسد ، و كل سوري لا يرغب ببقاء الأسد .

اليوم حادثة اعتقال الـ53 مواطن سوري في بر لياس في البقاع ليست الوحيدة بل سبقتها سلسلة من المداهمات التي شملت عدد من المخيمات سواء في البقاع أم في طرابلس ، إضافة لإعتقال العشرات على حواجز الجيش اللبناني و مخابراته .

وطبعاً الحملات متواصلة ضد المنشقين عن قوات الأسد ، فهم الهدف الأهم للمداهمات و للحواجز ، و لا يوضح الإعلام اللبناني تهمة توقيفهم سوى ذكر رتبته و أنه منشق عن نظام الأسد.

اللاجئون السوريين في لبنان باتوا تحت ضغط كبير بعد قرارات الحكومة اللبنانية حول منع دخول اللاجئين و اشتراط شروط تعجيزية للحصول على تصريح اقامة .

الخروقات بحق السوريين في لبنان تنزعت من قبل غالبية من يدعون حمايتهم و سيما الأمم المتحدة التي منحت الحكومة اللبنانية كافة بيانات اللاجئين التي لديها ، في خرق للقوانين التي تنص على سرية طالبي اللجوء.

و لا يمكن أن أنسى ما قاله أحدهم عندما دُعس شاب سوري ، و عندما عرفوا جنسيته بأنه سوري ، فقال الجميع :  لا مشكلة لا أحد يسأل عنهم أو يطالب بحقوقهم .

اليوم مطالب الائتلاف و كل من يدعي تمثيل الشعب السوري أو تربطه صلة الصداقة مع هذا الشعب الذي عانى مالم يعانيه أحد ، أن يطالب بحماية السوريين و إبعاد الخطر الذي بدأ بالتعاظم مع بداية معركة القلمون ، و الذي سيشهد تصعيداً أكبر بعد إنتهاء المعارك في الجرود .

و أطلق الناشطون حملة مفادها :

دخل حزب الله سوريا قاتلا فدخلت لبنان لاجئاً

ناشطون يطلقون هاشتاغ ‫#‏لاجئ_لا_إرهابي

لتسليط الضوء على انتهاكات ‫#‏الجيش_اللبناني بحق اللاجئين

اقرأ المزيد
١٧ مايو ٢٠١٥
دمشق . بين إعلام الثورة والنظام .. كتر الحكي يا شام

أقدمُ عاصمة في التاريخِ..عاصمةُ الأمويين..وعاصمة الياسمين وفي روايةٍ أُخرىَ.. عاصمةُ الهاون والاعتقالات.. والتقنين دمشق الهادئة والحياة الطبيعة التي تسير على قدمٍ وساق ..حسبَ ما يزعمُهُ إِعلام النظام أهل دمشق المتخاذلون والخائنين والذينَ يَعيشون عيشةً 5 نجوم دونَ الإكتراثِ لماَ يحصلُ في عمومِ البلادِ حسبَ ماَ يُروِّج إليهِ بعض إعلاميي الثورة أمّا في عيونِ أهلها و ساكنيها ..فهي عاصمتهم المحتلة فلو كان لدمشق أن تتكلم ,لشكت حالاً.. أصبحت القيود فيها تتسع لتشمل المدينة بأكملها تقيّد شوارعها ومنازلها ..حضارتها وتاريخها, فقد أصبح أبنها غريب , وحرها مقيّد ...وشريفها خلف الحديد هي العاصمة التي لا يمكنُ وصفها إلا انها معتقلٌ كبير لأكثر من ستةِ ملايين مواطن سوري بينَ ساكنٍ و مُهجر من باقيِ المحافظات , فهيَ باتت تخضع لحصارٍ عسكريٍ هائل ,تكادُ تخالَها منطقةٌ عسكرية فهيَ تغصُّ بأعدادٍ ضخمة من عساكرِ يتخذون عدةِ جنسيات وعدة مسميات كـ خدام السيدة زينب , ولواء ابو الفضل العباس , والقوات الخاصة ,الفرقة الرابعة والعديد من الاسماءِ.. .. تكادُ لا تطرف لكَ عينٍ إلا وتقع على احدِهم يرتدي زياّ مموهاً يحملُ سِلاحاً ,تراهم في الشوارعِ في الساحاتِ في الأسواقِ و في أقبيةِ الأبنية السكنية ناهيكَ عن حواجزِهم التي تُرفرف بها راياتُهم الطائفية على الحانِ الأغاني التي تعزفُ على ذاتِ اللحن الطائفي , لديهم الوقاحة الكافية ليتخذُوا إِذلال الناس للتسلية وانتهاك الأعراضَ هوايةً وسحب عدد كبير من الشباب للإحتياط أو اقتيادهم للعملِ سخرة في حفرِ الأنفاقَ على الجبهاتِ المشتعلة في أطرافِ دمشق أو أخذهم لمعتقلات الموت التي امتلئت بمئاتِ الدمشقيين حتىَ أصبح من يخرج من منزلهِ يخرج على دمهِ ليؤمن القوتَ لأهلهِ و أولادهِ ولا يَعلم إنّ كانَ سوفَ يعود او لا, لأنهُ أصبحَ في زمنٍ انطبقَ فيهِ المثل الدمشقيِّ القائل : "الطالع مفقود والراجع مولود.. " أو حتى إن لم يخرج وبقي مُحصناً بمنزلهِ, لن يسلم من شرورِهم , فحملات الدهم والأعتقالات التي يشنّوها بشكلٍ شبهُ يوميّ تلاحقه داخل المنازل بالإضافة إلى سحب الشباب للإحتياط وإذا استمرَ هذا الحال سيأتي يوماً على العاصمةِ تُعلن فيه انها خالية من أبنائِها... فهناك إيضاً طائرٌ أسود يحملُ معه الموت, يُحلّق في سماءِ العاصمة المحتلة , يتغذى على دماءِ المواطنين , ويتواجدُ بكثرةٍ في أماكنِ المدنيين والبيوت السكنية والمحال التجارية, يسمى بالهاون , فسقوط تلك القذائف أصبحَ سنّة معتادة ,حتى أصبحنا نستغرب أن يمّرَ يومٌ دون ان يُسجل سقوط عددٍ من القذائفِ ودون أن تُخلف ورائها شهداءً وتقتل أطفالاً وترمل نساءً ,وتهدم بيوتاً أصبحَت خالية من الماءِ..! لأنّ الماء على عكس الهاون, فقد تبقىَ مقطوعةُ لأسبوعٍ كامل دونَ أنّ تأتي وإنّ أتت فقد تأتي باستحياءٍ كالضيفِ الخجول متعطراً برائحةٍ كريهة كالمازوت, ثم تذهب دون أنّ تترك الفرصة لوداعِها عبرَ ملئ خزان المياه وانقطاع التيار الكهربائي زاد الأمر سوءاً بسبب عدم المقدرة على تشغيل مضخات المياه , لأن قطع الكهرباء اصبح فرض يومي , طويل الأمد فقد يبقى لأكثر من 15 ساعة وقد تبقى لعدة ايام مقطوعة لتقطع معها صوت العاصمة ونبضها وتسكت صوتها وصوت أهلها عن العالم لتصبح دمشق لا تسمع ولا تتكلم ,,فقط تُذبح وتتألم تتألم بصمت حيث يضطر البعض إلى اللامبالاة أحياناً .. لتنتصر الحياة على الظلم وعلى جميع أشكال الموت والأعتقال لأن الترقب كبير لقادم لا يعرف شكله أحد .. تتوقف الحرب يوم وتعود أسابيع ... ماذا سيحدث بعد شهر ؟ بعد اسبوع ؟ ... غداً ؟ ... بعد ساعة ؟ ... بعد قليل ؟ لا أحد يعرف ..

