مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٣٠ أبريل ٢٠١٥
إعلام الثورة وتحديات المرحلة الراهنة من عمر الثورة

في بداية الحراك الثوري إتجه عدد من الشباب للعمل في المجال الإعلامي وتصوير المظاهرات ونقلها لقنوات الإعلام ثم تطور الأمر لتأسيس مكاتب إعلامية وتنسيقيات وأصبح الناشط  يخرج على أثير الإذاعات والقنوات الإخبارية بالصوت أو الصوت والصورة لنقل تفاصيل الأحداث على الساحة متحدياً بظهوره كل ألة البطش الأمنية التي تلاحق كل من ينقل الحقيقة التي عمل النظام على تهميشها ومحاربتها بكل ما يملك من وسائل ومعرضاً نفسه للملاحقة هو وذويه من اهله وأقاربه لكونه يخرج بشكل علني على وسائل الإعلام العربية والعالمية يتحدث عن مجازر النظام بحق الشعب في وقت كان يخاف فيه الكثير مجرد الظهور ملثماً أمام عدسات الكمرات أو المشاركة في المظاهرات.


وعلى الرغم من ضعف الإمكانات وإنعدام الدعم عمل أغلب النشطاء في الداخل على نقل الواقع بكل مهنية وأمانة وبوسائل بسيطة جداً قهروا بها ألة الإعلام الأسدية وقدموا للعالم أجمع أحداث الثورة السورية بلحظتها وكل تفاصيلها من معارك ومظاهرات وظلم وقهر وبطش فتحمل الناشط تلك الأمانة التي حمل لوائها منذ بداية الثورة وكان جهاده بالكلمة متوازياً مع جهاد إخوانه بالسلاح فكان رفيقهم في أرض المعركة يصور بطولاتهم وتضحياتهم فكان بحق صحفياً ينقل ما عجز عنه رواد الإعلام وناشطا طبياً يسعف المصابين وإغاثياً ينجد المحتاجين من عوائل الشهداء والأسر المشردة فأدى دوره بكل ما استطاع ومازال...


واليوم وبعد سنين طالت من عمر الثورة المباركة ودخول وسائل الإتصال المنوعة للمناطق المحررة من أجهزة فضائية وغيرها من وسائل التواصل والتي أصبحت بمتناول الجميع وظهور ناشطين جدد ممن وجدوا في العمل الإعلامي باباً لكسب المال أو الشهرة أصبح العمل الإعلامي أمام تحديات كبيرة جداً تفرض على الناشطين الأوائل إعادة ضبط المسار الإعلامي والعمل على كبح العبثية الإعلامية التي أثرت سلباً على مسيرة الإعلام الثوري ومطالبة جميع الفعاليات الثورية بالعمل كل في مجاله وليترك الإعلام للناشطين الأوائل والمختصين في هذا المجال وليعمل كل فرد على التقدم في المجال الموكل إليه فلا يتدخل الطبيب بعمل الإعلامي ولا المقاتل بعمل الطبيب ولا المهندس بعمل المخطط العسكري فيرقى كل في مجاله ونرقى بالثورة والسورية والوطن السوري الحبيب لمراتب عليها من التطور والعمل المهني المنضبط.

اقرأ المزيد
٣٠ أبريل ٢٠١٥
«عاصفة الحزم» وانتصارات المعارضة السورية!

«نَفَسُ الرِّجال يُحيي الرِّجال»، مع الاعتذار الشديد لكل نساء العالم. و«عاصفة الحزم»، التي كان هذا التحالف العربي، الذي انتشل الأمة العربية من واقعٍ رديء بالفعل، هو أحد إنجازاتها هي سبب كل هذه المتغيرات التي طرأت على واقع ميادين القتال بين المعارضة والنظام في سوريا، فالنجاحات التي تحققت في اليمن والتي لا تزال تتحقق قد انعكست، وفقًا لنظرية السوائل في الأواني المستطرقة المعروفة، على معادلات القوى السورية المتصارعة وأيضًا، في حقيقة الأمر، على الأوضاع في العراق وفي لبنان وبعض دول الخليج العربي.
لقد قُلْت وقال غيري مرارًا وتكرارًا إنَّه قبل «عاصفة الحزم»، وقبل بروز هذا التحالف العربي الواعد الذي يمكن البناء عليه من أجل أن يأخذ العرب مكانتهم المفترضة في هذه المنطقة وفي العالم بأسره، كان هناك اعتراف يصل إلى حدّ الاستسلام بأنَّ هذا العصر هو عصر إيراني، وأنه من العبث الوقوف في وجه إيران التي غدت قوة متفوقة، وغدا العالم، وفي مقدمته الولايات المتحدة، ينظر إليها على أنها الرقم الفاعل الرئيسي في المعادلة الشرق أوسطية، وبالتالي فإن من يريد الحفاظ على مصالحه «الاستراتيجية» فعليه أن يضع يده في يدها، وعليه أنْ يهمل العرب لأنهم أصبحوا، حتى مجتمعين، قوة ثانوية!! ولذلك، وعلى هذا الأساس، فقد استمرت مفاوضات أو محادثات النووي بين مجموعة «5+1» وإيران بالطريقة التي استمرت بها. ولذلك، وعلى هذا الأساس أيضًا، فإنَّ الدول الكبرى كلها، كلها من دون استثناء ولا دولة واحدة، بدأت تنظر إلى الشرق الأوسط على أنه منطقة نفوذ إيراني. والمعروف أنها، أي هذه الدول، قد تراجعت إنْ ليس عن كل مواقفها السابقة تجاه الصراع في سوريا فمعظمها، وهذا هو في حقيقة الأمر ما جعل دولة الولي الفقيه تتمادى كثيرًا في التدخل في شؤون سوريا الداخلية، وما جعل نظام بشار الأسد يبقى قائمًا حتى الآن، وما جعل بعض دول الاتحاد الأوروبي تفتح قنوات اتصال خلفية مع هذا النظام الذي كانت تصفه بـ«القاتل» و«الدموي»، ومع أجهزته الاستخبارية.
كان عنوان مرحلة ما قبل «عاصفة الحزم» وبروز هذا التحالف العربي الواعد بالنسبة لسوريا والتطورات السورية التي تلاحقت خلال الأعوام الأربعة الماضية هو هذا المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي جاء إلى هذه المنطقة بمشروع حل يبدأ بمدينة حلب هو في حقيقة الأمر عبارة عن مشروع تأبين للمعارضة السورية، وهو عبارة عن مشروع إعادة بناء لنظام بشار الأسد، يفتح المجال أمامه ليستمر لعشرين سنة مقبلة وربما أكثر، ولينقل مهمة اضطهاد الشعب السوري التي تسلمها من والده إلى ابنه حافظ الذي بات يعامل على أنه ولي العهد بالنسبة للعائلة الأسدية الحاكمة.
إن المفترض أن الكل يذكر كيف أنَّ بشار الأسد كان قد التقط أنفاسه قبل «عاصفة الحزم» بأيام قليلة، وأعلن ومعه البوق الإيراني حسن نصر الله أن قواته ذاهبة إلى حلب لتخوض المعركة الأخيرة، وأن كل شيء أصبح منتهيًا، وأن الأمور قد عادت إلى نصابها، وأنه لا ثورة ولا معارضة بعد الآن، وأنَّ التحالف الإيراني أصبح قدرًا لكل أهل هذه المنطقة. وحقيقة فإن معنويات الرأي العام العربي كانت قد أصبحت في تلك المرحلة في الحضيض وذلك إلى حدِّ أن بعض العرب بادروا إلى فتح قنوات سرية وأيضًا علنية مع إيران، و«على عينك يا تاجر» كما يقول المثل العربي.
لكن ما الذي حصل بعد «عاصفة الحزم» فتغيرت معادلة الصراع في سوريا وأصبحت الأمور على ما هي عليه الآن..؟!
إن الذي حصل هو أن «عاصفة الحزم» قد أثبتت أنها ليست مجرد عملية عسكرية تستهدف تحالف الحوثيين مع علي عبد الله صالح للحفاظ على الشرعية اليمنية، التي أراد هؤلاء التخلص منها، بل بداية نهوضٍ عربي شامل، وأنها أيقظت وجدان الأمة العربية كلها. ولعل ما تجب الإشارة إليه هو أنَّ هذا قد تجلَّى وبأوضح صوره من «تطْوان» في الغرب وحتى رأس الخيمة في الشرق، ومن «كريتر» في الجنوب وحتى «باب الهوى» في الشمال على الحدود السورية - التركية.
سُئِل أحد كبار ضباط الجيش السوري الحر عن الجديد الذي نقل المعارضة السورية من واقع الدفاع إلى واقع الهجوم، والذي جعلها تحقق كل هذه الانتصارات التي حققتها في إدْلب وجسر الشغور وفي حماه وأيضًا في جبهة الجنوب، على الحدود السورية – الأردنية، كلها.. وكان جوابه أن هذا الجديد هو «عاصفة الحزم»، وهو الانتصارات التي حققها «التحالف العربي» في اليمن. لقد عززت هذه الانتصارات ثقة قوى الثورة بنفسها، وجعلتها تلملم أوضاعها وتبادر إلى تجاوز تعارضاتها وتنصهر في إطار تحالف عام شعاره التخلص من نظام بشار الأسد وتحرير سوريا من الظلم والطغيان والحفاظ على وحدتها ووحدة شعبها.
في آخر عدد لها نشرت صحيفة الـ«واشنطن بوست» تحقيقًا موسعًا عمَّا أصبحت عليه أوضاع نظام بشار الأسد، استندت في جانب منه إلى معلومات نسبتها إلى السفير الأميركي (السابق) في دمشق روبرت فورد، وهي قالت مما قالته في هذا التحقيق إنَّ قبضة الرئيس السوري بدأت تهتز، وإنَّ نهايته أصبحت قريبة، وإن الخلافات باتت تحتدم داخل عائلته، مشيرة إلى عدد من التصفيات المتبادلة داخل هذه العائلة، ومشيرة إلى أنَّ ابن خاله حافظ مخلوف، المسؤول الأمني في منطقة دمشق والذائع الصيت في دمويته وإجرامه، قد استقال من منصبه، وأنه قد يكون غادر البلاد إلى جهة مجهولة.
بعد «عاصفة الحزم»، وبعد انشغال إيران بالأوضاع اليمنية الملتهبة وبالأوضاع المتفاقمة في العراق، شعر بشار الأسد بأنَّ حلفاءه بدأوا يتخلون عنه، وأنَّ «الحنفية» التي كانت تضخُّ الأموال عليه قد توقفت، وأن نهايته باتت قريبة. ولعلَّ ما زاد الطين بلَّة، كما يقال، أنَّ كل هذه المستجدات قد جعلت المتحلقين حوله يفقدون الأمل به وبأنفسهم، وجعلت الخلافات تدب بين أبناء عائلته، وهذا أضعف معنويات باقي ما تبقى من جيشه وجعلهم يتركون مواقعهم من دون أي قتال وأي مقاومة في إدلب وفي جسر الشغور وفي العديد من المواقع والحواجز في ريف حماه وأيضًا في العديد من المواقع في الجبهة الجنوبية.
لقد أصبح بشار الأسد عمليًا في حالة انهيار معنوي، وأصبح بلا جيش متماسك ومنضبط، وأصبح قتاله ضد الجيش الحر وقوى المعارضة بالمروحيات وبالبراميل المتفجرة، ثم وفوق هذا كله فإنَّ الطائفة العلوية التي تمكن من اختطافها وزجها في حرب، هي ليست حربها، على مدى الأعوام الأربعة الماضية قد أدركت، بعدما فقدت كما تقول التقديرات أكثر من ستين ألفًا من أبنائها، أن عليها أن تخرج من دائرة هذا النظام وأن تسعى إلى أي رأب للصدع مع شركائها في الوطن وفي المستقبل، وهنا فإنه لا بد من التأكيد على ضرورة أن تلتقط قوى المعارضة السورية هذه اللحظة التاريخية، وأن تغلب المصالح الوطنية العليا على الخلافات والأوجاع الخاصة، وأنْ تتقدم نحو أبناء هذه الطائفة عشر خطوات إنْ هم تقدموا نحوها ولو بمقدار خطوة واحدة.
ثم في النهاية، وإذا كان لنا الحق في أي مراهنة على ما يمكن أن يحصل في سوريا خلال الأيام المقبلة، سواء كانت هذه الأيام قريبة أم بعيدة، فإننا نراهن على إمكانية بروز مجموعة من الضباط الوطنيين، حتى من أبناء الطائفة العلوية، وقيامهم بإزاحة هذا النظام والمبادرة فورًا للانفتاح على المعارضة السورية للتفاهم معها على مستقبل البلاد وإقامة نظام يمثل كل أبناء سوريا ويحافظ على وحدة هذا البلد ووحدة شعبه وعلى كونه لبنة أساسية في صرح الأمة العربية الواحدة.

اقرأ المزيد
٣٠ أبريل ٢٠١٥
علويو سوريا بين طلب الضمانات و«العفو عند المقدرة»

بعد تحرير مدينة جسر الشغور من قبل «جبهة الفتح» المؤلفة من مجموعات مسلحة إسلامية، تشكل جبهة النصرة عمودها الفقري، ارتفعت وتيرة المخاوف من ارتكابات محتملة ضد العلويين في محافظة اللاذقية. ذلك أن السيطرة على جسر الشغور تعني، عسكرياً، الإطلال المباشر على منطقة الساحل.
إن كلمة «تحرير» باتت تثير مشكلة وجدانية لدى السوريين المعارضين لنظام الأسد الكيماوي، بسبب «المُحرِّر» الذي هو جبهة النصرة، وربما ينسحب الأمر على معظم التشكيلات الإسلامية الفاعلة. فهم يفرحون، من جهة، بطرد قوات النظام من منطقة جديدة كان يسيطر عليها، ويغصون بهذا الفرح، من جهة ثانية، لأن «المحرِّر» المفترض لا يؤمن بالحرية ولا بأي من القيم التي من أجلها أطلق السوريون ثورتهم ضد النظام. لكن هذا شيء، ومخاوف «الأقليات» شيء آخر تماماً. والمقصود بالأقليات هنا كل المكونات الاجتماعية التي لديها مشكلة مع الإسلام السني والإسلاموية السنية، والجهادية منها بصورة خاصة. وعلى رغم أن التيار الإسلامي عموماً، والمكون الجهادي منه بصورة خاصة، يعلن في خطابه عداءه الصريح للطائفة العلوية (و»تسامحه» مع المسيحيين، من موقع «الأخ الأكبر» تجاه «أهل الذمة»)، لم تشهد الحرب متعددة المستويات الدائرة في سوريا، إلى اليوم، مذابح طائفية واسعة النطاق ضد العلويين على غرار المذابح الطائفية التي ارتكبها النظام بواسطة شبيحته العلويين في عدد من المناطق كالحولة وقبير وجديدة الفضل وداريا وغيرها، حيث كان يتم ذبح الأطفال والرضّع أو حرقهم على مرأى من أمهاتهم وآبائهم. وإذا لجأنا إلى لغة الأرقام، لوجدنا أن الغالبية الساحقة من ضحايا النظام التي تقدر بنحو ربع مليون قتيل هم من المنتمين إلى الأكثرية السنية. بالمقابل، تتحدث التقديرات عما بين ستين ألفا إلى مئة ألف من القتلى العلويين في المعارك ضد سائر السوريين. وتدور هذه المعارك خارج المناطق ذات الغالبية السكانية العلوية، الأمر الذي يعني أنها معارك هجومية، بالمعنى الاجتماعي، وليست دفاعية.
لكن الأسوأ من المذابح الطائفية المذكورة والأخطر في دلالاته كمؤشر على مستقبل العلاقة بين المكونات السورية، إنما هو احتفال البيئات الاجتماعية الموالية بها كـ»انتصارات» على العدو. على سبيل المثال، تم توزيع الحلوى وإطلاق النار في الهواء ابتهاجاً بمجزرة الكيماوي في الغوطة، على رغم إنكار النظام مسؤوليته عن ارتكابها. مثال آخر، حينما اعترض أهالي من أحياء حمص الموالية طريق قافلة مساعدات إغاثية من الأمم المتحدة كانت متجهة إلى الأحياء المحاصرة.
ليس المقصود بإيراد هذه الأمثلة القول إن بعض الطوائف أكثر طائفية أو عدوانية أو وحشية من غيرها. كما لا يعني عدم وقوع مجازر بحق العلويين أو غيرهم من الأقليات، إلى اليوم، أنها لن تقع غداً. حينما يسود منطق الانتماءات الأهلية على الانتماء الوطني، تصبح كل الطوائف والأقوام سواء في نظرتها إلى «الآخر العدو». واقع الحال أن الثورة الشعبية في سوريا التي بدأت سلمية، شكلت فرصةً لخلق هوية وطنية سورية، وقف العلويون منها موقفاً خارجياً، فلم يكتفوا بعدم المشاركة في الثورة ضد نظام دكتاتوري دموي، لم يوفرهم من مظالمه، بل وقفوا منها موقفاً عدائياً وعدوانياً صريحاً منذ اليوم الأول، وشارك كثير من شبانهم في عمليات القتل الممنهجة ضد البيئات الثائرة.
يأتي الاعتراض على هذه الوقائع غالباً بالقول إن الشبيحة المدنيين الذين شاركوا في القمع والقتل لم يقتصروا على العلويين، وهو اعتراض صحيح. ولكن في الوقت الذي تم فيه نبذ الشبيحة من غير العلويين من قبل بيئاتهم الأهلية واعتبروا أعداء، لم نر من البيئة الاجتماعية العلوية ما يشير إلى نبذ مماثل، إلا في حوادث متفرقة في السنتين الأخيرتين حين بدأ الشبيحة بمد اعتداءاتهم إلى بيئاتهم الأهلية نفسها، وباتوا يتصرفون كقطاع طرق خارج أي سيطرة من السلطة. من تم نبذهم حقيقةً هم أولئك الأفراد الوطنيين الشجعان من أبناء الطائفة بحكم المولد الذين وقفوا في صف الثورة على رغم كل التضييق الاجتماعي الذي تعرضوا له.
لكن الأكثر دلالة هو موقف العلويين من نظام تصرف مثل عصابة خارج القانون، منذ اللحظات الأولى للثورة السلمية، ودمر البلاد طولاً وعرضاً، من غير أن يتمكنوا كجماعة أهلية من إفراز ممثليهم السياسيين الخاصين بهم. ويشير هذا المسلك إلى أمرين متعارضين معاً: أولهما أنهم لا يتصرفون كطائفة من الطوائف، أو جماعة من الجماعات الأهلية، ليجلسوا على طاولة المفاوضات مع الجماعات الأخرى في «مؤتمر طائف سوري» عبر ممثلين سياسيين عنهم بعيداً عن النظام الكيماوي؛ والثاني هو أنهم ينظرون بعين العداء إلى المكون الأكثري السني بوصفه تهديداً وجودياً لهم كطائفة. ينتج عن هذين المسلكين أنهم ما زالوا يعتبرون النظام الكيماوي «دولة» ويتمسكون ببقائه بهذه الصفة، مع استعداد مستمر لتقديم المزيد من الضحايا من شبانهم دفاعاً عن «دولتهم» هذه. لفهم هذا السلوك المتناقض ظاهرياً، لا بد من افتراض سيكولوجيا جمعية لعلويي سوريا تنظر إلى الأمر من المنظار التالي: فقط منذ عهد حافظ أسد وصعوداً، امتلك العلوي النمطي ـ بصرف النظر عن قربه من النظام أو تمتعه بامتيازات السلطة من عدمهما ـ ثقة بالذات طالما افتقدها في ظل التهميش السابق. بات يشعر أنه مواطن في دولة، مرفوع الرأس، لا يضطر إلى إخفاء انتمائه الأهلي أو ثقافته ولهجته، بل بالعكس أصبح قادراً على التباهي بها.
مع اندلاع الثورة وقف العلوي النمطي ضدها لأنه، من موقعه الأقلوي، رآها ثورة السنة ضد «دولته». ليس لأن الثوار السلميين في البداية كانوا «عراعير» أو سلفيين أو إسلاميين أو إرهابيين، بل لأن الثورة كان مفترضاً لها أن تؤدي إلى تغيير النظام الدكتاتوري الوراثي إلى نظام ديمقراطي. فمن صناديق الاقتراع سيخرج، حسب تصورات العلوي النمطي، السنة حكاماً بما أنهم يشكلون الأكثرية العددية. بدا لهم هذا المستقبل الأسود كقدر لا مفر منه. سيفقدون وضع الأمة الممتازة ليذوبوا في مساواة لا يمكنها ان تكون مساواة ما داموا أقلية والآخر أكثرية.
بعد تحرير إدلب وجسر الشغور، ارتفعت وتيرة المطالبات بالضمانات. فقد بدا النظام هشاً وقابلاً لانفراط عقده بين يوم وآخر. والخطر الإسلامي الذي طالما استخدم كشماعة كاذبة، أصبح اليوم حقيقة واقعة. فرأس حربة القوات التي تدحر قوات النظام هو اليوم جبهة النصرة القاعدية الولاء، وأحرار الشام وجيش الإسلام وغيرها من المجموعات الإسلامية المتفاوتة في إعلان عدائها الصريح للعلويين.
الضمانات تكون طرفاً في صفقة، طرفها الآخر تخلي العلويين عن النظام واختيار ممثلين آخرين للطائفة. طالما لم يحدث هذا فهم يطلبون الحماية، لا الضمانات. والرد الإيجابي على طلب الحماية هو «العفو عند المقدرة».
وهذا ليس مضموناً في الشروط الراهنة.

اقرأ المزيد
٣٠ أبريل ٢٠١٥
حل عسكري أم سياسي في سورية؟

لا يوجد بعد أي اتفاق جامع حول طبيعة الحل المطلوب للمسألة السورية، وهل هو سياسي أم عسكري، على الرغم من مرور أربعة أعوام ونصف على الثورة السلمية والعمل المسلح. ينقسم السوريون إلى قائلين بالحل العسكري وباستحالة الحل السياسي مع نظام قتل وجرح وأعدم وعذّب واعتقل وهجّر وشرّد الملايين منهم، وقائلين باستحالة الحل العسكري وبضرورة السعي إلى حل سياسي، يعيد المهجرين والمشردين إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم، ويوقف القتل والتدمير، قبل أن يقضي النظام والأصولية الجهادية على البلاد والعباد.
ومع أن هناك مواقف متنوعة في كل واحد من هذين الحلين المقترحين، فإن المبدأ المعتمد في النظر إليهما يفصل بينهما، ويقيم تناقضا قاطعا بينهما، يضعهما في جانبين متقابلين، ويجعل من المحال إيجاد أية صلة، أو أي تداخل بينهما، فالحل السياسي لا يتقاطع مع الحل العسكري، وهذا ينفي نفياً قاطعاً أية صلة له مع ذاك، والمرء إما أن يكون مع الحل السياسي أو مع الحل العسكري، لأنه ما من مجال لأي موقف يلتقي عنده الحلان، على الرغم من أن وقائع التاريخ وخبرة السياسة تقول عكس ما يعتقده الداعون إلى استبعاد الحل السياسي لمصلحة الحل العسكري، وبالعكس. واليوم، ونحن نشهد انتصارات عسكرية استراتيجية يحققها المقاومون ميدانياً، ونسمع أصواتاً دولية تربط الأعمال العسكرية بحل سياسي مرتقب يعمل له الخمسة الكبار والعرب، يقول بعض المعارضين باستحالة الحل العسكري، وبحل سياسي يجب أن يكون خيار الثورة الوحيد.
بداية، لا يوجد، ولم يوجد، في أيّ من فترات الاضطراب الاجتماعي والسياسي والعسكري، حل عسكري من دون مكونات سياسية، أو حل سياسي من دون مفردات عسكرية. وليس هناك ولن يكون هناك حل سياسي صرف أو حل عسكري بحت. هناك دوما حل مركب، تختلط فيه جوانب عسكرية وسياسية، تختلف تمثيلاتها من مرحلة إلى أخرى من مراحل الصراع، فترجح أوجهها العسكرية على السياسية في مرحلة، ثم ترجح جوانبه السياسية في مرحلة لاحقة، وتصبح أكثر أهمية جوانبه العسكرية، فإن كان العمل الثوري يسير في الاتجاه الصحيح، شق العمل السياسي الطريق للعمل العسكري في طور منه، وأسهم العمل العسكري في تحديد هوية الحل السياسي، وجعله لمصلحة الثورة، وفرضه على الخصم في طور آخر، فالتفاعل التصاعدي المتبادل بين جانبي الثورة العسكري والسياسي الذي يقربها من هدفها، ويأخذها إلى النصر، هو معيار نجاح العمل الثوري وفشله.
"لا يوجد، ولم يوجد، في أيّ من فترات الاضطراب الاجتماعي والسياسي والعسكري، حل عسكري من دون مكونات سياسية، أو حل سياسي من دون مفردات عسكرية"
 
في المقابل، نلاحظ دوما في الثورات الفاشلة تنافر جانبيها هذين وتعارضهما، وإرباك أحدهما الآخر وإثارة البلبلة والاضطراب في أولويات العمل الثوري، مع ما يترتب على ذلك من فقدانه المبادرة، واقتصاره على ردود أفعال انفعالية، متقطعة ووقتية، مثلما حال الثورة السورية اليوم التي تكاد سياساتها تنضوي في ذلك الصنف من التصرفات الذي كان أجدادنا يسمونه "خبط عشواء".
في ضوء ما تقدم، تكمن قيادة الثورة في التوفيق والانسجام بين جانبيها العسكري والسياسي، وإقامة بيئة بينهما يغذي كل جانب فيها الجانب الآخر وينمّيه، ويدفع به نحو الهدف النهائي، في جدلية تصاعدية، تضع السياسي في خدمة العسكري والعسكري في خدمة السياسي، إلى أن يحدث التحول النوعي الحاسم الذي يعبر عن تدامجهما وتوحدهما، ونسميه انتصار الثورة.
إذا انفك العسكري عن السياسي، أو السياسي عن العسكري، وتضاربت أجنداتهما، وقعت الكارثة، وغدا العمل الثوري مرشحا للهزيمة، نتيجة تناقض حديه هذين، أو تضاربهما، أو تعارضهما. وصارت ثورية أي عمل تقاس بنجاحه أو فشله في التوفيق بينهما، خصوصاً في الحالات التي تخضع الثورة لتقسيم عمل يضع أهل السياسة في مكان، وأهل المقاومة المسلحة في مكان مختلف، وكان اختلاف موقعيهما يرشحهما لصراعات تولد من تباينه، ومما يمكن أن ينتجه من تناقضات بينهما في المصالح والنظرة والأهداف. في حال كهذه، نجد ما يماثلها في الثورة السورية، يتوقف نجاح الثورة على إزالة ما هو قائم ومحتمل من تباينات بين قيادتيهما، وبلورة مواقف مشتركة، توحد نظرتهما ومواقفهما من الهدف المشترك والمرحلة التالية لبلوغه، ما دام خلافهما سيفضي حتماً إلى استئثار أحدهما بالسلطة، وإبعاد الآخر عنها، وإلى ما يصحب ذلك من مشكلات قد تكون قاتلة.
تقترب سورية من حل مركب: عسكري/ سياسي، يشق الجانب المقاوم، العسكري، الدرب فيه أمام الحل السياسي الذي عطلته روسيا وإيران في جنيف 2، وسيكون من الصعب جداً عليهما رفضه بعد يومنا، في حال تواصل انهيار جيش النظام بالوتيرة التي نعيشها اليوم. سيطيح هذا الحل بشار المجرم وعصابته، وسيطبق وثيقة جنيف 1 التي تضمن حقوق جميع السوريين في الحياة والأمن والعيش المشترك، فهل يبادر أحد من رجال السلطة إلى إزاحته والانخراط في الحل المقترح، حفظا لدماء السوريين عامة، والعلويين منهم خاصة، فيعتبر، عندئذٍ، جزءاً من الثورة، انشق وانضم إليها، ولو في حقبة جد متأخرة، قبل سقوط النظام بأسابيع أو أشهر قليلة، ويستبق ما قد يترتب على إخلاص المهزومين لقائدهم، أسوة بما حدث في حالات تاريخية مشابهة، وقع أهمها في ألمانيا النازية، انتهت بكوارث حلت بهم وبأنصارهم قبل أي أحد آخر، أدركوا، ولكن بعد فوات الأوان، أن خطأهم يرقى إلى مستوى جريمة كبرى، في حق وطنهم وشعبهم.

اقرأ المزيد
٢٩ أبريل ٢٠١٥
نكبة "حزب الله" في سوريا

توالت انباء التطورات الميدانية الدراماتيكية تباعا في سوريا، فبعد اقل من شهر على سقوط مدينة ادلب بيد المعارضة السورية وقواتها المؤتلفة تحت اسم "جيش الفتح"، سقطت مدينة جسر الشغور الاستراتيجية وتبعتها مجموعة من المواقع العسكرية القريبة وصولا الى منطقة سهل الغاب التي تعتبر حلقة مركزية تصل منطقة الساحل السوري حيث قلب النظام، بمدينتي حلب وحماة. وكان لافتا منذ معركة ادلب ان مجموعة من الفصائل الاسلامية الكبرى بينها "جبهة النصرة" تمكنت من تجاوز خلافاتها وتنافسها، وتشكيل قوى عسكرية مشتركة على مستوى عال من التنسيق بحيث تمكنت من اجتياح مواقع نظام بشار الاسد بسرعة، قياسا على حال المراوحة التي استمرت لاكثر من ثلاث سنوات. يأتي ذلك وسط حديث متزايد عن تبلور "التفاهمات" التي حصلت اخيراً بين السعودية وتركيا وقطر، للعمل على احداث تغيير ملموس على الارض في سوريا. ووسط حديث آخر تزايد في المدة الاخيرة في المحافل الدولية، ومفاده ان نظام بشار الاسد الذي منع من السقوط ربما اقتربت نهايته، وذلك في اطار معركة تقليم اظافر ايران في المنطقة التي تبجح مسؤولوها في المدة الاخيرة بأنها تسيطر على اربع عواصم عربية!

في الجنوب فشل النظام وميليشيات ايران الطائفية وفي مقدمها "حزب الله" في استعادة المبادرة، وسقطت بصرى الشام، ولم تتم استعادة بصرى الحرير، وسقط آخر منفذ حدودي مع الاردن بيد المعارضة المؤلفة من تحالف فصائل اسلامية احداها "جبهة النصرة". وفي القلمون تحولت الارض الى فيتنام حقيقية بالنسبة الى مسلحي "حزب الله" الذين يقتلون يوميا من دون ان يتمكنوا من تحقيق اي انجاز عسكري دائم يحسم المعركة.
وقبل يومين عادت الطائرات الاسرائيلية الى الإغارة على مواقع للنظام و"حزب الله" تحتوي صواريخ "سكود" متطورة، فيما يقوم "حزب الله" بتوزيع شائعات عن قرب بدئه "معركة الربيع" في القلمون ضد الثوار السوريين. ويسجل في هذا الاطار السعي المتواصل من قبل الحزب الى توريط الجيش اللبناني في المعركة ليؤدي دور الظهير في المعركة!
سواء أطلق "حزب الله" ما يسميه "معركة الربيع" ام لا، فإن الواقع على الارض يفيد أن المعادلة غير قابلة للتغيير، وبأن اكثر ما يمكن ان يحصله الحزب من مكاسب (اذا استطاع ذلك) سيكون موقتا وغير دائم، لان الارض تغيرت في سوريا بين الشمال والجنوب. ولان قوى الثورة متجددة، وفي تزايد مطرد، وتسليحها يرتفع في مستواه مع مرور الوقت. ان الحقائق على الارض لا يمكن تكذيبها: ان نظام بشار الاسد ساقط في النهاية. و"حزب الله" سيهزم في سوريا بعد ان يكون ضحى بمئات الشبان اللبنانيين المخدوعين. والحقيقة التي يستحيل دحضها تتلخص في امر واحد: يستحيل ان تنتصر الاقلية في سوريا. قصارى القول ان النظام ميؤوس منه، و"حزب الله" يأخذ بيئته الحاضنة الى نكبة تاريخية.

اقرأ المزيد
٢٩ أبريل ٢٠١٥
موت غزالي ومصير الأسد

في الدول العادية، لا يفعل الضابط، مهما علا شأنه، سوى تنفيذ ما أوكلت إليه القيادة السياسية من مهمات. وقد يبالغ بعضهم في إظهار ولائه والتزامه التعليمات، فيتشدد في تطبيقها إلى حد يتجاوز الغرض منها. لكن، ودوماً في الدول العادية، يخضع أي ضابط لمراجعات ومحاكمات إذا ما أخلّ بحدود صلاحياته، واجتهد في تفسير مهمته، وخرق الأصول المتبعة في تنفيذها، حتى لو جرى ذلك في بلد آخر غير بلده، وعادة ما تتحمل القيادة السياسية المسؤولية عن أعماله لأنها تعتبره موظفاً لديها.

لكن، في الدول التي تحكمها أنظمة عسكرية - أمنية، ليست هناك حدود ترسم للضباط المكلفين أدواراً داخل البلاد أو خارجها، بل تُترك لهم حرية اختيار وسائل التنفيذ وتوقيته ومداه. فالمهم هو النتائج وليس كيفية الوصول إليها. ولأن الضابط في أنظمة كهذه يشعر بأنه من «أهل البيت» وأن ما يفعله يصب في «المصلحة الوطنية» التي لا يفرق بينها وبين مصلحته الشخصية، فهو «يُبدع»، إرضاء لمسؤوليه، في ابتكار أساليب تحقيق ما يصبون إليه، حتى لو شمل ذلك الظلم والاعتقال والقتل.

وهذه هي حال ضابط الاستخبارات السورية رستم غزالي، المتوفى قتلاً أو تعذيباً أو بـ «مرض نادر»، والذي كان حاكماً عسكرياً للبنان، وجاء إعلان وفاته قبل يومين من حلول ذكرى خروج الجيش السوري من هذا البلد في 26 نيسان (أبريل)، إذ عُرف عنه بطشه وسفاهته وتجاوزاته في التعامل مع اللبنانيين على اختلاف مللهم وعقائدهم، وتورطه في السرقة والإفساد، وتهديداته المتكررة بالاغتيال وصولاً إلى الاغتيال نفسه. أما ما ذكر عن محاولته الاتصال بسعد الحريري ورغبته في «إعلان شيء ما» قبيل موته، فلن يشفع له في تبييض سجله الأسود الحادق لدى اللبنانيين والسوريين.

غزالي، مثله مثل سلفه الضابط الآخر «المنتحر» غازي كنعان وسائر الضباط الكبار والصغار الذين شاركوهما «الانتداب» على لبنان، كان نموذجاً للرجال الذين ينتجهم نظام يفرض سطوته بالقهر والتسلط. فالعسكريون السوريون الذين تولوا حكم بيروت على مدى نحو ثلاثة عقود، تصرفوا تماماً مثلما يفعلون في بلدهم في ظل نظامهم الأمني، حيث لا كرامة لمواطن ولا حرية ولا رأي، بل حيث السوريون مهددون في كل لحظة بالإهانة والسجن والاختفاء والقتل. فكيف إذا كانوا يريدون فرض سلطتهم على بلد دخلوه بذرائع واهية، ومتهم بأنه لا يرحب بهم، ويطالبهم مواطنوه بأن يحترموا طرق عيشهم وعاداتهم وتنوعهم وحرياتهم، على نسبيتها.

وعلى رغم كثرة الإشاعات التي أحاطت بموت غزالي، واعتبر بعضها أن نظام الأسد المُتوارث يسعى إلى إغلاق ملف ضباطه المتورطين في لبنان بقتلهم، كي لا يمثلوا أمام المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة اغتيال رفيق الحريري، بعدما تبدلت الأحوال وبات النظام التوسعي في حال «دفاع» وتراجع، فالمؤكد أن النظام السوري لن ينجح في تغيير جلدته وصورته وطبيعته، مهما قدم من «قرابين»، وأن مصيره الوحيد سيكون مثول رأسه، ولو ميتاً، أمام محكمة لجرائم الحرب، مع سائر أركانه.

وهذه المحاكمة لن تكون فقط بسبب التنكيل بالبلد الصغير المجاور، والاغتيالات المتوالية لكبار شخصياته السياسية والدينية والإعلامية، وتفكيك مؤسساته الدستورية، وتحجيم دوره الفكري والثقافي والتعليمي، بل خصوصاً بسبب ما فعله الأسد بشعبه نفسه بعد انتفاضة 2011، حين توسع القتل والتنكيل ليشمل مئات آلاف الضحايا، وتزايد التدمير ليطاول مدناً وقرى بأكملها، واكتمل ذلك كله بتهجير ملايين السوريين.

لكن الأسد الأب والابن لم يقدما على ما فعلاه في لبنان من دون غض الطرف، بل أحياناً الشراكة، من دول نافذة دولياً وعربياً، أوكلت أمر الجار الضعيف إلى دمشق، بعضها اتقاء لشرّها، وبعضها لاتفاق في المصالح والأهداف. وهذه الحقيقة يفترض أن تدفع الكثيرين إلى إعادة قراءة التاريخ القريب، لعلهم يدركون كيف يمكن تجنب أن يحصل في دول أخرى ما أوصل لبنان إلى الوقوع فريسة سهلة في يد إيران وأجهزتها.

اقرأ المزيد
٢٩ أبريل ٢٠١٥
بعد أربع سنوات من الحراك الثوري إعلام إدلب الى أين ........ ؟

دمما لاشك فيه أن للحرب الإعلامية أهمية بالغة في الحراك الثوري منذ بدايته في سوريا والتي لعبت دورا كبيراً في كشف أكاذيب النظام وإدعائاته الباطلة أمام العالم أجمع فاستطاع الناشطون وبإمكانيات بسيطة نقل الوقائع على الارض بمختلف أنواعها من معارك ومجازر وحراك سلمي للقنوات الإخبارية والوكالات العالمية .

ومع دخول الثورة السورية عامها الرابع على التوالي وظهور تيارات ووسائل إعلامية محدثة تنطق بإسم الثورة السورية أصبحت القنوات الفضائية والوكالات العالمية أمام حالة من التخبط في نقل الأحداث على الساحة السورية نتيجة تعدد المصادر الناقلة للخبر وتعدد رواياته بين وسيلة إعلامية وأخرى مايجعل التثبت من صحة الأخبار أمراً معقداً نتيجة نفي هذه المؤسسة للخبر وتأكيده من أخرى تبعاً لتوجهات سياسية أو عسكرية أو تنافس في أسبقية نقل الخبر دونما التاكد من المصدر الحقيقي لهذه الأخبار أو الرجوع إليها .

وبالتوازي مع هذا التخبط استغل الجيش الإلكتروني للنظام هذه الحالة من التشرذم في إعلام محافظة إدلب نتيجة عدم وجود كيان إعلامي موحد يجمع نشطاء المحافظة المعروفين بعملهم ومصداقيتهم على الرغم من الدعوات المستمرة للتعاون في بناء "شبكة أخبار إدلب " الشبكة الإعلامية الأولى في نقل وقائع الأحداث في المحافظة منذ بداية الحراك الثوري حتى اليوم والتي يديرها نشطاء من الداخل والخارج بشكل طوعي منذ أربع سنوات حتى اليوم والتي تتعرض لحرب إعلامية قوية من شبكات النظام والجيش الإلكتروني للنظام الذي تسبب بإغلاق الصفحة الرئيسية بعد وصولها لمئات الألاف من المتابعين  إلا أن إنعدام الدعم المادي وعدم وجود مصدر لإمداد هؤلاء الناشطين  بالمعدات ومصاريف العمل جعل منهم لقمة سائغة بيد وكالات وشبكات إعلامية محدثة لاتعرف خلفياتها السياسية أو مصادر دعمها .

وفي ظل الحرب العسكرية المستعرة في ريف إدلب من جسر الشغور الى المسطومة وأريحا بين مقاتلي جيش الفتح وقوات النظام تستغل بعض الجهات المناصرة للنظام من شبيحة وجيش إلكتروني هذا التشرذم وتقوم بإنشاء صفحات إخبارية ثورية بأسماء متطابقة مع بعض الصفحات الثورية تبث من خلالها شائعات لزعزعة أي محاولة لضبط العمل الإعلامي منها التحرير المتكرر لمطار أبو الظهور العسكري أو بدء معارك وهمية وبث أخبار عن اسقاط طائرة حربية هنا أو هناك لتكون مصدرأ لحديثي العهد بالعمل الإعلامي فينقلون عنها الأخبار ويعم انتشارها لتصل للقنوات والوكالات الإعلامية دون تثبت من مصادر حقيقة على الأرض ولايلبث أن يكشف زيف هذه الإشاعات حتى تكون الطامة الكبرى بفقد أغلب الصفحات والحسابات والوكالات الإعلامية لمصداقيتها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي المتابع لتطورات الأحداث على الساحة الثورية .

اقرأ المزيد
٢٩ أبريل ٢٠١٥
ميستورا.. ادع «داعش» لجنيف

قبل أسبوع تحدى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الجميع حول مؤتمر دولي لسوريا وأصر على دعوة إيران: «الأمم المتحدة وأنا بنفسي نملك كامل الحق في دعوة الجميع، بما في ذلك إيران». لماذا يا سعادة المبعوث الدولي تدعو إيران وهي ترفض مقررات لقاءي جنيف السابقين؟ يبرر حرصه على إيران بحجة أن لها تأثيرا في سوريا! ونحن نقول له ما دام أن الدعوات توزع بناء على التأثير، ربما على الأمم المتحدة أن تدعو كذلك «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيين، فهذان التنظيمان يملكان من التأثير على الأرض أكثر من إيران وحلفائها!
بعد كل هذه الأشهر من الانتظار منذ تعيينه في سبتمبر (أيلول) الماضي، قرر المبعوث الدولي أن يفرض إيران على السوريين في جنيف، إنما رياح الحرب على الأرض لا تسير كما يشتهي وإيران والأسد. فقد حقق الثوار هذه الأيام سلسلة انتصارات لم يُعرف مثلها منذ عامين تقريبا، حيث هُزمت قوات الأسد في إدلب، وجسر الشغور، ومعسكر معمل القرميد، وصار القتال على بعد أربعين كيلومترا من مدينة اللاذقية. وعكس الخوف في العاصمة دمشق سعر صرف الليرة الذي انحدر سريعا من 260 إلى فوق 300 ليرة للدولار الواحد.
طبعا، من حق دي ميستورا أن يدعو للعشاء في جنيف من يشاء، كما يقول، لكنه بأسلوب إدارته ولغته الفوقية قتل المؤتمر قبل أن يلتئم. ولن يستطيع أن يفرض حلا على أغلبية الشعب السوري فقط لأنه يعتقد أن إيران دولة مؤثرة في الحرب، فهي والنظام لا يمثلان أكثر من 15 في المائة من السكان. وحتى أبناء الطائفة العلوية، التي ينتمي لها الرئيس الأسد، أصبحوا يجاهرون برغبتهم في الخلاص من رموز النظام.
ليفعل المبعوث الدولي ما يشاء فلن يستطيع إيقاف القتال، ولا إنجاح المؤتمر، وسيفشل كما فشل الروس في مؤتمرهم «موسكو 2» الذي لم يلتحق به سوى ممثلين عن الحكومة السورية والمحسوبين عليها، وكان من هزال الملتقى أن نجمه اللامع هو مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري!
دي ميستورا أمضى معظم وقته عند الأسد، ولم يعر اهتماما للمعارضة، ثم قرر إقامة مؤتمر يتناسب وحاجات نظام دمشق. والسؤال ما الذي يمكن للمؤتمر المقترح أن يفعله إذا لم يكن هناك تطور في العرض، يمكن أن يكون مقبولا. لقد وصل المشاركون في المؤتمرين السابقين في جنيف إلى حل في المنتصف؛ تشكيل حكومة من المعارضة مع النظام دون قياداته. حل وسط يمثل السقف الأعلى من التنازلات. من دون القبول بهذا المبدأ، لمؤتمر جنيف ثلاثة، فلا معنى لانعقاده، ولا يملك المبعوث الدولي ما يهدد به المعارضة؛ فإيران موجودة بقضها وقضيضها، تحارب منذ عامين برجالها وبرجال من لبنان والعراق وأفغانستان ولم تنجح في تحقيق أي انتصار. أما المعارضة، رغم الحصار المفروض عليها، ورغم التضييق الجغرافي عليها في الأردن وتركيا ولبنان، فتقاتل النظام وتحاصره في مراكزه. ولم يبق للنظام شيء يمكن أن يخيف به السوريين، فقد هجر عشرة ملايين من بيوتهم، وقتل أكثر من ربع مليون إنسان.

اقرأ المزيد
٢٧ أبريل ٢٠١٥
"مضاد الطيران" .. الآن الآن و ليس غداً ..

إلى كل من يدعي الحمية و الغيرة على الشعب السوري و سوريا ، و يتوعد و يعِد بأن سوريا و رفع الظلم عنها غايته ، يكرر و يُعيد أنه مع الثورة السورية و سوريا الحرة ، إن كنت كذلك فإن "مضاد الطيران" هو ما تحتاجه لكي تفي بوعودك و تحافظ على ماء وجهك ، ففرصة الركوب في قطارانتصار سوريا هذا وقته، فعندما يفوتك القطار فلن ينفعك اي شيء لتخبئ فيه خذلانك و اكتفاءك بموقع المتفرج أو المشجع في أحسن الحالات.

الإنتصارات المتتالية و الضربات القاسمة التي تم و يتم توجيهها لنظام الأسد ، حولت تلك الأساطير ( إيران – حزب الله – الأسد – المليشيات – الشيعة ) إلى خرافة و جسد بالي أمامي قوة و حنكة و تكتيك الأسود على الأرض ، الذين مزقوا كل شيء و يعيدون بناء الإسطورة الحقيقة ، أسطورة أن "الشعب إذا ما أراد الحياة".

لا حاجة للثوار على الأرض إلى أي شيء ، لا ذخيرة و لا عتاد ، لا رجال و دعم و مساندة ، و لا حتى لمضاد الطيران الذي حُرموا منه طوال أربع سنوات ، فالذين على الأرض و في ساحات الوغى ، لا يخشون مواجهة الموت تحت أي شكل أو مسمى ، و لا يخشون أي سلاح مهما كانت قوته أو شدة فتكه .

و لكن دعوتي بالنسبة لمضاد الطيران لإنقاذ سوريا من التدمير أكثر ، لإنقاذ سوريا من الفناء النهائي ، لإنقاذ المدنيين من الموت المجاني ، لإنقاذ ما تبقى من أمل لحياة قادمة.

السنوات الأربع من الحرمان بحجج عديدة و متنوعة كافية ، يكفي الحصار على هذا النوع من السلاح ، يكفي المشاركة في خنق الشعب السوري ، يكفي التفرج على أشنع أنواع الموت ، يكفي مشاهدة أقسى صور التدمير و الإبادة .

روسيا في خضم عاصفة الحزم ، أبرمت مع إيران صفقة صواريخ "إس 300" و تحدت العالم بأسره بالقول إنها "دفاعية " ، و هي من نفس الفصيلة التي تطلبها سوريا ، و أقول سوريا و ليس الثوار ، سوريا و ليس أي فصيل بعينه ، سوريا و ليس طائفة بعينها ، سوريا و ليس أي مدينة معينة ، بل سوريا بكل أطيافها و مدنها و قراها .

لا يكتفي من يدعي بمساندة الشعب السوري ، بالإحجام عن الإمداد بهذا النوع من السلاح ، بل و يمارس نوع من الحظر التام على وصول على هذا النوع ، و ان كانوا متخوفين من أي تهمة مستقبلية في حال الإمداد ، فليرفعوا أيديهم عن الحظر و الثوار و السوريين قادرين على إيصال هذا النوع من السلاح .

مضاد الطيران اليوم  لن يكون هجومي إطلاقاً ، بل دفاعي بحت ، و لن يكون دفاعاً عن الثوار ، بل دفاعاً عن المدنيين ، و لن يستخدم في المعارك ، بل سيكون محصور فيما بعد المعارك و النصر.

بعد كل هذه الإنجازات و الصمود لسنوات في وجه كل العالم ، والاستمرار رغم كل هذا الكم من الخذلان ، بات مؤكدا أن مضاد الطيران ليس وسيلة للإنتصار ، و إنما وسيلة لحماية من هم بالخلف ينتظرون لحظات الخلاص ليعودوا للحياة ، أما من يقف و يقدم نحو الجبهات فلا يخشى طيران و لا مدفعية و لا أي شيء.

فـ"مضاد الطيران" الآن الآن و ليس غداً ... فالغد عندما يأتي سيكون مضاد الطيران عبارة أشياء بالية لا حاجة لنا بها و لن نفكر به ، فإعادة الإعمار و العودة إلى الحياة الطبيعية التي حُرمنا منها لخمسين عاماً ، حياة بلا حرب و لا خوف .

اقرأ المزيد
٢٥ أبريل ٢٠١٥
جسر الشغور حرة .. و"الفتح" مُكمل الطريق

لم يخلف جيش الفتح وعده بأن مدينة إدلب لن تكون هي الهدف بل هي بداية الطريق لسلسلة من العمليات و المعارك ، لسلسلة من الإنتصارات و الضربات الموجعة للأسد و عصاباته و مليشياته.

الفتح وعد و وفا .. وأضاف لعقد سوريا الحرة نجمة جديدة ، وهي جسر الشغور ، وعينه لازالت شاخصة على ما تبقى في إدلب للأسد ، وماهي إلا بضع نقاط محاصرة و قاب قوسين أو أدنى من التحرير .

(القرميد ، المسطومة ، جبل الأربعين ، أريحا ، محمبل ، المعصرة ، القياسات ، المقبلة ، نحليا ) نقاط في مرمى الثوار التي تدك حصونها التي باتت هشة لاتقي المتختبئين خلفها من الموت القادم .

جسر الشغور لم تكن معركة اعتيادية أو عملية تحرير كلاسيكية ، تمت بخطة مُجربة أو سبق تنفيذها ، فالمعركة هنا كانت خطة جديدة تماماً على العمل العسكري الثوري في سوري ، و كانت " ثلاثية " صاعقة ، مفاجئة ، موجهة .

اعتمد الثوار على ارباك خطوط قوات الأسد و خلط الأوراق و تنويع الجهات و تشتت القوات المدافعة ، فإنطلقت معركة تحرير سهل الغاب بدون اي مقدمات أو إعلان سابق ، تلاها معركة النصر لتحرير جسر الشغور ، و انضم الهجوم على معسكر القرميد و المسطومة إلى الأوكسترا ليعزفوا بشكل متناغم على أجساد و آليات و مناطق سيطرة الأسد بضربات مكثفة و اقتحامات و مفخخات ، جعلت قوات الأسد لا تدرك آلية الرد أو امتصاص الصدمة .

 استراحة قوات الأسد لـ21 يوم بعد تحرير إدلب ، و انتقالهم لمرحلة الهجوم بغية إستعادة إدلب ، بالتزامن مع غارات جوية هي الأعنف على مدى سني الثورة الأربعة ، و تقدم ميداني نحو إدلب و استحواذه على نقاط عدة منها (القياسات ، المقبلة ، نحليا) ، ظنّ المكلف بإستعادة إدلب "سهيل حسن" أن أبواب إدلب باتت قريبة أن السيطرة عليها مسألة ساعات ، و أن سياسة "الأرض المُذابة" التي انتهجها أتت أُكلها ، لكن الإذابة كانت مجردة إعادة ترتب أوراق الثوار و امتصاص الفورة ، و التحضير للإنتقال من المدافع المتلقي للضربات ، للمهاجم الذي وجه صفعات سريعة ، كل صفعة بمثابة ضربة قاضية ، فأوهن الجسد العام لقوات الأسد ، و استحوذ على جسر الشغور كأول مرحلة ، و القائمة لازالت تحوي (القرميد ، المسطومة ، جبل الأربعين ، أريحا ، محمبل ، المعصرة ، القياسات ، المقبلة ، نحليا ).

كالعادة سيكون سيناريو تعامل مؤيدي الأسد مع عملية تحرير جسر الشغور و متابعة القصف على بقية النقاط و الزحف بإتجاهها كالتالي :

- صمت لمدة ساعتين او ثلاثة

- بيانات نفي و تأكيدات ميدانية أن الجيش صد هجوم الإرهابيين و كبدهم خسائر فادحة .

- الطائرات السورية تدك معاقل الإرهابيين و تدمر عشرات الآليات أثناء انسحابهم بعد هجومهم الفاشل على جسر الشغور .

- العودة من جديد للصمت .

- نشر أسماء القتلى .

- هجوم على الإعلام الرسمي لإخفائه الحقيقة.

- عودة للصمت .. لتأتي الفرحة عبر المصدر العسكري لـ"سانا" : تم تنفيذ إعادة تجميع للقوات في جسر الشغور في عملية تدرس في المدارس العسكرية العالمية.

- الهجوم على تركيا و قطر و السعودية لدعهم الهائل براً و بحراً و جواً للإرهابيين .

و لكن سيغيب عنصر اليوم و هو تكليف "النمر" باستعادته مافات ، كون النمر بات الفار و الخاسر و المتلقي الأكبر لإسطورته الخلبية .

هذا الإعلام الموالي للإسد ، و لكن هناك ممن يحسب على الثورة أو على الأقل يعتبر نفسه حيادي ، و هو المرصد السوري لحقوق الإنسان ، يطعن بكل الثوار و يصدر تقرير يحمل عنوان "جبهة النصرة تسيطر على جسر الشغور "!!؟

في تصرف اقل ما يوصف بإن المهنية غائبة ، فلا النصرة أعلنت و لا قال احد بأنها الوحيدة أو أنها رأس الحربة أو الفصيل الرئيسي الوحيد في ملاحم الشمال ، إنما العمل جماعي بحت و تحت مسمى "جيش الفتح" ، و على كل بات معروف أحاديث المرصد و سعيه الدائم للإساءة و تقزيم أي انتصار للثوار و ضخ السم بالعسل .

اقرأ المزيد
٢٤ أبريل ٢٠١٥
"غزالة" .. كتاب قذر انتهى

نفق صاحب مقولة "تسقط القرداحة و لا تسقط قرفا" ، فسقط هو و سيتلوه سقوط قرفا و القرداحة أيضاً ، نفق من قال "ستبقى سوريا الأسد " ، نفق دون أن يأخذ معه أي شيء من سرقاته و أمواله ، بل سيكون كفنه مليئاً بأمور كُشف منها الجزء اليسير للعلن و بقي ما خفي "أعظم".

رستم غزالة الذي ولد في درعا عام 1953 ، عُرف عنه جبروته و تسلطه و اجرام منقطع النظير ، تربى و ترعرع في حظيرة الأسد الذي خرجه كقاتل و مفترس لكل من يقترب من اسياده .

تجربة طويلة في لبنان سرقة و نهب و تسلط و قيادة الاحتلال ، قتل لرموز لبنان و كل من يخالف فكر الأسياد ، انسحاب ذليل و تجميد مؤقت ، وعودة بقوة إلى المشهد بعد عام 2012 برئاسة شعبة الأمن السياسي ، التي قاد فرعها في ريف دمشق و أجرم في  قمع المظاهرات السلمية و ملئ السجون بالشباب و الرجال و النساء من ريف دمشق ، ليأتي مقتل قيادات الإجرام في تفجير خلية الأزمة عام 2012 كبوابة للعودة إلى الواجهة .

قاد سلسلة عمليات في درعا ، و أراد أن يُعيدها لحظيرة الأسد ، لكن درعا أبت.

ظهوره في تسجيل مصور من قريته "قرفا" و قيامه بحرقه منزله و إطلاقه عبارة "تسقط القرداحة و لا تسقط قرفا" ، أزعجت زملاء الحظيرة ، ليصطدم بشكل مباشر مع رئيس شعبة المخابرات العسكرية ، و يتلقى ما يستحق ، "ضرب الظالمين بالظالمين" ، رمي بالمشفى ، و سعى كُثر لإنقاذ حياته كما قيل ، لكن في الحقيقة أرادوا إنهائه ، فهو عبارة عن كتاب قذر من الجرائم المحلية و القطرية و الدولية ، يجب إنهائه برميه في سلة المهملات .

نفق كما نفق أمثاله .. سينفق البقية .. ولاندري كيف سيكون وضع مزبلة التاريخ على ما ستحتويه من جيف .

اقرأ المزيد
٢٢ أبريل ٢٠١٥
بشار الأسد في المحكمة الدولية

في واحدة من أهم إنجازات العميد الشهيد وسام الحسن، تم توقيف السياسي اللبناني التابع لسوريا الأسد وحزب الله ميشال سماحة عام 2012 بتهمة نقل متفجرات من سـوريا وتدبير عمليات اغتيال ضد شخصيات دينية وسياسية منها: مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار، مفتي عكار، النائبان الشماليان خالد الظاهر ومعين المرعبي، والبطريرك الماروني بشارة الراعي خلال زيارته الرعوية لعكار ذات الأغلبية السكانية السنية.

العملية التي نفذها الجهاز الأمني (فرع المعلومات) تمت بمهنية نموذجية ورفيعة نالت إشادة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ووزير الداخلية ومروان شربل، في حينه، كما نالت الإشادة العربية والدولية، والأهم من ذلك، أن الأدلة الدامغة، من تسجيلات صوتية ومرئية، والعثور على أموال ومواد متفجرة، لم تترك مجالا لغير الاعتراف بالنسبة لسماحة، فالرجل ضبط متلبسا بتسليم شحنة من الأموال والمتفجرات لأحد العاملين في الشركات الأمنية لتنفيذ العمليات الإرهابية، ومن حسن الحظ أن الرجل المختار للتنفيذ قد أبلغ الجهات الأمنية عن المخطط بالكامل منذ البداية.

ما فعله ميشال سماحة لم يكن من عندياته، هو نفسه اعترف أنه ممثل الضابط السوري الرفيع والمقرب من بشار الأسد، علي مملوك، وبعلم رئيسه. اعترف سماحة بكل ذلك في التحقيقات، ثم عاد واعترف بكل التهم الموجهة إليه في المحكمة.

على الجهات اللبنانية أن تعتبر قضية سماحة بمثابة بلاغ جديد إلى المحكمة الدولية، فالمتفجرات التي هربها سماحة، استخدمت نوعيتها في اغتيالات سابقة بلبنان ضد ساسة ثورة الأرز المؤمنة باستقلال لبنان والمعادية لسوريا الأسد والجمهورية الإسلامية الإيرانية، هذا غير قرائن كثيرة لا يمكن إغفالها، كإتلاف الأدلة في قضية محاولة اغتيال مروان حمادة، إبان الوصاية السورية، وعلاقة تنظيم فتح الإسلام الإرهابي بالمخابرات السورية، وغير ذلك كثير.

ولا نغفل الشهادات الدامغة في المحكمة الدولية، من الرئيس فؤاد السنيورة والوزير مروان حمادة، وهي الشهادات التي تحدثت صراحة عن تهديد صريح من الرئيس البعثي بشار الأسد للرئيس الشهيد رفيق الحريري وللبنان.

لا يوجد أي تناقض بين الاتهام التقني لعناصر من حزب الله، وبين دور سوريا في الاغتيالات والتفجيرات التي استهدفت اللبنانيين قبل نحو عقد من الزمن ولم تتوقف، وفق القاعدة القانونية “مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه”، والإرهاب لن يتوقف حتى تتم محاسبة الإرهابيين، آمرين أو مخططين أو منفذين أو متسترين.

إن قضية سماحة واحدة من الحجج التي يجب أن تخرس كل المطالبين بدعم الأسد بذريعة محاربة الإرهاب، فبشار الأسد هو الإرهابي الأول، تخيلوا الفتنة المسيحية السنية لو نجح مثلا مخطط اغتيال البطريرك في عكار، تأملوا تحقيق ديرشبيغل عن علاقة داعش بالأسد. ولا يحق ﻷحد، بعد اليوم، أن يزعم براءة بشار من أفعال شبيحته، اعتبروا، على الأقل، بما يفعله بالسوريين كل يوم منذ بدأت الثورة عليه. ولا تتوهموا بأن الأسد ليس طائفيا، فالتوجيهات الصادرة من دمشق لميشال سماحة تشدد على عدم الإضرار بالعلويين أو المساس بهم.

بشار الأسد بين نهايتين تليقان به: مدهوسا تحت أقدام الشعب السوري، أو ملعونا خلف قضبان المحكمة الدولية أبد الدهر.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)