انتهاء كابوس الركبان: إعلان رسمي بإغلاق المخيم بعد إعادة آخر العائلات العالقة
انتهاء كابوس الركبان: إعلان رسمي بإغلاق المخيم بعد إعادة آخر العائلات العالقة
● أخبار سورية ٧ يونيو ٢٠٢٥

انتهاء كابوس الركبان: إعلان رسمي بإغلاق المخيم بعد إعادة آخر العائلات العالقة

أعلنت المنظمة السورية للطوارئ (SETF)، بالتعاون مع منظمة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة (IRUSA)، عن الإغلاق الرسمي لمخيم الركبان للنازحين السوريين الواقع سابقًا على الحدود السورية-الأردنية.

وجاء ذلك بعد إتمام عملية إعادة آخر العائلات العالقة إلى مناطقها الأصلية، في خطوة تشكل نهاية واحدة من أقسى المآسي الإنسانية في تاريخ سوريا الحديث.

عقد من الحصار... ونهاية لمرحلة سوداء
تأسس مخيم الركبان مطلع العقد الماضي في منطقة خفض التصعيد المحيطة بقاعدة التنف الأميركية، وبلغ عدد قاطنيه في ذروته أكثر من 85 ألف نسمة، معظمهم من نازحي البادية السورية.

وعلى مدى سنوات، عاش الأهالي في ظروف كارثية، حيث فُرض عليهم حصار خانق من قِبل نظام الأسد البائد وحلفائه، ما أدى إلى انعدام شبه تام للغذاء والدواء والخدمات الأساسية، وفرض على السكان الاعتماد على التهريب كوسيلة للبقاء.

منذ عام 2019، باشرت المنظمة السورية للطوارئ بتنفيذ تدخلات إنسانية حيوية، بدأت بتأسيس أول صيدلية مجانية في المخيم، ثم شراكات متقدمة مع الجيش الأميركي لتسيير دعم لوجستي بري وجوي، شمل إيصال أدوية ومواد غذائية وكتب مدرسية، بل وحتى أطباء – لأول مرة منذ إنشاء المخيم.

وفي يونيو 2024، نجحت المنظمة بالضغط على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) لتأمين أكثر من 650 طنًا من المساعدات الغذائية العاجلة، في تحرّك وصف حينها بالمنقذ.

ما بعد سقوط النظام البائد: المرحلة الأخيرة
واجه النازحين في الركبان صعوبات كثيرة لم تنتهي بعد إسقاط نظام الأسد البائد حيث بقيت 86 عائلة (394 فردًا) عالقة في المخيم لأسباب لوجستية تتعلق بغياب الموارد والخدمات في مناطق العودة.

واستمرت معاناتهم حتى حزيران 2025، حين نجحت المنظمة السورية للطوارئ بالتعاون مع منظمة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة، بإتمام عملية إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية في مهين، القريتين، تدمر، حمص، الضمير ودير الزور خلال 11 يومًا فقط.

شهادة أميركية: "قصة كرامة لا تُنسى"
قال الملازم أول رايان هارتي، القائد السابق للقوات الأميركية في التنف، في تصريح رسمي: "كانت SETF شريكًا لا غنى عنه… حافظوا على الأمل حيًّا، وقدموا الرعاية والمساعدات ورفعوا صوت الركبان في وجه العالم".

وأضاف برسالة مؤثرة "قصة سكان الركبان ستبقى محفورة في ذاكرتي إلى الأبد. إنها قصة كرامة وصمود وإنسانية لا تُقهر، ويجب أن تلهمنا جميعًا".

ووفق مراقبون فإن إغلاق مخيم الركبان يرمز إلى تحوّل تاريخي في الملف السوري، ليس فقط كواقعة إنسانية، بل كدليل على إمكانية إنهاء الكارثة السورية بإرادة من الداخل ودعم من الخارج. لكنه في الوقت نفسه يطرح تساؤلات حول مصير عشرات المخيمات المشابهة، وضرورة تفادي تكرار الكارثة بصمت دولي قاتل.

يشار إلى أن الركبان كان محاصرًا من جميع الجهات بمناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري السابق الأسد، كما أغلق الأردن حدوده وأوقف عمليات تسليم المساعدات المنتظمة عام 2016 بعد هجوم لداعش عبر الحدود أسفر عن مقتل سبعة جنود أردنيين.

في حين عجزت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى لسنوات عن إدخال المساعدات، حيث لم يكن الطعام والماء وغيرهما من الضروريات الأساسية متاحة إلا عن طريق التهريب وبأسعار باهظة، بينما كانت الرعاية الطبية شبه معدومة.

وبرزت خلال الأيام الأخيرة مبادرات اجتماعية، لا سيما من أهالي ريف حمص، لمساعدة أقربائهم المقيمين في المخيم على العودة، شملت جمع مساعدات وتبرعات، ونقل أمتعتهم من خلال السيارات الخاصة.

وقال الناشط "عمر الحمصي" إن "مبادرة مدنية يقوم عليها أشخاص من تدمر، ويتم دعمها من أفراد يقيمون خارج سورية، تكفلت بتغطية تكاليف أجور نقل بعض العائلات.

وسبق أن نظم ناشطون وفعاليات محلية في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، حملة تحت مسمى "قافلة المحبة"، حيث جرى تأمين عودة عدو عوائل من مخيم الركبان إلى مناطقهم في تدمر شرقي حمص.

وأفادت تنسيقية "تدمر" بأن 17 عائلة مع متاعهم وصلت إلى المدينة قادمة من مخيم الركبان ضمن مبادرة بإشراف لجنة محلية تشكلت بعد تحرير المدينة لتسيير شؤونها، وبدعم من أهالي تدمر وعدد من القادة العسكريين.

وجاء ذلك وسط عدة نشاطات نظمتها الفعاليات المحلية منها تنظيف شوارع، ومتابعة أوضاع الكهرباء والماء والمشفى، والسعي لتأمين مازوت التدفئة للمدارس، وتحسين أوضاع الفرن الآلي.

هذا ويقع مخيم الركبان في الصحراء السورية الشرقية، وقد عانى سكان المخيم المجاعة والمرض والإهمال والحرمان وتقطعت بهم السبل بعد أن حاصرتهم قوات النظام المخلوع لسنوات، قبل إسقاطه وإنهاء حكمه إلى الأبد، ما يفتح الأبواب أمام عودة المهجرين وبناء سوريا.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