اقرأ المزيد
١٧ مايو ٢٠١٥
الفارق بين الأسد الأب والأسد الابن

ما الفارق بين حافظ الأسد وبشّار الأسد؟ لماذا صار مطروحا في الأيّام الأخيرة من حكم بشّار سؤال مرتبط بالمستقبل الذي ينتظر سوريا بعد سقوط النظام الذي عاش، إلى الآن، خمسة وأربعين عاما وقد يعيش أكثر؟ قد يعيش هذا النظام أشهرا أخرى. من الصعب التكهن بموعد النهاية، على الرغم من أنّ النظام انتهى.

مرّة أخرى، الثابت أن النظام انتهى. لكن الثابت أيضا أن سوريا لن تبقى موحدة، ذلك أن ما كان يمكن أن يكون دولة ناجحة في المنطقة، تحوّل إلى دولة فاشلة بكلّ المقاييس.

ما نشهده اليوم ليس نهاية سوريا بمقدار ما أنّه نهاية للشرق الأوسط الذي عرفناه والذي كانت سوريا لاعبا أساسيا فيه. كانت لاعبا أساسيا، لكنّها كانت في الحقيقة لاعبا سلبيا نظرا إلى أن النظام فيها كان نظاما عاجزا في مجال البناء. لم يكن قادرا سوى على ممارسة لعبة الابتزاز، في غياب قدرته على الحرب أو على السلام.

في الشرق الأوسط الذي عرفناه، كانت سوريا في كلّ وقت من الأوقات الرجل المريض فيه، خصوصا أنها كانت دائما لدى المسؤولين السوريين عقدة العظمة ووهم الدور الإقليمي الذي كان يسكن العقول المريضة لزعماء سوريا، من حسني الزعيم.. إلى حافظ الأسد وصولا إلى خليفته الذي سلّم سوريا إلى إيران.

ما فعله النظام، الذي لم يدرك أنّ دوره انتهى منذ فترة طويلة، أي يوم سقوط جدار برلين في خريف العام 1989، كان العمل على خطيّن. الأوّل التمديد لنفسه عبر العثور على شريان حياة جديد، والآخر القضاء على الكيان السوري.

عرف حافظ الأسد كيف يجد شريان حياة جديد لنظامه بعد انتهاء الحرب الباردة. في المقابل، عرف بشّار الأسد كيف يجعل الكيان السوري ينتهي في اليوم الذي ينتهي فيه النظام. يقول صديق سوري إن المكان الوحيد الذي كان بشّار الأسد صادقا فيه هو عندما قال إن نهاية النظام تعني نهاية سوريا. قال عبارة “الأسد أو لا أحد”.

لكلّ من الأسد الأب والأسد الابن طريقته الخاصة في التعبير عن عبقريّته بالمعنى السلبي للكلمة. في العام 1990، استغلّ حافظ الأسد الحرب التي شنّها غريمه صدّام حسين على الكويت إلى أبعد حد. ووجد في الحرب على الكويت فرصة لا تعوّض، فانضم إلى حرب تحرير الكويت التي قادها الجنرال الأميركي شوارزكوف.

استفاد حافظ الأسد طويلا من غباء البعثي الآخر الذي كان يحكم العراق بطريقة لا تختلف في شيء عن حكم الأسد الأب لسوريا. في العراق، كان هناك نظام عائلي ـ بعثي، وفي سوريا كان هناك نظام علوي يستخدم البعث غطاء. ما لبث النظام السوري في عهد الأسد الابن أن تحوّل إلى نظام عائلي ـ بعثي على طريقة ما كان عليه نظام صدّام، وذلك عندما اختزل بشّار الأسد العلويين بثلاث عائلات هي عائلته وعائلة مخلوف وعائلة شاليش مع متفرعات عن هذه العائلات تُرك لها شيء من فتات السلطة والثروة مع بعض العائلات السنيّة التي كانت تشكل جزءا من الديكور الخارجي للنظام.

التقط حافظ الأسد فرصة الحاجة الأميركية إلى مشاركة عربية في حرب تحرير الكويت من الظلم الذي لحق بها. التحق بالتحالف الدولي الذي خاض حرب إخراج صدّام من الكويت. أعاد بذلك العلاقة مع الأميركيين الذين جدّدوا له الوصاية على لبنان في مرحلة مع بعد اتفاق الطائف الذي وقّع في خريف العام 1989. استفاد الأسد الأب أيضا من غبيّ آخر، لبناني هذه المرّة، اسمه ميشال عون كان يحتلّ قصر بعبدا. وفّر ميشال عون للأسد فرصة دخول القصر الرئاسي ووزارة الدفاع اللبنانية القريبة منه وذلك للمرّة الأولى منذ حصول لبنان على استقلاله.

عرف حافظ الأسد كيف يلعب أوراقه. عرف خصوصا كيف يكون حاجة أميركية وعربية وإسرائيلية في الوقت ذاته. لم يكن لدى اسرائيل في أيّ يوم من الأيام اعتراض على بقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة وجرحا دائم النزيف.

ما يجمع بين الأسد الأب والأسد الابن هو تلك الحاجة الدائمة إلى الهروب إلى الخارج السوري. استند حافظ الأسد في هروبه إلى توازنات معيّنة، من بينها علاقاته العربية التي ترافقت مع علاقة عميقة مع إيران. عرف كيف يخفي الطابع المذهبي لتلك العلاقة وتغليفها بشعارات ذات بعد عربي. أمّا بشّار الأسد، المعجب بـ”حزب الله” والجاهل لحقيقة مثل هذا النوع من الأحزاب المذهبية وطبيعة دورها، فقد غرق منذ البداية في فخّ العلاقة مع إيران. انتهى بكلّ بساطة أسير تلك العلاقة في بلد لا يمكن أن يقبل بالهيمنة الإيرانية بأيّ شكل.

بعيدا عن التوازنات الطائفية والمذهبية في سوريا، وصل النظام إلى مرحلة لم تعد فيها فائدة من لعبة الهروب إلى خارج. حاول بشّار منذ البداية ممارسة هذه اللعبة. أرسل، في مرحلة ما بعد اندلاع ثورة الشعب السوري قبل ما يزيد على أربع سنوات، لبنانيين وفلسطينيين من المساكين، إلى جنوب لبنان وإلى الجولان مهدّدا بفتح جبهة جديدة. لكنّ كلّ ذلك لم ينفع في شيء.

