
عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق يوضح أهداف لجنة الإصلاح الضريبي
قال عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق "علي كنعان"، إن هدف لجنة الإصلاح الضريبي التي قررت وزارة المالية في الحكومة السورية تشكيلها يوم الجمعة 6 حزيران/ يونيو الحالي، هو إعادة صياغة نظام ضريبي جديد يخدم أهداف المرحلة القادمة، وفي مثل هذه الظروف عادة ما تقوم الحكومات بتخفيض الضرائب.
وقال "كنعان"، وهو أحد أعضاء اللجنة المعلن عنها، إن الهدف جذب الاستثمارات والمستثمرين للعمل، لا سيما في حالة الاقتصاد السوري الذي تعرض لأضرار جسيمة، لافتا إلى أن "اللجنة ستعقد الكثير من الاجتماعات في المرحلة القادمة وستعيد النظر في قانون الضرائب".
وأوضح أن القانون الحالي يعتمد على الضرائب النوعية، بينما يتجه التفكير نحو الاعتماد على الضريبة على مجمل الدخل وتخفيض الشرائح الضريبية، بحيث تكون سورية جاذبة للاستثمار، ولفت إلى أنه "في حال اعتُمِد هذا التوجه ستصدر وزارة المالية المزيد من الإعفاءات الضريبية بهدف جذب الاستثمار وإقامة المشاريع الصناعية والحرفية التي توقف معظمها بسبب الفساد والتعديات".
وبين عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، "وجود حوالي 20-30 مرسوما ضريبيا تنظم قطاعات ضريبية معينة، سيتم توحيدها جميعها بقانون عصري يكون واضحا يفهمه المكلّف.
وأكد أن "فهم القانون يدفع للالتزام به، فإذا عرف مقدار الضريبة يوازن المكلّف بين إمكاناته وما يجب أن يدفعه، في وقت إن القوانين غير المفهومة وغير الواضحة والتي تعتمد على الموظفين تدفع المكلّف للتهرب من دفع الضرائب، وهنا يزداد الفساد وينشط".
وشدد على أن "هذا ما كان يعاني منه أصحاب المشاريع في المرحلة السابقة، فكمية الفساد أكبر بكثير من التحصيل الضريبي، وعلق على مخاوف نقصان الإيرادات التي تعود على الخزينة العامة للدولة من جرّاء الإعفاءات الضريبية.
في هذا السياق بين أن "كل موازنات الدول تعتمد على الضرائب بالدرجة الأولى، وفي حال وجود العجز تستدين الحكومة من السوق النقدية معتبراً أن "تعديل الشرائح الضريبية نحو التخفيض لن يؤثر كثيراً على الحصيلة التي تعد منخفضة أساساً.
وأرجع ذلك بسبب قلة الاستثمار وضعف الإنتاج، وخاصة بعد النزاعات الطويلة وتعدد الأنظمة والقوانين وانتشار الفساد"، واعتبر أن "الضرائب ستشمل كل منشأة منتجة للدخل، لكن عندما يكون معدل الضريبة منخفضا ستزداد الحصيلة، والعكس صحيح.
وقال إنه في حال كان المعدل مرتفعاً سيزداد التهرب الضريبي، متوقعاً انخفاض نسبة مشاريع اقتصاد الظل عند اعتماد المعدلات الجديدة وإعطاء المزيد من الإعفاءات"، وقالت وزارة المالية في بيان سابق إن تشكيل لجنة الإصلاح الضريبي، بهدف مراجعة ودراسة منظومة الضرائب والرسوم، وإعداد نظام ضريبي جديد، واقتراح التعديلات اللازمة في إطار رؤية الإصلاح للسياسة الضريبية.
ونص القرار الذي يعد خطوة هي الأولى من نوعها على تشكيل اللجنة برئاسة وزير المالية، وتضم نائب الوزير نائباً لرئيس اللجنة، وعضوية كل من، معاون وزير الاقتصاد والصناعة لشؤون الصناعة، بالإضافة إلى مدير عام الهيئة العامة للضرائب والرسوم، ومدير السياسة الضريبية بالهيئة، ومدير الالتزام بالهيئة، إلى جانب عميد كلية الاقتصاد بدمشق، ورئيس جمعية المحاسبين القانونيين، وخبيرين، وممثلين عن غرف التجارة والصناعة في دمشق وحلب، والهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، وممثلين عن القطاع الخاص.
وحدد القرار مهلة عمل اللجنة حتى 30 تموز من العام الجاري، مع إمكانية الاستفادة من خبراء المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، وكذلك الاستعانة بمن تراه مناسباً لإنجاز أعمالها من كوادر الدولة والخبراء المحليين، والأجانب، من الدول الشقيقة والصديقة.
وتتولى هيئة الضرائب والرسوم إعداد محاضر الاجتماعات، ومتابعة خطة عمل اللجنة، التي تتولى أيضاً مناقشة اقتراحات التعديلات على الرسوم مع الوزارات والهيئات المعنية.
وصرح وزير المالية السيد "محمد برنية"، إلى أن قرار تشكيل لجنة الإصلاح الضريبي يأتي في إطار الحرص على تسريع جهود الإصلاح الضريبي، مع مراعاة المبادئ المتمثلة بتبسيط وتسهيل الإجراءات واستخدام التقنيات الحديثة، وتقليل قائمة الضرائب والرسوم، وتنافسية النظام الضريبي.
كما شدد على أن هذا التوجه سيسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي والاستثماري، والشفافية والعدالة الضريبية، وتحفيز الالتزام الطوعي والشراكة مع القطاع الخاص، إضافة إلى تعزيز المسؤولية المجتمعية لدافعي الضرائب.
وبين وزير المالية أن اللجنة ستعمل على مدار الساعة، وتتواصل مع جميع الوزارات والهيئات ذات العلاقة لإنجاز المطلوب منها، بهدف الوصول إلى نظام ضريبي تنافسي عصري واضح يخدم احتياجات الاقتصاد السوري وازدهاره.
وتأتي خطوة وزارة المالية غير المسبوقة، ضمن رؤيتها بتعزيز بيئة الأعمال، وتطوير الإدارة الضريبية باستخدام أحدث الوسائل التقنية، بما يسهم في تنشيط الاقتصاد وتشجيع البيئة الاستثمارية.
ويشكل هذا القرار علامة فارقة في سياسة الحكومة المالية، خصوصًا في ظل الانتقادات الواسعة التي طالت النظام الضريبي القائم بسبب تعقيداته، وكثرة الرسوم غير المباشرة، وغياب العدالة في التوزيع الضريبي.
وتترقب الأوساط الاقتصادية خارطة الطريق التي ستعتمدها اللجنة خلال الأسابيع المقبلة، وسط آمال بأن تتضمن إصلاحات جذرية تعيد بناء الثقة بين الدولة والمواطن، وتفتح المجال أمام استثمارات جديدة في بيئة ضريبية مستقرة وواضحة.
هذا بينما يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها استجابة لمطالب طويلة الأمد من الفعاليات الاقتصادية والمجتمعية، فإن التحدي الأكبر يكمن في تحقيق التوازن بين حاجة الدولة إلى موارد مالية، وبين ضرورة عدم إرهاق المواطنين والمستثمرين بضرائب معقدة وغير عادلة.