اتفاق تاريخي وشيك بين دمشق وواشنطن بشأن الوجود العسكري الأميركي في سوريا
اتفاق تاريخي وشيك بين دمشق وواشنطن بشأن الوجود العسكري الأميركي في سوريا
● أخبار سورية ٥ يونيو ٢٠٢٥

اتفاق تاريخي وشيك بين دمشق وواشنطن بشأن الوجود العسكري الأميركي في سوريا

قالت لصحيفة "اندبندنت عربية"، إن السياسة الأميركية في سوريا تحولًا جذريًا، مع اقتراب التوصل إلى اتفاق غير مسبوق بين الولايات المتحدة والحكومة السورية الجديدة، يقضي بإعادة ترسيم الوجود العسكري الأميركي في البلاد، وفقًا لما كشفت عنه مصادر سورية وأميركية متطابقة.

وبحسب المعلومات، فإن الاتفاق المرتقب سيكرّس انسحاب القوات الأميركية من مناطق دير الزور، والحسكة، والرقة شمال شرقي سوريا، مع الإبقاء فقط على قاعدة "التنف" الاستراتيجية الواقعة عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن. 


ويُنتظر أن يتم توقيع الاتفاق خلال زيارة قريبة لوفد عسكري أميركي رفيع إلى دمشق، ليصبح بذلك الوجود العسكري الأميركي في سوريا شرعيًا للمرة الأولى منذ دخول هذه القوات الأراضي السورية قبل سنوات.

بداية لتفاهم رسمي
المصادر السورية تؤكد أن الاتفاق سيشكّل نقطة تحوّل تاريخية في العلاقات بين دمشق وواشنطن، لا سيما أنه يأتي بعد لقاء الرئيسين أحمد الشرع ودونالد ترامب في العاصمة السعودية الرياض، والذي أسفر عن رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عن سوريا، بما في ذلك إعلان العمل على إلغاء قانون "قيصر".

ويُعد الاتفاق الأول من نوعه منذ عقود، إذ يحوّل الوجود العسكري الأميركي من حالة "انتشار غير قانوني" بحسب القانون السوري، إلى شراكة محددة الأهداف والجغرافيا. وتستند هذه الشراكة إلى تفاهم سياسي – أمني – اقتصادي، يضمن المصالح الأمنية الأميركية، مقابل اعتراف بسلطة الحكومة السورية الجديدة واستقلالها.

تقليص تدريجي للقوات
التسريبات تأتي متزامنة مع تقرير بثّته شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، نقلت فيه عن مسؤولين عسكريين أن نحو 500 جندي أميركي غادروا سوريا خلال الأسابيع الماضية، وتم إغلاق قاعدتين في دير الزور، وتسليم ثالثة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في خطوة تعكس بداية انسحاب تدريجي أوسع.

مواقف رسمية: ترحيب وتحفظ
وفي السياق، صرّح مايكل ميتشل، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، لـ"اندبندنت عربية" بأن بلاده تسعى إلى "بدء عصر جديد من التعاون مع سوريا"، مشيرًا إلى أن الانسحاب الجزئي قد بدأ، لكنه نفى وجود قرار بانسحاب شامل في الوقت الحالي، مرجعًا ذلك إلى "القلق من عودة تنظيم داعش، واستمرار تهديدات أمنية في المنطقة".

من جانبه، قال عضو الكونغرس الجمهوري مارلين ستوتزمان، إنه زار سوريا مؤخرًا، ورأى فيها "شريكًا واعدًا"، وأضاف: "نحن نؤمن بأن الحكومة السورية الجديدة قد تكون صديقة للولايات المتحدة. ولقاء الرئيسين ترامب والشرع كان بداية جديدة، ونحن نعمل على إلغاء قانون قيصر بشكل رسمي لدعم عملية إعادة الإعمار".

قاعدة التنف: نقطة الارتكاز الوحيدة
الاتفاق المرتقب سيُبقي على الوجود الأميركي في قاعدة "التنف" فقط، وهي النقطة الاستراتيجية التي طالما استخدمتها واشنطن لمراقبة التحركات الإيرانية في المنطقة، وضمان قطع خطوط الإمداد بين طهران وبيروت عبر بغداد ودمشق.

وتُعد التنف من أبرز نقاط النفوذ الأميركي، وقد تم تجديد بنيتها التحتية خلال السنوات الماضية لتشمل مهبطًا للطائرات ومنشآت استخبارية. وبقاء القوات الأميركية فيها يُفسَّر على أنه جزء من استراتيجية احتواء إقليمي، لا تدخل مباشر في الشأن السوري الداخلي.

 نحو مشهد سياسي جديد
يرى مراقبون أن الاتفاق المرتقب يمهّد لمشهد سياسي جديد في سوريا ما بعد الأسد، يُعيد تشكيل التحالفات ويقلّص المساحات الرمادية في التموضع الأميركي. كما يُعطي دفعة قوية للحكومة السورية الجديدة في مسارها نحو الاعتراف الدولي، ويتيح لها هامشًا أوسع للتحرك الاقتصادي والدبلوماسي في ظل انفتاح متزايد من الغرب والعالم العربي.

وإذا ما اكتمل هذا التفاهم، فإنه سيمثل إعادة ضبط شاملة للعلاقات السورية - الأميركية، وينقل سوريا من ساحة صراع إلى ساحة شراكة مشروطة، تبدأ من قاعدة التنف، ولا تُعرف بعد حدودها المستقبلية.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