أراد حتّى الهروب إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكنّه اكتشف في النهاية أنّ ساعة الحقيقة دقّت للنظام ولسوريا في الوقت ذاته. كان في استطاعته الخروج باكرا من السلطة، لعلّ في الإمكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سوريا. اختار للأسف الشديد تجاهل الواقع. عاش في عالم خاص به. عاش داخل فقاعة عزلته عن الواقع السوري وعن الواقعين العربي والعالمي. انفجرت الفقّاعة.. انفجرت معها سوريا.

لم يعد بالإمكان في الوقت الحاضر سوى المقارنة بين الوضعين السوري والليبي. تمثّل ليبيا، حيث لم يعد بالإمكان إعادة تركيب الدولة ومؤسساتها، المستقبل السوري. عرف الأسد الأب كيف يجدد طريقة للمدّ بحياة النظام. فشل الأسد الابن في ذلك. لن يذهب قبل أن تذهب معه سوريا.. إلى حيث ذهبت ليبيا معمّر القذّافي!

انتقم القذّافي من ليبيا والليبيين. لم يترك لهم بلدا يمكن حكمه بعدما مزق المجتمع الليبي وقضى على النسيج الاجتماعي في البلد ودمّر كلّ مؤسسات الدولة بطريقة منهجية.

هل سيبقى شيء من سوريا يصلح لإعادة بناء دولة أو دويلات، أم كلّ شيء بات مهيّئا لحروب لا نهاية لها تمكّن بشار الأسد من القول إنّه انتقم من الشعب السوري الذي ذنبه الوحيد ارتكابه جريمة البحث عن بعض من كرامة.

اقرأ المزيد
١٧ مايو ٢٠١٥
سماحة بريئاً وكنعان منتحراً وغزالة راحلاً: قصص موت معلن

ينتمي قرار القاضي العسكري اللبناني الحكم على ميشال سماحة بالسجن أربع سنوات ونصف السنة إلى مجموعة وقائع غرائبية يشهدها إقليمنا في الآونة الأخيرة. موت رستم غزالة، والشائعات حول علي المملوك، والمعارك الغامضة في القلمون، والغارات الإسرائيلية على مواكب مجهولة في سورية.

القرار يصعب على التفسير، ذاك أن نفوذ حزب الله أو النظام السوري في القضاء في لبنان لا يكفي لفهمه. الأرجح أن سماحة ليس قضية رابحة، وأن كلفة القرار أكبر من أهمية نتائجه. ووفق هذه المعادلة يجب أن نذهب في تفسيره إلى ما «بعد بعد» حاجة محور الممانعة إلى سماحة حراً. هذا ما زخّم عمليات التوقع، وأعاد الاعتبار لمخيلة جامحة في تفسيراتها، سبق أن استعرضت صوراً لرستم غزالة قبل موته «مفسوخاً»، وما ذهبت إليه المخيلات في قصة إماتة رستم كان أقل مما ذهبت إليه القصة الحقيقية.

«يريدون الإفراج عن ميشال سماحة لقتله خارج السجن»، هذا ما ذهبت إليه بعض التوقعات، وهذا السيناريو على جموحه ومنسوب خياليته المرتفع لا يبدو مستبعداً، ذاك أن لا جواب شافياً حتى الآن عن السؤال: ما الحكمة من تبرئة رجل شاهد اللبنانيون، والعالم، الفيديو الذي يأمر فيه عميله أكثر من 10 مرات أن يقتل وأن يُفخخ ويُفجر وأن يستهدف إفطارات ومفتين وسياسيين!

لكن هذا التوقع، أي الرغبة في قتل سماحة بعد الإفراج عنه، لا يكفي لتفسير القرار، ذاك أن فضيحة تبرئته تبقى أكبر كلفة، لا بل أوضح من الجريمة المصورة التي ارتكبها الرجل. الحبكة البوليسية مضحكة لشدة ركاكتها ووضوحها، ولا يبدو أن مقمشها يتمتع بخيال كافٍ لبث الشكوك.

علينا هنا أن نتذكر. غازي كنعان قال في اتصال مع إذاعة صوت لبنان قبل يومين من موته: «هذه المرة الأخيرة التي ستسمعون فيها صوتي». ولم يكترث قاتلوه بأن حكاية انتحاره لن يُصدقها أحد. قرار قتله نُفذ من دون أي شعور بضرورة إقناع أحد برواية أخرى. رستم غزالة مات بـ «مرض غريب»، وبالنسبة لقاتليه ليس مهماً كل الوقائع التي سبقت موته. إحراقه المصور لقصره، وقرار عزله قبل موته! لقد مات بـ «مرض غريب»، وفي اليوم التالي كان على كتبة المقالات في الصحف اللبنانية، أن لا يشككوا بذلك، ولكن أن يبدأوا مشوار تخوينه و «فضح فساده».

من غير المطلوب أن نُصدق، فقط علينا أن نُكرر الرواية التي لم نُصدقها. قرار تبرئة ميشال سماحة قرار عادل والفيديو الذي شاهدناه ليس مهماً. فلنشاهده ليلاً، ولكن في الصباح علينا أن نُكرر وراء القاضي أن ميشال سماحة بريء. والقاضي يعرف أننا لم نُصدق قراره، وهو لم يُصدر القرار بهدف أن يُصدقه أحد. القرار صدر لأن سماحة يجب أن لا يكون في السجن. الأكلاف غير مهمة، ولا قيمة من المطلوب مراعاتها أو احترامها. فقط المطلوب أن نُردد في الصباح ما يعرف القاضي أننا غير مُصدقيه.

هذا هو المضمون الفعلي لعلاقة هذه الثقافة بجمهورها. الإخضاع وليس الاقتناع، ثم يأتي بعد الإخضاع الانخراط في القطيع، وبعد ذلك في الأجهزة ثم في المهمات، إلى أن يحين موعد الفضيحة، لندخل بعدها في الموت وفي الغياب والتخوين.

والحال أن النظام في سورية وفي لبنان، يدير أزمته منذ أربع سنوات وفق هذا المنطق. لا قيمة لكل الوقائع، واللعب كان مكشوفاً إلى حدٍ مذهل. كل العالم يعرف أن بشار الأسد على استعداد لقتل ملايين السوريين. كل من صادفناهم من حلفائه قالوا لنا إن الثورة لن تنجح لأننا أمام نظام على استعداد لأن يفعل ما يفعله اليوم. قالوا ذلك من دون أن تعني قناعتهم هذه أن مَن هذه حاله يجب الابتعاد عنه. إذاً لماذا الذهول بقرار تبرئة رجل ارتكب جريمة مصورة؟

ثم إن القول بأن قرار تبرئة ميشال سماحة سيعني لأي إسلامي سني أن «القاعدة» أو «داعش» هي الخيار في مواجهة هذا الوضوح في الاستهداف، لا يعني شيئاً، فهذه المعادلة التي عمل بموجبها النظام في سورية في السنوات الأربع الأخيرة، وهي ما يعتقد أنها سبب بقائه واستمراره في ملحمة القتل اليومي.

