الضربات العسكرية بسوريا وامتصاص فورة "الكيميائي"
قصفت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بعض المواقع في العاصمة السورية دمشق، بعد منتصف ليلة السبت 14 أبريل/ نيسان.
أعلنت الدول الثلاث أنها دمرت بعض الأهداف الاستراتيجية في هجوم جاء ردًّا على ارتكاب النظام السوري مجزرة بالسلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية.
لكننا لا نعلم ما مدى نجاح الضربات في إزالة الخطر الكيميائي الذي تتحدث عنه الدول المذكورة.
وعلى الرغم من أن العملية المدعومة من جانب فرنسا وبريطانسا اقتصرت على ما سلف ذكره، إلا أن أصداءها وتداعياتها مستمرة.
الخارجية التركية أعلنت في بيان لها عن "ترحيبها" بالعملية الأمريكية ضد الأسد. نعم، اللغة الدبلوماسية تكون متحفظة. تتحرك الدول بما يتناسب مع أهدافها على المدى القريب والبعيد، وليس بموجب العواطف.
لهذا أعتقد أن لبيان الخارجية هذا، الذي أثار استياء البعض منا، تبرير منطقي. على سبيل المثال، دور الوساطة الذي سعت إلى أنقرة بين الولايات المتحدة وروسيا في الأزمة الأخيرة قد يكون واحدًا من أسباب صدور البيان.
فتركيا، بتصرفها الأخير هذا، أظهرت أن موقفها المشترك مع روسيا وإيران في بداية الأزمة هو خيار استراتيجي وليس علاقة تبعية.
ولم تقع أنقرة في الخطأ الذي ارتكبته في عهد رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، من اتباع موقف ملتزم بشكل كامل مع الولايات المتحدة.
لكن بصفتي صحفي يتابع المستجدات منذ سنين، ومواطن ليس مجبرًا على التصرف بطريقة دبلوماسية، فأنا لا أرحب بالضربات العسكرية على سوريا كما فعلت الخارجية التركية.
لأنه على الرغم وجود الكثير من الذرائع المكشوفة والخفية لضرب النظام السوري، غير أني على ثقة تامة بأن أي منها لا يتعلق بمجازر الأسد، أو بالآلام التي يعانيها السوريون.
أعتقد أن شيفرة العملية العسكرية ضد سوريا تكمن في تصريح أدلى به رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق مايك بومبيو المرشح لمنصب وزير الخارجية، حول الصورة المشهورة لأردوغان وبوتين وروحاني، وقال فيه: "يمكننا أن نكون جزءًا من المباحثات".
ولهذا سيكون هناك ضربات مشابهة في الأيام القادمة يلجأ إليها ترامب الموصوف بأنه "غر" في الملف السوري، وماكرون الساعي للتغطية على الاضرابات، وماي التي تحاول التكفير عن خطيئة البريكست.
لكن ما لا شك فيه هو أن حل الأزمة السورية سيأتي عن طريق مبادرة من بلدان المنطقة، وليس من خارجها.