انطلقت اليوم عمليات تحرير الأنبار العراقية من قبضة داعش على مستوى كبير و بقرار دولي بغية إنهاء أي خطر قد يهدد بغداد أو النجف أو كربلاء وبالتالي إيران ، و تحمل العمليات اسم "لبيك يا حسين" ، حملة لا صبغة طائفية فيها مطلقاً ولا أي شيء سلبي و إنما الأمن و السلام تفيض من جنباتها ، الأمر الذي يستدعي دعم "لبيكِ يا زينب" لتكون الجزء المستنسخ في سوريا .
تؤكد التطورات أن ما يجري على الأرض من عمليات هنا و هناك ، تعتمد بشكل فعلي على نسق طائفي و استنصار لطائفة على أخرى ، فامريكا متيقنة أن مواجهة المد المعادي لمصالحها ، لا يكون إلا باستخدام سلاح سري تملك مفاتيح توجيهه وعجلة قيادته و إيقافه في الوقت الذي يحقق مصالحها.
بلغة صريحة ، لا يمكن أن تضبط أي تطور للسنة إلا من خلال عمالة "الشيعة" و مساندتها سراً ، ففي القلمون مع تأكيد أن أمريكا تقوم بتقديم المعلومات الإستخباراتية لمليشيا حزب الله الإرهابي ، لتحقيق التفوق على الأرض ، ليمهد الطريق في الأيام القادمة من تطور على مستوى أوسع مع إقتراب تشكيل حشد شعبي جديد في سوريا تحت مسمى "لبيك يا زينب" ، لمواجهة داعش و التطرف الإسلامي "السني" الذي لا يتناسب و خططها و برامجها .
فالشعارات المغذية للنفس "الشيعي " محللة و مباحة و يقدم لها الدعم و المساندة ، في حين أي ظهور لأي مكون سني فإن سمة "الإرهاب" حاضرة قوة و ليتم حصارها ووأدها و إنهاء أي تطور لها ، سواء بالحرب عليها بشكل مباشر أم بزرع الطوابير لتنخر بها من الداخل .
لا يكاد يمر اليوم حتى نسمع عن تكرار لكلمة داعش مئة مرة ، و لايمر نفس اليوم حتى يكون "الإرهاب" ملاحق لكل تفصيل من تفاصيل الثورة السورية و السعي بكل الجهود لإصباغها بهذه الصبغة ، والسبب معروف تماماً أن أمريكا لم تجد في الثوار مساندة فعالة في مواجهة داعش ، وليس لرفض الثوار هذه المواجهة أو مواجهة اي فكر متشدد ، بل لأن لدى الثوار أولوية أهم أو موازية لهذه المواجهة ألا و هي النظام الذي يمعن في القتل و يوغل في الدم أكثر فأكثر.
الاختلاف في ترتيب الأولويات جعل من أمريكا تركز جهودها بشكل مفضوح نحو المكون "الشيعي" ليكون أداة الطيعة في يدها و تحقق مآربها ، و بنفس الوقت يبقى الحال على ماهو عليه في سوريا ، ويبقى نظام "الممانعة" موجوداً حارساً أميناً للمنطقة بالشكل المطوب و يزيد عن ذلك.
تشهد الأجسام السياسية المعارضة حالة من التكاثر والتوالد من خلال المؤتمرات المنتشرة في عدة بقاع من المعمورة ، من جنيف إلى الإستانة فالقاهرة ، وحط الرحال وفق ماهو متفق عليه سيكون في الرياض ، لكن هل هذا هو الإستثمار الأمثل للإنتصارات الميدانية التي كلفت الكثير و دفع ثمنها خيرة أبناء الشعب السوري ، و يواصلون التسديد ، ليأتي بضعة من ممتهني السياسة ليرموا بها و يضيعوها بخلافاتهم و صراعاتهم و الوصف الدقيق "ولدنة سياسية" .
لنكرر الحديث عن ذات القاعدة الذهبية "حرب بلا سياسة قتال بلا طائل ... و سياسة بلا حرب كلام بلا فائدة" ، و تحقيق أي طرف دون تناغم مع الشق الثاني سيكون الأمر بلاطائل و ستتحول القضية إلى موت مجاني و طويل ، و سيكون أرضاً خصبة لكل المشاريع التي يحملها المتحاربون سياسياً في العالم ضد سوريا .
بُليت الثورة السورية بعدة بلاءات ، و أبرزها "الولدنة السياسية" ، يعزوها البعض إلى التغيب الذي قاده نظام الأسد لمدة تفوق الـ40 عاماً ، و لكن هل يكفي أن نقول هذا و نجلس متفرجين على ما يحدث ..!؟ ... ألا تكفي السنوات الأربع لنخرج ببعض ممارسي السياسة و ليس المحترفين ..!؟
اليوم ستكون الثورة السورية أمام مرحلة مفصلية تتطلب ولادة أو قيام جسم سياسي بقيادة العمل على الصعيد الخارجي و تمثيل الثورة أمام الأمم و استحواذ الإنتباه و الثقة من الجميع ، فالأرض ممهدة و بشكل كبير بفضل دماء شهدائنا ، و لا يحتاج الأمر سوى لظهور سياسي قوي يساير العسكري ليتم الوصول إلى الإتفاق السياسي الذي سيوقف الحربو يعلن المنتصر شروطه و التي على ضوئها سيكون الحل السياسي ، فالمنتصر على الأرض موجود و لكن الإعلان لا زال في الإنتظار.
أوصي إخواني الكرام من أهل الشام بعدم قراءة هذه المقالة القصيرة، فإني أضنّ بأوقاتهم الثمينة أن يضيّعوها فيما هو معلوم عندهم من الثورة بالضرورة، وإنما كتبتها لغير السوريين الذين لم يعرفوا حقيقة داعش إلى اليوم، الذين ما يزالون يَقومون من فتنة من فِتَن داعش ليسقطوا في أخرى، فهي عندهم دولة الإسلام التي لا ريب في صدقها وإخلاصها إذا ضربها التحالف الصليبي، وهي كذلك إذا قاتلت الأحزاب الكردية، وإذا استخلصت من النظام معسكراً أو حقلاً نفطياً أو بلدة أو مطاراً من المطارت.
ولن يعتصم المسلمون من السقوط في هذه الفِتَن جميعاً إلا إذا أعادوا معايرة النظارات التي ينظرون بها إلى داعش، ليروها على حقيقتها: تنظيماً غادراً مهمته نقض الإسلام وإذلال المسلمين، لا جماعةً تعمل لنصرة المسلمين ورفع راية الإسلام.
* * *
أيها المسلمون الذين لا تعلمون: اسمعوا واعرفوا حقيقة داعش من أهل الشام، فقد تعبنا من جهلكم بها ومن إصراركم على تجاهل جرائمها في حق أهل الشام. كفاكم غفلة؛ آن لكم أن تعلموا أن داعش عدو للمسلمين كالنظام النصيري سواء بسواء، وأن ما أصاب مجاهدي الشام من بلاء بسببها لا تكفي لبيانه المجلداتُ الطوال.
اعلموا أن نصر داعش المزعوم في تدمر ليس سوى خنجر لطعن الثورة وضرب المجاهدين، وأن داعش ما حققت نصراً إلا كان أهل الشام ومجاهدو الشام أكبرَ ضحاياه، وأنها عدو لسوريا وأهلها ومجاهديها، وأنها رمح مسموم ما يزال يطعنها في الظهر مُنذ ولدت داعش ومنذ نبتت نبتتها الخبيثة في أرض الشام.
لا يستخنّفكم نصرٌ مزعوم على النظام في تدمر، بل انظروا إلى غدر داعش بالمجاهدين وحربها السافرة عليهم في القلمون وريف حمص وغوطة دمشق وفي حلب وحوران، وعُدّوا -لو استطعتم أن تعدّوا- ضحايا داعش الذين تنحرهم كل يوم بدعوى الردة، وهم من أهل القبلة ومن كرام المجاهدين.
* * *
يا أيها المسلمون: كفاكم غفلة، كفاكم تيهاً عن الحق وانتصاراً للباطل الخدّاع. لا تصفقوا لداعش ولا تنخدعوا بها كلما حققت إنجازاً على الأرض، فليس التصفيق لها والانخداع بها من صنع العقلاء العلماء الذين يعقلون ويعلمون.
أمَا إنكم لو علمتم ما نعلم لاستأجرتم النوّاحات كلما حققت داعش نصراً مزعوماً على النظام، لأنها لا يُسمح لها بتحقيق نصر على النظام إلا لتستخدمه في طعن المجاهدين وضرب الجهاد في أرض الشام.
أمَا والله لو أن داعش قبضت على بشار وأخرجت أباه من قبره فنفخت فيه الروح ثم وضعتهما في قفص وأوقدت فيهما النار ما آمنت بها ولا ازددت بها إلا كفراً. لعنة الله على داعش وعلى من اتخذ داعش إلهاً معبوداً من دون الله، لعنة الله على من ترك دين الإسلام الصافي والتحق بالديانة الداعشية المسخ، التي خدعوا بها مغفَّلي الأمة حتى يظنوا أنها هي دين الإسلام.
اللهمّ من أيّد الخوارج القتلة الذين يكفّرون مسلمي الشام وينحرون مجاهدي الشام فألحقه بهم في قعر الجحيم وامسخه مثلهم كلباً من كلاب النار.
إذا كان رفض الموت من أجل بشّار الأسد يعني أنّنا من »شيعة السفارة»، فنحن بالتأكيد «شيعة السفارة».
إذا كان رفض المشاركة في الحروب الأهلية العربية يعني أنّنا من »شيعة السفارة»، فنحن نوافق على أنّنا «من شيعة السفارة».
إذا كان رفض معاداة العرب كرمى لعيون المرشد الإيراني يعني أنّنا من »شيعة السفارة»، فنعترف أننّا «شيعة السفارة».
إذا كان العناد على لبنانيتنا، ورفض أن نصير من جنود الوليّ الفقيه، ورفض أن نؤجّر مستقبلنا، ورفض موت الآلاف من أقربائنا وأولاد أعمامنا وأولاد خالاتنا وأولاد جيراننا، في حرب عبثية ضدّ خيارات الشعب السوري، إذا كان كلّ ذلك يعني أنّنا من «شيعة السفارة»، فنحن دون سؤال «شيعة السفارة».
إذا كان رفض الخيارات الانتحارية لحزب الله في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين و”في كلّ الأماكن” يعني أنّنا من «شيعة السفارة»، فنحن نبصم أنّنا من «شيعة السفارة».
إذا كان رفض معاداة العرب حرصاً على مصالح مئات آلاف اللبنانيين ومن بينهم ما يقارب 100 ألف عائلة شيعية في الخليج العربي، يعني أنّنا من «شيعة السفارة»، فنحن طبعاً «شيعة السفارة».
إذا كان انتماؤنا العربي مقدّساً، لأنّنا في بحر عربي من المحيط إلى الخليج، يعني أنّنا من «شيعة السفارة»، فنحن ولا شكّ «شيعة السفارة».
إذا كانت استقلاليتنا وتضحياتنا بعدم القدرة على دخول وظائف الدولة لأنّ “حزب الله” يعاقب كلّ من ليس معه، وإذا كان استعدادنا لقبول محاربتنا في أرزاقنا بالجنوب والبقاع والضاحية، فقط لأنّ لنا رأي مختلف في السياسة وفي مستقبل هذه الطائفة، إذا كان هذا يعني أنّنا من «شيعة السفارة»، فنحن بالطبع من «شيعة السفارة».
إذا كان الإصرار على مدّ الأيدي وبناء علاقات مع بقيّة أبناء الطوائف والمذاهب في لبنان، واعتبار السنّة أبناء الوطن والدروز شركاء والمسيحيين ضرورة وطنية والعلمانيين حاجة والمدنيين أساس بناء الوطن، إذا كان هذا يعني أنّنا من «شيعة السفارة»، فسجّل عندكً: نحن من «شيعة السفارة».
إذا كانت قراءتنا النقدية لتاريخ الجنوب والشيعة في لبنان تحتم علينا الالتفات إلى أنّ هناك من قتل قيادات “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية – جمّول” لتحويل المقاومة العابرة للطوائف إلى مقاومة شيعية، فيها بذور نهايتها الحتمية، إذا كان هذا يعني أنّنا من «شيعة السفارة»، فاكتب في محاضر المباشرة بقتلنا: نحن من «شيعة السفارة».
إذا كان رفضنا الانجرار إلى منطق الفتنة والمذهبية وإصرارنا على أنّنا لبنانيون وعربُ قبل أن نكون شيعة ومسلمين، وإذا كان عنادنا في القول إنّ لدينا رأياً آخر ومختلفاً، وإنّنا نريد أن نعيش بسلام وليس في حروب دائمة، وإنّنا نجرؤ على الصراخ بوجه الظلم، ولا تخيفنا البنادق والتهديدات بالقتل، كما لم يَخَف جدّنا الحسين من تهديدات القتل في كربلاء، ولم يسلّم لهم تسليم الذليل ولا أعطاهم إعطاء الخائف والمتردّد، إذا كان كلّ هذا يعني أنّنا من «شيعة السفارة»، فنحن وبلا تردّد من «شيعة السفارة».
نحن من الشيعة الذي رفضوا قتل هاشم السلمان، الشاب الشيعي العشرينيّ المدنيّ، أمام السفارة الإيرانية في بيروت، وراح دمه هدراً أمام عيون القوى الأمنية. قتله »شيعة السفارة» الإيرانية بلا رحمة.
نحن من الشيعة الذين نريد علاقات طبيعية مع الغرب، بدلا من استجداء حقّ نوويّ من هنا، أو بعض المليارات من هناك، والتي قدّمت إيران تاريخ عدائها الطويل مع أميركا، كلّه طمعاً ببعض الدولارات في لوزان.
نحن من الشيعة الذين نريد أن نكون منسجمين ومندمجين في مجتمعاتنا، كما أوصانا الراحل الإمام محمد مهدي شمس الدين، وألا نؤجّر عقولنا، كما أوصانا العلامة السيد محمد حسين فضل الله، رفضاً لولاية الفقيه، وألا نكون ملحقين بدول أخرى، كما أوصانا الإمام المغيّب (بعلم الممانعة وموافقتها) موسى الصدر.
