
"العدالة أولاً": وقفة احتجاجية في دمشق ترفض تبرئة الجناة تحت شعار السلم الأهلي
شهدت العاصمة السورية دمشق، يوم الخميس 12 حزيران/يونيو الجاري، وقفة احتجاجية نظمها أهالي المغيبين وناشطون سوريون أمام مبنى وزارة العدل، رفضاً لما وصفوه بمحاولات "تبييض صفحة المجرمين" تحت مظلة التصريحات الصادرة عن مؤتمر "السلم الأهلي".
المحتجون اعتبروا أن الخطاب الصادر عن المؤتمر يسعى إلى فرض واقع يشرعن التسامح دون محاسبة، متجاهلاً عقوداً من الانتهاكات التي طالت مئات آلاف السوريين.
وفي مشهد مؤثر خلال الوقفة، ألقى أحد الناجين من سجون النظام السابق كلمة وجّه فيها رسالة مؤلمة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، سائلاً: "لماذا يُفرج عن من ظلمونا؟ قضيت ست سنوات في صيدنايا الأحمر، وفرع فلسطين، والجوية، والخطيب... عُذّبت حتى الموت". تحدث الرجل عن معاناته المستمرة مع المرض والجرب، والآثار الجسدية والنفسية التي خلفها التعذيب، قائلاً إنهم كانوا يدوسون على رأسه بالبوط العسكري لإذلاله.
المحتجون شددوا على أن التصالح لا يمكن أن يكون بديلاً عن العدالة، ولا يمكن القبول بأي مبادرة تتجاهل آلام الضحايا وتمنح الحصانة لمرتكبي الجرائم. وأكدوا أن إطلاق سراح متورطين في الاعتقال والتعذيب بحجج قانونية واهية، بينما لا يزال مصير عشرات الآلاف من المغيبين مجهولاً، يمثل انتكاسة حقيقية لمسار العدالة في سوريا.
تأتي هذه الوقفة وسط محاولة بعض الجهات الرسمية الدفع برؤية "السلم الأهلي" كوسيلة لتجاوز الماضي، لكن المشاركين يرون أن هذا المسار يحاول القفز فوق معاناة شعب بأكمله عانى من المجازر، والقصف، والتهجير، والاعتقال، والتعذيب، والحصار، والانتهاكات الممنهجة بحق المدنيين. من الغوطة إلى داريا، ومن حمص إلى حلب، ومن صيدنايا إلى فرع فلسطين، سُطرت فصول من الرعب لا يمكن محوها ببيان سياسي أو مؤتمر دعائي.
المحتجون وجّهوا رسالة واضحة: الشعب السوري لن يقبل بأن تُطوى صفحة الجريمة دون محاسبة، ولن تمر المصالحة على حساب الحقيقة. فالعدالة ليست خياراً، بل شرطاً أساسياً لبناء مستقبل مستقر، والسلم الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا حين يخضع الجناة للمحاسبة، وتُمنح أسر الضحايا الإجابات التي تستحقها.