نعم هناك مئات الإسلاميين في السجون اللبنانية أمضوا سنوات طويلة من دون محاكمة، بعضهم مرتكب وبعضهم بريء، وهؤلاء وأهلهم وأقاربهم سيضعهم قرار تبرئة سماحة أمام «القاعدة» وأخواتها وجهاً لوجه. سهولة تبرئة سماحة تدفع إلى الاعتقاد أن هذه الحقيقة أحد أهداف القرار.

إذاً أصبحنا أمام احتمالين، الأول إخراج سماحة من السجن بهدف قتله والتخلص من أثقاله، والثاني دفع البيئة التي كانت متفجرات سماحة ستستهدفها إلى مزيد من التطرف. وبما أن الخيال خصب في ما يتعلق بالنظام السوري اللبناني، يمكننا أن ندمج الاحتمالين، فنقول: الإفراج عن سماحة ثم تنظيم اغتياله عبر واحد من أولئك الذين خُصبت راديكاليتهم بحقائق من نوع الإفراج عن سماحة.

مجتمعاتنا مستجيبة لهذا النوع من الإدارة والتوجيه، وسبق أن اختبر النظام السوري ذلك عشرات المرات، ونجح في اختباراته. في نهر البارد فعل ذلك، وفي قتال الأميركيين في العراق، وفي سورية في السنوات الأربع الأخيرة، وفي اغتيال الحريري جيء بإسلامي سني لينفذ المهمة.

ثم إن تكراره وحلفاءه دورة القتل هذه لا ينطوي على عبقرية مجرم، إنما على شعوره بالتخفف من أي التزام تجاه عقول وأخلاق مؤيديه. فمعرفتنا أن وراء قرار تبرئة سماحة رغبة في إنجاز مهمة لا تتعلق بحرية الأخير إنما استدراج عنف وتطرف، لا تعني أن على القاضي أن يتردد في إصدار حكم البراءة. والذاكرة السمكية لمجتمعات الأنظمة المستبدة لن تستحضر واقعة التبرئة هذه عندما تبدأ بتفسير أسباب صعود «القاعدة» وانتصاراتها. ستتولى المذهبية مهمة امتصاص ما يمكن أن يتسرب من الذاكرة.

هذا ما جرى منذ اليوم الأول للثورة في ســورية. الجميع كان يقول إن النظام يريد خصوماً متطرفين، وأن أعداءه الفعليين هم المتظاهرون المدنيون. أنجز المهمة في سورية، أمام أعين الجميع. وها هو اليوم يُبرئ ميشال سماحة أمام أعين الجميع، والنتيجة ستكون مشابهة.

اقرأ المزيد
١٦ مايو ٢٠١٥
ما الذي قدمته قمة كامب ديفيد للشعب السوري؟

لم يفاجأ السوريون بنتائج قمة كامب ديفيد، فقد انتهت لقاءات أصحاب القوة والمال بتعهدات لا ضامن لها، ولا توقيت يحددها، ولا آمال يعول عليها.
 
الأسد فاقد للشرعية، وعلى إيران أن تتوقف عن زعزعة الاستقرار في المنطقة. تطمينات أمنية لدول الخليج بأن أي اتفاق أمريكي أو دولي لن يؤثر في أمنهم و سلامة اقتصادهم و سيادتهم في مناطقهم، بهذا وما شابه خرج المؤتمرون من منتجع كامب ديفيد.

بكل تأكيد لن تتهاون الإدارة الأمريكية مع أي تهديد لمصالحها في الدول العربية، التي ترتبط معها بعلاقات شراكة استراتيجية و اقتصادية، كما لن تتهاون مع كل من يحاول المس بأمن مصالحها في الخليج طالما بقي نقطة نفط على أراضيهم.
 
أما بالنسبة لسوريا والصراعات التي أودت بشعبها وأمنه واقتصاده وسيادته إلى الجحيم، فلم تمنح إلا بعض التصريحات الدبلوماسية التي لا تقدم و لا تؤخر في مسار الصراع ،فكل ما يرتبط بالجانب السوري لم يتعد تصريحات باهتة لـ بن رودز في مؤتمر صحفي على هامش القمة؛ بقبول الإدارة الأمريكية دراسة الخيارات المختلفة في سوريا، مع إعلان مبطن بعدم رغبة الجانب الأمريكي القبول بإنشاء منطقة حظر للطيران، كونها حسب حساباتهم لا تشكل فارقا ذا تأثير، بعد دراسة طبيعة الصراع في المنطقة.

لن نتوقف عند هذا الإعلان لـرودز كوننا ناقشنا مسبقا دوافع واشنطن لهذا الرفض، التي كان أبرزها الابتعاد عن أي تدخل أو قرار يمكن أن يفضي إلى خسائر أو التزامات مكلفة للإدارة الأمريكية، وأن هذا شأن إقليمي يجب أن تتحمل كلفته الدول المتأثرة تأثرا مباشرا بالصراع الدائر على الأراضي السورية والراغبة في الحل.  

ولكن اللافت في تصريحات رودز المتعلقة بالشأن السوري تراجع واشنطن عن مخاوفها تجاه تسليح المعارضة، و يبدو ذلك واضحا من خلال حديثه عن تزويد المعارضة السورية بالسلاح الذي كان محرما حتى وقت قريب.

لم تأت هذه الليونة تجاه المعارضة المسلحة في سوريا من العدم، و إنما صدرت عن رغبة البيت الأبيض كسب ود الدول الداعمة للمقاومة الشعبية في سوريا و أهمها السعودية وقطر وتركيا، الدول التي بات رحيل الأسد أولوية في ملفاتها الخارجية. ولكن قد يتساءل البعض،  لماذا -على الرغم من تأكيد الإدارة الأمريكية مرات و مرات على أهمية إزاحة الأسد، و تغيير النظام الحاكم في سوريا، و استمرارها في الإعلان عن أنه لا شرعية للأسد في سوريا- مازالت مواقفها سلبية تجاه حل الصراع بالقوة والتدخل العسكري، ومتمسكة بالحلول السياسية التي أثبتت فشلها يوما بعد يوم؟

الحقيقة إن الولايات المتحدة الأمريكية وبوضوح لا ترغب في المبادرة إلى أي موقف من شأنه أن يعرقل علاقاتها الدبلوماسية واتفاقياتها النووية مع الجانب الإيراني، بعد هذا الانفراج النوعي في العلاقات بين البلدين، ومن جهة أخرى؛ إن أي إقرار صريح من قبلها بأن الحل الوحيد والأنجع لحل الصراع في سوريا هو عبر التدخل بالقوة و الإمداد العسكري، سيفضي إلى زجها في التزامات و خسائر كانت ومازالت عبر سنوات الصراع في سوريا تتملص منها بذرائع و حجج مختلفة، منها ما كان واضحا من خلال إعلانها سابقا رفض الكونغرس زج القوات الأمريكية في أي عمل عسكري على الأراضي السورية، و ما يترتب عليه من أضرار وزيادة في التعقيدات الاقتصادية للبلاد، و منها ما هو مبطن مثل وصول الحكم في سوريا إلى جماعات و أحزاب لا تستطيع ضمان ولائها، ومخاوفها من تأثير أي نظام قد لا يسهل تطويعه لإرادتها على أمن وسلامة إسرائيل. ولكن ما شهدته الشهور الأخيرة من تجاذبات بين المثلث (السعودي- القطري- التركي) والمقاومة الشعبية على الأراضي السورية التي استطاعت كسب ثقة وود هذا المثلث، استدعى ذلك بكل تأكيد دبلوماسية أكثر حذر و حرص من الإدارة الأمريكية، التي شددت وأكدت عبر أوباما شخصيا تمسكها و حرصها على شراكتها مع دول الخليج الصديقة!

