مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢ يونيو ٢٠١٥
معركة سوريا بين مصر والسعودية

أكثر ما لفت انتباهنا أن وزير الخارجية السعودي الجديد عادل الجبير كان واضحا في التعبير عن الموقف من سوريا، ما يعكس ما دار في أول نشاط له بعد تقلده منصبه في القاهرة. قال إنه اتفق مع نظيره المصري على أنه لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد، ولا بد من «إخراجه» من أجل التوصل إلى حل سياسي، وأن الحل السياسي يقوم على المحافظة على المؤسسات العسكرية والمدنية هناك.

وهذا دفع وزير إعلام الحكومة السورية إلى تغيير لغة الشتائم البذيئة هذه المرة باتجاه الجبير!

فإذا كانت السعودية ومصر فعلا اتفقتا على إخراج الأسد، فإنه في نظري تطور نوعي ومهم، لأن الحكومة المصرية كانت دائما لا تحبذ الحديث عن تغيير في سوريا، بِما يوحي أنّها ضد الثورة هناك. كما أن حكومة دمشق تبرعت مرات كثيرة في السابق بالتعبير عن موقف مصر، مؤكدة أنها ضد التغيير ومع نظام الأسد، وضد الموقف الخليجي.

وقد ظل الموضوع السوري محل اختلاف هادئ بين الرياض والقاهرة حتى سمعنا ما نقله الوزير الجبير عن اتفاق حول سوريا دون الأسد، وفوق هذا اتفاق الجانبين على ضرورة إقناع روسيا بتغيير موقفها، كونها لاعبا مهما في الإقليم، وسببا رئيسيا في بقاء الحكم الأسدي كما هو حتى الآن.

لماذا التغيير؟ هناك ثلاثة تطورات خطيرة وقعت خلال الأسابيع القليلة الماضية تفرض على الجميع تعديل مواقفهم. «داعش» نفذ عمليتين إرهابيتين كبيرتين لأول مرة داخل السعودية، وفرع «داعش» في ليبيا استولى على مدينة سرت النفطية، وقبل ذلك استولى التنظيم الإرهابي نَفْسُه على عاصمة محافظة الأنبار العراقية.

التشاور المصري السعودي، مع التصريحات الغربية المشابهة، المؤيدة لحل سياسي وسط، قد تعني أن الجميع باتوا مستعدين لتنازلات متبادلة، وأن هناك حلا معقولا قد يرضى به معظم الأطراف المختلفة.

الاتجاه هو نحو بلورة نظام هجين لسوريا، حكومة من النظام الحالي مع المعارضة، دون الأسد، والمحافظة على هيكل الدولة، والمحفز للفرقاء المختلفين أن يتفقوا نحو تنظيم «داعش» الذي صار يحكم معظم سوريا، في حين بقي للنظام والمعارضة المعتدلة معًا نصف سوريا.

وخطر تنظيم داعش بقدراته التي استولى عليها، وتمددّه إلى العراق، وأقرب امتحان لهذا الاختيار مؤتمر المعارضة السورية الذي تبنته القاهرة، ويعقد على أرضها بعد أيام، ويشارك فيه مئتا شخصية، والذي لا يزال محل جدل كبير، خشية أن يكون مجرد فصل آخر من مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد قبل أسابيع في العاصمة الروسية، وفشل فشلا ذريعا؛ لأنه كان مجرد مسرحية لتلميع النظام والمعارضة المحسوبة عليه.

إذا نجح المصريون في جلب معارضة الداخل، متعهدين بتأييد الحل الوسط، نظام هجين دون الأسد، سيُصبِح خطوة كبيرة ونجاحا كبيرا للسياسة المصرية. لكن من قوائم المدعوين الأولى تبدو أنها وجوه منتدبة من نظام الأسد، وستعمل بجهد كبير من أجل إفشال المؤتمر. هذه المعارضات محسوبة على النظامين السوري والإيراني، ولم يصدق أحد منذ البداية أنها أصلا معارضة، بل واجهات للحكم.

مع هذا، يبقى لدى مصر قدرة على تنظيم مؤتمر ينسجم مع التوجه الدولي الجديد، وقد يمكنها إقناع روسيا بالقبول بحل النظام الهجين.

اقرأ المزيد
٢ يونيو ٢٠١٥
لا يمكن وقف حرب الأسد.. هل يمكن وقف براميله؟

بعدما كثفت مؤخرا المنظمات غير الحكومية، وفي طليعتها "العفو الدولية"، حملتها في واشنطن وفي عواصم العالم ضد البراميل المتفجرة التي تلقيها مروحيات الرئيس السوري بشار الأسد عشوائياً فوق رؤوس السوريين، نجح قياديون في هذه المنظمات - بمساعدة عاملين في الكونغرس- بحمل مسؤولين داخل إدارة الرئيس باراك أوباما على تداول الأمر بجدية أكبر ومحاولة إيجاد حلول له.

وقال ناشطون إنهم سمعوا من مسؤول اميركي كبير، بعد لقائهم به، قوله: "ربما لا يمكننا وقف حرب الأسد ضد شعبه، ولكن هل يمكننا على الأقل وقف براميله المتفجرة؟".

ويبدو أن المسؤولين الاميركيين تداولوا عددا من السيناريوهات لحمل الأسد على وقف رمي البراميل المتفجرة العشوائية، وتصدر الحلول الاميركية "ضرورة اقناع الروس ان استخدام قوات الأسد لبراميل متفجرة ترقى لان تكون جرائم حرب، وان في مصلحة النظام السوري وقف هذه البراميل عاجلاً، وقبل فوات الأوان".

وليس سراً أن مجموعات من المعارضين السوريين في الولايات المتحدة نجحت في جمع دلائل وقرائن متنوعة تدين الأسد ونظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية، كان أبرزها مجموعة الوثائق والصور التي قدمها المنشق المعروف باسم "قيصر"، مطلع العام الماضي، والتي دفعت عدداً كبيراً من المسؤولين الأميركيين -في الكونغرس والحكومة- إلى تبني الموضوع، والعمل منذ ذلك الحين على جمع الادلة وترتيبها بشكل يمكن تقديمها امام محكمة دولية لملاحقة.

لكن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة مفادها أنها من الدول غير الموقعة على معاهدة الانضمام للمحكمة الجزائية الدولية.

ويقول المسؤولون الاميركيون، والناشطون السوريون الذين يعملون بالتنسيق معهم، إن "البدائل كثيرة" وإن الحقوقيين الذين يتولون الملف أعدوا لائحة بالهيئات الدولية التي يمكن للولايات المتحدة وحلفاءها اللجوء اليها لملاحقة الأسد وافراد نظامه ومقاتليه الذين نفذوا اوامرهم.

وينقل معارضون سوريون في واشنطن عن مسؤولين اميركيين انهم أثاروا في لقاءاتهم الاخيرة مع المسؤولين الروس موضوع البراميل، وان الاميركيين "طالبوا الروس، باسم الانسانية، اجبار الأسد على وقف هذه البراميل". لكن الرد الروسي جاء كما كان متوقعاً، ومفاده أن "قوات الأسد لا تستهدف مجمعات مدنية عمداً"، وأن "الارهابيين يختبؤون بين المدنيين"، وأن "الاعلام يعمد الى تضخيم الأمر حتى تكسب المعارضة تعاطفاً عالمياً ضد الأسد".

أمام الرفض الروسي الذي نقله المسؤولون الاميركيون الى واشنطن، طالب معارضون سوريون بتسليح المعارضة المعتدلة بأسلحة مضادة للمروحيات، لكن هذا الطلب اصطدم، كما على مدى السنوات الاربعة الماضية، برفض قاطع من الحكومة الاميركية.