نحن من «شيعة السفارة»، لكن السفارة اللبنانية في دويلة “حزب الله”.
نحن من «شيعة السفارة» اللبنانية في هذا الشرق الذي يفرح أبناؤه وهم ذاهبون إلى تغيير الحدود وتغيير الجغرافي وليّ ذراع التاريخ والأخلاق والمنطق.
نحن من «شيعة السفارة» اللبنانية في بلد يريده كثيرون أن يصير دويلات مذهبية وطائفية.
نحن من «شيعة السفارة». وسجّل عندكً: لقد صرنا كثيرين.
الآن ومع انقشاع الغبار حول الإسطورة الزائلة "مشفى جسر الشغور" ، و تبيان نهاية كل من كان متحصن فيه ، لابد الآن من التفرغ لمهاجمة جيش الفتح و القدح فيه ، و التقليل من اهميته ، و العبث في ايدلوجيته ، و المطالبة بمحاكمته ، و طبعاً لن أنسى "التخوين" و اللعب بمصطلحات المؤامرة و التوافق مع المحاصرين لإخراجهم .
كان بودي لو نتحدث عن التحرير بحد ذاته و مدى أهميته في كسر آخر بقايا الروح المعنوية لمؤيدي الأسد ، و تحطيم كل وعد وعد به ، و دوسه تحت أقدام الثوار الأبطال ، كنت أمني نفسي أن نتغنى بإنتصارات التي لم نعتد عليها (حجماً – كماً - نوعاً) ، الأساطير تحطمت و الأراضي تم فتحها و تحريرها من وادي الضيف إلى إدلب و جسر الشغور فالقرميد من ثم جبل الأربعين ، و المسطومة القاتل ، و اليوم المشفى برمزيته المعنوية ، و غداً قد تأتي أريحا لتكون إدلب خضراء تماماً ، لكن للأسف هناك من يعبث حتى بلحظات و نشوة الإنتصار ليحرمنا بها من خلال "إفك" و "خداع" و شر "نظرية المؤامرة" .
في الوقت الذي يواجه الثوار على الأرض أقذر نظام و أشنع مساندين ، يجلس من بعيد أناس يسمون أنفسهم بـ"الثوار" "الأحرار" ، يتخذون كل الأسماء التي تمنحهم الرقي ، الرقي بـ"الإسم" ، و في الفعل التركيز يكون كله منصب : أين أجد ما أنهي به سعادة هؤلاء ، أين أجد ما يسحب البساط من تحتهم لأظهر من جديد.
لا يوجد شخصية أو تيار بعينه و إنما هناك عدد غير محدد من أناس أرادوا أن يبقوا تحت عفنة "الأنا" ، و لسان حالهم يقول :
هل هؤلاء من سيحكمنا ..؟؟
هل هؤلاء سيعلمونا كيف نعيش؟؟
العملية كلها بيع و شراء بين النظام و الثوار ..؟؟
و تبادلون الآراء حول كل ما يحدث يقولون أنها " كذبة – لعبة – مؤامرة" الغاية منها:
قتل الإنسان السوري ، الغاية منها إقصاء الفئة المثقفة ، الفئة الحرة التي تؤمن بحرية الأجساد و الأفكار ، و لو مست الغير أو حاصرت حرية الآخر ، الحرية المنشودة لهم أن يفعلوا ما يرضيهم و يحاسبوا الجميع ، و ان يأمروا و يخونوا و يقتلوا الأرواح بالكلام ، بينما لا يحق لأحد أن يحد من سلطاتهم ، فهم خارج الحساب .
كنت أمني النفس أن نكون أكثر حنكة في اكتساب لحظات لنشعر بنشوة النصر ، لكن اعتدنا ان نجد حجرة عثرة أمامنا ، ونحارب الطواحين ، رغم أن الجرذان لازالت تعيث فساداً في الأرض ، فنتناساها و نلجئ إلى محاربة الوهم .
فالنقضِ على الجرذان ، و من ثم نقرر من يحكم و كيف ، مع التوضيح أنه لا يحق لمن قرر الإبتعاد و الترك ، أن يقرر بدلاً من وضع روحه في مواجهة الموت المرسل عليه و إليه من كل أصقاع الأرض.
مشفى جسر الشغور ليس اسطورة أو شيء معقد او مستحيل إنما هو حالة من كسر آخر ما بقي من روح معنوية لنظام الأسد من أعلى قمته لأسفلها ، فالمشفى هو "الوعد الكاذب" ، و نمني أنفسنا أن يكون الوعد القادم حلب و من ثم دمشق.
قامت شبكة شام الإخبارية بالتعاون مع رابطة الصحفيين السوريين ومنظمة همم بإصدار كتيب إلكتروني بعنوان “دليل الناشط الإعلامي” من إعداد الإعلامي أحمد دعدوش، حيث قمنا بنشر الكتاب في شهر مايو 2013.
وجاء في مقدمة الكتيب الدور الذي لعبه المواطن الصحفي خلال ثورات الربيع العربي، والذي تطور ليصبح في بعض الثورات كالثورة السورية “ناشطاً إعلامياً يمتلك مهارات إعلامية توازي الصحفيين المبتدئين في المهنة”، حيث يحاول هذا الكتيب تقديم “قدر كافي من أسس ومهارات المهنة” للناشطين.
وضم الكتيب العديد من الموضوعات المبوبة التي تجيب عن أسئلة العديد من الناشطين في مجال الإعلام، فهناك باب “كتابة الخبر الصحفي” الذي يتناول أنواع وأقسام الخبر ومهارات تحريره، وهناك باب “مهارات الناطق الإعلامي” وباب “تصوير الفيديو”، كما يتطرف باب “التصوير بهدف التوثيق الجنائي” إلى الجانب الحقوقي من عمل الناشط الإعلامي".
وينتهي الكتيب بباب موسع عن إعداد التقارير التلفزيونية بشكل مفصل ومجزأ نسبياً، وذلك بدءاً من تحديد الموضوع إلى وضع هيكل التقرير، ثم التصوير الميداني وإجراء المقابلات، ومن بعده كتابة نص التعليق وكيفية إلقائه، وانتهاءاً بالمونتاج.
لتحميل الكتاب يرجى النزول الى الأسفل لتجده في المرفقات.
