
فلول النظام البائد في لبنان: بين تضييق حزب الله والبحث عن طرق الهروب إلى دول اللجوء
سلط تقرير لموقع "المدن" الضوء على أوضاع عناصر ميليشيات النظام البائد ومقاتلي حزب الله السوريين الذين فرّوا إلى لبنان، بعد نحو ستة أشهر على سقوط نظام الأسد، حيث يعيش هؤلاء ظروفاً معيشية وأمنية متدهورة دفعت الكثير منهم للبحث عن دول بديلة للاستقرار، عبر تقديم طلبات لجوء في مكاتب المفوضيات الأممية أو سفارات عربية وغربية.
وبحسب وزارة المهجرين اللبنانية، فإن نحو 170 ألف سوري دخلوا لبنان بين كانون الأول 2024 وكانون الثاني 2025، معظمهم يقيمون في المناطق الحدودية، وتحديدًا في قرى البقاع وبعلبك والهرمل، تحت إشراف تعاونيات "البتول" التابعة لحزب الله، التي تتابع أوضاعهم بشكل مباشر.
يجد المقاتلون السوريون السابقون في صفوف ميلشيا "حزب الله"، أو الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، الفارين إلى لبنان، أنفسهم ضمن دائرة التهميش والضغط الأمني والمعيشي، دون حماية قانونية واضحة أو مستقبل مضمون، ليبدأوا رحلة نزوح جديدة، قد لا تكون سهلة هذه المرة، ولا تحظى بأي تعاطف سياسي أو شعبي.
يعيش هؤلاء الفارون واقعًا هشًا يتسم بانعدام الاستقرار الأمني وتدهور المعيشة، يفاقمه فرض "إذن سفر" من قبل الهيئات المرتبطة بالحزب، يُطلب من السوريين الراغبين بالتنقل داخل لبنان أو مغادرته.
يشكو المقاتلون من أتباع ميليشيا "حزب الله" اللبناني، من أن الهيئة المسؤولة رفضت منحهم إذنًا لاستقبال ابنائهم في مطار بيروت، بحجة كثافة الحركة خلال عطلة العيد، وضرورة الحد من توافدهم إلى مناطق تضعف فيها سيطرة الحزب.
من جهته، يوضح آخرون، أن الحصول على إذن السفر يرتبط بـ"دراسة الحالة"، وغالبًا ما تُمنح الموافقة بعد عدة مرات من الرفض، وتُفضل الحالات المرتبطة بالعلاج أو مهام عاجلة على الزيارات العائلية أو التنقل للعمل الموسمي. كما يشير إلى أن حرية التنقل ضمن مناطق البقاع تظل أسهل نسبيًا.
تفرض هذه القيود الأمنية حصرًا للأنشطة الاقتصادية المتاحة، حيث يضطر الكثير من هؤلاء للعمل في الزراعة أو البناء أو كمياومين في الأسواق التجارية، بأجور زهيدة لا تتجاوز 200 دولار شهريًا، مقابل إيجارات منازل تتراوح بين 250 و350 دولارًا، ما يدفع العديد منهم للبحث عن سبل للخروج من لبنان.
واتجه العبعض منهم لتقدير طلبات للحصول على تأشيرة سياحية إلى العراق، تمهيدًا لتحويلها إلى إقامة عمل بمساعدة كفيل، وهو خيار يلجأ إليه عدد متزايد من السوريين من فلول النظام في ظل انسداد الخيارات في لبنان.
بينما يفكّر بعضهم باللجوء إلى دول عربية مثل الإمارات، تونس، الجزائر، وسلطنة عمان، يتجه آخرون، خصوصًا العائلات، إلى مكاتب المفوضية والسفارات الغربية لتقديم طلبات إعادة التوطين في دول مثل ألمانيا، فرنسا، كندا، وحتى البرازيل وغويانا الفرنسية.
وباتت القيود الأمنية المتزايدة والمساعدات المحدودة تعزز شعور هذه الفئة بأنهم أصبحوا عبئًا قد يُستخدم كورقة ضغط في أي تفاوض مستقبلي بين لبنان والحكومة السورية الجديدة، ما يدفعهم للبحث عن أي فرصة للمغادرة، قبل أن يصبح مصيرهم مرتبطًا بإعادة قسرية محتملة.
ورغم تقديم بعضهم طلبات لجوء في فرنسا أو عبر المفوضية، إلا أن غياب صفة "اللاجئ" عنهم – كونهم دخلوا بعد سقوط نظام الأسد وليسوا مشمولين بحماية أممية – يجعل فرص قبولهم في برامج التوطين محدودة للغاية، مما يزيد من تعقيد أوضاعهم ويجعل رحلتهم نحو الاستقرار محفوفة بالمجهول.