أعلنت سفارة الجمهورية العربية السورية في الدوحة، الثلاثاء، بدء قبول طلبات تأشيرة المرور (الترانزيت) للمواطنين السوريين المقيمين في قطر، وذلك بعد صدور موافقة رسمية تتيح العبور لمرة واحدة عبر أراضي المملكة العربية السعودية.
وأوضحت السفارة، في بيان رسمي، أن تقديم الطلبات يتم حصرًا عبر مكتب “تأشير” في مول أزدان، وفق الإجراءات والوثائق المعتمدة. كما عبّرت عن شكرها للسلطات السعودية، لا سيما السفير السعودي في قطر الأمير منصور بن خالد بن فرحان آل سعود، على تعاونه في إنجاز هذا الملف الذي يحظى باهتمام رسمي ومتابعة من وزارة الخارجية السورية.
وتجدر الإشارة أن عشرات السائقين السوريين في دولة الإمارات ينتظرون قرارا مشابها، حتى يتمكنوا من المرور بإتجاه سوريا عبر السعودية، وهو ما سيحسن حياتهم المعيشية بشكل كبير، حيث من المتوقع أن يتم اصدار قرارات مشابهة في كل الدولة الخليجية.
ويعد هذا التطور تحولًا لافتًا في ملف تأشيرات العبور، خصوصًا بعد سنوات من القيود المفروضة على سائقي الشاحنات السوريين في دول الخليج، حيث كانت السعودية تمتنع عن منحهم تأشيرات ترانزيت، ما عرقل حركة البضائع وزاد من أعباء قطاع النقل البري السوري.
ويأتي القرار السعودي بالتزامن مع سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة السورية مؤخرًا لدعم النقل البري وتعزيز مبدأ المعاملة بالمثل. ففي 15 يوليو/تموز الجاري، قررت هيئة المنافذ السورية منع دخول الشاحنات السعودية والمصرية إلى الأراضي السورية، والاكتفاء بالمناقلات في المعابر الحدودية، ردًا على ما وصفته بممارسات غير متكافئة من بعض دول الجوار.
كما أقرت وزارة النقل في وقت سابق من الشهر نفسه فرض رسوم إضافية على عبور الشاحنات الأجنبية، في محاولة لإعادة التوازن إلى بيئة النقل الإقليمي.
يُشار إلى أن ملف تأشيرات العبور ظل محور مطالبات واسعة من سائقي الشاحنات السوريين، خصوصًا بعد احتجاجات معبر نصيب في يناير الماضي، التي سلطت الضوء على التمييز الذي يواجهه السائقون السوريون مقارنة بنظرائهم من الجنسيات الأخرى.
ويُتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تخفيف الأعباء عن السوريين العاملين في قطاع النقل في دول الخليج، وتيسير عودتهم البرية إلى البلاد، لا سيما في ظل القيود الجوية والكلفة المرتفعة للسفر.
اتهم وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم الثلاثاء، إسرائيل بمحاولة زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا، محذرًا من أن أنقرة ستتعامل مع أي محاولة لتقسيم الأراضي السورية على أنها تهديد مباشر للأمن القومي التركي.
جاءت تصريحات فيدان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأردني في أنقرة، حيث شدّد الوزيران على رفض بلديهما المطلق لأي تدخلات إسرائيلية في الشأن السوري، ولا سيما ما يتعلق بالتطورات الجارية في محافظة السويداء جنوبي البلاد.
وقال فيدان: “إسرائيل تسعى لتخريب الاستقرار في سوريا، وتستخدم ورقة الطائفة الدرزية ذريعة لتأجيج الفوضى”، مضيفًا أن “الشيخ حكمت الهجري يتصرف كأنه وكيل لإسرائيل ورفض علنًا أي مبادرة لتحقيق الاستقرار”، في إشارة إلى الزعيم الديني البارز في السويداء.
وأكد وزير الخارجية التركي أن بلاده تتابع عن كثب تطورات الجنوب السوري، مشيرًا إلى أن “أي سلوك انفصالي أو تحركات تهدد وحدة سوريا ستُقابل بإجراءات مباشرة”، موضحًا أن “تقسيم سوريا إلى أربع مناطق مشروع تسعى له قوى إقليمية في مقدمتها إسرائيل، ونحن سنواجهه بكل الوسائل”.
كما شدد فيدان على أن تركيا تعمل بالتنسيق مع جميع الأطراف السورية لدعم جهود الاستقرار ووقف التصعيد، مؤكدًا أن كافة المناطق السورية يجب أن تخضع لسيطرة الحكومة المركزية في دمشق، وأن المجتمع الدولي بأسره يجب أن يدعم وحدة وسيادة سوريا.
وأضاف: “المستقبل القريب سيشهد سوريا موحدة وذات سيادة كاملة، وعلينا جميعًا مساعدتها على استعادة استقرارها ومنع أي مخطط لتمزيق نسيجها الوطني”.
وختم الوزير التركي بتأكيد دعم بلاده لحقوق الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن السياسات الإسرائيلية لا تهدد سوريا فحسب، بل تسعى لجر المنطقة برمتها إلى حالة دائمة من الضعف والفوضى، على حد تعبيره.
أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، اليوم الثلاثاء، نتائج عملها بعد أربعة أشهر من التحقيقات، مشيرة إلى أن الأحداث بدأت في السادس من آذار الماضي بهجمات واسعة نفذتها مجموعات مسلحة مرتبطة بنظام الأسد السابق، تُعرف إعلاميًا بـ”الفلول”، وأسفرت عن مقتل 238 عنصرًا من الجيش والأمن، إضافة إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين.
وقال المتحدث باسم اللجنة خلال مؤتمر صحفي في دمشق، إن اللجنة عملت وفق معايير الاستقلالية والحياد والشفافية، وأجرت مشاورات رفيعة مع جهات دولية، من بينها مكتب المبعوث الأممي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية.