بعد مرور أربعة أعوام ونيّف على انطلاقة الثورة السورية المباركة الطامحة لتحقيق الحرية والكرامة ، ودولة العدل والسيادة والمواطنة لعموم السوريين
وبعد انكشاف عورة المجلس الوطني اولا ومن ثم الإئتلاف المُسمّى وطني ايضاً والذي يزعمُ زوراً وبهتاناًتمثيله للثورة
وبعد الإطمئنان تماماً بأنهم يجلسون في الخندق المعادي تماماً لطموحات الثورة والشعب السوري الذي دفع أثماناً باهضة من دمِ أبنائهِ وعمران الوطن وأرزاقه ، ومستقبله كما تمّ تهريب وسرقة مصانعه وأثاره التاريخية
بعد كل هذا الدمار الوحشي ونهب ممنهج وملايين الشهداء والمعتقلين المغيبين والمعاقين والجرحى والمشوهين وجيلاً من المحرومين من العلم والمعرفة
لا بد لنا ان نعترف ونواجه الجميع بان هذا الإئتلاف لا يمثل أحدا وهو من ألد أعداء الثورة ويتأمر على أهدافها وطموحها وكان أخر قشّة كسرت ظهر البعير الغبي الهرِم المتمثل بالإئتلاف هي مؤتمر الصدفة الذي لم يكن له ضرورة اصلاً
ونبدأ أولاً بالرغبة الشعبية العارمة التي انطلقت من فنائها ثورتنا بأنه لا احد
فوق المحاسبه وان اكبر مسؤول في الدولة البوليسية التي ثرنا عليها وفي دولة الغد ليس سوى موظف عام يقوم على أداء ما يجب ، ويُتقِن مع طاقمهِ من خدمات لعموم الشعب ودون تأخير أو تردد أو مخالفة أو تمييز
اي أنه خادم للشعب وليس سيداً له والمحاسبة لكل من تسوّل له نفسه التقصير والتخاذل والتمييز كي يكون عبرةً حقيقيةً لهُ ولمن يأتي بعده ليفهم الجميع ان لا أحد اكبر من الوطن
لا زلنا نجد روح النظام المتجذّرة وكذلك روح التعاون مع أعداء الثورة ممن يُسمى أصدقاء الشعب السوري لوأد الثورة وتقزيم نتائجها وإعادتنا لزرائب الإستبداد!؟
إذ لم يُكتب في تاريخ الثورات ابداً بأنَّ هُناك قضية وطنية انتصرت و كان زعمائها لصوص ومرتزقة وأشرار .
كذلك الثورة التيّ يتشدّقُ من تصدَّر مشهدها السياسي بتضحيات وصمود ابنائها ، في الوقت الذي باعوا فيه ضمائرهم و وجدانهم ! بل و مستعدين لبيع حتى " ما تمّ التضحية من اجله" في سبيل أطماعهم ودنائتهم .
إن إسقاط النظام دون التحرر من رواسبه لن يمنحنا إلا الفشل والقهر والخيبةوالخراب الأبدي .
لذلك ومن خلال ما مكروا بنا وما مرَّ خلال هذه الأعوام القاحلة من النبلاء وفرسان الزعامة الوطنية الحقيقيين فإننا الناشطين والعاملين في قوى الثورة ندعوا :
1 * إعلان التعبئة الشعبية بالداخل والخارج و الدعوة العلنية والعامة والموحدة لإسقاط الإئتلاف كاملاً دون استثناء وتحطيم مؤسساته التي تمّ تصنيعها حسب طلب أعداء الثورة وبمقاسات أحذية اللاعبين الكبار لإعادة إنتاج الإستبداد وتدوير زبالاته بوجوه قبيحة وقميئة تتوارث سياسات النظام الإستبدادي ، وتكرّس محاصصته وطائفيته ومناطقيته البائسة
2 * الدعوة فوراً وضمن أليات منهجية شفافة ، ومدروسة بإحكام لإيجاد بديل شرعي مُنتخَب أصولاً على صعيد التمثيل الخارجي ثم الإنعطاف للتعاون ونيل ثقة الداخل بناءً على برنامج وطني لا لبس فيه ولا غموض ويتبنى كل الطموحات السورية - الشعبية بدولة مدنية - ديمقراطية ، تؤمن وتخطط وتطمح للعدالة والمساواة والتنمية العامة والسيادة الوطنية وإستقلالية القرار السوري دون عرضه في مزادات النخاسة الدولية والإقليمية .
3 * الدعوة فوراً لإطلاق عملية إنتخابات حرّة وشفافة بإشراف مفوضيّة إنتخابات وطنية وحيادية ،عبر المنافي ومخيمات اللجوء لإختيار ممثلي الثورة ضمن جمعية سورية تأسيسية ، تجتمع فور انتهاء عمليات الفرز وإشهارها للملأ ، تكون هي السلطة العليا في الثورة تجمع مؤسساتها الثورية كاملة تحت قبة واحدة في اطار وطني موحد
4 * تقوم الجمعية التأسيسية بدورها فوراً للدعوة لعقد مؤتمر إنقاذ وطني عام تتم من خلاله دعوة مؤسسات الداخل الثائر منظمات مجتمع مدني والتشكيلات العسكرية ليتم بعدها تشكيل جسم عام ومنظّم ومعترف به ويحمل راية الثورة وطموحاتها حتى النصر الناجز
نعم المسطومة محررة ، لم لا نصدق ، لا نستوعب ، الحقيقة الإسطورة أكبرمن تكسر و تصبح رماد تحت أقدام الثوار ، القصة أعقد من أن تنتهي في مخيلتنا بهذه السهولة .
المسطومة التي يتجلى فيه كل نظام الأسد و حزب البعث ، المسطومة مصدر الموت لإدلب طوال أربع سنوات ، المسطومة مصدر مفسدة للأجيال طوال أعوام ، المسطومة نبع البعث عبر "طلائعه" ، المسطومة هي الحصن الذي تكسرت على أبوابه عشرات المحاولات و في محيطه استشهد أنقى الناس ، المسطومة بعد عِسر أربع سنوات بات يسير و في متناول يد الثوار.
منذ بداية التحرير في وادي الضيف كانت العين عليه ، و انطلق "الفتح" و قنص إدلب و النظر مشدوداً إليه ، انتزعت جسر الشغور و هو في المرمى ، دُفن جبل الأربعين و من بين غباره يظهر ، كوحش جاثم على صدور الجميع .
المسطومة ، مركز إعادة التجميع ، المسطومة مركز المساندة لنشر الموت ، المسطومة مقر العمليات لإبادة الشعب ، المسطومة مكان أول مجزرة و أكثر المجازر التي اقترفت بحق إدلب ، بريفها و مدنها ، بشيبها و شبابها و حرائرها و أطفالها .
المسطومة المقر الأخير و مركز الثقل الكامل و فيها المعركة لا تعرف التراجع ، و هنا وضع النظام و أعوانه كل قوتهم و ركزوا كل قدررتها ، و كل ذلك لم يؤتِ بشيء ، فالأمر قد حُسم ، ووعد الله نافذ .
المسطومة انتهت اسطورتك أمام اسطورة جيش "الفتح" الذي أقسم رجالاته أن لا يهدؤوا إلا و أنف الأسد و كل من والاه و كل من خذلنا ممردغ بالتراب .
المسطومة حُررت بسواعد الأنقياء ، بأمر إلهي ، و كيف لا و الله ناصر الحق .
إنني هنا استجابة لدعوة مركز كارتر للدراسات, ذلك الرجل الإنساني و الذي لاأزال أتذكر وانا طالب في المرحلة الأعدادية خطابه الذي ودع فيه البيت الأبيض ليسلمه إلى خلفه ريغن وكان خطاباً إنسانياً بامتياز ومنهجاً يخدم البشرية ، ومما قاله بالحرف : “أنجزتُ معاهدة صولت 2 مع السوفييت حرصاً مني على ألا تعيش أجيالنا الإنسانية القادمة على أنقاض حضارة قضت على نفسها” .
