
القمامة وتقديس حسن نصر الله
لعل «أهضم» ما في موضوع حسن نصر الله هو قناعته ومؤيديه أنه من غير المسموح أبداً انتقاده أو التعرض لشخصه بأي صورة من الصور، لأن له «قدسية»، وأنه شخصية «دينية» لا يمكن التعرض لها. حقيقة لا أعلم شروط وماهية التصنيف الديني الذي اعتمد عليه حسن نصر الله! فالكتب السماوية مليئة بالشخصيات الشريرة المذكورة في سياق السرد الديني، شخصيات مثل إبليس وفرعون وأبو لهب، لكن بطبيعة الحال من الممكن التعرض لهذه النوعية من الشخصيات بعين الاعتبار، خصوصاً إذا ما تمعنا في سجل حسن نصر الله الأسود المتعلق بالإرهاب والدموية والغدر والقتل، والأمثلة المذكورة لذلك كثيرة جداً. والغريب أن أحد أهم وأكبر أبواق تنظيم حزب الله الإرهابي النائب في البرلمان اللبناني محمد رعد، حينما تم انتقاده وبشدة، بسبب هجومه العنيف على بطريرك الموارنة في لبنان نصر الله صفير آنذاك، قال مدافعاً عن موقفه إنه ما دام البطريرك «دخل» في المعترك السياسي فلا قدسية ولا مكانة خاصة له، ويصبح بالتالي مثله مثل أي سياسي آخر في لبنان عرضة للانتقاد، وطبعاً حسن نصر الله تخطى مكانه السياسي، ليصبح إرهابياً وبامتياز ومنذ زمن ليس بالقليل.
اللعبة الخبيثة التي يلعبها حسن نصر الله وميليشياته في لبنان هي جزء من فكرة شيطانية أكبر، الغرض منها تفريغ لبنان تماماً من عمقه الطبيعي والاستفراد بالسلطة بالقوة الجبرية، فهو تمكن من تعطيل انتخاب رئيس جمهورية، بل وبالامتناع التام عن حسم الترشح لصالح أحد المرشحين الاثنين المعلنين في الانتخابات الرئاسية اللبنانية، وكلاهما محسوب على التيار المؤيد لحزب الله، وطبعاً يبقى الموقف غريباً ومريباً جداً، لماذا يرفض حزب الله حسم قرار الترشيح إلا إذا كان هناك غرض آخر في نيته، وهو تفريغ البلد بأكمله من مؤسسات الحكم كافة، ليبقى الوضع تحت السيطرة للفريق الوحيد المسلح، والقادر على الحسم على أرض الواقع. بمعنى آخر حزب الله يستعد لاختيار رئيس الجمهورية القادم من «جماعته» وليس من «التيار المؤيد له»، ولعل خطابات الإرهابي حسن نصر الله الأخيرة أظهرت نوعاً من السذاجة السياسية المتطورة في وصفه بأن أعظم لحظات حياته كان موقفه من أحداث اليمن، وليس المواجهة مع إسرائيل، وهو يؤكد بذلك دوره الخبيث والحقير في تأجيج الصراعات في المنطقة بالأسلوب الإجرامي الذي خطه لنفسه.
أكثر ما يضحك هو قناعة حسن نصر الله ومؤيديه بأنه شخصية مقدسة، وهو يطرح فكرة التقديس بصورة عامة باعتبارها طرحاً فكرياً يستحق النقاش، فهناك من عبد البقر وأجلّ الفيلة وتبارك بالأسود وعبد الأشجار، وبالتالي لا غرابة أن يتم الاعتقاد بقدسية حسن نصر الله. العقول المغيبة تفعل أكثر من ذلك بكثير. مسكين لبنان إذا كان فيه ناس تعتقد بقدسية نصر الله، لكنه ذات البلد الذي لم يستطع أن يجمع قمامته بعد مضي سبعة أشهر على أزمتها.