مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٨ يناير ٢٠١٦
أميركا تختار "رحيل الشعب السوري" بدل "رحيل الأسد"

كشفت الولايات المتحدة عن وجهها وخياراتها وانحيازاتها في سورية: لا للشعب السوري نعم لبشار الأسد، لا للسعودية وتركيا نعم لروسيا وإيران. لعبة الأمم وموازين القوى تنتصر للظلم في سورية. الأولوية لمحاربة الإرهاب، كما يقولون. لكن، مع «حل سياسي» كالذي تطبخه «تفاهمات كيري – لافروف»، لا تسألوا غداً لماذا هناك تطرّف، ومن أين يأتي، لأن تلك «التفاهمات» تؤسس لتوّها إرهاب «ما بعد داعش».
شطبت أميركا يوم 23 كانون الثاني (يناير) 2016 كل ما قاله مسؤولوها، بدءاً من باراك أوباما، عن النظام الذي فقد شرعيته، والأسد الذي يجب أن يتنحّى، وأن يرحل، ولا مستقبل له... بل شطبت «بيان جنيف». لم يعد له وجود، كما أراد الروس، وكما أراد الإيرانيون. أسقطت الغموض والأوهام التي اكتنفت «بيانات فيينا»، وسلّمت للتفسير الروسي للقرار 2254 الذي تلاشت مرجعيته لأي مفاوضات، فـ «الحل السياسي» المزعوم، وفقاً لإملاءات جون كيري على المعارضة، يعود الى مشيئة النظام وزمرته و «معارضته» المزيفة و «النقاط الأربع» الإيرانية وأنياب «الدب الروسي». تلك كانت حصيلة «عملية فيينا» التي ترافقت باللازمة القائلة أن أميركا لا تزال مختلفة مع روسيا على «رحيل الأسد»، غير أن لقاء كيري مع المعارضة في الرياض أظهر أن أميركا وروسيا اتفقتا أخيراً، لكن على «رحيل الشعب السوري».
إذاً، فلا حل بل مجرد دعوة للاستسلام وعرض للإذعان يكلفان المزيد والكثير من الدم والدمار. وما جاء به كيري الى المعارضة هو تهديد بـ «حسم عسكري» لن تتدخّل الولايات المتحدة للجمه ولن تساعد على مواجهته، أي أنها موافقة عليه ومساهمة فيه. لم تكن هناك أي سياسة في كلامه، بل إبلاغ فاقع الوقاحة بأن أميركا حسمت خياراتها بالانقلاب على الشعب السوري، وليست لديها أي ضمانات له. فلا «انتقال سياسي» ولا «هيئة حكم انتقالي» ولا «حكومة بصلاحيات كاملة»، لا لوم للنظام ولا محاسبة معه إن أفشل المفاوضات، إذا جرت، ولا دعم للمعارضة بعد اليوم سواء ذهبت الى المفاوضات أم لم تذهب... وذلك كلّه لا يشكّل «شروطاً مسبقة»، في نظر الوزير الأميركي، إذ إنه اتفق مع نظيره الروسي على «مفاوضات بلا شروط مسبقة». لا يمكن أن تكون هناك مقدمات أكثر غرابة بل وحشية لمفاوضات يراد منها إنهاء صراع دامٍ كالذي يدور في سورية.
لمن لا يزالون يسألون «عما بعد الاتفاق النووي»، ويترقبون مؤشراته متسائلين هل ستتغير إيران، جاءهم الجواب مدويّاً: أميركا هي التي تغيّرت. الى حدّ إظهار وجه أكثر قبحاً من ذلك الذي اكتسبته في حقبتها الفيتنامية. فعلت ما كان متوقّعاً منها، فكل الشكوك التي ساورت الحلفاء والأصدقاء حيال مواقفها تحقّقت الآن: لم تكن يوماً من «أصدقاء الشعب السوري»، بل كانت تخادع وتراوغ. اتخذت هذا الشعار ستاراً للتفاوض مع الروس. ولم تكن لديها استراتيجية فانخرطت في استراتيجية موسكو. فعلت ذلك بعد فضيحة السلاح الكيماوي، وكررته في مختلف المراحل، وواظبت عليه على رغم القطيعة بسبب أوكرانيا. بل خرقت تلك القطيعة فجأة لاستدعاء الدور الروسي الى أن أصبح تدخلاً مباشراً، كأنه ينوب عنها الى سورية.
في الشهور الماضية، قبل لقاءات فيينا، سكتت واشنطن وتركت الروس (والإيرانيين) يديرون الأزمة وحدهم. وإذا تدخّلت فلمساعدتهم، لا لمعارضتهم، أو حتى لتحسين عروضهم. وقد ركّز الروس (والإيرانيون) على مصادرة مهمة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وتوجيهها، وسط تجاهل أميركي تام لكون المبعوث حسم قناعاته الشخصية لمصلحة وجهات نظر النظام وروسيا وإيران، ولم يعد يرتاح الى ما يسمعه في الرياض أو في أنقرة والدوحة. وعندما أدلى أوباما بآرائه الساخرة عن المعارضة، كان يعلم أن دي ميستورا في صدد تغيير خريطة المعارضة المقبولة روسياً (وإيرانياً) في المفاوضات، معوّلاً على مشاورات طويلة أجراها خلال الربيع الماضي في جنيف، مع هيئات وشخصيات سورية أفضت به الى اعتبار أن ما تُسمّى «معارضة» هي جزء يكاد يكون «هامشياً» في الصراع لولا الفصائل المقاتلة التي كانت آنذاك ماضية في انتزاع مناطق من سيطرة النظام، وأن أي مفاوضات يجب أن تشمل طيفاً أوسع مما يقدمه «الائتلاف» أو «هيئة التنسيق» ليضم «معارضات» موسكو والقاهرة وأستانا (كازاخستان).
لذلك جاء الروس مصمّمين، منذ بداية تدخلهم، على ضرب الفصائل المقاتلة وإقصائها من المعادلة. كان مفترضاً أن يأخذوا في الاعتبار ما عناه حضور مندوبين عن هذه الفصائل مؤتمر الرياض، إذ جاء معبّراً عن استعدادهم للانخراط في حل سياسي، وعن إرادة الدول الداعمة للمعارضة إنهاء الصراع سلمياً. لكن اغتيال زهران علوش، قائد «جيش الإسلام»، والاغتيالات الأخرى التي أعقبت ذلك المؤتمر، واستمرّت مع صدور القرار 2254 وبعده، أوضحت أن الروس يريدون استفزاز المعارضة العسكرية ودفعها الى الانسحاب من أي عملية تفاوضية، وبالتالي ترك المعارضة السياسية وحيدةً ومستضعفةً وعرضةً للضغوط والعبث بوفدها وموقفها، سواء من خلال دي ميستورا أو بالشروط الروسية التي أكد كيري الموافقة الأميركية عليها.
منذ البداية، قرّرت روسيا وإيران والنظام أن لا مجال لأي منطق في الأزمة السورية، والألاعيب التي تُخاض حالياً تكاد تضع المفاوضات في مهب الريح، كأن التدويل في فيينا ثم في مجلس الأمن لم يقدّم ولم يؤخّر بل أبقى الأزمة في كنف استبدادية الأسد. والواقع، أن المعارضة اعتبرت المناورات الروسية - لاختراق وفد المعارضة أو استنباط وفد «معارض» ثانٍ، لتصبح المفاوضات ثلاثية شكلياً أو بالأحرى ثنائية بين المعارضة ووفدَي النظام و «معارضته» - هي وصفة مكشوفة للتلاعب المبكر بمسألة «الانتقال السياسي»، وبالتالي لإفشال المفاوضات والمصادرة المسبقة لنتائجها، طالما أن الضغط الدولي، خصوصاً الأميركي، يندر أن يلعب لمصلحة المعارضة، ويهجس دائماً بإرضاء الروس، سواء بذريعة الأولوية لمحاربة «داعش»، أو بدوافع أخرى تتكشّف بين حين وآخر عن نيات واشنطن.
اتضح الآن، أن تحليل المعارضة هذا لمواقف روسيا كان ساذجاً الى حدٍّ ما، وفيه مراهنة ضمنية على «صلابة» ما في الموقف الأميركي. لكن كان هناك مَن يردّد باستمرار «فتّش عن التفاهمات الأميركية – الروسية»، محذّراً دائماً من وجود حلقة مفقودة لا بد أن تظهر في لحظة حاسمة. تلك اللحظة كانت اقتراب استحقاق التفاوض. فطوال الأسابيع الماضية لم يكن ممكناً أن تتصرّف موسكو الى هذا الحدّ ضد القرار الدولي 2254، وأن ترتكب مباشرة مجازر يومية في حق المدنيين في مناطق المعارضة، وتؤمّن تغطية كاملة للحصارات التجويعية والقصف بالبراميل، من دون أي اعتراض أميركي، لأن عدم الاعتراض هنا عنى تفاهماً وموافقة. لم يكن صحيحاً على الإطلاق أن هناك اختلافاً حقيقياً بين نظرتَي الأميركيين والروس الى الفصائل المقاتلة وتمييز «المعتدلة» منها عن «الإرهابية». كان تقويمهم متقارباً، ومتطابقاً أحياناً، إذ عمدوا معاً الى استخدام التجويع وسيلة للضغط لانتزاع تنازلات مسبقة من المعارضة قبل ولوجها في التفاوض.
هذا ما تولاه الوزير كيري، باسم «التفاهمات»، عندما أنذر المعارضة بأن خيارها الوحيد هو الذهاب الى مقامرة خاسرة مسبقاً في جنيف، قد تصبح خاسرة أكثر، بل كارثية إذا قادها الانفعال الى تعطيل المفاوضات. ثم قيل للمعارضة أن بين الخيارين السيئين، يبقى دخول المفاوضات أقلّهما سوءاً، لأنها ستجد فرصة لطرح رؤاها ومطالبها، ولأن حضورها وحده سيجرّ النظام نفسه الى عملية التفاوض التي يكرهها وطالما تهرّب منها، وعندئذ فقط ربما تستطيع واشنطن أن تساعدها، أما اذا قاطعت فستؤدّي خدمة للنظام وتضع حدّاً لأي دور أميركي قد يخفف من إجحاف الشروط الحالية. سبق أن قيل ذلك للفلسطينيين كي يُقبلوا على التفاوض، وقد فعلوا على رغم أنهم كانوا متيقّنين بأن الأميركيين سيخذلونهم، وهو ما حصل. لكن الشعوب التي يحاصرها الظلم من كل جانب لا تستطيع أن تفوّت أي فرصة مهما بدت سرابية وكاذبة.