إننا نشاركه الرأي ونحن السوريين نريد أن نكون شركاء في هذا العالم وليس متسولين فيه، نشارك في الحضارة الانسانية و نرفع مستوى التعليم و الصحة و الزراعة و الصناعة و غيرها من الانشطة في مجتمعنا كما فعل غيرنا في هون كونغ و سنغافورة و كوريا الجنوبية و في دولة الامارات الشقيقة.
في هذا الظرف الذي تمر به بلدي و أمتي لم أجد بداً من أن أقول ما يجول بخاطري بعيداً عن إرضاء أحد أو كسب أحد أو الخوف من أحد، حيث أنا آمن في المكان الذي أنا فيه، فلا أزاود بالشجاعة و البطولة و الفداء .
أقول و قد رأيت تدمير بلدي بعيني و قتل أهلي و جيراني و أبناء جلدتي و استبيح الدم حتى سال كالماء، واستبيح العرض و المال و الأهل، و عمت الفرقة و الفتنة فلا يكاد قلب سوري يتآلف تآلفاً حقيقياً مع قلب سوري، أقول أن الواقع السوري الأن بدت فيه مسلمات يجب علينا أن تذكرها كما فهمناها عسى أن ينتفع بها من هو موجود أو من سيأتي بعدنا و أقول الكلام كلام مودع بعد أن أشرف الامل على الأفول و كأني أرى تدمير بلدي بعيني و تكملة التدمير لما بقي فيها على شكل إدارة لصراع لا ينتهي ليس بين طرفين فقط و لكن بين أطراف تدار من القوى العالمية و تتبادل تدمير الحجر والشجر و الانسان و نحن لاحول ولا قوة إلا ما نستطيع من تقديمه فرادا و دعاء للناس و تضرع إلى الله بالفرج .
التحالف بين المتناقضات
التحالف المتناقض الأول:
بشار الاسد العلماني، كما يدّعي ومن معه، يتحالف مع منظمات دينية متطرفة تريد قتل أكبر عدد ممكن من السوريين و تدمير كل شيء بما فيها المساجد و المدارس و الكنائس و الحضارة بل و تدمير التاريخ القديم أيضاً و معالم الحضارة في فكر يرى أن يحاكم التاريخ و ينتقم منه و بشكل واضح و شعارات مكتوبة مرفوعة مثل شعار : ” يا لثارات الحسين ” أليس شعار انتقام؟ و السلوك بعده سيكون سلوك انتقام، و تجد من يدافع عن هذا من كتاب و مفكريين و سياسيين و أن هذه الشعارات فقط هكذا رغم أن الشعار مرفوع و التطبيق قائم على قدم و ساق بالقتل و التدمير و الانتقام، شعار يطبق ليل نهار .
التحالف المتناقض الثاني:
بين الجيش الحر و التطرف “النصرة و داعش” بينما النصرة ترفع شعار يقول إن كل من هو غير النصرة كافر أو مرتد، سواء كان من الائتلاف و الحكومة والمنظمات و الشعب، هذا شعار مرفوع مكتوب مقروء على لسان قادتها و على رأسهم الجولاني، وهذا الشعار يطبق على قدم وساق، فلا يقع معارض للفكر التكفيري إلا قتل فوراً، إلا ما يحدث من توازن قوى لا يلبث أن يختل لتتم العودة إلى تطبيق الشعار بالقتل و التدمير و استباحة المال و ربما العرض .
بينما يرفع الجيش الحر شعار أن النصرة فصيل حليف مشارك ضد النظام، ليس هناك اسخف من هذا التحالف و أكثر منه هشاشة إنه تربص و حقد و عداء، فالنصرة لا تقبل حتى بألوان علم الثورة .
التحالف المتناقض الثالث:
إن هذا التطرف يأتيه الدعم بصورة أو اخرى و يدار بطريقة منظمة تحتقر الناس و تذلهم و تقتلهم و تكسر رأس النظام أحياناً حيث يراد ذلك و تُهزم أمامه عندما يراد لها في توازن سلبي رهيب و مدروس، أقول توازن لا غالب و لا مغلوب، توازن سلبي يحصد أكبر قدر من الخسائر بين الطرفين.
وبعد ذلك ها نحن نكابر عن فهم الحقيقة: الشعارات كلها واضحة و معلنة و مطبقة “شعارات الفرقاء” و المجتمع الدولي واضح موقفه كعين الشمس، و نحن لا نريد حتى تصور هذا الواقع المأساوي ربما لأننا سوف نفقد الأمل، وبلا أمل لا نستطيع العيش، ولكن فهم الواقع و التبصر فيه ربما يشكل لنا الخطوات الأولى على الطريق الصحيح، ونتساءل كسوريين رغم أن ما تكلمت عنه ينطبق على العراق و ربما لاحقاً على المناطق بأجمعها، و لا يفهم من حديثي مقاتلة أحد أو معاداة أحد بقدر ما أتلمس الواقع عسى أن نتلمس معاً كسوريين حلاً في الأفق .
لقد طرح اسامة بن لادن فكر معاداة العالم ولكنه لم يطرح معاداة المجتمعات العربية والاسلامية ورغم ذلك أضر بأكثر من ثلاثمئة مليون مسلم أي أفغانستان وباكستان، أما ما يطرح الأن فهو إضافة لمعاداة العالم، معاداة للمجتمع الاسلامي والعربي نفسه بطريقة متناقضة وتطبيق بشكل عشوائي وفوضوي بعيداً عن عملية بناء أي شيء.
إدارة الأزمة
تأتي الحلول من وراء ادارة الازمة السورية على شكل دم أيضاً و هو قتال المنظمات المتطرفة بعد أن أصبحت قوى على الارض و بأعداد كبيرة لتتسلم التوازن السلبي أيضاً بين الشعب السوري ، أعني بالتوازن لا غالب و لا مغلوب، سلبي: قتل أكبر عدد من السوريين و تدمير بلدهم.
هذا الكابوس أضع تفاصيله بين أيديكم عسى أن نستطيع أن تقدم إلى بلدنا شيء لابد أن يكون أوله التواضع و التسامح و نزيح الحقد و الكراهية و الانتقام لنعلم أي تعليم نريده وأي زمن يحتاج، بينما تطابق أفكار داعش و النصرة شعاراً و تطبيقاً، نجد الخلاف بينهم صراع وجود يهدف كل طرف إلى إزالة الاخر و يروج كل واحد للسوريين أنه نصرتهم و منقذهم، لا يستغرب أن تنشأ فرق دينية ينقسم فيها الفكر الاسلامي إلى شعب جديده لأن المنفذين يريدون تشريعاً على قياسهم و تعديل الدين عندهم أسهل من تعديل فكرهم و سلوكهم و قد بلغ الكبر و التجبر والحقد كل مبلغ، و الغريب أننا لم نستطع أن نتواضع لبعضنا لحد الأن و ترى الكبر يقطر في كل نفس و في كل قول و في كل فعل.
