زيادة رواتب وانخفاض أسعار.. آمال متزايدة للارتقاء بمعيشة السوريين
شهدت أسعار السلع الأساسية والبضائع في أسواق دمشق وريفها انخفاضا ملحوظا بالتوازي مع تحسن قيمة الليرة السورية أمام الدولار والذي بلغ سعر صرفه، 11 ألفا و500 ليرة للدولار الواحد بدلا من 17 ألفا في 7 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أي قبل يوم واحد من إسقاط نظام الأسد المخلوع.
وقدرت مصادر اقتصادية أن سجّل سعر كيلو السكر، على سبيل المثال، 8 آلاف و500 ليرة بدلا من 18 ألفا الشهر الماضي، في حين بلغ سعر كيلو الأرز 18 ألفا بدلا من 30 ألفا، بينما بلغ سعر لتر الزيت النباتي 18 ألفا بدلا من 27 ألفا قبيل سقوط النظام المجرم الشهر الماضي.
وسجلت بعض الخضار تراجعا كبيرا بلغ معه سعر كيلو البطاطا 3 آلاف ليرة بدلا من 12 ألفا، وسعر الطماطم 8 آلاف بدلا من 14 ألفا في مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفي وقت ارتفع فيه سعر بعض المواد الأساسية وذلك مثل ربطة الخبز وجرة الغاز المنزلي.
وقالت الموظفة في المصرف التجاري "هنادي ديوب"، (41 عاما)، إنها سعيدة بهذه الزيادة لأنها جاءت في وقتها كون كل الموظفين بحاجة إليها؛ فالراتب، على ما هو عليه اليوم (نحو 20 دولارا)، غير كاف أبدا لتغطية الاحتياجات الأساسية والضرورية لمعظم السوريين.
وأضافت أنه تم صرف هذه الزيادة فسنصبح قادرين على تلبية احتياجاتنا الأساسية على الأقل، سواء أكان تأمين المحروقات التي انخفضت أسعارها اليوم، أو تأمين تكاليف العلاج للمرضى، وصحيح أن الزيادة لن تغطي كل شيء لكن من المحتمل أن تتحسن الأمور، والزيادة الحالية جيدة كخطوة أولى".
وذكر "طارق بارودي"، موظف في مرآب محافظة دمشق، إن الزيادة مهما بلغ قدرها فإنها ستكون "حتما أفضل من الوضع السابق"، لكن في الوقت نفسه فإن الزيادة بنسبة 400% لن تكون كافية لتغطية كل الاحتياجات ما لم تنخفض الأسعار بشكل أكبر خاصة الخبز والغاز.
وتابع في حديث لـ "الجزيرة نت"، "أسرتي تحتاج 3 ملايين ليرة (256 دولارا) شهريا بالحد الأدنى لمصاريف المعيشة، هذا ولم نحسب بعد إيجار المنزل، والطوارئ الصحية، وما نحتاجه من محروقات للتدفئة في ظل انقطاع الكهرباء".
وتابع "بالمجمل فإن الراتب السابق لم يكن يسد إلا إيجار الشقة، حتى وأني كنت أضطر إلى دفع 15 ألف ليرة إضافية على راتبي البالغ 330 ألفا لأدفع إيجار الشقة البالغ 345 ألفا (30 دولارا)، ولتأمين ما تبقى من الاحتياجات كنت ألجأ للعمل في دوام مسائي بعد انتهاء دوامي الرسمي".
وقالت المحاسبة التابعة لوزارة الثقافة أميرة حسن، إنها لمست فرق الأسعار بشكل واضح، وتمكنت من شراء العديد من البضائع الأجنبية المستوردة المنتشرة في الأسواق نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة بالمنتجات المحلية.
ونوهت "ومع وصول البضائع الأجنبية من ملابس وأدوات كهربائية، أصبح بالإمكان أن نكتسي للشتاء ونشتري المدافئ الكهربائية بأقل التكاليف مقارنة بالماضي، إذ كانت أسعار البضائع في الأسواق خيالية وغير متناسبة إطلاقا مع الرواتب".
ومنذ الأيام الأولى لسقوط نظام بشار الأسد في 8 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، انتشرت في ساحات العاصمة وشوارعها وأسواقها البضائع الأجنبية المستوردة من تركيا وعموم الدول الأوروبية لتنتشر في الأسواق بأسعار تنافسية جذبت إليها آلاف السوريين بغرض التبضع، أو بسبب الفضول إذ لم يكن النظام يسمح باستيراد هذه البضائع.
وأكد باعة في أسواق دمشق ممن التقتهم الجزيرة نت أن دخول البضائع الأجنبية، وانقراض ظاهرة الإتاوات التي كانت تفرضها الحواجز العسكرية للنظام السابق على البضائع، وتحسن سعر صرف الليرة، كلها عوامل انعكست على قيمة البضائع بشكل ملحوظ، إذ انخفضت أسعار معظمها بنسب تتراوح بين 20 و50%.
ويرى الخبير الاقتصادي السوري "كرم الشعار"، أن الزيادة كان يجب أن تتم بشكل مدروس وعلى دفعات، أي ألا تكون 4 أضعاف دفعة واحدة، وإنما أن تتم على مرحلتين أو 3 وذلك للحد من الآثار التضخمية، وليتمكن الموظف من الاستفادة منها بشكل فعلي.
ويؤيده في هذا الخبير الاقتصادي السوري أيمن عبد النور، الذي اعتبر أن هذه الزيادة بالمفهوم الاقتصادي "كبيرة جدا"، وستؤدي إلى طرح كميات هائلة من النقد والسيولة في السوق ما سيشغّل عجلة الاقتصاد، لكن يؤدي بدوره إلى رفع الأسعار، وزيادة الطلب على بعض المواد المستوردة، وبالتالي انخفاض قيمة الليرة السورية.
ومطلع الأسبوع، قال وزير المالية السوري محمد أبازيد، في تصريحات للجزيرة إن الحكومة ستزيد رواتب العديد من موظفي القطاع العام 400% الشهر المقبل بعد استكمال إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات لتعزيز الكفاءة والمساءلة.
هذا وقدر كلفة زيادة الرواتب بما يقارب 1.65 تريليون ليرة سورية 127 مليون دولار وستُمول من خزانة الدولة الحالية، ومساعدات إقليمية واستثمارات جديدة، ومن خلال الجهود الرامية إلى فك تجميد الأصول السورية الموجودة حاليا بالخارج.