البديل الثالث لحمل الروس على وقف براميل الأسد او تسليح المعارضين بدفاعات جوية ضد المروحيات هو الطلب الى دول محاذية لسوريا، مثل تركيا الأردن، بالايعاز الى قواتها بفرض حظر جوي في المناطق السورية المحاذية لحدود هاتين الدولتين. لكن الأردن لم يبد حماسة للتدخل بالنزاع السوري المسلح، منذ يومه الاول،  فيما تعتقد تركيا ان دخول جيشها في مواجهة مع جيش الأسد هو بمثابة اعلان حرب، وان الخيار الأفضل في هذه الحالة هو قيام "حلف شمال الأطلسي"، وتركيا عضو فيه، بهذه المهمة.

في ظل الخيارات الثلاثة، التي تبدو متعذرة حتى الآن، مازال الناشطون السوريون وحلفاؤهم من المسؤولين الاميركيين يسعون الى استنباط حلول لوقف "ارهاب البراميل المتفجرة"، حسب تعبيرهم. وعلى الرغم ان ادارة أوباما لم تقدم وعودا واضحة  لكيفية معالجة الموضوع، عدا الطلب غير المجدي من الروس الضغط على الأسد، الا ان الجمعيات غير الحكومية تشير الى انها رصدت مؤخراً حماسة أكبر في العاصمة الأميركية لوقف البراميل.

ويختم القيمون على حملة وقف براميل الأسد أن الموضوع صار متداولاً على مستوى عال جداً داخل الإدارة، وأن الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته هذه، حتى لو جاء سعيهم من ضمن "القيود السياسية الكثيرة" التي يفرضها الرئيس باراك أوباما على أي "تورط" أميركي في الحرب السورية.


لا يمكن وقف حرب الأسد.. هل يمكن وقف براميله؟
حسين عبد الحسين
لا يمكن وقف حرب الأسد.. هل يمكن وقف براميله؟ الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته بالبراميل المتفجرة
بعدما كثفت مؤخرا المنظمات غير الحكومية، وفي طليعتها "العفو الدولية"، حملتها في واشنطن وفي عواصم العالم ضد البراميل المتفجرة التي تلقيها مروحيات الرئيس السوري بشار الأسد عشوائياً فوق رؤوس السوريين، نجح قياديون في هذه المنظمات - بمساعدة عاملين في الكونغرس- بحمل مسؤولين داخل إدارة الرئيس باراك أوباما على تداول الأمر بجدية أكبر ومحاولة إيجاد حلول له.

وقال ناشطون إنهم سمعوا من مسؤول اميركي كبير، بعد لقائهم به، قوله: "ربما لا يمكننا وقف حرب الأسد ضد شعبه، ولكن هل يمكننا على الأقل وقف براميله المتفجرة؟".

ويبدو أن المسؤولين الاميركيين تداولوا عددا من السيناريوهات لحمل الأسد على وقف رمي البراميل المتفجرة العشوائية، وتصدر الحلول الاميركية "ضرورة اقناع الروس ان استخدام قوات الأسد لبراميل متفجرة ترقى لان تكون جرائم حرب، وان في مصلحة النظام السوري وقف هذه البراميل عاجلاً، وقبل فوات الأوان".

وليس سراً أن مجموعات من المعارضين السوريين في الولايات المتحدة نجحت في جمع دلائل وقرائن متنوعة تدين الأسد ونظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية، كان أبرزها مجموعة الوثائق والصور التي قدمها المنشق المعروف باسم "قيصر"، مطلع العام الماضي، والتي دفعت عدداً كبيراً من المسؤولين الأميركيين -في الكونغرس والحكومة- إلى تبني الموضوع، والعمل منذ ذلك الحين على جمع الادلة وترتيبها بشكل يمكن تقديمها امام محكمة دولية لملاحقة.

لكن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة مفادها أنها من الدول غير الموقعة على معاهدة الانضمام للمحكمة الجزائية الدولية.

ويقول المسؤولون الاميركيون، والناشطون السوريون الذين يعملون بالتنسيق معهم، إن "البدائل كثيرة" وإن الحقوقيين الذين يتولون الملف أعدوا لائحة بالهيئات الدولية التي يمكن للولايات المتحدة وحلفاءها اللجوء اليها لملاحقة الأسد وافراد نظامه ومقاتليه الذين نفذوا اوامرهم.

وينقل معارضون سوريون في واشنطن عن مسؤولين اميركيين انهم أثاروا في لقاءاتهم الاخيرة مع المسؤولين الروس موضوع البراميل، وان الاميركيين "طالبوا الروس، باسم الانسانية، اجبار الأسد على وقف هذه البراميل". لكن الرد الروسي جاء كما كان متوقعاً، ومفاده أن "قوات الأسد لا تستهدف مجمعات مدنية عمداً"، وأن "الارهابيين يختبؤون بين المدنيين"، وأن "الاعلام يعمد الى تضخيم الأمر حتى تكسب المعارضة تعاطفاً عالمياً ضد الأسد".

أمام الرفض الروسي الذي نقله المسؤولون الاميركيون الى واشنطن، طالب معارضون سوريون بتسليح المعارضة المعتدلة بأسلحة مضادة للمروحيات، لكن هذا الطلب اصطدم، كما على مدى السنوات الاربعة الماضية، برفض قاطع من الحكومة الاميركية.

البديل الثالث لحمل الروس على وقف براميل الأسد او تسليح المعارضين بدفاعات جوية ضد المروحيات هو الطلب الى دول محاذية لسوريا، مثل تركيا الأردن، بالايعاز الى قواتها بفرض حظر جوي في المناطق السورية المحاذية لحدود هاتين الدولتين. لكن الأردن لم يبد حماسة للتدخل بالنزاع السوري المسلح، منذ يومه الاول،  فيما تعتقد تركيا ان دخول جيشها في مواجهة مع جيش الأسد هو بمثابة اعلان حرب، وان الخيار الأفضل في هذه الحالة هو قيام "حلف شمال الأطلسي"، وتركيا عضو فيه، بهذه المهمة.

في ظل الخيارات الثلاثة، التي تبدو متعذرة حتى الآن، مازال الناشطون السوريون وحلفاؤهم من المسؤولين الاميركيين يسعون الى استنباط حلول لوقف "ارهاب البراميل المتفجرة"، حسب تعبيرهم. وعلى الرغم ان ادارة أوباما لم تقدم وعودا واضحة  لكيفية معالجة الموضوع، عدا الطلب غير المجدي من الروس الضغط على الأسد، الا ان الجمعيات غير الحكومية تشير الى انها رصدت مؤخراً حماسة أكبر في العاصمة الأميركية لوقف البراميل.

ويختم القيمون على حملة وقف براميل الأسد أن الموضوع صار متداولاً على مستوى عال جداً داخل الإدارة، وأن الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته هذه، حتى لو جاء سعيهم من ضمن "القيود السياسية الكثيرة" التي يفرضها الرئيس باراك أوباما على أي "تورط" أميركي في الحرب السورية.

اقرأ المزيد
٢ يونيو ٢٠١٥
صور من بلدي

ترزح سورية في عامها الخامس تحت وطأة حرب شعواء اجتمع القاصي والداني على تسعير لهيبها صباح مساء , فمن نظام لم يفتأ يستجدي كل من هب ودب  ليذبح بها شعباً لم يطلب أكثر من حياة لا ظلم  فيها , يعيش فيها المواطن كريما إلى متسلقين رأوا في هذه الثورة  بقرة حلوب تدر عليهم ما لم يحلموا في تحقيقه يوما , إلى مرضى أصبحت السلطة عندهم أكبر همهم ومبلغ أملهم , إلى أشقاء رأوا في هذه الثورة خطراً بشكل أو بآخر على ملكهم وسلطانهم , إلى صهاينة ارتضت بالعدو القديم الجميل على أعداء جدد لا تعرف ما يدور في رأسهم ولا قدرة لهم على ضبطهم في المستقبل , إلى روافض رأوا في هذه البلاد مرتعاً لحلم قديم يستعيدون فيها من العرب ملكهم الذي طاح تحت أقدام دولة الإسلام.