الجسم الانتقالي
هذا الجسم الذي سيجمع بين كل هذا المتناقضات إن لم يكن بمشاركة مباشرة من هذه القوى فإن أفكارها اجتمعت جميعاً في ثنايا المجتمع و انتقامات الدم و الثأر، فكيف يمكن أن يعمل هذا الجسم الانتقالي و الذي يجب أن يكون بسبعة أرواح مثل القطط والعفاريت، وكل روح تفكر و تعمل بطريقة مختلفة، وعلى مستوى المنطقة بشكل عام حرص المجتمع الدولي على بقاء ايران دولة ايديولوجية رغم أن الربيع في أيران بدأ قبل الربيع العربي و ذلك لإبقاء المشاريع التنموية و مشاريع بناء الدولة معدومة، بينما تكون البدائل أمام الشعوب غاية في السوء، فإيران تريد تصدير ايديولوجية محددة إلى دول المنطقة الأخرى و المجتمع الدولي يرغب بذلك و هذا بحسب تحليلي وهو لإبقاء التوازن السلبي على مستوى المنطقة أيضاً، توازن لا غالب و لا مغلوب، سلبي يستغرق الشباب و المال و الجهد و الوقت .
لولا سياسة إدارة الأزمة في المنطقة لانهار النظام الايراني قبل الأنظمة العربية، ونجحت إيران بتصدير ثورتها إلى العراق وقدمت نموذجاً سيئاً متخلفاً بعيداً عن أي ميزان حضاري لكل شيء في الدولة، فبعد أن سيطرت إيران على العراق، وتحت انظار الولايات المتحدة وعلى مدى اثني عشر عاماً وهو زمن كبير جداً كان لتطبيق العدالة، نجد في العراق اليوم 4 ملايين برميل نفط يومياً وبغداد عاصمة بلا كهرباء، وهو نموذج سيء طرحته الولايات المتحدة يخلق ثقافة رديئة وسيئة و ثقافة كراهية.
النماذج المتوفرة والمطروحة أمام الشعب السوري
النموذج الطالباني:
نموذج مبني على معاداة العالم أجمع و ما تطرحه النصرة و داعش اليوم يزيد على عداوة العالم أجمع فإنه يعادي الأهل و الجيران و يتفلت من جلده ليعادي نفسه، نظام مبني على القتل والكراهية و خلق غطاء شرعي إسلامي له و ربما يخلق وهو لا يمت إلى الاسلام بصلة سوى إستخدام الاسلام لقهر الضعفاء و تجنيد العقول التي جنحت عن الانسانية و هي موجودة عند كل شعوب الأرض ومحيدة عن إدارة الدول و الشعوب لكنها تريد ادارة البلاد و الشعوب بسياسة أساسها القتل والتخلص من كل مخالف بالرأي و لو بكلمة .
النموذج الدولي :
وهو يطرح مشروع التعددية و الديمقراطية لكنها ليست ديمقراطية كديمقراطية الأخرين تحفظ حقوق الأنسان و تفتح له الأبداع لنقل المجتمعات إلى حال أفضل، بل هو نموذج قدمته الولايات المتحدة في العراق و يقوم على التوازن السلبي من جديد “توازن اللا غالب ولا مغلوب” يجلب المزيد من الاستنزاف و التخلف و هو نموذج يشل الدولة و يقتلها .
النموذج الياباني و الألماني:
و هو الذي كان السوريون في ثورتهم يتمنونه، ابعاد التطرف و الانسجام مع العالم و مساعدة الجميع لهذا الشعب للأخذ بيده إلى المشاركة في بناء الحضارة الانسانية بدلاً من أن تكون مسؤولية على أكتاف هذه الحضارة شركاء في هذه الحضارة و ليس متسولين عليها.
النموذج اللبناني :
طرح هذا المشروع في بداية الثورة فكان تعليقي عليه أنه يشل الدولة و لا يمكن أن تعمل مؤسسات بهذا المبدأ، و أمامنا النموذج اللبناني حيث لا يستطيع أغنياء لبنان أن يخدموا بلدهم مثل السيد (الحلو)،الذي هو رقم كبير في العالم بينما استثماره في لبنان صفر، إذ أن الاستثمار في لبنان يتطلب ميليشيا مساندة، تعيش على تحويلات المغتربين و لا تقدم أي تطوير في بلدها .
إن الانسان هو أهم ركن في عملية الانتقال هذه، إذا اردنا لعملية الانتقال هذه أن تنجح و ينتشر السلم الأهلي و يعم العدل و ينتشي الاقتصاد و ينعم الناس بالأمن و الأمان، بأن يكون فريق الانتقال فريقاً مهنياً خبيراً متسامحاً بعيداً عن كل التجاذبات يعرف ماذا يفعل و يؤمن بالعدالة الانسانية و يؤمن بحقوق الناس و يحترمهم و يعطف عليهم و يدرك مهامه و واجباته و الادوات التي يستخدمها .
هذه الصفات هي صفات القيادة التي تزرع ثقة المجتمع بهذه القيادة و الالتفاف حولها ( هذه الخبرات في تناقص كبير في سوريا بسبب الهجرة ) و في كثير من النماذج نجح هذا بشكل معقول كما حدث في ألمانيا و اليابان حيث حرصت القيادات على النزاهة والتفاني في العمل، وانتقلت البلاد إلى الوضع الطبيعي خلال فترة قياسية لا ننسى أن المجتمع الدولي أراد ذلك لهذا البلدين فساعدهم على ذلك و شد على أيديهم.
إن المجتمع و الناس بشكل عام يقبلون بهؤلاء القيادات و يقبلون الالتفاف حولها مالم يوضع في نظام الدولة معايير تخالف هذه القيم مثل التقسيم و كراسي البرلمان على أساس طائفي و عرقي أو غير ذلك فترتبك الدولة و تشل.
هناك نماذج ساعدت المعتدين و القتلة و المجرمين بل وكافأتهم، فخلقت قالباً سيئاً يسعى إليه المجرمون في كل مكان، ففي هذه النماذج تم تكريس الحرب الأهلية في تركيبة الدولة بطريقة لا يوجد مثيل لها بالعالم، حيث أصبح عدد المهاجريين ثلاثة أو أربعة أمثال المقيمين في داخل البلد، و ورث المتقاتلون أبناءهم و أحفادهم في نظام بعيد عن الدولة العصرية، و هذا ما قاله أركان النظام بداية الثورة عندما كنا نعترض على القتل وأن العواقب و خيمة، كانوا يقولون إن في لبنان رؤؤس للقتلة هم اليوم في السلطة.
والأمر ذاته في سوريا اليوم، فإذا كان هؤلاء القياديون لديهم مشكلة في النزاهة و الخبرة و فهم الادارة، فستضيع ثروة البلاد و تتوقف التنمية و يتخذ الفساد مساحته من جديد و يؤخر كل شيء، و تزداد الضغينة في النفوس، وتشل الدولة و يصبح المسؤولون و الموظفون الجيدون إن وجدوا، مجرد تغطية للسرقات و الجرائم التي يرتكبها الفاعلون الحقيقيون.
من المفترض وفق لتعليمات البغدادي أن يكون الهدف القادم لداعش هو بغداد و من ثم النجف ، هذا من جهة العراق ، و إن صدقت الأوامر فإن في سوريا هناك أمور ينتظر أن تحدث خصوصاً في حلب و الرقة ، و دائماً مع "الخليفة" إن حدث ما أمر به في دمشق فإن الكارثة ستحدث و هناك أمر جلل سيضرب الثوار هناك.
فخلال الأيام القليلة الماضية و التي تلت كلمة البغدادي شهدنا تحرك كبير لداعش داخل الأراضي السورية ، سيطرة على مصادر الطاقة في تدمر "محطتي غاز" ، تقدم في حلب و اشتباك قرب المدينة الصناعية في المدينة، و خسائر و تراجعات لداعش في الريف في هجوم للثوار ، الذي يأتي قبيل إنطلاق معركة حلب التي يتم التحضير لها.
هذا حدث بالفعل ، و لكن وفقاً للبغدادي و أوامره بـ"الكر" في دمشق ، فهنا تكمن القضية ، فمناطق الإشتباك المباشر بين داعش مع قوات الأسد هي نائمة تماماً ، لا يبدو أن هناك نية لإيقاظها ، فوفقاً للتمهيد الذي يقوده مناصروا التنظيم على مواقع التواصل الإجتماعي يبدو أن الهدف القادم سيكون ثوار دمشق ، و إن يتم التركيز على "جيش الإسلام" ، من خلال حملة تشويه و سرد روايات ، لسنا بوارد ضحدها أو الدفاع عن احد ، و لكن هذا التمهيد يحول الأنظار عن الهدف المركزي للثورة ألا و هو الأسد و قواته ، و يكون على الثوار مواجهة الأسد و داعش سويتاً في رقعة جغرافية ضيقة و خطرة و غاية في الأهمية للجميع و هي مفتاح الحل لكل آلام الشعب السوري.
"خلو بيننا و بين النصيرية" هي ما تحمله داعش كمبرر لكل ما يقول به ، و يضعه دائماً كغطاء على أفعاله و هجومه المستمر على الثوار بكافة أطيافهم و إنتمائاتهم .
اليوم أوامر البغدادي تنذر بشيء ما سلبي سيحدث ، و انتقاله لمرحلة "وتتمدد" تشعر بأن الهدف القادم سيكون إقصاء من يعول كثيرين عليه في إنهاء الألم السوري .
بعيداً عن سوريا ، ففي العراق ما يجري أمر آخر ، فأوامر البغدادي بعد الأنبار بغداد و من ثم النجف ، و لكن الهجوم على الأنبار و التوقف عندها ، و استجلاب مليشيات الحشد الشيعية و ايران إلى المناطق المحاذية للسعودية ، ينذر بخطة بأن الهدف القادم السعودية ، و وضع ايران على الحدود المباشرة معها ، فهل قصد البغدادي من تهديداته هذا الأمر أم سينفذ وعوده بالوصول إلى مراقد الشيعة في النجف ؟
يتردد منذ بداية الأزمة السورية عام 2011م الحديث عن ضرورة حل سياسي لما يجري في سوريا، وتطورت الدعوة لاحقا عقب تغول النظام وقمعه العسكري لثورة شعبية لتصبح أن لا حل عسكريا في سوريا، وأنّ الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة.
وأصبحنا نكرر العبارة دون وعي بالمعطيات على الأرض، ودون تفكير بمآلات هذا الطرح، وهذا ما يؤسف له إذ إننا –العرب- لا نتعلم من تجاربنا، فما زالت التجربتان اليمنية والمصرية ماثلتين أمامنا بنتائجهما الكارثية، فقد أدى الحل السياسي الأعرج في اليمن لتعاون الطاغية صالح مع ميليشيات مرتبطة بالخارج من أجل هدم ما تبقى من اليمن، وأدخل البلاد في صراع دموي جعل أبناء البلد يقتتلون، كل ذلك سببه تأمين خروج سياسي آمن للطاغية، ولم ندرك أنّ الطاغية الذي دمر البلاد واستنزف مقدراتها وثرواتها عقوداً وهو بالحكم أهون عليه تدميرها وهو خارجها، لأنّ الطغاة ينظرون للوطن مزرعة، وللمواطنين عبيد.
و نرى بالمقابل أول رئيس ينتخب بشكل ديمقراطي في تاريخ مصر عقب ثورة شعبية خلف القضبان، ويلف حبل المشنقة حول رقبته، ليصدر قضاء دولة مبارك العميقة حكم إعدام للثورة المصرية، وليخرج من دمروا مصر أحراراً، ومرد ذلك الحل السياسي الذي أبقى على رموز مبارك، ودولته العميقة.
وفي سوريا يبدو الحل السياسي أكثر كارثية نتيجة طبيعة النظام الدموي الحاكم، وتجذر دولته الأمنية العميقة، فضلاً عن الفاتورة الباهظة التي دفعها السوريون على مدى أعوام، وقد كان ممكناً أنْ يُخْدع السوريون بداية الأزمة بالحل السياسي أما الآن وقد قُتل مئات الآلاف وشُرد الملايين فيبدو الطرح السياسي كارثياً وعبثياً في آن لأنَّ آلة الطاغية في القتل والتدمير ما زالت مستمرة بحلها الأمني العسكري، وترفض أي حلٍّ سواه.
كان ممكناً الحل السياسي عندما كان الطاغية ممسكاً بالدولة ويسيطر على المعابر والحدود إحدى رموز السيادة أما وقد تحول لزعيم ميليشيا لا يجرؤ الظهور إلا نادراً في ترتيبات أمنية معقدة فلا يمكن الحل السياسي معه.
كان ممكناً الحل السياسي عندما كان القرار السياسي السيادي بيد الأسد، لكن بعد وقوع الأسد أسيراً بيد إيران، وتسليمه ما تبقى تحت سيطرته من سورية لقمة سائغة للاحتلال الإيراني يجعل قبول الحل السياسي مع المحتل ضرباً من الخيانة.
يُفترض بالحل السياسي أن ينهي الأزمة ويكون دائماً وإلا كان هدنة مؤقتة تنذر بتدمير شامل، إذ لابُدّ للحل السياسي الدائم الارتكاز على قيمة العدالة، فلا حل سياسي دون تطبيق العدالة الانتقالية، ولا يختلف اثنان أنَّ الأسد غير مستعد لدفع فاتورة العدالة الانتقالية.
كما يكون الحل السياسي الواقعي الحقيقي بين القوى الفاعلة على الأرض لا القوى الجالسة في الفنادق، ومعلوم أنّ المقصود بالطرح السياسي الغربي تلك القوى الفندقية التي لا تملك بندقية واحدة على الأرض كما لا تملك رصيداً شعبياً.
يجعل الحل السياسي الغرب ومعه المجتمع الدولي -إن أحسنا الظن بهما- في طرحهم أمام احتمالين:
الاحتمال الأول ويتمثل بعدم إدراكهم للواقع السوري، إذ ينظرون للصراع الدائر على أنه حرب أهلية بين طرفين، ويتجاهلون أنها ثورة شعبية ضد نظام استبدادي نهب البلاد، وأذل العباد.
