
عقّموا أيديهم بعد زيارة المخيمات .. غضب واسع عقب زيارة فنانين موالين للأسد إلى إدلب
أثارت زيارة شخصيات من الوسط الفني الموالي لنظام بشار الأسد، وشركائه في محاربة الثورة، إلى محافظة إدلب وتحديداً مخيمات النازحين، موجة استنكار وغضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثير من الناشطين محاولة سافرة لتبييض صورة فنانين لطالما التزموا الصمت، أو شاركوا فعلياً في مسيرة تلميع نظام المجرم بشار الأسد والترويج لروايته عبر الدراما.
ما إن فرَّ أسدهم الذي طالما مجدوه وتملقوه وانهزم جيشهم الذي قبلوا أحذيته وساندوه بالقول والعمل لقتل أبناء الوطن الواحد، حتى خرج علينا هؤلاء "الثوريون الجدد" بزي آخر يخفي قذارتهم ورائحة النفاق في أنفاسهم يتملقون باسم الثورة والحرية والوطن للجميع.
فنانون وإعلاميون وحتى شخصيات سياسية ودينية كانت في وقت قريب تدعم الأسد وتُمجد به ليس خوفا بل اعتزازاً فيه، فهو الأسد الممانع الصامد في وجه المؤامرة وأمام الإرهابيين، وكثير هي الدعوات التي أطلقها هؤلاء لذبح الخارجين عن سطوة الأسد الرافضين للعبودية، بل شاركوا في دعم جيشهم وتمجيده ورافقوه في الدعس على أجساد المدنيين.
منذ انطلاقة الثورة السورية، التزمت هذه الفئة الصمت أمام مشاهد الموت والدمار التي طالت كل المدن السورية، وخاصة إدلب التي شهدت حصاراً ودماراً قلّ نظيره، لم نسمع من أحدهم كلمة تضامن أو حتى اعتراف بما يجري، بل على العكس، ظهر كثير منهم في أعمال درامية وإعلامية كانت تروّج لرواية النظام البائد، وتقدّم رسائل دعائية تمجّد "بطولات" جيشه وتشوّه صورة الثورة والثوار، فكيف يُعقل أن يتحول أولئك اليوم إلى "سفراء محبة" فجأة، دون أي مساءلة لمواقفهم السابقة؟
زيارة هؤلاء إلى إدلب لم تكن بدافع إنساني، كما يدّعون، بل كانت أقرب إلى حملة علاقات عامة منظمة هدفها إعادة تلميع صورهم أمام جمهور لم يعد يثق بهم، فقد التقطوا الصور، ووزعوا الابتسامات المفتعلة والعبارات المعلّبة، ليتباهوا لاحقاً بهذه "الزيارة البطولية" في مقابلاتهم التلفزيونية ومنشوراتهم المليئة بالشفقة المصطنعة.
هذه الدموع التي سيذرفونها لاحقاً أمام الكاميرات، والتي تشبه دموعهم القديمة حين بكوا على "تضحيات الجيش العربي السوري" – لن تُقنع من فقد أهله تحت القصف الروسي، أو من اضطر لدفن طفله تحت الأنقاض، أو من يعيش في خيمة لا تقيه برد الشتاء ولا حرّ الصيف.
المفارقة الصادمة أن هذه "الرحلة الإنسانية" كشفت خبث النوايا بطريقة فاضحة: ما إن انتهت الزيارة، حتى التُقطت صور لهم داخل الحافلة وهم يعقّمون أيديهم، وكأنهم خرجوا من مكب نفايات، لا من زيارة إنسانية إلى بشر مثلهم، هذه اللقطة وحدها كانت كافية لهدم كل ما حاولوا بناءه من صورة زائفة، وأكدت للجميع أن الزيارة لم تكن إلا مظهراً من مظاهر النفاق والتسويق الفارغ.
الغضب الشعبي لم يأتِ من فراغ، فالأهالي أنفسهم لم يرحبوا بهذه الزيارة، لأنهم لم ينسوا المواقف السابقة لهؤلاء "الضيوف"، ولم يرغبوا بأن تتحول مأساتهم إلى مادة استهلاكية تُستعمل لتلميع وجوه لطالما وقفت إلى جانب القاتل أو سكتت عن جرائمه. فمخيمات إدلب ليست مسرحاً للاستعراض، ولا أهلها بحاجة إلى من "يمنّ" عليهم بالشفقة بعد أن خذلهم حين كانوا بأمس الحاجة للدعم.
قد يستطيع هؤلاء خداع بعض المتابعين في الخارج، أو تزييف صورة أمام الكاميرا، لكن الذاكرة الجمعية للشعب السوري لم تنسَ، ولن تنسى. ما جرى في إدلب، وفي سوريا كلها، ليس مجرد مشهد عابر يمكن تزييفه بزيارة مسرحية وعدسات احترافية، بل جرح نازف يحتاج إلى عدالة حقيقية، لا إلى تمثيل رخيص.
ويذكر أن غالبية الممثلين الداعمين لنظام الأسد الساقط، أعلنوا عن تحول مواقفهم بعد ان عرفوا بدعمهم للنظام وتبرير جرائمه، وفي تجسيد لموقف الشعب السوري الحر قال الفنان السوري عبد الحكيم قطيفان إنه لن يتصالح على الإطلاق مع الفنانين الذين دعموا "الإرهاب والقمع والتشريد" الذي مارسه نظام بشار الأسد، وإنه لن يسامح الذين وقفوا ضد الشعب السوري واتهموا المعارضين بالخيانة والعمالة.
في النقيض لمن ارتهنوا كالعبيد لسيدهم "بشار"، هناك قامات سورية من مطربين وفنانين، رفضت الخنوع والتهديدات، والتحقت منذ البداية بركب أبناء الشعب الثائر، فكانوا في صفوفهم يصدحون بالحرية، واجهوا التضييق والملاحقة لما لهم من تأثير في الشارع السوري، كشخصيات فنية معروفة، ولعب هؤلاء "أنصار الحرية" دوراً فاعلاً وبارزاً في نصرة الحراك الشعبي، وكانوا سفراء للسلام والحرية في البلدان التي هاجروا إليها مجبرين.