مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٦ مارس ٢٠١٦
الخوف على أوروبا يجمّد الصراع في سورية

الهدنة في سورية تتحول قريباً وقفاً دائماً للنار. هذا من الشروط البديهية لسير المفاوضات المقررة مبدئياً بعد غد الأربعاء. ومن البديهيات أيضاً في أي صراع أن تحدث خروق هنا وهناك، كما هي الحال هذه الأيام على رغم إعلان الجميع التزامهم الاتفاق الأميركي - الروسي. لا فكاك لأحد من هذا الالتزام. لأن ذلك يعني التمرد على إرادة الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين اللذين حرصا على إعلان الاتفاق. أعلى سلطتين قررتا وما على الجميع سوى الطاعة. لا يعني هذا الاتفاق بالضرورة أنهما شقا طريقاً واسعاً للتعاون في مختلف القضايا والأزمات العالقة. أو أنهما توافقا على اعتراف كل طرف بمصالح الطرف الآخر. لذلك يشيع المبعوث الدولي ستيفن دي ميستورا تفاؤلاً قد لا يكون في محله، عندما يؤكد أن الحل السياسي سيرسمه السوريون بأنفسهم عبر التفاوض.

الحل ملك الكبار الذين فرضوا وقف الأعمال العدائية ويسعون إلى وقف ثابت للنار غير مرهون بفترة زمنية محددة. بل ربما لامس رئيس الهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب حقيقة الوضع عندما أخذ على الولايات المتحدة مراعاتها مواقف روسيا. إذ لم يعد مجال للشك في أن الكرملين يتقدم على باقي اللاعبين في القدرة على التحكم بمسار التسوية. وقد لا يلتزم هذا المسار الخريطة التي رسمها القرار الدولي 2254.

يمكن القول إن وظيفة الصراع في سورية انتهت أو على وشك الانتهاء. تفككت الدولة والتحقت بجارها الشرقي. ولم تعد تشكل تهديداً لأي قوة، أو لنفوذ أي قوة في الإقليم، من إيران إلى تركيا ومروراً بإسرائيل. وعوضت روسيا بعض ما لحقها من أزمة أوكرانيا ومن زحف حلف شمال الأطلسي. صارت تشكل تهديداً لثاني أكبر جيش في هذا الحلف. فتركيا التي شكلت أيام الحرب الباردة رقماً استراتيجياً صعباً في وجه تمدد حلف وارسو، تشعر اليوم بثقل تطويقها من بحر قزوين وأرمينيا من جهة، والساحل السوري من جهة أخرى. وتعاني من تبعات إقفال بوابتها إلى الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية. لذلك لا تزال، على رغم حجم خلافاتها السياسية مع إيران، تتمسك بالرافعة الاقتصادية للحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع الجمهورية الإسلامية. وهو ما سعى إلى ترسيخه رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو باتفاقه قبل أيام مع طهران على رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى ثلاثين بليون دولار خلال سنتين. والأهم من كل هذه النتائج أن الحرب السورية كشفت ضعف القوى الإقليمية الكبرى وعجزها عن حسم الصراع عسكرياً أو سياسياً. وهو ما سهل على القوى الدولية أن تأخذ القضية بيدها.

لم تنته وظيفة الصراع فحسب، بل فاضت تداعيات الحرب في سورية وتجاوزت حدود الإقليم. لم تعد تهدد دولاً مجاورة كالأردن ولبنان وغيرهما، بل باتت تهدد أوروبا جدياً، أمناً وتجارة واقتصاداً ونظمأ وقوانين وحريات. فضلاً عما بعثت من مشاعر الكراهية والعنصرية التي عززت حضور القوى القومية المتطرفة. والتقت مخاوف الولايات المتحدة على استقرار القارة العجوز مع رغبة روسيا في عدم الغرق في المستنقع السوري وإطالة أمد الحرب. وهو ما دفعهما والقوى الكبرى إلى رمي ثقلها لوقف الصراع وجرّ الجميع إلى طاولة الحل السياسي. قوافل المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي باتت تهدد أمن مجتمعاتها. وعززت المخاوف من انتقال آلاف الإرهابيين في صفوف النازحين بحراً وبراً وما يمكن أن يشكلوا من تهديد أمني كبير. بالطبع ثمة مغالاة في أن يعزو أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي حرص الغرب على عدم سقوط دمشق إلى الخوف من أن يؤدي ذلك إلى سقوط أوروبا. يعتقد بأن سقوط النظام السوري ستخلفه قوى الإسلام السياسي المتطرف الذي لن يتورع عن الزحف إلى القارة العجوز. ثمة مخاوف حقيقية من تسلل الإرهابيين إلى الغرب.

الخوف الكبير من تداعي منطقة شنغن وما سيخلف من آثار مدمرة ليس على الاقتصاد الأوروبي وحده بل على التبادل التجاري العالمي، من الصين إلى الولايات المتحدة. وهذا ما تعرفه موسكو. لذلك لم يتوان كثيرون عن اتهامها ودمشق بإغراق القارة باللاجئين ودفعها إلى إعادة رفع الحدود والحواجز بين دولها وتقييد حرية حركة الأفراد والرساميل والبضائع، وتشديد إجراءات التدقيق والتفتيش. أمسك الكرملين بورقة مساومة كبيرة مع الاتحاد الأوروبي. وهو يدرك في سعيه إلى استعادة دوره القيصري أو السوفياتي أهمية إضعاف شركاء الولايات المتحدة على الجانب الآخر من الأطلسي. وتتداول الدوائر الاقتصادية أرقاماً ببلايين الدولارات تتكبدها التجارة الدولية من جراء العودة عن نظام شنغن. ومعلوم أن ثماني دول أعادت إجراءات التفتيش موقتاً. وأقر المجلس الأوروبي أخيراً خطة طارئة للحفاظ على فضاء هذه المنطقة التي أقيمت من ثلاثة عقود وتضم 26 دولة، تهدف إلى إزالة كل القيود مع نهاية السنة الحالية. وجاء في هذا الإطار أيضاً تحرك قادة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا قبل أيام للحوار مع الزعيم الروسي من أجل ترسيخ الهدنة في سورية ودفع الحل السياسي قدماً. وهما الضمان الوحيد لوقف موجات النازحين. ولا يخفي هؤلاء القادة امتعاضهم من السياسة الأميركية التي راعت وتراعي مواقف موسكو. وهم يمتلكون في النهاية ما يمكن أن يقايضوا به الرئيس بوتين، كمثل رفع العقوبات والحصار الاقتصادي في مقابل ترحيل النظام في دمشق من أجل ضمان تسوية دائمة ومعمرة ومقبولة.

الواضح تماماً للأوروبيين والقوى التي تقف إلى جانب المعارضة السورية أن إدارة الرئيس أوباما لا تستعجل التسوية النهائية. تعتمد سياسة تمرير الوقت إلى حين مجيء إدارة جديدة السنة المقبلة. لا ترغب في انخراط واسع مع موسكو. لا تريد أبعد من تكرار تجربة الاتفاق معها على تفكيك الترسانة الكيماوية للنظام السوري. أما الرئيس بوتين الذي يمتلك الورقة الأقوى في بلاد الشام بفعل تدخله العسكري الواسع، فسيفاوض ويساوم بهذه الورقة أكثر من طرف ولاعب معني بمستقبل سورية. هو يفاوض أوروبا اليوم بعد نجاحه في انتزاع موافقة واشنطن على خريطة الحل التي قدمها في لقاءات فيينا وعمدها مجلس الأمن بالقرار 2254. ويحرص على بناء علاقاته مع دول الخليج، خصوصاً المملكة العربية السعودية. يحتاج إلى التواصل معها في ملفات كثيرة أبرزها موضوع أسعار الطاقة وقضايا التجارة والاستثمار، واحتمال المساهمة في إعادة إعمار سورية بعد وقف الحرب. مثلما تحتاج المملكة إلى علاقة جيدة مع قوة دولية كبرى تعوضها انكفاء الولايات المتحدة عن المنطقة. قوة مستعدة للمساومة والمقايضة في الأزمة السورية، بخلاف إيران التي كانت قبل التدخل الروسي اللاعب الأساس والرافعة لبقاء النظام. والتي لا تبدي أي استعداد للتفاوض أو المساومة لوقف تدخلاتها في الإقليم، وإلا لما وصلت العلاقات بين الطرفين إلى ما وصلت إليه، من اليمن إلى العراق وسورية ولبنان.

تدويل الأزمة، أو بالأحرى محاولة حصر إدارتها بواشنطن وموسكو، جعلا «الائتلاف الوطني» بقواه المختلفة مكبل اليدين: التسوية السياسية بيد الكبار. والساحة العسكرية تحت وطأة الآلة الروسية وحلفاء النظام. صارت المعارضة أسيرة دائرة شبه مقفلة. والنظام أيضاً ليس أفضل حالاً. استمرار الرئيس بشار الأسد أو رحيله ورقة مساومة بيد الرئيس بوتين، على رغم حضور إيران وميليشياتها التي لا يستهان بها. أما الحديث عن صورة سورية ومستقبل الدولة فيبدو مبكراً. تلويح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتقسيم سورية، وحديث أحد الديبلوماسيين الروس عن اتحاد فيديرالي ليسا بسهولة فرض هدنة أو وقف العمليات العدائية. ميزان القوى الحالي بين المتصارعين على الأرض ليس أمراً نهائياً وثابتاً. والقوى الإقليمية المعنية بالصراع تقدم الحرب على الإرهاب ودولة «أبي بكر البغدادي» إلى المقام الأول. لكنها قد لا تسلم القياد لضغوط القوى الكبرى على حساب مصالحها ودورها في رسم النظام الجديد في الإقليم. لذا قد يستحيل إرغام الأكثرية السنية على القبول، تحت وطأة طغيان الحملة العسكرية الروسية، بدولة اتحادية أو فيديرالية استناداً إلى الخريطة الحالية لتوزع القوى ميدانياً. لن تقبل بحشرها في الصحراء بين المناطق التي يعيث فيها «داعش» و»النصرة» وتلك التي ستكون من نصيب الكرد. تقبل الأكثرية، بل من مصلحتها عدم الاعتراض على فيديرالية تراعي الانتشار الديموغرافي لمكونات البلاد قبل الحرب وما خلفت من هجرات في الداخل والخارج. فيديرالية تحافظ على وحدة البلاد، وتقيها ربما كأس التقسيم و»سايكس - بيكو» جديداً.

اقرأ المزيد
٥ مارس ٢٠١٦
أوهام دي ميستورا

يطالب المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا أن يكون حل الأزمة السورية في يد السوريين وبقيادة سورية. ويسأل: لماذا يجب أن نقول مسبقاً ما يفترض أن يقوله السوريون طالما أن لديهم الحرية والفرصة لقول ذلك؟

الحرية والفرصة للسوريين ليقولوا ما يريدون؟ كيف ذلك ومن سيحمي هذه الحرية؟ هل يعتمد دي ميستورا على «خبرة» الرئيس الأسد في حماية السوريين ليذهبوا إلى صناديق الاقتراع في 13 الشهر المقبل تلبية لدعوته، ليدلوا بأصواتهم ويقرروا مستقبلهم بحرية، كما اعتادوا في ظل 16 سنة من حكمه، و30 سنة قبلها من حكم والده؟! أم يعتمد على فصائل المعارضة المبعثرة والمشتتة والتي تفرض الولاءات في مختلف أنحاء سورية، تبعاً لميول زعمائها ومن يعملون لديهم؟

لا أعتقد أن دي ميستورا يجهل تعقيدات الأزمة السورية، بحكم خبرته، وإن تكن قصيرة العمر، مع النظام وشبيحته، ومع قادة المعارضة المقاتلين للنظام والمتقاتلين في ما بينهم. كما لا يجهل المدى الذي بلغته التدخلات الإقليمية والدولية في مسار هذه الأزمة. لقد صارت الخريطة السورية مفتوحة الآن على طاولات قادة الدول الكبرى، بشكل لم يسبق له مثيل منذ بداية الأزمة. وما كان يصح قوله في الأشهر الأولى من عام 2011 حول قدرة السوريين على رسم صورة مستقبلهم لم يعد صحيحاً اليوم.

كان يمكن أن تبقى سورية في يد السوريين لو تجاوب بشار الأسد مع تظاهرات المعارضين السلميين في تلك الأشهر الأولى، ومع نداءات دول الجوار التي لم تكن قد قطعت علاقاتها معه آنذاك، مثل السعودية وتركيا وسواهما، ودعا إلى استفتاء أو انتخابات رئاسية مبكرة، تحدد مستقبل رئاسته وشرعية تلك الرئاسة الموروثة بتزوير فاضح للدستور السوري. أما اليوم فقد أصبحت هذه الرئاسة، بل أصبح مصير البلد كله في يد الدول الكبرى وأهوائها ومصالحها، وما يمكن أن تحصّله مما تبقى من الكعكة السورية.

لهذا لم يعد مستغرباً أن تشارك كل الأطراف، الإقليمية والدولية، في التفكير في مستقبل سورية وفي رسم مستقبلها، في غياب السوريين، موالين ومعارضين. وحتى الهدنة الحالية، التي سميت مجازاً «وقف العمليات العدائية»، تم فرضها فرضاً على أطراف القتال، من جيش النظام وفصائل المعارضة، من جانب الولايات المتحدة وروسيا. وإذا كان صحيحاً أن هذه الهدنة لقيت حماسة شعبية في المناطق التي تطبق فيها، فذلك يعود إلى أنها وفرت شيئاً من الحياة الطبيعية، وحدّت من أعداد القتلى، وسمحت بوصول بعض المواد التموينية والغذائية، خصوصاً إلى المدن والمناطق التي اعتمد فيها النظام سياسة «الجوع أو الركوع».

في مناخ الهدنة النسبية هذا، يريد دي ميستورا إحياء مفاوضات جنيف في الأسبوع المقبل، بعدما فشلت جلستها السابقة بسبب الخلاف على الأولويات، واستمرار العقبة الرئيسية التي يمثلها بقاء بشار الأسد. غير أن التصريحات الأخيرة للمبعوث الدولي توحي بأنه يأتي إلى جنيف حاملاً أفكار النظام في ما يتعلق بدور الأسد في رسم المرحلة السياسية المقبلة. فالدعوة إلى ترك السوريين يقررون مصيرهم بأنفسهم هي تماماً ما يطالب به الأسد، بعدما أخرجت مدافعه وطائراته وبراميله المتفجرة كل السوريين «الإرهابيين» من بلدهم، ولم يبقَ في المناطق «المفيدة» من سورية سوى أولئك السوريين الذين يرفعون راية النظام، ويمثلون «فائدة» كبرى في صناديق الاقتراع الموعود في الشهر المقبل.

هذا هو الاقتراع الذي يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يتفق مع الدستور السوري ولا يعرقل التسوية السياسية، على رغم أن الدعوة إلى الانتخابات تخالف القرار الدولي الأخير المتعلق بسورية والذي وافقت عليه موسكو (رقم 2254) ويضع الانتخابات الرئاسية والنيابية في المرتبة الثالثة بعد تغيير الحكومة وإقرار دستور جديد.

إنها التسوية، في نظر بوتين، التي تبقي بشار الأسد في الحكم، وتحجّم المعارضة سياسياً بعدما نجح تدخل القوات الروسية في تحجيمها عسكرياً.

... ثم يتحدث دي ميستورا عن ترك السوريين يقررون مصيرهم بأنفسهم، من دون تدخل خارجي!

اقرأ المزيد
٤ مارس ٢٠١٦
جيش المجاهدين الذي سيقضي على «داعش»

الانتصار على «داعش» في سورية ليس صعباً على الإطلاق، ولكنه أكثر صعوبة في العراق. إلا إذا أكمل عليه هناك الجيش نفسه الذي انتصر عليه في سورية، فيقف مناديه هاتفاً في المجاهدين الذين رفعوا راية سورية الحرة على مبنى بلدية الرقة «من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يصلّين العصر إلا في الموصل». بالطبع المعركة التي ستستعر من الرقة حتى الموصل تحتاج إلى أيام عدة وتحركات ديبلوماسية معقدة، ولكن الشعب واحد وكلهم يريدون الخلاص من «داعش» ومعه كل مستبد وطائفي.

عندما صعد نجم «داعش» قبل عامين، صرّح أكثر من قائد عسكري أميركي، بل حتى الرئيس باراك أوباما نفسه، بأن الانتصار على التنظيم سيستغرق سنوات، أحدهم حددها بعشر. كلامهم صحيح لو كان الأميركي هو من سيقوم بهذه المهمة، أو جيش نظام مستبد مثل نظام بشار الأسد، أو قوات طائفية مثل الحشد والجيش العراقي، ذلك أن أهالي الرقة، وكذلك الموصل وبقية سُنَّة العراق وعشائرها، لا يريدونهم حكاماً عليهم مرة أخرى. هذا هو السر البسيط الواضح الجلي الذي رفض الأميركي ومعه الروسي حتى الآن أن يدركه، وفي قول آخر لا يريدون الاعتراف به لحاجة في نفوس يعاقيبهم.

هناك ألف سبب وسبب، لماذا إن سحق «داعش» سيكون أسرع على يد جيش سوري وطني، تدعمه السعودية وقوى إسلامية سنّية أخرى، وحبذا لو يبتعد الأميركيون عن الاشتراك المباشر في المعركة، وهذه أيضاً رغبتهم ويكتفون بحماية ظهر الجيش الإسلامي من غدر الروس، أما النظام والإيرانيون فهم كفيلون بهم.

أولها، أنهم أهل الدار، والأعرف بها وبعشائرها ومكوناتها. ثانيها، أنهم أصحاب مصلحة، فـ «داعش» ليس المستقبل الذي يريدونه لبلادهم، ولا يطيقون الحياة تحت ظله، ولا يتفقون مع تفسيره للدين، ويرونه غلواً، وخروجاً على ثوابته، لذلك سيستبسلون في القتال تطوعاً وجهاداً. وثالثها أن من قُدِّر عليهم من السوريين أن يقعوا تحت حكم «داعش» وظلمه سيرحبون بهم، ويتعاونون معهم، يعلمون أنهم منهم وفيهم، بما في ذلك من في ركبهم، من سعوديين وأتراك، لا يخشون منهم غدراً ولا تنكيلاً، لن يعتدوا على حرماتهم، ولا على أموالهم القليلة، ولن يحرقوا مساجدهم، ويهينوا علماءهم، ويعتدوا على دينهم ورموزهم بالسباب. والمقارنة هنا واضحة، فأنا أتحدث عما فعله الحشد الشعبي في العراق، الذي لم يدخل الرمادي والأنبار محرراً وإنما منتقماً كارهاً. هنا شرح الجملة في أول المقالة أن الانتصار على «داعش» بجيش من أهل البلد أسهل في سورية بالمقارنة بالعراق، فأهل الموصل والفلوجة وغيرهما من مدن العراقيين السنّة، بين نارين، الصبر على أذى «داعش» وغلوّه حتى يقدر الله لهم مخرجاً، أو الترحيب والتعاون مع غلو وتطرف وإرهاب آخر، هو الحشد الشعبي بل حتى جيش الحكومة العراقية المتواطئة معه، بل لقد جربوهما من قبل، وذاقوا الهوان سنوات في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، عندما حكمهم، انتشرت حواجز رجاله ومخابراته في أحياء مدنهم، كانوا بين فاسد مرتشٍ وطاغية صغير معتدٍ، وطائفي كاره، فلما جاء «داعش» براياته السوداء، وضباط بعثه السابق وقد تعمموا بالعمائم السود، لم يهتموا بالدفاع عن مدينتهم، فما كانوا فيه أسوأ، ولكن التعقيدات الدولية، والقرارات الأممية، والنوايا الأميركية غير الجلية، ستجعل من مشروع كهذا صعباً إن لم يكن مستحيلاً ما لم تتغير إرادة واشنطن، لو حصل ذلك وحصلت القوى الوطنية السورية وقد التحمت بشقيقتها العراقية أن تستثمر زخم تحرير الرقة، فييمّم أحرار سورية شرقاً نحو عراقهم، لا يخشون غير الله، وغدر قوات الحماية الكردية المسيطرة والمتحالفة مع النظام في القامشلي والحسكة، ونكوص الأميركي الذي بالكاد وافق على دعمهم وحلفائهم السعوديين والأتراك في حملتهم ضد «داعش»، وبالطبع هناك ما تبقى من نظام بشار الأسد الواقع تحت الانتداب الروسي الإيراني والذي لن يتردد في السعي للتوسع على حسابهم وقد انشغلوا بـ «داعش» ومفخخاته وانتحاريّيه الحمقى والذين يَقْتلون ويُقْتلون من دون وعي وفقه لا بالدين ولا بالسياسة.

كل هذا يشي بحجم التحدي الذي يواجه المملكة وهي تحشد حلفاء الدين من حفر الباطن جنوباً حتى أنجرليك شمالاً، وتناور مع حلفاء السياسة في واشنطن والعواصم الغربية، وهم غامضو النية، صريح قولهم لا يتفق أحياناً مع فعلهم، وتؤلف قلوب من حولها، لبعضها أجندته الخاصة، ولكن غلبهم حزم سلمان فلم يجدوا إلا الانجرار بصفّه فعاملهم بالحسنى والصبر، لعلهم إلى الحق ينتهون، فيشاركونه الرؤية السعودية التي تروم الخير والاستقرار للجميع.

ويبقى سبب أخير لحتمية انتصار جيش مجاهد على «داعش»، أن الأخير زعم أنه ما خرج إلا انتصاراً للإسلام وشرعه، في وجه الاستبداد والطائفية، فإن خروج جيش يقول أنه «تحالف إسلامي» يحمل معه راية لا إله إلا الله، وقلوباً متوضئة، ورغبة في بناء دول العدل والإحسان، فإن ذلك كفيل بدحر الفكر بعدما يُدْحَر حاملوه، وهذا لا يقل أهمية عن جندلة أفراده، وتشتيتهم بين أسير وقتيل.

اقرأ المزيد
٤ مارس ٢٠١٦
اتفاق الهدنة في سورية باقٍ ولكن لا يتمدّد

أثبت وقف الأعمال العدائية الذي دخل حيّز التنفيذ في سورية أنه أكثر نجاحاً مما كان متوقعاً. انخفضت الأعداد اليومية للضحايا، ووصلت المساعدات الإنسانية إلى بعض التجمّعات السكانية المحاصرة في المناطق التي يسيطر عليها النظام والمعارضة. وعليه فقد تفاءل مبعوث الأمم المتحدة الخاص ستيفان دي مستورا بفرصة وقف الأعمال العدائية ليعلن أن محادثات سلام جديدة سوف تبدأ بين الحكومة والمعارضة بحلول 9 الشهر الجاري. ولكن في حين أن توسيع وقف الأعمال القتالية لتتحوّل إلى حل سياسي أمر مرغوب، فإن ذلك يعني في هذه المرحلة إنهاء الصراع بشروط أقرب بكثير إلى تلك التي طالما دعت إليها روسيا مما قد تتحمّله الولايات المتحدة أو المعارضة السورية ومؤيدوها الإقليميون. وبذلك يصبح وقف القتال إلى أجل غير مسمى وبصورة غير مكتملة وعلى مضض أكثر احتمالاً.

في الجانب الإيجابي، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الاتفاق على وقف عام للقتال في سورية، وينطبق على جميع مقاتلي النظام والمعارضة (باستثناء «داعش» و»جبهة النصرة»). في السابق، كانت حتى الهدنات الهامة نسبياً مثل تلك المتعلقة بحمص في أيار (مايو) 2014 وكانون الأول (ديسمبر) 2015 وفي الزبداني في أيلول (سبتمبر) 2015 محلية. وبالقدر نفسه من الأهمية، تحركت الولايات المتحدة وروسيا للمرة الأولى على نحو يتجاوز الاتفاق على الأطر الديبلوماسية العامة لإنجاز خطة تنفيذية لوقف العنف في سورية. وسيكون نجاحها جزئياً اختباراً لتأثير الدولتين على المقاتلين المحليين الذين تدعمانهم وعلى اللاعبين الإقليميين الآخرين.

من الواضح أيضاً أن وقف الأعمال العدائية يواجه عقبات كبرى. إذ ستجد المعارضة المسلحة أن من الصعب أن تقف موقف المتفرّج بينما تواصل روسيا غاراتها الجوية ضد «جبهة النصرة»، وبخاصة في محافظة إدلب حيث تتداخل مواقعهم إلى حدّ بعيد، ولكن أيضاً في حلب وحولها. وجرى تبادل الاتهامات بين نظام الأسد والمعارضة، ورددتها القوى الخارجية، مع تحذيرات من انهيار وشيك لوقف القتال. كان هذا متوقعاً تماماً، على رغم أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ذكر أنه اتفق ونظيره الروسي سيرغي لافروف على عدم «المقاضاة علانية»، وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه «لم تحدث خروقات كبيرة» إلى درجة تحول دون استمرار وقف الأعمال العدائية.

وحتى في خضم الاتهامات المتبادلة حدث تغيّر لافت. من الواضح أن الأطراف المتقاتلة أوقفت الأعمال العدائية لأسباب ذاتية في الغالب: فالمعارضة لا تتحمّل تحميلها المسؤولية عن استئنافها، في حين قد يسعى النظام، بتواطؤ روسي، لخداع الولايات المتحدة كي تقبله كشريك ضد «داعش». ولكن بمجرّد مراعاة وقف الأعمال العدائية لأي فترة من الزمن، أظهر كلا الطرفين أن لديهما القدرة على فرض الامتثال في صفوفهما.

هذا الاستعراض للسياسة الواقعية والانضباط الذاتي (النسبي) ينبغي أن يبشّر بالخير لإجراء محادثات سلام، بيد أن التفاؤل سابق لأوانه. فلو صمد وقف الأعمال العدائية، فإنه سيضع نظام الأسد في وضع حرج سياسياً. وقد يزداد الضغط لاغتنام الفرصة لإنهاء الصراع من خلال المفاوضات بين مؤيديه وفي أوساط قاعدته الاجتماعية، ما يجعل من الصعب عليه تبرير عدم القيام بذلك.

يبدو أن النظام يعمل لاستباق مثل هذه المشاكل السياسية، كما يتبين من المرسوم الذي أصدره الرئيس بشار الأسد في 22 شباط (فبراير) وحدّد موعد الانتخابات البرلمانية بعد سبعة أسابيع فقط، في 13 نيسان (أبريل). هذه المحاولة لإثبات دعواه بتمثيل واحترام الإرادة الشعبية جاءت بعد فترة وجيزة من مرسوم سابق بالعفو عن الفارّين من الجيش. فقد صدرت عدة مراسيم مماثلة بالسابق، ولكن من المرجح أنه جرى توقيت صدور المرسوم الأخير لتعزيز صورة الرشد والشهامة.

كما يصب إعلان الأسد عن إمكانية العفو عن جميع مقاتلي المعارضة الذين يلقون السلاح، خلال مقابلة أجرتها معه شبكة تلفزيونية ألمانية في الاتجاه نفسه. في الوقت نفسه، تلمّح مصادر النظام مرة أخرى إلى أن الجيش والميليشيات المرتبطة به تستعد لاستعادة الرقة من «داعش»، وقد صدرت تلميحات مشابهة بعد المكاسب التي تحققت حول حلب في أواخر العام 2014، غير أنها تبدّلت في أعقاب خسائر النظام في محافظة إدلب. وهذا التلميح المتبجِّح يشكّل مبالغة خطيرة بقدرات النظام في هذه المرحلة، غير أن من المحتمل أن يكون محاولة أخرى لتلميع صورته لدى جمهوره ولدى الإدارة الأميركية الحريصة على تركيز كل الجهود على هزيمة «داعش».

التموضع قبل محادثات السلام المحتملة أمر متوقع من جميع الأطراف. ولكن نظام الأسد لا يرغب بالدخول في مفاوضات جدّية حول مرحلة انتقالية، ناهيك عن تقاسم حقيقي للسلطة، حتى وفق الشروط التي تحسنت كثيراً بفضل التدخّل العسكري الروسي. وهذا يكشف عن مفارقتين.

الأولى أن لروسيا مصلحة في أن تنهي تدخّلها العسكري بتحقيق نجاح سياسي، ولذلك فهي ستضغط على الأرجح على نظام الأسد لوقف الأعمال العدائية ما دام هذا لمصلحتهما السياسية والعسكرية المشتركة. غير أن وقف الأعمال العدائية لا يشكّل بمفرده مكسباً سياسياً كافياً. وربما تسعى روسيا لتعزيزه بتسوية ديبلوماسية على أساس مقترحاتها الثابتة لعملية الانتقال في سورية. ومن شأن هذه المقترحات أن تسمح للأسد بالبقاء في منصبه لحين إجراء انتخابات رئاسية في غضون عامين، وبخوض الانتخابات بعد ذلك كمرشح مرة أخرى، وتبقي السلطات الرئيسة في يديه أو في أيدي الوزراء والقادة الموالين له، وتعرقل إجراء إصلاحات أساسية لمؤسّسات الدولة بحجة ضرورة الحفاظ على سلامتها حتى اكتمال العملية الانتقالية.

هذه المقترحات غير مقبولة من المعارضة، ومن الولايات المتحدة كذلك. بيد أن هذا يشير إلى المفارقة الثانية. فإذا كانت الولايات المتحدة عازمة على حل النزاع السوري من خلال عملية ديبلوماسية، فإن من شبه المؤكّد أن تستند الصفقة الوحيدة الممكنة في ظل الظروف الحالية داخل سورية، إلى المقترحات الروسية. وتواصل الولايات المتحدة التأكيد أنها لن تقبل أن يبقى الأسد رئيساً إلى أجل غير مسمى، وأن أي اتفاق يجب أن يتضمّن رحيله في مرحلة ما، بيد أن الولايات المتحدة فشلت حتى الآن في تفعيل الوسائل التي قد تجبر روسيا على قبول هذا الرأي.

ربما لا يزال من الممكن إقناع روسيا بقبول صيغة تضمن رحيل الأسد بحلول نهاية فترة انتقالية، في مقابل أن تقبل الولايات المتحدة والمعارضة بقية مقترحاتها. بيد أنه لا يكفي أن يكون هناك تفاهم خاص أو ضمني: فقد كشفت قدرة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على استغلال اتفاق السلام الذي رعاه مجلس التعاون الخليجي للاحتفاظ بقدر كبير من نفوذه بعد رحيله رسمياً من منصبه عن الأخطار المترتبة على اتباع هذا النهج. بالتالي يجب أن تكون أي صيغة للحل رسمية، وأن يقبلها الأسد صراحة. وهذا الأمر ليس مستبعداً جداً وحسب، بل ربما لا يصل نفوذ روسيا عليه إلى هذا الحدّ.

تشير هذه الصعوبات إلى أن الحل السياسي لا يزال بعيداً. كما أنها قد تفتح الطريق لتقديم مقترحات جديدة تهدف في الظاهر إلى كسر الجمود، مثل الفيديرالية، وهو ما قال الأسد ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في أوقات مختلفة إنهما لا يستبعدانه كخيار. ويخشى كثير من السوريين أيضاً أن تتفق الولايات المتحدة وروسيا على تقسيم سورية رسمياً، والذي تعارضه غالبية ساحقة منهم وفقاً لدراسة حديثة، غير أن هذا يتعارض مع كل الشواهد حول التفكير الروسي والأميركي الحالي في خصوص سورية.

بدلاً من ذلك، من المرجح أن يتحول «الجمود الموجع» الطويل في سورية من المجال العسكري إلى المجال السياسي، على الأقلّ لبضعة أشهر. وإذا ما صمد وقف الأعمال العدائية، فهذا يعني تخفيفاً يبعث على الارتياح في معاناة الشعب السوري، بيد أن الظروف قد لا تكون نضجت بعد ليؤدّي ذلك إلى حلّ سياسي.

اقرأ المزيد
٤ مارس ٢٠١٦
سنعيد روحها الأولى .. الثورة تنبض في النفوس و ستبقى مابقي هناك حيّ منا

كنا خلال الأيام القليلة الماضية نعمل على اعادة الذاكرة إلى بدايات الثورة و مظاهراتها و نقلب في الكم الهائل من التسجيلات و الصور و نستمع للاناشيد و الأغنيات ، تحضيراً لحملة الذكرى السادسة للثورة السورية ، و لم يكن في خلد أياً منا أن تعود هذه المشاهد من جديد بعد طغيان الدم و ايغال المحتلين مخابهم في الجسد السوري الذي تمزق لحد عدم القدرة على الوقوف مجدداً .

اليأس الذي استحكم في مفاصل تفكيرنا و عقرب بوصلة أملنا ، كان عبارة عن حالة "غبية" ، فالعودة للماضي لاستجلابه، لم تعد مهمة أو ذات مغزى ، فالمشهد تكرر بعنفوان أكبر و نبض أقوى ، و عزيمة و اصرار تفوق الماضي ، فكل هذه السنين لم تضني شعبنا ، و كل هذا القهر لم يثنى عزيمته ، و كل هذا الدمار لم يحول دون الصعود إلى الهواء من جديد و الصراخ بأعلى صوت بأننا سـ"نبدأ من جديد" ، و سنعيدها كرة ثانية و ثالثة و عاشرة حتى تتحقق المطالب باسقاط النظام و الحرية و العدالة .

سنوات تهنا في غياهب المؤامرات و الخذلان و عشنا لحظات فخر و عنفوان و تملكنا مقاليد بعض الأماكن ، غُيبنا في أخرى ، تشردنا في جميع بقاط الأرض ، و افترشنا كل رقعة من تراب سوريا نازحين و هاربين ، نقلنا جرحانا على الظهور من نقطة طبية لاخرى بحثاً عن ما يوقف النزيف و لو لم يحقق العلاج ، نعم و ضعنا في الايدولوجيات و اختلاف ألوان الرايات و تشعبات الانتماء ، لنتحول إلى ذرة رمل في خضم اعصار جارف .

كل هذا لم يكن إلا ذوبعة في فنجان شعب أبي ، قاتل و دافع و لازال و سيبقى ، و كعادته ليس لنفسه و إنما لأمة بأثرها ، وخير ماقيل عنه أن "الشعب السوري يقاتل بالنيابة عن ٤٠٠ مليون " و أقسى ما وصف به بأنه "حفنة لن يستطع المجابهة " و بين هذا و ذاك نبتت الشجرة من جديد و عاد الربيع للنفوس .

من الحراك ونوى و بصرى الشام و اليادودة و نصيب إلى دوما و عين ترما و يلدا و دير العصافير و عين ترما و جوبر و داريا إلى حمص و تلبيسة و الرستن فجرجناز و تفتناز و سراقب و معرة النعمان و حلب القديمة و عينجارة والأتارب واعزاز و العديد من المناطق الأخرى ، التي أعادتنا إلى الحكاية منذ البداية ، لنبحث عن المظاهرات و نوثقها وننقلها، ويعود معها الحياة لقلوبنا و العمل كخلية نحل لنتبادل أسماء الأماكن التي خرجت و ماذا قالوا .

و من الاجحاف الحديث عن أن الثورة تعود من جديد ، إذ أنها كانت و بقيت و لازالت موجودة و لم يتغير مسماها ليوم واحد ، بل بقيت ثورة و ثورة حياة و عز و اباء مضرجة بدماء مئات الآلاف .

إنها الثورة التي تصنع التاريخ الحقيقي لكلمة "ثورة" و مستقبلها .

اقرأ المزيد
٣ مارس ٢٠١٦
مؤامرة... في وضح النهار!

لأن الحديث عن تحوُّل سورية إلى دولة اتحادية "فدرالية"، وأيضاً عن تقسيمها وتجزئتها، فإن هذا الموضوع يجب أن يؤخذ بمنتهى الجدية، لأن خياراً كهذا إن تم بالنسبة لهذه الدولة العربية فإن عدواه ستنتقل بالتأكيد إلى دول أخرى، حيث إن تمزيق هذه المنطقة إلى دويلات طائفية وعرقية طُرح في وقت مبكر، في بدايات القرن الماضي، وقد طرحه قادة الحركة الصهيونية بعد إنشاء دولة إسرائيل في قلب الوطن العربي، كمحصلة لمؤامرة كونية يبدو أنها بقيت مستمرة ومتواصلة حتى الآن.

والغريب أنه قد تم العزف على الوتر نفسه، وهذا لا يمكن أن يكون مجرد مصادفة، من قبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قال: "من الصعب الإبقاء على سورية موحدة إذا استمر فيها القتال المحتدم الآن"، ومن قبل متحدث باسم الخارجية الروسية الذي قال بدوره: "إن سورية قد تصبح دولة اتحادية فدرالية"، ما يعني، وبعيداً عن سذاجة أصحاب النوايا الحسنة، أن هذه المسألة الخطيرة فعلاً جرى بحثها والتطرق إليها بين الأميركيين والروس وبصورة فعلية وجدية!

ولعل ما تجب العودة إليه، ونحن بصدد التطرق إلى هذه المسألة، هو تلك التصريحات التي كان أطلقها بشار الأسد، قبل الغزو الروسي لهذا البلد العربي، وقال فيها إنه لا جدوى من استمرار قتال قواته في غالبية الأراضي السورية، وإنه "سيسحبها" للدفاع عما اعتبره: "سوريا المفيدة"، أي هذا الجزء الممتد من دمشق إلى اللاذقية وإلى جبال النصيريين مروراً بسهل الغاب وحمص وحماة وإدلب وصولاً إلى حلب، والمعروف أن سكان هذه المدن وهذه المناطق يشكلون الغالبية الراجحة من أبناء الشعب السوري وكلهم من العرب السنة.

وهنا وللتذكير أيضاً فإن ما تجب الإشارة إليه هو أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان قد اتهم الروس، وكرر هذا الاتهام مراراً، بأنهم قد غزوا سورية واحتلوها من أجل إنشاء كيان انفصالي مركزه منطقة اللاذقية، حيث أقامت روسيا بعد غزوها الاحتلالي لهذه الدولة العربية قاعدة "حميميم"، التي تعتبر أهم قاعدة عسكرية لها على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، بل في الشرق الأوسط كله، إضافة إلى قاعدة طرطوس القديمة التي كانت موسكو أقامتها في زمن الاتحاد السوفياتي الذي كان يشكل الكتلة المواجهة للولايات المتحدة وحلف شمالي الأطلسي، من خلال حلف "وارسو" الذي انهار مع انهيار كل دول أوروبا الشرقية الشيوعية.

ويقيناً إن هذا الحديث الذي جاء على لسان كيري وعلى لسان ناطق باسم الخارجية الروسية لا يمكن أن يكون من قبيل لغو الكلام، لكن ما يجب أن يفهمه هؤلاء ومن يتناغم معهم أن هذه المنطقة، التي أعطيت لوناً معيناً على الخريطة السورية، غالبية سكانها من العرب السنة، وأن "العلويين" أو "النصيريين"، لا فرق، لا يشكلون وفي أحسن الأحوال إلا نسبة لا تزيد على 15 في المئة من سكان هذه المنطقة التي يشكل سكانها أكثر من 80 في المئة من سكان سورية.

وهذا يعني أن ما يفكر فيه الروس والأميركيون لا يمكن تطبيقه لا بالتفاهم ولا بالقوة فـ"سورية المفيدة" هي من بدأ هذه الثورة، المنتصرة بالتأكيد، وهي لا يمكن أن تخضع لنظام بشار الأسد وتلتحق بالدولة المذهبية التي يسعى لإقامتها ثم، وهذا يجب أن يقال، فإن ما لا يعرفه كثيرون هو أن غالبية "العلويين" لا يمكن أن تقبل بهذه الخطوة التآمرية، وأنهم بالتأكيد سيقاومونها وبقوة السلاح مثلهم مثل إخوانهم من العرب السنة ومن العرب المسيحيين والعرب الدروز وباقي مكونات الشعب السوري في هذه المنطقة "المفيدة"!... إنها مؤامرة في وضح النهار!

اقرأ المزيد
٣ مارس ٢٠١٦
الإجراءات الخليجية تؤلم نصرالله

مع تزايد عدد قتلاه في سورية، وما يسربه الأميركيون عن تبدل ولو طفيف في الأولويات الإيرانية، تزداد الضغوط على «حزب الله» في بيئته الحاضنة خصوصاً، ولبنان عموماً، لإنهاء تورطه العسكري هناك، مهما حاول إخفاء تأفف الناس والسيطرة على غضبهم عبر حملة التجييش المستمرة وأساليب الترويع الهادفة إلى منع الصوت المعارض، وإلى التخفيف من وطأة النعوش المتقاطرة عبر الحدود، وإلى وقف الانتقادات لمسؤوليته عن تدهور علاقات لبنان العربية.

فالانخراط العسكري والأمني المستمر في سورية، في وقت يقول جون كيري إن طهران تقلص وحداتها من «الحرس الثوري» هناك، وإصرار الحزب على انه يخوض «معركة وجود» لن تنتهي قريباً على رغم الإمساك المتزايد لموسكو بالورقة السورية، والتصعيد المتعمد للمواجهة مع السعودية وسائر دول الخليج العربية، تعكس جميعها استفراداً سياسياً وأمنياً بلبنان لا يمتلك الحزب مبررات مقنعة لجعل اللبنانيين يقبلون تبعاته على أوضاعهم داخل الوطن وخارجه.

ولهذا سعى أمينه العام السيد حسن نصرالله أول من أمس، الى تطويق النقمة المتصاعدة باعتماد المزيد من التخويف تحت غطاء «تطمين» اللبنانيين الى استقرار بلدهم، مذكراً إياهم بأنه يملك وحده قرار استمرار هذا الاستقرار من عدمه، وأن أمنهم منّة منه، وأيضاً عبر محاولة زجّهم في المواجهة التي يخوضها مع دول مجلس التعاون في أكثر من «ساحة»، بتصويره أن القرارات الخليجية هدفها «معاقبة اللبنانيين جميعاً» وليس الحزب.

لكن من الواضح أن إجراءات دول الخليج في حق الحزب، وخصوصاً إلغاء السعودية منحة الأربعة بلايين دولار للجيش والمؤسسة الأمنية مخافة أن تنتقل الأسلحة إلى يده بسبب تسلطه على الجيش، وتصنيف مجلس التعاون الحزب «منظمة إرهابية» وتوعّد أعضائه باتخاذ تدابير لاحقة تنسجم مع هذا التصنيف، يضاف إليها الإشاعات الكثيرة المتداولة عن «لوائح الإبعاد»، آلمت الحزب ووضعته في مواجهة مع سائر اللبنانيين، بمن في ذلك الشيعة أنفسهم، الذين بدأوا يعانون من حصر تمثيلهم به وحشرهم تحت رايته.

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، جرت نقاشات حادة ومتشعبة بين اللبنانيين، عبر وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، تضمنت تساؤلات جدية عن «لبنانية» الحزب وقراراته وعن ولاءاته وأهدافه، وعن مبررات خروجه المتواصل على الإجماع اللبناني، وجدوى دفعه لبنان إلى الخروج على الإجماع العربي، وأسباب اختلال التوازن بين مكونات البلد السياسية والاجتماعية، وعما إذا كانت سياسته الخارجية مرتبطة بالأشخاص وبالحزب وحلفائه أم بالمصلحة الوطنية العامة. لكن هذا النقاش سرعان ما جلب على المنتقدين سباباً وشتائم وتعابير طائفية مقيتة اشتكى منها نصرالله نفسه بعدما شعر بأن «جماعته» بالغوا في استخدامها.

وفي كلمته، «نأى» الأمين العام للحزب بنفسه عن نزول جمهوره إلى الشارع وقطع الطرقات وأعمال التخريب التي رافقته بسبب برنامج تلفزيوني قلده، لكن اللبنانيين يعرفون أن مثل هذا «التبرؤ» يعني أن باستطاعة من أشعلوا الإطارات المطاطية في الشوارع أن يفعلوا ما يريدون لاحقاً، طالما أنه تنصل من العلاقة بهم. إذ سبق لنصرالله أن ناشد أنصاره في الماضي عدم إطلاق النار والقذائف الصاروخية في كل مرة يلقي خطاباً، لكن ذلك لم يمنعهم من مضاعفة فعلتهم في المرات التالية.

يحصر نصرالله استقرار لبنان بالأمن، في استعادة لمفهوم النظام الأمني الذي رعته سورية الأسد، ولا يرى ضرراً في استمرار الشغور الرئاسي طالما لم يُحسم مصير الحرب أو المفاوضات في سورية لمصلحة إيران، ويلجأ في الوقت نفسه إلى تكبيل الحكومة ومنعها من البت في ما يطاول حياة اللبنانيين اليومية، مثل أزمة النفايات المتعمدة، لإغراقهم في التفاصيل وصرفهم عن التفكير في احتكاره مستقبل بلدهم... ثم يحدثهم عن «الاستقرار» وهم مشغولون بالبحث عن بلد يهاجرون إليه.

اقرأ المزيد
٣ مارس ٢٠١٦
عندما يتخطى "حزب الله" حلفاءه

قرار مجلس التعاون الخليجي اعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية لن يقتصر على دول المجلس، فمن المتوقّع انضمام دول أخرى عربية وغير عربية إلى القرار أو اتخاذها قرارات مماثلة. الأمر جدي ومستمر، على رغم محاولة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله التخفيف مسبقاً من سطوة القرار، على طريقته، إذ شهدنا له قبل ساعات من صدور القرار، خطاباً تلفزيونياً يحاول فيه الفصل بين السلم الأهلي اللبناني ومواجهة حزبه السعودية ودولاً أخرى بالسياسة وبالحرب، مع تأكيده التدخُّل في اليمن. وهي فكرة غريبة أن يندرج حزب لبناني متعسكر في السلم الأهلي مع سائر المواطنين، وينشط في الوقت نفسه سياسياً وعسكرياً في مواجهة دول عربية شقيقة وصديقة لها حضورها العميق في لبنان، وتحظى بتأييد الغالبية، لكون العلاقة معها عابرة المناطق والطوائف.

لا يستطيع «حزب الله» النأي بلبنان عن معاركه ضد دول عربية مهمة، فالوطن الصغير لا يتحمّل هذه الفكرة غير المسبوقة وغير المعقولة. واستحالة النأي ستؤدي إلى زج لبنان في حرب مع الداخل العربي لا يرتضيها مواطنوه، ولم يسبق أن واجهوا مثل هذا الموقف الذي سيؤدي بالضرورة إلى نزاعات أهلية لا نزاع أهلي واحد.

وإذا كان قائد «حزب الله» أعفى حلفاءه المحليين من تأييد موقفه طالباً حصر المعركة بحزبه من دون سائر اللبنانيين، فإن هؤلاء سيعتبرون كلامه غير واقعي، لأنه وأعضاء حزبه لا يسكنون جزيرة معزولة.

والقرار الخليجي الذي يصبغ بالإرهاب «ميليشيات حزب الله، بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها»، سيجرى تنفيذه في سياق القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبّقة في دول المجلس والمماثلة لها في دول العالم. ومثل الأمواج المتلاحقة سيلمس اللبنانيون تباعاً نتائج هذا القرار الذي يطبّق في التعاملات بين الدول وبين الشركات وبين الأفراد، مع الخضوع لرقابة مشددة لتأكيد خلوّها ممّا وممّن له علاقة بـ «حزب الله».

عندما انسحبت إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة في 25 أيار (مايو) 2000، أهدى نصرالله التحرير إلى اللبنانيين كلهم، كما حظي التحرير بفرح العرب كلهم. كان ذلك التاريخ مفترقاً، إذ اقترح كثيرون على «حزب الله» ضم مقاتليه إلى الجيش اللبناني أو في إطار عسكري يخضع لإمرة قيادة الجيش، فلم يقبل ومضى في نشوة النصر إلى مداها الأوسع، فرشّح عناصر منه في الانتخابات ليصبحوا نواباً لهم كتلة في البرلمان، مبقياً عسكرييه في إطارهم السرّي المنفصل عن القوى الأمنية الشرعية، ليصل به الأمر إلى القتال في سورية وأبعد منها، حتى اليمن. وبذلك أرهق «حزب الله» اللبنانيين وحمّل مجتمعهم المتنوّع عبئاً تعجز عن تحمُّله مجتمعات الإمبراطوريات المتماسكة.

ما يعانيه لبنان من طغيان الميليشيا على الدولة ظاهرة عربية وإسلامية وليس حالة خاصة بالوطن الصغير، ونشهد اجتماعاً للاقتصاد المافيوي والفساد والحركات السياسية المتعسكرة كعناصر بنيوية قيد النشأة، وهي، مع الانهيارات في مجتمعاتنا، ستصبح بديلة من الدولة الحديثة، ولكن، في صيرورة تدميرية تُخرج بلادنا من العالم المتحضّر. ويلاحظ كثيرون، في مقدمهم عزيز العظمة، انتشاراً لنظرية الاستثناء الإسلامي وإخراج المسلمين من السياقات العالمية. ويجري دمغ المسلمين بعلامة ثابتة: إن مستقبلهم لا يمكن أن يكون إلا استعادة لماضيهم، وإن تاريخهم الحديث بما فيه دولهم (بمؤسساتها الدستورية وحياة المواطنة فيها) مجرد زيف وخداع للذات.

هذه الفكرة المتسرّعة التي اعتمدها باراك أوباما بمباركته أحزاب الإسلام السياسي في بلادنا، تصطدم بحقائق اليوم الدموية: صدام ميليشيات إسلامية بميليشيات إسلامية أخرى، والفارق خليفة ومرشد، أو سنّة وشيعة.

اقرأ المزيد
٣ مارس ٢٠١٦
إعلام أعمى

وكما يمارس النظام أبشع جرائم القتل والتعذيب ، بحق الشعب المسحوق المنكوب الخائف من العالم حوله .


يقع الكثير من الإعلاميين ، ضحية الترويج له ولغيره، كمن يعمل له و يساعده في عمليات التهجير، بعد إلحاق الهزيمة النفسية بالشعب المسكين المنهك من الحرب المشتعلة على كل الجبهات .
هذه الهزيمة النفسية !

التي تدفع الناس ، لترك بلادهم وأوطانهم وأملاكهم، ويهيموا على وجوههم بما خف من لباسهم في البراري وعلى الحدود، يستعطفون الدول ليحصلوا على مأوى ترتاح به نفوسهم.


لا شك أن التهجير عمل ممنهج ، يساعد على التقسيم ، فيندفع الناس تلقائيا باتجاه أكثر المناطق التي يأمن بها على نفسه وأهله.


فيصطف الجميع وفق قناعاته السابقة ، التي رسمها الإعلام بخفة واحترافية في عقله الباطن عن غول العدو، ومن الصديق الحميم الرحيم.
ليس هذا فحسب ....

بل تدفع تلك القناعات فئة ليست قليلة من الشباب ومن يستطيع حمل السلاح حتى بعض النساء ليدافع عن قناعاته بروحه و بدمه.


ولدى شعوره بالحصار ترفع جاهزيته إلى أقصى الحد ود ، وتحوله إلى مكنة قادرة على ارتكاب أكبر الجرائم واستئصال أي خصم، ليحافظ على نفسه من أن يقع ضحية أحد مشاهد التعذيب كأي مقطع فيديو منتشر على وسائل التواصل
إنه دافع حب البقاء المغروز في أغلب النفوس
والتي عرف كيف ينتهزها من له مصلحة في التقسيم ليصل إلى مبتغاه بأسرع الطرق وأقل التكاليف، ويحرس الحدود المرسومة أبناء المنطقة طوعاً أو كرهاً ،دون حاجة لأصحاب القبعات الزرق أو جيوش حفظ السلام.

فيستمر الجميع بالتقدم إلى نهاية النفق المظلم، لأن الوقوف أو العودة تعني الانتحار للجميع
فترسم الحدود في النفوس قبل الخرائط ،
وتقسم النفوس قبل المناطق .

ويدعم جميع أطراف النزاع ، بلا اسثناء ليستمر بالبقاء ، دون أن يلحق الهزيمة النهائية (الضربة القاضية) بخصمه .

ومن تطاول أو تعدى حدوده، فوسائل قمعه موجودة وعنصر المباغتة يفقده صوابه
وتضيع القضية
وتتعقد أكثر خيوط الجريمة .

فالكل عند خصمه جاني وعند أهله مجني عليه ، والكل عند خصمه مغتصب وعند أهله ضحية.
ويغيب المجرم الأول ،ويطمس الإعلام حكايته بحكاية الآلاف ممن أتى بعده ،
بمعية الإعلام ومن يملكه ومن يقف خلفه.

اقرأ المزيد
٣ مارس ٢٠١٦
آلْآن حزب إيران إرهابي بعد مليون قتيل سوري

صُدم السوريون يوم أمس بسماعهم لخبر هام مفاجئ له دلالات خطيرة عظيمة فقد  "قررت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اعتبار ميليشيات جماعة "حزب الله" اللبنانية منظمة إرهابية، حسبما أعلنت الأمانة العامة للمجلس في بيان على موقعها الرسمي"

هذا الإعلان كان مفاجئا حقا للجميع وأظن حتى من كان يظن نفسه متابعا محترفا ولا تفوته فائتة ذُهل وقال غير معقول ..لابد أن هناك خطأ ما...هل يُعقل أن يكون الخليجيون لم يدرجوا الحزب في قوائمهم للإرهاب إلى الآن وقد أدرجوا غيره كثيرين وبعض الذين أدرجوهم أصلا لا يميز بين المدفع وبوري الصوبية.

وأسرع المتابعون المحترفون إلى الأرشيف ليتأكدوا فوجدوا فعلا أن مجلس التعاون الخليجي لم يعلن قبل اليوم حزب الله اللبناني حزبا إرهابيا وكان أقصى ما صدر هو بيان صدر بعد سنتين وثلاثة أشهر من بداية الثورة السورية في 10 حزيران 2013 ونص البيان باتخاذ إجراءات ضد منتسبي حزب الله العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي تتعلق " بإقاماتهم أو معاملاتهم المالية والتجارية ولم ينص البيان صراحةً على طردهم أو منع دخولهم إلى دول مجلس التعاون الخليجي....

فعلا الآن فقط وبعد خمس سنوات من تدخل حزب الله في سورية صدر إعلان مجلس التعاون الخليجي ليعلن إرهابية حزب الله وجاء في البيان:" ممارسات ميليشيات حزب الله في دول المجلس، والأعمال الاٍرهابية والتحريضية التي تقوم بها في كل من سوريا واليمن والعراق تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والانسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديداً للأمن القومي العربي"

وصاح ذوو الشهداء السوريين : آلْآن وقد شارك هذا الحزب في قتل وتشريد أكثر من ثلاثة ملايين سوري ....آلْآن وقد قتل وشرد السوريين في حمص والقصير وفي القلمون والزبداني وفي حلب وريقها وفي جبال الساحل وفي كل بلدات ريف دمشق ,آلآن وقد ثبت تدخل الحزب وإرهابه منذ الشهر الأول في درعا يوم لم يكن هناك من يحمل عصا من المتظاهرين.

وتابع السوريون المكلومون تصريح الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف بن راشد الزياني الذي قال :"إن دول المجلس اتخذت هذا القرار جراء استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها عناصر تلك الميلشيات لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها."

ويتساءل السوريون متعجبين :لماذا انتظرتم حتى وصل الخطر الأكيد إلى داخل بلادكم ولماذا حرمة دم مئات آلاف السوريين لم تُخرج منكم بيانا مثل هذا من قبل... السوريون يتساءلون: أين كنتم يا خليجيين لمّا هدد قياديون في ميليشيا هذا الحزب ومنذ سنوات مرارا بالوصول إلى الكعبة المشرفة وتحريرها من آل سعود... ألم تسمعوا بعد احتلالهم للقصير كيف تعهدوا بالوصول إلى قبور الصحابة في البقيع لتدنيسها ألم تسمعوا صرخاتهم الطائفية ضدكم, ألم تسمعوا هتافاتهم وهم يتوعدون باجتياح بلادكم بلدا تلو آخر ألم تعلموا أن هناك في إيران من يدير عملية شحن وتحريض بشكل ممنهج وباستمرار باستخدام أساطير تاريخية مؤسسة أصلا للسياسة الإيرانية المعاصرة... والتحريض  يشير إليكم وإلى أجدادكم وعشائركم بكل وضوح وبأسمائكم...

ألم يأن للخليجيين أن يدركوا أن تصريحات الميليشيات الطائفية ليست بعبث أو فلتات لسان, إنما هي قول وفعل ...فعل قد يكون مؤجلا ولكنه في النيّة والبال مهما طال زمن الانتظار.

والبيان صدر في الموقع الرسمي للأمانة العامة لدول مجلس التعاون وكان الأولى والأجدى أن يكون بيانا من قادة مجلس التعاون في مؤتمر لهم عاجل عبر مؤتمر صحفي حافل حتى يكون للبيان أثره وقوته.

والبيان يذكر أن قوانين مكافحة الإرهاب ستطبق على هذا الحزب وكان الأولى والأجدى بل الحل الوحيد أن يفوض القادة الخليجيون الثوار السوريين وأن يقدموا لهم كل أشكال الدعم و بلا حدود ولكل فصائلهم ليعاقبوا هذا الحزب و يقصقصوا أجنحته لينكفئ إلى قفصه ولا يطير إلى أي اتجاه والثوار السوريون عازمون معاهدون فعلا على ذلك لأن هذا الحزب تطاول على الشعب السوري المنتفض العظيم وعلى أرض الشام المباركة.

 

اقرأ المزيد
٢ مارس ٢٠١٦
«تقسيم سورية» كبديل من فشل الهدنة والمفاوضات

لم يعد السؤال «ماذا يريد السوريون» مطروحاً، ولا معبراً عن شعب موجود مصمّم على العيش في سورية واحدة. بل أصبح السؤال: «ماذا يريد الأميركيون والروس والإيرانيون» لسورية وشعبها؟ نعم، هناك نظام ممتلئ الآن بمشاعر انتصار قيد الإنجاز لكن مصيره ليس محسوماً بعد على النحو الذي يتمنّاه، وهناك شعب يناوئ هذا النظام وأصبح معظم أفراده خارج الحدود فيما يعيش الآخرون في ظروف طاردة. ونعم، هناك دول عربية واقليمية تدخّلت متأخرةً ومُكرَهة بالصراع وكانت تفضّل ألّا يحصل، وهي تبدو الآن كما لو أنها خارج الصورة أو مستبعدة لأنها ترفض بالأساس ما يدور في اتصالات اللاعبين الدوليين والاقليميين عن تحويل الأمر الواقع الحالي الى واقع تقسيمي. فهكذا انزلقت أحاديث الكواليس من الانشغال بـ «وقف إطلاق النار» الى ما بعده، سواء نجح تثبيته أو فشل.

لا شك في أن خرائط القتال المتغيّرة على مدى خمسة أعوام، كذلك خرائط المجازر واقتلاع السكان، فعلت فعلها في رسم الحدود بين المناطق وفقاً لهوياتها الطائفية. ولا شك في أن المعارضة لا تزال معنيّة بشمولية قضية سورية شعباً وأرضاً ودولةً، وبإعادة طرح أسئلة الأزمة وتحليلها منذ بدايتها، لكنها باتت وحيدة. فالنظام (شريكها/ عدوّها في التفاوض) لم يتعامل بمسؤولية مع سورية وإلا لما استدرج المواجهة مع الشعب الى العسكرة والاحتكام للسلاح ولما تآمر على البلد وتاريخه وهويته للحفاظ على نفسه، ولن يفلح في ذلك أياً تكن صيغ التقسيم. أما القوى الخارجية فتريد تجاوز كل الوقائع لتتعاطى فقط مع نتائج الاقتتال بغية إنهاء الصراع، ولا ترى فائدة من أي جدل حول مخرجات نظام مستبد بانت حقيقته، ولا تزمع معاقبته في أي حال، رغم إمعانه في الإجرام.

عشية الهدنة الموقتة في سورية، أدارت واشنطن حملة تشكيك مركّزة على نيات روسيا، ليس فقط لانتزاع التزامها «وقف العمليات العدائية» بل أيضاً للتأكد من ضمانها التزام ايران ونظام بشار الأسد. ردّت موسكو بإرسال وزير دفاعها الى طهران وبجولة هاتفية لفلاديمير بوتين. كان الروس والإيرانيون والأسديون صعّدوا العمليات العسكرية فأجهضوا أوائل شباط (فبراير) محاولة لإطلاق المفاوضات السياسية في جنيف، وكانت الحجة أن لا اتفاق بين الأطراف على وقفٍ لإطلاق النار، بل توافق «ضمني» على أن تمضي المفاوضات والمعارك في آن، وهو ما رفضته المعارضة التي حدّدت شروطاً للبدء بالتفاوض - وقف القصف العشوائي (الروسي)، إنهاء الحصارات وإيصال المساعدات الإنسانية، وإطلاق المعتقلين. لم يكن هذا التصعيد على الأرض مبرمجاً فحسب، بل أوحت ردود الفعل الأميركية بأنه حصل خلافاً لـ «التفاهمات» مع روسيا ويكاد يُخرج الوضع عن السيطرة. فإدارة باراك اوباما لا تمانع الضغط على المعارضة كي تقبل بـ «الحل السياسي» المرسوم، إلا أنها تعارض شطبها عسكرياً، ليس فقط لأنه يحبط أي حل بل خصوصاً لأنه سيمدّ «داعش» بآلاف المقاتلين وسيكون بالتأكيد الخطوة التمهيدية لإرهاب «ما بعد داعش».

أدركت موسكو أنها ارتكبت خطأً تكتيكياً لكنها لم تعترف به، بل جاء سيرغي لافروف الى ميونيخ للبحث مع جون كيري في وقف إطلاق النار، وخرج الاثنان لإعلان اتفاق، لكن أيضاً لإبداء تشكيك كل منهما في الآخر، مع فارق أن الروسي أكثر تحكّماً بخططه، ولا يهمّه أن يُتّهم بالخروج عن «التفاهمات» أو عن نص القرار 2254. وقد استهلك الإعداد للهدنة ثلاثة أسابيع، بما فيها من ضحايا ومصابين ومهجّرين ودمار واستهداف منهجي للمستشفيات والمدارس. في الأثناء، استطاع الروس وحلفاؤهم فرض مزيد من التغيير في خريطة السيطرة والانتشار لمصلحة النظام. ولو لم يبلغ التوتر على حدود تركيا نقطة اشتعال مواجهة اقليمية لما اضطر الأميركيون للتفكير في مبادرات (وهذا نادر في نهج اوباما)، منها الضغط على موسكو كي توضح استراتيجيتها:

فإذا كان هدف روسيا تمكين الأسد من السيطرة الكاملة، فإنها تعي جيداً أن نظامه لم يعد قادراً على إدارة المناطق المستعادة بسبب ما هو عليه من ضعف ووهن، لذلك فإنه سيعتمد على الإيرانيين وميليشياتهم، وهذا سيكلّف روسيا صراعاً أطول وسيفتح الباب لتعقيدات جديدة لأن القوى الداعمة للمعارضة ستقدم على رفع مستوى تسليحها بضوء أخضر اميركي أو من دونه.

أما إذا كانت روسيا تجد مصلحة في ترجيح «تسوية سياسية» فعليها أن تغيّر مقاربتها كليّاً، أولاً بإعادة الأزمة السورية الى اطار فيينا والقرار 2254 المتفق عليهما، وثانياً بالتخلّي عن مناورتها بالملف السوري لانتزاع مكاسب في الملف الاوكراني، وثالثاً بوضع حدٍّ لاستفزازها المفتعل ضد تركيا وإلا فإنها ستشوّش على خطط محاربة إرهاب «داعش» وتفسدها.

لكن إدارة اوباما اعتادت على أن لا تتوقع من بوتين سوى عكس ما يعلن وعكس ما يُتفق عليه، فيما اعتادت موسكو على تنازلات اميركية متدرّجة، من قبول التدخّل الايراني الى التكيّف مع التدخل الروسي، ومن القبول ببقاء الأسد الى الرضوخ لحل قوامه حكومة تحت سلطته، ومن استبعاد عملية انتقال سياسي الى غضّ النظر عن تصفية المعارضة... ولم ينتهِ المسلسل بعد، فكلما ضغط الروس وجدوا اوباما ملبّياً. ويبدو أن جون كيري، بصفته المحاور الوحيد للروس، هو الوحيد العارف ما يريده رئيسه، أي لا تدخّل ولا تورّط ولا حسابات خاصة لمصالح الحلفاء والأصدقاء.

ما فات اوباما أن النتائج الكارثية لتدخّل سلفه جورح بوش الابن في العراق تكرّرت على نحو أفظع في سورية في عهده رغم/ أو بسبب عدم تدخّله. لا بد أن كيري يدرك هذه الحقيقة فيما يتولّى عملية الإخراج الجيد لسياسة يعلم أنها سيئة، ثم أن الروس لا يسهّلون له مهمته، لذلك استبق «وقف العمليات العدائية» بجملة مواقف راهن فيها على «الالتزام الروسي» بإنجاح الهدنة كي يمكن تفعيل الجهود الديبلوماسية، وإلّا فإن الفشل سيعني أن سورية «قد تدمّر بالكامل» و «أننا قد نتخذ مواقف أكثر حدّة بما فيها تقسيم سورية» و «وربما يفوت الأوان على إبقاء سورية موحّدة اذا انتظرنا فترة أطول»!... ثم كشف أن رهانه الآخر على الإيرانيين وما إذا كانوا سيعملون «بنية حسنة» لتحقيق «الانتقال السياسي»، فضلاً عن رهانه على الأسد و «اتخاذه بعض القرارات الحقيقية في شأن تشكيل عملية حكم انتقالي حقيقية».

كان كيري وهو يعرض رهاناته الثلاثة هذه كمن يتحدث عن ثغرات خطيرة يعرف مسبقاً أنها ستفسد الهدنة. أما إشارته الى الخطة «ب» فالهدف منها تخدير الحلفاء أو تضليلهم، لأن رئيسه يرفض أي تحدٍّ لروسيا وايران. لكن ما يستوقف هو قفزه المفاجئ الى «التقسيم»، وإذ صاغه بلهجة التحذير للروس والايرانيين والأسد فقد بدا كمن يدعوهم لمباشرة المساومة التي ينتظرونها، طالما أنهم لا يريدون هدنةً ولا انتقالاً سياسياً ولا إنهاءً للصراع، بل بدا كأنه يشير الى ما يُتدَاول فعلاً في الكواليس. بالتزامن، يظهر فجأة مدير سابق لـ «سي آي إي»، مايكل هايدن» ليتحدّث عن «تغييرات اقليمية كبيرة» و «انهيار حدود سايكس - بيكو». وإذا بلافروف يحذّر من أن الارهاب يهدّد بـ «تفكيك الشرق الأوسط». وها هو أحمد داود اوغلو يصرّح بأن تركيا «لن تسمح بتقسيم المنطقة مجدّداً على نهج سايكس - بيكو» وستتصدّى لمحاولات «تقسيم تركيا الى أجزاء صغيرة»...

شهران أو ثلاثة هي المهلة التي حدّدها كيري للاختبارين: جدّية الهدنة، وجدّية مفاوضات الانتقال السياسي. لا أحد يعتقد أن الهدنة ستصمد أو أن المفاوضات ستحقق اختراقاً جوهرياً، إذ يصعب على دعاة «حل عسكري» يرونه ممكناً أن يقدموا التنازلات الضرورية لـ «حل سياسي» يرون الالتفاف عليه ممكناً. أما إذا شاءت واشنطن الانتقال الى الخطوة التالية فقد تُفاجأ عندئذ بأن محبذي التقسيم سيكونون أشدّ الرافضين لضرب «داعش» وبالأخص لأي صيغة لإعادة اللاجئين من دول الجوار أو من ملاذات أخرى.

اقرأ المزيد
٢ مارس ٢٠١٦
شركة اسمها حزب الله
حتى نفهم لماذا توسع «حزب الله» خارج حدوده في لبنان ووصل إلى سوريا واليمن، بل حتى نفهمه بشكل أفضل، علينا أن ننظر إليه كـ«شركة حزب الله المحدودة»، التي تقدم خدماتها لمالكها، النظام في إيران، والسياسيون دأبوا على وصف الحزب بـ«البروكسي الإيراني».
 
والثمن ليس رخيصًا، فالتقارير الدولية التي ترصد أموال إيران، من خلال التحويل، والإنفاق على ميليشيات الحزب ومؤسساته الاجتماعية، تقدر أنه يتلقى من طهران سنويًا تسعمائة مليون دولار. لا أدري لماذا هي تسعمائة مليون وليست ألفًا، قد تكون المائة مليون دولار المتبقية تدفعها إيران لقوى أخرى في لبنان تعمل أيضًا لصالحها.
 
مقابل هذا الثمن الكبير يؤدي «حزب الله» وظائف متعددة لإيران. يخدمها كقوة مقاتلة، تعفيها من التورط مباشرة في الحروب، لهذا كانت إسرائيل تهاجم لبنان، ولا تهاجم سوريا أو إيران، رغم أنها تعلم علم اليقين أن الحزب مجرد أداة، وأن الشعب اللبناني لا حول له ولا قوة. وحرص إيران على مواجهة إسرائيل أمر لا علاقة له باحتلالها فلسطين، بل ضمن لعبة المواجهات الإقليمية. لإيران مطالب تريد فرضها على الغرب وإسرائيل، كالسماح لها بمشروعها النووي، ومد نفوذها على دول الخليج العربية، والعراق أيضًا. وهذا ما جناه الإيرانيون أخيرًا، جزئيًا بفضل ذراعهم «حزب الله»، وبفضل قوى أخرى اشتغلت مع إيران ولا تزال، مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وهو ليس موضوع النقاش اليوم.
 
وكانت «شركة حزب الله» قد افتتحت نشاطاتها في أوائل الثمانينات لصالح طهران، بخطف غربيين، من صحافيين ودبلوماسيين وأساتذة، وخطف طائرات، وتآمرت لتنفيذ اغتيالات وتفجيرات في الكويت والسعودية والبحرين.
 
وقد وسع الإيرانيون خدمات شركة «حزب الله»، فكلفوها بجمع الأموال وغسلها، من وراء تهريب المخدرات وبيعها؛ الهيروين من أفغانستان الذي ينقل عبر إيران، والكوكايين من أميركا الجنوبية، بل وحتى تهريب السجائر في الولايات المتحدة دون دفع ضرائب. وهناك كم من المعلومات عنها على مواقع وزارة الخزانة وهيئة مكافحة المخدرات الأميركيتين. وقد تجرأ «حزب الله» حديثًا على استخدام بعض البنوك اللبنانية التي وقعت تحت طائلة العقوبات الأميركية، وتسبب في وضع كل الجهاز المصرفي اللبناني اليوم تحت رقابة دولية مشددة. وهذه الأعمال الدولية يقوم النظام الإيراني بالتخطيط لها ويستخدم في تنفيذها «شركاته» مثل الحزب.

ومن المؤكد أنه عندما يأتي اليوم الذي يقرر فيه نظام الملالي في طهران وقف التمويل سيتقلص الحزب عددًا ونشاطًا كأي شركة تجارية أخرى، بخلاف ما يتم تصويره كحزب ديني مقدس. ولا ننسى أن «حزب الله»، الذي كان البعض يظن أنه من الإتقان والالتزام الآيديولوجي العميق بدرجة لا تتسرب إليه المياه، مُني بفضائح مالية خلال السنوات القليلة الماضية. اتضح أن قيادات بارزة فيه نهبت من أمواله لأغراضها الشخصية في وقت كان أبناء الطائفة يموتون دونهم باسم العقيدة. كما اعترف الحزب عن كشفه عدة مرات اختراقات خطيرة لجهاز الموساد الإسرائيلي الذي نجح في تجنيد عدد من قيادييه وأفراده.
فهل يمكن لشركة «حزب الله» هذه أن تفلس، وتغلق أبوابها، ككل الشركات عندما تبور بضاعتها؟
 
نتيجة لتوقيع إيران اتفاق البرنامج النووي مع الغرب، هناك احتمال في المستقبل القريب أن تنتهي وظيفة «حزب الله» الرئيسية، وهي مواجهة إسرائيل. ولا بد أن «حزب الله» يدرك هذه الاحتمالية، إن لم يكن قد بُلغ بها بعد. ولهذا نراه الآن يحاول أن يعيد اختراع نفسه كشركة بخدمات أخرى جديدة، يوسع دائرة أفراده كمرتزقة، حيث يقاتلون خارج لبنان خدمة لمصالح إيران في سوريا والعراق واليمن. هنا نفهم أهمية اليمن للحزب اللبناني، فميليشياته وصلت منذ سنوات قليلة إلى شمال اليمن، تقوم ببناء وتدريب ميليشيا الحوثيين التي أطلقت عليها إيران اسمًا مشابهًا، «أنصار الله». وفي الآونة الأخيرة، وبعد أن مني الحوثيون مع حليفتهم قوات الرئيس المعزول علي صالح، بهزائم جسيمة، وفقدوا السيطرة على معظم محافظات اليمن، كثف «حزب الله» من وجوده يحاول أن يفتح جبهة ضد السعودية على حدودها الجنوبية في محافظة صعدة، معقل الحوثيين. وهناك أنباء تؤكد وجود مقاتلي الحزب في مناطق نزاعات بعيدة أخرى، يقاتلون هناك كمرتزقة.
 
ويبدو أن الشركة الحزب تستحدث خدمات جديدة بديلة عن مواجهة إسرائيل مع تبدل حاجات إيران، بقتال السوريين، وربما الأتراك لاحقًا. وتقوم بتدريب ميليشيات شيعية متعددة الجنسيات لتكوين جيش من المرتزقة يتبع فيلق القدس، في الحرس الثوري الإيراني. «حزب الله» قام بتدريب «حزب الله العراق» و«عصائب الحق» وغيرها من الميليشيات الشيعية المتطرفة، التي تحارب بالنيابة عن طهران في سوريا والعراق اليوم، وتوسيع دائرة القتال في اليمن، وغيرها.
اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢١ مايو ٢٠٢٥
بعد سقوط الطاغية: قوى تتربص لتفكيك سوريا بمطالب متضاربة ودموع الأمهات لم تجف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٠ مايو ٢٠٢٥
هكذا سيُحاسب المجرمون السابقون في سوريا و3 تغييرات فورية يجب أن تقوم بها الإدارة السورية
فضل عبد الغني" مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ مايو ٢٠٢٥
شعب لا يعبد الأشخاص.. بل يراقب الأفعال
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
١٥ مايو ٢٠٢٥
لا عودة إلى الوطن.. كيف أعاقت مصادرة نظام الأسد للممتلكات في درعا عودة اللاجئين
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
١٤ مايو ٢٠٢٥
لاعزاء لأيتام الأسد ... العقوبات تسقط عقب سقوط "الأسد" وسوريا أمام حقبة تاريخية جديدة
أحمد نور (الرسلان)
● مقالات رأي
١٣ مايو ٢٠٢٥
"الترقيع السياسي": من خياطة الثياب إلى تطريز المواقف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد