
خداع استراتيجي: كيف أوهمت إسرائيل طهران قبل توجيه الضربة الخاطفة
كشفت صحيفتا "جيروزاليم بوست" و"يسرائيل هيوم" في تقارير متزامنة، أن إسرائيل اعتمدت استراتيجية تضليل مدروسة قبيل شنّ ضرباتها الجوية فجر الجمعة ضد أهداف عسكرية ونووية داخل الأراضي الإيرانية.
وبحسب ما نقلته "جيروزاليم بوست" عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع، فقد تعمّدت تل أبيب توجيه إشارات خاطئة لتهدئة الترقب الإيراني، مستخدمة الاجتماع الوزاري المصغّر الذي عُقد مساء الخميس كغطاء إعلامي لمناقشة ملف الأسرى، بينما كان في الواقع يهدف للمصادقة على العملية العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوزراء المشاركين في الاجتماع وقّعوا على ما يُعرف بوثيقة "شمر سود" التي تُلزمهم بالصمت الكامل حول فحوى المناقشات، فيما اقتصرت معرفة تفاصيل الخطة على عدد محدود من المسؤولين، أبرزهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الموساد دافيد برنيع، وكبار المسؤولين العسكريين.
في موازاة ذلك، بثّ مكتب رئيس الوزراء سلسلة من الرسائل التضليلية، من بينها إعلانه عن نية نتنياهو قضاء عطلة عائلية، وحضوره حفل زفاف نجله أفنير، إلى جانب الإعلان عن زيارة مرتقبة إلى واشنطن لكل من ديرمر وبرنيع لمناقشة الملف النووي الإيراني، وهي زيارات لم تُنفّذ فعليًا. كما تجاهل المكتب نفي تقارير مزعومة عن خلافات بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن توجيه ضربة عسكرية، ما ساهم في خفض درجة الاستعداد الإيراني.
من جانبها، وصفت صحيفة "يسرائيل هيوم" العملية بـ"أكثر عمليات التضليل تطورًا في التاريخ الإسرائيلي الحديث"، مشيرة إلى أن القيادة الإسرائيلية استغلت الانشغال السياسي الداخلي بقانون تجنيد المتدينين اليهود، والأحاديث المتصاعدة عن احتمال انهيار الائتلاف الحكومي، لتمويه الاستعدادات العسكرية الجارية.
ورغم بعض المؤشرات التي التقطها مراقبون دوليون، من بينها قرارات أميركية بإجلاء موظفي السفارات من بعض دول المنطقة، حافظت إسرائيل على صمت رسمي تام حتى لحظة تنفيذ الضربة، والتي اعتبرتها الصحيفة "مفاجأة استراتيجية" وضعت المنطقة على حافة مرحلة جديدة عنوانها: اللا عودة.