ولا تفتأ هذه البلد في تقديم الشهداء تلو الشهداء إبراماً لقرار اتخذته قبلاً وهي لا تكل ولا تمل , تأبى إلا الابتسام وهي تعطي , ترفض إلا أن تضع قدمها في فم الموت غير آبهة بما سيكلفها ذلك من قرابين بشرية في سبيل تحقيق غايتها المنشودة.


فتحولت بيوت العزاء إلى أعراس للشهداء , يلتقي السوري أخاه بعد طول انتظار فيبادئه مبتهلا ( أما زلت حيا إلى الآن ).


بلد أصبح فيه الشهيد محل تنافس بين العائلات فالبيت الذي لا شهيد فيه ينظر أهله إلى أنفسهم أنهم أقل منزلة من بيت الشهداء , و كذا ينظر أصحاب الشهيد الواحد إلى أبي الشهيدين وهكذا دواليك.


تذهب إلى بيت العزاء لتعزي في شهيد لم يجف دمه بعد، فينبري أبو الشهيد الطاعن الذي أكل من عقود عمره سادسها أو سابعها قائلاً بين الناس ضعوني مكان ابني أؤدي عمله فلا أريد لآل الشهيد أن يقفوا عنده.


بلد يُكبّر فيه ويُقدّم أبو الخمسة شهداء على أبي الأربعة وأبو الأربعة على أبي الثلاثة في حين يسود وجه من لا شهيد له وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما لم يحل به.


بعد أن تقف أمام هذا الصرح العظيم لن تألو جهدا في تفسير سر ذاك الصمود الذي حير العقول , يطارد فيه اللحمُ النارَ , وتلحق المقلُ فيه فلول المخارز.

اقرأ المزيد
٢ يونيو ٢٠١٥
إيران بين شيعة عليّ وشيعة الصفوية

إيران، تلك الدولة التي ظفر بها الشيعة الصفوية على شيعة علي “كرّم الله وجهه” وذلك بعد صراع كبير. رُسِمت وتشكّلت من خلالها السياسة الخارجية للبلاد، مما أوقع إيران في فخ الطائفية.

في الزمن القريب أعلنت إيران ضم بغداد ودمشق وصنعاء ولبنان إلى جانب طهران عواصمَ لبلاد فارس. ظنّت إيران أنها قادرة على استرجاع امبراطوريتها السابقة، لكنها لم تكن تعي أنها فتحت أربع جبهات وأقحمت نفسها في مستنقع حروب لا خروج منها.

وهي تتبع هذه السياسة التوسّعية نوعا ما، لتحقيق ما بات يُعرف بالهلال الشيعي وتسعى للتمدّد في المنطقة، لكنها تناست وتجاهلت الأزمات الداخلية لها، والمتمثلة بالأقليات الموجودة لديها مثل البلوشستان والأكراد والآذريين والأقلية السنية. ولقد شاهدنا احتجاجات الأقلية العربية في الأحواز وبلوشستان وأخيرا الأكراد في مهاباد. وهذا الوضع يُنذر إيران باحتجاجات واسعة في البلاد تكون أكثر من مماثلتها عام 2009.

تفتخر إيران بالسياسة التي انتجتها الثقافة الفارسية على مدى خمسة آلاف سنة، لكنها لا ترغب في إغلاق حساباتها القديمة. فهي لا تتوارى عن تذكيرنا بالاتفاقية التي حصلت بين السلطان سليم الأول والأكراد، والتي أغلقت أمام الفرس باب البحر الأبيض المتوسط. ولذلك نرى أن لديها حسابات قديمة مع الأكراد.

بعد الثورة الإيرانية، سعت إيران جاهدة في نشر التشيّع عبر سفاراتها وقنصلياتها في الخارج، ويمكن القول أنها نجحت إلى حد كبير في سياستها هذه. وتركيا  كانت من بين دول كثيرة حاولت إيران ولا تزال تصدير التشيّع إليها، ومن الجائز أن نقول أنها تأثّرت إلى حد بسياسة إيران.

تأثّر تركيا بالتشيع الذي تصدّره إيران إلى الخارج، جاء عبر الجعفريين التركمان في تركيا، حيث دخلت إيران وانتسبت إلى حزب الحركة القومية من خلالهم. ومن جهة أخرى لعبت إيران على وتر آخر وهو اليسارية، حيث نرى أفراد موالين لها في صفوف حزب الشعب الجمهوري. وعلاقتها الجيدة مع حزب العمال الكردستاني تبسط لها اليد على الداخل التركي. ذلك التغلغل الإيراني في تركيا وإن كان غير مباشر فهو يهدّد بزرع المزيد من الفتنة والتفرقة بين المسلمين عامة.

صراع المذاهب والطائفية هو أكبر تحد أمام العالم الإسلامي. نعم ! لابد من إطفاء حريق الطائفية بين المسلمين، لكن إذا لم نعي جيدا المشكلة الأساسية التي أشعلت الطائفية بين المسلمين سيتعذّر إطفاؤها، والتي أشعلتها إيران. وأول قطرة ماء لإطفاء هذا الحريق تبدأ بزرع مفهوم شيعة علي “كرم الله وجهه” في إيران بدل شيعة الصفوية. وعلى إيران أن تقدّم مصلحة الأمة الإسلامية على طائفيتها الصفوية.

المصدر: صحيفة دريليش بوستاسي

اقرأ المزيد
١ يونيو ٢٠١٥
داعش تضرب طوقاً حول الثورة

لم يكن هدف داعش من دخول تدمر سوى تعزيز مناطق نفوذها لحماية النظام بشكل أكبر فجاء انسحاب الأخير منها لمصلحة حليفه وترك مخازن أسلحة هائلة له فيها كما ترك له مهمة التنظيف وإخفاء آثاره الإجرامية في تدمر من تدمير للسجن وتصفية باقي المعتقلين لاخفاء الكثير من الجرائم السابقة فيها والآن داعش لماذا في تدمر ولماذا تهاجم في ريف حلب الشمالي .