قد يتأمل أوباما - الذي حاول من خلال تصريحاته أن يكون حمامة السلام بين الخليج و إيران - أن تخفف قمة كامب ديفيد من حدة الصراع الذي يقض مضجع واشنطن، كونه وصل إلى أراض تثمن صداقتها وشراكتها، و مع أنه لم يحدد لنا ما هي الإجراءات التي يتوقع أن يضغط بوساطتها على إيران لتتحول من جارة منبوذة ومكروهة إلى جارة الرضا! ما يمكننا تأكيده أن تطمينات أوباما لدول الخليج  و تعهداته التي لم تتحول بعد إلى معاهدات رسمية، لن تغير من واقع يقول: إن الاتفاق النووي مع إيران خطأ لا يمكن تفادي انعكاساته على الدول العربية مستقبلا، ولا يمكن التفاوض مع نتائجه ، وأن أي دعم لإيران سواء جاء عبر التغاضي عن جرائمها و انتهاكاتها في سوريا والعراق واليمن، أو عبر فك العقوبات الاقتصادية عنها، أو عبر السماح لها بالمتابعة في برنامجها النووي، ولو حتى ضمن إطار اتفاق محكم و مدروس من حيث تأثيراته ونتائجه، سيلقي بتأثيراته ونتائجه على واشنطن تحديدا في المستقبل القريب.

اقرأ المزيد
١٦ مايو ٢٠١٥
لـ تُدمر سوريا كلها بـ "بشرها"... و لكن "تدمر" لاااا !!؟؟

مجزرة في مدينة دوما راح ضحيتها 5 أطفال وعدد من الجرحى جراء قصف الأحياء السكنية بصاروخ أرض ارض ، مجزرة كفرعويد بريف إدلب حسب أخر إحصائية أكثر من 26 شهيدا وعشرات الجرحى بينهم حالات خطيرة جراء غارات جوية على منازل المدنيين ، ومجزرة أخرى في مدينة سراقب نفذتها طائرات الأسد الحربية حيث استهدفت المدنيين سقط جرائها 8 شهداء وعدد من الجرحى وما تزال فرق الإنقاذ تحاول انتشال الناجين من تحت الأنقاض ، بالأمس 100 شهيد في مجزرة في منبج ، عشرات الشهداء و الجرحى في قصف على المساجد في ادلب ، 22 حالة اختناق بغاز الكلور جراء استهداف ريف جسر الشغور بغاز الكلور .

عذراً إنها أخبار إعتيادية و اقل من عادية ، و لأنتقل إلى الخبر الذي هز العالم بأسره ، قض مضاجع الأمم و الدول المتحضرة ، أرعب المجتمعات المخملية المعنية بالرقي و الحضارات و تماذج التاريخ ، إنها "تدمر" و آثارها فإن زنوبيا و تاريخها في خطر .

و كيف لا فهذا هو إرث سوريا ، إرث الحضارة البشرية ، إرث للأجيال القادمة ... هذه الحجارة المرصوفة منذ آلاف السنين يجب أن تبقى لو فني الجميع ، و لو لم يبق أي وارث أو مورث ، المهم أن تبقى .

كيف لا ينتفض المجتمع المخملي على هذه الهمجية القادمة ، و تستهدف التاريخ ، تستهدف الحضارة ، أمم متحدة ، دول حضارية ، نظام (الأسد) المخملي المهذب و المثقف ، معارضة وسورية راقية ، تؤمن بالحفاظ على سوريا الحجر و لو فني البشر.

تدمر التي يتسابق الجميع من يبكي أكثر عليها ، باتت فارغة من كل ما هو ثمين و بات تحت يد نظام الأسد ، تدمر الأثرية ليست إلا أطلال ، و لكن تدمير سوريا هو الأساس ، يهدفون على الحفاظ على الحضارة الحجرية دون الإكتراث بتدمير الحضارة الحالية ، و الروح البشرية لسوريا .

عندما يتم القتل المستمر الممنهج و المستمر و المتواصل للسوريين في كل مكان ، فلا حاجة لنا بكل آثار الدنيا ، و ليست "تدمر" في عينها ، بل كل شيء لا يسوي أي قيمة أمام أطفال و نساء و شيوخ و رجال سوريا ، و لو كان أغلى مكان لأي دين أو مذهب ، ابتداءً من الكعبة و انتهاءاً بحائط المبكى .

سوريا هي الانسان الذي يقتل و يجتهد الجميع للتعامي عنه ، و الركض وراء الحجارة ، كل ما يحدث ليس له دليل و لكن أن يوجد خطر على "تدمر" فهذا شيء غير محمول يسترعي من الجميع الإنتفاض في وجهه ، أما استخدام الكلور و الأسلحة الكيميائية فإنه لا دليل على ذلك ، و إن وجد دليل فيجب أن نتباحث في شأنه .

ليس دفاعاً عن داعش و أفعالها المدانة و لا خلاف على هذا الأمر ، و إنما مهاجمة لكل متكاذب على الحضارة و متعامي عن موت شعب بأكمله .

فلتدمر تدمر و يبقى السوري الحي ... و لا شيء يجاوز أهمية دمعة طفل سوريا مهما عظم في أعين الجميع ، فإنه في أعيننا صغير أمام مستقبل أاطفال .

و أجمل ما سمعت حول الآثار و ردات الفعل أنه يجب علينا أن نصبغ شهدائنا بلون ذهبي علّنا نجد من يتباكى علينا ...!؟

اقرأ المزيد
١٥ مايو ٢٠١٥
حزب الله و "داعش" في خندق واحد

منذ أن أطلت «داعش» على مشهد الثورة السورية، أثارت كل أشكال القراءات لمشروعها وتكوينها وأهدافها. منذ البداية، كان واضحًا افتراقها في الأولويات عن بقية فصائل الثورة، وتحديدًا الجيش السوري الحر الذي وصمته «داعش» بالكفر. ثم ما لبثت أن دخلت «داعش» في اشتباك عقائدي وفقهي وعسكري مع جبهة النصرة على خلفيات عدة أبرزها العلاقة بتنظيم القاعدة، بالدرجة الأولى، وتعيين «داعش» أمراء من غير جنسية الإمارة الموكلة إليهم، وهو ما اصطدم بالحساسية السورية لـ«النصرة».

