يُعاني الآلاف من المصابين بالحروق خلال فترة الحرب في سوريا، من ندوب لاتزال مستمرة، باتت جزءاً من واقعهم الصحي، تتطلب جهود حكومية جادة لمعاينة واقع هؤلاء والنظر في مشكلاتهم التي يواجهون، وطبيعة علاقتهم بالمجتمع المحيط، بسبب التشوهات التي تعرضوا لها والآثار النفسية والجسدية التي خلفتها.
ويُشكل عامل الفقر والظروف الاقتصادية القاسية، عائقاً أمام تلق الرعاية الطبية لكثير من هؤلاء المصابين، إذ لم يتمكنوا من تلقي العلاج أو الخضوع لعمليات الترميم، فبقيت آثار الحروق ندوباً دائمة ترافقهم في تفاصيل حياتهم اليومية.
لم تقتصر معاناة هؤلاء على الألم الجسدي، بل امتدت إلى نظرات الآخرين التي تحمل نفوراً، وإلى المرايا التي تُعيد إليهم لحظة الاحتراق كلما نظروا إليها، وبالرغم أن الحروق ليست ظاهرة جديدة، إذ ارتبطت منذ القدم بظروف طارئة وحوادث مختلفة، فإن الحرب أوجدت أسباباً جديدة لتفاقمها، وجعلت الوصول إلى علاجها تحدياً شبه مستحيل.
ومن أبرز تلك الأسباب القصف الذي انتهجه نظام الأسد وحلفائه، لاسيما باستخدام الأسلحة الحارقة، علاوة عن حوادث احتراق خيم النازحين، لأسباب متنوعة، منها جراء انفجار البطاريات الموصولة بألواح الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى وسائل التدفئة والطهي البدائية التي تم الاعتماد عليها في المخيمات بسبب الفقر وعدم وجود بدائل أرخص.
ومن أقسى القصص التي سجلها النزوح، قصة الطفلة دلال، التي تعرّضت لحروق مروّعة قبل سنوات في أحد مخيمات إدلب، وغطّت تفاصيلها صحيفة سكاي نيوز البريطانية، كانت حينها في عمر 18 شهراً فقط، ونُقلت إلى مستشفى على الحدود التركية وهي في حالة ميؤوس منها.
وأشارت الطبيبة كاغاتي ديميرسي، التي أشرفت على حالتها، بحسب ما ذكرت الصحيفة، إلى أن الطفلة كانت محروقة بالكامل، وأصابعها فكانت سوداء، وكذلك أنفها وأذناها، لقد كانت مثل الفحم. كما فقدت شعر رأسها بالكامل، وامتدت النيران حتى البصيلات، ما يعني أن شعرها لن ينمو مجدداً بشكل طبيعي، حتى وإن تجاوزت هذه المحنة وتماثلت للشفاء.
وبحسب دراسات طبية فإن علاج الحروق التي تسبّبت بتشوّهات دائمة يتطلب خطة شاملة تشمل الجراحة الترميمية، مثل زرع الجلد أو إزالة الندوب، إلى جانب العلاج الفيزيائي للحفاظ على حركة المفاصل ومنع الانكماشات. كما يُستخدم اللباس الضاغط للحد من تشكّل الندوب البارزة، ويُرافق ذلك دعم نفسي لمساعدة المريض على التكيّف مع أثر الحرق اجتماعياً ونفسياً. ويُعدّ التغذية الجيدة والرعاية المستمرة من العوامل الأساسية في تسريع الشفاء وتحسين جودة الحياة.
لطالما شعر الأهالي بالعجز وهم يرون أبناءهم في مثل هذه الحالات، غير قادرين على مواصلة طريق العلاج الذي يتطلّب تكاليف باهظة، من مراجعات دورية لدى طبيب الجلدية، إلى جلسات الليزر، وغيرها من الإجراءات التجميلية التي تُحدَّد بحسب طبيعة الحرق ودرجته.
وذكر عدد من الأشخاص الذين قابلناهم أنهم حاولوا طلب المساعدة لعلاج أبنائهم المصابين، من خلال المنظمات العاملة في منطقتهم، لكنهم تلقّوا إجابات تفيد بأن الخدمات المطلوبة خارج نطاق أنشطة تلك الجهات. بعضهم لجأ إلى منصات التواصل الاجتماعي لإطلاق نداءات استغاثة، في محاولة للتخفيف قدر الإمكان من أثر الحروق.
يُعدّ الأشخاص الذين أصيبوا بحروق في مناطق من أجسادهم يمكن إخفاؤها، أكثر حظًا مقارنةً بمن كانت إصابتهم في وجوههم، حيث لا مجال لتجاهل تلك الآثار أو الهروب من نظرات الآخرين، خاصة أنهم كان لهم نصيب الأكبر بالتنمر من قبل البعض في الوسط المحيط.
تفاوتت الآثار السلبية التي عانى منها المصابون بالحروق تبعاً للفئة العمرية التي ينتمون إليها؛ فقد واجه الأطفال صدمة مبكرة نتيجة خوف أقرانهم منهم ورفضهم اللعب معهم بسبب مظهر الحرق غير المألوف، ما ترك أثراً موجعاً في نفوسهم وشعوراً بالنبذ والعزلة. أما الشباب والشابات، فواجهوا تحديات مختلفة، أبرزها صعوبة إيجاد شريك حياة يقبل بوضعهم، خاصة من كان حرقهم بارزاً لا يمكن إخفائه.
يبقى المصابون بالحروق في مواجهة قاسية لا تقتصر على آلام الجسد، بل تمتد إلى نظرات الاشمئزاز والخوف التي تعمّق جراحهم النفسية، وتدفعهم نحو العزلة والانطواء. ومع عجز الكثير من الأهالي عن تأمين العلاج المناسب لأبنائهم، يصبح الاحتواء والدعم المجتمعي ضرورة لا بد منها، لا مجرّد خيار. فهؤلاء بحاجة ماسّة إلى من يمدّ إليهم يد التفهّم والرحمة، كي يتمكنوا من تجاوز محنتهم، واستعادة حياتهم بعيدًا عن النبذ أو الإقصاء.
أعلنت وزارة الصحة في الحكومة السورية، يوم الاثنين 30 حزيران/ يونيو، عن إطلاق بعثة طبية تطوعية بالتعاون مع الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS)، وذلك بمشاركة مجموعة من الأطباء المتخصصين القادمين من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
وتأتي هذه البعثة في إطار الجهود الرامية لتعزيز الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، حيث ستبدأ البعثة عملها اعتبارًا من 29 حزيران الجاري وتستمر حتى العاشر من تموز 2025، موزعة على عدد من المحافظات السورية.
ووفق بيان الوزارة، ستقدّم الفرق الطبية خدمات طبية مجانية تشمل مختلف العيادات التخصصية والعمليات الجراحية، بما يتناسب مع الإمكانيات المتوفرة في كل موقع.
وتشمل المحافظات المستفيدة من هذه المبادرة كلاً من دمشق، حمص، حماة، حلب، درعا، ودير الزور، حيث سيتمكن الأهالي من الاستفادة من خدمات نخبة من الأطباء المتطوعين عبر مراكز طبية محددة في كل محافظة، بعد التسجيل المسبق من خلال الرمز الرقمي (QR) المخصص لذلك.
تسعى هذه المبادرة إلى دعم المنظومة الصحية المحلية والتخفيف من الأعباء المعيشية، في ظل ما تشهده البلاد من تحديات مستمرة على الصعيد الطبي والخدمي.
يُشار إلى أن وزارة الصحة في الحكومة السورية كانت قد أعلنت عن إطلاق الحملة تحت شعار "شفاء.. يداً بيد من أجل سوريا" بتاريخ 5 آذار/مارس الماضي.
ونُفذت الحملة بالتعاون مع المكتب الطبي للتجمع السوري في ألمانيا (SGD)، ومنظمة الأطباء المستقلين (IDA)، وجمعية الأطباء والصيادلة السوريين (SyGAAD)، إلى جانب عدد من المنظمات الإغاثية الأخرى العاملة في أوروبا والمملكة المتحدة.
وشارك في الحملة نحو 100 طبيب سوري مقيم في ألمانيا وأوروبا والمملكة المتحدة، بهدف تقديم الرعاية الطبية والجراحية المجانية للفئات الأشد احتياجاً.
ولضمان الوصول إلى الفئات الأكثر حاجة، أُطلق رابط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتضمن استمارة تسجيل تحتوي على أسئلة تتعلق بالحالة المرضية وسبب الحاجة إلى التدخل الجراحي، ليتم بعد ذلك اختيار المستفيدين بناءً على معايير دقيقة تضمن وصول الخدمات لمن هم بأمس الحاجة إليها.
بحث وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو، اليوم، مع وفد من المنظمة الدولية للهجرة (IOM) سبل تعزيز التعاون في ملف عودة اللاجئين السوريين، خاصة في ما يتعلّق بتأمين الحق في التعليم للأطفال العائدين والمتسربين، وذلك خلال لقاء عقد في مبنى الوزارة بالعاصمة دمشق.
وضم الوفد الزائر كلًا من محمد عبد يكير، كبير موظفي المنظمة، وعثمان بلبيسي، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ناقش الجانبان الاحتياجات المتوقعة للطلبة العائدين، والإجراءات الكفيلة بضمان اندماجهم في النظام التعليمي، وتوفير بيئة تعليمية آمنة وداعمة لهم.
وأكد الدكتور تركو حرص الوزارة على توفير التعليم لكافة أبناء الوطن دون تمييز، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية تضع هذا الملف ضمن أولويات مرحلة التعافي، بالتوازي مع جهود تعزيز الاستقرار وتأهيل البنية التحتية التربوية.
من جهته، ثمّن وفد المنظمة الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم، وأعرب عن الاستعداد التام للتعاون في مجالات تأهيل المدارس، ودعم البرامج التعليمية، وتقديم ما يلزم لضمان استمرارية التعليم للعائدين، بما يعزّز من فرص تعافي المجتمع السوري واستقراره.
منذ بداية عام 2025، ومع دخول البلاد في مرحلة التعافي السياسي والمؤسسي، بدأت الحكومة السورية بتكثيف جهودها لإعادة اللاجئين والمهجّرين السوريين، وتوفير الظروف الملائمة لعودتهم الآمنة والكريمة، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والإسكان.
ويُعد قطاع التعليم من أكثر القطاعات تأثرًا خلال سنوات الحرب، حيث أُغلقت آلاف المدارس وتضررت البنية التحتية التعليمية في العديد من المحافظات، ما أدى إلى انقطاع مئات آلاف الأطفال عن الدراسة داخل سوريا وخارجها. ومع تزايد وتيرة العودة الطوعية، تسعى وزارة التربية إلى تأمين اندماج الأطفال العائدين في النظام التربوي، من خلال تأهيل المدارس، وتعديل المناهج، وتوفير برامج دعم نفسي وتعليمي خاصة للمتسربين.
وتلعب المنظمة الدولية للهجرة (IOM) دورًا فاعلًا في هذا الإطار، من خلال تقديم الدعم التقني واللوجستي لحكومات البلدان المتأثرة بالنزوح، وتنفذ برامج خاصة لإعادة تأهيل المدارس، وتحسين الوصول إلى التعليم، خصوصًا في البيئات الهشّة. ويأتي هذا اللقاء في سياق تعزيز الشراكات بين الحكومة السورية والمنظمات الدولية لتأمين عودة آمنة ومستدامة للاجئين، وضمان حصول الأطفال على حقهم في التعليم كأولوية إنسانية ووطنية.
أدت الحرب في سوريا إلى ازدياد في انتشار حالات العثور على أطفال مجهولي النسب في مناطق متفرقة من البلاد، دون التمكن من معرفة أي معلومات عن عائلاتهم أو الأسباب التي دفعت إلى التخلي عنهم، رغم ما يحيط بهم من مخاطر وتحديات في بيئة شديدة القسوة.
ورغم غياب بيانات دقيقة أو إحصاءات رسمية ترصد حجم هذه الظاهرة، إلا أن منصات التواصل الاجتماعي تنشر بشكل متكرر قصص مؤلمة لأطفال يُعثر عليهم أمام المساجد، أو في الحدائق العامة، أو حتى على قارعة الطريق، وتكرار هذه المشاهد يشير إلى أن الظاهرة باتت حاضرة بشكل واضح.
وجود هؤلاء الأطفال يعكس واقعاً مأساوياً يعيشه المجتمع السوري، ويطرح أمامه مسؤولية إنسانية ملحة تتطلب استجابة فورية وتكاملاً في الجهود من أجل حمايتهم وضمان الحد الأدنى من حقوقهم الأساسية. فحياة مجهول النسب تبدأ بسلسلة من المخاطر والتحديات، تمتد منذ لحظة ولادته وحتى وفاته، في غياب أي سند أو حماية.
غالباً ما يكون هؤلاء الأطفال في ساعاتهم الأولى بعد الولادة، مما يجعلهم عُرضة للخطر؛ فبعضهم يُلقى في حاويات القمامة، ما يعرّضهم للإصابة بأمراض جلدية وتنفسية خطيرة، فيما يُترك آخرون في أراضٍ زراعية نائية، بعيداً عن أعين الناس، ليواجهوا مصيراً مجهولاً. وهناك من لا يُكتب له النجاة، فيموت جوعاً، أو تنهش جسده الحيوانات، دون أن ينتبه إليه أحد.
تشير دراسات طبية إلى أن الساعات الأولى بعد الولادة تُعد من أدق مراحل حياة الطفل، حيث يكون في وضع صحي حساس يتطلب مراقبة مستمرة ورعاية طبية دقيقة. ففي هذه الفترة يواجه حديثو الولادة تحديات تتعلق بالتنفس، وتنظيم الحرارة، ومستويات السكر في الدم، ما يجعل التخلي عنهم أو رميهم خارج بيئة آمنة يُعرضهم لخطر مباشر قد يؤدي إلى الوفاة أو مضاعفات صحية دائمة.
ولا تنتهي معاناة مجهولي النسب عند التخلي عنهم في ظروف يكتنفها الغموض والخطر، بل تمتد تداعياتها لتلاحقهم في مراحل حياتهم اللاحقة، خصوصاً إذا لم يحظوا بأسرة تتكفل برعايتهم وتمنحهم الحد الأدنى من الحب والحنان الذي افتقدوه بغياب الأبوين. وغالباً ما يكون البديل عن الأسرة هو الإقامة في دور الرعاية أو المياتم، التي رغم محاولاتها تقديم الرعاية الأساسية، تبقى عاجزة عن تعويض الطفل نفسياً وعاطفياً عمّا خسره في بداياته.
يعيش الطفل مجهول النسب أسير سؤال يتكرر يومياً في ذهنه عن هوية عائلته، ويغمره شعور بالحسرة والعجز عند مواجهته لأبسط المشاكل، إذ يفتقد من يسانده ويقف إلى جانبه. يتعايش مع أعباء الضعف المستمر والقلق والتوتر والخوف، إضافة إلى الشعور بالرفض والنبذ من المجتمع. وعندما ينضج ويبدأ في إدراك حقيقة وضعه، يغمره شعور بالخزي والعار لمجرد كونه مجهول الهوية، مما يثقل كاهله بمآسي نفسية عميقة.
استنادًا إلى قصص رصدناها، يخسر الأطفال اللقطاء فرصهم في التعليم، ما يجعلهم أكثر عرضة للتسول أو الانزلاق نحو عالم الجريمة مع تقدمهم في العمر. وحتى إذا تمكنوا من الحصول على أعلى الشهادات العلمية ومارسوا أرقى المهن، يبقى لقب "اللقيط" ملازماً لهم، يرافق اسمهم كوصمة اجتماعية.
ويرجع ذلك إلى طبيعة المجتمع السوري المحافظ، حيث يربط كثير من الأهالي بين موضوع اللقطاء والعلاقات غير الشرعية التي تقع خارج إطار الزواج، مما قد يدفع بعض العائلات إلى الامتناع عن تزويج بناتهم منهم.
يحتاج الأطفال مجهولي النسب إلى دعم وحماية حقيقية من المجتمع المحيط بهم، ليتمكنوا من العيش بكرامة ومساواة بعيدًا عن دائرة النبذ والوصم الاجتماعي. ويتطلب ذلك جهودًا مكثفة في توعية المجتمع حول كيفية التعامل معهم بمسؤولية وإنسانية، إلى جانب تعزيز دعم دور الرعاية التي تؤويهم، والعمل على سرعة الإبلاغ عن أي حالات العثور عليهم لضمان تقديم العناية والرعاية اللازمة التي تقيهم مخاطر الهجر والإهمال.
أكد محافظ دير الزور، غسان السيد أحمد، في مؤتمر صحفي عُقد اليوم، أن المحافظة تواجه تحديات هائلة على مختلف المستويات، في ظل واقع إرث ثقيل خلّفه النظام البائد، وسيطرة "قسد" على نصف الجغرافيا، ووجود تركيبة اجتماعية وبيئية مدمّرة بفعل الحروب المتعاقبة.
وفي أبرز ما جاء على لسانه، أوضح السيد أحمد أن الحكومة الحالية "تسلّمت محافظة منهوكة، تفتقر إلى مقومات الدولة الأساسية"، مشيرًا إلى أن الدولة "لم تنهض بعد، لكنها تتهيأ للنهوض"، في إشارة إلى بداية مرحلة إعادة بناء مؤسسات الدولة من القواعد.
التحديات الأمنية والسياسية:
لفت المحافظ إلى أن دير الزور تعيش واقعاً معقداً ومختلفاً عن باقي المحافظات السورية، بسبب ما سماه "تعاقب قوى الشر عليها"، ما تسبب بتدمير الإنسان قبل الحجر، وأكد أن وجود "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على الضفة الأخرى من نهر الفرات، التي تسيطر على الجزء الشرقي من المحافظة، يشكل تحديًا حقيقياً، مضيفًا أن قسد تُدخل ملايين الدولارات يومياً إلى خزينتها من موارد دير الزور.
وكشف عن وجود ثلاث فرق عسكرية جاهزة للتحرك نحو تلك المناطق في حال فشل مسار التفاوض، مشددًا على أن "القرار في النهاية سيُتخذ بما يضمن استعادة السيادة الكاملة على تراب المحافظة".
الوضع الأمني والمخدرات:
وحول الوضع الأمني الداخلي، أشار المحافظ إلى أن دير الزور تعاني من انتشار المخدرات بين فئة الشباب واليافعين، واصفاً الأمر بالخطر الداهم، حيث سجلت المحافظة تسع جرائم منذ سقوط النظام المخلوع، كانت كلها مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بتعاطي أو ترويج المخدرات. وأكد أن هناك إجراءات جارية للحد من هذه الظاهرة.
الدور الإيراني:
في سياق متصل، أشار السيد أحمد إلى أن إيران ما تزال تموّل بعض المجموعات التابعة لها في سوريا، من خلال الاستمرار في دفع الرواتب لعناصرها، دون إعطاء تفاصيل إضافية.
ملفات الخدمات والبنية التحتية:
وفيما يخص الواقع الخدمي، اعتبر المحافظ أن "السكن هو التحدي الأول في دير الزور"، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل وفق مسارين: بناء مدينة جديدة على طريق دمشق، وإعادة ترميم المنازل التي لا تزال قابلة للسكن. كما كشف عن بدء أعمال ترميم مشفى القلب في المدينة، والبدء بمشروع لإنشاء مشفى متخصص بالأمراض السرطانية.
وعلى صعيد القطاع الصحي، أوضح أن أربعة أجهزة غسيل كلى بدأت العمل منذ عدة أشهر، فيما يجري تجهيز ثمانية أجهزة أخرى، وسيتم تزويد المحافظة بثلاثة أجهزة إضافية من أحد المتبرعين.
التعليم والكهرباء والخدمات البلدية:
أما في القطاع التربوي، فقد تم تأهيل 13 مدرسة منذ سقوط النظام السابق، إضافة إلى تأهيل كوادر تعليمية محلية. كما تم رفع حصة دير الزور من الكهرباء من 30 ميغا واط إلى 50 ميغا واط، وهي خطوة مهمة لتحسين واقع التغذية الكهربائية في المحافظة.
وأشار إلى جهود البلدية في دعم قطاع النظافة من خلال تأمين خمس ضاغطات قمامة جديدة، بعد أن كانت المحافظة لا تمتلك سوى واحدة. كما أُعلن عن قرب جهوزية مجبلين للزفت، ما سيسهم في تحسين شبكة الطرق المحلية.
الجسور والمطار:
وبخصوص البنية التحتية للنقل، بيّن المحافظ أن لجنة التفاوض رُفع لها طلب رسمي لتأهيل الجسور التي عرقلت قسد إصلاحها، ومنها جسر البوكمال–الباغوز وجسر العشارة، مؤكداً أن هذه الجسور محورية في ربط شرق الفرات بغربه.
أشار إلى أن مطار دير الزور لا يزال خارج الخدمة بسبب تمركز قسد في مناطق حيوية كحقل كونيكو ومنطقة المعامل، ما يعوق حركة الملاحة. لكن الهيئة العامة للطيران المدني أرسلت مجموعة من كوادر المحافظة لتلقي تدريب تخصصي في مطار دمشق الدولي، تمهيدًا لتسلمهم تشغيل المطار في المستقبل القريب.
عقدت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث اجتماعًا تشاوريًا موسعًا بمشاركة ممثلين عن وكالات الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية الشريكة، بهدف استكمال مراجعة وتحديث نطاق عمل المركز الوطني لمكافحة الألغام في سوريا.
الاجتماع، الذي جرى في مقر الوزارة، ناقش بتفصيل مسودة نطاق العمل والهيكل الإداري المقترح للمركز، حيث تم إدخال تعديلات فنية وإدارية على المسودة بما ينسجم مع التوجهات الإنسانية الراهنة، والمعايير الدولية المعتمدة في قطاع إزالة الألغام.
وشهدت الجلسة توافقاً بين المشاركين على المبادئ الأساسية التي ستنظّم عمل المركز، بما في ذلك الهيكلية المؤسسية، وأولويات المهام، وآليات الحوكمة والرقابة، لضمان الشفافية والفعالية في التنفيذ خلال المراحل القادمة.
كما تم التطرق إلى الخطوات المقبلة التي ستُتخذ ضمن خارطة طريق زمنية واضحة، تمهيدًا للإعلان الرسمي عن تأسيس المركز، وتفعيل أدواره في الميدان، بما يواكب الحاجة الملحّة إلى توسيع عمليات المسح والتطهير في المناطق الملوثة.
ويُنظر إلى هذا المسار المؤسسي على أنه خطوة استراتيجية بالغة الأهمية ضمن جهود الدولة والمجتمع الدولي، للحد من التهديد الذي تمثله الألغام ومخلفات الحرب على حياة المدنيين، وتحقيق بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا تدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار في سوريا.
والمركز الوطني لمكافحة الألغام في سوريا هو كيان حكومي قيد التأسيس، يُعنى بتنظيم وتنسيق كافة الجهود المتعلقة بإزالة الألغام ومخلفات الحرب القابلة للانفجار، في إطار وطني موحد، ووفق المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال.
سيعمل المركز بالتنسيق المباشر مع وزارات الدفاع، والإدارة المحلية، والصحة، إلى جانب وكالات الأمم المتحدة (كـUNMAS، وUNDP)، ومنظمات دولية متخصصة كـHALO Trust وMAG. كما يُنتظر أن يشكّل منصة لتنسيق المساعدات التقنية والدعم اللوجستي في هذا المجال.
وتشهد الفترة الحالية مشاورات مكثّفة بين الحكومة السورية والجهات الدولية الشريكة لوضع اللمسات النهائية على نطاق عمل المركز، والإطار القانوني الناظم له، تمهيدًا لإطلاقه بشكل رسمي في وقت قريب، في خطوة تؤشر إلى تحول نوعي في إدارة ملف الألغام على المستوى الوطني.
أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) في وزارة الخزانة الأميركية، توضيحات جديدة بشأن آليات تطبيق القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب في 30 حزيران 2025، والذي قضى بإلغاء برنامج العقوبات الشاملة المفروضة على سوريا، بدءًا من 1 تموز الجاري.
وجاءت التوضيحات في شكل أربع إجابات محدثة على الأسئلة الأكثر شيوعًا (FAQs)، سلطت الضوء على التحوّل الكبير في سياسة العقوبات، لا سيما في ما يتعلق بالمؤسسات المالية السورية، والتراخيص السابقة، وتعامل الشركات الأميركية، والموقف من صادرات المواد الغذائية والدوائية.
العقوبات الشاملة انتهت.. و"المركزي السوري" لم يعد محظورًا
أكد OFAC أن الولايات المتحدة لم تعد تفرض عقوبات شاملة على سوريا، وهو ما يعني أن المؤسسات المالية الأميركية بات بإمكانها إقامة علاقات مباشرة مع نظرائها السوريين، بما في ذلك مصرف سوريا المركزي، الذي تم حذفه من "قائمة الأشخاص المحظورين" (SDN List).
وبذلك، أصبح من المسموح للمؤسسات الأميركية تقديم خدمات مالية إلى سوريا، وإجراء تحويلات بنكية تشمل مؤسسات سورية، وإبرام علاقات بنكية مراسلة، طالما أن الأطراف المعنية لا تزال خارج قوائم الحظر المرتبطة ببرامج أخرى. وقد سمحت شبكة مكافحة الجرائم المالية الأميركية (FinCEN) بفتح حسابات مراسلة للمصرف التجاري السوري أيضًا.
الترخيص العام رقم 25 لا يزال ساريًا
أوضح المكتب أن الرخصة العامة رقم 25 (GL 25) ما تزال سارية رغم إنهاء العقوبات الشاملة. وتسمح هذه الرخصة بالقيام بمعاملات مع جهات مشمولة بالعقوبات بموجب برامج أخرى غير البرنامج السوري. وبالتالي، يمكن للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الاستمرار بالاعتماد عليها في تعاملاتهم، وفق الضوابط المعلنة.
لا حاجة لترخيص خاص لتصدير الغذاء والدواء
في تحوّل كبير على صعيد التجارة، أكدت وزارة الخزانة أنه لم يعد هناك حاجة للحصول على ترخيص خاص من OFAC لتصدير أو إعادة تصدير المواد الغذائية أو الأدوية ذات المنشأ الأميركي إلى سوريا. ومع ذلك، تبقى وزارة التجارة الأميركية الجهة المختصة بتنظيم الصادرات إلى سوريا، خاصة ما يتعلق بالمواد الخاضعة لضوابط معينة بموجب "قانون محاسبة سوريا" (2003) و"قانون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية" (1991).
انتهاء العمل بالقرارات السابقة... والإبقاء على آليات المحاسبة
بيّن المكتب أن البرنامج السوري للعقوبات تم إنهاؤه رسميًا، حيث أُلغيت الأوامر التنفيذية التالية:
* الأمر التنفيذي 13338 (2004)
* الأمر التنفيذي 13399 (2006)
* الأمر التنفيذي 13460 (2008)
* الأمر التنفيذي 13572 (2011)
* الأمر التنفيذي 13573 (2011)
* الأمر التنفيذي 13582 (2011)
وبناء على ذلك، أُزيل الأشخاص الذين كانت أسماؤهم مدرجة فقط بموجب هذه الأوامر من قائمة SDN، كما سيتم حذف لوائح العقوبات الخاصة بسوريا من مدونة اللوائح الفيدرالية الأميركية (CFR). لكنّ الانتهاكات التي وقعت قبل تاريخ 1 تموز 2025 ما تزال خاضعة للتحقيقات أو الإجراءات القانونية.
تعزيز سلطة المحاسبة على الأسد وشبكته
رغم رفع العقوبات الشاملة، أشار OFAC إلى أن الأمر التنفيذي الجديد عزّز سلطة المحاسبة على النظام السابق، عبر تعديل الأمر التنفيذي رقم 13894. ونتيجة لذلك، أعيد تصنيف 139 فردًا وكيانًا مرتبطين بالنظام السابق ضمن صلاحيات جديدة، شملت مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، ومهربي مادة الكبتاغون، وجهات أخرى تُعتبر مهددة للاستقرار الإقليمي.
قراءة سياسية وقانونية
يعكس هذا التوضيح انتقال السياسة الأميركية تجاه سوريا من مرحلة "العقوبات القصوى" إلى ما يمكن اعتباره "عقوبات محددة الهدف". ففي حين جرى رفع الحظر عن المؤسسات الحيوية لتيسير حركة الاقتصاد وإعادة الإعمار، أبقى القرار على الضغوط القانونية تجاه أبرز رموز النظام السابق وشبكات تمويله، خاصة المرتبطة بالفساد أو التهريب أو القمع الداخلي.
كما يفتح هذا التحوّل الباب أمام الشركات الأميركية والدولية للتعامل مع سوريا مجددًا في مجالات الأغذية والأدوية والخدمات المصرفية، دون خوف من الإجراءات العقابية السابقة، وهو ما يعزز فرص الاستثمار، ويُعيد وصل الاقتصاد السوري بالأسواق العالمية تدريجيًا، بعد أكثر من عقد من العزلة.
كشف موقع "أكسيوس" الإخباري، عن أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدأت بإجراء "مباحثات تمهيدية" غير معلنة بين سوريا وإسرائيل، بهدف التوصل إلى اتفاق أمني مشترك، في خطوة يُنظر إليها على أنها تمهيد لتطبيع محتمل ومفاوضات سلام في المستقبل القريب.
ووفقاً لما نقله الموقع عن مصادر أميركية وإسرائيلية مطلعة، فإن المحادثات تركز على تحديث الترتيبات الأمنية في المنطقة الحدودية، وتخفيف التوترات المزمنة، في ظل مؤشرات على استعداد الطرفين للنظر في ترتيبات جديدة قد تُفضي إلى اتفاق شامل.
إلا أن إسرائيل، بحسب تلك المصادر، تشدد على ضرورة ضمان أن يُفضي أي حوار إلى سلام رسمي ونهائي، رغم اعترافها بأن العملية ستكون معقّدة وتتطلب وقتاً، لا سيما بسبب القضايا السيادية العالقة، وفي مقدمتها مصير هضبة الجولان المحتلة.
وفي السياق ذاته، صرّح المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، في مقابلة مع قناة الجزيرة، أن حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع "تجري محادثات هادئة مع إسرائيل تشمل مختلف القضايا"، مؤكداً أن الإدارة السورية الجديدة لا تسعى إلى صراع جديد مع تل أبيب، بل تبحث عن حلول طويلة الأمد. وأضاف باراك أن "منح فرصة للقيادة السورية الجديدة هو أمر منطقي وضروري في هذه المرحلة المفصلية".
وفي منشور سابق له على منصة "إكس"، كتب باراك أن "سوريا الجديدة تولد من الحقيقة والمساءلة والتعاون الإقليمي"، معتبراً أن نهاية نظام بشار الأسد فتحت الباب للسلام، وأن قرار رفع العقوبات يهدف إلى تمكين الشعب السوري من إعادة البناء والانفتاح على العالم.
من جهتها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم إن من غير المرجح أن يوافق الرئيس أحمد الشرع على توقيع اتفاق سلام دون انسحاب إسرائيلي من الجولان المحتل، في إشارة إلى العقبة الرئيسية التي تعيق التوصل إلى تسوية نهائية.
وذكرت الصحيفة أن إدارة ترامب تتابع تفاصيل هذه المفاوضات عن كثب، والتي لا تقتصر على الأمن بل تشمل أيضاً ملفات سيادية حساسة مثل الجولان.
في المقابل، أفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية نقلاً عن مصادر سورية مطلعة بأن الرئيس الشرع "منفتح على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل"، لكنه يفضل حالياً تبني صيغة "عدم الحرب" بدلاً من التطبيع الكامل.
وأشارت تلك المصادر إلى أن المفاوضات الجارية تتركز حول صيغة انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من الأراضي التي دخلتها بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، مقابل إعلان سوري رسمي بإنهاء حالة الحرب.
وتشير التسريبات إلى أن الولايات المتحدة تُمارس ضغوطاً دبلوماسية على الطرفين لدفع المفاوضات نحو اتفاق، وسط جهود وساطة تشارك فيها أطراف عربية منخرطة في "اتفاقيات أبراهام"، حيث أكد الرئيس ترامب مؤخراً في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" أنه قرر رفع العقوبات عن سوريا "بناءً على طلب من دول صديقة" بغرض إنجاح المسار التفاوضي.
وتُعدّ هضبة الجولان من أبرز القضايا الخلافية في هذا الملف، إذ تحتل إسرائيل نحو 1200 كيلومتر مربع من الأراضي السورية منذ حرب عام 1967، وضمّتها لاحقاً في خطوة لم يعترف بها سوى الولايات المتحدة.
وقد جدد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر موقف حكومته، قائلاً: "لا يمكن لأي اتفاق سلام أن يُبرم من دون بقاء الجولان تحت السيادة الإسرائيلية"، بينما تؤكد دمشق أن "استعادة الأراضي المحتلة هو شرط سيادي لا يقبل المساومة".
وفي ظل هذا الواقع المعقّد، يرى مراقبون أن المحادثات بين دمشق وتل أبيب دخلت مرحلة دقيقة، محكومة بتوازنات داخلية وخارجية، وتقاطعات إقليمية ودولية، وبينما تطرح الحكومة السورية رؤية مشروطة للسلام، فإن تمسكها بالثوابت الوطنية، وعلى رأسها استعادة الجولان، يبقى المعيار الأهم في أي اتفاق محتمل، وسط ترقب واسع لما قد يُعلن عنه في النصف الثاني من العام الجاري.
عقد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، السيد رائد الصالح، اجتماعاً مع وفد من المنظمة الدولية للهجرة، برئاسة السيد محمد عبديكير زيباري، في سياق الجهود الحكومية الرامية إلى تهيئة بيئة آمنة تُمكّن النازحين من العودة إلى مناطقهم الأصلية.
وتناول اللقاء سبل تعزيز التعاون بين الجانبين لتوحيد الجهود بما يضمن عودة كريمة ومستدامة للنازحين، في ظل استمرار التحديات الميدانية المرتبطة ببقاء الأنقاض ومخلفات الحرب، والتي لا تزال تُشكّل عائقاً رئيسياً أمام الاستقرار، وتؤدي في بعض الحالات إلى تكرار موجات النزوح.
وأكد الجانبان أن إنهاء معاناة النازحين يتطلب معالجة جذرية للظروف التي تحول دون عودتهم، بما في ذلك الأوضاع الخدمية والإنسانية والأمنية. وشددا على أهمية الشراكة بين الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، لضمان استجابة متكاملة تنهي سنوات الانتظار القسري داخل المخيمات.
وأشار الوزير الصالح إلى أن الحكومة تعطي أولوية قصوى لملف عودة النازحين، وترى فيه استحقاقاً إنسانياً ووطنياً لا يقبل التأجيل، مؤكداً أن هذه العودة يجب أن تكون آمنة وطوعية وتحفظ كرامة المواطنين وحقوقهم كاملة.
كما أعرب عن تقديره للدور الذي تؤديه المنظمة الدولية للهجرة، خاصة في دعم نظام تتبع حركة النزوح، ومواكبة جهود الوزارة في هذه المرحلة الدقيقة، مؤكداً على أهمية استمرار هذا التعاون بما يعزز من قدرة المؤسسات المحلية على الاستجابة والتخطيط الفعال لإعادة الاستقرار.
من جهته، أكد رئيس وفد المنظمة الدولية للهجرة استعداد المنظمة لمواصلة العمل جنباً إلى جنب مع السلطات السورية، مشيراً إلى أن تعزيز الاستقرار المجتمعي لا يتحقق إلا من خلال توفير شروط العودة الآمنة والعيش الكريم لجميع النازحين.
ويُعدّ هذا اللقاء خطوة متقدمة في إطار التنسيق المشترك بين الحكومة والمنظمات الأممية، من أجل تسريع الحلول المستدامة لملف النزوح، الذي يُشكّل أحد أبرز التحديات التي تواجه البلاد في مرحلة ما بعد الحرب.
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، ممثلة بمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، مساء 30 حزيران/يونيو 2025، البدء بتنفيذ الأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس دونالد ترامب تحت عنوان "توفير الإلغاء للعقوبات على سوريا"، والذي نص على إنهاء برنامج العقوبات الأميركية المفروضة سابقاً على سوريا، دعماً للشعب السوري وحكومته الجديدة، وتمكيناً لمسار التحول نحو دولة مستقرة، مزدهرة، تعيش في سلام داخلي وتُقيم علاقات طبيعية مع محيطها الإقليمي والدولي.
الأمر التنفيذي الجديد ألغى الأوامر السابقة التي فرضت عقوبات شاملة على سوريا، لكنه في الوقت نفسه حافظ على أدوات المحاسبة المفروضة على نظام بشار الأسد، من خلال توسيع نطاق حالة الطوارئ الوطنية المُعلنة بموجب الأمر التنفيذي 13894، بما يسمح باستمرار فرض العقوبات على الأسد، وأعوانه، والجهات الإقليمية المتورطة في زعزعة الاستقرار.
وفي سياق متصل، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية إزالة 518 فرداً وكياناً من "قائمة المواطنين المحدّدين بصورة خاصة والأشخاص المحظورين" (SDN List)، ممن كانت قد فُرضت عليهم العقوبات بموجب برنامج العقوبات على سوريا، وذلك بهدف تسهيل عملية إعادة الإعمار، وتيسير عمل الحكومة السورية الجديدة، وتعزيز المصالحة الوطنية وترميم النسيج الاجتماعي في البلاد.
في المقابل، أعلن المكتب تصنيف 139 فرداً وكياناً مرتبطين بالنظام السوري السابق بموجب الصيغة المعدّلة للأمر التنفيذي 13894، إضافة إلى كيانات وأفراد جرى تصنيفهم ضمن سلطات أخرى تشمل العقوبات المرتبطة بإيران ومكافحة الإرهاب، وذلك لضمان استمرار المحاسبة ومنع الإفلات من العقاب.
وجاء في بيان الوزارة أن دوافع فرض العقوبات سابقاً قد زالت أو تبدّلت، نتيجة المتغيرات الجذرية التي شهدتها سوريا في الأشهر الستة الماضية، خاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية الجديدة برئاسة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، ما يستدعي إعادة النظر في العقوبات السابقة وتهيئة البيئة القانونية والسياسية لدعم جهود النهوض الوطني.
من جانبه، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، إن "الإجراءات المتخذة اليوم تنسجم مع تعهّد الرئيس ترامب بتقديم تخفيف ملموس للعقوبات، وهي تمثل دعماً مباشراً لجهود التعافي الاقتصادي والاجتماعي في سوريا، وستُتيح إعادة ربط البلاد بالتجارة العالمية واستعادة ثقة المستثمرين الدوليين".
وأكد بيسنت أن وزارة الخزانة ستواصل مراقبة الوضع الميداني والتطورات داخل سوريا، محذّراً من أن أي محاولات لزعزعة الاستقرار من قبل عناصر النظام السابق أو حلفائهم الإقليميين ستواجه بحزم، باستخدام كافة الأدوات القانونية المتاحة.
كما شددت الوزارة على أن العقوبات ستبقى سارية المفعول بحق بشار الأسد وأفراد أسرته وأعوانه، فضلاً عن المتورطين بانتهاكات حقوق الإنسان، ومهربي الكبتاغون، والمرتبطين بشبكات تمويل الإرهاب أو الانتشار النووي أو الارتباط بإيران.
وبموجب هذا القرار، سيقوم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بإزالة جميع الأفراد والكيانات التي كانت خاضعة للعقوبات فقط بموجب برنامج العقوبات السوري من قائمة SDN، مما يعني فك التجميد عن ممتلكاتهم ومصالحهم المالية الواقعة داخل الولايات المتحدة أو الواقعة تحت سيطرة أشخاص أميركيين.
ومع ذلك، فإن التحقيقات والإجراءات الجارية بخصوص انتهاكات العقوبات قبل تاريخ 1 تموز 2025 ستبقى قائمة، ما لم يصدر خلاف ذلك.
إجراءات موازية: إعادة تصنيف 139 فرداً وكياناً ضمن قوائم العقوبات
تضمنت الإجراءات الجديدة إعادة تصنيف 139 فرداً وكياناً، مقسمين إلى الفئات التالية:
1. مسؤولون سابقون في نظام الأسد: شملت القائمة 47 شخصية بارزة في النظام السابق، من بينهم وزراء وقادة عسكريون وأمنيون معروفون، مثل وائل نادر الحلقي، جميل حسن، عماد خميس، عاطف نجيب، بثينة شعبان، ومحمد ديب زيتون.
2. أشخاص تصرفوا نيابة عن مسؤولين في النظام السابق: تم إدراج سامر فوز لتصرفه نيابة عن شخصيات بارزة في النظام.
3. أشخاص هددوا استقرار سوريا: شملت القائمة رامي مخلوف، محمد جابر، وأيمن جابر.
4. متورطون في إنتاج أو توزيع الكبتاغون: شملت القائمة شخصيات معروفة مثل خضر طاهر بن علي، وسيم الأسد، محمود الدج، طاهر الكيالي، خالد قدور، وآخرين.
5. أشخاص قدموا دعماً مادياً للنظام السابق أو لأشخاص مشمولين بالعقوبات: من أبرز الأسماء جورج حسواني، مدلل خوري، عماد خوري، وشركة أمان القابضة.
6. كيانات وأفراد مملوكون أو خاضعون لسيطرة أفراد مشمولين بالعقوبات: شملت القائمة شركات كبرى مثل شام القابضة، قناة لنا، أجنحة الشام للطيران، إيما تل، شركة راماك، بالإضافة إلى أسماء تجارية وأشخاص من أبناء أو أقارب رموز النظام السابق.
7. أفراد من عائلات أشخاص مشمولين بالعقوبات: تم إدراج عامر فوز (ابن سامر فوز) وإياد مخلوف (ابن رامي مخلوف).
8. تصنيفات بموجب قوانين أخرى: من بينها الأمر التنفيذي 13224 المرتبط بمكافحة الإرهاب، و13902 المتعلق بقطاع النفط الإيراني، والذي تم بموجبه إدراج شركات وأفراد ينشطون في هذا القطاع.
تبعات القرار الجديد
بموجب القواعد الجديدة، تُحظر جميع التعاملات المالية والتجارية مع الأفراد والكيانات المدرجين، ويُطلب من الأشخاص الأميركيين الإبلاغ عن أي ممتلكات أو مصالح عائدة لهؤلاء تقع ضمن نطاق نفوذهم. كما قد يواجه المخالفون، بمن فيهم مؤسسات مالية أجنبية، عقوبات مدنية أو جنائية.
وأكدت وزارة الخزانة أن "الغرض الأساسي من هذه العقوبات هو تعديل السلوك، وليس العقاب، وأن الأسماء يمكن حذفها لاحقاً في حال توفرت الشروط القانونية لذلك".
أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية، مساء الاثنين، بياناً رسمياً بشأن الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس دونالد ترامب، والذي يقضي بإنهاء برنامج العقوبات المفروضة على سوريا، واصفة الخطوة بأنها "تاريخية" وتُشكّل بداية جديدة للشعب السوري بعد سنوات من الحصار والقيود الاقتصادية.
وجاء في البيان الذي تلقت قناة "RT" نسخة منه، أن "الرئيس ترامب وقّع اليوم الأمر التنفيذي التاريخي الذي يُنهي العقوبات على سوريا، تمهيداً لمرحلة جديدة تُمنح فيها البلاد الفرصة للانطلاق نحو التعافي بعد نهاية نظام الأسد الوحشي".
وأكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، في تصريح ضمن البيان، أن هذا الإجراء "سيسمح بإعادة ربط الاقتصاد السوري بالنظام التجاري العالمي، وإطلاق جهود إعادة الإعمار للبنية التحتية التي دمرتها سنوات من الحرب".
وأضاف بيسنت أن "على الحكومة السورية أن تواصل اتخاذ خطوات جادة نحو بناء دولة مستقرة وموحدة، تعيش في سلام داخلي ومع جيرانها، بما يفتح الطريق أمام اندماجها مجدداً في المحيط الإقليمي والدولي".
وأشار الوزير إلى أن هذا القرار لا يهدف فقط إلى تقديم الإغاثة للشعب السوري، بل يهدف أيضاً إلى منحه فرصة لتحقيق النجاح والتنمية، مؤكداً أن "الولايات المتحدة ما تزال ملتزمة بدعم الاستقرار الإقليمي، وتعزيز فرص التقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط".
ورغم إنهاء العقوبات، شدد بيسنت على أن وزارة الخزانة ستبقى يقظة في مواجهة الجهات التي تهدد الاستقرار، موضحاً أن واشنطن ستواصل استخدام أدواتها القانونية والمالية لمحاسبة الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام السابق، والمتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، أو الأنشطة الإرهابية، أو تجارة المخدرات.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، خلال إيجاز صحفي، أن العقوبات ستُرفع عن سوريا كدولة، لكنها ستظل قائمة على بشار الأسد رئيس النظام السابق، وشبكته من المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان والاتجار بالمخدرات والأسلحة الكيميائية، إضافة إلى عناصر تنظيم الدولة الإسلامية ووكلاء إيران في البلاد.
وجاء هذا القرار استكمالاً لتعهد أعلنه ترامب في مايو الماضي خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، حيث التقى بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الذي أعلن تشكيل حكومة انتقالية في مارس بعد انهيار نظام الأسد عقب هجوم واسع شنّته فصائل المعارضة على دمشق.
وأشارت ليفيت إلى أن “الرئيس يفي بوعده مجدداً من أجل تعزيز السلام والاستقرار”، مضيفة أن بعض العقوبات لا تزال بحاجة إلى إلغاء رسمي من قبل الكونغرس، خاصة تلك المفروضة منذ عام 1979 عندما صنّفت سوريا كدولة راعية للإرهاب.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد بدأت الشهر الماضي بتخفيف عدد من القيود، عبر إصدار توجيهات تتيح معاملات جديدة تشمل البنوك والطيران ومشاريع البنية التحتية، كما أوضح وزير الخزانة، سكوت بيسنت، أن هذه التسهيلات تهدف إلى تشجيع الاستثمار في سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
وزير الخارجية السوري: إلغاء العقوبات خطوة تاريخية نحو التعافي والانفتاح
في أول تعليق رسمي سوري، أعرب وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، عن ترحيب الحكومة السورية بإلغاء الجزء الأكبر من العقوبات المفروضة على الجمهورية العربية السورية، واصفاً القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه "نقطة تحول تاريخية" تمهّد الطريق لمرحلة جديدة من الازدهار والاستقرار، وتعزز انفتاح سوريا على المجتمع الدولي.
وأكد الشيباني أن إزالة هذا العائق الجوهري أمام الاقتصاد السوري "تُمهّد لانطلاق ورشة إعادة الإعمار والتنمية، التي طال انتظارها"، مشيراً إلى أن هذا القرار سيُسهم في تأهيل البُنى التحتية الحيوية، وتهيئة البيئة اللازمة لضمان عودة كريمة وآمنة للمهجرين السوريين إلى بلادهم.
أهمية القرار
ويحمل هذا القرار دلالات سياسية واقتصادية عميقة، من شأنها أن تُعيد رسم ملامح العلاقة بين واشنطن ودمشق، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح الدولي على سوريا بعد سنوات من العزلة والحصار.
ويمثل هذا الإجراء نقلة نوعية على المستوى القانوني، حيث يرفع بشكل مباشر القيود المفروضة على التعاملات الاقتصادية والمالية مع سوريا، ويُتيح للشركات الأميركية والأجنبية المرتبطة بها استئناف علاقاتها التجارية والاستثمارية مع دمشق، بما يشمل مجالات الطاقة، والإعمار، والبنية التحتية، والمصارف.
ويُتوقع أن يُعيد هذا القرار الحياة إلى قطاعات اقتصادية حيوية طالما كانت معطّلة بسبب العقوبات، كما أنه يُعيد إلى سوريا إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية وشبكات التمويل الدولية، بعد سنوات من العزل.
من أبرز نتائج القرار، كما يرى محللون، إزالة واحدة من أكبر العقبات أمام مشاريع إعادة الإعمار والتنمية في سوريا، وتهيئة الأرضية الاقتصادية المناسبة لعودة اللاجئين والمهجرين السوريين إلى ديارهم، من خلال تحسين الخدمات العامة، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وتنشيط سوق العمل.
وتوقعت مصادر اقتصادية أن يؤدي رفع العقوبات إلى تخفيف الضغط عن الليرة السورية، وتحسين مستوى الواردات، وخفض كلفة المعيشة، ما ينعكس مباشرة على حياة المواطنين.
سياسياً، يشير الأمر التنفيذي إلى تحوّل كبير في موقف الإدارة الأميركية تجاه سوريا. ويأتي في سياق متغيرات دولية متسارعة، يبدو أن واشنطن قررت خلالها إعادة تموضعها في المنطقة، وفتح قنوات دبلوماسية جديدة مع الحكومة السورية.
ورأى مراقبون أن توقيت القرار يتناغم مع الانفتاح الدولي على دمشق، وعودة العديد من الدول إلى علاقات دبلوماسية وتجارية كاملة معها، مما يعزز فرص تطبيع العلاقات بين سوريا والغرب، وهو خطوة سياسية عميقة التأثير، تُمهّد لمرحلة جديدة من الاستقرار والانفتاح، وتضع سوريا أمام فرصة حقيقية لتعافي اقتصادها وإعادة اندماجها في النظام الدولي، في لحظة مفصلية من تاريخ البلاد والمنطقة ككل.
أعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية عن توقيف أحد المتورطين في مجزرة كرم الزيتون بمدينة حمص، والتي راح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء في واحدة من أبشع المجازر التي شهدتها البلاد خلال سنوات الحرب.
وذكرت الوزارة في بيان لها أن عملية نوعية محكمة أفضت إلى إلقاء القبض على المتهم "حسن ضوا"، قبل محاولته الفرار خارج البلاد، حيث جرى توثيق اعترافاته من مسرح الجريمة، وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المستمرة لملاحقة مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق المواطنين، وتقديمهم إلى العدالة.
في سياق متصل، نفذت الجهات المختصة في محافظة حمص عملية أمنية مشتركة بين فرع مكافحة المخدرات ومديرية الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية، أسفرت عن توقيف شخصين متهمين بتجارة وترويج المواد المخدرة.
ووفق ما نقلته قناة "الإخبارية السورية"، الرسمية فقد جرى ضبط أكثر من 77 ألف حبة كبتاغون كانت بحوزة المتهمَين، وتمّت مصادرة الكمية وتحويلهما إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات القانونية.
وفيما تستمر ملاحقة المتورطين بملفات أمنية وفساد، تداولت مصادر محلية غير مؤكدة أنباء عن توقيف العقيد السابق عمار محمد عمار، الرئيس الأسبق لقسم الأربعين التابع لفرع أمن الدولة في منطقة السيدة زينب بدمشق. كما تم تداول أنباء مماثلة عن توقيف عصام سباهي، قائد كتائب البعث في حماة سابقاً، والذي قيل إنه دخل الأراضي السعودية بهوية مزورة.
ورغم عدم صدور تأكيد رسمي حول هذه التوقيفات الأخيرة، إلا أن تزايد العمليات الأمنية ووتيرة المتابعات القضائية في عدد من المحافظات يشير إلى توجه واضح لتعزيز المحاسبة وإعادة ضبط المشهد الأمني والقانوني في البلاد بعد سنوات من الانفلات والانتهاكات.
وتعكس هذه العمليات الأمنية المتتالية حجم الجهود المبذولة من قبل إدارة الأمن الداخلي ومختلف فروعها في المحافظات، وسط تحديات أمنية متشابكة تشمل جرائم الخطف والقتل والسلب المنظم.
وتُظهر هذه الجهود قدرة على الرصد والتتبع والعمل الاستباقي، ما يسهم في تعزيز ثقة المواطنين بجهاز الأمن، وتحقيق قدر من الردع للعصابات التي تحاول استغلال هشاشة الوضع الأمني في بعض المناطق.
هذا وتواصل إدارة الأمن الداخلي تكثيف جهودها لضبط الأمن وملاحقة مرتكبي الجرائم، عبر عمليات نوعية أثمرت عن تحرير مخطوفين وتفكيك عصابات منظمة، ما يعكس حالة من اليقظة والمتابعة الميدانية الحثيثة بالرغم من التحديات الأمنية المعقدة في مناطق وسط سوريا.