تعيش ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية"، حالة من التخبط والفوضى، في مدينة منبج الخاضعة لسيطرتها بريف حلب الشرقي، وسط معلومات تؤكد إخلاء سجون الميليشيا من المعتقلين، وتوقف عمل بعض المنظمات الدولية، علاوة عن هروب المئات من عائلات قيادات التنظيم باتجاه محافظة الرقة.
وتأتي حالة التخبط، مع استمرار التهديدات التركية بشن عملية عسكرية جديدة شمال شرقي سوريا، من المتوقع أن تستهدف مناطق سيطرة الميليشيا في تل رفعت ومنبج، حيث أكدت مصادر لشبكة "شام" أن القوى الأمنية التابعة للميليشيا بادرت لإخلاء مئات المعتقلين في سجونها ونقلهم باتجاه محافظة الرقة.
وتفيد معلومات "شام" بأن قوى الأمن الداخلي التابعة لـ "قسد" قامت بإخلاء المعتقلين في سجني "المالية والمركزي" في مدينة منبج باتجاه محافظة الرقة، كما قامت عائلات قيادات التنظيم بالهروب من المدينة خلال الأسبوع الفائت، في وقت أعلنت بعض المنظمات الدولية في المدينة وقف نشاطها في الوقت الحالي.
وفي تقرير سابق نشرته "شام"، قالت مصادر خاصة من مدينة منبج الخاضعة لسيطرة ميليشيا "قسد"، إن قوات "مجلس منبج العسكري" التابع للميليشيا، يقوم بحفر الأنفاق في المدينة، ضمن مركز السوق وعدة أحياء أخرى، تحسباً لأي عملية عسكرية تركية مرتقبة على المنطقة، إضافة لمآرب أخرى.
ولفتت مصادر شبكة "شام"، إلى أن الأنفاق امتدت من جانب مقبرة الشيخ في الجهة الجنوبية من مدينة منبج إلى السوق الرئيسية عند جامع العلائي، في وقت لاتزال تمتد تلك الأنفاق الى طريق حلب في الجهة الغربية من منبج.
ومنذ مطلع عام 2019، بدأت قوات سوريا الديمقراطية بحفر الأنفاق في محيط مدينة منبج، بريف حلب الشرقي، حيث حفرت أنفاقاً تتجاوز الـ ١٤٠ كم، موزعة من "دوار المطاحن جنوبي منبج حتى قرية تل أسود الواقعة غربي الخفسة بطول ٤٠ كم، والقسم الثاني من "سد تشرين جنوبي شرقي منبج مروراً بناحية أبو قلقل جنوبي منبج، وانتهاء بمفرق أبو قلقل جنوبي منبج بطول ٣٠ كم، والقسم الثالث من دوار المطاحن جنوبي منبج الى جسر قره قوزاق شرقي منبج ٣٥ كمـ أما القسم الرابع من منطقة الأربعة كيلو شمالي منبج حتى منطقة عون الدادات ٢٥ كم.
وقبل أيام، صدت وكالة "الأناضول" التركية، عبر طائرة تصوير، قيام تنظيم "واي بي جي YPG" الإرهابي بحفر الأنفاق وإخفاء الأسلحة في المناطق السكنية بمدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها، بغية استخدام المدنيين دروعاً بشرية.
وتظهر الصور الملتقطة من الجو عددا من القرى المحيطة بتل رفعت وهي "الشيخ عيسى و منغ والعلقمية وعين دقنة وكشتعار وطاط مراش"، حيث تظهر المشاهد قيام التنظيم بحفر الأنفاق فيها وإخفاء دبابات وأسلحة في البيوت.
وتتصاعد حدة التصريحات التركية بشأن شن عملية عسكرية قريبة على مناطق سيطرة ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية" بريف حلب الشمالي والشرقي، والتي تشكل منطقة "تل رفعت" ومحيطها هدفاً محتملاً، في وقت بات التخبط واضحاً في صفوف الميليشيا في تلك المنطقة التي سلبت بالغدر قبل أكثر من ستة سنوات وهجر أهلها منها.
نشر المتحدث الرسمي باسم "جهاز الأمن العام" في إدلب، والتابع لـ "هيئة تحرير الشام"، توضيحاً، حول اعتقال الدكتور "محمد كلال العبدو"، في مدينة الدانا، بريف إدلب الشمالي، بعد أن كانت الهيئة أخفت مصيره ليوم كامل بعد اختطافه لدى خروجه من عمله في مشفى الحياة في المدينة.
وأكد بيان المتحدث "ضياء العمر" اعتقال الطبيب، وقال إنه جاء "بعد توافر عدة معلومات لدى الجهات المختصة تفيد بوجود تواصلات مشبوهة بين الدكتور محمد كلال العبدو -من ريف معرة النعمان الشرقي- مع إحدى الجهات الأمنية في مناطق النظام".
ولفت التوضيح إلى أن اعتقال الطبيب تم في مدينة الدانا "تنفيذاً لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه من النيابة العامة للتحقيق معه فيما نسب إليه من معلومات وتفاصيل تخص تواصلاته المشبوهة مع تلك الجهات"، في وقت أكدت مصادر سابقة أنه اعتقل بشكل تعسفي وتم إخفاء مصيره دون علم عائلته حتى لليوم الثاني من اختفائه.
وشدد المتحدث على ضرورة "تلقي المعلومات من المصادر الرسمية، وعدم الالتفات إلى الأخبار والشائعات التي يتم نشرها وترويجها من بعض المعرفات والقنوات المشبوهة"، وفق تعبيره.
وكانت قالت مصادر محلية من ريف إدلب لشبكة "شام"، إن عناصر أمنية تابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، اعتقلت طبيباً، بعد خروجه من عمله في أحد المشافي الطبية بمدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، دون صدور أي توضيح رسمي حول سبب اعتقاله في تلك الأثناء.
وأوضحت مصادر "شام" أن الدكتور "محمد كلال العبدو"، وهو طبيب أطفال، ينحدر من قرية أبو مكة بريف إدلب الشرقي، فقد يوم أمس بعد خروجه من مشفى الحياة في مدينة الدانا، بريف إدلب الشمالي، دون أن يعرف مصيره أو مكان اختفائه لمدة 24 ساعة، لحين نشر بطاقة بحث على أنه مفقود، قبل أن يعلم الجهاز الأمني في الهيئة أن الطبيب معتقل لديهم.
وكانت نشرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً يرصد انتهاكات "هيئة تحرير الشام" منذ تأسيس "جبهة النصرة"، وأكدت أنَّ "هيثة تحرير الشام" مستمرة في ارتكاب أنماط متعددة من انتهاكات حقوق الإنسان، بشكل رئيس في مراكز الاحتجاز التابعة لها.
ووثَّق التقرير مقتل ما لا يقل عن 505 مدنياً على يد الهيئة بينهم 71 طفلاً و77 سيدة، و28 بسبب التعذيب، إضافة إلى ما لا يقل عن 2327 شخصاً لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري لدى الهيئة.
سجل التقرير منذ مطلع عام 2012 حتى كانون الأول/ 2021 مقتل ما لا يقل عن 505 مدنياً بينهم 71 طفلاً و77 سيدة على يد هيئة تحرير الشام، وبحسب رسم بياني عرضه التقرير فقد توزعت حصيلة القتل هذه بحسب طبيعتها إلى: 371 مدنياً بينهم 69 طفلاً و67 سيدة قتلوا عبر الأعمال القتالية غير المشروعة، فيما قتل 28 بينهم 2 طفلاً بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية، وقتل 106 بينهم 10 سيدات عبر الإعدام من خلال إجراءات موجزة وتعسفية.
وطبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 2327 شخصاً بينهم 43 طفلاً و44 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام منذ الإعلان عن تأسيسها مطلع عام 2012 حتى كانون الأول/ 2021، تحول ما لا يقل عن 2103 منهم، بينهم 19 طفلاً و28 سيدة، إلى مختفين قسرياً.
قال التقرير إن هيئة تحرير الشام تتبع سياسة ماكرة تقوم على استدعاء النشطاء المعارضين والمتظاهرين، والمنتقدين لسياسة حكومة الإنقاذ والأخطاء التي ترتكبها، حيث يجري التحقيق معهم، بهدف احتوائهم عن طريق الترغيب أو التهديد، وهذه المرحلة تعتبر بمثابة إنذار وتهديد، وتتجنب من خلالها الهيئة نهج الاحتجاز المفاجئ، وتكون بمثابة ذريعة أمام المجتمع وأمام ذوي الناشط.
وقد تركَّز هذا التكتيك بحق النشطاء البارزين والشخصيات الاجتماعية بشكل أساسي، أما المدنيين العاديين الذين لا يثير اعتقالهم أي رد فعل، فتقوم الهيئة باعتقالهم مباشرة، دون اللجوء إلى هذه المرحلة التمهيدية، التي يتخللها الطلب من الناشط التعهد بعدم تكرار ما قام به، وتقديم اعتذار عنه، وطلب الرحمة، وغالباً ما يرضخ الشخص المستدعى، ويدفع غرامة مالية، قد تترافق مع سجن بضعة أيام، وإيقاف عن مزاولة مهنته، وجميع ذلك مقابل عدم احتجازه/ إخفائه قسرياً لسنوات.
وفي هذا السياق سجل التقرير ما لا يقل عن 273 حالة استدعاء/تهديد وجهت من قبل هيئة تحرير الشام منذ عام 2017 حتى كانون الأول/ 2021، وقد تبين أن هناك تنسيقاً بين مختلف الأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية والقضائية التي أنشأتها هيئة تحرير الشام (والتي تنكر صلتها بها) لتنفيذ هذه الاستدعاءات/التهديدات.
رصد التقرير ما لا يقل عن 46 مركز احتجاز دائم تابع لهيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا، في محافظة إدلب وريف محافظة حلب الغربي وريف اللاذقية، وقدر التقرير أنَّ مراكز الاحتجاز هذه تضمُّ قرابة 2327 محتجزاً/مختفٍ قسرياً، العشرات منهم قضوا مدد احتجاز طويلة قد تصل إلى خمس سنوات، وتحول الغالبية العظمى منهم إلى مختفين قسرياً، كما تتعرض الغالبية العظمى منهم لشكل من أشكال التعذيب. إضافة إلى ما لا يقل عن 116 مركز احتجاز مؤقت، تجري فيها عمليات التحقيق والاستجواب. وقدَّم التقرير عرضاً مفصلاً لأبرز هذه المراكز.
وطبقاً للتقرير فإن هيئة تحرير الشام تستخدم أساليب تعذيب متعددة ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، وتشابهت إلى حدٍّ ما مع أساليب التعذيب التي يمارسها النظام السوري في مراكز احتجازه، وعرض التقرير 22 أسلوب تعذيب من أبرز الأساليب التي تميزت بها هيئة تحرير الشام، وقام بتوزيعها ضمن ثلاثة أصناف رئيسة وهي: 13 من أساليب التعذيب الجسدي، و8 أساليب تعذيب نفسي، وأعمال السخرة. وعرض رسومات تحاكي أساليب التعذيب هذه.
وكانت سلطت شبكة "شام" الإخبارية، في تقرير سابق الضوء على ملف سجون الهيئة التي تضم آلاف الموقوفين في ظل إجراءات تعسفية دون تحويلهم إلى القضاء للبت في قضاياهم العالقة منذ سنوات دون محاكمة عادلة تذكر وسط مخاوف كبيرة على حياة السجناء التي باتت مهددة وسط تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في عموم المنطقة.
وتتجاهل تحرير الشام الكشف عن مصير السجناء في سجونها ممكن كانوا محتجزين في مواقع احتلتها عصابات الأسد، إلى جانب تجاهلها التام لكشف مصير الموقوفين ضمن سجون تقع في مناطق خاضعة للقصف المكثف وتم تهجير سكانها بالكامل كما الحال في سجن "العقاب" سيء الصيت الذي يقع في جبل الزاوية جنوب إدلب.
يذكر أنّ سياسة هيئة تحرير الشام تقوم على تخويف وإرهاب المجتمع عبر ممارسة سياسة اعتقال تعسفي عنيفة، ثم إنكار وجود هؤلاء المعتقلين لديها ليتحول مصيرهم إلى مختفين قسرياً، فيما تتعمد استهداف النشطاء البارزين والشخصيات الاجتماعية بهدف تخويف بقية أفراد المجتمع، بحسب مصادر حقوقية.
هذا وسبق أنّ اعتقلت هيئة تحرير الشام عشرات النشطاء والقيادات العسكرية من الجيش السوري الحر بينهم ضباط منشقين وشخصيات قيادية من الحراك الثوري، لايزال الكثير منهم مغيباً في السجون لايعرف مصيرهم، في وقت كانت تفاوض على مبالغ مالية كبيرة للإفراج عن البعض منهم، بينما نفذت أحكام الإعدام بحق آخرين ورفضت تسليم جثثهم لذويهم، رغم كل الوساطات التي تدخلت والشفاعات التي قدمت للإفراج عنهم وتهدئة الشارع المناهض للهيئة وممارساتها.
يواصل "أبو محمد الجولاني" القائد العام لـ "هيئة تحرير الشام"، تسويق نفسه على أنه رجل معتدل، مقرب من الحاضنة الشعبية، من خلال سلسلة من الحملات الدعائية له، ليس بآخرها افتتاح بئر للمياه في مناطق تواجد الطائفة الدرزية بريف إدلب الشمالي الغربي.
وتداولت معرفات تابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، صور للجولاني وقيادات عسكرية وأخرى مدنية، قالت إنها لتدشين مشروع بئر مياه لتغذية عدة قرى في جبل السماق بريف إدلب بحضور القائد "الجولاني"، والذي يتعامل مع تلك المشاريع وكأنه "محافظ إدلب" وفق تعبير نشطاء.
ويرمي "الجولاني" من وراء هذه المشاريع، سياسة تسويق نفسه بأنه قريب من الفعاليات المدنية تارة، وأهالي المخيمات تارة أخرى، وفي الأسواق، وهذه المرة لدى أبناء الطائفة الدرزية أو من تبقى منهم في ريف إدلب ضمن منطقة جبل السماق من المسنين، للظهور بمظهر الحريص على الطوائف، على غرار مايروج من حماية الطائفة المسيحية بريف إدلب الغربي.
وتعتبر هذه الحركة - وفق متابعين - رسالة من "الجولاني" للدول الغربية المعنية بالملف السوري، بأنه رجل مدني معتدل، قريب من جميع المكونات، ويتمتع بشعبية كبيرة في المنطقة، كأوراق اعتماد لدى تلك الدول، لمسح التاريخ الأسود من جرائم الحرب التي ارتكبها، والظهور بمظهر رجل المرحلة القادر على إدارة المنطقة.
وتقيم عشرات العائلات من الطائفة الدرزية غالبيتهم من كبار السن في قرى جبل السماق وهي (حلة، تلتيتا، كوكو، كفر مالس، كفر كيلا، بشندلايا، قلب لوزة، بنابل، عبريتا، جدعين، وغيرها من القرى الأخرى)، حظيت تلك القرى باهمام من قبل فصائل الجيش الحر بعد تحريرها بداية الحراك الشعبي.
ولم تخرج تلك القرى بأي مظاهرات مناصرة للحراك الشعبي، كما أنها لم تعلن وقوفها إلى جانب النظام أيضاً، لكن جل شبابها تركوا المنطقة باتجاه الدول الأوربية ومناطق النظام، لحين سيطرة هيئة تحرير الشام على المنطقة بعد عام 2017 ولاتزال المنطقة تحت سيطرتها، وتمنع الهيئة أبناء الطائفة من ممارسة شعائرهم الدينية وتفرض سطوتها على المنطقة مدنياً وعسكرياً.
وسبق أن تداولت حسابات ومعرفات مقربة من "هيئة تحرير الشام"، مقاطع فيديو تظهر قائد الهيئة "أبو محمد الجولاني" في جولة مفاجئة ضمن سوق مدينة إدلب، في ليلة عيد الفطر، وسط المئات من العناصر الأمنية المدججة بالسلاح، بينهم بلباس مدني، خلال مروره مشياً على الأقدام في سوق مدينة إدلب، وسط اكتظاظ كبير للمدنيين هناك.
ووسط الانتشار الأمني المكثف، أظهرت الفيديوهات هتافات لـ "الجولاني" في مشهد تمثيلي مفضوح، في محاولة لإظهار أن الأخير يتمتع بشعبية كبيرة، وأن المدنيين يهتفون له، في وقت أكد نشطاء أن أمنيي الهيئة كانوا حوله في كل اتجاه وأن الهتافات خرجت منهم، لتصوير تلك المشاهد ونشرها على وجه السرعة.
وسبق أن ظهر "الجولاني" أيضاً، في مخيمات المهجرين في منطقة دير حسان بريف إدلب الشمالي، ترافقه قوات أمنية كبيرة، ووسط عدد من المهجرين، تحيط بهم من كل الجهات كمرات التصوير، في سياق إخراج مسرحية جديدة لتبييض صورة الأمير وإعطائه صبغة مدنية على أنه قريب من الحاضنة الشعبية ويشعر بمعاناتهم.
وكان "الجولاني" بدأ مرحلة إعادة تسويق نفسه كشخصية مقربة من الفعاليات الإعلامية الثورية حيث عقد سلسلة لقاءات سرية مع نشطاء وفعاليات مدنية، لتجميل صورته، والظهور بمظهر الحريص على المنطقة، وأنه يعمل على إشراك الجميع ومشاورتهم في قراراته.
هذا وعرفت "تحرير الشام" وهي "جبهة النصرة سابقا"، بممارساتها في تفكيك الفصائل الثورية التي قتلت وشردت عناصرها وسلبت سلاحها بشكل ممنهج ضمن سلسلة من الخطوات التي تبدأ بترويج الروايات الخاصة بها وصولاً إلى اختلاق نقاط الخلاف ومن ثم الانقضاض على الفصيل وتدميره.
كما مارست السياسة ذاتها في تفكيك "المجتمع الثوري" باعتباره الحاضنة الشعبية المحبة للثوار والتي شاركتهم نشوة الانتصار وتحرير المدن والبلدات قبيل ظهورها بسنوات، ما يزيد من غرابة ظهور الجولاني بشكل متكرر محاولاً تسويق نفسه بما يخالف الواقع الذي عهده عليه السكان.
يشار إلى أن حملة الترويج والإعلان تتواصل لقيادة "تحرير الشام" متمثلة بشخص "الجولاني" صاحب الشخصية البراغماتية المتحولة في الأفكار والأيديولوجية، لتسويقه بوجه جديد، وتظهره بموقع قريب من الحاضنة الشعبية، واليد القابضة على كل ماهو في الشمال المحرر، من خلال سلسلة لقاءات واظب على عقدها مؤخراً، ترافقه عدسات الكاميرات، لإيصال رسائل داخلية وخارجية معينة.
وكانت قالت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير لها، إن جماعة "هيئة تحرير الشام"، تسعى إلى إظهار أنها أصبحت حركة إسلامية معتدلة، وذلك بغرض الحصول على الدعم من السكان المحليين واعتراف أميركا وبقية دول العالم كمنظمة سياسية لا علاقة لها بالتطرف والقمع.
وبحسب تقرير "واشنطن بوست" تحاول الحركة إظهار أنها قد أنشأت دولة قادرة على إدارتها، إذ ينتشر عناصر شرطة المرور في الطرقات لتنظيم حركة السير، وتدير عبر حكومة الإنقاذ شؤون التعليم والاقتصاد والخدمات العامة، بيد أنها فشلت في تخفيف مصاعب الحياة اليومية في رقعة كبيرة من الأرض تضم مخيمات مترامية.
نقلت صحيفة موالية لنظام الأسد عن نقيب المحامين في السويداء قوله إن "الموافقات الأمنية أتخمت المحاكم بآلاف القضايا وضيعت الأموال على الدولة"، كما أدت الموافقات حسب عدة شخصيات موالية إلى ظهور حالات كثيرة من عمليات النصب والاحتيال، وحرمان أصحاب الحق من الحصول على حقوقهم.
وذكر رئيس فرع نقابة المحامين "غسان غرز الدين"، أن صدور قرار الحصول على الموافقات الأمنية جاء بعد عام 2011 وزعم أنها فرضت بـ "هدف منع الإرهابيين من البيوع العقارية لأنه من الممكن مساهمتهم في تمويل الإرهاب، إضافة إلى منعهم من شراء عقارات ضمن المناطق الآمنة وتحويلها إلى بؤر إرهابية"، حسب وصفه.
وأضاف، أن بداية الموافقات الأمنية كانت خاصة بـ "الإرهابيين"، -حسب تعبيره- وتوسعت لتشمل عدداً من القضايا الأخرى الخارجة على هذا النطاق لتمتد إلى منع السفر والمطلوب للاحتياط ومخالفات السير وغيرها من القضايا الأمر الذي أدى إلى حجر التصرف بالعقارات بكامل مناطق سيطرة النظام.
وتحدث مصادر مقربة من نظام الأسد في محاولة لتبرئة شخصيات يجندها النظام لهذا الغرض عن "لجوء الكثيرين من المواطنين لاستغلال قضية الموافقات الأمنية في عمليات النصب والاحتيال واختلاق ادعاءات من أصحاب العقارات المبيعة على المشترين لعرقلة عملية نقل العقار لصالحهم رغم قبضهم كامل ثمن العقار".
وحسب عدد من المحامين ضمن "القصر العدلي" لدى نظام الأسد فإن قرار الحصول على الموافقات الأمنية للبيوع العقارية خلق كثيراً من الإشكاليات لدى موكليهم وأدى إلى اكتظاظ المحاكم بآلاف القضايا التي اكتسبت الحكم القضائي والصفة القطعية، وسط دعوات إلى إعادة النظر بموضوع الموافقات وحصرها بـ "الإرهابيين بالمعنى الإرهابي التي لها قضايا ومحاكم خاصة".
وسبق أن سلط موقع "صوت العاصمة"، الضوء على هذه الموافقات التي تؤرق السوريين وتعتبر مورد مالي ضخم للنظام وعناصره الأمنية خاصةً، ونوه إلى أن مع مجيء الموافقة الأمنية مع الرفض أكثر من مرة يعني أنه لابد من دفع المال، ويتحدد حجم المبلغ المطلوب تبعاً لحجم الموضوع المتعلق بها اقتصادياً أو خدمياً، وبحسب مدى تعقيد وجدية سبب الرفض، ويكون الدفع لأحد الوسطاء أو مباشرة للعاملين في المخافر والأفرع الأمنية.
هذا وتتنوّع "الموافقات الأمنية"، التي يستعملها النظام كأداة للتضييق على السوريين بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، وتحول مصطلح الموافقة الأمنية إلى متاهة ترافق السوريين وأصبحت جزءاً أساسياً في الكثير من المعاملات والشؤون اليومية التي باتت ترتبط بهذه الورقة الصادرة عن أحد الأفرع الأمنية المنتشرة في دمشق وباقي المحافظات.
حدد نظام الأسد مهلة زمنية لتسديد الرسوم وتجديد التسجيل السنوي للدراجات الهوائية والكهربائية في العاصمة السورية دمشق، حيث يتجه النظام إلى فرض ضرائب لرفد خزينته مستغلاً حاجة السكان إلى مثل هذه الوسائط للتنقل مع شلل حركة النقل والمواصلات.
ودعا مجلس محافظة دمشق لدى النظام مالكي الدراجات الكهربائية والهوائية الحاصلين على اللوحات المعدنية للدراجات بنوعيها مع بطاقات التعرفة إلى مراجعة مديرية هندسة المرور والنقل بكفرسوسة خلال مدة أقصاها 60 يوما.
وذكرت صفحة المجلس أن على مالكي الدراجات الكهربائية والهوائية مراجعة المديرية من أجل تحديث بياناتهم وتجديد رسوم التسجيل السنوي وستقوم المحافظة بعد انتهاء المدة المحدودة بإعداد جداول بالدراجات التي لم تقم بالتجديد وإحالتها إلى فرع مرور دمشق للمتابعة والتدقيق في بياناتها، حسب وصفها.
وحسب تقديرات يبلغ عدد الدراجات النارية بحسب مدير النقل الطرقي في وزارة النقل لدى نظام الأسد "محمود أسعد"، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، 600 ألف دراجة نارية، ووفق إحصائيات داخلية الأسد تم الحجز على أكثر من 1,600 دراجة نارية مخالفة لقانون السير خلال العام 2020.
و شن نظام الأسد خلال السنوات القليلة الماضية عبر أجهزة عناصر دوريات الجمارك والأمن الداخلي في دمشق عدة حملات مصادرة واسعة شملت الدراجات النارية حتى المرخصة منها ما أثار موجة سخط كبيرة من قبل متابعي الصفحات الموالية للنظام.
وقالت صفحات موالية إن "حملة المصادرة شملت جميع أنواع الدراجات النارية في مدينة دمشق حيث تقوم دوريات مباحث المرور بمصادرة الدراجات كبيرة أو صغيرة مرخصة أو غير مرخصة ولا تحمل لوحة تعريفية.
وأثارت الحملة جدلا واسعا وانتقادات كبيرة كونها جاءت في ظل غلاء أسعار التكاسي من جهة وندرة أو عدم توفر باصات النقل من جهة أخرى، أصبحت الدراجة النارية هي وسيلة التنقل للفقراء وذوي الدخل المحدود.
ويروج نظام الأسد لمواجهة حالة السخط من هذه الإجراءات على أنها مطالب إذ يدعم بعض الموالين مصادرة الدراجات النارية ومنعها من التجول داخل المدن والأحياء السكنية بزعمهم كونها مصدر إزعاج مقلق ليلا نهاراً وأصوات مزعجة، دون الإشارة إلى ممارسات النظام التي أدت لحالة شلل عامة في قطاع النقل والمواصلات.
ويعتقد أن نظام الأسد يشن حملات المصادرة بشكل متكرر وتشمل حتى الدراجات النارية المرخصة وذلك لأسباب مالية ولا تتطابق مع مزاعم الحفاظ على المنظر العام، وعلق إعلامي النظام في حمص "حيدر رزوق" على الحملة بدمشق بقوله "عقبال حمص" فيما طال منشوره آلاف التعليقات الغاضبة والمهاجمة لهذه الإجراءات التي تزيد من التضييق على السكان بمناطق سيطرة النظام.
هذا وتشهد مناطق سيطرة قوات أزمة نقل ومواصلات شديدة، بسبب رفع أسعار الوقود وتخفيض المخصصات، الأمر الذي أثر سلباً في وسائل المواصلات سواء "التكسي" أو "السرافيس" وحتى وسائل النقل العام، كما ارتفعت أجور المواصلات بعد رفع أسعار المحروقات من قبل نظام الأسد بشكل متكرر.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة ألقاها ضمن فعاليات مناورات "أفيس 2022" بولاية أزمير غربي تركيا، إن بلاده لن تسمح بإقامة ممرات "إرهابية" على حدودها الجنوبية، وأنها ستكمل الأجزاء المتبقية من "الحزام الأمني" شمالي سوريا.
وأضاف أردوغان : "نعمل خطوة بخطوة على حماية حدودنا عبر خط أمني على عمق 30 كيلومترا (شمالي سوريا)"، وسبق أن أعلن نهاية مايو الماضي أن أنقرة تعتزم استكمال "الحزام الأمني" الذي تعمل على إقامته على طول حدودها مع سوريا "في أسرع وقت ممكن".
وأوضح أردوغان: "نعمل خطوة بخطوة على حماية حدودنا عبر خط أمني على عمق 30 كيلومترا (شمالي سوريا)"، في وقت كانت قالت وسائل إعلام تركية إن القوات المسلحة التركية وفصائل الجيش الوطني، أكملت الإجراءات التحضيرية وتنتظر أمر أنقرة لبدء عملية جديدة عبر الحدود في شمال سوريا.
ولفتت صحيفة "صباح التركية" ، إلى أن الجيش التركي اتخذ مواقع قتالية حول مدينتي تل رفعت ومنبج، وبينت أنه قد تم بالفعل تحديد أهداف العملية العسكرية التركية، والتي سيتم تنفيذها في وقت واحد في تل رفعت ومنبج.
وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، على ضرورة "تطهير سوريا من التنظيمات الإرهابية" التي تهدد وحدة أراضيها وأمن تركيا.
وشدد أوغلو على أن كلاً من الولايات المتحدة وروسيا، مطالبة بالوفاء بالالتزامات التي تنص على إبعاد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مسافة 30 كيلومتراً من الحدود السورية- التركية، وقال: "يجب ألا نساوي الأكراد السوريين مع حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب".
وعبر الوزير عن أسفه لعدم توصل الجلسة الثامنة من اجتماعات اللجنة الدستورية لأي نتائج، مؤكداً أن النظام السوري لا يريد التوصل إلى حل في البلاد، ولفت إلى أن "الحل الوحيد هو الحل السياسي. أنا لا أتحدث عن الإرهابيين، لكن التوصل إلى حل وسط مع المعارضين المعتدلين هو الحل الوحيد"، مطالباً بمزيد من الضغط على النظام للجلوس إلى طاولة الحوار".
أعلن نظام الأسد عبر وزير الصناعة "زياد صباغ"، عن منح مكافأة مالية قدرها 10,000 ليرة عن كل طن شوندر، أي ما يعادل 10 ليرات سورية فقط عن كل كيلو غرام من المحصول الزراعي، وزعم أن هذه المكافأة تشجيعية، وفق وسائل إعلام تابعة للنظام.
وحسب "صباغ"، فإن المكافأة التي يطلق عليها عادة "مكرمة"، هدفها تشجيع مزارعي الشوندر على تسويق محاصيلهم إلى المعامل، والتوسع بزراعة هذا المحصول الاستراتيجي المهم، إلا أن الوقائع تؤكد عظم اهتمام النظام بالمحاصيل الزراعية مثل القمح والشعير والشوندر، بل يصب اهتمامه في زراعة الدخان وبعض أصناف المخدرات.
ونقلت وسائل إعلام تابعة لنظام الأسد عن وزير الصناعة في حكومة النظام قوله إن الشوندر محصول استراتيجي حيث يؤمن المادة الأولية لصناعة السكر والخميرة، وتستخدم نواتجه كأعلاف، واعتبر أن عودة المعامل للإنتاج سوف تسهم بالاستغناء عن استيراد جزء كبير من هذه المواد.
واشترط نظام الأسد على المزارعين أن يكون طن الشوندر المقدم للمؤسسات الزراعية التابعة للنظام مطابقا للمواصفات القياسية السورية من حيث الأجرام وعدم وجود الأتربة، وذلك للحصول على مكافأة مالية قدرها 10,000 ليرة عن كل طن شوندر.
وحسب تصريحات سابقة لرئيس مجلس الوزراء لدى نظام الأسد "حسين عرنوس" تم تحديد سعر شراء الكيلو غرام الواحد من محصول الشوندر السكري من الفلاحين لموسم عام 2021-2022 بـ 250 ليرة بناء على توصية اللجنة الاقتصادية بتأييد مقترح وزارة الزراعة دون التطرق إلى تعديل السعر مؤخرا.
وتحدث مجلس الوزراء لدى نظام الأسد عن منح مؤسسة الحبوب قرضاً قدره 500 مليار ليرة لشراء موسم القمح لعام 2022، ومنح مؤسسة إكثار البذار قرضاً بقيمة 180 مليار ليرة لتسديد قيمة المحاصيل الزراعية المتوقع شراؤها ومنح مؤسسة الصناعات النسيجية قرضاً بحدود 21 مليار ليرة لتمويل شراء كمية من القطن المحلوج، حسب تقديراته.
ووفقا لوزير تموين النظام عمرو "سالم"، فإن منذ أيام بدء استلام محصول القمح السوري وحتى اللحظة جرى استلام أكثر من 40 ألف طن، والأمور في هذا الصدد منتظمة وجيدة، وأضاف، نستورد القمح من دول صديقة وحليفة فقط ولم نستورد سابقاً من أية دولة تفرض عقوبات على سوريا، حسب وصفه.
وتجدر الإشارة إلى أن القطاع الزراعي تأثر بشكل كبير بحرب النظام الشاملة ضد الشعب السوري، وبات الفلاح السوري يعاني من أزمات متراكمة منها صعوبة تأمين المحروقات والسماد، فيما قدم نظام الأسد عقود استثمار الأسمدة إلى روسيا بشكل طويل المدى بعد أن كانت تؤمن أكثر من 80 بالمئة من حاجة سوريا، فيما يواصل مسؤولي النظام تعليق فشله الذريع بمزاعم تأثير العقوبات الاقتصادية على القطاع الزراعي.
برر مدير "مكتب مكافحة التسول في وزارة الشؤون الاجتماعية"، لدى نظام الأسد "علي الحسين"، تزايد ظاهرة التسول بقوله إنها زادت جرّاء "الأعمال الإرهابية" حسب وصفه، فيما تحدث قاضي التحقيق الثاني بدمشق "محمد خربوطلي"، عن تحول الظاهرة إلى مهنة لكسب المال.
وأرجع "الحسين"، تزايد نسب التسول والتشرد بضعفين أو ثلاثة جاء بسبب ما وصفها بأنها "الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها البلاد"، متناسيا أن السبب المباشر هو حرب نظامه الشاملة ضد الشعب السوري، وزعم أن النظام لديه مشروع لكبح هذا الموضوع مثل مشروع إدارة الحالة.
وقدر أن التسول منتشر بشكل كبير في دمشق وريفها وحلب، مضيفا أن المكتب تعامل مع 162 حالة في دمشق وريفها تم تحويلهم من وزارة الداخلية منذ بداية العام، كما أن عدد قاطني دار الكسوة لرعاية التشرد بلغ 225 حاليا فيما تمت معالجة 623 شخص من خلال الدار منذ بداية العام.
وذكر أن كثيرون يمتهنون هذه المهنة ويمتلكون ثروات عبرها، معتبرا أن دخل المتسول أعلى من كثير من المهن وتعتبر سريعة الربح وخاصة أصحاب الإعاقات الذين يتم استغلالهن وتشغيلهم من قبل شبكات، إضافة إلى بعض الحالات نتيجة الحاجة المادية الماسة يدفع البعض لهذا السلوك.
وبالعودة إلى تصريحات قاضي التحقيق الثاني بدمشق قال إن يومية المتسول بشكل عام، تتراوح بين 30-50 ألف ليرة"، وذكر أن في إحدى الحالات التي وردت عام 2013 بلّغ أحد الأشخاص عن فقدان 40 مليون من منزله الكائن في "سوق ساروجة"، وعند التحقيق تبين أن هذا الشخص "متسول".
وزعم أن ازدياد نسب التسول بشكل كبير، جاء كون المتسول المحترف لا يريد العمل ويستسهل هذه المهنة لكسب المال، ومع ذلك هناك أناس يدفعهم الفقر للتسول وهذه الحالات بدأت بالظهور بعد الأزمة فيما اقتصر التسول قبل الأزمة على المحترفين والممتهنين لها.
ونقلت إذاعة موالية لنظام الأسد بوقت سابق تصريحات عن قاضي التحقيق الثاني بدمشق، قوله إن عقوبة التسول للقادرين على العمل أو لحاملي إثباتات فقر مزورة، معتبراً أنّ 99 في المئة من المتسولين غير محتاجين، حسب وصفه.
وقال "خربوطلي"، إن أي متسول يقبض عليه ويكون قادراً على تحصيل قوت يومه بنفسه، فإنه يحاكم حسب المادة 596 بالحبس لمدة تتراوح بين 3 أشهر والسنة، مع غرامة مالية تبدأ من 10 آلاف ليرة سورية إلى 25 ألف ليرة سورية.
وكانت تناقلت صفحات ومواقع إعلامية موالية للنظام تسجيلا لبرنامج يقدم عبر التلفزيون السوري الرسمي، فيما أثار حديث مذيعة موالية للنظام جدلاً وسخرية واسعة لا سيما مع حديثها عن ظاهرة التسول في أوروبا وسط تجاهل الأرقام المفزعة للظاهرة التي تتصاعد في سوريا.
ويذكر أن العديد من الظواهر السلبية التي تسببت بها حرب نظام الأسد الشاملة ضدَّ الشعب السوري والتي راح ضحيتها آلاف الأطفال واليافعين، في ظل تفاقم كبير لظاهرتي ظاهرتي "التسول" و "شم الشعلة" في مناطق سيطرة النظام لا سيما في محافظتي دمشق وحلب، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق.
شارك الشاهد السوري المعروف باسم "حفّار القبور"، في جلسة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، خصصت لمناقشة سياسة إدارة الرئيس جو بايدن تجاه سوريا، متحدّثاً عن تفاصيل مروّعة لجرائم ارتكها النظام السوري بحق آلاف المدنيين، بما في ذلك إلقاء آلاف الجثث في مقابر جماعية، بينها أطفال عذبوا حتى الموت.
وقدم الشاهد مفاجآت جديدة مروعة، أمام مجلس الشيوخ الأميركي أمس، بعد شهادته التي أدلى بها أمام "محكمة جرائم الحرب في سوريا" بمدينة كوبلنز غرب ألمانيا لمحاكمة ضابط المخابرات السابق، "أنور رسلان" والتي أدانته منذ أشهر بارتكاب جرائم إنسانية.
وأكد معاذ الخطيب، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ Syrian Emergency Task Force في تصريحات لـ"العربية.نت" "أن أعضاء مجلس الشيوخ صدموا بما أدلى به "حفّار القبور" من تفاصيل عن جرائم النظام، وقال إن حفّار القبور تحدّث عن 3 شاحنات مبرّدة تحمل كل واحدة منها بين 300 و600 جثة، كانت تأتي مرّتين كل أسبوع من كل الأفرع الأمنية والمستشفيات العسكرية في دمشق".
كما أوضح "أن هؤلاء تعرضوا للتعذيب حتى الموت، وكان "الضابط قيصر" (وهو اسم مستعار لمصوّر سابق في الشرطة العسكرية انشقّ عن النظام عام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة تظهر التعذيب والانتهاكات في السجون السورية) يوثّق صور جثثهم، ثم تأتي شاحنات مبرّدة لنقلهم إلى حفرة عملاقة، حيث كان يتواجد "حفّار القبور"، فتفرّغهم عشوائياً".
ولعل الصادم أن من ضمن تلك الجثث، عشرات الأطفال الذين قضوا تحت التعذيب، بحسب ما نقلت وسائل إعلام أميركية أيضا عن الشاهد، ولفت الخطيب إلى "أن أكثر من 6000 جثة بعضها يحمل آثار التعذيب والتي وثّقها "قيصر" بعد فراره من سوريا عام 2013، دُفنت في مقابر جماعية شاهد عليها حفّار القبور هذا، موضحا أن شهادة الأخير كانت استكمالاً لشهادة "قيصر".
وقال "نعمل على توثيق جرائم النظام السوري وتقديمها إلى محاكم أوروبية وأميركية، لاسيما أن هناك معتقلون سوريون ولبنانيون وأميركيون في سجون النظام نسعى إلى رفع قضاياهم أمام المحاكم الجنائية الدولية، لتحقيق العدالة لهم ومحاسبة النظام على ما قام ويقوم به بحقهم".
وفي الإطار، قال معاذ الخطيب، "هناك توافق بين أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي على عدم السماح لأي دولة بخرق "قانون قيصر" والالتفاف حوله من أجل مدّ يد المساعدة للنظام السوري الذي يقتل المدنيين السوريين منهم واللبنانيين، وهناك حلول أخرى لمشكلة الطاقة في لبنان يُمكن أن تجد لها سبيلاً، لكن ليس عبر إعادة تعويم نظام الأسد".
يشار إلى أن "حفّار القبور" كان تولّى مهمة دفن جثث القتلى تحت التعذيب في المقابر الجماعية بين عامي 2011 ومطلع 2018، وتمكّن من مغادرة البلاد لاحقاً، ليدلي بشهادته أمام المحاكم متنكراً، مخبئاً وجهه خلف قناع لوجود بعض أفراد عائلته في سوريا.
قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن المساعدات الإنسانية إلى سوريا "ليست شيئاً يتم التعامل معه كورقة مساومة، أو استخدامه لصالح أو منفعة سياسية"، مؤكداً ضرورة عدم السماح للخلاف العميق مع روسيا أو أي دولة أخرى، بالوقوف في طريق المساعدات الإنسانية للشعب السوري.
وأضاف برايس، أن تجديد التفويض الأممي لدخول المساعدات الإنسانية الأممية إلى مناطق شمال غربي سوريا عبر الحدود، "يتعلق بسبل العيش وقدرة ملايين السوريين المعرضين بشدة لانعدام الأمن الغذائي على الاستمرار في الحياة والعيش الكريم".
وأوضح أن معبر "باب الهوى" الحدودي بين سوريا وتركيا يسهل تقديم الدعم الإنساني الذي تمس الحاجة إليه، ويلبي احتياجات الشعب السوري، ولفت إلى أن السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، زارت مؤخراً معبر "باب الهوى"، لتسليط الضوء على ضرورة هذا المعبر الحدودي المتبقي لمرور المساعدات.
ومع انتهاء التفويض الأممي لعام كامل لآلية تجديد المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود، كانت حذرت منظمات إنسانية وحقوقية محلية ودولية، من مغبة فشل مجلس الأمن الدولي، من تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سوريا عبر منفذ "باب الهوى" الحدودي مع تركيا، والذي ينتهي في 10 تموز (يوليو) المقبل.
وحذرت المنظمات من تفاقم معاناة أكثر من أربعة ملايين شخص بمناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، في حال عدم تجديد تفويض الآلية، في وقت قال نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية لسوريا، مارك كاتس: "نحن نتجه نحو كارثة إذا لم يتم تجديد القرار".
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، أن روسيا، التي نجحت في السنوات الأخيرة، بتقليص نقاط عبور المساعدات عبر الحدود إلى هذا المعبر الوحيد، تريد استخدام إبقاء المعبر الإنساني مفتوحاً "كورقة مساومة"، ضمن سياق الحرب في أوكرانيا.
من جهتها، لفتت الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" سارة كيالي، إلى وجود "عدد قليل جداً من البدائل القابلة للتطبيق لآلية الأمم المتحدة عبر الحدود"، موضحة أن حجم عملية الأمم المتحدة عبر الحدود والثقة التي تتحلى بها لدى الجهات المانحة تجعل من الصعب استبدالها.
وكان قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إن الدول الغربية لا تفي بالتزاماتها بموجب آلية المساعدة عبر الحدود في سوريا، وأن هذا الوضع لا يناسب روسيا، في ظل مساعي روسيا لممارسة ضغوط جديدة على الدول الغربية مع موعد تجديد التصويت على آلية إدخال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود.
وأوضحت مصادر الصحيفة، أن روسيا أرسلت "إشارات غامضة إلى أنها قد تستخدم (مجلس الأمن) للحصول على بعض التنازلات في المواجهة مع أوكرانيا"، ولفتت إلى عدم وجود إشارة مباشرة إلى ذلك من موسكو، كما رفضوا شرح نوع الإشارات التي كانوا يتحدثون عنها. وفي الوقت نفسه، أعربوا عن ثقتهم في أن روسيا "تستعد لطلب المساعدة في الالتفاف على العقوبات من البلدان التي ستتأثر بشكل مباشر بموجة جديدة من اللاجئين".
وكانت بدأت روسيا خطواتها الدبلوماسية، بابتزاز المجتمع الدولي لمرة جديدة، في سياق مساعيها لوقف تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية "عبر الحدود"، سبق ذلك سلسلة ضغوطات مارستها العام الماضي حول الآلية، لتعلن معارضتها لتمديد الآلية، وقالت إن المجتمع الدولي لا يبذل الجهود الكافية لدعم مشاريع إعادة الإعمار المبكر في هذا البلد.
ويرى متابعون للملف الإنساني، أن روسيا تسعى بشكل تدريجي لتقويض الملف الإنساني وسحبه لصالح النظام ولكن عبر مراحل، بدأت بوقف دخول المساعدات من جميع المعابر وحصرها بمعبر واحد، ثم المطالبة بفتح معابر مع النظام من باب إنساني باسم "خطوط التماس"، وطرح موضوع "التعافي المبكر"، لتحقيق اعتراف جزئي للنظام حالياً، ولاحقاً التمهيد لسحب الملف الإنساني كاملاً.
أعلنت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، بربارة ليف، أن الولايات المتحدة لم تتخذ، حتى الآن، أي قرار برفع العقوبات، أو أي استثناءات تتعلق بالعقوبات على سوريا، بشأن نقل الغاز المصري إلى لبنان، "لأنه لم توقع هذه الدول أي عقود بعد".
وقالت ليف، في جلسة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، خصصت لمناقشة سياسة إدارة بايدن تجاه سوريا، الأربعاء، إن "هناك عملية جارية الآن لإنهاء هذه العقود بين الحكومات"، لافتة إلى أن واشنطن ستنظر في تفاصيل هذه العقود وتقرر بشأنها في حينها".
ونفت تقديم أي ضمانات بشأن رفع العقوبات، لكنها أشارت إلى أن ما تم الإلتزام به هو إجراء محادثات بشأن هذه المسألة، وأكدت ليف أن الهدف من هذا المشروع مساعدة الشعب اللبناني في المقام الأول.
وقالت إن "لبنان يعاني منذ سنوات وهو الآن من دون شك على شفير انهيار الدولة والمجتمع، ونحاول عبر إجراءات عدة وضع حد لهذا الاحتمال لأن انعكاس ذلك على اللبنانيين شيء، لكن الانعكاس على المنطقة بشكل أوسع سيكون أكبر، على إسرائيل والأردن ودول أخرى".
وأضافت: "لذا نعمل على عدة إجراءات، منها خيار نقل الغاز المصري عبر الأردن من خلال أنبوب يمر عبر سوريا، الذي طرحته حكومتا القاهرة وعمان"، مشيرة إلى أن الشعب اللبناني لديه ساعتان فقط من الكهرباء يوميا حاليا.
وكشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى أن "العاهل الأردني هو أكثر الأشخاص القلقين بين شركائنا حيال احتمال الانهيار في لبنان، ويريد أن يقوم بكل شيء ممكن لتخفيف هذا الاحتمال"، وأكدت على أنه "لن يكون هناك تحويل لأموال نقدية من أي نوع للحكومة السورية".
وسبق أن قال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، إن جهود نقل الغاز الطبيعي من مصر إلى بلاده "تواجه صعوبات"، حيث تطالب القاهرة بالحصول على ضمانات أمريكية أولا، تتعلق بعدم شمول مشروع توريد الغاز بالعقوبات المفروضة على سوريا في الوقت الراهن أو في المستقبل.
وسبق أن خلق تسليم السفيرة الأميركية لدى بيروت، دوروثي شيا، رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، رسالة رسمية خطية من وزارة الخزانة الأميركية لترد على بعض الهواجس الخاصة بالحصول على الطاقة عبر سوريا دون التعرض للعقوبات الأميركية، ردود فعل رافضة من قبل عدد من المسؤولين الأمريكيين.
وقالت مصادر إعلام غربية، إن مسؤولين أمريكيين اعترضوا على تصرف السفيرة، وكتب المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا "جويل رايبورن" عبر حسابه على تويتر"، أمس: "يبدو أن فريق بايدن يسيء تفسير القانون الأميركي بشكل متعمد، وذلك ليقدم ضمانات لدول أخرى".
وأوضح رايبورن أن "فريق بايدن لم يقنع نصف الكونغرس بأن إنقاذ لبنان يتطلب تحويل كميات ضخمة من الوقود أو الأموال إلى الأسد"، في حين قال "جو ويلسون" عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري بتغريدة على تويتر: "قانون قيصر واضح. سيحاسب الكونغرس بايدن على أي تخفيف للعقوبات يقدم للأسد. لن تُحل أزمة الطاقة والاقتصاد في لبنان من خلال إثراء القاتل الجماعي الأسد ووكلاء إيران".
وبموجب خطة اتفق عليها لبنان ومصر والأردن وسوريا في سبتمبر، سيمر الغاز المصري إلى لبنان عبر أنابيب تقطع الأردن وسوريا، للمساعدة في تعزيز إمدادات الطاقة بلبنان والتي لا تكفي الآن لتوفير الكهرباء إلا لساعات قليلة في اليوم على أفضل تقدير، ولقيت الخطة دعما من الولايات المتحدة، وتهدف إلى ضخ الغاز عبر خط أنابيب عربي تم مده منذ نحو 20 عاما.
قال "محمد يحيى مكتبي" عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، إن نظام الأسد يعمل على زيادة معاناة الشعب السوري، من خلال استهداف الحقول المزروعة بالقمح شمال غرب سوريا، وخاصة في ظل أزمة الغذاء العالمية.
وأكد مكتبي أنه ليس مستغرباً أن يقوم نظام الأسد بهذه الجريمة النكراء، لافتاً إلى أن نظام الأسد لديه سجل حافل بالجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، وهذه الجريمة تأتي في إطار سياسة الحصار والتجويع، والتي كررها في عدة مناطق في سورية، منذ بدايات الثورة، وتجلت بعبارة “الأسد أو نحرق البلد”.
وأشار مكتبي إلى أن نظام الأسد لا يحارب السوريين بالسلاح فقط، وإنما بقوت يومهم وغذاء أطفالهم، من أجل إرغامهم على الخضوع لإرادته، حيث تعرضت الحقول الزراعية التابعة لقرية “السرمانية” بمنطقة سهل الغاب شمال غربي محافظة حماة، لقصف مدفعي من المناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد وروسيا في المناطق المتاخمة، ما أدى لاندلاع حرائق ضخمة في تلك الحقول.
ولفت ناشطون إلى أن الأراضي المحروقة لا يمكن تقدير مساحتها، موضحين أن الحرائق التهمت المحاصيل الزراعية، لمنع المزارعين من الاستفادة من محاصيلهم الزراعية، في وقت عملت فرق الدفاع المدني السوري على إخماد الحرائق ولفتت إلى أن الخسائر كبيرة.
وكانت دعت الأمم المتحدة، في تقرير مشترك صادر عن برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة في 20 دولة اعتبرتها "بؤرة ساخنة للجوع" في العالم، بينها 5 دول عربية، هي "سوريا والسودان واليمن والصومال ولبنان".
وحذر التقرير من "احتمال أن يتدهور انعدام الأمن الغذائي في الدول العشرين خلال الشهور الثلاثة المقبلة، أي في الفترة ما بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2022"، ولفت إلى أن "750 ألف رجل وامرأة وطفل يواجهون حاليا المجاعة والموت في اليمن والصومال وأفغانستان وإثيوبيا وجنوب السودان".
وأضاف التقرير "تظل إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن والصومال وأفغانستان في (حالة التأهب القصوى) وهي حالة الظروف الكارثية، مما يعني أن هناك شرائح من السكان تواجه انعدام أمن غذائي كارثي أو معرضة لخطر التدهور نحو ظروف كارثية".
وذكر التقرير "لا تزال سوريا والسودان و جمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي ومنطقة الساحل بلدانا تثير قلقا بالغا"، وحذر التقرير من أن "يؤدي الصراع في أوكرانيا إلى تفاقم ما هو بالفعل عام من الجوع الكارثي.. مطلقا العنان لما يتبع ذلك من موجة جوع تنتشر في جميع أنحاء العالم، وتحول سلسلة من أزمات الجوع الرهيبة إلى أزمة غذاء عالمية لا يستطيع العالم تحمّلها".
وأدرج التقرير كلا من "سريلانكا ودول غرب إفريقيا الساحلية (بنين وغينيا والرأس الأخضر) وأوكرانيا وزيمبابوي إلى بقية بلدان البؤر الساخنة: أنغولا ولبنان ومدغشقر وموزمبيق".
وخلص التقرير إلى أنه "إلى جانب الصراع، ستستمر الصدمات المناخية في التسبب بالجوع الحاد في فترة التوقعات من يونيو إلى سبتمبر 2022، مع دخول العالم الوضع الطبيعي الجديد، حيث تقضي فترات الجفاف المتكررة والفيضانات والأعاصير على الزراعة، مما يزيد النزوح ويدفع بالملايين إلى حافة الهاوية في هذه البلدان".