
"بدي بابا"... صرخة طفل تكشف وجع المعتقلين في سجون قسد
نشرت صحيفة زمان الوصل فيديو لطفل صغير قال بصوت هادئ وباكي: "العالم كلها طلعت و أبوي ما طلع"، معرباً عن حزنه لابتعاده عن والده القابع في سجون قسد ولم يخرج حتى الآن. وحمل الطفل ورقة مكتوب عليها: "نطالب بحماية أهل حلب من الاعتقالات التعسفية التي تمارسها ميليسيا قسد"، وعلَّق: "بدي بابا".
وقيل أن هذا الطفل ووالدته لم يتركا اعتصاماً أو مظاهرة إلا وشاركا فيها، مناشدين بالإفراج عن أبيه المعتقل، لكن دون فائدة. ويُشار إلى أن الأب اسمه أحمد محمد قباني، وتعرض للاعتقال في حي الشيخ مقصود في 29 آذار/ مارس الفائت، ولا يوجد أي معلومات عنه. وتعيش عائلته الآن على أمل الانتظار بأن يخرج ويعود سالماً.
وناشد متابعون في منصات التواصل الاجتماعي الرئيس السوري أحمد الشرع، وطالبوه بأن يساعد في موضع الإفراج عن والد الطفل، مشيرين إلى أن قضية المعتقلين يجب أن يوضع لها حل جذري لاسيما أن هناك الكثير من العوائل تعيش هذه المأساة.
ويُذكر أنه قبل أيام أفرجت قسد عن بعض الموقوفين من سجونها، وعاش أهالي شعور الخيبة والإحباط لعدم وجود أبنائهم ضمن المُفرج عنهم، في الوقت ذاته كانت لحظات لقاء الناجين مع ذويهم محمّلة بالمشاعر الجياشة والمواقف المؤثرة التي لامست قلوب السوريين.
فقد وثّقت مقاطع الفيديو المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي مشاهد لا تُنسى، أحد المشاهد التي هزّت مشاعر المتابعين كانت لشابٍ عاجز عن الكلام بعد أن سمع صوت والدته لأول مرة منذ اعتقاله، لم يتمكن من إتمام حديثه معها من شدة بكائه وتأثره.
وفي مشهد آخر، ظهر الشاب ياسين الذي روى قصته أمام الكاميرا، قائلاً إنه قضى أكثر من خمسة أشهر في سجون قسد، بينهم شهران في الحبس الانفرادي. وأوضح أنه اُعتقل بخدعة، إذ ادّعى الخاطفون أنهم من جهاز الأمن العام، وكانوا يرتدون زِيَّه الرسمي، فاستغلوا ثقته بهم ليسلبوه سلاحه ويقتادوه مع مجموعة من الشبان.
وفي الفيديو آخر، تحدث شاب آخر عن الضرب المتواصل والإهانات الجسدية والمعنوية التي طالتهم، وروى مأساة معتقلٍ آخر فقد القدرة على الكلام نهائياً بعد تعرّضه لضربات متكررة على رأسه. الناجون أكدوا أن ما حدث لم يكن اعتقالاً قانونياً، بل اختطافاً تم بوسائل خبيثة لا تمتّ للقانون أو الإنسانية بصلة، وكان يكفي أن يُمسك أحدهم برغيف خبز إضافي حتى يتعرض لعقوبة قاسية.
وبحسب الناجين فإن أعداد المعتقلين في سجون قسد كبيرة، وأن أوضاعهم مأساوية إلى حد لا يُوصف. هذا الكابوس، الذي عاشه السوريون خلال سنوات الحرب، يعيد إلى الأذهان ممارسات نظام المجرم بشار الأسد، الذي استخدم الاعتقال وسيلة انتقام ممن خالفوه الرأي، فحوّل السجون إلى أدوات للقمع والإذلال الجماعي. فاختفى عشرات الآلاف ودخلت المأساة إلى بيوت العديد من العوائل، هناك زوجة فقدت زوجها، وأم مرضت من شدة القهر على ابنها، وغيرها من الصور الموجعة.
واليوم، لا يريد السوريون تكرار نفس الجريمة تحت مسميات مختلفة. الاعتقال القسري كان وما زال أحد أكثر أدوات التدمير النفسي والاجتماعي فتكاً، لم يُعذّب الضحايا فقط، بل مزّق أسرهم وأحلامهم.