الاحتمال الثاني وهو المرجح والمتمثل بإدراك حقيقة الوضع السوري، بل وقراءة السيناريوهات المستقبلية للمنطقة، فالإدارة الأمريكية والغرب يريدون حلاً سياسياً لمستقبل سورية يبقىي النظام السوري دون الأسد، ولا بأس بتطعيم النظام الجديد بشخصيات معارضة موالية للغرب، وفي هذا الإطار يفهم المناقشات الأمريكية الروسية التي سربتها صحيفة التايمز البريطانية، وهذا مطلب أمريكي، فأمريكا تؤكد أن لا دور للأسد لكنها لم تشر يوماً للنظام والدولة الأمنية العميقة، فقد حقق هذا النظام عبر عقود أمناً استراتيجياً لإسرائيل.
إنّ إصرار أمريكا على حلى سياسي يزاوج بين النظام القديم وشخصيات موالية للغرب هدفه الحيلولة دون بناء دولة عربية ديمقراطية جوار إسرائيل لأنَّ ذلك سيشكل حقيقة تهديداً لأمنها، ولأمن كثير من الأنظمة العربية، كما ترغب أمريكا اللعب بورقة الحل السياسي مع إيران من أجل الملف النووي، ومع روسيا من أجل الملف الأوكراني.
وبالمحصلة فإنَّ الاستمرار بطرح الحل السياسي كخيار وحيد يبقى طرحاً غير واقعي، فالأسد أصبح أضعف اللاعبين فتنظيم الدولة يتقدم شرق حمص والثوار حرروا إدلب وجسر الشغور، ومعركة حلب على الأبواب، والمساحات التي يسيطر عليها الأسد تتآكل، فضلاً عن تراجع قدراته العسكرية، كما أنّ الإصرار على الحل السياسي دون سواه يقدم دعماً للقوى المتطرفة على الساحة السورية، ويقدم المبررات المنطقية لوجودها، فالغرب يريد بقاء الأسد.
وينبغي على الدول العربية ولا سيما الخليجية الوقوف ضد وصفة الحل السياسي الأمريكية التي طرحها أوباما في كامب ديفيد والتي تهدف لتخريب سورية، فحل الأزمة اليمنية وكسر شوكة إيران مفتاحه سوريا بنظام جديد يجتث كل بقايا ورموز دولة الأسد العميقة، وهذا ما سيحصل ويبشر به واقع الثورة السورية، التي ستعد أنجح الثورات لأنها لن تسقط بمطب الحل السياسي الذي ترك صالح، ولن تسقط بمطب الدولة العميقة، وتخلي العرب عن سورية يؤخر نجاح الثورة، ويسهم بمزيد من الدمار لكنه لن يمنع بالنهاية نجاحها.
لم يعلق حزب الله مباشرة على الحكم المخفف الذي يحاكي البراءة بحق الوزير ميشال سماحة، واكتفى بمعزوفة أنه يحترم قرار القضاء. فالحزب يتصرف وكأنه غير معني بالفضيحة التي هزت لبنان الأسبوع الماضي. وهي فضيحة فعلا، فقد حكم القضاء العسكري بسجن سماحة 4 سنوات ونصف فقط تنتهي عمليا بعد 7 أشهر في القضية الشهيرة التي اعترف فيها سماحة بتورطه بنقل متفجرات وأسلحة من سوريا إلى لبنان لتنفيذ اغتيالات وتفجيرات..
نعم، لم يشعر حزب الله ولا قوى الممانعة بأنهم معنيون بأي توضيح حيال تورط حليفهم، بل حلفائهم، بجرائم في لبنان، وحاولوا تمويه الأمر بتضخيم دعائي لانتصارات وهمية إعلامية في جبهة القلمون السورية.
لكن الجريمة التي كان سماحة بصددها أقوى، ومصدر القوة فيديوهات مسربة تظهر بوضوح تورط سماحة المباشر في التخطيط لعمليات قتل وتفجير بتنسيق وبإشراف من الرئيس السوري بشار الأسد والمسؤول الأمني علي المملوك.
الصمت على هكذا حقائق والنفخ في صور لتلال بعيدة من منطقة القلمون السورية، حيث يقاتل حزب الله، هو فضيحة موصوفة للحزب. فهذه المرة ليست كسابقاتها، إذ جهد الحزب ومحيطه للتغطية على فيديوهات سماحة بتضخيم تقدم ما للحزب في القلمون وفي حبك قصص وسيناريوهات حول المعارك هناك، واصطحاب صحافيين وافتعال عراضات إعلامية تهلل لنصر مبين.. لكن كل الإعلام المحتفي بمعارك الحزب في القلمون بدا عاجزا عن مضاهاة فيديوهات سماحة وما كشفته.
إنه ميشال سماحة، عميد ممانعي لبنان وخطيبهم المفوه.
أن نشاهده بالصوت والصورة يكرر مرات عدة معرفة بشار الأسد وعلي المملوك بتفجيرات واغتيالات في لبنان، وأن يمر ذلك بردا وسلاما على حزب الله الذي يقاتل ويودي بشبان لبنانيين دفاعا عنه، فذلك لا يبدو شأنا يريد الحزب أن يسأل عنه فيهرب إلى فقاعات إعلامية في القلمون.
حاول إعلام حزب الله والممانعة اللبنانية التهوين من حكم القضاء العسكري اللبناني، والقول إن هناك شخصيات من الطرف السياسي الخصم تهاون القضاء العسكري في الأحكام ضدها.
غريب فعلا أن هناك من لا يزال مؤمنا ومقتنعا بأن على اللبنانيين أن يقبلوا رغم كل ما كشف بأن قادة مثل هؤلاء يجب أن يحكمونا ويبرر جرائمهم.. وميشال سماحة حين كان وزيرا في لبنان لسنوات كان ممثلا للنظام في سوريا، بل هو اعتمد مفاوضا باسم النظام مع عواصم أوروبية، وهو حين حمل المتفجرات فهو فعل ذلك باسم النظام السوري.. لكن يبدو أنه في عرف حزب الله أن تلك الاعترافات تكسب ما كان سيقدم عليه سماحة شرعية، بل إنها ممارسات مقبولة.
لبنان منتهك تماما كما أن سوريا منتهكة.
حزب الله لا يبالي بهذا الانتهاك، بل هو شريك فيه، ومقولة إنه يقاتل في سوريا ليحمي اللبنانيين سقطت عشرات المرات، لكنها حين ينظر إليها من زاوية ما ارتكب سماحة والنظام السوري تبدو على حقيقتها، أي أنها جزء من منظومة مذهبية إقليمية.. فها نحن نلمس مرة تلو الأخرى كيف أن نفوذ إيران وسوريا عبر حزب الله أو عبر شخصيات غيره عنى قتل لبنانيين آخرين وانتهاك بلدنا.
ليس هناك ما هو أوضح من جريمة ميشال سماحة والحقائق التي أعلنها بنفسه دون أن يدرك، أما انتصارات القلمون فتلك أوهام ما عادت تنطلي على أحد.