وأضاف أن اللجنة التزمت بالحفاظ على سرية بعض الشهادات تلبيةً لطلب أصحابها، وعدم الإفصاح عن أسماء المشتبه بهم إلا أمام الجهات القضائية.
وكشف التقرير أن “الفلول” سيطروا جزئيًا أو كليًا على بلدات وقرى في الساحل السوري، في محاولة لفصل المنطقة عن الدولة، بدعم خارجي وهيكلية منظمة.
وأشار إلى أن الهجوم شمل استهداف مقرات أمنية وعسكرية ومرافق صحية، وتم توثيق مقتل عدد من المدنيين والعسكريين، بينهم أسرى وجرحى، بالإضافة إلى تدمير ستة مستشفيات وإخراجها من الخدمة.
ووفقًا للجنة، فقد تم تدوين 930 إفادة، والتحقق من 1426 حالة وفاة، منهم 90 امرأة، معظمهم مدنيون، إضافة إلى 20 مفقودًا بينهم مدنيون وأفراد من القوات الحكومية.
كما جُمعت قرائن حول 265 مشتبهًا به من “الفلول”، وتم توثيق 298 شخصًا ممن يُشتبه في ضلوعهم بانتهاكات، بينما أحيلت لائحتان بالأسماء إلى النائب العام السوري.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 200 ألف مقاتل تحركوا من مختلف المناطق لاستعادة الساحل، إلا أن استهدافهم من قبل الفلول أدى إلى فوضى وتجاوزات، بعضها نفذه أفراد من القوات المشاركة، رغم وجود أوامر واضحة من رئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية بضرورة الالتزام بالقانون وحماية المدنيين.
وتسبب استهداف تلك الحشود من قبل الفلول بحالة من الفوضى، ما أدى لاحقًا إلى تجاوزات وانتهاكات خلال مداهمات في عدد من القرى، خاصة في الفترة بين 7 و9 آذار.
وبحسب اللجنة، فإن إفادات الشهود أظهرت تباينًا كبيرًا في سلوك القوات المشاركة، إذ ارتكب بعض الأفراد انتهاكات جسيمة، بينما تعامل آخرون مع السكان باحترام، ما دفع اللجنة للاعتقاد بأن الانتهاكات، رغم اتساعها، لم تكن منظمة بالكامل.
كما أوضحت اللجنة أنها بحثت في أسباب تعرض بعض القرى لانتهاكات دون غيرها، ولاحظت أن المناطق المتضررة تطل بمعظمها على الطريق الدولي، وأن بعض الفلول استخدموا هذه المناطق لتنفيذ هجمات على القوات الحكومية، وفقًا لشهادات من عائلات الضحايا.
وأكد التقرير أن بعض الانتهاكات ارتُكبت خارج نطاق الأوامر الرسمية، وشملت تشكيل عصابات للنهب وانتحال صفات أمنية، بدوافع ثأرية غير أيديولوجية. كما أشار إلى وجود ارتياح نسبي من الأهالي تجاه سلوك عناصر الأمن العام، مقابل انتقادات لسلوك بعض الفصائل والمجموعات غير المنضبطة.
وأكدت اللجنة أن الدولة بذلت جهودًا حثيثة للحد من الانتهاكات، وأن درجة عالية من الانضباط لوحظت في سلوك عناصر الأمن العام، غير أن سيطرة الدولة الفعلية كانت جزئية أو منعدمة خلال الأحداث، بسبب حالة الفراغ الأمني الناتجة عن حل جيش النظام السابق، مشيرة إلى أن اندماج الفصائل ضمن هيكلية وزارة الدفاع لا يزال جزئيًا وشكليًا في بعض الحالات.
وأكد رئيس اللجنة، القاضي جمعة العنزي، أن اللجنة توصي بـ”الإسراع في تنفيذ خطة وزارة الدفاع لضبط السلاح، وتنفيذ لائحة قواعد السلوك، ومنع بيع الزي العسكري، وإطلاق برامج السلم الأهلي، وملاحقة الفارين من العدالة من قادة نظام الأسد السابق”.
كما شدد العنزي على ضرورة مواءمة النظام القضائي مع المعايير الدولية، والتوقيع على اتفاقية منع الاختفاء القسري، ورفع كفاءة مؤسسات الأمن والعدالة، مع كفالة رقابة الخطاب العام لمنع التحريض الطائفي أو العنف عبر الإعلام والمنصات الرقمية.
ودعت اللجنة في ختام تقريرها إلى استكمال بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية، ومواءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، وتسريع إنشاء هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان، وإطلاق برامج جبر الضرر وتعويض الضحايا، إضافة إلى مراجعة قرارات التعيين والتسريح السابقة.
وفي ختام المؤتمر، أعلن رئيس اللجنة القاضي جمعة العنزي انتهاء عمل اللجنة، مؤكدًا أن السلطة القضائية ستتولى الآن متابعة المشتبه بهم، ومشدّدًا على جدية الدولة السورية في المضي بمسار المحاسبة.
عقدت إدارة الشركة العامة للإسمنت ومواد البناء "عمران" اجتماعاً موسعاً في معمل عدرا بريف دمشق، جمع الكوادر الإدارية والفنية والعاملين، وركّز على تقييم الأداء خلال الأشهر الستة الماضية، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المؤسسة.
وشهد الاجتماع نقاشاً صريحاً حول مصير الاستثمارات في قطاع الإسمنت، ومستقبل معامل الإنتاج، وسط تساؤلات العاملين حول حقوقهم، وأوضاع الرعاية الصحية، وشروط السلامة المهنية، إضافة إلى العوائق الإدارية والتنظيمية الناتجة عن عملية الدمج العشوائية التي أجريت في الفترة السابقة.
وأكد الحاضرون أن آثار الدمج السلبي لم تقتصر على الجوانب الإدارية والمالية، بل طالت أداء المؤسسة وكفاءة العمل، وهو ما يستدعي إعادة تقييم شاملة للهيكلية الإدارية وآليات التشغيل.
من جانبها، أوضحت إدارة الشركة أن الواقع الموروث لم يكن فقط منشآت متهالكة، بل أيضاً كوادر فنية وإدارية كفوءة يمكن البناء عليها، وشدّدت على أن فوضى الدمج السابقة أفرزت مشكلات عميقة، لكن ذلك لم يمنع من تحقيق خطوات عملية نحو الإصلاح خلال الأشهر الستة الماضية.
ومن أبرز النجاحات زيادة الرواتب وتوسيع نطاق المكافآت لتحفيز العاملين وتعزيز خطط التدريب والتأهيل لاستقطاب كوادر جديدة قادرة على النهوض بالمؤسسة والتأكيد على أن صناعة الإسمنت تُعدّ صناعة استراتيجية، تتطلب رؤية تنموية طويلة الأمد.
هذا وتسعى شركة "عمران" إلى ترميم بنيتها الإدارية والتشغيلية، وتجاوز آثار الدمج السابق، في وقت يشهد فيه قطاع البناء والحاجة للإسمنت عودة تدريجية في عدد من المحافظات ورغم التحديات، يبدو أن هناك إرادة فعلية للإنقاذ والتطوير، وفق ما عبّر عنه المجتمعون من إدارة وكوادر.
في خطوة وصفت بأنها جوهرية، ألغى وزير الاقتصاد والصناعة القرار القديم الذي فرض ما يُعرف بـ"الضمائم" على منتجي الإسمنت، في محاولة لتخفيف الأعباء المالية عن القطاع الإنتاجي، خصوصاً في ظلّ ضعف التنافسية مع المستوردات.
ووفقاً لتصريحات المهندس "محمود فضيلة"، مدير عام الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء “عمران”، فإن القرار يأتي ضمن إطار إصلاح السياسات الاقتصادية التي كانت تُفرض سابقاً تحت مسميات قانونية شكلية، لكنها مثّلت أعباء فعلية على المنتجين المحليين.
وأشار "فضيلة" إلى أن النظام البائد كان يعتمد على فرض أتاوات مقنّعة تحت غطاء تشريعي، ما أدى إلى خنق القطاعات الإنتاجية، معتبراً أن إلغاء الضميمة يمثّل تحولاً نوعياً نحو إصلاح حقيقي، خصوصاً في ظل توجه الحكومة الجديدة لاعتماد الكفاءات المتخصصة في إدارة الملفات الوزارية.
وأوضح "فضيلة"، أن دعم الصناعة المحلية ينعكس بشكل مباشر على الناتج المحلي الإجمالي، ويُسهم في خفض التكاليف النهائية على المستهلك، مما يعزز من قدرة المنتج المحلي على الانتشار والمنافسة في السوق السورية.
كما أكد أن خفض التكاليف التشغيلية وإعادة هيكلة الأعباء بشكل عادل سيمنح صناعة الإسمنت دفعة قوية للاستمرار والتوسع، لا سيما وأنها صناعة كثيفة التكاليف وتخرج من المنافسة بسهولة عند ارتفاع الأعباء.
وتواجه صناعة الإسمنت في سوريا جملة من التحديات البنيوية والمالية، وسط جهود حكومية متزايدة لدعم هذا القطاع الحيوي في ظل الحاجة المتزايدة لمواد البناء نتيجة الدمار الواسع الذي خلفه نظام الأسد البائد.
ووفق تقديرات متخصصة، فإن سوريا تحتاج خلال السنوات العشر المقبلة إلى نحو 60 إلى 80 مليون طن من الإسمنت، أي ما يعادل 6 إلى 8 ملايين طن سنوياً، لتلبية متطلبات إعادة إعمار نحو مليوني وحدة سكنية مدمّرة، فضلاً عن مشاريع البنى التحتية والمرافق العامة.
رصدت شبكة شام الإخبارية مقتل عدد من ضباط فلول نظام الأسد البائد خلال اشتباكات عنيفة اندلعت مؤخراً في محافظة السويداء، بين مجموعات مسلحة خارجة عن القانون وقوات الجيش السوري، في مشهد يكشف عن تورط مباشر لعناصر وقيادات سابقة من النظام البائد في تأجيج العنف ونسف الاستقرار داخل المحافظة.
وفي التفاصيل نعت صفحات من فلول نظام الأسد "هادي أبو الباسل" المعروف باسم "أبو عاصي حرس جمهوري"، وهو المرافق الشخصي للعميد القتيل "عصام زهر الدين"، وكان يشغل أيضًا منصب "المدير الإعلامي لمجموعة نافذ أسد الله" إحدى الميليشيات الرديفة للنظام البائد.
وفي وقت قاد "أبو الباسل" اللواء 104 في الحرس الجمهوري، وله عشرات الصور التي توثق نشاطه العسكري إلى جانب نظام الأسد البائد وكثيراً ما ظهر إلى جانب "عصام زهر الدين" الذي كان يوصف بأنه يده اليمنى وظله الدائم، وقالت المراسلة الحربية السابقة لدى نظام الأسد البائد "أفروا عيسى" إن القتيل هادي لقي مصرعه بعد "سنوات من القتال بشراسة في ساحات الميدان".
وحتى الأمس القريب كان ينشط "أبو الباسل" عبر صفحته الشخصية في فيسبوك، ولا يزال يضع صورة شخصية له رفقة "عصام زهر الدين"، وقال في منشور له بتاريخ 13 تموز/ يوليو الجاري، "مخصص للأصدقاء" "السويداء تسترجع مناطق دخلت إليها تنظيمات الجولاني الإرهابي وقريباً جداً دمشق أنتم من بدءتم ولكن نحن من سننهيها"، ويماثل ذلك عدة منشورات تحريضية.
في حين نعت صفحات محلية العميد الركن الطيار "عدنان فرحان مهنا"، رئيس رابطة المحاربين القدماء بالسويداء، الذي له تاريخ واسع من التمجيد والتبجيل للنظام البائد الذي كان لفترة طويلة أحد أبرز أركانه العسكرية، ومن تصريحاته وصف الثوار السوريين بالإرهابيين ووصف جيش النظام البائد بالجيش الباسل.
ووفق معلومات وتقارير صحفية يتهم العميد "مهنّا" بأنه مسؤولاً عن العديد من جرائم الحرب التي ارتكبها خلال الطلعات الجوية التي كان ينفذها أثناء خدمته في جيش النظام البائد، قبل أن يحال إلى التقاعد قبل حوالي 10 سنوات، وفق مصادر محلية.
وشكّل مصرعه صدمة في الأوساط المؤيدة لفلول النظام وسط تفاعل مع بيان نشرته "رابطة المحاربين القدماء" عقب مقتله إلى جانب زوجته، و لم يخلُ البيان من لغة التحريض والطعن في الدولة، إذ وصف من قتله بـ"كفّار العصر المرتدين الفاسقين المجرمين"، في محاولة لتأطير الحدث ضمن سردية دينية متطرفة تبرّر استمرار الفوضى المسلحة.
إلى ذلك قُتل العقيد "كمال خليل أبو فخر"، أحد أبرز المتهمين بإيواء قادة من أجهزة الأمن السابقة، وكان قد أُسر سابقاً في محافظة حلب ضمن عملية "ردع العدوان"، وظهر لاحقاً في السويداء محتمياً بفلول النظام البائد.
ووفق نشطاء سوريين فإن القتلى الذين سقطوا خلال المواجهات الأخيرة لم يكونوا عناصر عادية، بل ضباطاً لهم تاريخ طويل في الولاء للنظام البائد، وارتبطت أسماؤهم بجرائم وانتهاكات بحق السوريين، قبل أن يتحصنوا في السويداء بعد سقوط النظام ويتحوّلوا إلى أدوات تغذي الفوضى الراهنة.
شخصيات عسكرية ما زالت فاعلة داخل السويداء
تشير مصادر إعلامية إلى أن السويداء باتت ملاذاً آمناً لعشرات الضباط التابعين للنظام البائد، حيث يحتمون بما يسمى "المجلس العسكري" الذي يترأسه المدعو "طارق الشوفي"، ويُتهم هذا المجلس بإفشال أي تقارب أو تسوية مع الدولة السورية، ورفض دمج القوى غير المرتبطة بالنظام البائد ضمن مؤسسات الدولة الرسمية.
ومن بين أبرز هؤلاء الضباط العميد الطيار "عماد سلمان مزهر"، الذي تعرّض لإسقاط طائرته في دير الزور عام 2014، وتُوجَّه له تهم بارتكاب مجازر موثقة بحق المدنيين، وهو اليوم يحظى بحماية المجلس العسكري في السويداء.
بالإضافة إلى عشرات الضباط الآخرين بينهم المقدم "يحيى ميّا"، من قرى طرطوس، وله سجل واسع في تصفية المعارضين واعتقالهم، إضافة إلى تجارة المخدرات خدم سابقاً في معبر نصيب وفرع الأمن السياسي بإزرع، وظهر مؤخراً ضمن صفوف المجلس العسكري في السويداء.
وكذلك اللواء الركن الطيار "عادل جاد الله قيصر"، الذي ينحدر من قرية قنوات، قائد سابق لمطار السين والفرقة 22، نُسبت له أكثر من 1000 غارة جوية على مدن سورية، ويُعد أحد المسؤولين المباشرين عن عشرات المجازر، بحسب وثائق تم العثور عليها في الأركان الجوية اليوم، هو منضوٍ في المجلس العسكري بالسويداء.
ويذكر أن معطيات ميدانية وتقارير إعلامية متقاطعة، تشير إلى تزايد انخراط فلول نظام الأسد البائد في المواجهات المسلحة الأخيرة التي شهدتها السويداء، خصوصاً إلى جانب ميليشيات الهجري ومجموعات رديفة له من الخارجين عن القانون، وذلك في مواجهة قوات الجيش السوري ومكونات عشائرية من بدو السويداء، ما يكشف عن مخطط تخريبي تقوده بقايا النظام البائد لإجهاض جهود الدولة في فرض الأمن.
انطلقت من مدينة حلب، يوم أمس الإثنين، حملة إنسانية تحمل اسم "فزعة حلب"، متوجهة إلى الجنوب السوري، بهدف دعم العائلات التي تضررت جراء الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء.
وذكرت المعرفات الرسمية لمحافظة حلب أن الحملة نُظمت بالتنسيق بين مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل وفعاليات من المجتمع الأهلي، وتحمل مساعدات غذائية وطبية متنوعة.
ووفقًا لمقاطع الفيديو التي نشرتها المعرفات الرسمية، شاركت في الحملة منظمات من المجتمع المحلي، وتركزت وجهتها نحو محافظتي السويداء ودرعا لتقديم الدعم الإنساني العاجل.
وأوضح أحد مسؤولي الحملة أن الهدف منها هو مساندة المتضررين الذين خسروا المأوى والمأكل واللباس، مؤكدًا أن طبيعة الحملة اجتماعية إنسانية في جوهرها، وتسعى لتخفيف المعاناة التي خلفتها التطورات الأخيرة في الجنوب.
وأضاف، خلال مقابلة بثتها المعرفات الرسمية، أن القافلة تتضمن مواد إغاثية تشمل الألبسة، الأغطية، والمستلزمات الضرورية لمراكز الإيواء، واصفًا هذه الجهود بأنها "واجب وطني" تجاه أبناء المحافظتين المنكوبتين.
قافلة مساعدات إنسانية من دمشق وريفها إلى درعا
بالتوازي مع "فزعة حلب"، كشفت مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل في درعا، دانيا المفعلاني، أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل نظّمت قوافل إغاثية جديدة بالتعاون مع مديرياتها في دمشق وريفها، وذلك بعيدًا عن تنسيق مع الهلال الأحمر السوري.
وفي تصريحات لقناة "الإخبارية السورية"، أوضحت المفعلاني أن المساعدات تم تجميعها في العاصمة دمشق، قبل إرسالها إلى درعا وتوزيعها ضمن مراكز الإيواء تحت إشراف مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظة.
وتضمنت القافلة، بحسب المفعلاني، 2000 سلة غذائية، و4500 بطانية، ومئات الوجبات الجاهزة، إضافة إلى الخبز وعبوات مياه الشرب. كما شملت المساعدات مستلزمات للأطفال مثل الحفاضات والبسكويت، إلى جانب ألبسة وأغطية متنوعة، في إطار جهود الاستجابة الإنسانية الطارئة لمهجّري السويداء.
انطلقت أمس سيارات من السويداء مُحملة بناجين من الموت بأعجوبةٍ بالغة، كانوا على حافة الهاوية، كادوا أن يرتشفوا من كأس الموت، لكنهم نُجّوا في اللحظات الأخيرة. بينهم أطفال صغارٌ يلتفتون حولهم بعيونٍ خائفةٍ تختلط فيها الرهفةُ بالبراءة، تُرسم على وجوههم غبرة الحرب، وتكشف ملامحهم الشاحبةُ المُنهكة عن آثارها القاسية عليهم.
اصطدم أطفال عشائر البدو بأحداثٍ قاسيةٍ في الأيام الماضية، تفوق أعمارهم الصغيرة وتخيلاتهم البريئة وقدراتهم العقلية. منهم من لقي حتفه تحت وطأة ظروفٍ مرعبة، ومنهم من نجا وهو يحمل في جسده آثار تعذيبٍ بادية على الوجه والجلد. وحمل الناجون الصغار من الاشتباكات ذاكرةً مثقلةً بمشاهد القتل والرعب والجوع والخوف والتشرد.
من بين أولئك الأطفال روان، التي تداولت منصات التواصل قصتها على نطاق واسع، إذ اعتدت عليها مجموعات خارجة عن القانون بالضرب، ولم يشفع صراخها وبكائها لها عندهم ولم يرحموها، لتعيش لحظات قاسية لم تمرّ عليها من قبل، لكن ربما تعد هذه الطفلة محظوظة مقارنة بشقيقها ذو العامين، الذي لم ينجو، بعد أن قُطع رأسه من قبل تلك الميليشيات.
نتائج تلك الظروف لا تزول بانتهائها، وإنما يكون لها تداعيات على المدى القريب والبعيد، فبحسب دراسات نفسية فإن الأطفال الذين يعيشون تجارب عنيفة مثل إطلاق النار، مشاهدة القتل، التهجير القسري، وغيرها من الظروف الناتجة عن الاقتتال، معرضون للإصابة بآثار نفسية سلبية، منها اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، مع أعراض مثل الكوابيس، ذكريات الماضي المؤلمة، والقلق المستمر والخوف الدائم، وانخفاض الثقة بالنفس.
كما يمكن أن تظهر لديهم اضطرابات سلوكية مثل العدوانية أو الانطواء، وصعوبات في التركيز والتعلم، مما يؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي، خاصة إذا لم يتلقوا الدعم النفسي الكافي، وهنا تبرز الحاجة الملحة لدعم أولئك الأطفال وتقديم الاحتياجات والمساعدات المناسبة لهم.
وتطال تداعيات الحرب والنزوح الجانب المعيشي والمادي للأطفال البدو في هذه الحالة أيضاً، خاصة أن النزوح القسري يتسبب في تدهور الوضع الاقتصادي للعائلات، لا سيما أن أغلب العشائر فقدت منازلها ومواردها المالية. إذ غادروا السويداء صفر الأيدي لا يحملون شيئاً سوى نجاتهم، ليتركوا وراءهم الأرزاق التي نُهبت أو أُحرقت جراء انتهاكات عصابات الهجري.
وهذا الواقع يفرض على الأهالي وقتاً طويلاً لإيجاد مصادر دخل جديدة تؤمن متطلبات الحياة الأساسية، مما يعيق تعافي العائلات من الخسائر المادية، وهذا الأمر يؤثر بدوره على الأبناء وربما يتسبب بحرمانهم من أشياء يحتاجونها، أو يميلون لاقتنائها كغيرهم من بقية الأطفال في هذه المرحلة العمرية.
ومع انشغال منصات التواصل بالحديث عن البدو النازحين والكارثة التي لحقت بهم، أشار ناشطون إلى ضرورة دعم أطفالهم، عن طريق تقديم دعم نفسي متخصص عبر جلسات استشارية لمعالجة اضطرابات ما بعد الصدمة والقلق، مع التركيز على إعادة بناء الثقة والأمان. إلى جانب الحاجة لتوفير مساعدات مادية عاجلة مثل الغذاء، الملبس، والسكن، إلى جانب دعم اقتصادي للعائلات عبر منح أو فرص عمل مستدامة. وإنشاء مراكز مجتمعية آمنة لأنشطة ترفيهية يعزز التواصل الاجتماعي والانتماء.
إن الأطفال الناجين من أهوال النزوح والعنف في السويداء يحملون ندوباً نفسية ومادية قد تمتد آثارها لسنوات طويلة إذا لم تُعالج. قصص مثل قصة روان وشقيقها تُبرز المأساة الإنسانية التي عاشها أطفال البدو، والتي تتطلب استجابة فورية ومتكاملة من المجتمع الدولي والمحلي. من خلال توفير الدعم النفسي، التعليمي، والاقتصادي، يمكن إعادة الأمل لهؤلاء الأطفال ومساعدتهم على بناء مستقبل يعوضهم عن مرارة الماضي.
قال الناشط السوري ماجد عبد النور، إن مؤسستي الجيش والأمن في سوريا تحتاجان إلى جهد كبير على المستويين التنظيمي والفكري، مشددًا على أن من غير المقبول أن تكون هاتان المؤسستان، اللتان يُفترض بهما لعب دور أساسي في حلّ الأزمات، مصدرًا لتفاقمها أو سببًا في إحراج القيادة والمرؤوسين، ووضعهم في مآزق كبيرة.
وأشار عبد النور ، في منشور عبر صفحته على فيسبوك، إلى أنه يدرك وجود قيادات وأفراد داخل المؤسستين يتمتعون بحس عالٍ بالمسؤولية، إلا أن "تفاحة واحدة فاسدة قادرة على تدمير بستان بأكمله"، في إشارة إلى تأثير العناصر المسيئة على صورة المؤسستين.
وأوضح أن التنظير سهل، لكن الواقع أكثر تعقيدًا مما يبدو، لافتًا إلى أن ما كان يُقاس بالسنين في إدلب بات يُقاس بالدقائق في دمشق، محذرًا من أن التغاضي الذي كان مقبولًا سابقًا تجاه تصرفات بعض الجماعات لم يعد ممكنًا عندما يتعلق الأمر بمؤسسات الدولة.
وأكد عبد النور أن المرحلة الحالية لم تعد تحتمل تغييرات فكرية تدريجية وبطيئة، بل تتطلب انقلابًا جذريًا وفوريًا في بنية التفكير والآليات، يتماشى مع متطلبات بناء الدولة الحديثة، التي باتت محاسبة دوليًا ومسؤولة أمام شعب متنوع في أطيافه وأعراقه وثقافاته.
وختم عبد النور بالقول إن إصلاح هذه المؤسسات ليس خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة حتمية لضمان ثقة السوريين في مستقبل دولتهم ومؤسساتها.
وتعرضت المؤسستين العسكرية والأمنية خلال الأشهر الماضية، لموجة من الانتقادات بسبب تصرفات وأفعال ارتكبها عناصرها بشكل غير منضبط، وسط نداءات من نشطاء وباحثين سوريين لضرورة ضبط التصرفات المسيئة والحد منها، وإعادة بناء الهيكلية الأمنية والعسكرية بشكل صحيح ومنظم بعيداً عن العشوائية والانفلات الذي يسيئ للدولة ومؤسستها بكثير من المواقف.
أعلنت "مسارات" التعليمية غير الربحية عن بدء التسجيل للعام الدراسي 2026، مستهدفة طلاب الصف التاسع وطلاب المرحلة الثانوية (الفرعين العلمي والأدبي)، عبر برامج تعليمية شاملة ومجانية بالكامل تُقدَّم عن بُعد وبشكل تفاعلي، لتكون متاحة لكل الطلاب السوريين في أي مكان وزمان.
رحلة معرفية متكاملة
إدارة مسارات صفت برامجها بأنها رحلة معرفية متكاملة تمكّن الطالب من بناء أساس تعليمي قوي، واكتساب مهارات حياتية ومهنية مهمة، ومعرفة ميوله الأكاديمية والمهنية بشكل يساعده على تحديد مساره المستقبلي بثقة، إضافةً إلى تزويده بمهارات عملية متقدمة تؤهله لدخول سوق العمل الاحترافي الحديث ضمن المجالات الرائجة محلياً ودولياً.
وتتضمن هذه الرحلة ثلاثة مسارات متوازية تسير جنبًا إلى جنب منذ اليوم الأول لانضمام الطالب، وتشمل: التعليم المدرسي، والأنشطة الطلابية وتنمية المهارات الحياتية، والإرشاد الأكاديمي والمهني لاكتشاف الميول والقدرات، يليها مسار نهائي متخصص للتدريب المهني ودخول سوق العمل الاحترافي الحديث.
وعن هذه المسارات أوضحت الإدارة بأنها، التعليم المدرسي وفق المناهج المعتمدة في سوريا وشمال غربها، الأنشطة الطلابية وتطوير المهارات الحياتية، الإرشاد الأكاديمي والمهني لاكتشاف الميول والقدرات.
فيما يُختتم البرنامج بـ مسار التدريب المهني المتخصص والذي يوفّر تدريبات احترافية في مجالات العمل الرائجة والحديثة، مثل التصميم الجرافيكي، التسويق الإلكتروني، البرمجة، وتحليل البيانات، واستخدام أدوات الذكاء الصنعي.
مجانية بالكامل
وأكدت إدارة المبادرة أن المقاعد غير محدودة، والخدمات التعليمية والمهنية مجانية بالكامل وتستهدف جميع السوريين الراغبين في تحسين حياتهم المهنية والتعليمية، بغضّ النظر عن أماكن وجودهم أو أعمارهم،
وأوضحت بأنها تركز بشكل خاص على الفئات الأكثر تضرراً في المجتمع، مثل الأيتام، وذوي الاحتياجات الخاصة، والمنقطعين عن التعليم لفترات زمنية طويلة، وخاصة النساء اللواتي أجبرتهن العادات والتقاليد أو ظروف النزوح والتهجير على ترك الدراسة، إضافة إلى الفقراء وذوي الدخل المحدود.
وقالت المبادرة إن التسجيل متاح لكل شخص يرغب بالانضمام، ولضمان الوصول إلى الجميع تم اعتماد آلية تسجيل إلكترونية سهلة وبسيطة عبر الأدوات المخصصة على وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية الخاصة بالمبادرة، إضافة إلى إمكانية التسجيل المباشر من خلال موقعها الإلكتروني.
واعتبرت إدارة مسارات أن التعليم والتمكين هما الأساس الحقيقي لنهضة البلاد وإعادة إعمارها، بعد الدمار الذي خلّفه النظام المخلوع على مدى سنوات طويلة.
و"مسارات" هي مبادرة تطوعية غير ربحية أسسها مجموعة من السوريين عام 2019، واستطاعت خلال الأعوام الماضية الوصول إلى 50 ألف مستفيد، وتعتمد المبادرة على التعليم عن بُعد عبر منصة مايكروسوفت تيمز كبيئة تعليمية معتمدة، حيث حصلت على اعتماد رسمي من الشركة لمليون مقعد مجاني لدعم برامجها التعليمية.
وحازت عام 2022 على جائزة أفضل مبادرة تطوعية عن فئة التعليم ومحو الأمية في الوطن العربي، وكرّمت في جامعة الدول العربية بالقاهرة بمنحها قلادة محمد بن فهد لأفضل الأعمال التطوعية.
جدد الملك عبد الله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، يوم الإثنين، تأكيد بلاده على دعم أمن واستقرار سوريا، مشددًا على أهمية الحفاظ على وحدة أراضيها وسيادتها الوطنية.
وذكر الديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله عبّر، خلال لقائه برئيس الوزراء الكندي مارك كارني في العاصمة أوتاوا، عن تمسّك الأردن بضرورة احترام سيادة سوريا وسلامة شعبها، داعيًا إلى وقف التصعيد في المنطقة، ومؤكدًا أن "احترام سيادة الدول يُعدّ شرطًا أساسيًا لتهيئة المناخ السياسي المناسب للسلام والاستقرار الإقليمي".
اجتماع ثلاثي في عمّان لمناقشة تطورات الجنوب السوري
في سياق متصل، كانت استضافت العاصمة الأردنية عمّان، يوم السبت الفائت، اجتماعًا ثلاثيًا جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بنظيره الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، حيث ناقش المجتمعون مستجدات الأوضاع في سوريا، مع التركيز على وقف التصعيد في محافظة السويداء.
وأوضحت وزارة الخارجية السورية أن الجانبين الأردني والأميركي أعربا عن دعمهما لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه الحكومة السورية، مؤكدين تضامنهما الكامل مع دمشق في مساعيها لتعزيز الاستقرار واستعادة سيادة الدولة على كامل أراضيها.
خطوات عملية مشتركة لتطبيق الاتفاق
ووفقًا للبيان المشترك الصادر عقب الاجتماع، اتفق الوزراء الثلاثة على اتخاذ خطوات عملية لتسهيل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء، تتضمن نشر وحدات من قوى الأمن في المناطق المتأثرة، والعمل على إطلاق سراح المحتجزين لدى جميع الأطراف، بالإضافة إلى تفعيل جهود المصالحة المجتمعية وتعزيز السلم الأهلي.
كما شدد البيان على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين من الاشتباكات، وضمان حماية المدنيين، وتثبيت سيادة القانون، بما ينسجم مع أهداف المرحلة الانتقالية نحو إعادة بناء الدولة السورية.
وأكد المجتمعون أن استقرار سوريا يُمثل ركيزة أساسية لأمن المنطقة بأكملها، داعين إلى تكثيف التعاون الإقليمي والدولي لدعم جهود الحل السياسي الشامل، وإنهاء أي محاولات لفرض الانقسام أو تقويض وحدة الأراضي السورية.
أعربت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عن استياء الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع في سوريا، مؤكدة أنه تفاجأ بهذه العمليات العسكرية وعبّر عن عدم رضاه تجاهها.
وفي تصريح لوكالة "أسوشيتد برس"، أشارت ليفيت إلى أن الرئيس ترامب أجرى اتصالًا عاجلًا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمطالبته بـ"تصحيح الوضع"، في خطوة عُدّت إشارة نادرة إلى وجود توتر دبلوماسي بين واشنطن وتل أبيب في ظل العلاقات الوثيقة بين القيادتين.
وأكدت ليفيت، في تصريحاتها للصحفيين، أن ترامب "يحافظ على علاقة عمل جيدة مع نتنياهو"، لكنها أوضحت أن استهداف مواقع في سوريا وكنيسة كاثوليكية في غزة أثار استياءه، وأنه تحرّك بسرعة للتواصل مع القيادة الإسرائيلية. كما لفتت إلى تدخل وزير الخارجية ماركو روبيو في الملف السوري بهدف تخفيف التصعيد.
واشنطن تنأى بنفسها عن الغارات الإسرائيلية
من جانبه، نفى المبعوث الأميركي إلى سوريا والسفير لدى تركيا، توم باراك، مسؤولية الولايات المتحدة عن الضربات الإسرائيلية، موضحًا أن واشنطن لا تعتبر نفسها طرفًا في تصرّف ترى فيه إسرائيل "جزءًا من الدفاع عن النفس". وأشار إلى أن توقيت الضربات جاء "في لحظة شديدة الحساسية"، معتبرًا أن التصعيد أضفى مزيدًا من التعقيد على المشهد السوري.
وأوضح باراك أن إسرائيل تنظر إلى جنوب دمشق باعتباره منطقة استراتيجية، وأن أي تحرّك فيها يجب أن يجري بتنسيق مباشر معها، وهو ما لم تعتمده الحكومة السورية الانتقالية، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بين دمشق وتل أبيب يقتصر على المواجهات الأخيرة في محافظة السويداء، ولا يشمل ملفات أوسع مثل مطلب إسرائيل بتحويل الجنوب السوري إلى منطقة منزوعة السلاح.
وأردف المبعوث الأميركي أن المفاوضات التي سبقت الاتفاق شملت تنسيقاً جزئياً لتحركات القوات السورية من العاصمة نحو الجنوب، لكنّه شدد على أن مسألة "حق إسرائيل بالتدخل في شؤون دولة ذات سيادة" تبقى موضوعًا منفصلًا، موضحًا أن إسرائيل تفضّل بقاء سوريا ضعيفة ومقسّمة على نشوء دولة مركزية قوية.
وختم باراك بالإشارة إلى أن "الدول العربية القوية تُعدّ تهديدًا في الحسابات الأمنية الإسرائيلية"، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الأقليات السورية أصبحت تدرك أن وحدتها في إطار دولة موحّدة هي الخيار الأفضل لمستقبلها السياسي والاجتماعي.
إدانة حقوقية للغارات الإسرائيلية على دمشق والسويداء
وفي السياق ذاته، أدانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الغارات الإسرائيلية التي استهدفت ساحة الأمويين وسط دمشق، معتبرة أنها تمثل تصعيدًا عسكريًا خطيرًا وانتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، وخصوصًا ميثاق الأمم المتحدة.
وقالت الشبكة إن الغارات التي نفذتها إسرائيل بين 15 و17 تموز/يوليو 2025، طالت عدة مناطق في ريف دمشق والسويداء ودرعا، مستهدفة منشآت تابعة لقوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية، وأسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وأكدت الشبكة أن هذه الهجمات تُعدّ خرقًا واضحًا للمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تحظر استخدام القوة ضد سيادة الدول، مشيرة إلى عدم تقديم إسرائيل أي بلاغ رسمي لمجلس الأمن بشأن "تهديد وشيك"، وهو ما يُسقط الحجة القانونية التي تستند إليها لتبرير استخدام القوة بموجب المادة (51) من الميثاق.
وشددت الشبكة على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفًا واضحًا من تكرار هذه الانتهاكات، داعية إلى حماية المدنيين في سوريا، ورفض سياسة الكيل بمكيالين التي تهدد مصداقية القانون الدولي وشرعية الأمم المتحدة.
أعرب شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان، الشيخ سامي أبي المنى، عن أسفه الشديد إزاء ما شهدته محافظة السويداء من تصعيد دموي وأحداث مؤسفة، مؤكداً أن ما جرى لم يكن مرغوبًا فيه من أحد، وداعياً جميع الأطراف إلى التهدئة وتحمل المسؤولية التاريخية والإنسانية.
وقال الشيخ أبي المنى في تصريحات لقناة "الإخبارية" السورية، ، إن ما حدث في السويداء أمر لا يتمناه أي أحد، مضيفاً: "لا أحد يريد أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة من المواجهة والانقسام"، محملاً المسؤولية لجميع الأطراف المعنية بالأحداث، بما في ذلك الشيخ حكمت الهجري، حيث قال: "نحمّله المسؤولية أيضاً لأنه كان يجب أن يتحلى بالمزيد من المرونة والاستعداد للتجاوب".
وفي سياق حديثه، أكد الشيخ أبي المنى استعداده التام للعب دور الوسيط بين المكونات المختلفة، مشيراً إلى أنه يقوم بالتواصل مع الشيوخ يوسف جربوع والحناوي، ومع الشيخ الهجري، موضحاً: "إذا كنت وسيط خير، فأنا على استعداد للقيام بهذا الدور، فهذا واجبي تجاه الجميع".
تأييد للدولة السورية الجديدة
وشدد شيخ العقل على موقفه الثابت إلى جانب الدولة السورية الجديدة، قائلاً: "منذ البداية وضعنا يدنا بيد هذه الدولة التي نهضت من رماد الاستبداد والظلم، ووقفنا إلى جانبها لبناء مستقبل مختلف للشعب السوري". وأضاف أن الثورة السورية المنتصرة أسعدت أهالي السويداء وأبناء الطائفة في لبنان، متمنياً أن تكتمل فرحتهم ببناء الدولة لا بهدمها.
وأوضح أبي المنى أن تجاوز مآسي الماضي والانخراط في مشروع وطني جامع هو الخيار الأسلم، قائلاً: "علينا أن نوجّه أنظارنا نحو المستقبل، فالنظر إلى الوراء لا يكون إلا لأخذ العبر، أما التحدي والمواجهة فلن تنتج سوى الدمار والدموع".
علاقة وثيقة مع الزعيم وليد جنبلاط والدولة السورية
كما أشار إلى العلاقة القوية التي تربط الزعيم اللبناني الدرزي، وليد جنبلاط، بالدولة السورية الجديدة، موضحاً أن جنبلاط كان من أوائل من دعموا مسيرة التحول بعد سقوط نظام الأسد، وكان حاضراً في قصر الشعب واضعًا يده بيد القيادة الجديدة، منفتحاً على آفاق التعاون وبناء الثقة.
وختم الشيخ أبي المنى حديثه بالتشديد على ضرورة وأد الفتنة في مهدها، والعمل على إعادة السويداء إلى مسار التعافي الوطني، بعيدًا عن المغامرات الفردية أو الحسابات الطائفية الضيقة.
وكانت ارتكبت الميليشيات المسلحة التابعة للشيخ حكمت الهجري في محافظة السويداء سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي شابهت في قسوتها ووحشيتها جرائم تنظيم داعش ونظام الأسد البائد، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول مستقبل المحافظة وأمن المدنيين في حال حصلت هذه المجموعات على أسلحة نوعية أو غطاء سياسي خارجي.
شهدت المحافظة أعمال قتل وتمثيل بالجثث لعناصر الجيش وقوى الأمن، حيث جابت شوارع السويداء جثث العسكريين المُنكّل بهم، بعد أن تمّ شنقهم أو تعليقهم على أعمدة الإنارة في مشاهد تعذيب علنية تهدف إلى بث الرعب، كما قُتلت نساء وأطفال وتم تهجيرهم قسريًا، في حين مُنعت المساعدات الإنسانية من الدخول إلى المدنيين المحاصرين بفعل الاشتباكات.
كما وثّقت مصادر حقوقية أعمال حرق ونهب طالت الممتلكات العامة والخاصة، إلى جانب احتجاز رهائن مدنيين واستخدامهم كدروع بشرية، ثم إعدام بعضهم ميدانيًا بالرصاص. ولم تقتصر الانتهاكات على الداخل، إذ تجاوزت ذلك إلى التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي الذي قصف أهدافًا داخل سوريا بالتزامن مع هذه الأحداث، في سابقة تكشف عن درجة العمالة والخطورة التي بلغتها تلك الميليشيات.
ومما لاشك فيه أن مستقبل السويداء اليوم مرهون بمدى الجدية في وقف نزيفها، ومحاسبة من استباحها، وإعادة بنائها على أسس وطنية عادلة، تضمن المشاركة السياسية دون سلاح، وتحفظ كرامة الأهالي دون أن تُستغل كغطاء لجرائم ميليشيوية مقيتة.