إن تدمر لم تكن سوى بداية لعملية محكمة الأبعاد يضرب فيها طوق من الحصار وسد منيع في اتجاه دمشق فمن تدمر تستطيع داعش ضرب العمق القريب لجيش الفتح في ادلب وذلك مايجعل القيادة أن تحسب جميع الحسابات قبل أن تتقدم الى الساحل وتعيق تقدمها نحو وكر الأفعى الذي لايريد النظام العالمي انهياره ويعتبره من الخطوط الحمراء لذلك تراجع النظام من معاقله في تدمر ويحشدها في اتجاه دمشق والساحل وهو مطمئن لحليفه وليس من باب المصادفة أن تضرب داعش في الريف الشمالي لحلب فهذه الضربة سوف تحرز له عملية احكام اغلاق الحدود الشمالية كلياً وهي جزء من عملية سياسية خطيرة جداً ربما ترتبط باستحقاق سياسي خطير وربما هو مؤتمر القاهرة كما ان هجوم داعش على الريف ماهو إلا مقدمة لهجوم منظم بعد أن إستحوذت داعش على كيمات هائلة من أسلحة تدمر وربما تكون الوجهة الى حلب تحديداً لذلك لم يكن سقوط تدمر تحت سيطرتها أمراً غير منظم فهو وفق استراتيجية دقيقة المعالم فبالرغم من إنكشاف خطوط الإمداد الداعشية إلا أن التحالف الدولي لم يتقدم لتوجيه ضربة جوية لوقف تقدمها في تدمر وفي ريف حلب وهنا تبرز المصالح المختبئة للجميع فداعش لاتتحرك الا إذا سمحوا لها بالتقدم والحركة زهنا يجب الربط بين كافة الامور على أرض المعركة وعلى الصعيد السياسي فكانت لقاءات ديمستورا وبعثة الامم المتحدة السرية والمعلنة والتي رفضت من الجميع هي بداية للوصول الى المرحلة الخطيرة التي يدعمها تقدم داعش ويدعمها لاحقاً مؤتمر القاهرة وهو التمهيد الأكبر للوصول الى جنيف الثالث لكي يكون هناك ضغط متكامل على المعارضة السورية والرضوخ لمرحلة انتقالية شاملة تضمن للنظام بقاءه وللمعارضة المشاركة بتلك المرحلة المزعومة فإن الحل السياسي لايطرح من فراغ بل يجب ان يترافق مع تنازلات يقدمها جميع الاطراف المنهكة القوى ويقبل الطرفين بتواجد الجميع في سورية التي دفعت آلاف الشهداء ويأتي بعض السياسيون ليتتقدموا بحلول خرقاء وتناسوا أن الكلمة الفصل لن تكون إلا للشعب السوري فلن يخسر أكثر مما خسر

إن تلاعب الأنظمة العالمية في مصير شعب كامل في هذا الوقت الحرج ومايقدمه الأبطال في ساحات الشرف ليس سوى ضغط على الثورة ومن سيكون ورقة الضغط سوى داعش وبعض متسلقي الثورة

نهاية أقول إننا ثائرون ليس ضد الأسد فقط بل ضد جميع الأنظمة الديكتاتورية في العالم وضد جميع من يناصر قوى الإستبداد.

اقرأ المزيد
١ يونيو ٢٠١٥
داعش "تغدت" بالثوار قبل أن "يتعشوا" بها ...

نعم استطاعت داعش أن تثبت صوابية توقعاتها ، وأن الإلهام الصادر عن الخليفة أبي بكر البغدادي هو كلام دقيق يدل عن عمق فكري سحيق ، و أن هناك تأييد رباني لقدارته على استقراء الواقع و اتخاذ التدابير حيال ذلك.

فمن بين المبررات التي يسوقها موالوا داعش عن الهجمة المستعرة باتجاه ريف حلب المحرر أن أمريكا ستعمل على فرض حظر جوي في شمال سوريا ليساعد جيش الفتح ، الذي أذل قوات الأسد و مليشياته في إدلب ، ليقوم بمحاربة داعش و القضاء عليها ، الأمر الذي استرعى حنكة و قدرة البغدادي و مستشاريه و جنده الميامين للانطلاق بغية "التغدي " بالثوار قبل أن "يتعشوا " بهم ، لم لا فهنا أرض الخلافة و هنا الرؤية الصواب و هنا نبع الإسلام و ما دونه هي عبارة عن نبع الأسنة و الفساد .

كلام الموالين هذا أخذ حيز كبير و انتقل و بدأ يحجز لنفسه مكاناً في صدر قائمة الأسباب التي دفعت جند الخلافة لتغيير الوجهة و التحول إلى ريف حلب المحرر و ترك النظام مرتاح و سعيد ، و يكون حينها متفرغ للانقضاض على الثوار جواً كداعم متين و قوي للقوات التي تمتد براً ، فالخلافة هنا تتفق مع النظام ، و هنا تبدأ السياسية الشرعية فعلها ، بأن التعاون جائز و واجب مع الشياطين لحماية الخلافة فوقت "العشاء" قد اقترب .

السبب الذي يسوقه موالوا داعش يدل على مدى عقم النقاش معهم من جهة و يدل على مدى تعمق الخيانة في ضمائرهم ، فعندما يقولوا ان الحظر الجوي هو سلاح ضدهم فيؤكدوا أن سلاح الجو معهم ، و عندما يقولوا أن "من يتفرغ طوال الأربع سنوات لتجارة البنزين و السلاح فإنه لن يصمد أمام أصحاب العقيدة " فهم يقصدون نفسهم من حيث يدرون و لا يدرون ، وهم من يضعوا ايديهم على 80% من نفط سوريا ، و يأتي أحدهم ليتسائل من أي يأتي النظام بالنفط و المحروقات ..!؟

يبدو أن فكرة الغداء و العشاء قد تتحول إلى العكس تماماً ليكون غداء للثوار و تحرير في المساء كـ"حلوان" القضاء على جناح الموت الثاني الأسد ، فالمعادلة اليوم بين الصائل و الجائل ، متوافرة ومتواجدة في الاثنين ، وكلاهما تلقى و يتلقى و سيلقى ما يردعه و يصيبه في مقتل .

الثوار اليوم على الأرض وحدهم بلا داعم و لا مساند و مؤازر إلا بعضهم البعض ، لا تحالف مصلحي و لا عربي ، و لا قوى معتدلة و لا بلاد صديقة ، فاليوم يوم الثوار في وحدتهم على كافة أشكالهم و انتماءاتهم و توجهاتهم و مشاربهم ، على تنوع الناظرين إليهم محلياً وشعبياً و دولياً ، فالمعركة اليوم لكسر الكماشة التي خنقت الثورة و الشعب و الوطن و الأمة على مدى سنوات طويلة .

المعركة اليوم بين سوريا الأمة الحق و بين الباطل المتلون كالحرباء ....  

اقرأ المزيد
١ يونيو ٢٠١٥
لا تلوموا داعش

ليس من مصلحة تنظيم الدولة سقوط النظام السوري اذ إن هذا التنظيم دأب على استغلال التناقضات الموجودة على الساحة أمامه وإن سقوط النظام السوري سيخفف من حدة التناقضات الدولية التي اصطفت في معسكرين معسكر داعم للثورة ومعسكر داعم للنظام وسيعيد بشكل تدريجي كسر حدة التناقض بينها ليعود الكون باسره مسلمه قبل كافره ليصطف خلف المعارضة السورية لمحاربة داعش.
وبالتالي يتعين على الدواعش إثارة الغبار لتأخير جيش الفتح عن حلب والساحل إذ إن تحرير حلب كما كان مزمعا في الأيام القليلة القادمة سيكون بمثابة الضربة القاضية لدولة سوريا الأسد بعد الضربة التي تلقاها من فتح ادلب و هزت عرشه وسلطانه.


وما بعد التقاء الفتحين ( فتح ادلب وفتح حلب )  وتوجيههما طلائع الفتح للساحل إلا صعقا للخطة باء وهي دولة علوية أسدية في الساحل.
والظاهر أن تقدم داعش في ريف حلب الشمالي لن يكون بمثل الخطورة فيما لو تقدموا قبل انتصارات فتح ادلب، إذ إن الأمل في قلوب الملايين الذي أثمر بجهود فتح ادلب في إمكانية قيام مشروع سني قابل للحياة وقابل للانتصار كان بمثابة اللقاح الشعبي من فيروس داعش الذي قدم آمالا وأحلاما للبسطاء والسطحيين الذين يتوقف كل همهم عند شعار أو راية أو مظهر دون الولوج إلى التركيبة التي قام عليها داعش في هرمه.


ولن يكون دواء شافيا لهذه الأمة من سرطان داعش أنجع من إشراق مشروع سني ناجح يحقق الانتصارات ويرحم المستضعفين ولا يحمل الناس على دين الله كرها.


