
اتفاق ينهي الحملة الأمنية على مخيم "المهاجرين الفرنسيين" في إدلب
أفادت مصادر أمنية مطلعة بالتوصل إلى اتفاق ميداني بين جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية السورية، ومجموعة "المهاجرين الفرنسيين" داخل مخيم الفردان في منطقة حارم بريف إدلب الشمالي، وذلك بعد أيام من التوتر والمواجهات المسلحة التي شهدها المخيم.
وبحسب المصادر، فإن الاتفاق تضمن وقف إطلاق النار الكامل بين الطرفين، وفكّ حالة الاستنفار، إضافة إلى سحب السلاح الثقيل من داخل المخيم وإعادته إلى الثكنات العسكرية، بما يضمن استقرار الوضع الميداني ومنع أي تصعيد جديد.
كما نصّ الاتفاق على وقف الحملات الإعلامية التحريضية المتبادلة، وضبط الخطاب العام عبر المنصات الإعلامية التابعة للطرفين، بما يساهم في تهدئة الأجواء وتخفيف التوتر داخل المنطقة.
وشمل الاتفاق كذلك إحالة ملف الخلاف إلى القضاء الشرعي في وزارة العدل السورية للفصل فيه وفق الإجراءات القانونية، إلى جانب تولي وسطاء مستقلين متابعة قضية عمر أومسين المعروفة بتعقيداتها الميدانية، فيما سُمح لقوات الحكومة بدخول المخيم وتنظيم الوجود الأمني داخله بما يضمن حماية المدنيين واستعادة الاستقرار.
وأوضحت المصادر أن مقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني لعبوا دورًا محوريًا في احتواء الموقف بعد ساعات من تصاعد التوتر، إذ تدخلوا كقوة وسيطة ساهمت في تثبيت وقف إطلاق النار وإقناع الأطراف بالعودة إلى طاولة الحوار، ما مهّد الطريق للتوصل إلى هذا الاتفاق الذي أنهى واحدة من أكثر الأزمات الأمنية حساسية في ريف إدلب الشمالي.
اشتباكات بين الأمن الداخلي ومقاتلين فرنسيين في “مخيم الفرنسيين” شمال إدلب
شهدت مدينة حارم في ريف إدلب الشمالي أمس الثلاثاء، اشتباكات عنيفة داخل ما يُعرف بـ"مخيم الفرنسيين"، بين قوات الأمن الداخلي السوري ومجموعة من المقاتلين الأجانب الفرنسيين بقيادة المدعو عمر أومسين، أمير جماعة “الغرباء” للمهاجرين الفرنسيين، وهو فصيل مستقل لا يتبع لأي جهة عسكرية حالياً.
خلفية الاشتباك ومحاولة الاعتقال
وقالت مصادر أمنية إن الاشتباكات اندلعت عقب محاولة قوة تابعة لوزارة الداخلية السورية، ومجموعة من المقاتلين المرتبطين ب "أومسين"، وأوضحت المصادر أن المواجهات استُخدمت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة، وسط حالة استنفار أمني واسع في محيط المخيم.
أومسين ونظامه الخاص داخل المخيم
وبحسب مصادر داخل المخيم، فإن التوتر تفاقم بسبب قيام "أومسين" بفرض نظام إداري وأمني خاص به، بمعزل عن مؤسسات الدولة السورية، حيث أنشأ ما يشبه “محكمة شرعية” وشرطة داخلية تابعة له.
وجاءت الشرارة الأخيرة بعد قيام مجموعات تابعة لأومسين باعتقال طفلة وامرأة من المهاجرين الفرنسيين للضغط على والدة الطفلة، التي كانت قد فرت من المخيم محاولة العودة إلى وطنها في فرنسا.
حادثة الاختطاف ورفض التسليم
وتشير التحقيقات إلى أن أومسين، بعد علمه بمحاولة إحدى السيدات استخراج جواز سفر لمغادرة سوريا، استدعاها وصادر هاتفها الشخصي، لكنها نجحت بالفرار نحو قوات الأمن الداخلي طلباً للحماية، وفي المقابل، احتجز أومسين ابنتها وشقيقتها داخل المخيم، ووردت أنباء عن تعرض شقيقتها للتعذيب والجلد ضمن ما وصفه بـ"عقوبة تأديبية".
رفض الامتثال وتصاعد المواجهة
وأكدت مصادر أمنية أن قيادة قوى الأمن الداخلي في حارم طالبت أومسين بتسليم المحتجزتين فوراً، غير أنه رفض الاستجابة، وبدأ بالتجييش داخل المخيم مدعياً أن الحكومة تستهدف المهاجرين الفرنسيين، مما دفع قوى الأمن إلى تنفيذ عملية اقتحام للمخيم في محاولة للقبض عليه وإنهاء حالة الفوضى داخله.
العميد غسان باكير: إجراءات عاجلة لحماية المدنيين في مخيم الفردان
وفي أول تعليق رسمي، أعلن قائد الأمن الداخلي في محافظة إدلب، العميد غسان باكير، أن قيادة الأمن الداخلي باشرت باتخاذ تدابير ميدانية فورية استجابةً لشكاوى أهالي مخيم الفردان في ريف إدلب، بعد سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي تعرّضوا لها، كان آخرها حادثة خطف فتاة من والدتها على يد مجموعة مسلحة خارجة عن القانون يقودها المدعو عمر ديابي.
وأوضح العميد باكير أن الإجراءات شملت تطويق المخيم بالكامل، وتوجيه وحدات الأمن الداخلي إلى المنطقة، وتثبيت نقاط مراقبة على الأطراف، إضافة إلى نشر فرق مختصّة لتأمين المداخل والمخارج ومنع أي اعتداء جديد على المدنيين.
وبيّن أن قيادة الأمن حاولت التفاوض مع المتزعّم لتسليم نفسه طوعًا للجهات المختصة، إلا أنه رفض، ولجأ إلى التحصن داخل المخيم، ومنع المدنيين من مغادرته، ثم أقدم على إطلاق النار واستفزاز عناصر الأمن وترويع الأهالي، مؤكّدًا أن تصرفاته تمثّل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين واستخدامهم كدروع بشرية، ما يجعله يتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن أي ضرر يلحق بهم.
واختتم العميد باكير بالتأكيد على أن حماية المدنيين وتطبيق القانون هما أولويتان مطلقتان لقيادة الأمن الداخلي، مشيرًا إلى أن الأجهزة المختصة ستواصل عملها بكل حزم ومسؤولية لضمان الأمن والاستقرار وإنفاذ القانون في جميع المناطق.
“مخيم الفرنسيين”.. بؤرة أمنية مغلقة
ويُعد “مخيم الفرنسيين” واحداً من أكثر المخيمات تعقيداً في شمال سوريا، إذ يضم عشرات العائلات والمقاتلين الأجانب الذين دخلوا البلاد خلال سنوات الحرب، بينهم عدد كبير من الفرنسيين الذين قاتلوا في صفوف جماعات مختلفة، قبل أن يستقروا في المخيم تحت إشراف عمر أومسين منذ عام 2017.
عمر أومسين.. الداعية الفرنسي الذي تحول إلى زعيم مسلح في سوريا
يُعدّ عمر أومسين، البالغ من العمر 45 عاماً، واحداً من أبرز المقاتلين الفرنسيين الذين برزوا في المشهد السوري خلال سنوات الحرب، إذ يحمل الجنسية الفرنسية ومن أصول سنغالية، وبدأ نشاطه في عام 2012 كداعية على الإنترنت، قبل أن ينتقل في أواخر العام نفسه إلى سوريا، حيث استقر في جبال اللاذقية وأسس نواة مجموعة مسلحة ضمت عشرات المقاتلين الفرنسيين والأفارقة.
من الداعية الإلكتروني إلى زعيم "الفرقة الجهادية الفرنسية"
في بداياته، ركّز أومسين نشاطه على الوعظ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مقدماً خطابات دينية تستهدف الشباب الفرنسي من أصول مهاجرة. ومع تصاعد الحرب في سوريا، انتقل إليها ليؤسس كتيبة تضم مقاتلين ناطقين بالفرنسية، أصبح بمثابة "الزعيم الروحي" لهم.
مسيرته القتالية وعلاقاته التنظيمية
انضم أومسين في البداية إلى هيئة تحرير الشام، قبل أن ينشق عنها ويعلن استقلال مجموعته تحت اسم "فرقة الغرباء"، التي خاضت معارك ضد قوات نظام الأسد المخلوع في ريف اللاذقية الشمالي، لاحقاً، تشير تقارير إلى أنه انضم إلى تنظيم "حرّاس الدين" المرتبط بتنظيم القاعدة، قبل أن يتم تفكيك التنظيم بالكامل على يد "هيئة تحرير الشام".
تصنيفه إرهابياً وملاحقته دولياً
في أيلول 2016، أدرجت وزارة الخارجية الأميركية اسم عمر أومسين على لائحة الإرهابيين العالميين، معتبرة أنه أحد أبرز المحرضين على التطرف بين الجهاديين الناطقين بالفرنسية، فيما اتهمته السلطات الفرنسية بتجنيد نحو 80% من المقاتلين الفرنسيين الذين التحقوا بتنظيمات متشددة في سوريا والعراق.
نفوذه المدني واعتقاله في الشمال السوري
وفي أيلول 2020، أقدمت هيئة تحرير الشام على اعتقال أومسين بعد تراكم دعاوى قانونية ضده، تتعلق بمخالفات وتجاوزات داخل المناطق الخاضعة لسيطرته، وكشفت التحقيقات حينها أنه كان يدير سجناً خاصاً ويتولى إجراء معاملات مدنية تشمل الزواج والطلاق والأحوال الشخصية داخل "منطقته الخاصة"، في تجاوزٍ واضح للسلطات القضائية المحلية.