ارتكبت الميليشيات المسلحة التابعة للشيخ حكمت الهجري في محافظة السويداء سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي شابهت في قسوتها ووحشيتها جرائم تنظيم داعش ونظام الأسد البائد، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول مستقبل المحافظة وأمن المدنيين في حال حصلت هذه المجموعات على أسلحة نوعية أو غطاء سياسي خارجي.
جرائم مروعة ضد المدنيين والعسكريين
شهدت المحافظة أعمال قتل وتمثيل بالجثث لعناصر الجيش وقوى الأمن، حيث جابت شوارع السويداء جثث العسكريين المُنكّل بهم، بعد أن تمّ شنقهم أو تعليقهم على أعمدة الإنارة في مشاهد تعذيب علنية تهدف إلى بث الرعب، كما قُتلت نساء وأطفال وتم تهجيرهم قسريًا، في حين مُنعت المساعدات الإنسانية من الدخول إلى المدنيين المحاصرين بفعل الاشتباكات.
كما وثّقت مصادر حقوقية أعمال حرق ونهب طالت الممتلكات العامة والخاصة، إلى جانب احتجاز رهائن مدنيين واستخدامهم كدروع بشرية، ثم إعدام بعضهم ميدانيًا بالرصاص. ولم تقتصر الانتهاكات على الداخل، إذ تجاوزت ذلك إلى التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي الذي قصف أهدافًا داخل سوريا بالتزامن مع هذه الأحداث، في سابقة تكشف عن درجة العمالة والخطورة التي بلغتها تلك الميليشيات.
أرقام مفزعة توثق حجم الكارثة
أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنها وثّقت مقتل 558 شخصاً في السويداء خلال الفترة الممتدة من 13 تموز/يوليو 2025 حتى لحظة إصدار بيانها، من بينهم 17 سيدة – إحداهن تُوفيت إثر أزمة قلبية بعد سماعها خبر مقتل حفيدها – و11 طفلاً، إلى جانب ستة من الكوادر الطبية بينهم ثلاث سيدات، واثنين من الإعلاميين.
كما سُجلت إصابات تجاوزت 783 شخصاً بجروح متفاوتة، ضمن موجة عنف شديدة تصاعدت إلى اشتباكات واسعة وهجمات جوية إسرائيلية، في ظل انهيار أمني غير مسبوق.
تحليل سياسي: رهائن بيد الميليشيا
الأكاديمي السوري عبد الرحمن الحاج أشار في تصريح مصور إلى أن الوضع في السويداء لا يمكن معالجته بالعنف وحده، بل يتطلب توافقات وطنية، معتبرًا أن البلاد تمر بمرحلة انتقالية دقيقة بعد حرب مدمّرة أرهقت المجتمع السوري، وقال إن فصيل الشيخ الهجري لا يمثل أهالي السويداء بل يستخدمهم كرهائن لخدمة طموحات شخصية مريبة.
وشدّد الحاج على أن ميليشيا الهجري تحتوي على مجرمين وتجار مخدرات وفلول من أجهزة الأسد الأمنية، وتعمل تحت غطاء ديني لا يعكس الواقع، بل يختبئ خلفه مشروع عنفي مدعوم من الخارج. كما ندد بمحاولة التجميل المتعمد لرموز قمعية مثل عصام زهر الدين، واصفًا ذلك بالتمجيد للقتلة وتبييض صفحتهم.
دعوات شعبية للتصدي لمشروع الفوضى
الناشط السوري ماجد عبد النور انتقد ما اعتبره "خداعًا فكريًا" يقوم به بعض المثقفين في محاولة تبرير سلوك الهجري، وقال إن خطاب الأخير منذ سقوط نظام الأسد كشف نوايا عدائية تجاه الدولة، رغم المبادرات الحكومية المتكررة للتهدئة.
وأضاف عبد النور أن الشيخ الهجري مارس تحريضًا صريحًا من مضافته، ورفض كل دعوات الحوار، معتبرًا أن شعاراته الطائفية مثل "نداء الكرامة" و"لبيك يا سلمان" كانت وسيلة لتجنيد الأتباع ودفعهم نحو العنف في وقت حساس من عمر الدولة السورية.
وختم بالتحذير من استمرار نهج التصعيد، قائلًا إن الشيخ الهجري أظهر عنادًا سياسيًا أعمى زج بالمحافظة في صراع لا طائل منه، كان يمكن تجنبه بسياسة حكيمة ومسؤولة.
بالنظر إلى حجم الانتهاكات التي شهدتها محافظة السويداء خلال الأسابيع الماضية، والفظائع المرتكبة بحق المدنيين والعسكريين على حدّ سواء، يتّضح أن ما جرى لم يكن مجرّد صراع محلي محدود، بل مشروع فتنة منظم، استُخدمت فيه أدوات العنف والتحريض الطائفي، واستُبيحت فيه القيم والحرمة الإنسانية على نحو يذكّر بأبشع ممارسات التنظيمات الإرهابية، وفي طليعتها داعش ونظام الأسد البائد.
لقد وضعت هذه الأحداث السويداء أمام مفترق خطير، بين أن تعود لحضن الدولة وتستعيد أمنها واستقرارها، أو أن تظل رهينة لمغامرات ميليشيوية تقودها شخصيات ذات أجندات شخصية وخارجية، تسعى إلى عزل المحافظة وتمزيق نسيجها الاجتماعي.
المأساة التي وقعت، وما رافقها من دماء ودموع ودمار، لم تكن قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لصمت دولي وتراخٍ سياسي، وغياب الحسم في مواجهة المجموعات الخارجة عن القانون. وإن استمرار هذا الوضع دون محاسبة حقيقية للمتورطين، وبدون استعادة هيبة الدولة وسيادة القانون، لن يؤدي سوى إلى مزيد من الانهيار، ليس في السويداء وحدها، بل في مجمل الجغرافيا السورية.
