معتقلو رومية يوجّهون رسالتهم في ذكرى التحرير: "لم تنتهِ قصتنا بعد"
وجه معتقلوا الثورة السورية في سجن رومية بلبنان، رسالة عبر لافتة ورقية، كتبوا عليها "فرحة التحرير مرّت بدوننا .. أملُنا أن نكون معكم في الذكرى القادمة.. لاتنسونا...."، في ظل تعقيدات كبيرة في الملف الذي باتى موضع تجاذب ونقاش طويل بين سوريا ولبنان دون أي حلول واضحة تلوح في الأفق، مايعمق معاناة هؤلاء المعتقلين بعد عام كامل من سقوط نظام بشار الأسد.
وكان أعاد ناشطون سوريون خلال الساعات الماضية تداول مقطع مصوّر سجّله معتقلون سوريون داخل سجن رومية اللبناني بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، في اليوم الذي تزامن مع تحرير دمشق وسقوط النظام البائد. وفي المشهد الذي ظهر فيه عدد من السجناء متراصّين داخل أحد المهاجع، وجّه ممثل عنهم رسالة مؤثرة عبّر فيها عن الأمل بأن يشهد العام المقبل نهاية معاناتهم الطويلة.
رسالة من خلف القضبان: "مرت فرحة التحرير بدوننا"
أكد المعتقلون في رسالتهم أن لحظة دخول البلاد مرحلة جديدة بعد التحرير شكّلت لهم بارقة أمل، رغم بقائهم خلف القضبان منذ سنوات. وركّزوا على أن قضيتهم إنسانية بالدرجة الأولى، ترتبط بفراق عائلاتهم وغياب الرعاية الصحية وانعدام العدالة، وأنهم ينتظرون أن تشملهم المرحلة الجديدة من العدالة الوطنية.
تداول متجدد في الذكرى الأولى لسقوط النظام البائد
عاد انتشار المقطع مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لسقوط النظام البائد، وهي مناسبة يعتبرها السوريون نقطة تحوّل تاريخي فتحت ملفات إنسانية طال إهمالها، وعلى رأسها ملف السوريين المعتقلين في السجون اللبنانية، وخاصة في سجن رومية.
ويرى ناشطون أن إعادة التذكير بالمقطع تمثّل محاولة لحفظ هذا الملف في دائرة الضوء، وعدم السماح بطمس معاناة آلاف السوريين الذين احتُجزوا خارج بلادهم خلال سنوات الحرب.
وفيات وإهمال طبي… وملف يضغط للواجهة
وتزامن تداول الفيديو مع حادثة وفاة السجين السوري محمد محمود الحسين (أبو جاسم)، 71 عاماً، داخل سجن القبة في طرابلس، وسط اتهامات بغياب الرعاية الطبية، الأمر الذي أعاد مناقشة الأوضاع الإنسانية القاسية داخل السجون اللبنانية.
كما سبق أن شهدت دمشق في نيسان الماضي وقفة احتجاجية أمام السفارة اللبنانية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السوريين، في وقت شهد سجن رومية حالة عصيان مع جلسة البرلمان اللبناني في 24 نيسان/أبريل 2025، ما دفع الملف إلى الواجهة مجدداً.
اتصال غير مسبوق بين نائب أميركي ومعتقل سوري
وفي خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها، كشف المجلس السوري الأميركي عن اتصال مباشر جرى بين النائب الأميركي جو ويلسون وأحد المعتقلين السوريين في رومية. وقدّم المعتقل رواية مؤلمة عن عمليات توقيف واسعة في المخيمات السورية، وضغوط وصلت إلى حد التهديد بأذى يصيب أسر السجناء، إضافة إلى شهادات حول التعذيب وغياب العلاج وانتحار سجناء نتيجة اليأس.
ويلسون أثنى على شجاعة المعتقلين، وأكد عزمه التحرّك عبر القنوات الأميركية والدولية للضغط باتجاه الإفراج عن المحتجزين ظلماً، معتبراً أن الملف "جزء من الاستقرار بين البلدين وليس قضية إنسانية فقط".
تحركات سورية – لبنانية: اتفاق على تسليم الموقوفين باستثناء مرتكبي الدماء
وأكد مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية السورية، محمد طه الأحمد، أن زيارة الوفد السوري الرسمية إلى لبنان تُعد "زيارة تاريخية" لأنها تأتي بعد سقوط النظام البائد، ولأنها تتوّج سلسلة اجتماعات ركزت بشكل خاص على ملف المعتقلين السوريين.
وأوضح الأحمد أن المفاوضات أفضت إلى اتفاق يقضي بتسليم السجناء السوريين إلى بلادهم، باستثناء من تورطوا في "جرائم دم"، مشيراً إلى أن الرئيس أحمد الشرع يولي الملف اهتماماً مباشراً، وأن الجانب اللبناني أبدى تعاوناً واضحاً.
وبيّن الأحمد أن غالبية السجناء السوريين في لبنان موجودون في سجن رومية، وأن جزءاً كبيراً منهم يواجه تهمًا ملفقة تعود إلى الحقبة السابقة.
ملف اللاجئين أيضاً على الطاولة
وأشار الأحمد إلى أن ملف اللاجئين السوريين يحتل أولوية في المفاوضات، معتبراً أن الظروف اليوم باتت مهيأة لعودتهم، ولا سيما أن معظمهم هُجّر من مناطق كانت مناهضة للنظام البائد، وأن استقرار البلاد الحالي يسمح بإعادة دمجهم ضمن بيئة وطنية آمنة.
ووفق بيانات منظمات حقوقية لبنانية وسورية، يتجاوز عدد المعتقلين السوريين في لبنان 2300 شخص، بينهم مئات المحتجزين منذ أكثر من عشر سنوات، ويعاني معظمهم من أوضاع إنسانية مأساوية، بينما سُجّلت حالات وفاة متكررة تحت التعذيب أو بسبب انعدام الرعاية الطبية، إلى جانب تزايد حالات الانتحار في صفوفهم نتيجة الظروف القاسية وطول فترة الاحتجاز دون محاكمة.
وتشير المصادر إلى أن استمرار التعنت اللبناني وعدم السماح بالزيارات الإنسانية أو القضائية للمعتقلين يبعث برسالة سلبية تمس جوهر العلاقات بين البلدين، وتنسف الجهود الرامية إلى بناء تعاون حقيقي قائم على العدالة واحترام حقوق الإنسان.