
منظمة "ملفات قيصر": لا استقرار دون عدالة ولا مكان لمرتكبي الجرائم في بناء سوريا المستقبل
أعلنت منظمة "ملفات قيصر من أجل العدالة" في بيان لها، موقفها الرافض للتطورات التي تتعارض مع مبادئ العدالة الانتقالية، في ضوء ما تم تداوله مؤخراً بشأن إطلاق سراح أشخاص متورطين في جرائم حرب ومنحهم أدواراً اجتماعية من قبل السلطة الانتقالية في دمشق، وعلى خلفية المؤتمر الصحفي الذي عقده كل من السيد حسن صوفان، عضو لجنة السلم الأهلي، وممثل عن وزارة الداخلية بتاريخ 10 حزيران 2025.
وقالت المنظمة إن الطرح الذي تم تقديمه خلال المؤتمر حول أولوية "الاستقرار على العدالة" يتعارض مع المبادئ الأساسية لبناء المجتمعات السليمة. فالعدالة ليست ثمرة تأتي بعد الاستقرار، بل هي شرطه الأول والأساسي، وإن اعتبار العدالة ترفاً مؤجلاً هو مغالطة خطيرة تقوّض الأسس التي من المفترض أن تقوم عليها سوريا الجديدة، وتفتح الباب لإعادة إنتاج الانتهاكات تحت مسميات جديدة.
وعبرت المنظمة عن رفضها القاطع لأي محاولة لتبرئة أو تبييض سجل من تورطوا في ارتكاب جرائم حرب أو انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، سواء عبر منحهم أدواراً عامة أو تقديمهم كرموز للسلم الأهلي. إن من تورطوا في سفك دماء السوريين لا يمكن أن يُقدَّموا اليوم كوجوه للمصالحة، ولا يجوز تجاوز ذاكرة الضحايا أو طمس حقيقة الجرائم المرتكبة بحقهم تحت ذرائع سياسية أو اجتماعية.
ورأت "ملفات قيصر" أن ما جرى خلال المؤتمر الأخير لم يسهم في تهدئة الرأي العام أو استعادة الثقة الشعبية، بل عمّق مشاعر القلق والغضب لدى الضحايا وذويهم، وعكس فشلاً في قراءة المزاج المجتمعي الذي ما زال يطالب بالعدالة والمحاسبة، لا بالتسويات الرمزية أو الرسائل الإعلامية.
وعبرت المنظمة عن قلقها البالغ حيال المسار الذي تتبعه السلطة الانتقالية في دمشق، حيث يُلاحظ انزياح مقلق عن المبادئ المعلنة للعدالة الانتقالية، وميلاً متزايداً لتجاهل المطالب الحقوقية الجوهرية، وفي مقدمتها محاسبة الجناة، والكشف عن مصير المفقودين، وإنصاف من تعرضوا للتعذيب والانتهاكات الجسيمة.
وشددت "ملفات قيصر" على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة المسار الانتقالي وتصويبه، وخاصة في ما يتعلق بملفات الضحايا والمختفين قسراً وضحايا التعذيب. وتُعدّ استجابة السلطة لهذه الملفات مقياساً لمدى التزامها الحقيقي بالعدالة، بعيداً عن الشعارات.
دعت المنظمة إلى وضع إطار قانوني وتشريعي شامل يُمكّن من محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات، ويمنع الإفلات من العقاب، على أن يكون هذا الإطار جزءاً من خطة وطنية واضحة ومعلنة، ترتكز على حقوق الضحايا وتضع العدالة في مقدمة الأولويات، لا في ذيلها.
وفي ختام بيانها، جددت منظمة "ملفات قيصر من أجل العدالة" تأكيدها الثابت: لا يمكن تحقيق سلم مستدام دون إنصاف حقيقي للضحايا، ولا يمكن بناء سوريا جديدة على أنقاض العدالة. إن أي محاولة لتجاوز المحاسبة أو طيّ صفحة الجرائم قبل فتحها ومواجهتها، هو إنكار لحق الشعب السوري في العدالة، وسلوك لا يخدم سوى الجناة. العدالة ليست خياراً سياسياً، بل استحقاق تاريخي لا يمكن التنازل عنه.