الغاز القطري إلى سوريا عبر الأردن: تعاون استراتيجي يعيد رسم خريطة الطاقة في المنطقة
الغاز القطري إلى سوريا عبر الأردن: تعاون استراتيجي يعيد رسم خريطة الطاقة في المنطقة
● أخبار سورية ١٤ يونيو ٢٠٢٥

الغاز القطري إلى سوريا عبر الأردن: تعاون استراتيجي يعيد رسم خريطة الطاقة في المنطقة

تتجه الأنظار إلى مشروع إقليمي واعد لنقل الغاز القطري إلى سوريا عبر الأراضي الأردنية، في خطوة تُعد تطورًا استراتيجيًا لافتًا على صعيد التعاون العربي في مجال الطاقة، ورافعة محتملة لتعافي سوريا من أزمتها الطاقية المزمنة بعد سنوات من الحرب والعقوبات.

جاء الإعلان عن المشروع ضمن اتفاقية وقعتها وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية مع صندوق قطر للتنمية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتقضي بتزويد سوريا بالغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، عبر استخدام البنية التحتية لخط الغاز العربي الذي يمر من مصر إلى الأردن فـسوريا ولبنان.

وفيما تنطلق المبادرة من اعتبارات إنسانية في ظاهرها، إلا أن أبعادها الاستراتيجية أبعد من ذلك، إذ تعزز حضور قطر كفاعل طاقي إقليمي، وتكرّس الأردن كدولة عبور رئيسية، وتمنح سوريا فرصة حقيقية لإعادة تأهيل منظومتها الكهربائية المنهارة.

وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، وصف قطر خلال مؤتمر صحفي بـ"الحليف الكفؤ"، بعد زيارته الثالثة إلى الدوحة، مشيرًا إلى التفاهمات التي أُنجزت في قطاعي الغاز والنفط، بما يشمل اجتماعات مستقبلية مع شركات دولية متخصصة.

وبحسب الاتفاق، سيجري توريد مليوني متر مكعب من الغاز يوميًا إلى سوريا، ما سيساهم برفع التغذية الكهربائية بمعدل يتراوح بين ساعتين إلى أربع ساعات في اليوم، خاصة في محافظات دمشق، حمص، السويداء، درعا، حلب، دير الزور، وغيرها، ما ينعكس إيجابًا على الحياة اليومية والخدمات الأساسية.

من جانبه، أكد وزير الطاقة الأردني، صالح الخرابشة، أن الاتفاق ليس مشروعًا تجاريًا بقدر ما هو مساعدة إنسانية للأشقاء السوريين، مشيرًا إلى أن الأردن سيستخدم محطة التغويز العائمة في العقبة (Golar Eskimo) لتحويل الغاز المسال قبل ضخه في خط الغاز العربي.

ويرى مراقبون أن الأردن سيجني فوائد مباشرة من المشروع، من أبرزها "تشغيل السفينة العائمة التي تكلف الدولة نحو 77 مليون دولار سنويًا، وتحصيل رسوم عبور الغاز، وتفعيل شبكته الواسعة من أنابيب الغاز".

بالنسبة لقطر، تمثل المبادرة فرصة لتكريس دورها كمصدر رئيسي للطاقة النظيفة في منطقة تعاني من أزمات مستعصية. فبخلاف البعد الاقتصادي، تنطوي الخطوة على رسالة سياسية تتعلق بالانفتاح على دمشق بعد إسقاط نظام الأسد، ضمن أطر تعاون تضمن الاستقرار الإقليمي دون المرور عبر الصيغ التقليدية للتطبيع.

في حديث لموقع "الجزيرة نت" رأى الخبير الأردني عامر الشوبكي، أن المشروع قادر على تأمين 400 ميغاواط في مرحلته الأولى، وهو ما يعزز الاستقرار المجتمعي في الداخل السوري، وقد يشكل حافزًا لعودة آلاف اللاجئين في حال ترافقت المبادرة مع تحسينات خدمية واقتصادية أخرى.

أما الخبير الاقتصادي حسام عايش، فشدّد على أهمية البنية التحتية الأردنية في العقبة، مؤكداً أن المشروع يعزز مكانة عمّان كحلقة وصل أساسية في مشاريع الطاقة الإقليمية، ويمنحها دورًا يتجاوز جغرافيا العبور.

في ظل خريطة إقليمية متغيرة، تمثل المبادرة القطرية لتوريد الغاز إلى سوريا عبر الأردن فرصة لإعادة رسم معادلات الطاقة، وبناء شراكات تنموية تتجاوز الاعتبارات السياسية المؤقتة. فحين يتقاطع الأمن الطاقي مع التنمية والخدمات، يكون التعاون العربي ممكنًا رغم كل التحديات.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