
وعد الخطيب تعود إلى مصياف بعد 13 عامًا من الغياب القسري: حكاية الثورة في فيلم وذاكرة
عادت المخرجة السورية وعد جركس، المعروفة باسم وعد الخطيب، إلى منزل عائلتها في مدينة مصياف، برفقة زوجها الدكتور حمزة الخطيب، بعد غياب قسري استمر 13 عامًا، نتيجة نشاطها الإعلامي والسينمائي في صفوف الثورة السورية.
وعد الخطيب، التي عُرفت بنشاطها في حراك جامعة حلب، عاشت حصار أحياء المدينة الشرقية، حتى تهجيرها أواخر عام 2016، قبل أن تنتقل مع عائلتها إلى بريطانيا حيث تقيم اليوم.
أنجزت وعد أول أفلامها الوثائقية بعنوان **"إلى سما"**، الذي حقق انتشارًا عالميًا وحصد عشرات الجوائز الدولية، وبلغ مرحلة الترشح لجائزة الأوسكار عام 2019. وقدّمت لاحقًا أفلامًا أخرى بينها **"تجرأنا على الحلم"** و\*\*"موت بلا رحمة"\*\*، الذي وثّق تداعيات زلزال شباط 2023 في سوريا وتركيا.
في فيلمها "إلى سما"، الذي صوّر على مدار خمس سنوات، تروي وعد الخطيب قصة مشاركتها في الثورة، من التظاهرات السلمية وحتى التهجير القسري، من خلال رسالة شخصية لابنتها سما، حيث توثق تفاصيل الحياة في حلب الشرقية تحت القصف اليومي، وتستعرض دوافع بقائها هناك رغم المجازر، كما تروي قصة لقائها بزوجها الدكتور حمزة الخطيب، مدير مستشفى القدس في حلب، الذي دمّره النظام السوري وحلفاؤه بغارات جوية أودت بحياة 52 شخصًا، بينهم 6 من الطاقم الطبي.
عرض الفيلم، الذي استغرق 95 دقيقة، ضمن عروض خارج المسابقة الرسمية، وكان مليئًا بالمشاهد التي تكشف عن معاناة المدنيين، وتحوّل الثورة إلى جحيم من القتل والدمار. وقد اعتُبر الفيلم وثيقة بالغة الأهمية قُدمت أمام القضاء الدولي، لما حمله من توثيق دقيق للجرائم المرتكبة في حلب وسائر أنحاء سوريا.
واستطاعت وعد الخطيب أن تنقل صورة الحرب بعدستها الخاصة، لتُظهر كيف تحوّلت حلب من مدينة تنبض بالحياة إلى مسرح للقتل والدمار، وهو ما جعلها تُدرج ضمن قائمة مجلة **"تايم"** الأميركية لأكثر مئة شخصية تأثيرًا في العالم لعام 2020، إلى جانب المصوّر العسكري المعروف باسم "قيصر".
أشادت "تايم" بتميّز وعد في تقديم سرد مختلف للحرب، من منظور نسوي وإنساني، حيث غالبًا ما تُروى الحروب بأصوات الرجال، إلا أن وعد، كما قالت المجلة، "نقلت الحقيقة بعيون مختلفة، عبر شخصيات حقيقية خاطرت بكل شيء لأجل الحرية".
وكانت وعد قد تركت دراستها الجامعية في حلب لتنتقل إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حيث تعلمت التصوير، وبدأت توثيق حياة المدنيين تحت القصف والاشتباكات، مدفوعة برغبتها في إيصال ما يجري إلى ابنتها سما، ومن خلالها إلى العالم.
يحكي "إلى سما" سيرة وعد خلال خمس سنوات عاشتها في حلب، تحت القصف الروسي وحصار قوات النظام، من زواجها إلى ولادة طفلتها التي قضت عامها الأول في ملجأ لا يعرف سوى أصوات الانفجارات.
حصد الفيلم قرابة 44 جائزة دولية خلال عام 2019، من بينها جائزة "العين الذهبية" في مهرجان كان السينمائي، والجائزة الكبرى من مهرجان SXSW، إلى جانب جوائز مهرجان الأفلام البريطانية المستقلة، وغيرها من التكريمات حول العالم.
وفي وصف مؤثر، قالت "تايم": *"كان من المذهل رؤية وعد الخطيب، اللاجئة المسلمة، تمشي على السجادة الحمراء في حفل الأوسكار إلى جانب ابنتها الصغيرة، ترتدي ثوبًا مطرزًا بالخط العربي كتب عليه: تجرأنا على الحلم، ولن نندم على الكرامة"*.