اقرأ المزيد
٢٧ يناير ٢٠١٦
«الفخ» في جنيف والصِّفر المكعَّب

الروس والأميركيون يحرصون على «مبادئ» في إدارة ملف الحروب السورية، على الأقل هذا ما اجتهد الرئيس فلاديمير بوتين للإيحاء به، وبَذَلَ الجانب الأميركي جهداً دؤوباً لتبديد انطباع حول «عصا» روسية قيل إن وزير الخارجية جون كيري لوّح بها للمعارضة السورية في الرياض.
لا جديد في دفاع بوتين عن «القيادة الشرعية» في دمشق، ولا تبدُّل في حديث واشنطن عن «فقدان» الرئيس بشار الأسد «شرعيته». وإذا كان الاشتباك الروسي- التركي عشية مفاوضات جنيف انعكاساً للتأزُّم المستمر بين موسكو وأنقرة، كما دفاع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن مشاركة حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري في المحادثات، فالمضحك هو إصرار الكرملين على انه لا يتدخَّل في الشأن السياسي لسورية.
نكتة ثانية سوداء في نفق النكبة السورية، أن يتحدى لافروف مَنْ يجد دليلاً على قتل الطيران الحربي الروسي مدنيين، خلال غاراته التي تعتمد نهج الأرض المحروقة... تدكّ أبنية سكنية، لكنّ صواريخها تميِّز بين «الإرهابيين» الدواعش والأطفال والنساء الذين يلتحفون ركام وطن.
كان هدف الوزير قبيل ساعات من حسم الهيئة التفاوضية العليا للمعارضة قرارها في شأن الذهاب إلى جنيف، افتعال عقدة جديدة في وجه الهيئة، موجّهاً في آن رسالة أخرى لا تخلو من تهديد مبطّن: التسوية تريدها موسكو نهائية. فإذا انطلق قطار المفاوضات بمن حضر، أمكن الروس اتهام الهيئة بعزل نفسها، وبرفضها إيجاد حل لمآسٍ عمرها خمس سنوات... وأمكنهم أيضاً تقديم وجوه معروفة متَّهمة بعلاقة مع النظام السوري، بأنها الممثل الشرعي للمعارضين الذي سيتقاسم مع الحُكم تشكيل «حكومة الوحدة الوطنية».
حقل الألغام أمام الهيئة لا يبدأ ولا ينتهي عند تمثيل حزب الاتحاد الديموقراطي، أو قبول بدء التفاوض في ظل محاصرة النظام مدناً منكوبة والغارات التي يتباهى بها الجيش الروسي، والتخلّي عن وقف النار أولاً. ومهما فعلت واشنطن أو كيري، فالشبهة الكبرى لدى فصائل معارضة عديدة هي أن التوافق الروسي- الأميركي في زيوريخ، عشية رحلة كيري إلى الرياض، يعزّز القلق من احتمالات جر الهيئة التفاوضية العليا إلى «فخ» في جنيف، حيث السقف الأعلى قبول التعايش مع نظام الأسد في «حكومة وحدة»، ومصير الرئيس مؤجل، وأي إصلاح لا يمر إلا بموافقته.
قد يكون من المبالغة، بعد توضيحات المبعوث الأميركي مايكل راتني ملابسات ما حصل خلال اجتماع كيري والمنسق العام لهيئة المعارضة رياض حجاب، اتهام الوزير بـ «تواطؤ» مع لافروف الذي يدرك ما هو «منصف» وما هو «مجحف» في تشكيلة وفد الهيئة الى جنيف... ورغم تطمين كيري المعارضة إلى استمرار دعمها ولو فشلت المفاوضات، فالسؤال محوره امتناع واشنطن عن تقديم أي ضمان لمن كان يُفترض أن يعدّوا لهيئة انتقالية في الحكم، كاملة الصلاحيات. هكذا بات مصير الأسد «شأن السوريين»، واقتلاع «الإرهاب» في بلادهم مهمة الروس، ولو سقط في غارات «السوخوي» عشرات من القادة الميدانيين الذين يقاتلون النظام.
إذاً، بات التوافق الأميركي- الروسي، بعد زيوريخ يشمل مصير الأسد الذي لم تَعِد موسكو بمنحه اللجوء، ولا النظام طلبه. وإذا كان السوريون قاتلوا خمس سنوات وضحّوا بربع مليون شخص، وملايين شُرِّدوا، فكيف تستقيم «جنيف 3» وما بعدها، بعد ستة أشهر، وخصم المعارضة باقٍ بقوة هراوة بوتين وصواريخه؟ كم من السوريين مرشّحون للإبادة بالصواريخ والبراميل، قبل أن يطمئن سيد الكرملين إلى انتصاره على «داعش»... من سورية إلى أفغانستان وجورجيا؟
لعل كيري المتعب بجولات الاتفاق النووي الإيراني، والتطبيع الأميركي- الكوبي، وعناد بغداد الذي ضيَّع الموصل في عتمة ليل، طلب من سيرغي «الرأفة» بالمعارضين السوريين بعد إقناعهم بـ «البديل المرعب» للتفاوض... في «قفص» جنيف الروسي مزيد من الغرف للوفود، وستة أشهر كافية لتفتيت أي منها.
رغم كل ذلك، موسكو «لا تتدخل» في السياسة، يقول بوتين منتشياً بتفويض أميركي عابر للقارات. وهو حتماً لا تقلقه برامج واشنطن لتدريب المعارضة، ولا مرارة إيران التي سحب منها بساط الشام إلى حين.
في أزهى فصول جنيف، حال المعارضة أنها مهما فعلت لن تمرّر أي بند إلا إذا قبله النظام السوري، وبافتراض تنازلها عن ورقة مصير رأسه. أي مفاوضات إذاً؟ ستة أشهر أخرى كم ستكلّف من القتلى الأبرياء، ودمار مدن، وتقطيع ما تبقى من أوصال وطن، بعدما تنقّل من احتلال إلى احتلال؟
الكرملين لم يقل كلمته النهائية، وليس بين السيناريوات المحتملة أن ينجز مهمته مع «داعش»، ويعيد سورية المنكوبة إلى أحضان إيران «المنتصرة» في حضن التطبيع مع الغرب.
جمهورية المرشد تتبادل الغزل مع «أعداء» الأمس، وتبني أساطيلها. تشتري طائرات «الشيطان»، فيما نشتري النعوش، ولا نحصي... في سورية كما في العراق.

اقرأ المزيد
٢٦ يناير ٢٠١٦
بعد وهم "الموك" درعا تتهاوى أمام هواجس "داعش"

يبحث الكثيرون عن مبررات للهدوء الذي شهدته جبهات درعا طوال الأشهر الماضية ، و طبعاً كانت الشماعة جاهزة والمتمثلة بغرفة "الموك" التي تتهم بأنها السبب وراء كل هذا ، اضافة للاقتال مع المبايعين لداعش ، في اللجاة ، واضيف لها اليوم حركة "المثنى" التي وجد فيها سبب أساسياً وراء التآكل الحاصل للمناطق المحررة و الضغوط المستمرة و المتواصلة من النظام لخنق درعا من جديد بعد أن كانت أول من تنفس الحرية .

تغيير وجهة "الصائل" من النظام و أعوانه ، إلى أحد الفصائل التي لم يثبت حتى اللحظة أي دليل عملي أو حتى نظري بأنها مبايعة لداعش ، كما أنه لم يتم التيقن بأن عمليات الخطف و الاعتقال التي شهدتها درعا ، تقع مسؤليتها على هذا الفصيل ، و في الوقت ذاته لايجوز إلقاء اللائمة عليهم أيضاً في سقوط الشيخ مسكين ، التي واجهت معارك ضارية قرابة شهرين ، ولم تحظى بالمؤازرات التي كانت تمثيلية أكثر منها فعلية .

لست في موقف المدافع عن هذا الفصيل أو التشكيل ، و لكن هناك دائماً من يحاول العبث بعلاقاتنا و افسادها و تشتيت الصفوف أكثر فأكثر ، تارة بالاغتيالات التي تبقى ضد مجهول ، و تارة بالاختراقات التي تصيب الكثير ، والتي يتولد عنها تصرفات تنسف العلاقات التي تجمع الفصائل ، وما شهدناه في درعا سواء من اغتيالات و خطف و اختراق صفوف الفصائل هو دليل على أن الجبهة الجنوبية هي الهدف الجديد للعدو الروسي الذي يجتهد على قاعدة التفتيت الداخلي و الضرب القاسي من بعده .

في درعا للفصائل خصوصية غير موجودة في مكان آخر ، نظراً للروابط الأسرية و العشائرية التي تحكم العلاقة بين الفصائل ، و الأهم وجود الحكماء و زعماء العشائر ، القادرين على تخفيف الاحتقان، و لكن هذه الميزة وحدها لاتكفي ، بل بحاجة إلى تعقل من الجميع و الأخذ بنظرية المؤامرة من العدو الأوحد للشعب السوري ( النظام و الدول الموالية له ) ، لا أن يكون هذا الخيار هو الأخير أو على الأقل الثاني بل يجب أن يبقى الأساس و الأصل في كل شيء يحدث و كل ماعداه عبارة عن شيء ثانوي .

في درعا كما توصف بأنها درع الثورة هناك خلل يمكن اعتباره مؤقت ، و لكن خلل كلف حتى الآن خسارة كبيرة لنقطة استراتيجية ، ولكن لن تكون الأخيرة إذا ما بقي الحال على ماهو عليه ، و من وصل إلى الشيخ مسكين لن يتوقف عندها ، و حتماً سيستمر ، ولكن من الحتمي أيضاً أننا لن نقول أن "الموك" منع السلاح و كذلك أن فصيلاً جديداً بات "صائلاً"و أن النظام و مساندين مجرد "جائلين".

اقرأ المزيد
٢٦ يناير ٢٠١٦
خيار المعارضة هو الوفاء لبطولات الشعب وحقوقه ورفض الاستسلام

أصبح من الواضح الآن، بعد ما تسرب من المحادثات التي دارت بين الوزير الأمريكي جون كيري ومنسق الهيئة العليا للمفاوضات الدكتور رياض حجاب أن صفقة قد عقدت بين واشنطن وموسكو تتولى بموجبها روسيا إنهاء الملف السوري على قاعدة تصفية المعارضة المسلحة وتأمين مقعد صغير للمعارضة السياسية في حكومة "وحدة وطنية" تنافي اسمها. وهذا يعني أن الحل الذي تم الاتفاق عليه بين الدولتين الأكبر هو الحسم العسكري لصالح النظام مع التمهيد لجلب المعارضة إلى الطاولة ليس لمفاوضات حول تشكيل هيئة حاكمة انتقالية، وإنما للتوقيع على صك الاستسلام.
والحقيقة أن هذا الاستسلام لن يتأخر إلى أن يتم القضاء على آخر مواقع المعارضة المسلحة ولكنه يبدأ منذ الآن بطلب الانصياع لإملاءات موسكو وواشنطن في استبعاد ممثلي المعارضة المسلحة من الوفد المفاوض واستبدالهم بشخصيات محسوبة على موسكو وطهران ومقبولة من النظام، وفي التوقف عن المطالبة بإجراءات الثقة أو بفصل الملف الانساني وحماية المدنيين من القصف والتجويع المنهجي عن الملف السياسي، والقبول بوجود الأسد وحقه في المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة، والقبول بحكومة وحدة وطنية في إطار النظام القائم والكف عن الحلم بالانتقال نحو نظام ديمقراطي يوقف آلة القمع والترويع والارهاب التي حكمت السوريين حتى الآن وتحكمت بهم ويفتح الباب أمام عهد من الحرية والكرامة وحكم القانون والمساواة.
مثل هذه النهاية الكارثية لثورة ضحى فيها الشعب بأكثر من نصف مليون شهيد وملايين الجرحى والمعطوبين للأبد والمهجرين والمشردين، ودمر فيها ٧٠ بالمئة من العمران والبنى التحتية والمرافق العامة، لاتعني القضاء على آمال الشعب السوري في التحرر من كابوس إرهاب الدولة الذي قبع على صدره عشرات السنين وإنما تحطيم معنوياتها وثقته بنفسه إلى الأبد والقضاء على أي حلم بالتحرر والانتعتاق لشعوب المنطقة بأسرها.
تعتقد موسكو التي أعلنت عن وجود طاولة مفاوضات أخرى في دمشق، وتعتقد واشنطن التي هددت بقطع المساعدات أنه لايوجد أمام المعارضة في هذه الحال خيار آخر غير الإذعان أو الخروج من اللعبة.
والحال، إذا لم يكن الحل المطروح هو تسوية تسمح بوضع حد لنظام الارهاب وفتح طريق الانتقال الديمقراطي، فليس هناك أي سبب كي تذهب المعارضة بنفسها إلى المذبحة المعدة لها. وليس هناك أي حرج على المعارضة في أن ترفض الدخول في محادثات هدفها تصفية الثورة والمعارضة وتثبيت نظام الجريمة المنظمة والإبادة الجماعية كما اعترفت به تقارير المنظمات الحقوقية والانسانية الدولية نفسها.
ليس للمعارضة أي اعتراض على أن يضم النظام القائم لحكومته سوريين يعملون لصالح الروس أو الايرانيين أو الأمريكيين أو غيرهم. فهذا شأنه. لكن مثل هذا العمل لا علاقة له بمفاوضات الحل السياسي المنشود والمطروح، ولن ينجم عنه سوى حكومة المزيد من الوصاية الأجنبية والانقسام الوطني بدل "حكومة الوحدة الوطنية" المزعومة. وهو لن يقدم أي حل للأزمة ولن يخرج البلاد من الحرب.
فالمشكلة ليست في ايجاد بعض المناصب الوزارية لمعارضين باطلين عن العمل، وإنما الاعتراف بحق الشعب في اختيار ممثليه وقادته، وفي ممارسة حقوقه الأساسية التي تضمن له العدالة والمساواة والحرية والكرامة. المهم هو الشعب ومكانته في النظام الجديد أما المعارضة ومناصبها فأمر ثانوي. واستبعاد هذا الشعب من جديد، وتصفية ما نجم عن ثورته من قوى وتشكيلات، هو الهدف الرئيسي للمخطط الروسي الايراني المدعوم من واشنطن اليوم.
قبول المعارضة بالمساومة على حقوق الشعب هذه لن ينهي النزاع، ولن ينقذها من مصيرها المحتوم. بالعكس، برفضها الانتحار تحتفظ المعارضة بشرف تمثيل المقاومة الشعبية الباسلة التي هزمت أكثر من دولة وجيش، وتضمن أن تولد من صلبها في المستقبل معارضة سياسية فعلية، وأن لا تذهب دماء الشهداء سدا، وأن لا تنجح دول الانتداب الجديد في غسل النظام القاتل من جرائمه، وتبرئته من المسؤولية عن الكارثة التي حلت بالوطن والشعب، وأن تحول دون إدانة الشعب وإعادة إضفاء الشرعية على حكم القتلة المسعورين.
لا الروس ولا الامريكيون ولا الايرانيون ولا أي دولة أخرى قادرة على فرض الهزيمة على شعب قرر الخلاص والانعتاق. وإذا لم يكن هناك خيار آخر أمام السوريين غير الخيار الفيتنامي والأفغاني للاحتفاظ بحقهم وسيادتهم على أرضهم وتقرير مصيرهم، وهو أصعب الخيارات وأكثرها إيلاما، فهم ليسوا أقل شجاعة ولا بطولة من الآخرين. والشعب الذي يقبل بالإذعان ويتخلى عن كرامته لا يبقى لديه سبب للبقاء والارتقاء، ويعيش في التعاسة والذل إلى أن ينفرط عقده ويذوب.


اقرأ المزيد
٢٥ يناير ٢٠١٦
الروس تمادوا كثيراً والعرب معظمهم صامتون!

لأنها تجاوزت كل ما يمكن احتماله والصبر عليه فإنه لا يجوز ترك روسيا تتلاعب كل هذا التلاعب بوحدة سورية واستقرارها وبمستقبل شعبها، فصمت العرب على ما يفعله الروس في هذا البلد العربي والرئيسي شجعهم ويشجعهم على التمادي في ما بقوا يفعلونه على مدى نحو خمسة أعوام ماضية، ما سيعرض هذه المنطقة كلها لأخطار فعلية جسيمة.
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد حذر أكثر من مرة، دون سامع أو مجيب، من أن هدف احتلال روسيا لسورية هو إنشاء دويلة طائفية ومذهبية (علوية) في منطقة اللاذقية وما حولها، مع شريط أرضي يحاذي حماة وحمص من الغرب، ويصل إلى دمشق، وله تماس مع تواجد حزب الله (الاحتلالي) على الجانب اللبناني من الحدود السورية – اللبنانية.
وحقيقة إن هذا الذي قاله الرئيس التركي لا يحتاج إلى المزيد من الأدلة والبراهين فالروس، الذين أعلنوا في بداية غزوهم لهذه الدولة العربية أن بقاءهم لن يستمر أكثر من نحو ثلاثة أشهر، ها هم يلغونها تدريجياً ويصادرون سيادتها ويسحبون كل صلاحيات حكومتها ورئيسها، وهذا يعني أن الهدف هو إقامة كيان طائفي في المناطق المشار إليها آنفاً، ومدها لاحقاً في اتجاه لواء الإسكندرون الذي أطلق عليه الأتراك بعد ضمه عام 1939 اسم "هاتاي"، حيث يشكل بعض سكانه امتداداً للطائفة العلوية في منطقة اللاذقية والقرداحة وجبال النُّصيريين.
كان الروس قد أفرغوا بيان "جنيف 1" من مضمونه، بل وألغوه نهائياً عندما أفشلوا "جنيف 2" بالإصرار على أن الأولوية ليست لمرحلة انتقالية ولا لإقصاء بشار الأسد لحساب بديل يُجمع عليه الشعب السوري بمعظمه إن لم يكن كله، وإنما لمواجهة الإرهاب، وبالطبع فإنهم لم يقصدوا بـ"الإرهاب" لا "داعش" ولا "النصرة"، وإنما المعارضة السورية (المعتدلة) التي أثبتت حضورها الفاعل بعد مؤتمر الرياض العتيد الذي أغضب نجاحه روسيا وإيران وكل الأطراف التي تتلاعب بمصير هذه الدولة العربية وبمصير هذه المنطقة كلها.
والآن فإن الروس بادروا، بعد نجاح مؤتمر الرياض الآنف الذكر، إلى ركْل مقررات مجلس الأمن الدولي الأخير، المتعلقة بالعودة إلى "جنيف 1"، كركيزة ومنطلق لحل الأزمة، بأرجلهم والإصرار على "اختراق" الوفد المعارض الذي شكلته الهيئة العليا وفقاً لقرارات مجلس الأمن الآنفة الذكر، بممثلين لهم ولباقي ما تبقى من النظام السوري، والهدف ما أعلنه سيرغي لافروف وهو تشكيل ما اعتبره: "حكومة وحدة وطنية" تابعة لروسيا وليس لبشار الأسد، وإلغاء المرحلة الانتقالية نهائياً.
وبالطبع فإن الواضح حتى لأعمى البصر والبصيرة سياسياً أن الروس يسعون إلى إلحاق قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة ببيان "جنيف 1"، وأنهم بالفعل ماضون في إنشاء الكيان الطائفي الذي تحدث عنه وحذر منه رجب طيب إردوغان، والمشكلة هنا أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري لايزال يتصرف بالطريقة البائسة التي بقي يتصرف بها منذ بداية هذه الأزمة، وذلك مع أن جو بايدن قد هدد في آخر تصريحات له كان قد أطلقها من تركيا بأن فشل الحلول السياسية في سورية سيدفع الولايات المتحدة إلى اللجوء إلى القوة العسكرية.

اقرأ المزيد
٢٤ يناير ٢٠١٦
خيارات محدودة أمام المعارضة السورية

خرجت ورقة الحل في سورية من أيدي النظام والمعارضة منذ زمن بعيد. وصارت المفاوضات تجري بين مختلف الأطراف الدولية من فوق رؤوس السوريين. لذلك تبدو الاتصالات الجارية لتسوية الخلاف حول تشكيل وفد المعارضة إلى المفاوضات المنتظرة في جنيف، وكأنها اتصالات روسية - أميركية - تركية - إيرانية، تتجاوز مطالب المعارضة وتلتقي مع أهداف النظام. وهو ما يستدعي السؤال عمّا يمكن أن تفعله المعارضة، ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات والمنسق العام رياض حجاب، في وجه أي تفاهم حول الصيغة التي تتفق عليها الأطراف الدولية لتشكيل وفد المعارضة. الحل الوحيد في يد المعارضة هو مقاطعة المفاوضات، وهو موقف بالغ الكلفة، فضلاً عن أنه يحتاج إلى دعم من الدول الإقليمية المتحالفة مع المعارضة، كي يثمر ضغطاً على النظام وشركائه.
واضح أن الموقف الروسي يتقارب مع النظام السوري إلى حد التماهي في رفض مشاركة «جيش الإسلام» في الوفد المفاوض، واستبعاد «الجيش السوري الحر»، الذي اختارت المعارضة العميد أسعد الزعبي كممثل له في رئاسة الوفد. ولا يبتعد الموقف الأميركي كثيراً عن ذلك. فاقتراح الوزير جون كيري باستبدال الزعبي ومحمد علوش بشخصيتين مدنيتين، لا يمكن إلا أن يلاقي التصفيق من جانب بشار الأسد، الذي يعتبر الجهتين («الجيش الحر» وسائر الفصائل المسلحة) جماعات إرهابية، ويصر على استبعادها من عملية التفاوض.
غير أن الموقف الأميركي، الذي يتقارب مع دمشق وطهران وموسكو (!) بالنسبة إلى تصنيف المعارضين «الإرهابيين»، يختلف مع تركيا، المفترض أنها حليفه الاستراتيجي، حيال مشاركة أكراد سورية في المفاوضات. واشنطن ترى ضرورة مشاركة حزب «الاتحاد الديموقراطي»، ممثلاً بصالح مسلم، لأنه يقاتل «داعش» في نظرها. أما أنقرة فتضع فيتو كبيرة على هذه المشاركة، وتعتبر هذا الحزب فصيلاً تابعاً لـ «حزب العمال الكردستاني» الذي تضعه في رأس قائمة الإرهابيين. ويبدو أن محادثات جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، في تركيا لم تفلح في حل هذا الخلاف.
النظام السوري هو الأكثر ارتياحاً حيال هذه المواقف الدولية. لقد بات الالتقاء ضد الإرهاب هو العنوان الرئيسي لهذه المواقف التي يستفيد منها النظام ليمدد إقامته. فمنذ سحبت الولايات المتحدة يدها من العملية السورية، وتركت الساحة مفتوحة لروسيا وإيران، تتصرفان فيها كما تشاءان وبما يخدم مصالحهما، صار في إمكان النظام السوري أن يحدد هوية «الإرهابيين» على هواه. قادة الألوية العسكرية التابعة للنظام، والذين يعطون الأوامر بالقتل والتجويع والتهجير، فيما يرقى إلى حرب إبادة جماعية ضد المعارضين، هؤلاء مستبعدون من التصنيف الإرهابي، الذي بات يقتصر على مسلحي المعارضة، على اختلاف فصائلهم. ومع أن عدداً من هذه الفصائل، وفي مقدمها «داعش» و»جبهة النصرة»، تستحق هذه الصفة الإرهابية وأكثر، فان الخلاف بين جرائمها وجرائم قادة عسكر النظام السوري هو خلاف في نوعية الجرائم فقط، وليس في حجمها أو في فظاعاتها. فإلقاء القنابل المتفجرة على الناس من الجو، وفرض حصار الجوع على الهياكل العظمية في مضايا وغيرها، لا يقل بشاعة وإرهاباً عن قطع الرقاب وإلقاء الضحايا من أسطح البيوت. خلاف في أنواع الجرائم لا يستحق اهتمام الرئيس باراك أوباما، الذي قرر أن يحول نظره عن جرائم النظام، ويدفع بالمعارضة إلى حائط مسدود.
لم يكن رياض حجاب مخطئاً عندما اعتبر أن التاريخ لن يغفر لباراك أوباما دوره في إطالة المأساة السورية. كلام تردد كثيراً من دون أن يغير شيئاً في قرار هذه الإدارة الأميركية. والآن يأتي نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ليهدد بـ «حل عسكري» في سورية، إذا لم يكن الحل السياسي ممكناً. والحل العسكري الذي يقترحه بايدن هو ضد تنظيم «داعش» لطرده من الأراضي التي يسيطر عليها في سورية. مع أنه كان يجب تهديد النظام السوري بهذا الحل، عندما تأكد العالم أنه سائر في مجزرته ضد شعبه حتى النهاية. لو حصل ذلك، لكانت الولايات المتحدة وفرت على نفسها وعلى المنطقة، وبالدرجة الأولى على الشعب السوري، استمرار هذه المأساة. وكانت وفرت كذلك الحاجة إلى البحث عن حل عسكري لوجود «داعش». لأن حل الأزمة السورية في وقت مبكر، وقيام حكم بديل في دمشق يحفظ وحدة الأراضي السورية، في الشهور الأولى لاندلاع الأزمة، كان سيريح سورية والمنطقة من نشوء هذا التنظيم الإرهابي.

اقرأ المزيد
٢٣ يناير ٢٠١٦
التحالف الاستراتيجي بين النظام السوري وإسرائيل

ليس صحيحاً أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات أول من وقع معاهدة سلام مع إسرائيل، يجادل كاتب سوري. لقد سبقه إلى ذلك الرئيس السوري حافظ الأسد عندما وقع معاهدة سلام غير معلنة مع الإسرائيليين عام 1974 أي قبل حوالي خمس سنوات من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. وهناك من يصف اتفاق فصل القوات بين إسرائيل وسوريا بأنه معاهدة سلام كاملة الأوصاف، لكن غير معلنة، لأنها فقط لم تتوج بفتح سفارة إسرائيلية في دمشق. أما ما عدا ذلك فقد كان سلاماً كاملاً وشاملاً بين نظام الأسد والإسرائيليين، بدليل أن النظام لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل على مدى اربعين عاماً، لا بل كانت المستوطنات الإسرائيلية على الحدود السورية أفضل مكان آمن للاستجمام بالنسبة للإسرائيليين.
لكن لا بد من الاعتراف بعبقرية النظام السوري وأذرعه الإعلامية التي استطاعت على مدى عقود أن تقنع غالبية السوريين وحتى العرب، زوراً وبهتاناً وإرهاباً، بأن نظام الأسد عدو مبين لإسرائيل. خمسون عاماً والنظام يُشهر سيف العمالة لإسرائيل ضد معارضيه. وكان، إذا أراد أن يقضي على أي مواطن سوري، يتهمه فوراً بالعمالة لإسرائيل. وقد ظن السوريون على ضوء ذلك، أن النظام يعادي إسرائيل حتى الموت، وأن أكبر خطيئة يمكن أن يقترفها السوري هي العمالة لإسرائيل بنظر النظام. لكننا اكتشفنا بعد نصف قرن أن النظام كان يستخدم تهمة العمالة لإسرائيل فقط للتغطية على عمالة النظام نفسه لإسرائيل. ومما يؤكد ذلك أن مسؤولاً أمريكياً كبيراً سألوه ذات يوم عن الموقف الأمريكي من الإعلام السوري المعادي جداً لأمريكا، فأجاب المسؤول: «نحن لا يهمنا ما يقوله نظام الأسد وإعلامه، بل يهمنا ما يفعله لنا. فلو طلبنا منه مثلاً أن ينجز لصالحنا عشرين بالمائة فقط من أمر ما، كنا نراه يتصل بنا في اليوم التالي ليقول لنا: لقد أنجزت لكم الأمر مائة بالمائة. أي أنه دائماً يفعل أكثر مما نطلب منه. وبالتالي، لا بأس أن يهاجمنا إعلامه ليل نهار، طالما في الجوهر هو أحد أخلص وكلائنا». ولا ننسى تقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية عام 2012 عندما وصفت نظام الأسد بأنه «أنشط عملائنا في المنطقة». ولو قرأنا كتاب «سنوات التجديد» لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسنجر لتفاجئنا كثيراً بإطرائه الدائم على صديقه حافظ الأسد الذي كان ينسق كل عملياته العسكرية في لبنان على مدى ربع قرن مع الإسرائيليين. ويذكر كسنجر أن حكمت الشهابي رجل حافظ الأسد الشهير اتصل ذات يوم بالقيادة الامريكية لعرض دخول القوات السورية إلى لبنان. وعندما أخبروه أن اسرائيل لن تقبل بذلك، رد الشهابي: نحن عبارة عن قوات حفظ سلام ليس أكثر». ويضيف كسنجر بأن القوات السورية دخلت لبنان على أساس اتفاق ضمني بين إسرائيل وسوريا. وكل خطوة كانت تتقدم بها القوات السورية كانت بتسامح ومباركة إسرائيلية.
ويذكر المقربون من حافظ الأسد أنه كان يعادي الأمريكيين في العلن، بينما ينسق معهم كل شيء بالسر. لهذا كان يقول لسائقه: «أعط إشارة أنك ذاهب إلى اليسار، لكن اذهب إلى اليمين». ولا ننسى أن أول مسؤول دولي اختلى ببشار الأسد لساعات قبل تنصيبه رئيساً لسوريا بعد موت حافظ الأسد بأيام قليلة كانت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت. وبعد انتهاء الاجتماع كانت كل وسائل الإعلام العربية والدولية تبارك بشار الأسد رئيساً لسوريا.
وفي الأيام الأولى للثورة سمعنا ما قاله مدير أعمال بشار الأسد التجاري رامي مخلوف لصحيفة واشنطن بوست عندما قال: «أمن إسرائيل من أمن النظام السوري، وإن أي مكروه يحصل للأسد سينعكس سلباُ على إسرائيل». وقبل مدة سمعنا ما قاله نائب وزير الخارجية الإيراني حرفياً حينما قال إن سقوط الأسد سيشكل خطراً كبيراً على أمن إسرائيل، وكأنه يتوسل الإسرائيليين بأن يحافظوا على كلب حراستهم.
وها هو تشك هيغل وزير الدفاع الأمريكي الأسبق يقول يوم أمس: «يجب تجاوز مسألة رحيل الأسد، فهو لم يكن في يوم من الأيام عدواً لنا ولا لحليفتنا إسرائيل».
طبعاً ظل البعض يشكك في دعم إسرائيل لنظام الأسد حتى أثبتت الأشهر القليلة الماضية تماماً أنه لولا الغطاء الإسرائيلي لما استمر الأسد حتى الآن، وأن الذخر الاستراتيجي للصهيونية ليس الرئيس المصري المسكين حسني مبارك الذي سقط خلال ثمانية عشر يوماً، بل الرئيس الذي فعل الأفاعيل بسوريا ومازال صامداً منذ خمس سنوات. ولا بد أن نتذكر أن الرئيس الروسي بوتين أعلن قبل غزو سوريا بأنه قادم لحماية نظام الأسد. والغريب أنه اجتمع قبل الغزو برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مرتين. ماذا نفهم من التنسيق الروسي مع إسرائيل بخصوص سوريا سوى أن الطرفين باتا يحميان النظام بشكل مفضوح؟ والآن أصبح الإسرائيليون والروس ينسقون عملياتهم في سوريا من مطار حميميم الذي يقع بالقرب من مسقط رأس الأسد القرداحة. والأغرب من كل ذلك أن أكثر دولتين تطالبان بالحفاظ على الجيش السوري هما إسرائيل وأمريكا. هل كانت إسرائيل لتدعو إلى حماية جيش الأسد لو كان يشكل خطراً عليها أو يعاديها لا سمح الله؟
ويعترف السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن بأن إسرائيل هي من منعت أمريكا من توجيه ضربة عسكرية للجيش السوري، لا بل إن وزير الاستخبارات الإسرائيلية زار دمشق مرات ومرات لتنسيق عملية تجريد سوريا من السلاح الكيماوي. ويؤكد مثل هذا الكلام الصحافي الأمريكي الشهير سيمور هيرش صديق الرئيس السوري عندما يقول في مقاله الأخير في مجلة «لندن ريفيو أوف بوكس» إن هيئة الأركان الأمريكية كانت تزود الجيش السوري بمعلومات استخباراتية مهمة عن مواقع جماعات المعارضة. والمضحك في الأمر أن إسرائيل هي من كانت توصل المعلومات الاستخباراتية مباشرة للجيش السوري رمز الصمود والتصدي والممانعة والمقاومة.
وأخيراً ها هو الفنان السوري جمال سليمان ينقل حرفياً قبل أيام فقط عن لسان بشار نفسه أن الأخير أخبره في بداية الثورة أن إسرائيل لن تقبل، ولن تسمح أبداً بسقوط النظام. لا بل أعطته الضوء الأخضر كي يتصدى لكل من يعارضه بكل الوسائل.
خمسون عاماً والنظام السوري يقمع الشعب ويدوس على أبسط حقوقه بحجة أنه في حالة حرب مع إسرائيل. فاكتشفنا أخيراً أنه مجرد عميل لإسرائيل يسحق السوريين كي تنام راعيته إسرائيل قريرة العين. لقد رفع حافظ الأسد شعار «التوازن الاستراتيجي» مع إسرائيل، بينما كان في الواقع يقيم معها تحالفاً استراتيجياً.

اقرأ المزيد
٢٣ يناير ٢٠١٦
الروس و الحل السياسي

إنقاذ الأسد 

لا يخفى على أحد أن التدخل العسكري الروسي جاء لإنقاذ ما تبقى من نظام الأسد الذي فتّتته ثورة الكرامة، ورمّمه في المرة الأولى حزب الله الطائفي، وصادرت القوات الإيرانية قراره وسيادته على أجهزته في المرة الثانية، ليأتي الروس في الثالثة ويعلنوا الاحتلال الرسمي لسوريا الأسد ويحاولوا احتلال سوريا الحرة.

 اتفاقيات دولية


كان من ضمن عملية خلط الأوراق السياسية التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة السماحَ للروس بالتدخل في سوريا عسكرياً، والرجوع خطوة إلى الخلف ودفع الروس بخطوات إلى الأمام في الشأن السوري، ربما من أجل إغراق الروس في المستنقع السوري والذي قد يكون الضربة القاضية الأمريكية للروس، وربما هناك اعتبارات أخرى لانريد الخوض فيها، ما يهمنا أن التدخل الروسي كان بموافقة أمريكية ظاهرةً كانت أم مبطنة.


التجربة الروسية

من خلال تجارب الروس السابقة في أفغانستان وغيرها، علم الروس أن هذه الصراعات بين الشعوب والطغاة نهايتها استسلام الطغاة على طاولة السياسة، وحاولوا أن يستثمروا التدخل العسكري في فرض حل سياسي استسلامي على الشعب هذه المرة، ووجدوا فرصة أن يعيدوا تجربة مصر وتونس وغيرهما بالحفاظ على الدولة العميقة لإعادة إنتاجها فيما بعد، فجاء الحل الروسي وجاءت ورقة فيينا، والتي خفضت وبشكل واضح وفاضح سقف جنيف وطرحت -وبشكل مبطن- ورقة بشار الأسد للمساومة، وأشغلت الجميع في مسائل جانبية منها ملف الإرهاب وتأطير المعارضة وعلمانية الدولة لتحقق مبتغاها وتحافظ على الورقة الأهم (الدولة الأمنية العميقة).

 الواقع العسكري


كلنا يعلم الطريقة الروسية في المعارك، وهي سياسة الأرض المحروقة والجيوش الجرارة. النظام دائماً يدّعي أنه بخير، ويملك جيشاً قوياً منظّماً، وهذا ما أوهم به الروس، وبناءً على هذا الوهم بنى الروس خطّتهم العسكرية، وكانت المعركة الأولى في حماة، والتي كشفت واقع الجيش الأسدي المهترئ، من خلال مجزرة في العتاد والرجال اضطر بعدها الروس -وبسبب عدم نيتهم الغرق في المستنقع السوري- إلى الاستعانة بالميليشيات الإيرانية، والتي زجّت بقواتها على الأرض بكثافة عددية هائلة.
حقيقة الأمر أن النظام الأسدي لا يأبه بما يسمى "مقاتل"، وكان يدفن في المعارك المئات من مقاتليه، وقد لا يأبه حتى لدفنهم. على عكس الإيرانيين، الذين يتوجب عليهم نقل جثث مئات القتلى في الطائرات إلى شعبهم، ويبدو أن الإيرانيين لم يكونوا مستعدين لهذه الفواتير، ظهر ذلك جلياً في ضغطهم المستميت في فيينا 2، باتجاه وقف إطلاق نار فوري وشامل.
على الأرض وفي الجهة المقابلة، خسرت المعارضة بعض النقاط في جنوب حلب وجبال الساحل وبدرجة أقل في الريف الدمشقي، ما أوحى للعالم أن الروس يملكون أوراق ضغط حقيقية، لكن حقيقة هذه الخسارة أنها إبادة وحرق بفعل سلاح، الجو يليها تقدم سهل للميليشيات، لكن هذا التقدم هشٌّ جداً، وخاصة عندما نتحدث عن استعادة هذه النقاط، والتي يخرج فيها سلاح الجو من معادلة المعركة الانغماسية الالتحامية.

 الرمي بكل الأوراق

بعد طرح الروس الحل السياسي وتصدّرهم لمشهد الحل السياسي في سوريا، ومقارنةً بحجم إنجازاتهم على الأرض والتي لا تكفي لتحقيق رؤيتهم في الحل السياسي وتقتضي استسلام الثورة، كان لابد من زيادة الضغط وطرح كل الأوراق دفعةً واحدة، فجاء تحرك داعش على عدة محاور وفي عدة بلدان، وجاء أيضاً تحرك الميليشيات الكردية وضغطها على الثوار، وزادت حدّة الهجمات، وبدأ الجنون الروسي الذي ورثهُ الأسد وجيشه سابقاً، وبدأ الانتقام من الأسواق والمدارس للضغط على الحاضنة الشعبية، في محاولة يائسة لكسر إرادة الشعب، لكن السحر انقلب على الساحر، وازداد إصرار هذه الحاضنة على الاصطفاف الوطني خلف جيشها الحر.


 مِشعَر الاستنزاف :
مع طرح الروس كل أوراق اللعب على الطاولة دفعةً واحدة، والضغط الهائل الذي تتعرض له الثورة السورية اليوم، ومع كل ما يحدث على الساحة، تحاول جميع الأطراف اليوم إقناع المعارضة والقوى الثورية السورية أنها في حالة ضعف وانهيار وأن عليها الخضوع لحل استسلامي روسي.
وهنا نقول:
إن أهم مِشعَر لتحديد مَن هو المستنزَف والمضغوط في هذه المعركة، هو أن ننظر للذي يهرول إلى الحل السياسي بغض النظر عن طبيعة هذا الحل إن كان عادلاً أو استسلامياً، وكلّنا يرى هرولة الروس لإنهاء المعركة بطريقتهم، ومن المعلوم أن مَن طلب -وبشدة- وقفَ إطلاق النار الفوري والشامل هم الإيرانيون في فيينا 2 كما ذكرنا سابقاً.


الخلاصة


من كل ما تقدم، نرى فشل الروس في إدارة وفهم الملف، وأظنّ أنّ العالم بأسره عجِزَ وسيبقى عاجزاً عن فهم تعقيدات الثورة السورية، ونرى بوضوح أن من امتصَ -منذ بداية الثورة- عنف الجيش الأسدي، وتعلّم كيف يتعامل معه، -ثم بعد ذلك- عرف كيفية التعامل مع احتراف العصابات الشيعية على مرحلتين (حزب الله والحرس الثوري)، وأنهى كل هذه القوى، لن يعجز عن امتصاص هذه الفورة الروسية،
وستتحطم مطامع الغزاة على صخرة الإرداة الشعبية.

اقرأ المزيد
٢٢ يناير ٢٠١٦
سوريا بين «لافروف» و«كيري»

كنا نأمل أن يسهم لقاء الوزيرين لافروف وكيري في زيورخ يوم الأربعاء الماضي 20/1/2016 بدفع عملية المفاوضات المرتقبة في جنيف، ولكن تصريحات الوزير الروسي تنبئ بتعطيل هذه المفاوضات ودخولها في طريق مسدود، والمفجع أن روسيا التي تقصف المدنيين السوريين بشكل يومي يطال المناطق المأهولة بالسكان هي إحدى الدول الراعية للحل السياسي، وقد كشفت أنها تريد من هذا الحل أن يضمن انتصاراً للنظام على شعبه، وأن تؤدي مفاوضات جنيف إلى منح النظام شرعية جديدة.

لقد بدا إصرار لافروف على منع المعارضة السورية من حق اختيار وفدها المفاوض، استخفافاً بخيارات الشعب السوري، وتحيزاً علنياً للنظام عبر حرص روسيا على تفصيل وفد مفاوض على قياس مطالب النظام، وضامن بأن يتحقق من مفاوضات جنيف بقاء رموز النظام على رأس حكومة موسعة بدل الحكومة الانتقالية.

وروسيا تصر على هذا التدخل مع أن قرار مجلس الأمن 2254 الذي تستند إليه المفاوضات المرتقبة يؤكد على كون السوريين وحدهم هم من يقررون مستقبلهم. أما ما أشار إليه القرار حين تحدث عن لمسات أخيرة يضعها «ديمستورا»، فهو مجرد لمسات لوجستية، وقد فهم «ديمستورا» هذا الأمر جيداً حين هنأنا في الرياض بما تم إنجازه في الهيئة العليا للمفاوضات، وأكد أنه لن يتدخل في تشكيل وفد المعارضة، وأذكر أنه قال حرفياً، إن هذا هو امتيازكم.

كما أن روسيا التي تحدث وزيرها في لقائه مع كيري عن اهتمامها بالبعد الإنساني هي المسؤولة المباشرة عن الحصار القاتل الذي تتعرض له عدة مناطق سورية يموت فيها الناس جوعاً، وتأتي مسؤولية روسيا من كونها هي الآن صاحبة القرار في شأن النظام السوري والوصية عليه.

وقد استغربنا أن يفهم أحد مطالبتنا بتنفيذ استحقاقات مرحلة ما قبل التفاوض التي حددها قرار مجلس الأمن، ولاسيما في البنود 12 و13 و14 على أنها شروط مسبقة، مع أن هذه الالتزامات الدولية هي من صلب قرار مجلس الأمن كما أنها من صلب بيان جنيف الذي يعتبر المرجعية الأساسية للحل السياسي. وروسيا هي إحدى الدول التي صاغت القرار، وهذه البنود منطقية لأنها تعبر عن ضرورة البدء بمرحلة حسن النوايا لضمان نجاح المفاوضات التي لا يمكن أن تدخل في موضوعاتها الرئيسة دون إنهاء الحصار والبدء بإطلاق سراح المعتقلين، والوقف الفوري لإطلاق النار والبدء بإجراءات بناء الثقة بالعملية التفاوضية ذاتها.

ولقد عبرنا في الهيئة العليا للمفاوضات عن إصرارنا على نجاح المفاوضات وليس على مجرد انعقادها، ونحن نخشى عبر هذه الضغوط على المعارضة أن تهمل القضية الرئيسة التي تعقد المفاوضات من أجلها وهي تشكيل حكومة انتقالية، بينما تغرق أجندة التفاوض بتفاصيل مرحلة النوايا الحسنة.

لقد طالبنا بفصل المسار الإنساني عن المسار السياسي، وطالبنا بجدول أعمال واضح لسير جلسات المفاوضات، وأوضحنا أننا لا نقبل أن يتدخل أحد في تشكيل وفد المعارضة الذي سمته الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر جنيف الذي جاء بتكليف من المجموعة الدولية الداعمة ومن بينها روسيا، وكذلك لا نقبل بوجود وفد ثالث حتى ولو كان في غرفة بعيدة.

وأما القول بأن مؤتمر الرياض لم يمثل كل أطياف المعارضة فيدحضه وجود تسع وعشرين شخصية ممن حضروا مؤتمر القاهرة، ونحو تسعة أشخاص حضروا مؤتمر موسكو، وأعضاء هذين المؤتمرين هم من ذات مكونات مؤتمر الرياض، فهم من الائتلاف ومن هيئة التنسيق ومن المستقلين.

وأما الإصرار على اتهام بعض الفصائل المشاركة في مؤتمر الرياض بأنها فصائل إرهابية، فهو مجرد تعطيل لمسيرة المفاوضات، لأن من يختار الحل السياسي ويقبل بالانتقال من دولة أمنية استبدادية إلى دولة ديمقراطية تنهي احتكار السلطة لا يمكن أن يتهم بالإرهاب، وقد وقعت الفصائل العسكرية المشاركة كلها على وثيقة الرياض التي أيدتها الدول الداعمة، ونرجو أن تسهم هذه الدول الشقيقة والصديقة في دفع روسيا إلى الاقتراب من مطالب الشعب السوري والتوقف عن قصفه، وإذا كانت روسيا تبحث عن مصالحها، فإن القوة العسكرية لا تحقق هذه المصالح، وإنما تحققها الإرادة المشتركة بين الشعوب.

اقرأ المزيد
٢٢ يناير ٢٠١٦
شهيد مجهول الهوية .. كم من الآلام سيجنها الشعب السوري لعقود

تتناثر الصور لاجساد ممزقة ، ووجوه باهتة بلا روح ، وفوقها تمر عبارة سريعة "شهيد مجهول الهوية .. نرجوا ممن يعرفه التواصل معنا" ، هي جملة تحمل مرارة لايمكن وصفها لأهل هذا الشهيد أو ذلك أو تلك ، فتشظي السوريون و تشتت العوائل حوّل معرفة مصير المتناثرين قضية في غاية الألم و التعقيد ، و قد تحتاج لأجيال لتندمل ، وسنوات طويلة من انتظار من لن يأتي .

لايمكن حصر حجم الأذى الذي لحق بالشعب السوري نتيجة ، مطلبه البسيط "الحرية" ، لينتقل إلى فصل لم يشهد له التاريخ مثيل ، فصل أتى على كل شيء و دمر كل شيء ، حتى بذرة الأسرة الأساس في أي مجتمع باتت غير موجودة ، وبات أعضائها بين قتيل و جريح و مهجر و نازح و مفقود إما في غياهب المعتقلات أو في قوائم الشهداء المجهولين .

وتعجز المؤسسات التوثيقية عن تقديم نتيجة شبه حقيقية أو تصل لحد ٥٠٪ من الواقع المرير ، الذي يبدو أنه سيبقى جاثماً حتى لو انتهت الحرب في الغد و عاد المهجرون جميعاً من غرب و شرق و شمال و جنوب الأرض إلى سوريا .

نحن اليوم أمام مجموعة من القوائم التي لايعرف محتواها ، منها ما يشير إلى مفقود في طريق اللجوء ، إلى تائه بين المناطق المتنوعة ، إلى شهداء مجهولي الهوية ، أو الغائبين في ظلام المعتقلات .

قوائم لانملك أسماء فيها و لا حتى معلومات ، قد يكون منتهى أو أفضل ما نملك صورة لوجه متآكل من الجروح أو القروح ، غائر المعالم من الجوع و التعذيب أو آلام مخاض خروج الروح .

خلف هذا القوائم و الصور يوجد آلاف العوائل التي تعيش على قارعة الانتظار ، و لكنه انتظار بلا موعد ، انتظار بلا واعد ، و كل ماهنالك انتظار لاغير .

هذا المشهد المآساوي يضرب ذاكرتي للعودة إلى عقود مضت و تحديداً إلى مجزرة حماه ، عندما غيب نظام الأسد الآلاف من السوريون في أماكن مجهولة و غير ممكنة الوصول ، و احتاجت حماه أكثر من ٣٠ عاماً حتى أيقن أهلها أن الانتظار لم يعد مجدي ، و التسليم بأن الغياب سيكون نهائي ، و كثيرٌ منهم لازال مصراً على الوقوف خلف الباب بانتظار ذلك الغائب رغم موت المُغيب و السجان ، و لكن للسجين حياة أطول في عقل المنتظرين .

حماه هكذا مع عشرات الآلاف القليلة التي غابت ، فكيف الحال في سوريا التي فقدت مئات الآلاف ليس في مكان بعينه ، و إنما في كرة أرضية بأسرها .

اقرأ المزيد
٢٢ يناير ٢٠١٦
أشهر العسل الروسية في سوريا شارفت على النهاية .. وبداية الانتكاس انطلقت ..

كلما كثُر العويل و التهديد بالمستحيل كلما تعمق اليقين بأن الألم بات غير محتمل ، وبات معه أن أي باب سيفتح للولوج لراحة ولو مؤقتاً مطلباً ملحاً ، هي الحالة التي تعيشها روسيا حالياً ، فأشهر العسل في سوريا شارفت على نهايتها و باتت في وسط النار ، تبحث عن أي مخرج من الجحيم الذي لم يكن متوقعاً أن يصل بها إلى هنا ، وما انهيار الروبل و ما سيتبعه إلا مجرد بوادر لمصائب قد تجعل من "الحالم" بالقيصرية ، ساعيٍ وراء العودة إلى أي حالة في دولته إلا وضعه الراهن .

أربعة أشهر إلا قليل هي المدة الزمنية لبدء العدوان الروسي على سوريا ،والتي حددها الروس عند الانطلاق بأنها لن تتجاوز هذه المدة حتى تحقق أهدافها ، ولكن الحقيقة هي المدة التي تستطيع روسيا تحمل نفقاتها التي تقدر بمليوني دولار يومياً ، احتسبت من نفقات وزارة الدفاع الروسية على التدريب ، و لا باب ثانٍ لتحويل الأموال منه إلى حربٍ ، أيقن الروس أنها لن تحقق المبتغى في سنين طوال .

الروبل اليوم في حالة انهيار شبه تام ووصلت نسبة الانخفاض إلى ١٢٪ ، فتجاوز الدولار عتبة الـ ٨٦ روبل فيما قارب اليورو الواحد ١٠٠ روبل ، وهو ما يؤكده الاقتصاديون أنه "انهيار" للاقتصاد الروسي ( الكلمة الغير محبذة من المسؤولين الروس ).

اجتماع عوامل عديدة أبرزها انخفاض النفط بشكل كبير و العقوبات الأوربية – الأمريكية بسبب الأزمة الأوكرانية ، يجعل الانهيار ( المرفوض كمصطلح) متسارع و بشكل كبير و ينذر بأن روسيا ستعيش أياماً يمكن اعتبار تلك الأيام التي تلت تفكك الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي ، جنة و رغد أمام ما هو قادم .

لعبة النفط تعتبر الخطة الأنجع في الحرب الباردة التي خاضتها أمريكا و دول الخليج ضد كل من ايران و روسيا معاً ، ووضعتهما تحت الضغط ، فالسعر الحالي للنفط وصل إلى ٢٨ دولار و بضع سينتات و تكلفة استخراجه في ايران ١٢،٦$ و في روسيا ١٧،٣$ ،الأمر الذي جعل من طريق تفكيك البرنامج النووي الايراني متاحاً بالمجان ولن يفيد نتائجه ايران إلا في لملمة جراحها و الدخول في خرب مع شعبها لعدم تمكنها من تحقيق ما وعدت به مقابل النووي ،فيما ساعد سلاح النفط على تقليم أظافر روسيا لسنوات و سنوات ، و ستزداد هذه السنوات إذا ما استطاع الخليج المحافظة على انخفاض سعر النفط لأشهر ستة أخرى ، لتكون ضربة قاضية قد تنهي روسيا من الخارطة الاقتصادية و السياسية لأجيال .

ولم يكن سلاح النفط وحده ما توجيهه إلى روسيا ، بعد تم اعتماد عدة جبهات اخرى كالاستدراج إلى سوريا و استنزاف المخزون الروسي المالي و التقني و كشف الأوراق المخبئة ، إضافة لعقوبات قاسية متعلقة بأوكرانيا ،مما يمهد لوجود حقيبة حل متكاملة تشمل كل النقاط التي حشرت روسيا نفسها فيها، لتتنازل عنها دفعت واحدة للخلاص من تواصل الانهيار على الأقل .

وفي تلك الحقيبة التي يسعى الأمريكيون و الأوربيون من خلالها نزع الأنياب الروسية ، الملف السوري ، الذي تعتبره روسيا ورقة ضغط ضد الجميع ، ليتحول اليوم إلى ورقة ضغط من الجميع على روسيا ، وأول ما ستعمل الأخيرة على مواجهته هو القذف بهذا الملف الذي كما يعرف في السياسة العالمية الحالية بـ"بيضة القبان" .

سعت روسيا لاستحضار كل ما يمكن استحضاره ، و استندت على دول ظنت أنها تشترك معها في الأهداف ، و لكن كانت "كالمستجير من الرمضاء بالنار" فلا ايران قادرة على تثبيت نفسها بعد أن قلمت أظافرها النووية و تكشف زيف قوتها العسكرية التي تكسرت في سوريا ، و لا روسيا قادرة على انهاء ملف من كتلة الملفات العالقة من القرم لسوريا مروراً بتركيا و ليس انتهاءً بالنفط و التهديدات القادمة بأن غازها المتجه إلى أوربا لن يعود الوحيد مع مساعٍ لايجاد بدائل من سوريا وقطر .


ولا يعني الاستعراض السابق الإفراط في التفاؤل "المتواكل" ، فالأيام الثمان القادمة و التي ستكتمل فيها المدة المحددة للعدوان على سوريا ، ستكون مصيرية وحاسمة في تحديد المسار القادم في سوريا و العالم أجمع ، وما تصريحات الخارجية الروسية أمس بأن "المجموعات الارهابية" في سوريا تضغط بشكل كبير قبيل جنيف ، وما تحديد مسؤل روسي السقف لموعد المفاوضات بين المعارضة و النظام بـ ٢٩ الشهر الجاري ، إلا دليل على استنفاز الاسلحة و القدرات مع نهاية هذا الشهر .


لاشك أن الأشهر الأربعة كانت مُرة و علقماً على الشعب السوري "المكلوم" و لكنها كانت كذلك على الروس و الايرانيين وجميع من وقف مع نظام الأسد ، و ستكون أشد مراراً و انهياراً لهم في قادمات الأيام ، وماذلك إلا يقيناً بقول الله تعالى " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون “.

اقرأ المزيد
٢١ يناير ٢٠١٦
بعد رفع العقوبات: لا تغيير وإيران مستمرة بما هي عليه!

ربما أنَّ أول سؤال تبادر إلى أذهان المتابعين لهذا الشأن هو: هل أن إيران يا ترى بعد رفع بعض العقوبات عنها سوف تقف وقفة نقدٍ فعلي وجدّي مع الذات، وسوف تراجع حساباتها بكل صدق وشجاعة، وتعيد النظر في مسيرة انحراف مكلفة وخطيرة كانت بدأتها بعد انتصار ثورتها الخمينية في عام 1979، واستمرت على مدى كل هذه الأعوام الطويلة منذ ذلك الحين وحتى الآن؟!


يشير بعض التقديرات إلى أن كبرياء كبار معممي إيران، المبنية على الأوهام، قد دفعتهم إلى إنفاق أكثر من مائتين وخمسين مليار دولار على مشروع امتلاك الأسلحة النووية، وأن غرورهم قد دفعهم إلى تجويع شعبهم واضطهاده وأخْذ أبنائه عنوة إلى محارق حروب ونزاعات لا هي محقة ولا هي ضرورية، وكل هذا استجابة لوهْمِ ونزعة إحياء الدولة الصفوية، واستعادة ما يعدونه أمجاد فارس القديمة.


كان على حسن روحاني لو أنه صاحب قرار بالفعل ألا يزف البشرى للشعب الإيراني، ويدعوه إلى إقامة الأفراح والليالي الملاح، بل كان عليه أن يبادر فورًا إلى إنشاء محكمة مخولة لفتح صفحات مسيرة أكثر من خمسة وثلاثين عامًا، ولمحاسبة حتى الأموات الذين أقحموا إيران خلال كل هذه الأعوام الطويلة في هذه الحروب، وهذا بالإضافة إلى الأحياء الذين ما زالوا يقحمونها في كل هذه الصراعات المكلفة، وفي التدخل في شؤون دولٍ مجاورة وبعيدة من المفترض أنها شقيقة وصديقة وأنه يجمع الإيرانيين بشعوبها تاريخ طويل وحضارة مشتركة.


وأيضًا فإنه كان على حسن روحاني، لو أنَّ لديه الرَّغبة والقدرة، ألا يدفع الشعب الإيراني دفعًا إلى الاحتفال بـ«إنجاز» كاذب ووهمي، وأن يبادر فورًا إلى الإعلان عن أن هناك مسؤولاً ومسؤولين عن هذه الكارثة، وأنه آن أوان المحاسبة، وأنه لا بد من فَتْح أبواب المحاكم ومحاسبة حتى الأموات على مغامرة دفع ثمنها الإيرانيون وعلى حساب قوت أطفالهم وتطور بلدهم ونموه، كل هذه الأموال الطائلة وكل هذه الأرقام الفلكية التي كان يجب أنْ تصرف بدل كل هذا العبث وكل هذه المغامرات على التنمية وعلى إنشاء المدارس والجامعات وعلى الطرق والسدود والمطارات والزراعة والصناعة.


وبالطبع فإن هذا مطلبٌ افتراضي وتعجيزي، فهذا الرئيس الإيراني حسن روحاني ليست لديه القدرة، حتى وإن كانت لديه الرغبة في فتح أبواب المحاكم لمحاكمة المسؤولين عن مسيرة إيران البائسة والمكلفة والمتعثرة والوهمية منذ عام 1979 وحتى الآن.. حتى هذه اللحظة فهو مجرد واجهة «ديكورية» لنظام صاحب القرار فيه هو الولي الفقيه ومرشد الثورة علي خامنئي، وهو قائد حراس الثورة الجنرال محمد علي جعفري، وهو بعض الذين يتدثرون بجزء من عباءة «الإمام».. وأيضًا ربما الذين يديرون أموال ولاية الفقيه التي تقدر بعشرات.. والبعض يقول بمئات المليارات.


كل وسائل الإعلام العالمية تحدثت عن أن الشعب الإيراني قد استقبل، ما اعتبره علي خامنئي ومعه حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف وبعض من يُعدون ويَعدون أنفسهم: «مسامير صحن» هذا النظام الغريب العجيب نصرًا مؤزرًا، بفتور واضح فهذا الشعب الذي ذاق الأمرين على مدى سنوات الثورة الخمينية الطويلة كان يعرف سلفًا أنَّ لعبة الحصول على القنبلة النووية لعبة فاشلة، وأن كل هذه المليارات التي صرفت كان يجب أن تُصرف على رخائه وعلى تطوير بلده، وأنه لم تكن هناك ضرورة لحرب الثمانية أعوام المعروفة ولا للصراعات التي افتعلها «آيات المعممين» في العراق وفي سوريا وفي لبنان واليمن والبحرين.. وفي الخليج (الفارسي)!! كله.. ومؤخرًا وكما يبدو في باكستان وأفغانستان وأيضًا في تركيا.


إنَّ هذه هي حقائق الأمور، وإنَّ هذا هو واقع الحال.. و«لا يغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم»، ويبقى أنه لا بد من العودة إلى السؤال المتداول الآن في وسائل الإعلام وفي المحافل الدولية كلها وفي كل مكان إنْ في هذه المنطقة الشرق أوسطية أو في العالم بأسره وهو: هل أنَّ إيران يا ترى ستُدرِك كَمْ أن الذين قادوها على مدى خمسة وثلاثين عامًا وأكثر قد ارتكبوا بحقها وحق شعبها جرائم لا تغتفر، ولذلك فإنَّ رفع العقوبات الجزئي يجب أن يدفع الشعب الإيراني إلى القول لمسؤوليه.. إلى الولي الفقيه ومن يشاركه في القرار وكل منْ حوله من جنرالات حراس الثورة وغيرهم: كفى.. كفى.. ولا بدَّ من تصحيح المسيرة والتوقف عن كل هذا اللعب والتلاعب.. لا بد من تغيير الاتجاه!!


وبوضوح أكثر.. هل أنَّ أصحاب القرار الفعلي في إيران، الذين ليس من بينهم لا حسن روحاني ولا محمد جواد ظريف.. وأيضًا ولا هاشمي رفسنجاني، باتوا يدركون أنَّه ثبت أن كل «ألاعيبهم» فاشلة، وأن النهاية المأساوية التي انتهت إليها محاولاتهم النووية، بعدما كلفت إيران والشعب الإيراني أكثر من مائتين وخمسين مليار دولار، أقنعتهم بضرورة الوقوف وقفة شجاعة مع الذات وتغيير المسار كله والبدء مجددًا ومن جديد من نقطة الصفر إنْ على الصعيد الداخلي وإنْ على صعيد العلاقات مع الجوار.. والعلاقات الخارجية؟!


وأيضًا وبوضوح أكثر فهل يا ترى سيأخذ الولي الفقيه علي خامنئي ومعه جنرالات حراس الثورة قرارًا تاريخيًا ويبادرون لفتح صفحة جديدة مع جوارهم العربي ويضعون حدًا فعليًا لتدخل إيران السافر في العراق وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن وفي البحرين.. وانسحابها - أي إيران - من الجزر الإماراتية الثلاث: «أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى».. هل سيحدث هذا؟.. أم أنَّ كل ما يُقال في هذا الصدد وفي هذا المجال هو مجرد أمانٍ وافتراضات وهو مجرد أضغاث أحلام؟!


قبل ساعات قليلة من إعلان الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية، عن أنَّ إيران قد استجابت لكل ما طلب منها بالنسبة للتخلي عن كل تطلعاتها النووية وتفكيك كل «المفاعلات» المتعلقة بهذا الشأن، وأنه لا بد من رفع العقوبات المتعلقة بهذا الشأن عنها، ظهر قائد حراس الثورة الجنرال محمد علي جعفري على شاشات فضائيات العالم كلها وهو يعلن عن أنه تم تدريب (مائتي ألف) من الشبان وإرسالهم إلى العراق وسوريا واليمن وباكستان وأفغانستان.. فماذا يعني هذا؟!


ثم وبعد ساعات قليلة فقط صدرت الأوامر وربما من الجنرال محمد علي جعفري نفسه إلى قائد «الحشد الشعبي» في العراق هادي العامري، الذي هو ضابط مرموق في حراس الثورة الإيرانية، بارتكاب تلك المجزرة البشعة التي ارتكبت ضد العرب السنة في المقدادية وفي ديالي وتدمير تسعةٍ من مساجدهم.. فماذا يعني هذا؟!


وكذلك وفي الوقت ذاته فإن المعروف أن نظام بشار الأسد قد أعلن عن أنه يعد لهجوم عسكري كبير على مدينة حلب، وأن حراس الثورة، الذين فقدوا جنرالاً كبيرًا في هذه المنطقة خلال الأيام الأخيرة، سيشاركون في هذا الهجوم، وسيشكلون طليعته.. فماذا يعني هذا؟!
هناك مثل شعبي يردد بكثرة ودائمًا وأبدًا في منطقة بلاد الشام يقول: «لو أنها ستشْتي (تمطر) لكانت غيَّمتْ أولاً»، ولذلك ولأن إيران مستمرة في مواقف وسياسات ما قبل الرفع الجزئي للعقوبات عنها، ولم يبدر عنها ما يشير إلى أنها عازمة على ولو التخفيف من تدخلها في الشؤون الداخلية لكثير من الدول العربية فإنه علينا ألا نتفاءل لا كثيرًا ولا قليلاً بأن هناك تغييرًا مرتقبًا لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد في النهج الإيراني والمستمر منذ عام 1979 وحتى الآن!

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٣ مايو ٢٠٢٥
"الترقيع السياسي": من خياطة الثياب إلى تطريز المواقف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)