
"النصرة" الجريحة أمام خيارين .. إما فتح الحرب على كافة الجبهات أو التماهي مع "أخوة المنهج"
طفت للسطح بشكل فاضح التصرفات التي يرتكبها بعض منتسبي جبهة النصرة ، التي زادت من الاحتقان الشعبي ضدها ، وانعكست على سويت القبول الشعبي و لتصل لمرحلة قريبة من فقدان الآمان "الحاضني" لها ، تصرفات لايمكن الدفاع عنها دون وجود هجوم عكسي عليك أو التعامي عنها الذي يقود هو الآخر لحملة أقسى ، و بين هذا و ذلك يوجد تبرير يجب سوقه في خضم الضياع الحالي الناتج عن جهل عميق بالسيناريو المرسوم لسوريا .
الهجوم على جبهة النصرة و انتقاد تصرفات بعض أمراء القواطع ، لايمكن أن يكون بمعزل عن قراءة الوضع العام للنصرة بعد الهدنة ، التي تسببت بجرح غائر نتيجة شعور النصرة أنها وحيدة بين جميع من حولها ، الذين وافقوا على هدنة توجب قتالها ، الأمر الذي حولها لـ"نمر جريح" يعاني من تخبطات كثيرة و ضياع حول العمل في المرحلة القادمة اذا ما تمت امور المفاوضات السياسية ووصلت إلى بر الهدوء التام و الانطلاق نحو التسوية النهائية ، التي أحد بنودها قتال النصرة و المتشددين .
لايبدو أن خيارات النصرة متعددة و متشعبة ، فهي أمام خيارين لاثالث لهما و كل خيار يحمل من المرارة ما يكفي لأن يكون بمثابة الذهاب للموت .
و أول الخيارات المطروحة هو اجراء نوع من الاندماج و التوحد مع الفصائل التي اتخذت مسميات عديدة و لكن تتفق نسبياً بالمنهج كـ"جند الأقصى"و "التركستان" و آخرون ، ليشكلوا جبهة موحدة لمحاربة الجيمع سواء على المستوي العالمي أم علي المستوى الداخلي ، مواجهات ستقود لقتال رفقاء المعارك في الماضي ، داخل مناطق متداخلة السيطرة لحد كبير ، لدرجة أن تخاض الاشتباكات داخل الحي الواحد ، و هي تشبه الجلوس داخل “أتون” النار و الحرب مع كل الجهات .
ثاني الخيارات الذي قد يكون أكثر قرباً للواقع ، وهو حللت الأمور الخلافية بينها و بين "داعش" و العودة إلى ذات الحالة الأصيلة ، فالنبع واحد و خلافات البيعة يمكن حلها ، و بالنسبة للعجلة التي اتهمت بها داعش باعلان الخلافة ، هي أيضاً تملك امكانية الحل ، وهنا سيكون الموقف نسبياً أقوى اذ أن الطرفان يملكان امكانيات بشرية و مادية و تسليحية يجعل منهما قوة لايستهان بها ، وهي ما يمكن تسميته بـ”الانصهار “ مجدداً في الأصل.
بين الحرب داخل النار ، الانصهار من جديد ، تقف النصرة حائرة ، تتصرف بتصرفات مريبة و متوترة، لتنفس عن جزء من النقمة و الألم المتولد عن ماتعتبره جرح "الخيانة" بعد تركها وحيدة ، و هي تعتبر نفسها فرداً أصيلاً في التركيبة السورية بعد أن قدمت ماقدمته .