ومما لاشك فيه أن مستقبل السويداء اليوم مرهون بمدى الجدية في وقف نزيفها، ومحاسبة من استباحها، وإعادة بنائها على أسس وطنية عادلة، تضمن المشاركة السياسية دون سلاح، وتحفظ كرامة الأهالي دون أن تُستغل كغطاء لجرائم ميليشيوية مقيتة.
كشفت وزارة النقل في الحكومة السورية، يوم الاثنين 21 تموز/ يوليو، عن عقد الاجتماع السنوي للجمعية السورية للشحن والإمداد الوطني في فندق الشام بدمشق، برعاية الوزارة، وإشراف مديرية تنظيم نقل البضائع، وبحضور شخصيات اقتصادية وإدارية وممثلين عن شركات شحن من مختلف المحافظات.
وشهد قطاع الشحن السوري، دفعة جديدة نحو التحديث والتأهيل، حيث ناقش المشاركون أبرز التحديات التي تواجه قطاع الشحن والإمداد، مؤكدين أهمية التحول إلى اقتصاد حر وتنافسي، وتطوير أداء الشركات الوطنية بما يتماشى مع المعايير العالمية، لا سيما في ظل توجّه عدد من الشركات الأجنبية لفتح فروع لها داخل سوريا.
وشدّد المجتمعون على ضرورة تعزيز التشبيك بين شركات الشحن وتوحيد الجهود لإيجاد حلول عملية للتعقيدات الإدارية، مع دعوة واضحة إلى تسريع التحول الرقمي الذي تتبناه وزارة النقل كأحد محاور الإصلاح.
وأعلن الخبير في النقل الدولي "همام عبيد"، عن إطلاق مشروع أكاديمية تدريبية متخصصة في الشحن الدولي، تهدف إلى تأهيل كوادر احترافية في مجالات التشغيل والتقنية والسلامة والربحية، وفق معايير منظمة FIATA العالمية.
ويُعتبر هذا المشروع نقلة استراتيجية تهدف إلى رفع كفاءة القطاع محلياً وتعزيز قدرة سوريا على الاندماج في سلاسل التوريد العالمية، ما من شأنه الإسهام في تعزيز الأمن الاقتصادي ودعم الصادرات الوطنية.
من جهته، أوضح مدير مديرية تنظيم نقل البضائع "خالد كسحة"، أن الوزارة تعمل على إصدار قانون جديد ينظم الشحن البري وفق متطلبات العصر وإطلاق منصة إلكترونية موحدة لتسهيل خدمات الترخيص والشحن وبناء قاعدة بيانات مركزية لتتبع حركة البضائع وتحسين جودة الخدمات.
وكذلك دعم تشكيل اتحادات للشركات الصغيرة والمتوسطة، وأشار إلى التزام سوريا بالاتفاقيات الإقليمية والدولية، مثل اتفاقية نقل البضائع البرية بين الدول العربية، فيما قدّم المستشار في تكنولوجيا المعلومات "أسامة زين الدين"، عرضاً فنياً ركّز فيه على أهمية التحول الرقمي.
مشيراً إلى ضرورة تفعيل التصريح الإلكتروني ونظام إدارة المركبات وتبنّي أنظمة تتبع ذكية وتحليل بيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي وأتمتة الإجراءات الحكومية لرفع مستوى الشفافية والكفاءة.
من جانبه تحدّث "محسن درويش"، رئيس لجنة المصدرين في غرفة زراعة دمشق، عن أهمية تطوير النقل الدولي وتذليل معوقات التصدير، معتبراً أن قطاع الشحن يشكّل دعامة حيوية لدعم الصادرات الزراعية والصناعية.
وحضر الاجتماع الرئيس الفخري للجمعية فؤاد العاصي، وعضو مجلس غرفة تجارة دمشق لؤي الأشقر، إلى جانب عدد من الخبراء وممثلي الشركات من مختلف المحافظات، في رسالة واضحة على الالتفاف المهني حول هدف تطوير هذا القطاع الاستراتيجي.
هذا وتخلل الاجتماع عرض التقرير المالي للعام 2024، ومشروع الموازنة للعام الجاري 2025، حيث تم التصديق عليهما بالإجماع، وسط إشادة بالإدارة المالية للجمعية ودورها في دعم توجهات التطوير.
أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان في الحكومة السورية عن عقد اجتماع فني موسع تحت عنوان "اليوم تستعد دمشق"، بحضور رسمي رفيع تقدّمه محافظا دمشق وريف دمشق، في فندق الشام بالعاصمة دمشق، وشاركت وزارة عبر عدد من المسؤولين منهم معاون الوزير للتخطيط الإقليمي المهندسة "ماري كلير التلي"، ورئيسة هيئة التخطيط الإقليمي الدكتورة "ريما حداد".
وجاء لاجتماع الفني في سياق وضع خارطة طريق لتحديث المصور العام لمدينة دمشق، مع التركيز على ضرورة التكامل العضوي والتخطيطي بين العاصمة ومحيطها الحيوي في ريف دمشق وشدّد المشاركون على أهمية معالجة التحديات المتراكمة، لا سيما تلك الناجمة عن آثار المرحلة السابقة، من نزوح سكاني واسع، وتأخر في إصدار المخطط التنظيمي، إضافة إلى مشكلات التخطيط العشوائي ونقص الخدمات.
وقدّمت الدكتورة "ريما حداد"، عرضاً موسعاً بعنوان "دمشق تستعد"، استعرضت فيه موقع العاصمة ضمن الإطار الوطني، ودورها المحوري في التخطيط الإقليمي، مركزة على واقع البنية التحتية والاختناقات العمرانية والديموغرافية، إلى جانب توجهات المشروع الجديدة.
وأكدت أن التوجهات الاستراتيجية للمصور العام تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة لمدينة دمشق ومحيطها، بما يضمن استدامة النمو الحضري، وعودة الحياة المدروسة إلى المناطق المتأثرة بالتوسع العشوائي أو التهميش الخدمي.
ويأتي هذا التحرك الرسمي في وقت تعاني فيه دمشق من اختناقات خدمية وتخطيطية مزمنة، يعود بعضها إلى ما قبل الحرب، فيما فاقمتها ظروف النزوح والدمار، ما يجعل من أي تحديث تنظيمي خطوة محورية في مسار استعادة الوظيفة المدنية للعاصمة وضواحيها.
في يوم الأمس، تجرّعت عشرات العائلات من عشائر البدو مرارة النزوح القسري من أراضيها ومناطقها المحبّبة في ريف السويداء، بعد أن تمكنت الحكومة السورية من مساعدتها والإفراج عنها، بعد أن كانت محتجزة داخل منطقة شهدت اشتباكات عسكرية عنيفة أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة آخرين.
هذه الأحداث تركت آثاراً بالغة السلبية على المستويات المادية والمعنوية والأمنية، وفاقمت معاناة السكان في مشهد يعيد إلى الأذهان فصولاً مؤلمة من التهجير والاضطهاد. ومع خروج العائلات من المنطقة، التقت بهم عدة وسائل إعلام وصحفيين، حيث رووا ما تعرضوا له من انتهاكات خلال الأيام الماضية على يد ميليشيات الهجري.
ومن أبرز القصص التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، كانت حكاية سيدة ناجية تعرّضت للضرب المبرّح على وجهها داخل منزلها من قبل أحد أفراد المجموعات المسلحة. وقد بدت آثار التعنيف جليّة على وجهها، قبل أن يُجبرها المعتدون على مغادرة المنزل تمهيداً لنهبه. ولم يكتفوا بذلك، بل أقدموا على إحراق البيت أمام عينيها، في مشهد يختزل قسوة ما عاشه المدنيون خلال تلك الأيام.
وأعرب أحد المدنيين عن صدمته حيال الانتهاكات التي عاشوها خلال الأيام الفائتة، وقال من خلال فيديو، إن ميليشيات الهجري نهبت أرزاق البدو، وتعمدت إهانتهم وإذلالهم، وعفشوا منازلهم، مضيفاً أنه معلم ويعمل في مهنة التدريس منذ 30 عاماً، وكان قد درّس أولادهم، ولم يقدروا له ذلك ولم يحترموه.
في ذات الفيديو ظهر رجل ٱخر وصار يحكي بحرقة عن اثنين من أولاده وأشخاص ٱخرين تربطهم به صلة قرابة، لاقوا حتفهم على يد تلك العصابات، كما أجرت زمان الوصل لقاء مع بعض الناجيين، أحدهم أشار إلى أنه حتى المسنين لم يسلموا من أذى ميليشيات الهجري، إذ قتلوا سيدة مسنة عمرها 100 عام، مضيفاً أنهم أحرقوا البيوت وفيها نساء متقدمات بالعمر.
كما انتشرت صوراً ومقطع فيديو لطفلة صغيرة اسمها روان، تفضح الكدمات المنتشرة على وجهها وجسمها الضرب الوحشي الذي تعرضت له من قبل المجموعات الخارجة عن القانون، وظهر والدها إلى جانبها ليكشف المأساة التي تعرض لها، والتي تمثلت بمقتل ابنه الصغير ذا العامين، إذ قاموا بقطع رأسه.
هذه القصص الواردة ليست إلا جزء بسيط من سلسلة انتهاكات عاشتها عشائر البدو خلال الأيام الماضية بسبب ميليشيات الهجري التي أُحرقت منازل، ومُثّل بجثث القتلى، وتعرض الأطفال للقتل والعائلات للتهجير القسري، في مشاهد توصف بأنها من أشد الجرائم قسوة في المنطقة.
أكد وزير الإعلام السوري الدكتور حمزة المصطفى أن الدولة تواصل جهودها لإعادة الأمن والاستقرار في محافظة السويداء، عقب وقف الاشتباكات الأخيرة، موضحاً أن القوات الأمنية نفذت عملية إعادة انتشار ناجحة لفض النزاع القائم بين المكونات المحلية.
وقال المصطفى، في حديثه لقناة الجزيرة، إن الأزمة بدأت نتيجة صدام بين مجموعات خارجة عن القانون وقوات العشائر، مشيراً إلى تدخلات خارجية سعت لتأجيج الوضع، ولا سيما من قبل إسرائيل التي دعمت أطرافاً محلية لتحقيق مكاسب سياسية عبر الاستقواء بالخارج، مما زاد من حدة التصعيد وتوسّعه خارج حدود المحافظة.
وشدد المصطفى على أن الدولة تجاوبت مع مبادرات الوساطة ووافقت على وقف إطلاق النار، مع تعهدها بحماية كافة المدنيين، من خلال إعادة انتشار القوات الأمنية في مناطق التوتر، مما أدى إلى تهدئة الاشتباكات في معظم المناطق، باستثناء بعض المناطق البعيدة عن مركز المدينة.
وأضاف أن المساعدات الإنسانية بدأت بالدخول فعلياً إلى السويداء، رغم محاولات العرقلة من قبل بعض المجموعات المسلحة، موضحاً أن قافلة من وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية تعرّضت لاستفزازات يوم أمس أثناء دخولها إلى المدينة.
وبيّن المصطفى أن أعمال إصلاح البنية التحتية، ولا سيما الكهرباء والاتصالات، قد انطلقت بالفعل، ما يمثل خطوة مهمة نحو تثبيت الاستقرار وخلق بيئة مواتية للحلول السياسية.
وحذر الوزير من محاولات فرض واقع طائفي جديد في السويداء، من خلال إنشاء كانتونات منعزلة، مؤكداً أن هذه النزعات ليست بجديدة، إلا أن السوريين لطالما تجاوزوها تاريخياً، مضيفاً أن بعض الجهات داخل المحافظة رفضت الانخراط في المبادرات السياسية المطروحة.
وأشار المصطفى إلى أن الدولة أبقت باب الحوار السياسي مفتوحاً طوال الأشهر الستة الماضية، واستجابت بإيجابية حتى لمطالب الشيخ الهجري، بما فيها المتعلقة بالضابطة العدلية، غير أن بعض الأطراف تنصلت من الاتفاقات، كاشفاً عن نوايا مبيتة للاستعانة بأطراف أجنبية.
وفي سياق متصل، كشف وزير الإعلام عن أن التحريض الطائفي على وسائل التواصل الاجتماعي بلغ مستويات خطيرة، موضحاً أن نحو عشرة آلاف حساب مزيف يومياً تنشر محتوى مضللاً، وتدار من أربع دول مختلفة، مشيراً إلى جهود وزارة الإعلام في تتبع هذه الحسابات وإغلاقها، ومحذراً من خطابات تنشر بواجهة داعمة للدولة وهي في جوهرها تقسيمية.
وختم الدكتور حمزة المصطفى بالتأكيد على أن السويداء ستظل جزءاً لا يتجزأ من سوريا، معرباً عن ثقته بوعي أبنائها في إعادة النظر بمواقفهم والمشاركة في تصحيح المسار، مجدداً التزام الدولة بخيار المصالحة الوطنية رغم التحديات.
وفي رده على سؤال حول أعمال لجنة التحقيق الخاصة بأحداث الساحل، أوضح الوزير أن اللجنة أنهت تقريرها النهائي، وستعقد مؤتمراً صحفياً غداً لعرض نتائج التحقيق على الرأي العام.
تقدَّم وزير الدفاع في الحكومة السورية، اللواء المهندس مرهف أبو قصرة، بأحرّ التعازي لعائلات شهداء الجيش العربي السوري، معربًا عن مواساته للمصابين الذين أُصيبوا خلال المواجهات الأخيرة.
وفي تغريدة نشرها عبر منصة "إكس"، قال أبو قصرة: "نقف اليوم في رحاب وزارة الدفاع أمام دماء زكية انهمرت على تراب الوطن، وكتبت فصلاً جديداً في سجل البطولة الذي لم ينقطع عبر الأجيال"، مضيفًا: "نقف إجلالاً لرجالٍ حملوا عبء المرحلة، فواجهوا القصف والغدر بثبات، وخاضوا المواجهة وهم يدركون أن السيادة لا تمس".
وأكّد الوزير في كلمته أن وزارة الدفاع تنحني أمام تضحيات الشهداء الذين "قدّموا أبناءهم دفاعاً عن سوريا، أرضاً وقراراً وسيادة"، مشددًا على أن هذه التضحيات تمثل "أساساً نبني عليه خطواتنا، ودافعاً لما هو قادم"، موجهاً في الوقت نفسه تمنياته بالشفاء العاجل للجرحى الذين "استمروا في الثبات رغم الجراح".
وفي ختام رسالته، جدّد اللواء أبو قصرة تمسكه بمسار الاستقلال الوطني، قائلاً: "الطريق الذي بدأه الشهداء سيبقى مستمراً، وسوريا لن تحيد عن مسار قوتها واستقلالها مهما اشتدت المحن أو تعاظمت التحديات"، مضيفًا: "الرحمة لشهدائنا، والوفاء لمسيرتهم، والعهد باقٍ في أعناقنا".
وكانت وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 558 شخصاً في محافظة السويداء، بينهم 17 سيدة – إحداهن توفيت نتيجة أزمة قلبية عقب تلقيها نبأ وفاة حفيدها – و11 طفلاً، إضافة إلى 6 من الكوادر الطبية بينهم ثلاث سيدات، واثنين من الإعلاميين، وذلك خلال الفترة الممتدة من 13 تموز/يوليو 2025 وحتى لحظة نشر البيان.
كما سجلت إصابة ما يزيد عن 783 شخصاً بجروح متفاوتة الخطورة، وسط تصعيد غير مسبوق في العنف شهدته المحافظة، شمل اشتباكات عنيفة وعمليات قصف متبادل وهجمات جوية إسرائيلية.
وأكدت الشبكة أن حصيلة الضحايا الأولية تتضمن مدنيين من نساء وأطفال وكوادر إنسانية، إلى جانب مقاتلين من جماعات مسلحة عشائرية من البدو، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء السويداء، إضافة إلى عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية السورية. وأشارت إلى أن هذه الأرقام تخضع للتحديث المستمر، مع استمرار التحقق من هوية الضحايا وصفاتهم القانونية، تمهيدًا لتحديد الجهة المسؤولة عن كل حالة.
أعلن المجلس السوري الأمريكي معارضته الصريحة لمشروع قانون تعديل “قانون قيصر”، المقرر عرضه على لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي صباح الثلاثاء 22 تموز/يوليو 2025، محذراً من أنه يشكل توسعة مقنّعة للعقوبات وتهديداً مباشراً لجهود إنهائها بالكامل.
وأوضح المجلس أن مشروع القانون الجديد، الذي قدّمه النائب الجمهوري مايك لولر، لا يهدف إلى إلغاء العقوبات بل إلى إعادة صياغتها بطريقة تُضيف شروطاً جديدة أكثر تعقيداً. ويشترط المشروع على الحكومة السورية تنفيذ معايير معينة لمدة عامين متتاليين قبل رفع أي عقوبات، مما يُبقي الوضع الراهن دون تغيير فعلي حتى عام 2028 على أقل تقدير.
ويلسون: الإبقاء على قيصر يعيق التعافي
وفي موقف لافت من داخل الحزب الجمهوري، صرّح النائب جو ويلسون، عضو الكونغرس واللجنة المالية، أن الإبقاء على قانون قيصر “لعدة سنوات أخرى لن يؤدي إلا إلى عرقلة إعادة الإعمار طويلة الأمد”، محذراً من أن ذلك “قد يُسهم في عودة تنظيم داعش”. وأكد ويلسون أن “الإلغاء الكامل لقانون قيصر هو الخيار الأنسب الذي يتماشى مع أجندة الرئيس لإعطاء سوريا فرصة”.
“تعقيد لا إصلاح”
واعتبر المجلس السوري الأمريكي أن القانون لا يُمثّل إصلاحاً أو مساءلة كما قد يوحي عنوانه، بل هو في جوهره تعزيز إضافي لنظام العقوبات، في وقت بدأت فيه سوريا تخطو خطوات حذرة نحو الاستقرار وإعادة الإعمار وعودة اللاجئين.
وأشار البيان إلى أن هذا المشروع يناقض التوجه الذي رسمته الإدارة الأمريكية السابقة، حيث أنهى الرئيس دونالد ترامب العمل بالعقوبات الشاملة على سوريا في 30 حزيران 2025، داعياً إلى دعم العودة التدريجية للعلاقات والانخراط الإيجابي مع سوريا الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
دعوة للحشد والضغط الشعبي
ودعا المجلس الجالية السورية في الولايات المتحدة وحلفاءها إلى المشاركة الفاعلة في جهود الضغط، من خلال نشر البيان والتواصل المباشر مع أعضاء لجنة الخدمات المالية في الكونغرس، جمهورياً وديمقراطياً، لحثّهم على رفض المشروع والعمل على صيغة مختلفة تُنهي العقوبات بشكل كامل.
ومن المقرر أن ينشر المجلس رابطاً يتيح للسوريين الأميركيين توجيه رسائل إلكترونية واتصالات مباشرة إلى أعضاء اللجنة، في حملة ضغط تهدف لوقف تمرير المشروع في لحظته الحرجة.
وفُرض “قانون قيصر” عام 2019 لمحاسبة نظام بشار الأسد على جرائم الحرب، لكن بعد سقوط النظام وتحوّل الحكم إلى قيادة شرعية جديدة، تتزايد الدعوات لإعادة تقييم العقوبات التي باتت تؤثر بشكل مباشر على المدنيين وتعيق التعافي الاقتصادي.
قال الأكاديمي والباحث السياسي عبد الرحمن الحاج، في تسجيل مصوّر نشره موقع تلفزيون سوريا، إن ما يجري في السويداء لا يمكن أن يُدار بمنطق القوة وحدها، بل يجب أن يستند إلى توافقات وطنية، معتبرًا أن سوريا تمر بمرحلة انتقالية معقدة بعد حرب مدمرة استنزفت طاقات المجتمع وخلّفت عشرات آلاف القتلى.
وأكد الحاج أن إدارة البلاد، ولا سيما المناطق الحساسة كالسويداء، تتطلب حلولًا سياسية متكاملة، مشيرًا إلى أن التوافق الوطني لا يعني تجاهل التمرد المسلح ضد الدولة، أو غض الطرف عن الفصائل التي تفرض وجودها بالقوة، قائلاً: "نحن لا نتحدث عن أهالي السويداء، بل عن فصيل موجود فيها"، في إشارة واضحة إلى ميليشيات الشيخ حكمت الهجري.
تحت سيطرة الهجري.. المدنيون رهائن للطموحات الشخصية
أوضح الحاج أن جزءًا من سكان السويداء أُجبروا على التمترس خلف ميليشيا الهجري، وسط تهديدات طالت حتى قيادات دينية أخرى، بينما تبنّى الشيخ ليث البلعوس، قائد حركة رجال الكرامة، موقفًا وطنيًا مسؤولًا. وأضاف أن العصبية الطائفية تمّ استغلالها إلى أقصى حد، تحت عباءة شيخ يدير ميليشيا مسلحة تضم مجرمين وتجار مخدرات، وفلولًا من نظام الأسد.
ولفت إلى أن الهجري لم يكتف بتوريط الأهالي في العنف، بل حاول تجميل صورة شخصيات دموية مثل عصام زهر الدين، الذي وصفه الحاج بأنه من بين من ارتكبوا جرائم مروعة بحق السوريين. وتابع: "هذه النزعة الطائفية، المقرونة بالتقارب مع إسرائيل، تضع أي دولة في مأزق أمني لا يمكن احتماله"، مشيرًا إلى أن الرهان على تحكيم العقل يجب أن يكون حاضرًا، رغم الانفجار الحاصل.
تواطؤ صامت وصراع على النفوذ
استعرض الحاج كيف بقيت السويداء ثمانية أشهر دون تصعيد، وسط محاولة الدولة احتواء الموقف، معترفًا بوجود أخطاء في التعامل، لكنها لا تبرر انفجار الأوضاع بهذا الشكل. وأضاف: "من غير المنطقي الحديث عن أن كل ما جرى نابع من غضب أهلي، بل هناك طرف محدد يقف خلف الفوضى، وهو ليس السويداء بأكملها، كما يُروَّج"، داعيًا إلى التفريق بين السكان والفصائل المسلحة.
وأشار إلى أن الدولة تحتكر استخدام العنف، لكنها مطالبة في الوقت ذاته ببناء مؤسسات عادلة تُشعر جميع المواطنين بالانتماء والعدالة. واعتبر أن إنهاء أحداث السويداء يجب أن يقود إلى عملية سياسية شاملة، لأن الجراح التي خلّفتها الفتنة الطائفية لا تُعالج بالقوة أو القانون وحدهما.
الطائفية كذريعة وممر إلى الخارج
ورفض عبد الرحمن الحاج الادعاءات بأن ما يحدث في السويداء نابع من استهداف طائفي، مؤكدًا أن "لو كان هناك استهداف طائفي، لكان الدروز في الشمال أولى بالتهديد"، موضحًا أن الطلاب الدروز في جامعات سورية حُفظ أمنهم بجهود الأهالي لا القوات الحكومية.
واتهم الشيخ الهجري بترويج بروباغندا طائفية من أجل استثارة العصبيات وتبرير تصعيده، مشيرًا إلى أن كثيرًا من النشطاء انزلقوا في هذا الخطاب نتيجة خوفهم مما اعتبروه "حرب وجود"، مؤكدًا أنها ليست كذلك.
الهجري يرفض المساعدات ويفتح مسارًا للابتزاز
في ختام حديثه، كشف الحاج أن الشيخ الهجري رفض إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في السويداء، ليس فقط كوسيلة للضغط على الدولة، بل بهدف أوسع يتمثل بمحاولة افتتاح ممر بري من درعا إلى الأردن، يُستخدم كورقة سياسية لعزل السويداء عن باقي البلاد.
ووصف الحاج هذه الخطوة بأنها "مكسب سياسي قذر"، يقوم على استثمار معاناة المدنيين لتحقيق أهداف ضيقة، محذّرًا من أن استخدام الحصار الإنساني كأداة تفاوض يُعد جريمة أخلاقية ومصدرًا إضافيًا للمعاناة في محافظة دفعت ثمناً باهظاً خلال سنوات الحرب.
نفت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، يوم الاثنين 21 تموز/ يوليو، عبر مدير مركزها الإعلامي "فرهاد شامي"، ما ورد في تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني بشأن تلقيها مهلة زمنية من الولايات المتحدة وتركيا للاندماج الكامل ضمن مؤسسات الدولة السورية، واعتبرت أن ما ورد في التقرير "كاذب ويهدف إلى تضليل الرأي العام".
وجاء نفي "قسد" في بيان رسمي نُشر يوم الاثنين 21 تموز/يوليو، وصف فيه "شامي" التقرير بأنه يحمل "ادعاءات لا أساس لها"، ونفى حديث الموقع البريطاني حول "قسد"، ودورها المستقبلي في سوريا، ونؤكد أن تلك المعلومات كاذبة وتهدف إلى تضليل الرأي العام بشكل متعمد.
ويوم الإثنين 21 تموز/ يوليو، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرًا تحت عنوان "الأكراد السوريون يواجهون مهلة 30 يوماً من الولايات المتحدة وتركيا"، قال فيه إن "قسد" تلقت إنذاراً من مسؤولين أمريكيين وأتراك خلال اجتماع جرى مؤخراً في سوريا، يطالبها بالتوقف عن المماطلة في تنفيذ اتفاق اندماجها مع الحكومة السورية، مع إعطائها مهلة لا تتجاوز 30 يوماً لإنجاز العملية.
وبحسب الموقع، فإن "مظلوم عبدي"، القائد العام لقسد، وقّع في شهر آذار/مارس الماضي اتفاقًا مع رئيس الحكومة السورية المؤقتة، أحمد الشرع، يتضمن دمج قسد وأجهزتها بشكل كامل في مؤسسات الدولة، لكن العملية توقفت لاحقاً بسبب إصرار قيادات كردية على الاحتفاظ بهياكل عسكرية وأمنية مستقلة، ورفضها الانخراط في وزارة الدفاع السورية بالشكل الذي طُرح في الاتفاق.
وأشار التقرير إلى أن هذا التعثر أدى إلى نفاد صبر الجانبين الأمريكي والتركي، وأنهما هددا باتخاذ إجراءات حال لم يتم الالتزام بالمهلة كما نقل عن مصادر أن الحكومة السورية لا تبدي استعداداً لدمج جميع مكونات "قسد"، خاصة وحدات حماية المرأة، التي تعد إحدى الفصائل ذات الطابع العقائدي المرتبط بحزب العمال الكردستاني.
في حين لم يصدر تعليق من الأطراف الدولية التي ذُكرت في التقرير، بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا، كما لم تعلق الحكومة السورية بشكل رسمي على ما ورد من معلومات حول الاتفاق أو فحوى الاجتماع الذي تحدث عنه التقرير.
وكانت أعلنت السفارة الأميركية في دمشق، عبر بيان رسمي على حسابها في "فيسبوك"، أن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير لدى تركيا، توماس باراك، عقد لقاءً رسميًا مع قائد "قسد" "مظلوم عبدي"، لبحث سبل تنفيذ اتفاق آذار وضرورة التسريع في دمج الهياكل المدنية والعسكرية ضمن الدولة السورية.
يُشار إلى أن اتفاق آذار، الذي وُقّع في 10 آذار 2025 برعاية أميركية، ينصّ على دمج كامل لمؤسسات الإدارة الذاتية، بما في ذلك المجالس المدنية والقوات العسكرية، ضمن هياكل الدولة السورية، إلى جانب تسليم المعابر الحدودية والموارد الاستراتيجية إلى الحكومة المركزية. كما يتضمن الاتفاق التزامًا دستوريًا بضمان حقوق المكون الكردي ضمن إطار الوحدة الوطنية السورية.
ويُعدّ الاتفاق، وفق مصادر رسمية، "خطوة حاسمة نحو إنهاء الانقسام واستعادة سيادة الدولة على كامل الأراضي السورية، وتحقيق العدالة والتمثيل المتوازن في إطار وطني جامع".
أعرب مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR)، في بيان صحفي صدر بتاريخ 21 تموز/يوليو 2025، عن بالغ قلقه إزاء تصاعد وتيرة العنف في محافظة السويداء جنوب سوريا، مدينًا بشدة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي رافقت هذه الأحداث، والتي شملت عمليات قتل خارج نطاق القانون، واحتجاز مدنيين كرهائن، وهجمات عشوائية على الأحياء السكنية، واستخداماً مفرطاً للقوة، فضلاً عن تدمير ممتلكات مدنية.
وأكد المركز رفضه القاطع لجميع أشكال العنف والانتهاكات، محمّلاً كافة الأطراف المنخرطة في النزاع مسؤولية ما يجري، كما أدان الموقف "المنحاز سياسياً" للحكومة السورية الانتقالية، وفشلها في توفير الحماية للمدنيين، بمن فيهم أبناء الأقليات مثل الطائفة الدرزية والعشائر البدوية، مشددًا على أن المدنيين يجب أن يبقوا خارج دائرة الاستهداف، وأن توظيف النزعات الطائفية لتبرير التدخلات الإقليمية يُعد تهديدًا مباشرًا للسلم الأهلي.
وانتقد المركز فشل جهود الوساطة التي قادتها الحكومة السورية الانتقالية، بعد انهيار اتفاقات وقف إطلاق النار، في ظل غياب الشفافية وعدم توفر معلومات موثوقة حول الجهة المسؤولة عن خرقها، مطالبًا بفتح تحقيق مستقل وشفاف بالتعاون مع جهات دولية، لمحاسبة جميع المتورطين في الانتهاكات المرتكبة.
إدانة الغارات الإسرائيلية وتحذير من تفاقم الفوضى
وفي السياق ذاته، جدّد المركز إدانته للغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، والتي كان آخرها استهداف مناطق في العاصمة دمشق، معتبرًا أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية وتهديدًا لحياة المدنيين، وتسهم بشكل مباشر في تأجيج العنف وتأزيم الأوضاع الطائفية، بما في ذلك المواجهات الدائرة في السويداء.
ودعا المركز المجتمع الدولي إلى التحرّك العاجل لوقف هذه التدخلات، واحترام القانون الدولي، وخصوصًا اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، مؤكداً أن استمرار الاعتداءات يعمّق هشاشة الاستقرار، ويعرقل جهود احتواء الأزمة المتفاقمة.
العنف داخل سوريا يهدد حق اللاجئين بالعودة
ورغم أن مهام المركز تتركز على متابعة أوضاع اللاجئين السوريين والدفاع عن حقهم في العودة الآمنة والطوعية، إلا أن تصاعد العنف الداخلي يُعد، بحسب البيان، مؤشرًا خطيرًا على تدهور الواقع الأمني والإنساني، ما يضع عوائق حقيقية أمام أي مسار لإعادة الإعمار أو تحقيق العودة الكريمة للاجئين السوريين.
وشدد المركز على أن الانتهاكات التي طالت مدن الساحل السوري وأحياء دمشق، إلى جانب الجرائم التي ترتكبها مختلف الأطراف المتنازعة، تُبرز الحاجة الماسّة لإطلاق حوار وطني شامل يضم جميع مكونات المجتمع السوري، بمن فيهم اللاجئون، لمعالجة قضايا المساءلة والعدالة ومنع تكرار الجرائم مستقبلاً.
تحذير من تفشي الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين
وفي سياق متصل، سلط مركز وصول الضوء على الانتهاكات المستمرة بحق اللاجئين السوريين في بلدان اللجوء، خاصة في لبنان، حيث تستمر حملات المداهمة والاعتقال التعسفي والترحيل القسري، لا سيما في مناطق الشمال والبقاع، من قبل أجهزة الأمن وبعض المجموعات المسلحة المحلية، في انتهاك صارخ للحقوق الأساسية والالتزامات الدولية المترتبة على الحكومة اللبنانية.
وأكد المركز أن هذه السياسات التعسفية تمثل امتدادًا للأزمة السورية، وتجسّد إخفاق المجتمعين الإقليمي والدولي في توفير الحماية القانونية والإنسانية للاجئين، محذرًا من تنامي التوترات الطائفية التي رُصدت انعكاساتها مؤخرًا في مناطق لبنانية ذات غالبية درزية، حيث سُجّلت اعتداءات انتقامية استهدفت لاجئين سوريين.
واختتم المركز بيانه بتجديد الدعوة إلى توفير حماية فورية وشاملة للمدنيين في عموم الأراضي السورية، ورفض جميع أشكال التهجير القسري، وفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف بالانتهاكات المرتكبة، ومحاسبة المسؤولين بغض النظر عن انتماءاتهم، ووقف الترحيل القسري والانتهاكات ضد اللاجئين السوريين، وخاصة في لبنان، والدفع نحو حل سياسي شامل يقوم على حوار وطني يضع العدالة وحقوق الإنسان والمساءلة في جوهره، بعيدًا عن الصراع المسلح ومشاريع تقاسم النفوذ.
وأكد مركز وصول لحقوق الإنسان في ختام بيانه أن ما يجري في الداخل السوري من تصعيد دموي، وما يتعرض له اللاجئون في دول الجوار من انتهاكات، يمثلان وجهين لأزمة واحدة، لا يمكن حلّها إلا عبر تحرّك دولي مسؤول يُعلي من قيمة الإنسان وكرامته في أي تسوية سياسية مستقبلية.
أصدرت وزارة المالية في الحكومة السورية قراراً يقضي بإيقاف تجديد ترخيص شركة "طلال أبو غزالة وشركاه" حتى إشعار آخر، وذلك على خلفية تصريحات لرئيس المجموعة، طلال أبو غزالة، خلال مقابلة تلفزيونية بُثت على قناة "المشهد" في 16 تموز الجاري، اعتُبرت مسيئة للدولة السورية الجديدة وتنكر الجرائم المرتكبة من النظام البائد بحق الشعب السوري، بحسب ما ورد في نص القرار.
وجاء القرار الذي حمل الرقم 1191 والصادر بتاريخ 21 تموز 2025، بناءً على توصية مجلس المحاسبة والتدقيق، مستنداً إلى عدة قوانين وتشريعات، أبرزها القانون الأساسي للعاملين في الدولة والقرار الرئاسي رقم 9 لعام 2025، بالإضافة إلى ما وصفته الوزارة بـ"مقتضيات المصلحة العامة".
وأوضح وزير المالية ورئيس مجلس المحاسبة والتدقيق، "محمد يسر برنية"، أن القرار جاء عقب مراجعة دقيقة لمضمون التصريحات الأخيرة، والتي رأى فيها المجلس مخالفة صريحة للمادة 49 من الإعلان الدستوري، والتي تحظر إنكار الجرائم المرتكبة خلال المرحلة السابقة.
وبموجب القرار، سُمح لشركة "طلال أبو غزالة وشركاه" بمتابعة تنفيذ العقود التي سبق إبرامها حتى نهاية العام 2025، على أن تُدار هذه العمليات من قبل المحاسب القانوني أحمد هيثم العجلاني، دون أن يكون للشركة الحق في إبرام أي عقود جديدة تخص عام 2026.
كما أكد القرار أنه لن يُمنح أي ترخيص جديد للشركة في الوقت الراهن، فيما أُعطي العجلاني إمكانية الاستمرار في مزاولة عمله وترخيصه كمحاسب قانوني مستقل مستقبلاً.
وفي توضيح إضافي، قال برنية إن الوزارة، بصفتها الجهة المعنية بالتراخيص المالية والمحاسبية، ستتخذ خطوات إضافية تجاه المؤسسات الإقليمية والدولية التي ترتبط بها سوريا كمساهم، عبر مخاطبتها رسمياً لإبلاغها بتحفظ الحكومة السورية على منح أي عقود مستقبلية لشركات طلال أبو غزالة.
كما تعتزم الوزارة إلزام الشركات والمستثمرين الراغبين بالحصول على تراخيص عمل داخل البلاد بعدم التعاقد مع شركات المجموعة، واعتبار هذا الأمر شرطاً ضمن بيئة العمل الجديدة في سوريا ما بعد الحرب.
ويعكس القرار توجهاً رسمياً واضحاً لدى السلطات السورية في المرحلة الانتقالية لفرض معايير سياسية وأخلاقية جديدة في التعامل مع المؤسسات الدولية، ولا سيما تلك التي يرى فيها السوريون امتداداً لصورة النظام السابق أو محاولة لتقويض سردية العدالة الانتقالية.
وفي هذا السياق، شددت الوزارة على أن الدولة السورية الجديدة "لا يمكن أن تتهاون مع من ينكر تضحيات الشعب السوري"، في إشارة مباشرة إلى مضمون المقابلة التي أثارت الجدل.
أعلن القيادي في فصيل "رجال الكرامة"، ليث البلعوس، في بيان مصوّر صدر يوم الخميس، أن فصيله لم يكن يومًا طرفًا في إشعال الصراع الطائفي الذي تشهده محافظة السويداء، مؤكدًا تمسكهم بالتهدئة ورفض العنف، رغم ما تعرضوا له من استهداف مباشر وتشويه متعمد واتهامات بالخيانة.
وشدد البلعوس على أن "رجال الكرامة" ظلوا منذ سقوط نظام الأسد البائد حاضرين في المشهد، ولم يختاروا الحياد أو الانعزال، بل تصدوا لمسؤولياتهم في حماية المدنيين عندما انهارت خطوط التمايز بين المتحاربين، وقال: "لم نخن أهلنا، ولم نساوم على دمائهم، ولم نساير أحدًا على حساب كرامة الجبل".
وفي سياق حديثه، كشف البلعوس أن منزله العائلي أُحرق، وأن مظافة العائلة نُهبت، وقبر والده، الشيخ وحيد البلعوس، تعرّض للتدنيس، معتبرًا أنهم آثروا الصمت لا عن ضعف، بل بدافع الحكمة وتجنيب المنطقة مزيدًا من التدهور.
دعوات للتهدئة ورفض للاستخدام الطائفي
انتقد البلعوس ما وصفه بـ"الابتزاز الطائفي" ومحاولات الزج بأبناء السويداء في صراعات لا تعبّر عنهم ولا تمثلهم، مؤكدًا أن "رجال الكرامة" اختاروا طريق الحوار ورفضوا الانجرار خلف مخططات التصعيد، مشيرًا إلى أنهم تواصلوا مع مختلف الأطراف، من الدولة إلى العشائر والجهات الدولية، بهدف الحيلولة دون الانزلاق إلى الفوضى.
وأكد أنهم طرحوا مبادرات تهدئة شملت إطلاق سراح المحتجزين من الجانبين، وصياغة تفاهمات لوقف القتال، ومخاطبة القيادة السياسية في دمشق لاستعادة دور الدولة، موضحًا أن استمرار الفوضى يعود إلى ما وصفه بـ"تعنت الطرف الآخر، وانفراده بقرار الطائفة وتنفيذه أجندات خارجية"، في إشارة ضمنية إلى الشيخ حكمت الهجري.
مطالبة بتدخل دولي فاعل
حمّل البلعوس المجتمع الدولي مسؤولية تفاقم الوضع، بسبب صمته وتردده، مشيرًا إلى أن بعض الجهات الدبلوماسية أبدت اهتمامًا بالحفاظ على الاستقرار، لكن ذلك لم يترجم إلى إجراءات عملية. ودعا إلى تحويل هذا الحرص إلى تحرك داخل مجلس الأمن، لإصدار قرارات تُلزم من يسعون إلى التقسيم بوقف مخططاتهم.
وقال: "لا نريد من العالم أن يكتفي بالمراقبة، بل أن يكون شريكًا في الحل، لا شاهدًا على مأساة جديدة تنفجر في سوريا".
التمسك بالدولة والحل السياسي
اختتم البلعوس بيانه بالتأكيد على موقف حركته الثابت، بالانحياز إلى الدولة السورية، والدعوة إلى حل سياسي عادل، بعيدًا عن الدم والانتقام، مشددًا على ضرورة محاسبة كل من ارتكب اعتداءات بحق الأبرياء، بصرف النظر عن الجهة التي ينتمي إليها.
ووجّه نداءً إلى أهالي السويداء، قال فيه: "الحق لا يموت ما دام هناك من يطالب به… ونحن باقون هنا نطالب به، ولن نخذل شعبنا في يوم من الأيام".
يُذكر أن البيان جاء في وقت تشهد فيه السويداء تصعيدًا عسكريًا عنيفًا، إثر اشتباكات بين مجموعات مسلحة يقودها الشيخ حكمت الهجري، ومقاتلين من عشائر البدو الذين لبّوا نداءات فزعة بعد تعرض أهاليهم لانتهاكات دموية، شملت مجازر في حي المقوس ومناطق أخرى من المحافظة.