ثم إن «داعش» لم تضع من سدة أولوياتها إسقاط نظام الأسد، بقدر ما حرصت على الاستحواذ والتفرد بأكبر مساحة جغرافية ممكنة، تعلن عليها الخلافة وتنطلق منها في حروب فتح وقضم جغرافي.

ولئن كانت «النصرة» أقرب في أولوياتها إلى بقية فصائل الثورة، وتحديدًا إسقاط نظام بشار الأسد، احتلت بالنسبة للنظام وحزب الله صدارة الأعداء، بينما حُيدت «داعش» التي وجدت لنفسها مساحة تفاهمات مباشرة وغير مباشرة مع الأسد، على ما تدل تجربة «داعش» في «ولاية الرقة»، حيث حظيت بدرجة تسامح عجيبة معها طوال سنتين ونيف قبل سقوط الموصل. وهذا مسار وثقته مجلة «دير شبيغل» الألمانية بتفاصيل صادمة حول مستوى التفاهمات الميدانية بين «داعش» والأسد.

رغم ذلك، فإن الدعاية السياسية لحزب الله ركزت، بشكل مغاير للواقع، على الاشتباك الهامشي مع «داعش» على الحدود اللبنانية السورية، رغم أن أغلبية المسلحين هناك من جبهة النصرة، فالحزب الذي يدرك أن الفظاعات الداعشية توفر مادة خصبة للتعبئة في بيئته، ولإحراج الخصوم في معركة الرأي العام، انتحل صفة القتال ضد «داعش»، ورعبها، بينما أغلب معاركه خيضت ضد «النصرة» والجيش السوري الحر.

وحين حلت معركة القلمون، الاستراتيجية بالنسبة لحزب الله والأسد، كون الحدود اللبنانية السورية هي آخر المعابر البرية التي يتنفس منها النظام، وجد حزب الله نفسه في خندق واحد مع «داعش»، حيث إن الاثنين يقاتلان «النصرة» والجيش الحر وبقية فصائل «جيش الفتح» المولود حديثًا!

الوقائع تفضح دعاية حزب الله، فهو بعد أن كان عرضة لهجوم استباقي شنته «النصرة» وحلفاؤها، ورفضت «داعش» الانضمام إليه، مطلع مايو (أيار)، وجد نفسه يقاتل «النصرة» يدًا بيد مع «داعش» وجيش الأسد. ولعلها من المفارقات المرعبة أن تجد «النصرة» نفسها وهي في ذروة القتال ضد حزب الله وجيش الأسد، عرضة لقطع طرق إمداداتها من قبل «داعش»، في توقيت لا يخدم إلا تقدم حزب الله في القلمون الغربي.

لا أدلة في المعركة الراهنة على تنسيق عملاني بين حزب الله و«داعش»، لكن السياق الظرفي للوقائع الميدانية يعزز الانطباع بتلاقٍ، ولو مؤقت، بين أجندتها وأجندة حزب الله. وهذا شبيه بالأدلة التي يستند إليها حزب الله في دعايته ضد «النصرة»، التي تسيطر على الحدود السورية «الهادئة» مع الجولان، وتنقل بعض مصابيها للعلاج داخل إسرائيل. فالدعاية السياسية للحزب تبتسر الوقائع بشكل تضليلي محترف، يخدم سعيها لضرب مصداقية أي فصيل من فصائل الثورة السورية، كما يخدم إحراج الخصوم في الداخل اللبناني. وهو ابتسار يريد القفز آيديولوجيًا فوق واقع أن إسرائيل جزء من الميدان السوري بحكم الموقع الجغرافي والحسابات الأمنية. وقد تنقلت إسرائيل على حدودها بين مساعدة جيش الأسد لتحرير معبر البياضة وبين القبول لاحقًا بـ«النصرة» على حدودها بعد التأكد أن أولوية التنظيم هي الأسد، أقله في المرحلة المنظورة.

وللإنصاف، فإنه بمثل ما هي «العلاقة» بين «النصرة» وإسرائيل علاقة تفاهم ضمني تمليه أولويات الطرفين، كذلك هي «العلاقة» بين حزب الله و«داعش». والحزب هو أبرز من يفهم مثل هذه العلاقات السرية والتفاهمات غير المباشرة بين أعداء. فهو تاريخيًا استفاد من شيء شبيه مع إسرائيل في حروبه ضد حركة أمل في جنوب لبنان، خلال ما يسمى حرب إقليم التفاح، حين كان يهرب الأسلحة والذخائر تحت نظر ميليشيا جيش لحد، الموالية لإسرائيل، والمشرفة مواقعُها على طرق الإمداد المستخدمة من حزب الله.

وحاضرًا، عقد الحزب نوعًا من تفاهم وقف إطلاق نار مع «النصرة» على قرى قضاء بعلبك الهرمل الموازي للقلمون الغربي، تتوقف بموجبه «النصرة» عن قصف القرى اللبنانية مقابل إمدادها بالوقود والطعام واللوازم الطبية.

لا تعكس هذه الوقائع زيف مواقف الأطراف الثلاثة؛ أي حزب الله، و«داعش»، وجبهة النصرة. فهم أعداء بلا شك، وضعتهم سخريات أقدار الحروب في مواقع تتقاطع فيها مصالحهم بشكل عبثي. ما تعكسه هذه الوقائع هو استحالة الهدف المجنون الذي يتنطح له حزب الله؛ أي حماية بقاء نظام الأسد.

هذه مهمة لا يحققها أي قتال في القلمون، وأي مكتسبات عسكرية فيه. فحزب الله يحاول القفز فوق واقع ديموغرافي يعني ببساطة أن أي انتصار له في سوريا يستلزم تهجير 19 مليون سوري سني، باتوا يكنون له عداءً مكينًا خارج أفق أي مصالحة أو تسوية.

هذه نتيجة سيصل إليها الحزب بلا شك، لكن المخيف أن يغامر، قبل ذلك، بالمزيد من العنجهية والجنون، وأن يسعى لإدخال الجيش اللبناني في معركة «تطهير» عرسال وجرودها من المسلحين الوافدين إلى لبنان بسبب معارك القلمون! مما يعني معركة تهجير 30 ألف لبناني سني من الحزام الرابط بين سوريا العلوية ولبنان.

بالمناسبة، ألم يقل حسن نصر الله إنه «دخل الحرب في سوريا كي لا يأتي التكفيريون إلى لبنان»؟

حظًا سعيدًا.

اقرأ المزيد
١٥ مايو ٢٠١٥
حرب الأنفاق... الموت القادم من تحت الأرض

على الرغم من العمل الشاق المجهد والوقت الطويل الذي يستغرقه حفر نفق تحت سطح الأرض في منطقة جبلية قد يصل طوله لأكثر من 1000 متر وفق عمل هندسي دقيق للوصول للهدف المطلوب إلا أن " حرب الأنفاق " أثبتت فعاليتها في المعارك الدائرة في عموم سوريا عامة ومحافظة إدلب خاصة والتي كانت السباقة في اعتماد الأنفاق وسيلة لتدمير قلاع النظام الحصينة في المناطق التي تتمركز فيها بعد استعصائها على كتائب الثوار ولعل ألوية صقور الشام التابعة لحركة أحرار الشام الإسلامية مؤخراً أول من سن هذه السنة الحسنة في حرب قوات النظام فكان أول نفق أرضي يستهدف "حاجز الصحابة " ضمن معسكر وادي الضيف هزة قوية أذهلت النظام وأربكت صفوفه بعد تمكن الثوار من قتل العشرات من جنوده وتدمير نقطة حصينة على أطراف المعسكر دارت حولها عشرات المعارك دون تمكن الثوار من السيطرة عليها لتتحول لكومة ركام خلال دقائق قليلة بعد عمل مجهد على مدار أشهر.


وبعد نجاح التجربة انتقلت الفكرة لمحافظات حلب ودرعا وتمكن الثوار من تدمير عدة نقاط حصينة ثم تكررت العملية في محافظة إدلب واستهدفت تلة السوادي ومبنى القيادة داخل معسكر وادي الضيف ثم تدمير قصر السعودي الحصين في جبل الأربعين وأخرها تدمير ثكنة الفنار العسكرية في قمة جبل الأربعين منذ أيام قليلة بنفق أرضي قامت ألوية صقور الشام التابع لحركة أحرار الشام الإسلامية بحفره في منطقة جبلية عصية إلا على معاولهم وسواعد أبطالهم الذين عملوا طوال إحدى عشر شهراً بشكل متواصل لحفر نفق يصل مداه لأكثر من 700 متر ثم ليجهز بعدة اطنان من المتفجرات ومع بدء ساعة الصفر تطلق التكبيرة المعلنة بدء التفجير لتتطاير أشلاء قوات النظام مع دباباتهم لمسافة عشرات الأمتار في الهواء دون أن يميز من كتبت له النجاة من اي جهة جاءهم الموت ولا تلبث دقائق قليلة وتنجلي غمامة الغبار معلنة زوال أكبر الثكنات العسكرية ومقتل كل من كان فيها من عناصر وضباط تحت الركام.


وتعتبر " حرب الأنفاق " من أبرز الإبداعات لثوار سوريا في محاربة قوات النظام والتي حاكت بها أنفاق حركة حماس التي كانت تستخدمها في الدخول لمناطق العدو الإسرائيلي أو الحدود المصرية بغية القيام بعمليات أسر أو نقل أسلحة وذخائر لمدينة غزة المحاصرة فكانت التجربة السورية مصدر رعب وقلق يؤرق جنود النظام وضباطه ويحقق خسائر كبيرة في صفوفه من حيث أعداد القتلى والخسائر العسكرية على الأرض ليبقى الموت القادم من تحت الأرض طيفاً يلاحق عناصر النظام حتى تحرير أخر نقطة عسكرية في عموم الوطن السوري.

اقرأ المزيد
١٤ مايو ٢٠١٥
الخطة الإيرانية لحصار الثوار في القلمون... حالش من أمامكم و داعش من ورائكم

تقتضي الخطة الإيرانية والتي سبق و نوه عنها حسن نصر الله أمين عام حالش في خطاب الهزيمة الأخير الذي يعتبر مقدمة للانسحاب من سورية تقتضي الخطة تشكيل فكي كماشة لمحاصرة الثوار في القلمون : حالش من أمامكم وداعش من ورائكم .

داعش شقيقة حالش فكلاهما تنطيمان مسلحان تكفيريان إرهابيان متأسلمان.

ثوار القلمون على ثلاث جبهات جبهة في مواجهة حالش وأخرى في مواجهة داعش وثالثة في مواجهة النظام الذي يعتمد بشكل أساسي بمشاركته على سلاح الطيران.

ثانياً إن استدعاء طهران ودمشق لداعش للقلمون الآن دليل على فقدان القوة البشرية والعسكرية للنظام وكذلك دليل ضعف حالش عسكريا وبشريا ولوجستيا بعد حرب استنزاف مازالت مستمرة للعام الخامس على التوالي.

إن حالة الضعف والتآكل الداخلي لحزب الله في قاعدته الشعبية نتيجة الخسائر البشرية الفادحة والتي تدفعه منذ عدة أشهر لتجنيد الأطفال واليافعين من أبناء البقاع اللبناني لنشرهم على التلال والمناطق الحدودية من أعمار تتراوح بين 13 و 18 سنة دليل إفلاس الحزب.

هذه الحالة وبدء المعارك الضارية في القلمون دفعت ماهر الأسد  للاتصال ب نبيه بري وإعطاءه أمر إرسال مؤازة للقلمون من ميليشيا حركة أمل الطائفية  و استجاب بري للتعليمات دون تردد.

ثالثاً : إن اتساع الرقعة الجغرافية للقلمون وجرودها وهي مناطق جبلية وعرة تمتد على طول الحدود مع لبنان من جهة القلمون على طول 100 كم مما يجعل النظام وحالش وداعش وأمل في ورطة لأن أكثر المقاتلين الثوار في جبهة القلمون هم من أبناء المنطقة ويعرفون طبيعتها الجغرافية و تضاريسها تماماً.

رابعاً: تهدف إيران من استدعاء داعش للمشاركة إلى توريط الجيش اللبناني في المعارك وجره مرة جديدة لمسرحية دامية في عرسال اللبنانية فحزب الله لا يستطيع  لأسباب طائفية الدخول بشكل مباشر ومعلن في مجازر في عرسال بحق الأهالي واللاجئين لكنه قادر على توريط الجيش اللبناني عبر استدراج أو استدعاء عناصر مسلحة مشبوهة من الأراضي السورية و زج مجموعات من عناصره في عرسال بملابس الجيش اللبناني وبتعاون وتواطئ ضباط من الجيش اللبناني مع حزب الله كما حدث في أحداث عرسال كما تهدف الخطة الإيرانية إلى توريط الجيش اللبناني في معارك مفتوحة مع داعش ليس على المناطق الحدودية فحسب بل جره لمعارك القلمون على الأراضي السورية.

خامساً: تقتضي الخطة السيطرة على النقاط والتلال الاستراتيجية المطلة على القلمون لحرمان الثوار السوريين من قطع طريق دمشق حمص الساحل ولأن تأمين هذا الطريق الذي يعتبر شريان حياة للنظام وحالش ضرورة من أجل حماية ظهر كوادره الأمنية والعسكرية و الإيرانيين مع إجلاءهم من سورية بعد إعطاء إشارة الانسحاب مع انهيار وشيك للنظام.

سادساً : معارك ثوار القلمون التي تدور في الجرود الجنوبية للقلمون وفي منطقة العجرم ضد داعش هي لحرمان حالش وإيران من الاستثمار السياسي والعسكري و الإعلامي من وصول داعش للحدود اللبنانية من تلك المناطق وحماية الأهالي اللبنانيين وبشكل خاص أهل عرسال واللاجئين السوريين مما تحضر حالش ضد عرسال.

سابعاً: ادعاء حزب الله بالسيطرة على تلة موسى غير صحيح فتلة موسى ترتفع 2700 متر تقريبا وهي تلة كبيرة ووعرة وفيها تحصينات كثيرة تركها النظام عند انسحابه في تشرين الماضي وما حصل هو تقدم عناصر حالش في أجزاء محدودة من تلة موسى أمام انسحاب تكتيكي متعمد من بعض النقاط من الثوار لكنه انسحاب يخفي مفاجآت .

ثامناً: يعتمد حزب الله والحرس الثوري الإيراني على بلدة الطفيل اللبنانية كموقع لبناني استراتيجي متقدم  في الأراضي السورية فبلدة الطفيل تقع في لسان جغرافي لبناني يدخل في الأراضي السورية وقام حزب الله بتهجير جميع أهالي الطفيل اللبنانيون السنة وحولها لمنطقة عسكرية وللعلم فإن الدخول للطفيل يقتضي الدخول عبر سورية رغم أنها لبنانية !

أخيراً فإن قيام حزب الله بتنظيم زيارة لمجموعة من الصحفيين لم تكن لمناطق في جرود القلمون السورية كما ادعى حزب الله في بروباغندا للصحفيين  وهي بهذف رفع معنويات مقاتليه وقاعدته الشعبية بل كانت زيارة الصحفيين في مناطق محددة سلفاً في جرود نحلة وبريتيل اللبنانيتين والقريبتين من الحدود مع سورية.

فهد المصري / منسق مجموعة الإنقاذ الوطني

رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية حول سورية

اقرأ المزيد
١٤ مايو ٢٠١٥
الجيش الحر ركيزة أساسية في معارك التحرير بإدلب

من خلال المتابعة لتطورات الأحداث في محافظة إدلب وسير المعارك الدائرة على عدة جبهات من جسر الشغور حتى أريحا قد يراود بعض المتابعين الأفكار التي طالما عمل البعض على ترويجها بحق فصائل الجيش السوري الحر واتهامه بالعمالة للنظام تارة وللغرب الأمريكي تارة أخرى ولا سيما بعد زوال أكبر الفصائل التابعة للجيش الحر المتمثلة في جبهة ثوار سوريا وحركة حزم من المنطقة بعد الاقتتال الأخير مع جبهة النصرة والتقدم الذي شهدته محافظة إدلب في التحرير من وادي الضيف والحامدية حتى جسر الشغور وجبل الأربعين حاليا , في محاولة منهم لإظهار جبهة النصرة كفصيل معادي للجيش الحر وإعطاء الثورة السورية صفة التشدد الديني بعد غياب الجيش السوري الحر المعتدل فعمل البعض على الترويج لدعشنة الثورة تارة و إظهار جبهة النصرة الفصيل الأقوى في المنطقة في مظهر المناصر لتصرفات تنظيم الدولة تارة أخرى وأنها جزء من مشروع الإمارة المرتقبة وأن الجيش الحر من أبناء الشعب السوري يحارب من الطرفين في أن واحد سعياً لبسط كل منهما نفوذه في منطقة.


ولكن المتابع لتطورات الأحداث عن قرب ولاسيما المعارك الأخيرة في ريف إدلب يجد مكونات الجيش السوري الحر المعتدلة حسب تسميات البعض جنباً الى جنب وفي خندق واحد مع فصائل الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة وهذا ما ظهر جليا في معارك مدينة إدلب وأريحا وجسر الشغور التي أثبتت وجود الجيش الحر بقوة في المعركة وفعالية سلاحه ولا سيما الصواريخ المضادة للدروع التي يحصل عليها كدعم من الدول الغربية في تدمير الأليات الثقيلة من دبابات وعربات مصفحة والتي كان لها دور كبير لا يمكن لأحد أن ينكره في سير المعارك.


وتتمثل هذه الفصائل بتشكيلات عسكرية كانت متواجدة على الارض منذ بداية الحراك المسلح والتي حافظت على تواجدها ولم يحصل أي صدام بينها وبين جبهة النصرة أو أي فصيل كـ " الفرقة 13 - الفرقة 101 - الفرقة 21 - لواء فرسان الحق - فيلق الشام - لواء صقور الجبل - تجمع صقور الغاب - جبهة الشام " وعدد أخر من التشكيلات التابعة للجيش الحر التي تشارك هذه الفصائل في المعركة دون أن تظهر أعمالها على وسائل الإعلام.


وهذا ما يؤكد بطلان الادعاءات الباطلة التي تعمل بعض الجهات على ترويجها عن زوال الجيش الحر في الشمال السوري وكأن جبهة ثوار سوريا وحركة حزم هي من كان يمثل الجيش الحر دون غيرها من الفصائل العاملة على الأرض والتي لم تعطى حقها من التغطية الإعلامية بالرغم من أعمالها الكبيرة فظهرت التشكيلات الأخرى على حسابها في عدة مناطق.


كما ينفي الادعاءات الغربية عن سيطرة الفصائل الإسلامية المتشددة حسب وصفها على الأرض وممارسة التدين على الشعب السوري وفرض العناصر الاجنبية القادمة من دول إسلامية عدة سلطتهم على أبناء البلد خصوصا أن أكثر من 90 بالمئة من مكونات جبهة النصرة والفصائل الإسلامية باتت من أبناء الشعب السوري ممن وجدوا في هذه الفصائل العون والطريق في تخليص أرضهم من الإحتلال الأسدي المجرم.


ولكن الترويج الإعلامي المسيس الذي تعمل على ترويجه بعض القنوات الإعلامية المدعومة من دول عربية وأجنبية في إهمال وجود الجيش الحر جنباً الى جنب في المعارك الدائرة في الشمال السوري مع الفصائل الإسلامية وجبهة النصرة لغايات متعددة كلها تصب في خدمة مشروع أل الأسد والدول المحاربة لمشروع الدولة السورية الإسلامية بالقول والعمل لا كما يدعي النظام الذي اتخذ من الدين شعاراً لحكم الشعب وكرس كل طاقاته لمحاربته على مدار عقود طويلة.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٢ سبتمبر ٢٠٢٥
رسائل "الشرع" من قمة كونكورديا: خطاب يفتح أبواب سوريا على العالم
أحمد نور الرسلان
● مقالات رأي
٢٠ أغسطس ٢٠٢٥
المفاوضات السورية – الإسرائيلية: أداة لاحتواء التصعيد لا بوابة للتطبيع
فريق العمل
● مقالات رأي
١٣ أغسطس ٢٠٢٥
ازدواجية الصراخ والصمت: استهداف مسجد السويداء لم يُغضب منتقدي مشهد الإعدام في المستشفى
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٣١ يوليو ٢٠٢٥
تغير موازين القوى في سوريا: ما بعد الأسد وبداية مرحلة السيادة الوطنية
ربيع الشاطر
● مقالات رأي
١٨ يوليو ٢٠٢٥
دعوة لتصحيح مسار الانتقال السياسي في سوريا عبر تعزيز الجبهة الداخلية
فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني