"صمت الفصائل وتخاذل المجتمع الدولي" يفتك بالسوريين أكثر من أي سلاح
لم يكن السلاح الكيماوي والأسلحة المتعددة المستخدمة في قتل الشعب السوري وحدها من يفتك بأجساد أبنائه صغاراً وكباراً، بل إن الصمت المطبق واللامبالات التي تتعامل بها فصائل الثورة في الشمال والجنوب وخذلان المجتمع الدولي له وقع أكبر وأكثر في قلوب السوريين المعذبين في الداخل والخارج أكثر من الكيماوي وكل الأسلحة الفتاكة.
كل الدماء التي أريقت في حلب وداريا والوعر وحمص والغوطة أخرها دوما، وكل مشاهد الموت البطئ خنقاً في خان شيخون ودوما لم تحرك الدماء لدى قادة الفصائل المتصارعين على السيطرة والنفوذ وتقاسم المعابر والموارد في المناطق المحررة، والشعب يكابد ويعاني ويترقب لحظة إعلان النفير للثأر والرد لدمائه.
مئات المناشدات أطلقت والوعود والبيانات من قبل فصائل الجنوب السوري الأقرب إلى الغوطة الشرقية لإطلاق معركة حقيقية تساند المحاصرين، إلا أنها لم تكن إلا نداءات عابرة تكرر ماحصل في الحملة التي واجهتها مدينة داريا وحيدة، أما فصائل الشمال فتتناحر وتتصارع على بقعة ارض تضيق بالمهجرين إليها من كل حدب وصوب، باتوا يحتاجون لهدن واتفاقيات لوقف قتل بعضهم البعض.
وعن العالم المتخاذل والذي يكتفي بالتنديد والوعيد للتدخل ووقف المذبحة اليومية بحق الشعب السوري، فلم تستطع قرارات مجلس الأمن ولا اتفاقيات حقوق الإنسان منع الموت اليومي على المدنيين، كذلك لم تنفع كل التهديدات في كبح جماح الإجرام لدى الأسد وروسيا لاستخدام الأسلحة الفتاكة في قتل كل حياة.
نقف اليوم أمام مشاهد الموت بألوانه وأشكاله، تقتلنا مناظر الدماء والأشلاء ألف مرة في الثانية، وتلك الصور لأطفال ونساء نيام دون صحوة بعد أن ضاقت أنفاسهم وحرموا حتى من الهواء بعد حرمانهم من الغذاء والدواء لسنوات عدة في الحصار، نقف عاجزين عن تقديم أي شيئ، لن نناشد العالم لنجدتها فهو من يتأمر علينا ويعطي الضوء الأخضر لقتلنا، ولن نطلب من الفصائل التحرك فهي كجسم غلبه الوهن رهنت نفسها وقرارها وغفلت عن مهمتها الأساسية في حماية الشعب الثائر وباتت أداة بيد الغرب والشرق لقتل بعضها البعض وتضعف ثورتنها كل يوم بصراعاتها وخلافاتها وشقاقها.
فسطاط المسلمين اليوم تستباح، نساء وأطفال سجيت أجسادهم فوق بعضها البعض، خنقت بغاز السارين الذي استخدمه الأسد ولا ناصر ولامعين لهم إلا الله، فكم وكم تغنوا بنصرة الفسطاط، ولكن لن ينفع الندم ولن ينفع الشتم واللطم فالفاجعة كبيرة والتخاذل يقتلنا أكثر من أي سلاح.