مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٠ ديسمبر ٢٠١٧
رسائل واضحة من أردوغان إلى الولايات المتحدة

كشف خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، أمام كتلة حزبه في البرلمان أنه لن يكون من الممكن وضع العلاقات التركية الأمريكية حتى في إطار التوتر المسيطر عليه.

السفير الامريكي المنتهية ولايته في أنقرة جون باس صرح حول حبس موظف القنصلية الأمريكية بأن تركيا تسعى بهذه الخطوة للانتقام، وهذا ما أثبت أن الصدع في علاقات الجانبين عميق جدًّا.

وضعت الولايات المتحدة أنقرة أمام مشهد لا صلة له بمقتضيات الشراكة الاستراتيجية في الملف السوري والمحاولة الانقلابية والتعاون مع وحدات حماية الشعب.

سعت أنقرة لخفض التوتر في كل قضية على حدة، بيد أنها كانت تستشعر قدوم العاصفة في قضية زرّاب. وأدركت مرة أخرى أن "الحرب الدبلوماسية" مع بلد كالولايات المتحدة لن تسفر عن نتائج لصالحها.

في مواجهة أردوغان تقف إدارة أمريكية صبت الزيت على نار المحاولة الانقلابية منتصف يوليو، وهي مصممة على محاسبة تركيا على التحالف مع روسيا وإيران وعملية الباب في سوريا، ومتفقة مع الاتحاد الأوروربي بشأن التضييق على تركيا.

لا شك أن أنقرة ارتكبت أخطاء سواء في قضية زرّاب أو الملف السوري، لكن ذلك لا يغير حقيقة أن الولايات المتحدة تنكأ جراح تركيا.

وفي هذه الظروف جاءت رسائل أردوغان في خطابه المذكور، شديدة اللهجة، ومما لا شك فيه أن العبارات التالية لم تأتِ عن عبث:

- ليس لدى تركيا خطة ضد الولايات المتحدة لكن من الواضح الآن أن أمريكا لديها خطة ضدنا. وصلت إلى شمال سوريا عربات مصفة وأسلحة وذخيرة على متن شاحنات تراوح عددها ما بين ألفين وثلاثة آلاف. أين ستستخدمها أمريكا؟ ضد إيران أو تركيا، أو إذا تجرأت ضد روسيا.. نحن مجبرون على فعل ما يلزم.

- كيف لنا أن نقبل تعاون حليف لنا مع الإرهابين، يضعهم تحت حماية قواته فقط من أجل عرقلة العمليات العسكرية التركية؟

- عند الجلوس إلى طاولة المباحثات يقول هذا الحليف إنه "يضع النقاط الحساسة في الاعتبار"، لكنه يمارس شتى أنواع الخيانات على الأرض، فكيف يمكننا إقامة مستقبل مشترك مع هذا الحليف؟ تصرفنا بعناية شديدة حتى اليوم من أجل عدم إلحاق الضرر بعناصر القوات التي نعتبرها صديقة، لكن استمرار ذلك متعلق بمراعاة المسائل الحساسة بالنسبة لنا.

- القضية في الولايات المتحدة (قضية زرّاب) لا علاقة لها بالقانون أو التجارة من قريب أو بعيد. المراد منها هو تشتيت الانتباه، لتسريع إنجاز المشروع المناهض لتركيا في سوريا والعراق.

- هذه القضية هي مشروع خاص بمجموعة تنتمي للإدارة الأمريكية.

- من الآن فصاعدًا لن ننظر إلى الأقوال، وإنما إلى الأفعال على الساحة.

رسائل أردوغان هذه تعلن بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين.

اقرأ المزيد
١٠ ديسمبر ٢٠١٧
كيف نحاصر حصار روسيا؟

قامت السياسة الروسية في سورية على الخنق والاحتكار، فسعت، من دون كلل أو ملل، إلى حصار كل من يقول لا لنظام الأسد عسكرياً وسياسياً ومعنوياً.

في الجانب الأول، حوّلت سورية إلى حقل تجارب لأسلحتها، وأسقطت على أرضها وشعبها ما فاق ما أسقط من قنابل في الحرب العالمية الثانية ست مرات، وتجاوز عدد السوريين الذين قتلتهم روسيا العشرة آلاف، وضاعفت مناطق سيطرة النظام جغرافياً.
سياسياً، حمت روسيا نظام الأسد داخلياً وإقليمياً ودوليا. داخلياً بترتيب "مصالحاتٍ" عبر التفاعل مع من كانوا تحت الحصار، وبنسج علاقاتٍ مع فصائل مقاومة للأسد، بذريعة حمايتهم، كونها صاحبة دكان "خفض التصعيد". إقليمياً، بابتزاز كل قوة إقليمية تدعم المعارضة عبر استغلال حاجتها أو توتر علاقاتها مع قوى أخرى، أو بإشراكها ضامنا كما حدث مع تركيا.

ودولياً، استغلت إدارة الظهر الأميركية للقضية السورية ومنهجية "التكتكة" التي اتبعتها الإدارات الأميركية المتعاقبة، لتصل إلى احتكار الملف السوري والتحكّم بمسيره.

وزادت على ذلك حماية مطلقة في مجلس الأمن، مستخدمة حق النقض (الفيتو) 11 مرة، لحماية منظومة الأسد من الإدانة. هذا إضافة إلى حصارها المبعوث الأممي وضبط إيقاع أدائه.

معنوياً، لم تترك روسيا فرصةً لنسف مصداقية المعارضة، إلا واستغلتها إلى أبعد حد، بداية ببعثرتها، والمساهمة بإيجاد ما سميت "منصات" عبر "دحش" تلك المنصات في قرار مجلس الأمن الدولي 2254، مستخدمة ذلك ذريعة لتطعن بأهلية التمثيل للمعارضة، ولم يكفها ذلك، بل ابتدعت محطة أستانة، لتجعل منها منصةً لتحقيق ما ذكره القرار عن "وقف إطلاق النار"، ولكن بشكل مشوه، ليبدو وكأن الوصفة الأنجح والواقعية لمناطق تقسيم على خطوط الواقع، الأمر الذي حمل تهديداً وحصاراً من نوع جديد للمناطق المحرّرة وأهلها.

بعد كل هذا الإطباق العسكري والسياسي والمعنوي على الجبهة المضادّة لمنظومة الاستبداد الأسدية كان لابد لروسيا من ترجمة "منجزاتها" إلى ثمرة سياسية، تعيدها إلى صاحبة قولٍ فصل في السياسة العالمية، تدفعها إلى ذلك استحقاقات روسية داخلية، تتمثل باقتراب استحقاق رئاسة بوتين الرابعة لروسيا، وحدث مباريات كأس العالم في روسيا الصيف المقبل. ومن هنا، تراها متوترة ومستعجلة لجني الثمار من سياسات الخنق والحصار المنتهجة في سورية.

ينعقد مؤتمر الرياض 2 الذي صرحت بأنها تشجعه، والأمل يحدوها، على ما ثبت، بأن يتفجّر أو يخرج هزيلاً، ولكن مخرجاته ربما صدمتها. فها هو مؤتمر الرياض يسحب ورقة تبعثر المعارضة، ويخرج ببيان ما توقعت أن يكون سقفه بهذا الارتفاع، وتحضر المعارضة جنيف 8 بوفد واحد، وأداء متميز عالي المهنية. ويقابل ذلك أداءٌ أخرق غير مسؤول لوفد من تحميه وتحصّنه، لتسقط إحدى دعائم الحصار الروسي للثورة والمعارضة.

من هنا، وبعد تقويض أحد أهم أعمدة الحصار الروسي هذا، لا بد من التفكير باستهداف أعمدة الحصار الأخرى عبر استراتيجيةٍ تأخذ نقاط الارتكاز التالية في منهجيةٍ تفضي إلى حصار الحصار الروسي ذاته. أولها الاستفادة من حالة الاستعجال والتوتر الروسي في جني ثمار ما فعلت في سورية، والسعي إلى تعميق تضارب المصالح الروسية الإيرانية في سورية، باستغلال التوتر الخفي بين البلدين، وخصوصا إحساس إيران بأن روسيا تحتكر الملف السوري لنفسها، على الرغم من كل ما استثمرته إيران في الحالة السورية. ويُكتفى، هنا، بذكر عناوين عناصر تلك الاستراتيجية المضادّة لقوى الثورة والمعارضة في مقاومة الهيمنة والحصار الروسي للقضية السورية:

أولا، البداية من التصدي لمؤتمر سوتشي الذي أرادته روسيا ورقةً احتياطية مراهنةً على فشل مؤتمر المعارضة "الرياض 2"، واعتبار سوتشي "مصالحةً كبيرة مهينة"، "ودمل جرح على زغل" خارج إطار الشرعية الدولية، وحرف للمسار الأساسي في جنيف، لإيجاد حل للقضية السورية.
ثانيا، إحياء دور أصدقاء سورية وتعزيزهم، والاستفادة من مواقفهم الرافضة مؤتمر سوتشي، والملتزمة مسار جنيف.

ثالثا، لا بد من العمل مع تركيا ضامنا في محادثات أستانة على ربط حضورها بعدم حضور "سوتشي"، أو الموافقة عليه، تحت يافطة أنه ليس إلا وضع العربة أمام الحصان، وأن الحوار الوطني في تسلسله في إيجاد حل سياسي في سورية يأتي بعد انتقال سياسي، يكون الأمان قد حل نسبياً في سورية.

رابعا، في مقابل مؤتمر سوتشي، لا بد لقوى الثورة والمعارضة من السعي الفوري إلى عقد مؤتمر وطني لتلك القوى، كي يظهر أن ما يمكن أن تفعله روسيا في سوتشي ليس إلا تجميعاً لمنسجمين، حسب مواصفات الأسد في حديثه عن "مجتمع متجانس". وفي المؤتمر الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، لا بد من تجلي الحضور الذي وجد في "الرياض 2" بكل أطيافه، إضافة إلى الذين وقفوا موقفاً سلبياً من المؤتمر، وبذلك يبرز طيف من المعارضة ينهي كل تلك المحاولات الروسية الخلبية في سوتشي وغيرها.

أخيراً، لا بد من لملمة الأمور العسكرية للفصائل، بالعودة إلى الاستفادة من آلاف الضباط المنشقين الذين حيّد دورهم، والبحث عن أدوات مقاومةٍ إبداعيةٍ لإعطاء وهج جديد لمقاومة منظومة الاستبداد ومن يحميها.

اقرأ المزيد
١٠ ديسمبر ٢٠١٧
لهذا «الاحتلال الإيراني» أخطر من الإسرائيلي رغم خطورته!

نسب إلى قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني»، وبالصوت والصورة، أنه قال خلال الحرب العراقية – الإيرانية: «عداؤنا ليس جديداً، لقد قدمنا تضحيات لكسر شوكتهم وكبح جماحهم وتدمير أمجادهم المزعومة... نحن نقاتل من أجل هدف سام وكبير... نحن نقاتل من أجل استعادة إمبراطورية لم يبق منها سوى الأطلال... نضحي ونقاتل لكي لا يبقى شبر من أرض فارس ولا ساعة تحت سيطرة أناس يسكنون الصحارى... إن الأهم هو بسط النفوذ الإيراني وليس هزيمة العراق». والمعروف أنَّ صاحب هذا الكلام الآن مستشار في حكومة العراق.

وبالطبع فإن هذا كان قد قاله الخميني وغيره من كبار المسؤولين الإيرانيين قبل حرب الثمانية أعوام العراقية – الإيرانية، وخلالها وبعدها، ثم عندما يصدر عن طهران الآن ورسمياً أن إيران غدت تسيطر على أربع عواصم عربية، وأنها حققت هدف أن يكون لها ممر بري يربطها بشواطئ البحر الأبيض المتوسط، ألا يعني هذا أنَّ الإيرانيين - والمقصود هنا هو الحكومة والمؤسسة المذهبية وليس الشعب - يسعون فعلاً لاستعادة ما يسمونه «أمجاد فارس»، والسيطرة إنْ لم يكن على الدول العربية كلها فعلى «المشرقية» منها، أي بلاد الشام والعراق واليمن والخليج العربي كله؟!

كنا قد سمعنا في وقت مبكر، يعود إلى ما قبل الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003، وفتح أبوابه على مصاريعها للإيرانيين، بعد إلغاء دولته و«فرط» مؤسساته، وحل جيشه وأجهزته الأمنية، عن تباهي كبار المسؤولين في طهران، من معممين وغير معممين وجنرالات عسكريين، بأنه قد أصبح لهم هلال فارسي، أطلقوا عليه وصفاً مذهبياً، يبدأ باليمن ويمر بكثير من دول الخليج العربي، الذي يصرون على أنه خليج فارسي، وصولاً إلى العراق وسوريا وإلى لبنان على شواطئ البحر الأبيض المتوسط الشرقية، وهنا فإن ليس أغلب الظن فقط؛ بل المؤكد، أنه لولا إنشاء التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وتصديه للأطماع الإيرانية ولحلفائها المحليين في اليمن، لقام هذا الهلال الفارسي فعلياً، ولكانت هذه المنطقة مجالاً حيوياً إيرانياً، ولتم استكمال هذه الدائرة الجهنمية. ولهذا فإننا قد سمعنا ولا نزال نسمع تبجح كبار المسؤولين في طهران، من معممين وغير معممين، بأن إيران باتت تسيطر على أربع عواصم عربية، وأنها حققت ممرها البري الاستراتيجي بالوصول إلى ضاحية بيروت الجنوبية.

ولعل ما تجب الإشارة إليه هنا، أنه كما صمت الأميركيون والروس والإسرائيليون، ومعهم الغرب الفاعل والمؤثر كله، على هيمنة إيران على العراق وسوريا ولبنان، ومحاولات هيمنتهم على اليمن، فإنهم يصمتون الآن عن محاولات التمدد الإيراني في المنطقة العربية كلها، ما منها في آسيا وما منها في أفريقيا، والمعروف أن دولة الولي الفقيه التي تستخدم العمامة السوداء لاستعادة ما تسميه أمجاد فارس القديمة، قد حاولت ولا تزال تحاول، وقد حققت بعض النجاحات في استخدام بعض المكونات المذهبية «التفتيتية» و«التمزيقية» التي غدت تعتبرها جزءاً من العائلة الطائفية التابعة لها، لتحقيق، إنْ لم يكن كل، فبعض تطلعاتها في هذه المنطقة، ومع التأكيد هنا على أنَّ المقاومة الفعلية التي تواجهها هي مقاومة الشيعة العرب الذين استيقظ وجدانهم القومي - العروبي، كما في العراق في الجنوب، وفي الفرات الأوسط.

والدليل على هذا هو «انتفاضة» اليمن الأخيرة التي جاءت رداً على تمادي الإيرانيين في السعي لتحويل الحوثيين، وأيضاً المذهب الزيدي، المعروف باعتداله ووسطيته، وباقترابه من المذهب الحنفي والمذهب الشافعي، إلى حزب فارسي، وعلى غرار ما تم في العراق من خلال ميليشيات «الحشد الشعبي»، وفي سوريا من خلال كل التنظيمات الطائفية المستوردة حتى من أفغانستان وباكستان، التي أصبحت لها مستوطنات تشبه المستوطنات الإسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة وفي الضفة الغربية.

والمشكلة هنا أن هناك من يجد صعوبة في اعتبار أن الاحتلال الإيراني «الزاحف» في المنطقة العربية أخطر من الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وفي هضبة الجولان السورية. وحقيقة إنَّ هؤلاء ينطلقون من منطلقات إسلامية لها كل التقدير والاحترام، لو أن إيران تتصرف بدافع إسلامي صادق، وليس بدوافع ثأرية وتوسعية فارسية قديمة، لا ينكرها حتى كبار المسؤولين الإيرانيين، وإلا ما معنى أن يقول قاسم سليماني هذا الذي تمت الإشارة إليه آنفاً؟! وما معنى أن يقول غيره إنَّ إيران غدت تسيطر على أربع عواصم عربية، وإنّ إيران قد حققت «ممرها» البري الذي يربطها بشواطئ المتوسط الشرقية؟ ثم ما معنى أيضاً أنْ تواصل طهران سعيها الدؤوب لاستكمال هلالها الفارسي الذي تريده ممتداً من الحديدة على شواطئ البحر الأحمر، وحتى ضاحية بيروت الجنوبية على شواطئ المتوسط الشرقية، مروراً بالخليج العربي كله، الذي تصر على أنه خليج فارسي، وبالطبع مروراً بالعراق وسوريا؟

إنه لا يمكن إلا اعتبار أن الدولة الإسرائيلية كيان معادٍ، وسيبقى معادياً إلى أن تتحرر فلسطين كلها، من البحر إلى النهر، ثم إنه لا يمكن إلا اعتبار أن الحركة الصهيونية حركة استعمارية سابقاً ولاحقاً والآن، وفي المستقبل، فهذه مسألة محسومة ولا نقاش فيها، وهنا فإن المفترض أن تكون إيران إلى جانب الأمة العربية في صراعها التاريخي مع الدولة الصهيونية المحتلة، وهو صراع سيبقى مستمراً ولن ينتهي إلا بتحرير آخر ذرة من تراب فلسطين؛ لكن وهذا يجب أن يقال: «ما كلّ ما يتمنى العرب يدركونه»، والمشكلة أن هذه الدولة الإيرانية تتصرف تحت تأثير ثارات «فارسية» قديمة، وأنها تسعى الآن لاحتلالٍ في هذه المنطقة كالاحتلال الصفوي للعراق، الذي تواصل بكل ثقله وعنصريته لسنوات طويلة.

ربما هو صعب؛ بل هو في غاية الصعوبة أن تكون هناك مقارنة بين الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث ولـ«عربستان»، والآن للأربع عواصم العربية التي يفتخر الإيرانيون بأنهم باتوا يسيطرون عليها، وبين الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؛ لكن ما العمل ما دامت هذه هي حقائق الأمور، وحقائق الأمور هي أن الاحتلال الإيراني أشد خطورة من الاحتلال الإسرائيلي.. نعم أشد خطورة من احتلال إسرائيل؛ لأنه مصحوب بأبعاد مذهبية وطائفية وعقائدية، ولأنه مزق وسيمزق الجزء الشرقي من العالم العربي مذهبياً وطائفياً، ولأنه انطلق وينطلق من الاستناد إلى بؤر سعت هذه الـ«إيران» إلى تحويلها إلى ألغام موقوتة، وهذا مع الاعتزاز بأن هناك صحوة وجدانية قومية عروبية في العراق وفي اليمن، وبالطبع في سوريا ولبنان.

إن إسرائيل دولة محتلة، فهذا لا نقاش فيه إطلاقاً، وهي ستبقى معادية للعرب ما دامت تحتل ولو ذرة تراب واحدة من فلسطين؛ لكن المعروف أن احتلالها لا يقترن بأي أبعاد «عقائدية» ومذهبية، كما في بعض الدول العربية التي تستند إلى بعض ضعاف النفوس في الكيانات الطائفية في هذه الدول، وكما هو الوضع بالنسبة لإيران، ولذلك فإننا نجد أننا مجبرون على اعتبار أن الاحتلال الإيراني أشد خطورة من الاحتلال الإسرائيلي الذي هو زائل لا محالة، وسواء طال الزمان أم قصر!!

اقرأ المزيد
٩ ديسمبر ٢٠١٧
مناصحة حسن نصر الله!

كنت في زيارة إلى القنصلية اللبنانية بمدينة جدة تلبية لدعوتها التي تلقيتها بمناسبة زيارة وزير الصحة اللبناني إلى السعودية، وكانت فرصة للالتقاء من الشخصيات اللبنانية وكم كان لافتاً السؤال المكرر الذي تلقيته طوال الليلة، وهو لماذا أنت غاضب وعاتب علينا؟ قلت لهم في كل مرة أنا لست غاضباً، لكن من حرصي على لبنان قلت وأعيد ما قلت، بلدكم محتل ومختطف من قوى الشر وتوجيه السهام المعادية باتجاه السعودية، وهذا عندي وعند السعوديين جميعاً خط أحمر لا يُسمح بالاقتراب منه.

هنا كان يأتيني الرد الساذج والسطحي: «ونحن ماذا نستطيع أن نفعل؟ نحن مغلوبون على أمرنا». هذه الأصوات السلبية هي نفسها التي تعطي وتمنح قوة الشر في لبنان الشرعية والجدارة والمصداقية بامتياز بلا جدال.

قال لي صاحب هذا السؤال: بماذا تنصحنا؟ قلت له: إنكم تتعاملون مع حسن نصر الله وكأنه غاندي أو نيلسون مانديلا بينما المفروض على أن يعامل كإرهابي! قال لي: لم أفهم قصدك. قلت له: دعني أوضح لك؛ الحكومة المصرية في حقبة التسعينات الميلادية الماضية سلكت أسلوب «المراجعة» مع الجماعات الإرهابية والمتطرفة؛ لأنها اعتقدت أنها تواجه جماعات وأفراداً ضل فكرهم وانحرفوا، وبالتالي استوجب الأمر مواجهتهم بالخطاب الديني الوسطي والسوي، وهذا البرنامج أتى بنتائج مهمة ومميزة، وأدى إلى عودة العديد من الجماعات المنحرفة والضالة إلى الطريق السوية، وكذلك الأمر في السعودية التي أسست مراكز للمناصحة، وأقامت مراكز فيها للحوار مع الجماعات المتطرفة المنحرفة، وأدى ذلك إلى عودة الكثيرين إلى جادة الصواب وطريق الحق بعد أن تمت مواجهتهم بالأدلة والبراهين بأنهم على ضلالة، وأيضاً تكرر هذا الأمر بالأسلوب نفسه في تونس والجزائر والمغرب للجماعات المتشددة المنحرفة، وأتى بنتائج إيجابية للغاية.

حسن نصر الله و«حزب الله» جماعة منحرفة وضالة فكرياً في حاجة إلى أن تتم مواجهتها من قِبل كبار علماء المذهب الذين لا يعترفون بولاية الفقيه، وهم الأغلبية الساحقة في المذهب نفسه، ومعاملته على أنه ضل الطريق وصاحب فكر إرهابي متطرف وفي حاجة إلى علاج ومناصحة وبرنامج إعادة تأهيل.

كان ردي صادماً ومذهلاً لمن طرح علي السؤال؛ فما كان منه إلا أن صاح وقال: «شو عم تحكي»؟ قلت له: لم أقل إلا ما أراه مناسباً. إنكم تعاملون مجرماً وإرهابياً على أساس أنه شخص جدير بالثقة؛ وبالتالي سيستمر في التمادي بتجاوزاته دون أن يحسب لأي أحد أي اعتبار، ولا يرسم حداً لأي علاقة. جرّبوا المناصحة مع حسن نصر الله وقيادات «حزب الله» الإرهابي؛ لأنه هكذا يتم التعاطي مع المجرمين والخارجين عن النظام والقانون.

تركت الصديق وهو يتمتم غير مصدق لما قلت. وقلت له: فكّر فيها!

اقرأ المزيد
٩ ديسمبر ٢٠١٧
كيف تجلب روسيا الدول العربية إلى صفها على حساب واشنطن

يتابع خبراء البنتاغون بقلق ملحوظ تسرب روسيا والصين إلى شرق البحر الأبيض المتوسط والاقتراب من الخليج العربي، في الوقت الذي تدرس فيه مصر السماح لروسيا باستعمال أجوائها، واحتمال منح السودان قاعدة عسكرية لموسكو، إضافة إلى بدء التواجد الصيني في المنطقة القريبة من البحر الأحمر عبر قاعدة جيبوتي، التي دشنتها خلال الصيف الماضي.

وتتوالى المعطيات العسكرية المقلقة للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط عموما، رغم تراجع أهمية المنطقة في مخططات المؤسسة العسكرية الأمريكية، لكن سرعة التطورات تبقى مفاجئة وغير مرتقبة. وتبرز مراكز التفكير الاستراتيجي الأمريكية هذا القلق في دراسات وأبحاث متتالية.

في هذا الصدد، لم يستوعب الأمريكيون حتى الآن مخططات تركيا، بزعامة الرئيس طيب رجب أردوغان بشراء منظومة الصواريخ المتطورة أس 400. ويسود الاعتقاد وسط دوائر صنع القرار العسكري في واشنطن بأن روسيا قد تكون حصلت على تسهيلات عسكرية غير معلن عنها مقابل هذه الصفقة. ومنطقيا، لا يمكن لروسيا توقيع صفقة ذات طابع تجاري محض مع تركيا بشأن الصواريخ، إن لم تكن قد حصلت على تسهيلات عسكرية وتنسيق استراتيجي، لأن موسكو ليست بحاجة إلى مبلغ ملياري دولار (قيمة الصفقة). في الوقت ذاته، صواريخ أس 400 من الأسلحة الاستراتيجية جدا، التي تعدل أو تقلب موازين القوى، وعليه، يخضع بيعها لشروط وتسويات تكون في الغالب سرية، لاسيما وأن تركيا تعتبر عضوا في الحلف الأطلسي. وعلاوة على صفقة الصواريخ لتركيا، لم يأخذ الكثيرون بعين الاهتمام زيارة رئيس السودان عمر البشير إلى موسكو منذ أسبوعين، واستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له بشكل لائق للغاية، رغم ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية له. فقد رافق هذه الزيارة إعلان الخرطوم نيتها منح روسيا قاعدة عسكرية تطل على البحر الأحمر. ويأتي العرض السوداني إدراكا من هذا البلد بحاجة روسيا لقاعدة عسكرية تكون قريبة جدا من الخليج العربي، وتطل على المحيط الهندي، وتؤّمن لها حضورا مستمرا لضمان تواجد قوة وإمدادات في حالة نشوب أي نزاع في المنطقة. كما يأتي العرض السوداني في وقت ما زال الغرب ينبذ البشير ويصر على محاكمته، ولا يرغب في احتضانه من جديد.

وسيشكل توفر روسيا على قاعدة عسكرية على شواطئ السودان، بعدا استراتيجيا كبيرا للغاية، فستكون قريبة من قناة السويس وقريبة من الخليج العربي، وهذا يجعل منها دولة قادرة على التأثير في الملاحة العسكرية والتجارية الدولية، وتغيير الكثير من الموازين، فهي تتواجد بقوة في سوريا، خاصة في قاعدة طرطوس، وهذا يعني قربها من قناة السويس، وفي حالة تواجدها في  السودان، سيجعلها تحضر في البوابة الجنوبية للقناة عبر البحر الأحمر، وفي الوقت ذاته، قاعدة عسكرية روسية في السودان سيترتب عنها التقليل من تأثير القواعد الفرنسية والبريطانية والأمريكية المنتشرة في المنطقة. وما يميز روسيا عن الولايات المتحدة، هو أنها عندما تقيم قاعدة عسكرية في دولة ما، فهي تحاول مد هذه الدولة بالصناعة العسكرية، ولو بشكل  محدود لصنع الدخائر الحربية. وتهدف السودان من وراء القاعدة العسكرية، ضمان الدعم الروسي لتجنيب السودان التقسيم والتفتت مستقبلا، كما حدث مع الجنوب. ويتحدث الرئيس السوداني عمر البشير كثيرا هذه الأيام عن مخططات غربية لتقسيم السودان إلى دويلات. والمعادلة هي: قاعدة روسية يساوي تجنب التقسيم، لأن القاعدة العسكرية تعني الدعم السياسي الروسي في مجلس الأمن، كما تعني الدعم العسكري اللامشروط للحفاظ على الخريطة السياسية السودانية من دون تغيير. ومن ركائز الفكر الجيوسياسي الروسي حاليا هو عدم المس بالخرائط السياسية للدول، وتعلن موسكو معارضتها الشديدة للتقسيم، وتناهض مطالب الأقليات بالانفصال وتأسيس دول جديدة.

ودائما في إطار المعطيات الجيواستراتيجية الآخذة في التبلور وتستحق الاهتمام، يأتي الإعلان الروسي عن وجود مباحثات مع مصر من أجل استعمال سلاح الجو الروسي أجواء هذا البلد العربي. والإعلان عن هذا المعطى لا يعد استثنائيا، فقد رفعت مصر من صفقات الأسلحة الروسية خلال السنتين الأخيرتين، وكأن الزمن عاد إلى حقبة الناصرية، عندما كان الزعيم جمال عبد الناصر يقتني سلاحه من المعسكر الشرقي، وعلى رأسه الاتحاد السوفييتي. وتسعى مصر إلى تقديم خدمات عسكرية لروسيا رغبة منها في الحصول على أسلحة متطورة من جهة، والحصول على الدعم الفني والتقني المناسب لتطوير صناعة أسلحتها، بعدما أدركت عدم مساعدة الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة لها في هذا الشأن.
هناك عاملان يساعدان روسيا في بلورة استراتيجية الحضور الجديد في الشرق الأوسط، الأول وهو قرار الولايات المتحدة الانسحاب التدريجي من منطقة الشرق الأوسط لصالح منطقة المحيط الهادي، لاسيما بعد تحدي كوريا الشمالية، ومحاولة احتواء الصين. والعامل الثاني هو بدء الدول العربية العمل على تحالف قوي مع روسيا بعد ما تبين أنها لا تتخلى عن حلفائها الاستراتيجيين، كما نرى ذلك في الحالة السورية، حيث نزلت بكل ثقلها السياسي والعسكري، ليس محبة في الرئيس بشار الأسد، بل لكي تحافظ على وجودها في قاعدة طرطوس، فالأخيرة تؤّمن لها حضورا مزدوجا في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط. ومقابل الثقة في روسيا، تراجعت ثقة الدول العربية في الولايات المتحدة، لهذا تحولت موسكو خلال سنة 2017 إلى مكة السياسية لعدد من الرؤساء والملوك العرب بمن فيهم العربية السعودية.

اقرأ المزيد
٩ ديسمبر ٢٠١٧
عن مفاوضات الجعفري مع الأسد

كأننا في دائرة متحركة ومغلقة، ندور في التصريحات الأميركية ذاتها، بينما يتابع السيد بوتين اختباراته السياسية والعسكرية عبر الدم السوري، محاولاً مبادلة حجم احتلاله العسكري في سورية بملفات أخرى. لكنه واقعياً ما زال يراوح في المكان ذاته سياسياً، بينما تتفرج الإدارة الأميركية الترامبية عليه ولا تريد التفاوض معه.

تاريخ بوتين السياسي وبنية سلطته المافيوية، على رغم امتلاكها حق الفيتو، عاجزان بالمعنى البنيوي عن إحداث أي نقلة سياسية في الوضع السوري. سلطته تريد إخضاع العالم أجمع لإرادة مافيا سياسية، وأن تظهر بمظهر القوة العظمى بينما تعجز عن كسب احترام أوروبي واحد يحترم نفسه، فأي حل سياسي يمكن أن يخترعه بوتين!

لا شك يستطيع السيد بوتين أن يطلّ علينا بألف شكل فوتوغرافي، راسماً عبوسه الرهيب أمام ملايين السوريين، ويستطيع أن يوقّع ما يشاء من معاهدات مع نظام دموي مرعب، ولكن كل ذلك لا يمكن أن يجعله قائداً سياسياً، فالسياسة التي يتقنها الروس تستمد شكلها ومحتواها من تاريخ علاقتهم بالقمع والقتل وتجارة المافيات.

لا شك بأن حال عموم العالم سيء، ونحن محكومون بالقلق والخوف والرعب لا بالأمل، وحال سورية لا يمكن أن يتغير خطوة واحدة إلى الأمام ما دام بوتين ومعه الملالي يتحكمون بكامل الملف السوري، وما كراهية بشار الجعفري، الظاهرة عبر تصريحاته للشعب السوري، سوى إعادة إنتاج لوجهي بوتين والخامنئي سياسياً.

باختصار، يريد بوتين إعادة تجميل وجه النظام السوري ولا يمانع في دعم مهرجان سينما سوري بقيادة وليد المعلم والجعفري لمرافقة جولات التفاوض التي ستبقى بلا جدوى.

نعم بلا جدوى، ونظرة سريعة على تاريخ وصيرورة الطغاة أجمع تجعلنا نقول إن بشار الأسد ومعه من يدعمه لا يمكن لهم أن يعيشوا من دون حروب. وقبل الثورة السورية كان كامل الشعب السوري يعيش أيضاً في ظل حرب ولكن أحداثها كانت تجرى في أقبية الاستخبارات.

نريد أن نتفاءل، ولكن أعطوني سبباً واحداً للتفاؤل على المدى القريب، إذ يكفي أن تتمعنوا قليلاً في ما تفعله الإدارة الترامبية- الأوبامية في الملف السوري، لتعرفوا حجم الخسارات المقبلة.

أما عن وفد المعارضة السورية الموحد فيكفي أن نتفرج على أقوال السيد قدري جميل، وتسمية منصته لنعرف أي كوارث تتنظرنا.

لعل السوداوية السياسية في المشهد السوري مأخوذة من سوداوية المشهد في العالم أجمع، وأكبر شاهد على ذلك عدد المرات التي استخدم فيها بوتين الفيتو لحماية رأس بشار الأسد.

فواهمٌ من يعتقد أن موازين القوى على الأرض السورية هو ما يقود المفاوضات، لأنه بالمعنى السياسي سورياً لا توجد مفاوضات، كل ما في الأمر لعبة مافيات للضحك على العالم. نعم دعونا نتشاءم كثيراً ونبني رؤانا على تشاؤمنا، ذلك سيكون أفضل لنا سياسياً. نعم، نحتاج إلى المزيد من الصدمات لندرك أن هذه النظام لا يريد من التفاوض سوى إطالة عمره.

وتستمر المأساة للأسف.

اقرأ المزيد
٩ ديسمبر ٢٠١٧
«ما بعد داعش»: إيران تعطّل المخارج السياسية ولا أحد يمنعها

نهاية الحرب على تنظيم «داعش» في سورية والعراق، وانفراط التحالف بين الحوثيين وعلي عبدالله صالح في اليمن، والصدمة التي أحدثتها استقالة رئيس الوزراء اللبناني، تنطوي جميعاً على «فرص» يُفترض تفعيلها سواء لحلول أو مفاوضات أو عمليات أو تسويات سياسية، سعياً إلى استعادة استقرارٍ ما أو بحثاً عن بداياته، والهاجس كما يقال تغيير المناخ الفوضوي والظروف التي أفضت إلى ظهور الإرهاب. لكن سيناريوات التعطيل (سورية) والخداع وفرض الأمر الواقع (العراق ولبنان) والمغالبة العبثية (اليمن)، مرشحة لأن تستمر وتتكرّر. بالتالي، فإن «الفرص» الناتجة عن هذه التطوّرات قد تحبط وتضيع إذا لم تُستغلّ جيداً، إنْ لم يكن للبدء بإنهاء النفوذ الإيراني في «عواصمه» الأربع أو لـ «الحدّ منه» وفقاً للمصطلحات الأميركية، فعلى الأقل لمنع إيران من مواصلة تعطيل أي سلم أهلي، ما لم تتمكّن من قولبته مسبقاً لمصلحة نفوذها وميليشياتها.

في البلدان الأربع وغيرها في شمال أفريقيا، ولعل حسن روحاني كان يعني ليبيا عندما قال أن بلاده تتحكّم في أي قرار مصيري فيها، لا تريد إيران دولة طبيعية، بل أصبح جليّاً أنها تدعم مشاريع الانقسام والتقاتل الأهلي وتقويض الاقتصاد وتفتيـــت المؤسسات. قبل أيام، لم يخفِ قائد «الحرس الثوري» محمد علي الجعفري أن إيران استثمرت في «داعش»، إذ «لم يكن في مصلحتها القضاء على هذا التنظيم في بداية تشكيــله» فلولا بروزه وانتشاره «لما سنحت الفرصة لإيران لتشكيل الجماعات الكبيرة والصغيرة المسلّحة (الميليشيات) في كل أنحاء المنطقة ولتوحيد جبهة المقاومة»، و «ربما ما كنّا لنتوصّل إلى هذا المستوى من الجاهزية في جبهة المقاومة لولا الظروف التي أدّت إلى إيجاد تنظيم داعش». لم يشر الجعفري إلى أي دور إيراني في تصنيع هذا التنظيم، كأن «حرسه» التزم المراقبة الحيادية حين كانت مجموعات «داعشية» تنتقل من العراق إلى سورية حيث انتشرت في مناطق سيطرة المعارضة، بمساعدة مدفعية ولوجيستية قدمها النظام السوري وحليفه الإيراني، وفقاً لخطة جاهزة هدفها طرد فصائل «الجيش السوري الحرّ».

كيف يمكن القوى الداخلية والخارجية، مع افتراض توافر النيات والإرادات، أن تحول دون تجدّد الصراعات، ودون عودة الإرهاب بصيغة أشدّ وحشية، إذا لم تكن لديها الإمكانات الضرورية والكافية لجعل المرحلة المقبلة بداية خروج من النفق. لكن، كيف الوصول إلى هذه البداية مع طرف إقليمي هو إيران يرى مصلحته في أن يبقى «داعش» تهديداً ماثلاً، وفي استمرار الحرب في سورية في أي شكل وذريعة، وفي عرقلة ميليشياته أي مصالحة وطنية في العراق، وفي دفع حوثييه إلى «صوملة» مبرمجة لليمن، كما في إبقاء الانقسام والتوتّر أو رفع سيف الاغتيالات في لبنان. والواقع أن إيران لا تستمدّ تعنّتها من عقيدة نظامها فحسب، بل من عوامل لا تنفكّ القوى الدولية تقدمها إليه، وأهمها حالياً حال اللاتوافق الروسية - الأميركية. فمن جهة، تقيم روسيا شراكة معها في سورية على رغم السلبية المطبقة لدورها، ولا تنتقد تدخّلاتها في العـــراق واليمن ولبنان أو في دول الخليج بل تستغلّها في الابتزاز واستدراج المكاسب. وفي المقابل، انتقلت الولايات المتحدة من إدارة تغطّي مغامرات إيران قولاً وفعلاً إلى إدارة تتبنّى استراتيجية مــواجهة معها لكنها عاجزة عن ردعها. وبين الدولتَيــن الكبريَين تتشارك إسرائيل وإيران في البحث عن صدام عسكري لن يحسم شيئاً بينهما، لكنه يخدم مشاريعهما إذ لم يسقط التقاؤهما موضوعياً على ممارسة إرهاب الدولة، وعلى إبقاء نظام بشار الأسد ومواصلة التدمير والتخريب في سورية.

لا أوهام عند العراقيين والسوريين واليمنيين والللبنانيين، فإيران اخترقت مجتمعاتهم ومزّقت روابطها، وهم أول من عانى من إرهابها ولا يزالون، كما عانى الفلسطينيون من إرهاب إسرائيل ولا يزالون، ولا يضع هذه أو تلك عند حدّها ليبدأ عهد جديد في المنطقة العربية. وليست لدى هذه الشعوب أي مؤشّرات إلى أن القوى الدولية المعنية بأزماتهم مهتمّة فعلاً بطيّ صفحة «داعش» والتوجّه إلى إبراز وجوه الاعتدال والإصلاح والمدنية لدعمها بفاعلية. هذه القوى حرصت أشد الحرص على نثر أرقام عن قتلى «داعش» وكلّما ارتفعت كبر «النصر» من دون أن يعرف أحد أو يبالي بمدى دقّتها. لكن هذه القوى لم تُبدِ إدراكاً جدّياً لمغزى هذا الموت القسري القاسي لمئات آلاف المدنيين، بل إنها لا ترغب في التوقّف عند ما يعنيه وما يتركه في الأمكنة وأهلها، ولعله بالنسبة إليها مجرّد مصادفة سيئة أو حظ عاثر أو أضرار جانبية، أو كان يجب قتل هؤلاء ليُقتل «الدواعش»، لتحتفل إيران و «حزب الله» والحشد الشعبي» بالانتصار، وليهلّل الأسد و... يبقى في منصبه. يراد لموت هؤلاء المدنيين أن يكون مجانياً ليرث الاستبداد الاستبداد، أو يرث إرهاب إيران وميليشياتها إرهاب «داعش»، أو يصبح مجرمو الحرب مجرمين «منتخبين» في برلمانات لا تستحق هذه التسمية.

يتبيّن أكثر فأكثر أن القوى الدولية على اختلافها انتهت إلى خلاصة مشوّشة لكن مريحة لها، مفادها أن دعم هذه الشعوب وإنصافها استحالة، وأن إعادة تدوير الاستبداد وإنتاجه هو الإمكان الوحيد المتاح. هذه هي الرؤية التي تلتقي عليها إسرائيل وإيران، فالأولى طبّقتها بهمجية على مدى عقود، والثانية سارت على خطاها بصيغة أكثر وحشية، كأنهما تؤدّيان دوراً يلبّي رؤية ضمنية لروسيا وأميركا وغيرهما. هذا ليس تحليلاً تبريرياً للفشل العربي العميق، ولا انسياقاً في نظرية مؤامرةٍ ما، بل قراءة في وقائع صراع بعض هذه القوى في لبنان وعبره، ثم صراعاتها الحالية جميعاً في سورية وعليها، وفي جريمة الاستحواذ الإيراني على العراق، ودائماً في تخاذلها حيال جرائم الاحتلال الإسرائيلي وضربها آمال الفلسطينيين بالتخلّص من أبشع النماذج الاستعمارية. لعل الأكثر قتامة في هذه المرحلة أنهم يحمّلون وزر ونتائج إرهاب لم يكن كلّه ولا جلّه من صنعهم، لكن الأسوأ فيها أن الذين تنادوا للقضاء على الإرهاب زرعوا بذور نسخته التالية، فليس هناك أفضل منه وسيلة لإبقاء المنطقة وشعوبها تحت الوصايات ولو المتنازعة موقّتاً في ما بينها.

شعوب كثيرة خذلها المجتمع الدولي، لكن لا مبالغة في أنه جعل من المنطقة العربية استثناءً لا مجال فيها لاحترام أي عدالة أو حقوق. نعم، هناك خشية كبيرة من أن ينجح الروس والأميركيون إرادياً، مـــع شركائهم الإسرائيليــين والإيرانيين، في تحـــويل آمال «ما بعد داعش» إلى كوابيس ما قبل «داعش» التالي. فقد جُرّب الأميركيون في فلسطــين وفشلوا، وإذ تُسقط الإدارة الحالية كل المبادئ (لا اعتراف بوجود احتلال، أو بلا شرعية للاستيطان، أو بأرجحية حلّ الدولتين) فإنها تبحث الآن عن تنــازلات عربية واستسلام فلسطيني ليقـول دونالد تــرامب أن لديه «مشروع سلام». وجُرّبوا في اليمـــن حيث لم تلقَ الانتفاضة الأخيـرة على الحوثيين من واشنطن سوى دعوة إلى ضبط النفس، تمثّلاً حرفياً بدعوة طهران، كما كانتا تغطّيان استعدادات الحــــوثي لانقلابه. وجُرّبوا في العراق حيث تحوّل التقاسم الأميركي - الإيراني تمكيناً للعبث الإيراني بأحد أهم بلدان العرب.

وقد جُرّب الأميركيون مع الروس في ســـورية، فإذا بمفاوضات جنيف تتراوح بين الخدعة والكذبة، كما يقول كثرٌ من المتابعين. استغلّوها مصيدة لترويض المعارضة وثوارها وتمرينهم على التضئيل المضطرد لطموحاتهم ودورهم ورؤيتهم لمستقبل بلدهم. بل اعتمدوا مسار جنيف مؤشّراً تُقرأ من خلاله أحوال التقارب والتنافر بين موسكو وواشنطن وحلفائهما في الإقليم. وها همــ حوّلوه أيضاً مصهراً سياسياً لا بد للمعارضة من المرور به، بعدما منعوها من تحقيق انتصار عسكري بدا أكثر من مرة ممكناً، بل توافقوا على هزيمتها، مفضّلين نظاماً يعرفونه ويعرفون كيف يستغلّونه على «بديل» منبثق من الانتفاضة الشعبية يصعب التعامل مع تناقضاتها ومخزون مراراتها من خذلان المجتمع الدولي. وعلى رغم أن المعارضة تُقبِل على التفاوض بجدّية وتقدّم تنازلات لئلا تخسر على الجبهة أيضاً، فإن روسيا وإيران والنظام مصممون على مسار سوتشي لأنهم يريدون هزيمة شاملة للشعب السوري.

اقرأ المزيد
٨ ديسمبر ٢٠١٧
"قسد" خيار أميركا المفضّل في سورية

تبدو الجملة التي أطلقها وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، قطعيّة الدلالة في ما خص بقاء القوات الأميركية في المرحلة التي تلي الإجهاز على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فقوله على نحو ما نقلته صحيفة واشنطن بوست "لن نغادر مباشرة قبل التوصل إلى تسوية بين النظام والمعارضة" يشي بتوفر خطّة أميركية غير معلن عن تفاصيلها، لجهة البقاء في سورية، في المرحلة التي تلي الإجهاز على "داعش" بشكل مبرم.

يلقى الحضور الأميركي عبر التحالف الدولي لمحاربة "داعش" قبولاً في الشمال السوري، إذ لا توجد أي قوة تعترض على هذا الوجود أو ترفضه، لاسيّما وأن قوات سورية الديمقراطية (قسد) توفّر الأرضية الملائمة لبقاء القوات الأميركية، حيث أن هذه القوات باتت تحتكر الحق الحصريّ في مسألة التعاون مع أميركا وقوات التحالف في مجال مكافحة الإرهاب، والذي قد يمتد إلى مجالات أخرى.

لا تدلّ المؤشرات الأوليّة إلى رغبة الولايات المتحدة في الانسحاب من موقعها المريح في سورية، والبالغ التأثير على مستقبل الحكم المقبل وشكله، بل وفي خطوة غير مسبوقةٍ، صرّح مسؤولون أميركيون إن أعداد العسكريين والمستشارين والمدرّبين ستصل إلى ألفي جندي أميركي، في حين كان العدد السابق والمعتمد هو خمسمائة عسكريّ. ويأتي هذا الكشف الأميركي لعديد القوات العاملة إلى طبيعة برنامج حصر القوات، وإحصائها بدقّة، والمعروف باسم "فورس ماندجمنت ليفل" الذي سبق لإدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، أن اتبعته في العراق وسورية، بغية مراقبة القوات الأميركية العاملة خارج الأراضي الأميركية.

يعزّز من فرضية بقاء القوات الأميركية في سورية قلّة الأكلاف التي تتكبّدها الولايات المتحدة، فالكلفة المادية ليست ذات أثر بالغ، والبشرية تكاد تكون معدومة، والحديث هنا عن "صفر قتيل أميركي" في سورية، منذ بدء حملة التحالف الدولي ضد "داعش"، يؤكّد صواب القول القائل إن أميركا وحلفاءها عازمون على البقاء في المناطق التي انتزعوها من تنظيم داعش، بالاعتماد على "قسد" في ظل انعدام وجود أي قوة ترغمهما على الانسحاب، هذا فضلاً عن الهمس الذي بدأ يتعالى داخل الإدارة الأميركية حول خطأ الانسحاب من دون تعزيز دور السكّان المحليين في حكم المناطق الخارجة عن سيطرة "داعش"، والتي باتت إيران عبر مليشياتها المذهبية تملؤها تباعاً. ويؤكّد المشهد العراقي ما بعد "داعش" صحة هذا الزعم الأميركي، وإن كان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، قد قلّل، في وقت سابق، من شأن إيران، عبر وصفه إياها بـ "المتطفّلة" في معرض وصفه مزاعمها بمحاربة تنظيم داعش، إلا أنه أكّد بأن إيران هي "الطرف المستفيد" في سورية.

يمكن قراءة هذا التطوّر في التصريحات الرسمية الأميركية بأنها في باب ما ترمي إلى فرض حضورها مجدّداً، بعد أن أنشأت روسيا حلفاً جديداً جامعاً لما يمكن أن تسميه حلف الأضداد الإقليميين، حيث إيران وتركيا في صفٍّ واحد، وإن كان الاختلاف ماثلاً في تصوّرات هاتين القوتين، لجهة تفسير الأزمة وشكل الحل. إلى ذلك، تسعى تركيا إلى الابتعاد عن المنهج الذي رسمته الحكومة التركية بداية الثورة السورية، والمتمثل بخيار إسقاط نظام بشار الأسد، واستبداله بإسقاط مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي، الشريك الرسمي، بل المؤسس الفعلي لقوات سورية الديمقراطية (قسد) وعقله المدبّر. وفي إزاء ذلك، تسعى إيران إلى إيجاد ربط جغرافي مكين بين الأراضي العراقية والسورية، وتمنح هذه الأمور وسواها دور روسيا تقدّماً على غريمه الأميركي، ونقطة إضافية تحسب لصالح روسيا التي أجادت ربط الفاعلين في المشهد السوري بعضهم إلى بعض، عبر لعبة التنازلات المتبادلة للأطراف، والتي قد تتضافر أكثر في مؤتمر سوتشي للحوار، الذي تتهدّده منغّصاتٌ من قبيل حضور حزب الاتحاد الديمقراطي، الواجهة السياسية لوحدات حماية الشعب (الكردية) ما يزيد من إحجام تركيا التي ما فتئت أن هجرت حليفها الأميركي الذي تقرّب وشد من أزر وحدات حماية الشعب و"قسد". وبالتالي، قد تشكّل مسألة حضور غريم تركيا في مؤتمرٍ كهذا بدايةً لخلافٍ مقبل بين روسيا وتركيا، لكن الخلاف المتوقّع هذا لن يعيد تركيا إلى أميركا التي يبدو أنها حسمت موقفها الداعم لـ "قسد".

تشد هذه التحركّات الروسية التركية الإيرانية المشتركة من عصب أميركا، وتضعها أمام سياسةٍ عمادها الإصرار على دعم "قسد" في ظل غياب شركاء فعليين يدعمون السياسة الأميركية في المنطقة، بالتالي البقاء في سورية إلى أن تتم التسوية السياسية الكبرى.

لا تعمد الولايات المتحدة إلى إنشاء كيان كردي في سورية على غرار كردستان العراق، إلّا أنها في ظل عملية التفاضل داخل سورية لا تجد طرفاً أكثر ثقة في التعامل، وكذلك ثقلاً بقدر "قسد" بتكوينه الكردي - العربي الحالي. إلى ذلك تعرف "قسد" ومن خلفها الاتحاد الديمقراطي أن أميركا لن تقدم على خطوات "صفرية"، بمعنى أن تتركها في مرمى نيران تركيا والنظام وإيران وأظافرها الناشبة في جسد سورية. وقد يمكن قول إن أفضل ما تقدّمه أميركا للأكراد و"قسد"، وكذا أفضل ما يمكن أن يتوقعه الأكراد هو أن تمنح أميركا الأكراد فرصة أن يكونوا جزءاً من العملية السياسية المقبلة، وأن يمنحوا فرصتهم في الحضور الدولي والإقليمي، باعتبارها قوى ساهمت في دحر "داعش" وقوة مكافئة للنظام السوري.

في الأفق، لا يبدو أن القوات الأميركية ستتخلى عن حليفتها "قسد"، لأنها ليست مقبلة على الانسحاب في المرحلة التي تلي هزيمة "داعش" المبرمة؛ فقد يخفّ عديد القوات الأميركية العاملة على الأرض، أو قد يزداد في شكلٍ طفيف، إلا أنه من المستبعد أن نتصور الأميركان وقد تركوا الحبل على الغارب، بالشكل الذي يسمح لإيران أن تشكّل إمبراطوريتها الإقليمية، أو بالشكل الذي يسمح لتركيا بأن تجنح أكثر في مسيرة مشاكسة مصالح أميركا في المنطقة، وتبديل تحالفاتها كيفما تشاء، وأيضاً ليس في مصلحة أميركا أن تهب سورية الهشّة هذه إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وبالتالي تطويبه مالكاً حصرياً لواحدةٍ من أهم المناطق في شرق المتوسط.

اقرأ المزيد
٨ ديسمبر ٢٠١٧
روسيا وحرس إيران الثوري

كلما اقتربت العمليات العسكرية الروسية في سورية من نهايتها اتضحت مظاهر العجز عن قطف النتائج، وانكشفت هشاشة الادعاء بأن روسيا غدت صاحبة القول الفصل في الصراع السوري، وحاملة المفاتيح لحله. صحيح أن روسيا تمكنت من الحيلولة دون سقوط النظام السوري، وأنقذت إيران من هزيمةٍ محققةٍ في سورية، وعموم المشرق العربي، بتدخلها العسكري خريف العام 2015، إلا أن روسيا تجد نفسها اليوم في مأزقٍ كبير، فلا هي قادرةٌ على الاحتفاظ بقواتٍ عسكرية كبيرة في سورية، بسبب تكلفتها الباهظة، ولا هي قادرةٌ على سحبها قبل قطف النتائج السياسية لتدخلها العسكري، لأن ذلك يعني، ببساطة، تسليم سورية لإيران، كما سلمت أميركا لها العراق، عندما انسحبت منه أواخر العام 2011. صحيحٌ أن روسيا انتزعت اتفاقيةً مدتها 49 عاما تنظم وجودها في ميناء طرطوس السوري على البحر المتوسط، لكن هذه الاتفاقية لا تضمن لروسيا النفوذ الكافي في سورية، مع استمرار وجود آلاف من عناصر المليشيا الإيرانية التي تستعد، حال انسحاب روسيا، للسيطرة على كل مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية والأمنية في طول البلاد وعرضها.

وعلى الرغم من كل مظاهر السلطة والنفوذ التي تملكها، أو يظهر أنها تملكها في سورية، لا تبدو روسيا قادرةً على الحد من نفوذ المليشيات الإيرانية على الأرض، ولا على وقف المشروع الإيراني المتمثل بتحويل سورية إلى حالة لبنانية أخرى، بإنشاء سلطة مسلحة موازية (على شاكلة حزب الله) تملك القرار الأمني والسياسي في البلد، من دون أن تتحمل مسؤولية الحكم والتعامل البروتوكولي مع العالم الخارجي.

ويعد فشل قمة سوتشي الثلاثية التي عقدت في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الصراع في سورية، بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، أحد مظاهر العجز الروسي الذي أخذ يتبدّى بصورة متزايدة في التحكّم بالنتائج السياسية للصراع السوري. ووفق أكثر التسريبات، فشل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في انتزاع تعهد من نظيره الإيراني، حسن روحاني، بسحب المليشيات التي يديرها الحرس الثوري في سورية، وسط تنامي الشكوك بين طهران وموسكو بعد اجتماع بوتين مع رئيس النظام السوري في سوتشي قبل يومين من القمة الثلاثية، وهو اجتماعٌ جرى الترتيب له من دون علم طهران، لأن الطائرة العسكرية الروسية التي أقلت الأسد إلى هناك مرت عبر الأجواء التركية هذه المرة، وليس عبر أجواء العراق- إيران، كما حصل في المرة الماضية.

ويشك الإيرانيون في أن الرئيس بوتين أعطى التزاما للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال قمتي هامبورغ (ألمانيا) ودانانغ (فيتنام)، بإخراج المليشيات الإيرانية من سورية، في بادرةٍ يُراد منها مساعدة ترامب في التغلب على المعارضة الشديدة التي يواجهها لتحسين العلاقة مع موسكو، في ضوء تعمق التحقيقات بشأن دور روسي محتمل في الانتخابات الرئاسية الأميركية الماضية. وعلى الرغم من نفي وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وجود هذا الالتزام، إلا أن الحرس الثوري الإيراني كثف، في الآونة الأخيرة، حركة مليشياته في سورية، فيما يشبه استعراض قوة لمواجهة ضغوط موسكو على روحاني، لسحب هذه المليشيات.

وبدا لافتاً في اليوم التالي لقمة سوتشي تصريح قائد الحرس، الجنرال محمد علي جعفري، بأن النظام السوري مدين ببقائه "لمليشيا الشعب"، وأن عليه لذلك "تطبيع" وضع هذه المليشيات واستيعابها وشرعنة وجودها. ويعد الحرس الثوري مليشياته في سورية ضمانة نفوذه فيها، لكن الأخطر أنه يعدها لحماية مصالحه الاقتصادية هناك. فالحرس يخطّط لامتلاك جزء كبير من الاقتصاد السوري، لدعم إمبراطوريته الاقتصادية في إيران، ويبدو أنه يستعد للانخراط بشكل واسع في مشاريع البنية التحتية، وإعادة الإعمار في سورية، وهناك تقارير أجنبية عن مشاريع كبرى منحت فعلا لمؤسسات الحرس في سورية، وأن العمل سيبدأ عليها بحماية مليشياته. إذا فشلت روسيا في تحديد النفوذ الإيراني، ونجح الحرس في بناء إمبراطوريته الاقتصادية في سورية، لإعالة إمبراطوريته المليشياوية، بأدوارها الأمنية والسياسية، تكون روسيا قد خسرت استثمارا مهماً في سورية، لكن السوريين يكونون قد خسروا وطنًا، وهو ما لا ينبغي أن يقع، مهما كان الثمن.

اقرأ المزيد
٨ ديسمبر ٢٠١٧
لبنان أولاً وأخيراً لـ «حزب الله»؟

إن عودة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عن استقالته أمر مطمئن للبنان بعد التوصل مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري إلى ضرورة نأي لبنان عن الصراعات الإقليمية والتدخل في شوؤن أشقائه العرب. هذا الالتزام الجديد ينبغي أن يكون جدياً وألا تكون تطورات اليمن الأخيرة مع مقتل علي عبدالله صالح فرصة لوكيل إيران «حزب الله» في لبنان أن يستمر في تدخله إلى جانب الحوثيين وتدريبهم ووضع لبنان ومؤسساته في خطر. لبنان لم يعد يحتمل صدامات وحروباً. ولولا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لكانت توترات المنطلقة اندلعت في لبنان. ويوم الجمعة تعقد الدول الداعمة للبنان اجتماعاً برئاسة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان وبحضور مؤكد للوزير الأميركي ريكس تيلرسون لتأكيد أن فرنسا وأميركا والدول الأعضاء في مجلس الأمن حريصة على بقاء لبنان مستقراً وآمناً في منطقة تحيطه بنيران الحروب والتوترات التي هو بغنى عنها.

وكانت فرصة أول من أمس لبعض الصحافيين و»الحياة» من بينهم، للتحدث مع الرئيس الفرنسي ماكرون حول تحركه النشط إزاء لبنان ودعمه الرئيس الحريري. فقد أكد رغبته في الاستمرار في ذلك. فلبنان ليس متروكاً دولياً بفضل ماكرون وبعض الديبلوماسيين الأميركيين النشطين في الدوائر الأميركية المسؤولة ومن بينهم سفيرة أميركا في لبنان إليزابيت ريتشارد الحريصة على ألا يشهد لبنان المزيد من زعزعة الاستقرار. ولكن المهم أن يدرك «حزب الله» أنه حان الوقت ليغير سياسته ويوقف تدخلاته في المنطقة من حربه في سورية وتدخله في اليمن حيث يدرب الحوثيين الذين تمدهم إيران بالسلاح كي يريح لبنان بعض الشيء. فأي مقاومة هذه التي يتحدث عنها حسن نصرالله وهو يقاتل في سورية وفي اليمن لحساب إيران؟ وهل هو رهينة لإيران إلى حد أنه مستعد لزعزعة أمن لبنان للتدخل في اليمن؟

إن التسوية التي مكنت الحريري من العودة عن استقالته أتت بفضل توحيد جهود الرؤساء عون والحريري وبري لإدراكهم الخطر. فحلف عون وبري مع «حزب الله» قد يكون مفيداً إذا التزم الحزب عدم التدخل في اليمن. ولكن الوضع السياسي الإقليمي وتداعياته على لبنان تجعل التزام النأي عن الصراعات بالغ الهشاشة على رغم خطورته. ولا شك أن لبنان بحاجة ماسة إلى النأي عن الصراعات لأن هذا البلد عاش حرباً أهلية مدمرة وصفها في كتابه أستاذنا الراحل غسان تويني الحرب من أجل الآخرين. فلبنان اليوم بغنى عن حرب للآخرين. فلتحاول هذه الحكومة بعد التسوية والالتزام الجديد أن تنظر في حاجات شعب مستاء من طبقته السياسية يتطلع إلى الحصول على أوضاع معيشية توفر له الكهرباء والصحة البعيدة من تراكم النفايات وعلى الإنترنت للعمل وهذه أدنى الأمور المطلوبة، والحكومة حتى الآن فشلت في شكل ذريع في ذلك. فعلى رئيسها أن يستفيد من استعادة شعبية كبرى بعد ما حصل ومن وحدة الصف كي يطلق ورشة عمل سريعة يستفيد منها شعب متعطش إلى عيش كريم في بلد يتمنى أبناؤه البقاء فيه وعدم مغادرته للعيش في الخارج. فعلى «حزب الله» أن يفهم أنه حزب لبناني أولاً وأنه لا يمكن أن يبقى الوكيل الدائم لإيران لأنه عاجلاً أو آجلا سيكون ذلك على حساب اللبنانيين وليس من مصلحة كل الطوائف فيه.

إن «حزب الله» قد يكون الركن الأقوى في المعادلة العسكرية في لبنان مثلما هو في سورية على الأرض دفاعاً عن الأسد ضد الشعب السوري، ولكن السيطرة بالقوة لا تعني النجاح. فما معنى تدمير سورية وقتل وتهجير شعبها وبقاء الأسد؟ وما معنى دعم الحوثيين على حساب لبنان؟ فحان الوقت أن يراجع «حزب الله» حساباته ويجعل من هذه التسوية والالتزام الجديد توجهاً جدياً بهذا المعنى.

اقرأ المزيد
٨ ديسمبر ٢٠١٧
سوريا: بدأت حرب التسوية

بعدما عرض الرئيس بوتين أمام الأسد إنجازات جيشه في سوريا والنجاحات المحققة فوق الميدان، دعاه للتعرف على الجنرالات الروس الذين خاضوا الحرب السورية! بحرارة شكرهم الأسد معترفاً بفضل كل واحدٍ منهم، موحياً أنه معهم بمثابة قائد الفيلق السوري في الجيش الروسي وشريك لهم فيما تم تحقيقه.

تلا الاستعراض المدبر اللافت في مغزاه، الحديث الحقيقي، فأسمع بوتين ضيفه ما مفاده أن العملية السياسية ستبدأ انطلاقاً من انتهاء الحرب على «داعش» وبدء تفكيك «النصرة»، واستناداً إلى عملية احتواء الصراع الداخلي المسلح في مناطق «خفض التصعيد».

كان حديث الرئيس الروسي شاملا، وأراد أن يُسمع لدى الحلفاء وكل الشركاء في إنجاز التسوية السياسية في سوريا، لذا كان معبراً عن تشديده على أن العملية السياسية تتطلب تسويات وتنازلات من جميع المشاركين بما في ذلك النظام السوري، وأن معايير البنية المستقبلية للدولة السورية ينبغي أن ترتكز إلى دستور جديد، تتم على أساسه انتخابات رئاسية وبرلمانية برعاية أممية.

الحديث الروسي الذي انطلق من انتهاء الحرب على الإرهاب، رأى أن سوريا أمام ثنائية جديدة تقوم على نظام تقابله معارضة، والسقف السياسي لكل ما ردده الرئيس الروسي لم يخرج عن جوهر بيان فيتنام الأميركي - الروسي الذي ركز على ضرورة الإصلاح السياسي، مستبعداً الآن عملية الانتقال السياسي، بما معناه أن الأسد باقٍ ولو إلى حين، وهذا ما توقف عنده مؤتمر الرياض للمعارضة السورية الموحدة، التي وإن تمسكت بمبدأ خروج الأسد في بداية المرحلة الانتقالية، وهذا أمر بالغ الأهمية، فإنها ذهبت إلى جنيف واضعة جانبا كل الشروط السابقة، وهي تعلم أن النقاش في الدستور، كما النقاش في الانتخابات والآليات التي سيتم اعتمادها، سيمر حتماً على كثير من جوانب المرحلة الانتقالية، أو المبادئ العامة التي ستحكم مستقبل سوريا.

تلكأ وفد النظام السوري في الذهاب إلى «جنيف - 8» وناور، لكنه حضر في نهاية المطاف، ثم انسحب، في خطوة أشبه بمكابشة واحراج مباشر لروسيا قبل سواها.

استخدمت موسكو سوريا منصة لعودة روسيا إلى المسرح العالمي بوصفها دولة كبرى، وهي في سبيل ذلك كل تحالفاتها تكتيكية تتبدل وفق مصالحها، وخطط روسيا بوصفها دولة «ضامنة»، وإرادة الزعيم الروسي الإطلالة بوصفه أحد «صنّاع السلام»، هي نتيجة لتحقيق انتصار روسي صريح، حيث بات كل شيء محكوما بمشيئة موسكو. لذلك عندما تستبق الخارجية السورية «جنيف - 8» بوضعها سقفاً منخفضاً لجدول أعمال جنيف بأنه سيناقش مواد في الدستور الحالي، دستور الأسد لعام 2012، وسيتعرض للبحث في انتخابات تشريعية دون الإشارة للانتخابات الرئاسية، يأتي الرد من الوزير لافروف بأن جدول أعمال جنيف يتضمن الإصلاح الدستوري والتحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية برعاية دولية.

باختصار، الحرب على الإرهاب انتهت و«الرياض 2» وحّد المعارضة بنسبة كبيرة، والموقف الأميركي، المدعوم روسياً، الذي يقضي بتوسيع الوفد المعارض ليضم ممثلين عن «قوات سوريا الديمقراطية» (الأكراد)، لا بد أن تتم معالجته بنهاية المطاف مع المعارضة ومع الجانب التركي، وربما كان لهذا الموضوع بعض التأثير على تأخير جولة المفاوضات الجديدة، لأن موسكو عبر الناطق الرئاسي رأت أن «هذه المباحثات أساسية ولا بد من مشاركة الجميع فيها وهذه المشاركة هي ضمان لصلاحية تلك الاتفاقات التي يتعين التوصل إليها».

إن رأس النظام السوري مدرك أنه مع بدء المباحثات الجدية سيتم وضع مصيره على الطاولة، ولا بد أنه بدأ يتحسس رقبته منذ عودته من سوتشي، وهو يعرف أكثر من سواه أن كل نصائح طهران التي تنطلق من هاجس السيطرة والنفوذ لن تغير كثيراً في النتائج، ومهما تردد من أن ما تحقق فوق الميدان السوري وفّر أرضية لتسوية، على قياس مصالح النظام السوري وطهران، لا يتجاوز كونه حلم ليلة صيف، فالروسي موجود بقوة، وهو من قدم التزامات الحل السياسي، حيال أنقرة وحيال الرياض، كما حيال واشنطن والمجتمع الدولي.

اليوم مع أن كل المطروح ليس عادلاً لجهة إحقاق حقوق السوريين، فأوراق التسوية ليست على مسارٍ واحد، وكذلك ما من جهة تستطيع معرفة المدى والمراحل لبلوغ التسوية، وليس سراً أن موسكو التي ترعى مسار «آستانة» وتتمسك بإطلاق مسار «سوتشي»، ستتابع مخططها في جعل «جنيف» مجرد غطاء لتسوية أخرى تعمل لها، تسوية تكون أولاً وقبل أي أمر آخر على قياس المصالح الروسية، لكن المشكلة التي تعترض المنحى الروسي، تكمن في أنها بحاجة لتفاهم ما مع أميركا، وهو أمر لا يبدو أنه قريب، فلا أميركا وضعت لها سياسة ورؤية للمنطقة، ولا الوضع الأميركي الداخلي والتصدعات على خلفية ما أُعلن عن تدخل روسي في الانتخابات الأميركية، يتيح للرئيس ترمب عقد قمة كاملة مع الرئيس بوتين... لأجل ذلك ليس معروفاً بعد الزمن الذي ستستغرقه حرب التسوية.

رغم كل القتل والاقتلاع والتغيير الديموغرافي، فإن انتهاء الأعمال القتالية، رغم ما تتعرض له الغوطة، أمر كبير في حدِّ ذاته، فسوريا لم تتفكك ولم تتشظ وإن واجهت الفوضى المخيفة، والانتصار الروسي لم يشطب مطالب السوريين، والبحث السياسي آتٍ، وسيوفر الأرضية لاستكمال ملفات سوق المجرمين الكبار والمتدخلين معهم للعدالة الدولية.

اقرأ المزيد
٧ ديسمبر ٢٠١٧
تركيا تتجه إلى إدلب وعينها على عفرين

على وقع العملية العسكرية التركية في إدلب لا تتوقف التهديدات التركية بعملية عسكرية ضد عفرين بحجة انتزاعها من سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، ومع ان عفرين خارج منطقة خفض التصعيد التي جرى الاتفاق عليها في آستانة إلا أن الإصرار التركي على القيام بهذه العملية لا يتوقف وهو يطرح السؤال التالي: لماذا عفرين؟

في الواقع، على رغم أن عفرين معزولة جغرافياً عن بقية الكانتونات الكردية في سورية الا أنها تحتل أهمية استراتيجية كبيرة في المشروعين الكردي والتركي معاً، فكردياً تشكل عفرين الجسر الجغرافي الذي يصل المناطق الكردية بعضها ببعض على شكل إقليم متواصل جغرافياً، فضلاً عن وصل حدود هذا الإقليم بالبحر إذا أتيحت ظروف التقدم للمشروع الكردي، وفي الوقت نفسه فإن جوهر المشروع التركي يهدف إلى منع تحقيق هذا المشروع، نظراً إلى أن من شأن تحقيقه، خروج الأمور عن السيطرة وتشكيل مقومات الكيان الكردي، وربما تصبح الفيديرالية على طاولة تسوية الأزمة السورية، وعليه فإن مصير عفرين يقع في صلب الصراع الجاري في الشمال السوري.

تركيا التي خرجت من حلب خالية الوفاض لمصلحة النظام وحلفائه الروس والإيرانيين و «حزب الله»، ترى في مسار التقارب مع روسيا وإيران مجالاً للتفاهم على عملية في عفرين، على غرار تكرار لعملية درع الفرات، بل ترى أن عملية درع الفرات لم تستكمل أهدافها طالما ان منبج ومعها مثلث الشيخ عيسى وتل رفعت واقعة تحت سيطرة قوات سورية الديموقراطية، إذ إن هذا الوضع الجغرافي قد يتيح في ظروف مرحلة ما بعد تحرير الرقة من «داعش» تحرك هذه القوات باتجاه عفرين لوصلها بالكانتونات الكردية، وتركيا التي أبعدت عن معركة تحرير الرقة بقرار أميركي، تشعر بقلق شديد من عدم وقف واشنطن دعمها العسكري إلى الأكراد بخاصة ان الوعود الأميركية بهذا الخصوص تأخذ طابع الغموض ومحاولة خلق حالة توازن في علاقاتها بين الحليفين الكردي والتركي في وقت لا يتوقف أردوغان عن مطالبة الإدارة الأميركية بالاختيار بينهما، وعليه ربما ترى أنقرة ان كلفة الانتظار باتت أكبر من كلفة عملية عسكرية استباقية تقطع الطريق أمام المشروع الكردي نهائياً. وعليه، فإن الحديث في تركيا ليس عن العملية بل عن عمقها ومداها ومراحلها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي يؤخر قيام تركيا بعملية عسكرية في عفرين؟ في الواقع، ثمة اعتقاد بأن الذي يؤخر مثل هذه العملية هو انتظار أنقرة موافقة أو تفاهمات مع روسيا وإيران غير متوافرة إلى الآن، وإذا كانت تركيا على مسار إيران انقلبت على حليفها الكردي مسعود بارزاني وتراجعت عن سياستها السابقة في العراق لمصلحة القوى الموالية لإيران، فإنها على مسار موسكو تبدي حماسة للتفاهم معها على خطواتها في شأن الأزمة السورية، بل وتغامر بعلاقاتها مع الغرب في عقد صفقات أسلحة ضخمة مع موسكو من نوع المنظومة الصاروخية الدفاعية اس 400، كل ذلك على أمل دور مؤثر في شمال سورية، وهي تنطلق من هذه القناعة بأن عملية إدلب قد تكون مدخلاً لها للوصول إلى عفرين.

في الواقع، ملامح العملية التركية في إدلب تشير إلى ان عفرين هي الهدف الأهم لتركيا، فعملية إدلب لم تسجل حتى الآن اي اشتباكات بين القوات التركية والجماعات المسلحة المنضوية في «هيئة تحرير الشام»، وفي كثير من الأحيان تجري خطوات هذه العملية بالتنسيق بين القوات التركية و «جبهة النصرة»، كما ان عمليات التصفية داخل قيادات الجبهة توحي بتأثير استخباراتي تركي قوي في قرارات قادة التنظيم والتحرك وفقاً للمساعي التركية. وعليه من الواضح أن التحرك التركي تجاه إدلب في إطار تفاهمات آستانة يتجاوز هذه التفاهمات وحدود إدلب، إذ إن الهدف هو عفرين لكن القيام بأي عملية ضد الأخيرة يخضع لحسابات دقيقة ومتداخلة لها علاقة بالموقف الروسي بالدرجة الأولى. يبقى القول إن تركيا في مقاربتها لعفرين لا تترك أمام الأكراد إلا تكرار تجربة عين العرب (كوباني) حتى لو تعرضت لدمار كبير.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان
● مقالات رأي
٣٠ يوليو ٢٠٢٤
التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري 
المحامي عبد الناصر حوشان
● مقالات رأي
١٩ يونيو ٢٠٢٤
دور تمكين المرأة في مواجهة العنف الجنسي في مناطق النزاع: تحديات وحلول
أ. عبد الله العلو 
● مقالات رأي
١٩ يونيو ٢٠٢٤
صمود المرأة ودورها القيادي في مواجهة التحديات
فرح الابراهيم