ولأن نجاح مثل ذلك المشروع سيكون الهدام الحقيقي لمشروع داعش فإنهم لا يألون جهدا في سحق مثل ذلك المشروع في مهده قبل الالتفات إلى أعداء الأمة التقليدين من الشيعة والنصيرين وهذا ما يفسر استشراس داعش على مثل تلك المشاريع الناشئة وترك كثيرا من خطوط التماس مع النظام السوري مجمدة.


ولم يسع الدواعش للإطاحة بهكذا مشاريع عن طريق القتال والقوة العسكرية فحسب بل سعت لأن تعتمد منهجا قديما انتهجته الأزارقة سابقا وانتهجه الماسونيون في القرن الماضي وهو محاولة قطع الارتباط بين الأمة ورموزها عن طريق بث الإشاعات التي تدمر الهالة والهيبة المحيطة بالرموز من علماء وقادة ووجهاء فيبقى الناس بهما لا كبير فيهم فإذا كان ذلك انحطت هذه الأمة لأدنى الدركات وتفشى  اليأس بينهم ومن ثم يبدؤون بالتطلع إلى منقذ لهم مما هم فيه فلا يجدوا إلا الظلام القادم من الشرق معتمدين على عصبيات تجذرت في العربي , وهذا ما يفسر دفاع بعض الشيوعيين الذين لا يؤمنون بالله عن داعش ومشروعها لأنهم رأوا فيها عزا لبني جلدتهم على أعدائهم ولو خالف منطلقاتهم الفكرية.

اقرأ المزيد
١ يونيو ٢٠١٥
داعش تضرب من جديد

الريف الشمالي ليس معركةَ داعش الرئيسية وليس هو الهدف. إنها البداية فقط. الهدف الحقيقي أكبر وأخطر بكثير، وهو مرتبط باستحقاق سياسي كبير خطير.

هجوم داعش على صوران مقدمة لهجوم كبير وليس عملية معزولة في الريف الشمالي. الهدف القادم قد يكون مدينة حلب أو الغوطة المحاصرة أو إدلب المحررة.

عندما سقطت الرمادي في العراق علمنا أن أعداء الثورة يُعدّون داعش لعملية كبيرة في سوريا، على غرار عملية احتلال الشرق السوري بعد سقوط الموصل.

سقوط تدمر والرمادي بيد داعش ليس أمراً عفوياً، لأن التحركات العسكرية الكبرى لداعش في العراق وسوريا لا تتم إلا ضمن تخطيط إستراتيجي للبلدين.

خطوط إمداد داعش مكشوفة وطويلة جداً، ولو كانت لدى النظامين السوري والعراقي أو التحالف الدولي أقل رغبة في وقف تمددها لفعلوا، ولكنهم يريدون العكس.

علّمتنا التجارب أن انتصارات داعش الكبيرة لا تتم إلا إذا "سُمِح" لها بها، وأن قدرتها على الحركة الحرة خارج السيطرة محدودة جداً، بل مستحيلة.

لماذا سُمح لداعش بأن تحقق انتصارات كبيرة في الرمادي وتدمر؟ لماذا بدأت داعش هجومها الجديد على الثورة؟ الجواب الكبير الخطير: "مؤتمر جنيف الثالث"

المجتمع الدولي يجهز المسرح منذ عدة أشهر لمؤتمر جنيف الثالث الذي يُراد منه الخروج بحل سياسي للأزمة السورية، وهو حل يقتضي توافق طرفَي الصراع.

الحل السياسي التوافقي يقتضي أن يقدّم طرفا الصراع "تنازلات مؤلمة"، بحيث تقبل المعارضة ببقاء النظام ويقبل النظام بمشاركة المعارضة في الحكم.

هذا هو الحل الذي حاولت القوى الدولية الوصولَ إليه في مؤتمر جنيف الثاني، ولكن المؤتمر فشل بسبب تصلب الطرفين ورفض كلّ منهما تقديمَ أي تنازل.

لن ينجح جنيف3 إلا إذا وصل إليه طرفا الصراع ضعيفَين مُنهكَين قابلَين للضغط ومستعدَّين للتنازل، ومن أجل ذلك كان لا بد من إضعافهما مسبقاً.

القوى الدولية تريد الضغط على طرفَي الصراع لإخضاعهما في جنيف. ومَن أفضلُ من الثوار للضغط على النظام؟ ومَن أفضل من داعش للضغط على الثوار؟

نجح الثوار في الأشهر الأخيرة في إنهاك النظام وتحقيق انتصارات كبيرة فصار ضعيفاً منهَكاً، ولكنهم هم أنفسهم صاروا أكثر قوة، فمن ينهكهم ويضعفهم؟

هنا يأتي دور داعش، حصان طروادة الذي صُمِّم لضرب الثورة. لذلك مكّنوها من تحقيق انتصارات العراق وتدمر لتحصل على الأسلحة والذخيرة لتضربنا بها.

يا ثوار سوريا ويا أحرارها وثوارها الأبطال: لقد تعاطف الشعب معكم يوم ضربَتكم داعش أول مرة، لكنه لن يسامحكم إذا شربتم من الكأس الواحدة مرتين.

كل من يفرّق بين النظام وداعش خائن. كل من يتورع عن قتال داعش خائن. كل من يسمح لداعش بأكل غيره اليومَ فإنه خائنٌ خائن، وهو في الغد مأكول.

اتركوا النظام مؤقتاً، فإنه في كل يوم إلى ضعف وتراجع، والتفتوا إلى داعش التي تستغل انشغالكم بالنظام فتغدر بكم وتطعنكم بالظهر وتقضم أراضيكم المحررة.

ابدؤوا بداعش فإن قتالها مقدَّمٌ على قتال النظام. إذا لم تفعلوا فسوف تخرجون من المعركة أصفاراً وستصبح سوريا قِسمةً بين داعش والنظام.

على غرفة عمليات حلب أن تؤجّل معركة حلب، ولتضع خطة عاجلة لوقف الهجوم الأخير وخطة محكمة لتحرير الريف الحلبي الشمالي كله ودفع داعش شرق الفرات.

لو تقاعسنا أو ترددنا فأخشى أن تأكل داعش انتصاراتنا الأخيرة كما أكلت انتصاراتنا الأولى، وأن يأتي يوم نقول فيه: "ليتنا تحركنا قبل فوات الأوان".

اقرأ المزيد
٣١ مايو ٢٠١٥
لا تصدّقوه

لم ينفذ حسن نصر الله شيئاً من وعوده التي كرس لها خطبا كثيرة، حول تحرير شبعا وتلال كفرشوبا والقرى اللبنانية السبع المحتلة إسرائيلياً. هذه الخطب بينت السنوات السبع الماضية أن نصر الله كرسها لتغطية قرار وقف معركته الإلهية ضد إسرائيل، وأن هدفها كان احتلال عقول العرب وقلوبهم، وقد أراد كسب ثقتهم بقيادته معركة عطلتها الرسمية الحاكمة ضد عدو قومي ووطني يحتل فلسطين، بحيث تستسلم له وتسير وراءه في أية معركة يخوضها، بما في ذلك داخل البلدان العربية، وخصوصاً منها لبنان الذي اجتاح حزب نصر الله عاصمته بقوة السلاح، وسورية التي يقاتل شعبها التكفيري، منذ ثلاثة أعوام، ويصعّد قتاله ضده من يوم إلى آخر، على الرغم مما يواجهه من مقاومة، ويتعرض له من افتضاح سياسي وانكشاف عسكري، جعل منه أحد أبرز الرموز التي يكرهها العربي العادي، حتى ليمكن وضع اسمه إلى جانب اسم بشار الأسد في كل ما له علاقة بالجريمة التاريخية التي يرتكبها ضد السوريين والعرب والإنسانية.
يسقط "السيد حسن" من مكان سياسي مرتفع جداً. لذلك، يشعر بألم خاص، يعبر عنه في خطب يزيح منها أكثر فأكثر صفة المقاوم الوطني السابقة لصالح صفة جديدة، تليق بمجرم وقاتل يبطش ببسطاء الناس، لغايات غير وطنية وغير إنسانية، ترتبط بخطط هيمنة استعمارية، تريد قوة أجنبية، هي إيران، فرضها على شعوب ودول ترفضها، تصير بسبب رفضها هذا تكفيرية، مع أنها لم تعتد كإسرائيل على لبنان، أو تحتل أرضه، أو تقتل أبناءه، لكن نصر الله يشن عليها حرباً عدوانية دمرت الزرع والضرع، بينما كانت خطبه على مدى سنوات خلبية/ صوتية، لم تسقط شعرة من رأس إسرائيلي، بعد عام 2000. هذا التفاوت في التعامل الكلامي/ التهويلي مع الاحتلال الإسرائيلي، والسلاحي/ الحربي مع السوريين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين، لم يعد خافياً على أحد أو قابلا للتبرير. وقد غدا فضيحة مجلجلة يعيها عرب زماننا، ممن أرغمتهم حرب نصر الله على طرده من عالمهم الخاص والحميم، والإقلاع عن اعتباره واحداً منهم، وقلبتهم من أتباع طوعيين له، ينظرون بفخر إليه، ويرون فيه قائداً يضمن حياتهم، ويدافع عنهم، إلى أعداء يتحينون الفرص، للانقضاض على مرتزقته الذين أرسلهم إلى قتال أبرياء، ذنبهم الوحيد أنهم طلبوا حريتهم من حكام يقاتل حزب الله دفاعا عنهم، لكونهم أسافين تخترق بلدانها وشعوبها لصالح إيران.
يكمن جذر الفضيحة التي يواجهها نصر الله في اعتقاده بقدرته على استخدام قيم وطنية، لتحقيق غايات إجرامية ولاغية للوطنية، فالمقاومة التي يدّعيها لا تكون مبدأ وطنياً، إلا عندما توجه إلى عدو أو غاز أجنبيين، أو إلى طاغية يقتل شعبه من أجل كرسيه، أو خدمة لجهة أجنبية. لا يقاوم حزب الله عدواً أو غازيا آجنبيا في سورية، ولا يقاتل طاغية يستعبد شعبه، بل يقاتل شعباً تقر قوانين وأعراف البشر جميعها بحقه في طلب الحرية، ويدافع عن طاغيةٍ بزَّ في إجرامه جميع قتلة شعوبهم مجتمعين. والغريب أن نصر الله يتوهم أن من محضوه ثقتهم، عندما كان مقاوماً، سيواصلون الولاء له، والسير وراءه وهو يقتلهم، أنهم سيصدقونه، وهو يصنفهم إرهابيين، وسيؤيدونه وهو يقتلهم، ويدمر وجودهم الشخصي والوطني.
والخلاصة: تنبع كبائر نصر الله السياسية من قيم غير وطنية أو إنسانية، يفضحها تناقضه في كل خطاب يلقيه. وهنا تكمن مشكلتنا معه، ومشكلته معنا.

اقرأ المزيد
٣١ مايو ٢٠١٥
السويداء أمام خيار مصيري لم يفت أوانه بعد

تميّز سلوك الدروز في تاريخ سوريا الحديث بغلبة النزعة الاندماجية لديهم، على حساب النزعات الانفصالية التي ظلت نزعات هامشية. هذه الغلبة لنزعتهم الاندماجية تجاه الأكثرية هي التي قبعت في خلفية موقفهم الإيجابي والفاعل من المشاريع الكبرى، التي شهدها التاريخ السوري المعاصر: فشاركوا بفاعلية في الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، وكانوا حاضرين في مشروع الدولة الدستورية في مرحلة ما بعد الاستقلال، ثم، اندفعوا بقوة إلى قلب المشروع القومي الناصري في مرحلة الوحدة السورية–المصرية، حيث كان هوى جبل العرب، آنذاك، هوىً ناصرياً جارفاً.

إن الاستقراء التاريخي لحضور الدروز الوازن في هذه المشاريع الثلاثة، قياساً لوزنهم الهامشي في مرحلة البعث. يؤشر: أولاً، على احتضان الأكثرية السنية لهذا النزوع الاندماجي عندهم، وبالتالي، حرص الأكثرية على حضورهم السياسي في تلك المشاريع الكبرى بتمثيل يفوق كثيراً وزنهم الديموغرافي. فمثلاً، كان تعيين سلطان الأطرش قائداً عاماً للثورة السورية الكبرى قراراً سنياً، فقد أصر الزعماء الدمشقيون وعلى رأسهم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر على هذا التعيين.

ويؤشر ثانياً: إلى فعالية المجال الوطني/القومي في حماية الدروز وغيرهم من الأقليات، فطريق الحماية الوحيد للجميع هو المشاركة في تشكيل فضاء وطني عام، ينفي الصفات الهوياتية في حيز الدولة. لذا، فإن تضّييع أحدى هاتين الثابتتين: النزوع الاندماجي مع الفضاء الأكثروي، ونزوع الانتماء إلى المجال الوطني، يقود إلى التهلكة.

لم يستطع انحياز النخب المنتمية للطائفة الدرزية إلى الثورة السورية، من حجب الموقف الباهت من الثورة لشرائح واسعة من الطائفة الدرزية، ولم يستطع حجب الموقف الركيك والانتهازي لمشايخ العقل والزعامات التقليدية. يشي هذا: بأن الدروز أمام هذا التحول التاريخي الكبير الذي تشهده المنطقة العربية في أمّس الحاجة إلى إعادة تشغيل نزعتهم الاندماجية، التي حاولت السلطة، وما زالت، تسعى إلى تعطيلها في سياق مشروعها التدميري لسوريا، الذي عبّر عنه بكل وضوح وصفاقة شعار "الأسد أو نحرق البلد".

أمّا وقد تحقق إحراق البلد، يبدو الحديث عن الخيار الوطني السوري ضرباً من "فانتزيا"، لكنه يظل المخرج التاريخي الوحيد لاستعادة الحياة الآدمية، التي تهاوت مقوماتها في البلدان المشرقية على متاريس الطوائف والمذاهب. كما أنه خيار واجب وضروري في مواجهة اللعب غير الأخلاقي من قبل محور المقاومة بمسألة الأقليات، بما في ذلك الأقلية الدرزية، التي يكثر الحديث هذه الأيام عن تواجد لمسلحي "داعش" على حدود مناطقها في محافظة السويداء.

لا شك، أن وجود "داعش" على أطراف محافظة السويداء خطر حقيقي وجدي، لكن الأخطر من ذلك هو الوعي الأيديولوجي الضيق الذي يعمي البصر والبصيرة عن التعامل بعقلانية مع هذا الخطر القادم، وأولى خطوات النظر العقلاني، تتمثل بالكشف عن الأطراف الإقليمية والمحلية، التي تدعم هذا الخطر القادم إلى السويداء، كذلك الكشف عن الجهات الإقليمية والداخلية التي تقف ضده. وعلى ذلك من الضروري توضيح المسائل التالية:

أولاً، أصبح من نافل القول: أن إستراتجية النظام وحلف الممانعة منذ مرحلة الثورة السلمية، ارتكزت على استقدام التنظيمات المتطرفة لتجهض المضمون السلمي الديمقراطي لها، وتخيير العالم بين "داعش" والنظام. وفعلاً أجهض هذان الطرفان المحتوى المدني والسياسي للثورة السورية. وأيضا، من نافل القول: أن النظام وحزب الله لم يخوضا أي معركة جدية مع "داعش"، وأن جميع معارك "داعش" استهدفت معارضة النظام بشقيها المدني والعسكري، وكان واضحاً أن دخول "داعش" إلى الرقة وتدمر أشبه بعملية تسليم وتسلم. يصبح جلياً إزاء هذه الإستراتيجية الواضحة للنظام، أن تهديد "داعش" للسويداء يخدم توجهاته، ويخدم المتاجرة بمسألة الأقليات.

ثانياً، إن استهداف "داعش" للسويداء يحقق للنظام، إضافة للمتاجرة بمسألة الأقليات، جملة من الأهداف الأخرى: أولها، يريحه من أعباء الانتشار الواسع وسط تآكل واهتراء آلته العسكرية، وتصاعد التفكير من قبل حاضنته الطائفية وحلفائه الإقليميين للتركيز على الشريط الممتد من الساحل إلى دمشق عبر حمص والقلمون. وثانيها، إن دخول "داعش" المحتمل عبر الريف الشمالي للسويداء يؤدي إلى الوصول إلى مناطق تواجد القوى المسلحة في الجبهة الجنوبية، والتي باتت تشكل خطراً على دمشق، ما يفتح إمكانية اشتباك "داعش" معها. وثالثها، أن تواجد "داعش" في البادية الشرقية للسويداء يشكل تهديداً جدياً للأردن والسعودية، من خلال إستراتيجيته القائمة على إزالة حدود سايكس- بيكو. فـ"داعش" بهذا التواجد يهدد بإزالة ساق خريطة الأردن الجغرافية، التي وضعها الانكليز لفصل بلاد الشام عن الحجاز. ورابع الأهداف، يحقق "نظرية الفوضى الخلاقة" التي أصبحت فعلياً نظرية محور المقاومة.

ثالثاً، إذن من مصلحة الأردن والسعودية إقليمياً دعم السويداء في مواجهة "داعش"، كما هو مصلحة لأهل حوران وتعبيراتهم السياسية والعسكرية أيضاً. وهذا سيتلاقى، مستقبلاً، مع ما يدور الحديث عنه حالياً حول إنشاء مناطق عازلة، حيث ستكون السويداء ضمن المنطقة العازلة الجنوبية في حال قامت، وبالتالي مصيرها مربوط عضوياً بمصير حوران.

رابعاً، إن انحياز الدروز إلى المشروع الوطني السوري ينسجم مع تاريخهم وتراثهم ومصلحتهم، في مواجهة المشروع الإيراني في المشرق العربي القائم على تفكيك المجتمعات، واقتلاع الطوائف من أنسجتها الوطنية ووضعها في سياق معاد للأكثرية السنية، على حساب منع تشكل دول وطنية في العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين.

خامساً، نجح أهل السويداء خلال السنوات الأربع الماضية في تجاوز الأفخاخ التي نصبها النظام للإيقاع بين درعا والسويداء، لكن ذلك لم يعد كافياً، فالمصلحة الوطنية ومصلحة أهل الجبل معاً، تستوجبان إعادة لحم العلاقة مع حوران بكل تعبيراتها، فحوران هي عمق الجبل الاستراتيجي، وليس للجبل غير حوران ومحيطه الطبيعي في دمشق وريفها، ودروز السويداء بحاجة إلى بلورة هذا الخيار التاريخي الذي لم يفت أوانه بعد.

اقرأ المزيد
٣١ مايو ٢٠١٥
الثورة السورية العالمية

لم يحدث أن حصلت حرب دامية كـ التي تحصل في سورية الآن، ولا في أي دولة. ولم يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل هذه الاجتماعات والمؤتمرات المكثفة، لأخذ مواقف إدانة، تنديد، شجب واعتراض على إجرام النظام السوري على الشعب السوري.
طوال هذه الأعوام الأربعة المنصرمة، والتي حملت في طياتها مآس وكوارث ومجازر كثيرة أرهقت الأطفال والنساء، ولم ترهق هذا المجلس من هذه الاجتماعات.
اعتادت أعين السوريين وأجسادهم على الموت والتعذيب والاعتقال، واعتادت العيون العمياء لمجلس الأمن على التلذذ بما يشاهدوه من مجازر بحق الشعب السوري، مع شفقة رعناء، لا تحمل في مضمونها، إلا الذل والهوان الذي رفضه هذا الشعب المنكوب.
مجلس الأمن الذي يرعى زمام المبادرة لإصدار قرارات صارمة للحل السلمي، إن حددت وجود تهديد للسلم أو عمل من أعمال العدوان، ولا فرض عقوبات جدية مجدية لصالح الشعب، لحمايته من النظام المجرم. لم يكن هناك اجماع من الدول العظمى بوقف القتال في سورية، لأن ليس لأحدهم مصلحة في وقف القتل، أو حتى موقف واضح مبني على أساس تعدي قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
عندما كان الصوت والرسائل الورقية هو السلاح في أولى أيام الثورة منذ انطلاقتها، لم يجدِ نفعاً ولا حسناً، اتخذت الثورة السورية موقفاً للدفاع عما طالبت فيه، كما "العين بالعين"، أصبح التسليح البسيط هو الحل، لمجابهة نظام الأسد وأسلحته التي لم تستخدم من قبل، إلا في الحروب العالمية الذي قابل الشعب الأعزل بأشد أنواع العنف حتى اتخذت الثورة مثل هذا الموقف.
تسلحت الثورة ليست لقمع المدنيين، كما استخدم النظام ذلك بوجه الشعب، وإنما تسلحت للدفاع عن أرض الوطن، وتحريرها من هذا الكيان الاجرامي، لأن القمع ليس ما يرضيها، والثورة كانت ستطفئ، وسيحصل إبادة لمدينة كاملة لولا فكرة السلاح في الثورة، على أن الشعب الأعزل هم إرهابيون لتعدّيهم على قرارات الرئاسة، ولم يحدث ما حدث في درعا قبل ذلك، فكان رد النظام وحشياً على أن يستخدم الأمر نفسه الذي استخدمه والده في مدينة حماه عام 1982.
ولكن، لم يع أن الجيل الذي تصدى له هي الفئة الناشئة التي ستقف للظلم حداً لا يتقدم. الذي خلق من أجل العيش بحرية وكرامة، لا من أجل أن يبقوا عبيداً تحد أقدام من يستخدمون أماكنهم المسؤولة للمصالح الشخصية، ولما تشتهيهم ملذاتهم الشخصية، وما يملي عليهم مزاجهم. لم تكن سورية منذ 40 عاماً في نظامها القائم بـ عائلة الأسد على أسس الجمهورية، ولا سيما أن النظام الدستوري يتوجب إحدى النقاط:
إما أن يكون نظام القمع والإرهاب، أو على أساس البناء والإصلاح. فهو لم يستخدم إحداهما بشكل كامل، وإنما كان ينحاز لقاعدة البناء والإصلاح، لكسب الطبقة الفقيرة إلى جانبه. ولكن، لم يع تماماً أنها ليست ثورية اقتصادية وحسب، وانما هي في الكف الارجح للمطالبة في مساواة العيش، وأخذ كامل الحقوق الإنسانية والعيش بكرامة.
لم يضع اهتماماً على من أقاموا الثورة، لكنه اتجه إلى الرأسمالية، وأخذ بعين الاعتبار أنه من المهم ضم صف أصحاب رؤوس الأموال إلى جانبه، بدعم موقفه تجاههم لـيبادلونه موقف تبشيع كلمة الثورة على أن من طالبوا بحقوقهم هم بعض الارهابيين الذين سيخربون سورية.
وصلت الحقيقة إلى حدها في هذه الأيام التي تشهد لمسات انتصار، هزت عرش النظام الإجرامي، ولم يقتصر ذلك على الانتصارات فحسب، الانسحابات والاستسلام في مناطق كثيرة، لها أكثر الأدوار اهتماماً، مشاريع إعادة إعمار سورية قد لا تستغرق أثراً، من نداء العودة إلى حضن الوطن، والمباشرة بعد النداء بوقت قصير، لبناء ما قد سببته حرب الأسد من أجل كرامة الشعب.

اقرأ المزيد
٣٠ مايو ٢٠١٥
تدمر.. هل لها ما بعدها؟

تقع سورية أكثر فأكثر بين ناري إيران وداعش، إذ بينما ينتقل الأخير إلى هجوم استراتيجي غير مسبوق، يغطي أجزاء واسعة من العراق وسورية، وتكذّب نجاحاته اليومية ما قاله جنرالات أميركيون متسرعون عن انتقال التنظيم إلى الدفاع، وافتقاره إلى القدرات الضرورية لشن هجمات جديدة، سواء في بلاد ما بين النهرين أو سورية، تكثف إيران دعمها النظام الأسدي، مع تحول نوعي أخذ يطاوله، يضع في حسبانه انهيار حليفها الدمشقي، ويرغمها على إيجاد ردود سياسية تستبق فشلها العسكري، يرجح أن تكون من طبيعة غير عادية، كما تقول اجتهادات عديدة.
لم تكسر هزيمة تكريت ما صار الأميركيون أنفسهم يسمونه "تنظيم الدولة"، بل إنها تبدو وكأنها دفعته إلى تكوير قواه وتجميعها، لشن هجمات حققت إنجازات ميدانية، تتخطى كل ما كان يعتقد أن في استطاعته تحقيقه، بما في ذلك تحدي وإحراج العسكرتارية الأميركية التي
استهانت به، ووضعت خططا لمواجهته، تقوم على بذل حد أدنى من الجهدين، الأميركي والعراقي، وها هي تتلقى صفعات متتالية وهزائم متلاحقة في الرمادي، وتواجه هجمات كبيرة حتى على المنطقة الكردية، في حين وصل جيش داعش إلى حزام بغداد، واقترب من قاعدة الحبانية التي توصف بالاستراتيجية، بالتزامن مع اقتحام تدمر، وانفتاح طرق حمص ودمشق أمامه، وتقدمه إلى الشيخ نجار وأبواب اللواء 80 في حلب، في نقلات استراتيجية وجريئة بدلت الأوضاع القائمة، وبدت وكأنها تقلبها رأساً على عقب، خصوصاً بعد وصول قواته إلى الحدود الأردنية، وما يعنيه ذلك من احتمالات مخيفة، يربطها المراقبون بما حصل داعش" عليه من كميات سلاح كبيرة في البلدين، بعد فرار جيشيهما من المعركة في الرمادي، وفي محيط قاعدة الربانية الجوية، وتسليم جيش الأسد تدمر من دون قتال إلى المهاجمين الذين اجتازوا مئات الكيلومترات في أرض مكشوفة، من دون أن يتعرضوا لأي ضربات جوية، سواء من التحالف أو من طيران النظام الذي لم يوقف غاراته على سكان حلب ومدارس الأطفال فيها، وقد جاءتنا أخبار من مقاتلين في جيش النظام، تتحدث عن أوامر صدرت إليهم بالتخلي عن أسلحتهم، والصعود إلى الشاحنات التي كانت قد أعدت مسبقا لإجلائهم عن منطقة القتال، بينما فرغ (سرق) متحف تدمر قبل عشرين يوماً من وصول داعش إليها، عندما كانت قواته على بعد مئات الكيلومترات منها، وأخلى كذلك معظم نزلاء سجنها الرهيب الذين نقلهم إلى مكان مجهول، وسلم من ترك المدينة الاستراتيجية لهم مستودعات فيها ستمائة ألف لتر وقود، ومطار عسكري كبير لم يشارك في المعارك، ومستودعات سلاح وذخيرة تمكّن التنظيم من شن هجماته بنجاح، في أي وقت واتجاه يريده، ولم يقاتلهم حين تقدموا في الأيام التالية نحو حمص ومعبر التنف الحدودي مع العراق، مع أنهم اجتازوا عشرات الكيلومترات من الأرض المكشوفة نحوهما، وفي رابعة النهار، بينما كانت طائراته تقصف من بقي من سكان تدمر فيها، وتشن عليهم ثلاث عشرة غارة خلال ساعات قليلة.
"هل يقطع العالم العربي الشك باليقين، ويمد الجيش الحر، أخيراً، بما يحتاج إليه من عتاد ومال، كي يسقط النظام ويواجه داعش؟"

ومع أن دلائل كثيرة كانت تشير إلى قرب وقوع هذا التحول الكبير على الأرض، منها ما شاع عن أوساط قريبة من النظام، أكدت أنه يفكر بتسليم دمشق إلى داعش، ليعاقب مسلمي سورية على ثورتهم ضده، والغرب على تخليه عنه، فإن مما يلفت النظر أن أميركا وتحالفها لم يقوما بأي رد فعل على ما كان يجري تحت أعينهما، ولم يبذلا أي جهد، عسكريا كان أو غير عسكري، لوقف زحف التنظيم إلى تدمر، على الرغم من منطوياته المباشرة الخطيرة على بلد كالأردن، والبعيدة المدى على العالم بأسره الذي سيواجه، من الآن، اٍرهابا يمسك بدولتين، وربما يحكم إحداهما، إلا إذا كانت التطورات تذهب في اتجاه حرب سنية/ شيعية عامة، لا تبقي ولا تذر، من مستلزماتها انتصار داعش، التنظيم المثالي لخوضها.
مهما كانت الاحتمالات، وجميعها مقلقة، فإن من الثابت أن التطورات الأخيرة تهدد بتمزيق سورية التي يمكن لنظامها أن ينسحب، من الآن فصاعداً إلى المنطقة الساحلية، آخذا معه إيران، على أن يبقى شمال سورية للـ"ثورة" وشرقها لداعش. لا أعتقد أن خطط النظام التي تراهن على داعش ستنجح، لأسباب كثيرة تتعلق بالمواقف العربية والإقليمية وبعض الدولية، وخصوصاً منها الأوروبية، وكذلك بموقف إسرائيل، وحتى حزب ﷲ، فهل يقطع العالم العربي الشك باليقين، ويمد الجيش الحر، أخيراً، بما يحتاج إليه من عتاد ومال، كي يسقط النظام ويواجه داعش، ويخرجه من شمال وشرق سورية، وبالتالي، من معادلات الصراع السوري، واحتمالاته الكابوسية التي تترتب على دوره فيه وامتداده الجسدي والمعنوي إلى مختلف مناطقه، بالوتيرة العاصفة التي نعيشها هذه الأيام، بالتواطؤ مع النظام الأسدي؟

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٢ سبتمبر ٢٠٢٥
رسائل "الشرع" من قمة كونكورديا: خطاب يفتح أبواب سوريا على العالم
أحمد نور الرسلان
● مقالات رأي
٢٠ أغسطس ٢٠٢٥
المفاوضات السورية – الإسرائيلية: أداة لاحتواء التصعيد لا بوابة للتطبيع
فريق العمل
● مقالات رأي
١٣ أغسطس ٢٠٢٥
ازدواجية الصراخ والصمت: استهداف مسجد السويداء لم يُغضب منتقدي مشهد الإعدام في المستشفى
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٣١ يوليو ٢٠٢٥
تغير موازين القوى في سوريا: ما بعد الأسد وبداية مرحلة السيادة الوطنية
ربيع الشاطر
● مقالات رأي
١٨ يوليو ٢٠٢٥
دعوة لتصحيح مسار الانتقال السياسي في سوريا عبر تعزيز الجبهة الداخلية
فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني